المصطلح والاصطلاح.. مقاربة نظرية

المصطلح والاصطلاح.. مقاربة نظرية

إلياس قويسم

لا مشاحة في أنّ المصطلح يمارس دورا فاعلا في مسألة تكوين المعرفة بما هي حمولة دلاليّة وثقافيّة، ولكن مثل هذه الصورة لها وجهها التبادلي-الجدلي، بما أنّ المصطلح لا يخرج عن مقولة أنّ المعرفة هي بيئة تتكاثف فيها الدلالات وتتوالد وتتناص تحت ضاغطة الحاجة الإجرائيّة، وهذا يساهم في صياغة شكل المصطلح ومفهومه، لذلك يكون المصطلح منتَج/منتِجُ ثقافيّ لا يغادر ضوابطها أو معاييرها، على اعتبار أنّه وجه من وجوه التواضع التوافقي بين مّن لهم أهليّة التوليد والصياغة المنتسبين إلى فضاء دلالي له خصوصيّته، دافعهم حاجة مشتركة إلى توحيد الخطاب أو تخصيصه ضمن سياق معيّن تمييزا له عن الدلالة العفويّة أو المتداول الجمعي- العامي.

مثل هذا الاشتغال في حقل صناعة دلالة المصطلح قد يمتدّ وقد يتنكبّ سبيله نظرا إلى الصعوبات التي تعتريه وذلك حال حدوث حالة من التراجع الحضاري، ومن أماراته الإجرائيّة الضمور الدلالي أو التضخّم الدلالي عبر فعل الترسّب والتراكم، ولا نعدم كذلك الانحراف الدلالي عن سياق نشأته، تعليل ذلك التناص والتثاقف، بما أنّ المصطلح مجال حيويّ، يتأثّر بجملة العوامل المحيطة به وبمستعمله وبالمشتغل به،فهو حمولة ثقافيّة يطاله ما يطال الذات البشريّة من تبدّل و تغيّر أو تشخصن –لو ستخدمنا مصطلح محمد العزيز الحبابي.

مثل هذا الحراك الدلالي لا يعوزه القول بإنتاج آلية مصطلحيّة دوريّة أو قابلة للتعديل-نظرا إلى مرونتها المفهوميّة- تستدعيها الحاجة لضبط المسائل ضمن حقول دلاليّة بعينها لتمييز الحقول وإضفاء سمة الخصوصيّة فيما بينها، وذلك عبر فعل المواضعة حول أشكال الاصطلاحات ومفاهيمها[1] من خلال الخضوع لمعيار البنية الثقافيّة من جهة، ومعيار الشرط المعرفي من جهة أخرى، والخضوع كذلك لمعيار التداول الداخلي والتثاقف بين الثقافات المختلفة، وهذا المعيار له دلالته في مجال جغرافيّة المصطلح على اعتبار أنّ المركزيّة الثقافيّة لها أثرها في مسألة الشيوع والاستعمال وشرعيّة التداول، نظرا إلى أنّها تعبير عن تاريخ نشوء المصطلح والانزياح نحو التلاشي أو الارتفاع إلى أفق جديد عبر  الحلول في وجه آخر أو صيغة أخرى غير تلك التي توافق عليها، وهذا رهين بفاعليّة القول الثقافي في علاقته بالامتداد الحضاري لمقولاتها وإلاّ تغدو مستعمرة في جغرافيّتها بمعنييها المادي والحضاري وتتجه نحو الاستعارة المعنويّة والاصطلاحيّة فتركن قصرا إلى التلقّي بأكثر من التوليد ويضمر ضمنها معنى التراسل ويبقى معنى تلقّي الرسالة، والفارق ليس هيّنا بين المعنييْن، فهو إفشاء عن ضمور معنى الجدل والمساءلة ودخول الثقافة ضمن سياق تعارض المفاهيم وتداخلها ودورانيّتها في حلقة مقفلة، مثل هذا الوضع  أفضى إلى تنامي مسألة المصطلح وأصوله وامتداداته بما هو تاريخ تشكّل وممارسة إجرائيّة وتطوّر في مستوى الشكل  والدلالة.

ويفترض هذا العودة إلى المصطلح ذاته من حيث هو حامل لدلالة والكشف عن أقوال العلماء فيه وما يرتبط بذلك من وضعيّات توصيف إجرائيّته في حقول شتّى، وعمليّة الفصل بين المصطلح من حيث هو دال وبين مدلوله، ليس إلاّ فصلا منهجيا لا غير[2]، لأنّ من سرى في خلده أنّه يتسنّى له اقتفاء أثر الممارسات الثقافيّة بما هي نواتج متولّدة عن احتدام للتصوّرات وتفاعل بينها، دون تمثّل لضوابطها الفعالة، فإنّما شأنه في ذلك شأن من ظنّ أنّ الكلّ يتشكّل أو يتآلف بالقفز عن الأجزاء وأنّ للأجزاء كيانًا منقطعا عن كيان المجموع[3]

المصطلح في اللغة

- الاصطلاح في المعاجم العربيّة القديمة

بالنظر إلى المعاجم العربيّة القديمة نجد أنّ عبارة الاصطلاح تحمل دلالة الصلح، فابن منظور يقول في لسانه: "تصالح القوم بينهم والصلح: السلم، وقد اصطلحوا وصالحوا وأصلحوا وتصالحوا واصّالحوا، مشدّدة الصاد، قلبوا التاء صادا وأدغموها في الصاد بمعنى واحد..."[4] وفي تاج العروس للزبيدي " واصطلحا واصّالحا مشدّدة الصاد، قلبوا التاء صادا وأدغموها في الصاد، وتصالحا و اصتلحا بالتاء بدل الطاء، كلّ ذلك بمعنى واحد"[5] ، وفي أساس البلاغة للزمخشري " وصالحه على كذا و تصالحا عليه"

بناء على ما تقدّم ، نجد أنّ المعنى المتواضع عليه في المعاجم القديمة هو الاتفاق والتوافق واصطلح القوم: تصالحوا، بمعنى وقع بينهم صلح، "فالتاء بمعنى التشارك والاشتراك، ومعنى التفاعل مخرج من المطاوعة.. والجدير بالذكر أنّ ما ورد عند القدماء هو لفظ الاصطلاح ولم يرد عنهم لفظ المصطلح بناء على هذه الخصوصيات ندرك أن لفظ الاصطلاح يضم المفهوم باعتباره مادة موضوعية مستقلة."[6] فيكون بذلك معنى الاصطلاح في اللغة هو تواضع واتّفاق على معروف، ومعنى الاتّفاق مأخوذ من دلالة السّلم، فيكون بذلك معنى الاصطلاح في اللغةّ هو اتّفاق على معروف وتواضع عليه، وأمّا معنى المعروف فمأخوذ من نقيض الفساد.

- في تاريخ المصطلح

على الرغم من عدم الوقوف عند أوّل استعمال للفظ مصطلح، فإنّ عملية البحث التاريخي تدلّ على أنّها قديمة في مستوى الحضارة العربيّة الإسلاميّة "فقد كان معروفا ومتداولا جدّا بين القدماء استعمال عبارة مصطلح، بالرغم من عدم تقييدها في القواميس العربيّة القديمة، فقد استخدم إجرائيّا ضمن العديد من الحقول المعرفيّة والمجالات المختلفة، من ذلك التصوّف ولتاريخ، وصناعة الإنشاء وعلوم الحديث والقراءات، وصناعة الشعر واللغة والمناظرة (الجدل)، وقد كان رائجا خلال القرن الثامن الهجري على يد بعض الصوفيّة والمؤرّخين وكتاب دواوين الإنشاء الذين سموا به بعض مؤلّفاتهم وذكروه في ثنايا كتبهم، أمّا لفظ "اصطلاح" فربّما كان أقدم ظهورا ورواجا في تاريخ اللغة العربيّة من لفظ "مصطلح"، فقد وجد لفظ اصطلاح مستعملا منذ القرن الثالث الهجري في كتاب المقتضب لأبي العبّاس المبرّد (ت280هـ)، ووجد في القرن الرابع الهجري في كتابات كلّ من عبد الله بن محمد الخوارزمي (ت 387هـ)، ابن جنّي (ت392هـ) وابن فارس (ت 395هــ) ".

كما نجد آثارها أيضا في أواسط القرن السادس للهجرة، مع أبي منصور محمّد بن محمّد البروي ( ت 567هـ) من خلال كتابه "المقترح في المصطلحوبعده كان رواج التوظيف في عدّة حقول معرفيّة وعلميّة مختلفة حيث ظهر لفظ "مصطلح"  في عناوين بعض مؤلفات علماء الحديث مثل " الألفيّة في مصطلح الحديث" للزين العراقي (ت 806 هـ) وكتاب " نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" للحافظ بن حجر العسقلانيّ  (ت 852 ه) .واستخدم لفظ "المصطلح" كتّابٌ آخرون غير علماء الحديث مثل ابن فضل الله العُمَري (ت749هـ) في كتابه"التعريف بالمصطلح الشريف" الذي يتناول الألفاظ الاصطلاحيّة المستعملة في الكتابة الديوانيّة. واستعمل ابن خلدون ( ت808 هـ) لفظ " مصطلح" في "المقدمة "فقال: "الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان"

وفي القرن الثاني عشر الهجري، استعمل محمد التهاوني (كان حياً 1185هـ) لفظَي " اصطلاح" و"مصطلح " بوصفهما مترادفَين في مقدِّمة كتابه "كشّاف اصطلاحات العلوم " حين قال: "فلما فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية وشمّرت على اقتناء العلوم الحكمية والفلسفية...، فكشفها الله عليّ، فاقتبستُ منها المصطلحات أوان المطالعة وسطّرتها على حدة" من كلِّ هذا ندرك أنّ المؤلِّفين العرب القدامى استعملوا لفظَي (مصطلح) و(اصطلاح) بوصفهما مترادفين. ومن المعجميّين الذين استخدموا اللفظين "بوصفهما مترادفين عبد الرزاق الكاشاني ( ت 736ه) في كتابه "اصطلاحات الصوفية "، إذ قال في مقدمته: "...فقسمتُ الرسالة على قسمين: قسم في بيان المصطلحات ما عدا المقامات...".واستخدم الكاشاني لفظ "مصطلح" في مقدمة معجمه" لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام" الذي قال في مقدمته:" فإني لما رأيتُ كثيراً من علماء الرسوم، ربما استعصى عليهم فهم ما تتضمنه كتبنا وكتب غيرنا من النكت والأسرار، ...أحببتُ أن أجمع هذا الكتاب مشتملاً على شرح ما هو الأهمّ من مصطلحاتهم.

أما الادعاء بأن لفظ "مصطلح"لا يتّفق والقواعد العربيّة، بالنظر إلى أنّه اسم مفعول من الفعل " اصطلح "وهو فعل لازم لا يتعدى إلا بحرف جرّ فنقول" اصطلحوا عليه "، وأن اسم المفعول منه يحتاج إلى نائب فاعل هو الجار والمجرور أو الظرف أو المصدر,ولهذا ينبغي أن نقول"مصطلح عليه"؛فإنّ قواعد اللغة العربيّة تجيز حذف الجار والمجرور"منه "للتخفيف عندما يصبح اسم المفعول عَلماً أو اسماً يُسمّى به، فنقول "مصطلح" فقط. [7]

في الاصطلاح ...أو الوضع العرفي الخاص.

قال أبو البقاء الكفوي: الاصطلاح: هو اتفاق القوم على وضع الشيء وقيل إخراج الشيء عن المعنى اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد، ويستعمل الاصطلاح غالبًا في العلم الذي تحصل معلوماته بالنظر والاستدلال[8]. وقال الجرجاني الاصطلاح "عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقله عن موضعه الأول."[9] أمّا حين نختلف إلى النظر في دلالة المصطلح فنجدها عبارة عن نهاية رحلة فعل الاصطلاح من قبل أهل الاختصاص، أو نتاجه الرمزي أو المعنوي، فهو"اللفظ أو الرمز اللغوي الذي يستخدم للدلالة على مفهوم علمي أو عملي أو فنّي أو أيّ عمل ذي طبيعة خاصة"[10]. فهو وضع العبارة أو اللفظ بإزاء المعنى المراد خارج مراد اللغة أو الحقيقة اللغويّة أو الحقيقة العرفيّة العامة، بمعنى أنّنا إزاء وضع عرفيّ خاص.

اصطلح" (وجذره صلح) بمعنى "اتفق"، لأنّ المصطلح أو الاصطلاح يدلّ على اتفاق أصحاب تخصّص ما على استخدامه للتعبير عن مفهوم علميّ محدّد. ولكنّ بعضهم يحسب أنّ لفظ "مصطلح " خطأ شائع وأنّ اللفظ الصحيح هو  "اصطلاح"، ويسوق لذلك ثلاثة أسباب هي:

-       إنّ المؤلِّفين العرب القدماء استعملوا لفظ " اصطلاح "وعدلوا عن استخدام لفظ مصطلح.

-       إنّ لفظ "مصطلح" غير فصيح لمخالفته قواعد اللغة العربيّة.

-       إنّ المعاجم العربيّة التراثيّة لم تسجّل لفظ " مصطلح " وإنّما نجد فيها لفظ " اصطلاح" فقط.

لكن مَن يدقق النظر في المؤلَّفات العربيّة التراثيّة، يجد أنّها تشتمل على لفظَي"مصطلح "و"اصطلاح" بوصفهما مترادفين. فعلماء الحديث كانوا أوّل من استخدم لفظ "معجم " ولفظ "مصطلح" في مؤلَّفاتهم ومن هذه المؤلَّفات منظومة أحمد بن فرج الإشبيلي (ت 699ه ) في مصطلح الحديث، لكن الراجح أنّ البحث التاريخي يشير إلى مصنّف أبي منصور محمّد بن محمّد البروي ، المتوفّي سنة 567هـ، في حقل الجدل والذي عنونه بـ: المقترح في المصطلح. أما عدم ورود لفظ " مصطلح " في المعاجم العربيّة إلا في معجم " الوجيز لمجمع اللغة العربيّة الذي صدر سنة 1980م و "المعجم العربيّ الأساسيّ" الذي صدر سنة 1989م، فيعود إلى أنّ المعاجم لا تسجِّل جميع ألفاظ اللغة، وأنَّ المعاجم العربيّة جرت على عدم ذكر صيغ المشتقّات المطّردة، وكلمة " مصطلح" اسم مفعول مشتق من الفعل " اصطلح "فمثل هذين اللفظين لم يردا في المعاجم اللغويّة العربيّة إلاّ في وقت متأخّر، فلعلّ أوّل من أورد لفظ "اصطلاح" هو الزبيدي في قاموسه تاج العروس في القرن الثالث عشر للهجرة، ثمّ إنّ المعاجم العربيّة قد جرت على عدم إيراد صيغ المشتقات المطّردة وكلّ الكلمات التي يمكن توليدها بآليّة قياسيّة وقواعد صرفيّة معروفة إلاّ في الحالات الشاذة أو عند الاقتضاء، لأن إيراد جميع المشتقات والتوليدات يمكن أن يؤدي إلى تضخّم حجمها بطريقة تفضي إلى ضياع وظيفتها الإجرائيّة المتمثّلة في البيان. ولذلك نرى أنّ القواميس العربيّة تحجم أو تستغني عن ذكر العديد من الصيغ كأسماء الفاعلين والمفعولين القياسيّة وذكر أسماء المكان والزمان طلبا للاختصار الوظيفي.[11]

وما نخلص إليه، أنّ تعريف المصطلح في الحضارة العربيّة الإسلاميّة، ليس إلاّ تخصيصاً وتدقيقاً لما ورد عاما من المعاني في حقل اللغة بمعنى التحوّل من وضع العبارة العامة إلى وضع العبارة الخاصة أو المشفّرة بحسب طبيعة التوظيف الدقيق، فالجرجاني في تعريفه السابق يرى أنّ الاصطلاح فعل إجرائي وظيفي يراد من ورائه "تسمية الشيء باسم ما يُنقل عن موضعه الأوّل...(عبر) إخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما...(ومن ثمّ يغدو) لفظا معيّنا بين قوم معيّنين[12]

وقيل: الاصطلاح اتّفاق طائفة على موضع اللفظ بإزاء المعنى، وقيل إخراج الشيء من معنى لغوي إلى معنى آخر.  وهناك من يرى أنّ المصطلح رمز لغويّ يتألّف من الشكل الخارجي و التصوّر.[13] وأورد علي جمعة محمّد تعريفا آخر للمصطلح نسبه إلى أبي النجا في حاشيته على الشيخ خالد، يقول فيه: " هو اتفاق طائفة مخصوصة على أمر معهود، فلم يقل لفظ، ولكن قال: على أمر معهود بينهم متى أطلق انصرف إليه. قد سار على هذا المنهج الشيخ الباجوري في حاشيته على ابن قاسم حيث قال:" هو اتفاق طائفة على وضع أمر لأمر حتى إذا أطلق انصرف إليه" وهذا الاتجاه في تعريف الاصطلاح يدخل فيه الإشارة والعقد والنصب والخطّ، و كلّ أنواع الدوال وما شاكل ذلك، فهو لا يقتصر على الألفاظ فقط."[14] وعليه فالمصطلح هو كلمة أو مجموعة من الكلمات تتجاوز دلالتها اللفظيّة و المعجميّة إلى تأطير تصوّرات فكريّة تقوى على تشخيص وضبط المفاهيم.[15]

هذا الانتقال بالدلالة من وضعها اللغوي إلى وضع آخر تحتمله مع وجود رابطة بين الدلالتين، تحتّمه ضرورة إجرائيّة-عمليّة حال إرادة تكييف المصطلح إجرائيّا من خلال حصر دلالته ضمن سياق خاص مع الإبقاء على الدلالة المعجميّة- الاجتماعيّة المتداولة، وذلك من أجل تقييد سجلّ التخاطب بين أهل الاختصاص وتيسير فعل التواصل ضمنهم، ولكن مثل هذا التواضع الخاص مشروط بوجود مناسبة أو وشائج معنويّة واصلة بين العرف العام والعرف الخاص[16]، قصد تحييد الاعتباط والعبثيّة الاصطلاحيّة، لأنّ الفيصل في ذلك هو الاتفّاق ولكن لا يعني ذلك الحيلولة دون ضبطها وتقييد مثل هذه العمليّات، تبعا لما تمّ بيانه يكون المصطلح هو الرمز اللغوي المحدّد لمفهوم واحد، والقائم على دعامتيْن: الرمز اللغوي والمفهوم، وبهذا نرجع إلى معنى الاصطلاح والمواضعة بين فئة من المتكلّمين مميّزين بعلم أو معرفة أو ما شابه، فالاصطلاح بمعنى المواضعة والاتّفاق هو أساس وضع اللغة سواء تعلّق الأمر بصياغة كلمات أو عبارات فهو اصطلاح عام، أو بوضع مصطلحات فهو اصطلاح خاص مع وجود تعايش متزامن بين الكلمات والمصطلحات، من خلال النظر في مقام الاستعمال والتوظيف[17]، أي سياق التخاطب هل هو سياق اجتماعي عام، أم هو سياق اشتغال إجرائي خاص. ويمكن اختصار هذا التواضع الاصطلاحي كما يلي: [18]

 

ولا بدّ في الاصطلاح من :

- قائم بعمليّة الاصطلاح: المصطلِح، بمعنى المباشر لعمليّة الوضع.

-  منتوج: مصطلَح عليه، أي مخرجات فعل الاصطلاح، وهو الاتفاق.

- مصطلح: بمعنى ما ينتج عن الاصطلاح، أو تسمية المتّفق عليه.[19]

المصطلح والاصطلاح في المعاجم الغربيّة

يمكن اختصار تعريف المصطلح عند العلماء الغربييّن فيما يلي: يرجع معجم "هاشات" ٌhachette" لفظ مصطلح terme في اللغة الفرنسيّة و term باللغة الإنجليزية، إلى أصله اللاتيني ومعناه "الحدّ، أي ما يحدّ الشيء أو المعنى[20] .

وبحسب محمود فهمي جدعان فإنّ أقدم تعريف أوروبي معتمد لهذه الكلمة هو الآتي: " المصطلح كلمة لها في اللغة المتخصّصة معنى محدّد و صيغة محدّدة، و عندما يظهر في اللغة العادية يشعر المرء أنّ هذه الكلمة تنتمي إلى مجال محدّد[21]، و بعد تأسيس مجال علم المصطلح نجد التعريف الآتي: " المصطلح رمز متّفق عليه يمثّل مفهوما محدّدا في مجال معرفي خاص.[22]

وأمّا التعريف الذي اعتمدته المنظّمة الدوليّة للتقييس (إيزو Iso) في توصيتها رقم 1087 الصادرة عن اللجنة التقنية 37، فهو: المصطلح هو أي رمز يتفق عليه للدلالة على مفهوم، و يتكوّن من أصوات مترابطة أو من صورها الكتابيّة (الحروف) و قد يكون المصطلح كلمة أو عبارة. و المصطلح التقني هو مصطلح يقتصر استعماله أو مضمونه على المختصّين في حقل معيّن.[23]

وبالعودة إلى المعجم الفرنسي Le petit Robert والمعجم الإنكليزي Longman Dictionary نجد أنّ للمصطلح التعريف الآتي: وحدة تسمية تنتمي إلى مجموعة من الكلمات والتعابير المنتقاة لاستعمالها في معرفة الأشياء، أو كلمة تنتمي إلى معجم خاص، لا يتمّ استعمالها في اللغة العاديّة[24]، بمعنى المتداول الاجتماعي، أمّا في المعجم الإنكليزي فهو يقترب عبارة ومعنى من التعريف الفرنسي، حيث يورد الصياغة التالية للتعبير عن دلالة المصطلح:" كلمة أو عبارة لها معنى خاص في مجال علمي أو تقني".

ما يمكن استخلاصه أنّ المعاجم الغربيّة قيّدت المصطلح بمفهوم محدّد، وبمجال علميّ أو تقنيّ معيّن، وحدّدت استعماله في حقل له خصوصيّاته ومعاييره وضوابطه التي يفقهها ذوو الاختصاص، بحيث تميّزت العبارة الاصطلاحيّة عن عبارة السياق العام أو المتداول" إنّ السجلّ الاصطلاحي في كلّ فرع من العلوم هو الكشف المفهومي الذي يقيم للمعرفة النوعيّة سياجها المنطقي بحيث يغدو الجهاز المصطلحي لكلّ ضرب من العلوم صورة مطابقة لبنية قياساته متى اضطرب نسقها اختلّ نظامها وفسد باختلالها تركيبه فتتهافت بفعل ذلك أنسجته." [25] ، وهذه التعريفات ومثيلاتها نوعان من حيث الضوابط والمعايير المنظّمة لفعل الاصطلاح، ففئة تعتبر الاتّفاق شرطا من شروط إيقاع العبارة أو الكلمة كمصطلح، وفئة أخرى لا ترى في ذلك الشرط معيارا ضابطا ليغدو اللفظ مصطلحا، بحيث يعدّ الاتّفاق متعلّقا باستعماله فقط.

والأسلم من جهة الاستعمال، أن يكون التعريف غير مشروط بالاتّفاق، نظرا إلى أنّ العديد من المصطلحات المتداولة والموظّفة إجرائيّا لم ترتفع إلى مرتبة الاتّفاق العرفي، ولو اشترطنا معيار الاتّفاق لانتفت عن كثير من العبارات أو الكلمات المتداولة من حيث هي مصطلحات صبغة الاصطلاحيّة ولم تعد ذات دلالة خاصة، بل تعود إلى وضعها اللغوي أو العمومي المتداول، إضافة إلى أنّ المصطلح المتّفق عليه قد يخرج في عبارتيْن أو مفردتيْن متنافستيْن و يكون الحقل الإجرائي العملي هو المحكّ أو المعيار الرائز في مسألة التقبّل والتداول أو الرفض والاختفاء" فالمصطلح يبتكر فيوضع و يبثّ ثمّ يقذف به في حلبة الاستعمال فإمّا أن يروّج فيثبت، و إمّا أن يكسد فيختفي، و قد يدلى بمصطلحيْن أو أكثر لمتصوّر واحد فتتسابق المصطلحات الموضوعة وتتنافس في "سوق" الرواج ثمّ يحكم التداول للأقوى فيستبقيه و يتوارى الأضعف" [26]

وعليه يمكن القول بأنّ المواضعة الغربيّة للمصطلح لا تختلف عن المواضعة العربيّة له في عمومها، على اعتبار الاتفّاق على مسألة الانتقال بالعبارة من وضع الاشتراك اللغوي إلى وضع المراد الخاص، بما أنّ العبارة قد وقع تقييد مجالها أو دلالتها بحيث تغدو ضمن مجالها الجديد ذات دلالة واضحة ومحدّدة ومقيّدة بضوابط ومعايير ما وضعت من أجله، فتكون معلومة الدلالة ضمن سياقها من قبل واضعيها، لتكون عنوانا على العبارة المقصودة في حدّ ذاتها ومقصورة عليها فحسب دون أن يداخلها تأويل" ذلك أنّ كلّ علم ينحت لنفسه من اللغة معجما خاصا، و إذا كانت الألفاظ المتداولة في رصيد اللغة صورة  للمواضعة الجماعيّة فإنّ المصطلح العلمي في سياق نفس النظام اللغوي يصبح مواضعة مضاعفة إذا يتحوّل إلى اصطلاح داخل الاصطلاح."[27]، وإن كنّا لا نعدم القول بوجود فروق في الاصطلاح بين الثقافات بالنظر إلى الظروف الخاصة بكلّ ثقافة في مجال صياغة عباراتها ضمن سياقها التداولي العرفي العام أو الخاص، وهذا يحيل بداهة إلى مسألة المواضعة والاصطلاح في اللغة، بما هي فعل بشريّ يفترض إيقاع جهاز تواصليّ للتمكّن من تحقيق التفاعل بين الأشخاص ضمن حيّز بعينه يكون معلوما بالضرورة لدى كلّ مباشر له، وهذه المعرفة معيارها الضابط هو الاتّفاق.

من المصطلح إلى علم المصطلح

يكمن الولوج إلى العلوم ومحاولة ضبط دلالاتها من خلال المصطلحات، ولذلك اعتبر فهم المصطلح نصف العلم، لأنّ المصطلح هو اللفظ الحامل للمفهوم والمعبّر عنه، والمعرفة مجموعة من المفاهيم المترابطة والمتداخلة ضمن منظومة متكاملة، ومع تقادم الفترات وتراكم الخبرات وتشعّب تركيبة المجتمع في العصر الحديث حتّى وصف بأنّه مجتمع المعرفة أو المعلومات، وذلك بالنظر إلى الثورة المعلوماتيّة-التقنيّة التي انسحبت على كلّ مكوّنات المجتمع و مقوّماته، وهو ما أوقع نوعا من الإدماج الوظيفي بين مختلف المعارف والخبرات، فأصبحنا نلحظ نوعا من التعاضد بين كلّ أشكال المعرفة والتقنيّات عوضا عن ذلك النمط القديم القائم على الاختزال والانحسار ضمن سياق بعينه لا يغايره، وهذا يعكس وجها من وجوه تنامي المعرفة وامتدادها الجغرافي و البشري، وبما أنّ اللغة وعاء المعرفة، يكون المصطلح الحامل للمضامين والدلالات العلميّة للغة، فهي أداة التواصل والتفاعل والتقييد في مجتمع المعلومات، ومن ثمّ نلمح أهميّة المصطلح و دوره الحاسم في تشكيل ملامح هذا المجتمع التقني بما هو تقييد خاص وفق دلالات متواضع عليها ترقى إلى درجة الاتفاق والنضج وتنحسر ضمنها الدلالات العرفيّة أو المتداولة لنعود ضمنه في حقل يتخاطب بمصطلحات ذات معاني تترجم المتواضع عليه.

وبالنظر إلى أهميّة المصطلح نجد اختلافا للعناية به منذ القدم، فقد اهتمّ العلماء المسلمون به، فقال القلقشندي (ت 821هـ) بخصوصه في كتابه صبح الأعشى"على أنّ معرفة المصطلح هي اللازم المحتّم و المهمّ المقدّم لعموم الحاجة إليه و اقتصار القاصر عليه[28]، ومع انتقال مراكز القوى من الشرق إلى الغرب نجد ولعا بمزيد تجويد علم المصطلح عبر الانتقال من وضع الفردانيّة إلى وضع المؤسّساتيّة، و يمكن أن نتبيّن أهمّ الخطوات التجديديّة عبر هذه الوقفات التاريخيّة:

-   خلال القرن التاسع عشر الميلادي :شرع علماء الأحياء والكيمياء في أوروبا في توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالميّ.

-   وخلال عامي 1906 و 1928م  صدر معجم شلومان المصوَّر للمصطلحات التقنية بست لغات وفي ستة عشر مجلداً على أيدي فريق دولي من الخبراء.

-   وشهد عام 1931م صدور كتاب " التوحيد الدوليّ للغات الهندسة، وخاصّة الهندسة الكهربائيّة " للأستاذ فيستر Wuster، الأستاذ بجامعة فينّا.

-   وفي سنة 1936م وبطلب من الاتحاد السوفييتيّ مُمثَّلاً بأكاديميّة العلوم السوفيتيّة، تشكّلت ( اللجنة التقنيّة للمصطلحات ) ضمن الاتّحاد العالميّ لجمعيّات المقاييس الوطنيّة.

-   ومن روّاد علم المصطلح الحديث السوفيتيّان لوط Lotte (ت1950م) وشابلجين (ت 1942م). وكان لوط وراء تأسيس (لجنة المصطلحات العلميّة والتقنيّة) في الاتحاد السوفيتيّ عام 1933م.

-       وفي عام 1971م، وبتعاون بين اليونسكو والحكومة النمساويّة، تأسَّس ( مركز المعلومات الدوليّ للمصطلحات) في فيينّا وتولى إدارته الأستاذ هلموت فلبر Felber، أستاذ علم المصطلح في جامعة فينا.

-   ومن المؤتمرات المؤسِّسة في علم المصطلح (الندوةُ العالمية حول مشكلات الترادف والتعريف في علم المصطلح) التي عُقِدت في كوبيك بكندا في يونيو 1982م، والندوةُ الخاصة بعلم المصطلح التي عُقِدت على هامش المؤتمر العالميّ للمعجميّين بجامعة أكستر بإنجلترا في سبتمبر 1983.

وعليه يكون علم المصطلح هو العِلم الذي يبحث في العلاقة بين المفاهيم العلميّة والألفاظ اللغوية التي تعبّر عنها." وعلم المصطلح علم مشترك بين اللسانيّات، والمنطق، وعلم الوجود، وعلم المعرفة، والتوثيق، وحقول التخصص العلمي، ولهذا ينعته الباحثون الروس بأنَّه "علم العلوم".

ويتناول علمُ المصطلح جوانبَ ثلاثة متّصلة من البحث العلميّ والدراسة الموضوعيّة

أوّلاً، يبحث علم المصطلح في العلاقات بين المفاهيم المتداخلة مثل: علاقات الجنس – النوع، والكل – الجزء التي تتبلور في صورة منظومات مفهوميّة تشكّل الأساس في وضع المصطلحات المصنّفة التي تعبِّر عن تلك المفاهيم. وبهذا المعنى، يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من علم المنطق وعلم الوجود

ثانياً، يبحث علم المصطلح في المصطلحات اللغويّة، والعلاقات القائمة بينها، ووسائل وضعها، وأنظمة تمثيلها في بنية علم من العلوم. وبهذا المعنى، يكون فرعاً خاصاً من فروع علم المعجم

ثالثاً، يبحث علم المصطلح في الطرق العامّة المؤدِّية إلى خلق اللغة العلميّة، صرف النظر عن التطبيقات العمليّة في لغة طبيعيّة بذاتها.

وبذلك يُصبح عِلم المصطلح عِلماً مشتركا بين علوم اللغة، والمنطق، والوجود، والمعرفة، والتصنيف، والإعلاميّات، والموضوعات المُتخصِّصة. فكلُّ هذه العلوم تتناول في جانب من جوانبها التنظيم الشكليّ للعلاقة المُعقَّدة بين المفهوم والمصطلح.

وممارسة هذا النشاط العلمي لا يخلو من اتّجاهات فكريّة، أي المرجعيّة الفكريّة التي وفقها يكون العمل والصياغة والإنتاج، وقد برزت في هذا المجال ثلاث مدارس فكريّة تتبنّى ثلاثة اتجاهات متميّزة، هي: 

أ‌- مدرسة فيينا

تنظر إلى المصطلحات بوصفها وسيلة اتّصال لصيقة بطبيعة المفاهيم.ولهذا، فإنّ البحث المصطلحيّ يجب أن ينطلق من دراسة تلك المفاهيم، والعلاقات القائمة بينها، وخصائصها، ووصفها، وتعريفها، ثم صياغة المصطلحات التي تعبِّر عنها، وتنميط المفاهيم والمصطلحات وتدويلها. ويبدو أنّ إدارة المصطلحات في منظَّمة اليونسكو قد تبنّت توجهات هذه المدرسة في أنشطتها. 

ب-مدرسة براغ

تتبنَّى هذه المدرسة المصطلحيّة توجُّها لسانيّاً يقوم على الفكرة القائلة إنّ المصطلحات تشكّل جزءً، أو قطاعاً خاصاً، من ألفاظ اللغة.ولهذا، فإنّ البحث في ظاهرة المصطلحات لا بُدّ أن يستخدِم وسائلَ لسانيّة بما فيها الوسائل المعجميّة. 

ج- مدرسة روسيا

تنتهج هذه المدرسة اتجاهاً موضوعيّاً يضع، في مركز الثقل، المفهومً وعلاقاته بالمفاهيم المجاورة الأخرى، وكذلك المطابقة بين المفهوم والمصطلح، وتخصيص المصطلحات للمفاهيم. وتأثّرت هذه المدرسة بمدرسة فيينا من حيث ضرورة تنميط المصطلحات، وتقييسها، وتوحيدها. وتتبنّى هذه المدرسة التطبيقات المصطلحيّة بدلاً من التطبيقات المعجميّة من حيث ترتيب المادة، أي أنّها ترتِّب.

الحدّ والتعريف والمصطلح: حدود التمايز والاتفاق

تتعدّد مداخل تعريف الأشياء والماهيات بحسب المداخل النظريّة المستخدمة في اكتساب صورة المعرَّف، فإذا كان المدخل منطقيّا يروم تحقيق الإلمام الكلّي المانع سمّي التعريف حدّا منطقيّا، وإذا كان المدخل تداوليّا يتتبّع التغييرات التي يحدثها الاستعمال من وضع إلى آخر سمّي التعريف دراسة مصطلحيّة، وإذا كان المنحى لغويّا يروم البحث عن المعنى سمّي دراسة مفهوميّة، نظرا إلى التعاضد القائم بين المفهوم والمعنى الواقع في العقل والمتولّد عن اللفظ-الحامل، ومن ثمّ يكون بين هذه العبارات وضع عموم وخصوص، فكلّ حدّ مصطلح، وكلّ مصطلح مفهوم، وليس كلّ مفهوم مصطلح ولا حدّ ، كذلك لا يكون المصطلح حدّا[29]، و يمكن أن تبيّن الفروق بين هذه العبارات من خلال الجدول التالي:

 

 

المجال

الحدّ

التعريف

المصطلح

في اللغة

المنع، لذلك سميّت حدود الأرض والدار حدودا لأنّها تمنع أن يدخل في البيع ما ليس من المبيع.

فعل المعرف

يرجع الجذر (ص-ل-ح) إلى أصل واحد يدلّ على خلاف الفساد و يكون الفعل صلح بمعنى زال عنه الفساد.

في الاصطلاح

هو اللفظ الجامع المانع

اللفظ الوجيز المحيط بالمعنى

قول يشرح به مفردة من المفردات التصورية الكلية أو الجزئية لإفادة المخاطب تصور هذا المفرد بكنهه وحقيقته ، أو لإفادة تميزه عما عداه تميزا كاملا قال الطوفي: هو تصيير الشيء معروفا بما يميزه عما يشتبه به ، بذكر جنسه وفصله ، أو لازم من لوازمه التي لا توجد في غيره ، أو شرح اللفظ الغريب بلفظ مشهور مألوف [30]

إخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما ...(ومن ثمّ يغدو) لفظا معيّنا بين قوم معيّنين

في الفروق

لم يفرق الأصوليون– والمتقدمون منهم خاصة – بين الحد والتعريف ، إذ أن كلا من الحد والتعريف إنما يراد به تميز المحدود أو المعرف عن غيره بوصف يخصه، يقول الفاكهاني: اعلم أن الحد والتعريف - في عرف النحاة والفقهاء والأصوليين – اسمان لمسمّى، وهو ما يميز الشيء عن جميع ما عداه . أمّا من تأثّر بنظرة المنطق منهم فقد فّرق بينهما فجعل التعريف أعمّ من الحد كما قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة"

ويتميّز الحدّ المنطقي بكونه يروم تصوّر كنه الشيء وتمثّل حقيقته بالإحاطة التامة لحقيقته وهي إحاطة مستحيلة لأنّ الجواهر لها فصول مجهولة، كما ذهب إلى ذلك الشاطبي في موافقاته، ثمّ إنّ الاستحالة تبرز من جهة أخرى من خلال مقدّمة كلاميّة مفادها أنّ ماهيّة الأشياء لا يدركها إلاّ باريها[31]، من ثمّ لا يمكن الوصول على تسوية الحدّ بالمحدود حقيقة، أمّا المصطلح فيكون تمييزه للشيء عن سائر غيره تمييزا تاما في حدود المواضعة البشريّة والاتّفاق بين أهل الاختصاص، من دون طلب الإحاطة الجامعة المانعة.

 

صناعة المصطلح

صياغة المصطلح لها ثوابت وضوابط معرفيّة مطلقة ومعايير لغويّة عامة كما أنّ لها مسالك نوعيّة خاصة، ومجموع ذلك يمثّل الآليّات التي تقتضيها المصطلحات العلميّة والفنيّة، بحسب قول عبد السلام المسدّي[32].فأمّا الثوابت المعرفيّة فتتّصل بطبيعة العلاقة المعقودة بين كلّ فنّ أو علم ومنظومته الاصطلاحيّة التي يشتغل بها، في حين أنّ القواعد اللغويّة تقتضي تحديد درجة تعقّد اللغة ومستوى صياغتها التي نتحدّث عن قضيّة المصطلح ضمن حقلها وما تختصّ به من فروق نوعيّة تنعكس ضرورة على آليّات صياغة الألفاظ ضمنها، في حين أنّ المسالك النوعيّة يقصد بها مجال الاختصاص المعرفي الذي نتناول آليّاته الاصطلاحيّة بالدرس، ومن ثمّ تظهر فروق بين هذه الحقول في مجال التوظيف المصطلحي، على الرغم من وجود قواسم مشتركة تحكم موضوع توليد الألفاظ الدالة على المفاهيم الدقيقة داخل اللسان البشري، وهذا بدهيّ على اعتبار أنّنا لا نعدم خصوصيّة كلّ مجال وتفرده العلميّ، فهناك وضعيّات لغويّة عابرة لكلّ مجال، وهناك وضعيّات خاصة تميز كلّ فنّ عن غيره، ذلك أنّ لكلّ فنّ خصوصيّة قد تأتي على الأعراف اللغويّة بكثير من المؤلفات التي تختلف من حقل علميّ لآخر[33] ، وجماع ما يأتلف لدى أهل الاختصاص من ثوابت معرفيّة ومقاييس لغويّة يشكّل الأرضيّة التي من خلالها ينحت الباحث نموذجه الاصطلاحي، ولعلّ الناظر يجد أنّ لمثل هذه العمليّة شروطا لابد من تحقّقها لتمرّ المفردة أو العبارة من وضع الاشتراك اللغوي إلى وضع المواضعة الخاصة، وهي:

-   حيويّة البيئة المجتمعيّة الناشئ فيها المصطلح: يرتبط إنتاج المصطلح داخل بيئة مجتمعيّة بإنتاج المعرفة بالحيوية، ومن ثمّ تنتفي فرضيّة العجز اللغوي، والعكس صحيح فخضوع المجتمع للآخر في مجال تأسيس مجالات معرفيّة تعني بداهة الوقوع ضمن فقر معرفيّ وتوابعه اللغويّة فـ" الثقافة-أيّة ثقافة كانت-تنهض ويستقيم صرحها، كلّما أفلحت في إنتاج معرفة خصبة وجديدة، توجّهها اصطلاحات واضحة الدلالة. ومن المؤكّد، أنّ ثقافة أيّة أمّة من الأمم، تقوّض و تتلاشى لأسباب كثيرة، منها: اضطراب دلالة المصطلح، وتعارض المفاهيم، وشيوع الغموض والقلق في التراسل العلمي بين مصادر المعرفة، و جهات التلقي..."[34]

-   ميلاد المصطلح لا يجب أن يعكس العلاقة بين فكرة أو مفهوم في الذهن مع وحدة لسانيّة مع إغفال الوضع الحضاري الذي يعكسه المصطلح، بمعنى أنّ ظواهر الكون ومظاهره لابدّ أن تحفز الذهن وتثير لديه الإشكاليّات والتساؤلات " فتحت ضغط الحاجة تتولّد الوسيلة، وفي خضمّ هذه الصيرورة الحضاريّة تقف اللغة-أي لغة كانت-مشدودة إلى قطبيْن متجاذبيْن: يدفعها الأوّل بضغط المواكبة ويشدّها الثاني بوازع حبّ البقاء اتّقاء للانسلاخ الماحي لرسمها، وليس ما نسمّيه بحياة اللغة سوى قدرتها على ترشيح التعادليّة القابضة على طرفيْ الجذب:أن تتلاءم مع الاقتضاءات المتجدّدة وأن تبقي على بناها التي بها جوهرها وفيها هويّتها"[35]

-   البعد عن التعصّب أيا كان نوعه، نظرا إلى أنه يؤزم الخريطة المصطلحاتيّة، خاصة إذا وجد مصطلح آخر أكثر دلالة وبيانا وإجرائيّة منه.

-   وجود علاقة بين الدلالة اللغويّة للعبارة أو المفردة  والمعنى الاصطلاحي وإلاّ تحولنا إلى مسألة الرمز، والاصطلاح بالرمز أمر آخر غير الاصطلاح باللفظ، فهناك وشيجة ما من المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي، غير تلك التي تميّز المفردة في وضعها الجديد[36]، من حيث تخصيص دلالتها ضمن الحقل المعرفي التي انتخبها لتحمل على حروفها دلالة غير تلك المشاعة في الحقل التداولي العام، "ولو تتبعنا منظومة المصطلحات في كلّ فنّ من فنون المعرفة وقارنّها بالرصيد القاموسي المشترك في اللغة لوجدنا مجموعة كبيرة يتداولها الناّس بمعانيها الشائعة ويتداولها المختصّون بمفاهيم محدّدة، فتنفصل هذه عن تلك في الدلالة انفصالا لا يبقى معه إلاّ التواتر في الشكل الأدائي"[37] أي نعود إلى تسمية المسدّي وهي المواضعة المضاعفة أو التحوّل إلى اصطلاح داخل الاصطلاح، عبر التحوّل بالعبارة أو المفردة من وضع العرف العام للألفاظ إلى وضع الاصطلاح الخاص. وعليه فإنّ الوسائل والأدوات لابدّ أن تخرج اللفظ عن معناه اللغوي، فإن لم يخرج عن معناه اللغوي فليس بمصطلح، فكلمة حبل أو مشط أو ما شابههما ليست بمصطلحات حيث إنّ وضعها بإزاء معانيها من وضع اللغة ولم تخرج عن هذا الوضع إلى معنى جديد[38]

-   أن يقرّه فريق من العلماء من أهل الاختصاص، ليغدو مقبولا وآخذا بالشرعيّة الإجرائيّة التداوليّة، وقبل إقراره يكون مجرّد اقتراح أو مشروع مصطلح، أي في الوضع الوسط بين اللفظ اللغوي والمصطلح.

-   يفضل عادة اختيار اللفظة المفردة لسهولة استعمالها وحفظها، غير أنّ هذا لا يعني وجوب التعسّف في التزام هذا المبدأ فثمّة الكثير من المصطلحات المؤلّفة من كلمتيْن فأكثر، وهو أمر تستدعيه الضرورة العلميّة في أحيان كثيرة.[39]

-   تجنب الألفاظ الغريبة والشاذة، لضمان رواج المصطلح وتداوله وتجنّب الكساد الإجرائي الذي قد ينتهي إلى تلاشي المصطلح، فلا يختار المهقعة مع وجود المكواة أو الكاوية ولا النقاخ للماء الصافي مع إمكان استعمال القراح، بمعنى ضرورة توفّر الضوابط المتعلّقة بدلالات اللغة في وظيفتها الإبلاغيّة وكذلك في مستوى مفاهيم المعارف في وظائفها النوعيّة من حيث هي خطاب علميّ يقتضي الوضوح والدقّة و"معلوم أنّ للاستخدام اللغوي نواميسه التي تتحدّد بضوابط التركيب والإيقاع و مقوّمات الرشاقة، وهو ضرب من البحث قائم بذاته عند أهل الدراية لا يستوفي حقّه إلاّ بتعاضد المعرفة اللسانيّة و الخبرة الأسلوبيّة حتّى يتحقّق الانسجام بين مخارج الحروف وبنية الحركات وتركيبة المقاطع، ثمّ يتطابق الكلّ مع خصائص الإيحاء الدلالي"[40]

- كذلك يدخل في هذه المسألة قولهم "لا مشاحة في الاصطلاح" أي لا منازعة، لأنّ هناك فرق بين الخلاف اللفظي بين فريقين وهو الذي لو اطّلع كلّ فريق على معنى ما يقوله الآخر لقال به، فالمعنى واحد والخلاف راجع للفظ، وعلى هذا لا يترتّب على الخلاف اللفظي أثر، وبين الخلاف المعنوي، والذي لو اطّلع كلّ فريق على معنى ما يقوله الآخر لم يقل به فيترتّب على ذلك الخلاف أثر، فالخلاف اللفظي يقال فيه لا مشاحة في الاصطلاح."[41

-   أن يشتهر ذلك المعنى و ظهر بحيث ينصرف الذهن إليه عند إطلاق اللفظ، فإن لم يشتهر لم يؤدّ وظيفته التي من أجلها كانت عمليّة الاصطلاح، وهي أن يصل المعنى إلى ذهن السامع من أقرب طريق للاستغناء به عن الإطالة في الكلام، وهذا الاشتهار هو ما يمكن أن نسميه القبول العام من أهل الفنّ[42]

بين المصطلح والمفهوم : حدود التمايز

من البدهي أن نسعى إلى تبيّن الحدود المميّزة بين كلّ من المفهوم والمصطلح، فنجد أنّ مادة مفهوم في اللغة العربيّة قد وظّفت باعتبارها مادة تحيل على تصوّر أو فكر، في حين نجد أنّ المصطلح قد استعمل للدلالة على مادة الفكر، ثمّ إنّ الإطار المرجعي الذي يتسنّى له تحديد مثل هذا التمايز ينبني على أنّ المصطلح يختلف بحسب خصائصه من عشيرة لغويّة/مجتمع لغوي إلى أخرى، أي يتميّز بالخصوصيّة، وهو واقع معكوس بالنسبة إلى المفهوم الذي يتميّز بالكونيّة والامتداديّة، فهو مادة طابعه الاتفاق على اعتبار أنّه يحمل فكرة عن شيء، وتبقى عمليّة الاصطلاح على ذلك المفهوم رهينة كلّ خصوصيّة ثقافيّة وفي ضمنها يكون التمييز بين الاصطلاح العام أو العرف العام والعرف الخاص، أي تلك الخصوصيّة التي تميّز الحقل الذي يشتغل به وعليه المصطلح، ومن ثمّ نجد مشاعيّة المفهوم، في حين أنّ قدّ المفهوم ونحته يغدو مقصورا على خصوصيّة المعالج للمفهوم من خلال إطلاق اللفظ بإزاء المعنى وهو المصطلح الذي هو نتاج الاصطلاح، ومن ثمّ نجد أنّ المفهوم والمصطلح يتقاطعان في مسألة الاتفاق، فالإطار المرجعي الذي ينظّم هذه المادة يتحدّث عن الاتفاق والتوافق والاصطلاح، والدلالة اللغويّة لهذا الأخير، تعني وقوع صلح متأتّ من اتّفاق مبدئي ومرجعي بين مجموعة من الناس، وهذا الاتفاق مادته المفهوم للخروج من خلال معالجته على اتّفاق حول مصطلح حامل لدلالة ومادة المفهوم، فهو مادة موضوعيّة مستقلّة، من ثمّ تكون المصطلحات رموزا للمفاهيم بحسب إدراكنا، الأمر الذي يعني أنّ المفاهيم قد وجدت وتشكّلت قبل المصطلحات[43] .

فالاتّفاق يغدو معيارا ضابطا يكسب المصطلح صفته الاصطلاحيّة، وفي غيابه نكون أمام مفهوم متنازع عليه، لأنّ محيطه غير مطّرد، وشبكة أبعاده غير واضحة ودلالته غير محدّدة بدقّة، فإضافة عنصر الاتّفاق هي التي تضمن استقرار دلالة المفهوم إذ بها نتمكّن من الولوج حيّز الاصطلاح، وبها تتعيّن إحالته على مرجع محدّد في مجال مخصوص، فما قبل الاتّفاق نكون أمام المفهوم، ومع حصوله نكون أمام مصطلح.[44]

في ضوء ما سبق يتّضح أنّ المفهوم (concept) غير المصطلح (terme)، فالأوّل يحيل على فكرة يحكمها المتغيّر وعدم الاستقرار، في حين أنّ المصطلح يميل إلى الخلف وهو الاتفاق، بحكم موضوع الاختصاص، ليكون عبارة عن شيفرة جامعة تجعل من التواصل بين أهل الحقل العلمي أو غيره سهلة و ممكنة.[45]

وبالإمكان تفصيل بعض المعايير المميّزة بين المفهوم والمصطلح قصد مزيد توضيح الحدود الفاصلة بينهما والمانعة من التداخل أو اضطراب الفهم من خلال هذا الجدول المقارن التالي:

 

المعايير

المفهوم

المصطلح

التعريف

المعنى الذهني الذي يثيره اللفظ في الأذهان واللفظ هو الدلالة الكلاميّة عليه أمّا الماصدق فهو الفرد أو الأفراد التي ينطبق عليها اللفظ إذ يتحقّق فيها مفهومه الذهنيّ

يقترن بتعريف منضبط للمعنى المقصود الإحالة عليه وذلك من خلال مفردات متماسكة ومختصرة.

فحديّة التعريف هي الميزة الفارقة في التمييز بين المفهوم والمصطلح، فالمفهوم يعرّف إجرائيّا ولا يتسنّى تعريفه حديّا، فإن عرّف حدّيا غدا مصطلحًا، بينما المصطلح يعرّف حديّا لكن يمكن تعريفه إجرائيّا تجاوزا على سبيل التوضيح والتقريب مع احتفاظه بالضوابط التي تميّزه كمصطلح.

الضبط الدلالي

المفهوم كلمة مشكلة، يندر فيه الضبط الدلالي ويتعذّر التأطير الكامل لمعناه، إذ غالبا ما يعرّف بمفردات غير منضبطة تقبل الزيادة والنقصان.

يكون في أعلى درجات الضبط الدلالي، أي أنّ تعريفه منغلق لا يقبل انفتاحا على الزيادة والنقصان، و أنّ كلّ لفظ فيه هو ركن من أركان المصطلح و لبنة في بنائه.

التفرّد بالدلالة

في منزلة وسطى بين المصطلح واللفظ اللغوي نظرا لأنّه يحيل على مجال دلالي عام دون أن تنحصر دلالته في معنى معيّن وهو مع ذلك يرفض الترادف والاشتراك لدقّة دلالته على مجاله.

متفرّد بالدلالة الدقيقة على معناه فهو يرفض الترادف و الاشتراك كما يقتضي أن يوضع الدال الواحد و يستعمل بإزاء مدلول واحد.

أثر السياق

يتأثّر المفهوم بسياقه الحاف به، بطريقة أنّه دائم الانتماء إلى منظومة يرتبط ضمنها بغيره من المفاهيم، ممّا يضفي عليه معنى علاقيا جديدا، يوسّع من مشمولاته أو يضيّق، ويضيف إلى عناصره أو يحذف، فيحدث تغييرا طفيفا أو جوهريّا على المجال الدلالي الذي يحيل عليه المفهوم.

يكون المصطلح مكتفيا بذاته بفضل كمال الضبط و التفرّد الدلالييْن، و عليه يكون المصطلح مستقرّا ثابتا لا يلحقه أي تغيير، فهو يحيل على تصوّر محدّد يضمن له أحاديّة المعنى قبل أن يوظّف في الخطاب.

المظان والمصادر

المصدر التاريخي: فالتداول والاستخدام والشيوع هو المحدّد الرئيس لدلالة المفهوم أو المصطلح.

المصدر الذاتي/الشخصي: الذي يقترحه ويتداوله شخص من المختصيّن في مجال معيّن ويعيّن مفردة ما للدلالة على معنى معيّن ويتسنّى لها الشيوع  والتداول.

المصدر النصّي: وهي خصيصة النصّ المتميّز في مستوى لغته، فتكون فيه بعض المفردات المتداولة و المتكرّرة  في أماكن مختلفة فتشكّل مفاتيح لفهم النصّ.

النقل الاصطلاحي: يقصد به طريقة أيّ لسان في معالجة الألفاظ التي يستقبلها من الألسنة الأخرى مستوعبا إيّاها دالا و مدلولا، وأطلق عليها اللغويّون مفهوم الاقتراض.[46]

تشترك المفاهيم والمصطلحات في كونها بيانات لفظيّة تحمل تصوّرات خاصة بمجالات معيّنة وتنفرد المصطلحات باستكمال شروط اصطلاحيّتها المتمثّلة في النضج و الاتّفاق[47]

 

في طريق الختام

لعلّ الأثر الإجرائي الذي يمكن أن نتلقّفه من فكرة  المواضعة والاتفاق والتصالح هو ذاك الأثر الحضاري المطلوب لتأكيد حيويّة كلّ أمّة أو ثقافة أو حضارة، من خلال إثبات حضورها الخصب والفاعل في مجال الحراك المعجمي والعلمي عبر الاجتهاد التوليدي الذي تبذله حتى يستقيم أودها و تتنحّى تدريجيّا و تتخلّى عن فكرة مديوينّة المعنى و تبعيّتها المعجميّة فالحضاريّة للآخر الذي يسعى إلى استعمار الجغرافيا و التاريخ والذاكرة عبر رصد مواطن الخلل و الضعف في الحضارة المنهكة قصد استلابها و من ثمّ استيعابها من خلال رسم ملامح وجودها غير تلك التي تستقيم و خصوصيّاتها، و مثل هذه الآثار الواقعيّة كائنة نتيجة انزياحها نحو التقوّض و التلاشي و الفشل بسبب" اضطراب دلالة المصطلح، و تعارض المفاهيم، وشيوع الغموض والقلق في التراسل العلمي بين مصادر المعرفة وجهات التلقيّ. الأمر الذي يعرّض تراكم المعرفة ذاته إلى كثير من الصعاب و منها عدم استقرار المفاهيم، وما يقوده ذلك من اضطراب ليس في الوصف والتحليل والاستقراء، إنّما في الاستنباط واستخراج النتائج التي يهدف إلى الوصول إليها كلّ بحث"[48]

ومن ثمّ فإنّ ما تعاني منه الثقافة العربيّة هو آفة انسداد التراسل الطبيعي و الحوار و الجدل والمساءلة الجادة، نتيجة اختلال في التراسل الطبيعي بين الأفراد، حيث أنّ البدهيّ المذكور آنفا غائب و الحاضر هو الشاذ وهو الواحديّة بالمفهوم البشري، بمعنى الاتجاه نحو الفردانيّة ورفض الآخر، وهو ما انعكس سلبا على الممارسة الاصطلاحيّة التي اتّسمت بالخلط والغموض والارتباك، رغم وجود مجامع لغويّة مهامها محاولة توحيد المصطلح وضبط دلالته، لكن يبقى الأثر الإجرائي لمفهوم المجمع مفقودا في فكرنا وممارساتنا التي اتّسمت بالفرديّة، ومن ثمّ يغدو أكيدا ترسيخ مفهوم المشاركة والتصالح في الأذهان قبل الصروح، نظرا إلى أنّ تكوين صروح المجامع أمر لاحق عن أمر تربية الذهن و تدريبه على مسألة التوحيد من خلال ممارسة تفاعليّة تشاركيّة تعاونيّة، أضف إلى ذلك أنّ ممارسة المجامع اللغويّة سمتها إضفاء الدلالات الحديثة على المصطلحات القديمة الثاوية عبر انتزاعها من حقلها المعرفي و استعمالها في حقول معرفيّة جديدة من دون مراعاة الخصائص التي اكتسبها ضمن حقله الأصيل، ومن ثمّ كانت من بين المعايير أو الضوابط المفقودة حال نحت مصطلح هو الإبقاء على طاقته الإيحائيّة "لأنّ التماهي المنشود بين المتصوّر الذهني والكلمة المصطلح بها عليه هو ليس من ضروب التطابق المعجمي بقدر ما هو من التماثل الوظيفي ولذلك كان للتخييل فيه نصيب وافر[49]

نضيف إلى ذلك أن ثمّة توجّه فكريّ يعمد إلى توصيف طبيعة ثقافتنا بأنّها تطبيق إجرائي لعلاقة صوفيّة تجمع بين الشيخ والمريد، مثل هذا الشكل العلائقي تسلّل إلى كلّ ممارساتنا التاريخيّة بما فيها المصطلح، ممّا أوقعه في أزمة تعكس بجلاء الوضع المأزوم الذي ترزح ضمنه المنظومة العربيّة برمّتها ، لذلك لا خلاص للمصطلح من أزمته الراهنة إلاّ من خلال حلول عمليّة تسعى إلى زحزحة الفكر من وضع العزلة والانصياع لقول الشيخ بما هو صورة افتراضيّة رمزيّة للسلطة الموجّهة، ومحاولة التخلّص من هذا النموذج السلبي، قصد الانخراط في ممارسة تفاعليّة تؤمن بوجود الآخر المختلف كشريك فاعل وطرف محاور وناقد ومحوّر و راسم لملامح المصطلح ومن ورائها لوحة الثقافة العربيّة الإسلاميّة في بعدها الاستشرافي، أي كما يجب أن تكون إجرائيّا حتى ترقى إلى مرتبة الفاعليّة الحضاريّة وتتخلّص من تبعات المفعوليّة التي أفضت بها إلى وضع المديونيّة والاستلاب واستعمار الجغرافيا بمفهومها الحقيقي والمجازي،نقول مثل هذا الكلام لأنّنا نشهد اليوم وضعا يقوم على أساس الانفلات من وضع الثقافي إلى صيغ ذات بعد عولمي-اقتصادي،بما أنّ الغالب بمفهومه ذاك هو الذي يغدو ينحت صيغ الوجود للمغلوبين في شتى المجالات،لأنّ التواضع لم يعد وفق معايير الديناميّة الداخليّة للثقافة بقدر ما غدا يفرض من الخارج ضمن منظومة شموليّة تشمل الذات و أدواتها.

ببليوغرافيا مقترحة

المعاجم

- ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين)، لسان العرب، دار لسان العرب، بيروت: لبنان، د-ت

- البعلبكي (منير)، قاموس المورد، دار العلم للملايين، بيروت: لبنان، 1982.

- الجرجاني(الشريف)، التعريفات، مكتبة لبنان، بيروت: لبنان، 1978.

- الجوهري (إسماعيل عبد حماد)، الصحاح في اللغة والعلوم، إعداد نديم مرعشلي وأسامة مرعشلي، دار الحضارة العربيّة، بيروت: لبنان، 1974.

- إدريس (سهيل)، قاموس المنهل، دار الآداب، بيروت: لبنان، 1987.

- زيادة (معن) وآخرون، الموسوعة الفلسفيّة العربيّة، معهد الإنماء العربي، بيروت: لبنان، 1988.

- الفيروز آبادي (مجد الدين محمّد)، القاموس المحيط، دار الجيل، بيروت: لبنان، د-ت.

الكتب

- أنيس (إبراهيم)، دلالة الألفاظ، القاهرة، مكتبة أنجلو المصريّة، ط3، 1976م.

- بيشت (هوبيرت) ودراسكو (جينيفر)، مقدّمة في المصطلحيّة، ت. محمّد محمّد هليل، جامعة الكويت: الكويت، 2000.

- حجازي (محمود فهمي)، الأسس اللغويّة لعلم المصطلح، القاهرة: دار غريب ، د-ت.

- ابن الحسن العلمي(إدريس)، في الاصطلاح، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء: المغرب، ط1، 2001.

- حسين(محمّد)، المصطلح والمصطلحيّة، جامعة ورقلة، الجزائر.

- الخوري (شحادة)، دراسات في الترجمة و المصطلح و التعريب، ج1، دار طلاس، دمشق: سوريا، 1989.

- زواقي (سكينة)، إشكاليّة المصطلح والمفهوم في العلوم الإنسانيّة بين التراث والحداثة، الطارف: المركز الجامعي.

- السامرائي (إبراهيم)، في المصطلح الإسلامي، بيروت: لبنان، دار الحداثة ، ، ط1/1990.

- ابن طالب (عثمان)، علم المصطلح بين المعجميّة وعلم الدلالة: الإشكالات النظريّة والمنهجيّة، ضمن تأسيس القضيّة الاصطلاحيّة ، قرطاج: بيت الحكمة، 1989.

- عضيمة (صالح)، مصطلحات قرآنيّة، الجامعة العربيّة للعلوم الإسلاميّة، دار النصر، 1994م.

- غاليم (محمّد)، التوليد الدلالي في البلاغة و المعجم، دار توبقال، ط1، 1987.

- الفاسي الفهري (علال)، أزمة اللغة العربية في المغرب بين اختلالات التعددية و ثغرات "الترجمة"، منشورات الزاوية2005.

- الفاسي الفهري (علال)، المقارنة و التخطيط، دار توبقال، ط1، 1998 .

- الفاسي الفهري (علال)، اللسانيات واللغة العربية، دار توبقال، 1985، الدار البيضاء، المغرب.

- فويضل (مصطفى)، نظرات مصطلحيّة في كتاب مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، مجلّة إسلاميّة المعرفة عدد17، السنة 15، صيف 1999م.

- المطلوب (أحمد)، في المصطلح النقدي، المجمع العلمي، بغداد: العراق، 2002.

- المويل (محمّد كمال)، المصطلحات القرآنيّة: ما اتّفق لفظه وتناقض معناه، دمشق، مؤسّسة علوم القرآن، 1998م.

الكتب الأجنبية

- Dubuc, R. Manuel pratique de terminologie, Paris : CILF, 1980

- Felber, H. Manual of Terminology. Wien : INFOTERM, 19840

- Felber, H. Manuel de Terminologie, Paris : UNESCO, 1987.

- Felber, H. & Picht, H. Metodos de terminografa y principios de investigación terminológica. Madrid : Instituto « Miguel de Cervantes », CSIC, 1984.

- Rey, A. La terminologie: Noms et notions, Paris: PUF, Coll. Que sais-je ? no. 1780,1979

- Rondeau, G. Introduction à la terminologie, Paris : Gaetan Morin ed. 1984.

- Rondeau,G. & Felber, H. Textes choisis de Terminologie ( Québec : Université Laval, 1981)

- Sager, Dungworth and McDonald, English Special Languages, Wiesbaden, 1980.

أستاذ مساعد بالمعهد العالي للحضارة الإسلاميّة-جامعة الزيتونة-تونس.

[1] إبراهيم (عبد الله)، الثقافة العربيّة والمرجعيّات المستعارة، المركز الثقافي العربي، بيروت-لبنان، ط1،  1999، ص 96.

[2] المسدّي (عبد السلام)، المصطلح النقدي، مؤسّسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر و التوزيع-تونس، د-ط، 1994، ص 11.

[3] المرجع السابق، ص 12.

[4] ابن منظور، لسان العرب، دار الجيل ودار لسان العرب، بيروت-لبنان، د-ط، 1988، المجلّد الثالث، ص 462.

[5] الزبيدي (محمّد مرتضى)، تاج العروس من جواهر القاموس،  تحقيق مصطفى حجازي، المجلس الوطني للثقافة و الفنون والآداب، مادة "صلح"

[6] الحسني (عبد الكبير)، إشكاليّة المصطلح اللساني الحديث، على الرابط التالي:www. annabaa. org

[7] القاسمي (علي)، المصطلحيّة:علم المصطلح و صناعة المصطلح، على الرابط: www. Atida. org

ويمكن الرجوع إلى كتابه الذي اقتبس منه المقال، وهو بعنوان: علم المصطلح أسسه النظريّة وتطبيقاته العمليّة، مكتبة لبنان:ناشرون، بيروت-لبنان، د-ط، 2008. في الباب الرابع نجد إجابات تفنّد عبارة القائلين بعدم شيوع عبارة "المصطلح"في المتداول العلمي العربي-الإسلامي، و يمكن العودة كذلك إلى مقال:الودغيري (عبد العليّ)، كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب، مجلّة اللسان العربي عـ48ـدد ، سنـ1999ـة، المنظمّة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، مكتب تنسيق التعريب، المغرب-الرباط، ص 9،20.

[8] الكفوي (أبو البقاء)، الكليّات، تحقيق عدنان درويش و محمّد المصري، مؤسّسة الرسالة، بيروت-لبنان، ط2/ 1998، ص 129.

[9] الجرجاني (القاضي علي)، التعريفات، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت-لبنان، د-ط، 1985، ص 44،45.

[10] اللويحق (عبد الرحمن بن معلاّ)، معنى الاصطلاح وأثره في الصراع الحضاري، على الرابط: www. assakina. com

[11] الودغيري (عبد العليّ)، كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب، المرجع السابق، ص 9،20.

[12] الجرجاني (القاضي علي)، التعريفات، ص 44-45

[13] زواقي (سكينة)، إشكاليّة المصطلح والمفهوم في العلوم الإنسانيّة بين التراث والحداثة، الطارف: المركز الجامعي، ص 73.

[14] أبو النجا (محمّد)، حاشية الشيخ محمّد أبو النجا على شرح الشيخ خالد الأزهري على متن الأجروميّة، نقلا عن علي جمعة (محمّد)، المصطلح الأصولي و مشكلة المفاهيم، سلسلة المفاهيم والمصطلحات 2، هيرندن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1996،  ص32.

[15] بن عريبة (راضية)، إشكاليّة صناعة المصطلح اللساني وطرق توليده عند المحدثين، www. univ-chlef. dz/seminaires/seminaires2010/radhiabeariba_2010. pdf

[16] التهانوي (محمّد)، كشّاف اصطلاحات الفنون و العلوم، تحقيق علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون، 1996.

[17] والشرع يأتي وينقل من معناه اللغوي إلى معنى آخر يريده فيصبح للكلمة معنى في اللغة و معنى في الشرع، فالصلاة معناها العطف لغة و جاء الشارع ليجعل معناها أفعال مخصوصة تبدأ بالتكبير و تنتهي بالتسليم لعبادة الله، و العطف الذي هو معناها في اللغة يؤخذ منه الثني فسمي الفرس الثاني في السباق مصلّى، و أخذ منه معنى الدعاء لأنّ الداعي وهو طرف من الأطراف يدعو و ينتظر الإجابة من الطرف الآخر. " انظر :جمعة محمّد (علي)، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم،  ص 14-15.

[18] يطرح الأصوليّون مسألة وهي: هل أنّ الألفاظ الشرعيّة اصطلاح؟ أي هل تعدّ من قبيل المصطلحات. إذا تأمّلنا خريطة الوضع. . .  (نقول): إنّ الوضع يمكن أن يكون لغويّا أو عرفيّا و العرفيّ إمّا عام و إمّا خاص. و بناء على هذا التقسيم، فإنّ الألفاظ الشرعيّة تعدّ من قبيل الاصطلاح العرفي الخاص بالشرع، ومن أجل ذلك نرى في عبارات الكتاب عبارة "وفي عرف الشرع كذا" أي في اصطلاحهم، و لكن لمّا كان الشرع ليس خاصا بطائفة معيّنة من أهل العلوم و الفنون، و كان اصطلاحه هذا يعرفه الكلّ حتى صار شبيها بالعرف العام، فقد قالوا معنى اللفظة لغة كذا، وشرعا كذا، وعرفا كذا، واصطلاحا كذا، ففرّقوا بين الشرعيّة والاصطلاحيّة، و قولهم :لغة و شرعا و عرفا، أي في اللغة و في الشرع و في العرف العام، وفي العرف الخاص، و نرى ذلك مميّزا بين الشرعي والعرفي مثل الخاص و العام الاصطلاحي. ويلخّص الشيخ الباجوري هذه القضيّة في سطور قليلة،  فيقول:تارة يعبّرون بقولهم اصطلاحا، تارة يعبّرون بقولهم شرعا، و الفرق بينهما أنّ الأوّل يكون في أمر المتلقّي من الشارع كمعنى الصلاة، وهي أقوال وأفعال مبتدئة بالتكبير مختتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة. و قد يعبّرون بقولهم شرعا فيما اصطلح عليه الفقهاء من حيث أنّهم حملة الشرع. لمزيد التفصيل انظر:محمّد (علي جمعة)، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم، ص 36 و 37.

[19] لكلمة (مصطلح) استعمالان بمعنيين مختلفين كلاهما جائز بقيوده الخاصة: فهو إما أن يستعمل بمعنى اسم المفعول،  فتكون له شروط اسم المفعول،  وإما أن يستعمل بمعنى المصدر الميمي فيعامل معاملة المصدر،  وفي الأول يحتاج إلى حرف الجر وفي الثاني لا يحتاج؛ لأن كلا من المصدر الميمي واسمي الزمان والمكان التي تشترك في صيغة واحدة لا تحتاج إلى حروف جر تعتمد عليها ولو كانت من أفعال لازمة،  فلذلك نقول: مُنْقَلَب،  وملتقى،  ومنتهى،  ومجتمع،  ومتكأ،  ومنعطف،  ومنتصف،  ومُنْسَكب،  ومُنْصَرف… وهلم جرا. وعلى هذا الاستعمال الثاني يمكنك القول:

أ.  الفعل مصطلح من مصطلحات النحاة (أي اصطلاح من اصطلاحاتهم).

ب.  الصلاة في اللغة الدعاء وفي المصطلح الشرعي عبادة مخصوصة (أي في الاصطلاح الشرعي).

ج.  هذا كشاف بمصطلحات العلوم (أي باصطلاحاتهم).

فحيثما جاز لك وضع كلمة (اصطلاح) مكان كلمة (مصطلح)،  جاز لك استعمال هذه الأخيرة بدون حرف جر، لأنها إذ ذاك تكون قد استعملت استعمال المصدر الميمي،  وهو ذلك الاستعمال الذي وردت به النصوص الكثيرة من أقوال القدماء التي تتبعناها في الفقرات السابقة. أما على الاستعمال الأول حيث يكون لفظ (مصطلح) بمعنى اسم المفعول، فتقول:

د- هذا لفظ مصطلح عليه. كما تقول: هذا رأي متفق عليه. ولا ينبغي أن تقول:

هـ- هذا لفظ مصطلح. كما لا ينبغي لك أن تقول: (هذا رأي متفق) بفتح الفاء،  إلا بعد الإتيان بحرف جر ولو تقديراً كما فعل ابن يعيش والبنَّاني في تخريجهما للفظ (المشترك)،  ذلك أن لفظ (مصطلح) في هذا التركيب الأخير ونحوه لا يتضمن معنى المصدرية إذ لا نستطيع أن نقول: (هذا لفظ اصطلاح)،  وتأتي بهذه الجملة مكان الجملة (هـ)؛ فقد تغير المعنى ولذلك وجب تغيير التركيب.  لمزيد التوسّع انظر: الودغيري(عبد العليّ)، كلمة "المصطلح" بين الصواب و الخطأ، مجلّة اللسان العربي، ص 18 .

[20] Dictionnaire Hachette,le dictionnaire de notre temps 1990,p1488.  terme:limite,fin (dans le temps)le terme de la vie. toucher a son terme:être prés de sa fin. Mener à terme :mener à bonne fin …

[21] جدعان (محمود فهمي)، الأسس اللغويّة لعلم المصطلح،  القاهرة: دار غريب، القاهرة ، د-ت،  ص 11.  وينظر أيضا :

Dictionnaire linguistique de l'école de Prague,J. Vachek –Anvers,1966.

[22] UNISCO,Paris 1987,manuel de terminologie,felber H. p3.

[23] مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي، معجم مفردات علم المصطلح، المادتان 31-32 ، مؤسّسة إيزو، التوصية 1087،  مجلّة اللسان العربي، ع 22، 1983،  ص 201-213. ، بالإمكان النظر في موقعها الإلكتروني لتحميل العدد:

http://www. arabization. org. ma/majalla1. asp

[24] Le Petit Robertm1996.

[25] المسدّي (عبد السلام)،  المصطلح النقدي،  مرجع سبق ذكره،  ص 11.

[26]المرجع السابق، ص 15. وانظر كذلك: علي جمعة (محمّد)، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم،  ص 31

[27] المرجع السابق،  ص 14.

[28] القاسمي (علي)، المرجع السابق، بنفس معطياته التوثيقيّة.

[29] كوريم (سعاد)،  الدراسة المفهومة مقاربة تصوّريّة و منهجيّة، مجلّة إسلاميّة المعرفة، إصدارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، عدد60، السنة 15،  ربيع 1431هـ-2010م، بيروت-لبنان، ص39-40.

[30] راجع في ذلك، الموقع الإلكتروني لمجالس الأصوليين، المقال المتعلّق بـ الحدّ والتعريف عند الفقهاء والأصوليين تأصيلا وتطبيقا  www. osolyon. com/vb/showthread. php?t=5644

[31] كوريم (سعاد)، المرجع السابق، ص 40-41

[32] المسدي (عبد السلام)، المرجع السابق، ص 10.

[33] المرجع السابق، ص 10.

[34] إبراهيم(عبد الله)، الثقافة العربيّة والمرجعيّات المستعارة، تداخل الأنساق و المفاهيم و رهانات العولمة، المركز الثقافي العربي،  بيروت-لبنان، ط1، 1999، ص96.

[35] المسدّي (عبد السلام)، المرجع السابق، ص 13. و يضيف المسدّي في نفس الصفحة ما يلي:و من أشدّ المنبّهات وقعا على اللغة-فضلا عن المكتشفات الطبيعيّة و الابتكارات الحضاريّة فيما يتّصل بمعاش الناس و رفاه الحياة لديهم-العلوم و المعارف إذ تهجم على اللغة و تستثيرها بالمفاهيم المستحدثة فتردّ اللغة الفعل بولادة المصطلحات"

[36] علي جمعة (محمّد)، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم، ص 18-19.  ونضيف في هذه المسألة بعض البيانات بالعلاقة بين المفهوم اللغوي والمفهوم الاصطلاحي: يقف كل باحث موضوعي دقيق عند هذا العنوان لشرح العلاقات المتبادلة وتوضيح المخزون المعجمي المتطوّر في أي قالب اصطلاحي،  وبؤرة الارتكاز الاصطلاحي على الجزء الأكثر أهمية في مفهومه اللغوي،  ذلك أن للمفهوم اللغوي الواسع مشاركة في تنمية اتجاهات متعددة للمصطلح،  تكون محطّ النظر في عهد دون آخر ولناقد دون آخر،  ومن دون الدخول في تلك الخصائص اللغوية للتعرّف على حقائقها العميقة،  يكون التحديد المفهومي للمصطلح مفتقرا إلى التماسك بين عناصره الداخلية، حتى يثير الظن بأنه أخلاط مركّبة من دون نسيج محكم،  أو علاقة جوهرية رابطة،  ومن هذا الفهم كان الدارسون يحدّدون المفهوم اللغوي والمفهوم الاصطلاحي،  ومن ثم يحاولون الإفادة منه في الاعتراض والمعالجة وبيان العلاقات وأنواعها والمنهجية وآثارها،  وعلاقة العلة الاصطلاحية بالمفهوم اللغوي وقصور المعنى اللغوي عن الإحاطة بالأفراد الداخلة تحت المفهوم.  (راجع بقيّة التفاصيل في مقال محمّد ذنون يونس فتحي، مكوّنات المبحث الاصطلاحي النحوي: دراسة و تحليل، على الرابط:www. voicearabic. net

[37] المرجع السابق، ص 14.

[38] المرجع السابق، ص 35.

[39] عيسى الملائكة (جميل)، تقييس المصطلح و توحيده في العالم العربي:المبادئ و الطرائق، مجلّة المجمع العلمي العراقي، م41/ج1 1410هـ-1990م، ص 54.

[40] المسدّي(عبد السلام)، المرجع السابق، ص 14.

[41] علي جمعة (محمّد)، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم، ص 19.

[42] المرجع السابق، ص36.

[43] ، ساجر (جورج)،  نظريّة المفاهيم ترجمة جواد حسني سماعنه ، مجلة اللسان العربي، عدد47،  1999.  www. arabization. org. ma/majalla1. asp

[44] كوريم (سعاد)، الدراسة المفهومة مقاربة تصوّريّة و منهجيّة، مرجع سابق، ص48.

[45] الحسني (عبد الكبير)، إشكاليّة المصطلح اللساني الحديث، معهد الدراسات و الأبحاث للتعريب، الرباط، مقال منشور بمجلّة النبأ المعلوماتيّة،  www. annabaa. org

[46] المسدّي (عبد السلام)، المرجع السابق، ص 29.

[47] راجع في هذا الصدد كلاّ من مقال (كوريم) سعاد، الدراسة المفهوميّة: مقاربة تصوّريّة منهجيّة، مجلّة إسلاميّة المعرفة،  عدد60،  ص51-53، ومقال حللي(عبد الرحمن)، المفاهيم والمصطلحات القرآنيّة:مقاربة منهجيّة، مجلّة إسلاميّة المعرفة، عدد35، السنة 2004، ص 83-87.

[48] إبراهيم(عبد الله)، الثقافة العربيّة و المرجعيّات المستعارة، مرجع سبق ذكره، ص96.

[49] المسدي (عبد السلام)، المرجع السابق، ص 21.  و بالإمكان بيان هذا المأزق المصطنع الذي وقعت فيه ثقافتنا العربيّة الإسلاميّة لا نتيجة فقر اللغة بقدر ما كان جراء فردانيّة الممارسة التي تحياها المؤسّسات ذات الصلة على اعتبار قيامها على مبادرات فرديّة لا فكر إستراتيجي يتجاوز الشخص ليؤسّس لعمل مؤسّساتي، وفي هذا المجال يقول عبد الكبير الحسني في مقاله آنف الذكر:" أن هذه الوضعية التي يعيشها المصطلح اللساني الحديث تعكس بجلاء الارتباك الكبير فيما يخص عملية إحيائه وبوتقته، ولعل التشتت الحاصل في مواقف بعض اللغويين المختصين، وبعض المؤسسات والمجامع تساهم بشكل كبير في تأخير الاستفادة من الفضاء اللغوي الأجنبي، وتعطيل الممارسة اللسانية بمصطلحات وظيفية ومحلية نابعة من صميم لغتنا.  فالأكيد أن هذا التشتت والعجز لا يمكن أن نرده إلى اللغة وإلى نسقها بل أصبح كل واحد منا يدرك أن العربية قادرة أن تولد ما لا يعد ولا يحصى من المصطلحات لو نحن أحسنا التعامل معها، وأحسنا مغازلتها بما يجب من الدقة والاجتهاد، ولا حاجة في القول إن اللغة تبقى قوية وكبيرة بأهلها، وتصغر بصغرهم ومن ثم فإن أحادية التصور وأحادية الدلالة شيئان مختلفان تمام الاختلاف والحال أن المناداة بضرورة تخصيص مقابل واحد لكل مصطلح الشيء الذي قد يعني المناداة بتعطيل مبدأ تعدد المصطلحات في اللغة مثلما يذهب إلى ذلك عبد القادر الفاسي الفهري عندما يقول، معترضا على مبدأ من مبادئ توحيد المصطلح مفاده ضرورة وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد.

المصدر:

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك