بين الحقيقة والحقيقة

بين الحقيقة والحقيقة

بقلم مروة كريدية

 

"الحقيقة " التي نُدركها عبر العقل، وهي التي تخضع للتجربة، و بهذا التوصيف فهي نسبية، لأن العقل يصيب ويخطئ، وهي التي تتداخل بها العوامل الزمانية والمكانية والظروف، لذلك فهي ليست ثابتة ولا مطلقة، وهي مشروطة تخضع لاشراطات الثنائية والتعددية ولتقنية العقل ولانفعالات "الأنا"، وتمثل انفصال العقل عن الموضوع والمادة عن الروح، لذلك فإن ادعاء امتلاكها أمر خطر يؤدي الى حتمية الصراع والعنف.   
 
الحقيقة الحقة التي ندركها بالحكمة والروح والوعي الأسمى والحدس المباشر والتبصّر وبهذا التوصيف فهي مطلقة، وهي لا تخضع لمعايير الزمان والمكان والظروف، لذلك فهي أحادية الاتجاه، تتجاوز التعددية المتمثلة في الطبيعة والمجتمع و الفلسفة نحو الوحدة الكونية الشاملة، و تُدرك بحدسٍ مباشر متصل مع الكون، لا تعتمد أداة ولا يدخل عمل "الأنا المنفعل بها، إنها نابعة من الرؤيا الداخلية العميقة والتجربة الروحية عبر التأمل الذي يعاين مكنونات الوجود في جوهره وظاهره، ويرى توافق وتواصل الروح مع المادة وتناغم العقل مع الموضوع في صميم وحدة لا تنفصم ، فتتجلى الحقيقة عندها بالمحبّة المتصلة المنعكسة في الحياة .
 
****
كثيرا ما أوريد في مقالاتي نقدًا لمفهوم الحقيق ةبمفهومها "النسبي"وفيها أقول " مدعي امتلاك الحقيقة انسان خطر " ،  بينما استند الى الحقيق ةالكونية التي تضبط ايقاع الوجود وهنا نقول "لا شيئ أسمى من الحقيقة "
 
 
*****
" أعتقد بوجود حقِيقة ، لكِنِّي لا أعتقد بأنِّي سأكون على يَقيِنٍ مِنهَا أبدًا " ديفيد مكرينولدز[1]
"  أنا لا أعرف الحقيقة المجرَّدة، ولكنني أركع متضعًا أمام جهلي، وفي هذا فخري وأجري " جبران خليل جبران[2]

 


[1]  ديفيد مكرينولدز :  فلسفة اللاعنف  – ترجمة : ديميتري أفييرينوس – معابر للنشر والتوزيع – دمشق – 2009 – ص 11.

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك