التواصل الأسري في الزمن الصعب

التواصل الأسري في الزمن الصعب

إعداد الدكتور إبراهيم محمد الخليفي(*)

أولاً: لماذا التواصل والحوار؟
1· الناس تتغير من الداخل إلى الخارج أي بالقناعات والقرار الذاتي·
2· أو من الخارج للداخل عن طريق بيئة تصر على ما تريد فتعزز السلوك المطلوب·
3· المنتج الإنساني الذي نريده هو أغلى ما في الإنسان: ويتمثل في حماسه الدائم وإشراقاته المتصله· ذلك الحماس وتلك الإشراقات:
أ- يحررها جو أسري بناء يشبع حاجات الإنسان·
ب – ويخمدها جو أسري محبط خانق·
4· الذات الإنسانية لها أحوال، وتقدير المرء ذاته قد يتذبذب بين العلو والانخفاض·
i· فالعلو والارتقاء يكون:
1· عند تحقيق الحاجات·
2· عند تحقق المطاليب والتوقعات·
3· بسبب ما تعتقد الذات أنها تستحقه·
والانحطاط والهبوط يكون بسب:
1· عدم تحقيق الحاجات·
2· تأخر تحقق المطالب والتوقعات·
3· عدم وصول الذات إلى مستحقاتها·
5· عند ضعف المهارات السلوكية الفردية والاجتماعية سيتورط الإنسان في المشاكل، وتزداد لديه الأنانية ويظهر عنده العدوان· قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ ﴿٦﴾ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ} [العلق: 6 - 7]·
6· سبيل الارتقاء وباب التزكية وتعلم المعالي وارتقاء المهارات الفردية والاجتماعية هو نوع الحوار الأسري وكميته·
ثانياً: ما هو الاتصال؟:
هو صلة بين نقطتين حيويتين لتوصيل رسالة ما بواسطة معينة في سياق محدد·
1· أول عناصر الاتصال هو المرسل ويقوم بتحويل مراده إلى رموز قابلة للقراءة، والفهم، والتحليل·

2· ثاني العناصر هو المستقبل، ويقوم بفك رموز الرسالة والتفاعل معها·
3· ثالث العناصر هي الرسالة وهي ذات محتوى يصنعه المرسل ويتفاعل معه المستقبل، قصد ذلك أم لم يقصده !!· ويمكن لتلك الرسالة أن تكون لفظية أو غير لفظية·
4· رابع العناصر هو الوسط الناقل للرسالة كأن تكون الرسالة مكتوبة، أو مبثوثة عبر الأثير، أو منقولة عبر النظرات، والحركات، والسكنات، أو عبر أي وسيط·
5· خامس العناصر وآخرها هو السياق الذي يتم فيه التواصل· وهو مؤثر مهم في الطريقة التي يتم فيها تكوين الرسالة، وإرسالها، واستقبالها·

ثالثاً: الاتصال عملية ممتدة عبر الزمن، وتهدف إلى الربط بين طرفين لتيسير مرور المعاني، وزيادة الأرضية المشتركة بين المتواصلين·
1· تتم باستخدام كل وسيلة ممكنة للتقارب مع الطرف الآخر·
2· من وسائلها الحوار، والتهادي، والمشاركة في المناسبات·
3· ما هي الوسائل الممكنة الأخرى التي يسرتها تكنولوجيا الزمان وإبداعاته؟

رابعاً: ما معنى الحوار؟
1· هو منشط تواصلي يهدف إلى إجلاء موضوع ما قيد البحث والمناقشة، وتوضيحه·
2· فيه إشارة إلى الحرية حيث لا رأي مفروض من أحد على أحد·
3· فيه معنى الصبر الذي يتضح من خلال الإنصات والتحمل وبذل الوقت لتفهم وجهة النظر الأخرى·
4· فيه إنضاج للانفعال حيث إن المطلوب من المتحاور هو التخلص من التمركز حول الذات لرؤية وجهة النظر الأخرى·

خامساً: أهداف التواصل والحوار:
1· أول الأهداف هو بناء تقدير الذات عند الأبناء، واستثمار عوائده لرفعة شأنهم· قال تعالى: { قُلْ تَعَالَوْا}·
الحوار يعني الأخذ والعطاء· والمسكين هو من لا يستلم تغذية راجعة، فيحجب بذلك عن معرفة ما في نفوس من يحاورهم·
قال الشاعر:
إن ملكت النفوس فابغ رضاها
فبها عزة وفيها إباء
يسكن الوحش للوثوب من الأسر
فكيف العوالم العقلاء
الحوار يعني الاستماع والإنصات· فالاسـتماع ويكون بــأذن الــرأس، والإنصـات ويكــون للمشـاعر، ويكـون بأذن القـلب·
4· هدفنا من الحوار الأسري هو أن يستفيد منه كل فرد في ألأسرة فيما يلي:
أ- تنمية السكينة·
ب – تنمية الأمن والثقة·
ج- تعزيز قدر الذات·

سادساً: الذات عبارة عن أرض خام· ونحن نؤسس فيها من مواطن الكفاءة والاقتدار في الفرد ما نعززه ونثني عليه، وندمر من تلك المواطن ما نعيبه وننتقده·
1· قدر الذات يعني:
أ- الحالة النفسية التي تغشى الإنسان عند تقييمه لذاته·
ب – مقتضاها هو الشعور بالفخر والإنجاز والارتياح·
ج – ورد في الحديث: >ما هلك من عرف قدره<· وورد في الأثر: (ما عرف ربه من لم يعرف نفسه)·
2· قدر الذات ينميه:
أ- الشعور بالإنجاز·
ب- الاعتراف بالجهد·
ج- الشعور بالاستحقاق الشخصي·
د- نظرات الرضا·
3· معنى تقدير الذات هو وضع قيمة عالية للذات تجعل المرء يعتز بإنجازه، ويعتقد في نفسه الكفاءة للعيش السوي الكريم في هذه الدنيا·
4· كلما أفسحت لذات ابنك مجالا للنمو، ويسرت له مناشط لمعرفة قدرها والاعتزاز بجوهرها كانت نفسه علية أبية منجزة يتنبأ لها بالمقامات الرفيعة·

سابعاً: من هو المحاور الجيد والمتواصل الباني؟
1· من يعرف أبناؤه ما يريد وإلى أين يقودهم: المشاركة في الرؤية والغاية·
2· الذي يكون متسقاً مع نفسه محترماً  واضعاً لها في مكانها·
3· المحب لهم فينعكس حبه سلوكاً وأداءً·
4· المظهر لاحترامه لهم في كل مناسبة:
- النظر في وجوههم·
- الكلام الواضح الجلي·
- المستمع المصغي·
- المنصت المتعاطف·
- الذي لا يقاطع فالمقاطعة دليل على:
i· عدم الاحترام والتقدير·
ب- تضييع حق المحاور في تنظيم أفكاره·
ج- عدم السماح بمشاركة المحاور في تفريغ شحنة انفعالاته الايجابية أو السلبية·
د- التذاكي على المحاور·
5· والمحاور الجيد هو الذي:
- يركز في حواره فلا يجنح إلى المواضيع التي تهمه فقط·
-  الذي يجيب على السؤال الموجه له ولا يهمله·
- الذي يستخدم (أنا) الدالة على التواضع، و(نحن) التي تؤكد الخلفية المشتركة·
- الذي يحيد الانفعال، ولا يستخدم الحب المشروط·
- الذي يقدر شخصية من أمامه فلا ينتقصها أبداً·
-  الذي يركز عند حاجة للنقد والتعريض على أثر فعل المقابل عليه، دو ن تعريض بالمقابل أو اتهام له·
- الذي يحتفل بنجاحات ابنائه وتركز عيناه على حسناتهم·
6· كما أن المحاور المنتج البناء، هو الذي يتجنب:
-  اللوم·
- والتقريع·
- التوقعات السلبية·
- التوقعات المثالية·
- الحماية الزائدة·
- تعسف السلطة·
- الأذى البدني·
- الإهانات·
- إفراز سلبياته ودرنه النفسي·
وهو المربي البناء:
- الواقعي المؤمن بقدرات من أمامه·
- المحفز المتحدي للوضع الراهن·
- المشجع الباث لروح الأمل الرافع للهمة·
- المتغافل المتجاوز الذي يفسح مساحات إضافية للنمو·
- المخطط لحواراته·

ثامناً: ما هي مجالات الكرم الجديدة والخاصة بالزمن الصعب؟
- بذل الوقت وضده الانشغال·
-  التغافل وضده التعاقل والمراقبة الدائمة·
- دفق المشاعر واستقبالها، وضده تغليب (الأمية) الوجدانية·
- الإنصات، وضده الاستماع غير الفعال·

تاسعاً: أفكار في الاتصال الفعال:
1· لماذا نحن نعرف ما لا نريد لكننا لا نعرف ما نريد؟
2· كيف تحدد الرؤية السلوك المرغوب، وتخفف المعاناة والكبد؟·
3· ما هي الآمال المبلغة، والنبوءات الصالحة؟
4· كيف نفتح (الصندوق الأسود)؟ وتتقن تشغيل شارع الحب الترددي؟·
5· كيف تضمن تدفق المشاعر وانسيابها منك وإليك بمهارة؟·

عاشراً: نافذة (جو) و(هاري):
1· تهدف تصوراتهما لزيادة مساحة الألفة بين الأفراد الذين تجمعهم مصالح معينة أسرية أو مهنية·
2· فيما يخصنا، تهدف تصوراتهما إلى الولوج إلى داخل نفسيات أزواجنا وأبنائنا برضاهم، مما يجعلهم أقرب إلينا، ويقربنا منهم·
3· ويتم ذلك في العادة باستخدام جسر للتواصل تنساب معه المعلومات الحيوية الخاصة بمشاعر الطرفين بكل يسر، وتتدفق بينهما من دون حرج· الأمر الذي يسهم في تعارفهما وتآلفهما بشكل أكبر·
4· للتعارف كما يبينه تصور (جو) و(هاري) مستويات أربعة يوضحها لنا مربع التعارف وتطوير العلاقات، وذلك كما يلي:
- المنطقة المكشوفة: أمور أعرفها عن ابني، ويعرفها هو عن نفسه· فيمكننا الحديث عنها بكل يسر وسهولة بما يحقق نموه المستمر·
- المنطقة المخفية: أمور لا أعرفها عن ابني، ويعرفها ابني عن نفسه· غير أنه لن يبوح بها إلا بعد أن يقام جسر التواصل قويا بيننا وذلك عن طريق إفصاحي المستمر له عن مشاعري· وهو الأمر الذي سيوصل درجة الثقة بيننا إلى مستوى يجعله يضمني إلى ذاته شــريكاً موثوقـــاً يتكلم معه عن مشاعره وآماله بكل ارتياح·
- المنطقة الخافية: أمور أعرفها عن ابني، ولا يعرفها هو عن نفسه· وهنا أيضا سيسهم جسر التواصل بيننا وإفصاحي الدائم له عن مشاعري في أن نكون شركاء في مساحة أكبر من ذاته تؤهلني لان أعرفه بما خفي عنه من أمور تنميه وتطوره·
- المنطقة المحجوبة: أمور لا أعرفها أنا عن ابني، ولا يعرفها هو عن نفسه· وما من شك أن الوحدة والألفة فيما بيننا سيكون من بركاتها أن نكشف أنا وإياه سويا حجب هذه المنطقة فيتسارع نموه عندما نتعاون في فهم الجديد منه وعنه·
5· في الخلاصة فإن المطلوب هنا هو أن تصل العلاقة بيننا إلى مرحلة تجعله يشركني في الأمور المخفية عني، ويطمئن إلى مناقشتي له في الأمور الخافية عنه· والوسيلة الناجعة لذلك تكون بإفصاحي عن مشاعري له، وتشجيعه على الإفصاح عن مشاعره دون خوف أو حرج·

الخلاصة:
- التواصل: هو الروح التي تبني كيان الأسرة·
- الحوار شارع ترددي فهو أخذ وعطاء·
- الأسر تتباين في مستوى ثقافاتها بشأن الحوار والتواصل·
- الحوار صناعة والتواصل علم وفن·

* قسم علم النفس التربوي
كلية التربية – جامعة الكويت

http://www.aldaawah.com/?p=5958

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك