الإرهاب في مناهجهم

الإرهاب في مناهجهم

د. نورة السعد

 

العدو الصهيوني لديه إستراتيجية دقيقة جداً وشاملة في كيفية احتلال الأرض الفلسطينية وما حولها، وكيف يعمق شعور الاحتقار والازدراء لكل ما هو عربي!!

 

والمؤسسات التعليمية عنده هي القاعدة الأساسية التي يتولد منها (الإرهاب).. فالقادة الصهاينة يعتبرون المؤسسة التعليمية (خط الدفاع الخلفي والأساس)، ولذا فان الطلبة يلتحقون بالجيش بعد المرحلة الثانوية وقبل الجامعة، كما أن الجيش لديه وحدات تعليمية خاصة بتعليم الجنود.. وما نشر في مجلة المعرفة في عام 1417هـ خلال شهري شوال وذي القعدة عن (التعليم في إسرائيل) خير نموذج لكيفية تأثير هذه المؤسسة ومن الذي يشرف عليها مالياً ودينياً مما يعد (مصنعاً حقيقياً للإرهاب وللحقد وللكره للآخر العربي).

 

فكما تم استعراضه هناك يبدأ التعليم في إسرائيل في سن مبكرة جداً، حيث يلتحق الأطفال في رياض التعليم بداية من سن السنتين!! لمتابعة المناهج الخاصة التي يتم التركيز فيها على تعليم (اللغة العبرية) للأطفال، وتلقينهم المعلومات التاريخية المبسطة لإعداد ذهنية هذا الطفل ليستوعب المناهج التالية في مراحل التعليم اللاحقة حيث تقسم المدارس الإسرائيلية إلى أربع مجموعات:

 

مدارس رسمية يلتحق بها جميع التلاميذ، ومدارس دينية تلقن طلبتها الدراسات اليهودية والطقوس الدينية!! ومدارس درزية عربية، ومدارس توراتية مستقلة يلتحق بها مجموعة من اليهود الصهاينة المتطرفين، والتي تركز بشكل مكثف على دراسة الكتب التوراتية وهي تفصل بين البنين والبنات!!

 

وما بعد المرحلة الثانوية هناك شبكة واسعة النطاق تتيح لخريجي المدارس الثانوية التدريب للتعليم والتربية، والهندسة التطبيقية العملية إضافة إلى العديد من المهارات والمهن الأخرى.. هذا فضلاً عن (المعاهد الدينية) التي يخضع طلابها لدورات دراسية كاملة ومكثفة لتأهيل الخريجين لمكانة الحاخامات!!

 

وكما ذكر في الملف فإن هدفي التعليم في دولة المحتل الصهيوني هما: تدعيم انتماء التلميذ للتاريخ اليهودي القديم، وتدعيم عنصرين رئيسيين في التكوين السيكولوجي الإسرائيلي المعاصر وهما: عنصر التمايز، وعنصر الشعور بالاضطهاد!!

 

وعن القيم التي يتم غرسها في الفرد الصهيوني المحتل عبر المناهج نجد أن أحدهم وهو البروفيسور بارطال قام في عام 1994م بتحليل 124كتاباً مدرسياً صادقت عليها وزارة المعارف والثقافة الإسرائيلية وتدرس في المراحل الثلاث: الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدارس الرسمية والمدارس الدينية اليهودية ومن أبرز النتائج بعد هذه الدراسة يمكن اختصارها في الآتي:

 

- أن اليهودي يظهر كضحية خصوصاً في كتب التاريخ للصفوف العليا.. وتظهر الكتب سلبية وعدوانية شديدة لكل ما هو عربي، وتضع علامات استفهام على مجرد شرعية وجودهم، ويظهر هذا واضحاً في كتب المدارس الابتدائية!! حيث يذكر العرب بأنهم لصوص وقتلة ومشاغبون، وأقل ثقافة وتربية من اليهود!!

 

ويعلق د. عبدالله شحاته الأستاذ بقسم اللغة العبرية بجامعة عين شمس على نوعية المناهج التي تدرس للطلبة اليهود في مدارسهم بأنها: لا يمكن أن توجد (الشخصية السوية)، فالمناهج يغلب عليها (الروح العدائية والاستعلائية) خصوصاً تجاه العرب والفلسطينيين بداية من تعليم الروضة للأطفال الصغار حتى نهاية الدراسات العليا.. ويضرب مثالاً على ذلك بمسألة حسابية وردت في كتاب الرياضيات للصف الثالث الابتدائي التي تقول: (مرَّ ناحال - وهو أحد أفراد الشبيبة اليهودية المحاربة - على خمسة مخربين عرب فقتل اثنين.. كم بقي؟!) وهكذا نجد أن هؤلاء المحتلين يعززون في مناهجهم الحقد والكراهية لكل ما هو عربي وفلسطيني بينما نحن في مجتمعاتنا العربية بدأنا طواعية!! نحذف من مناهجنا كل ما يشير إلى احتلالهم أرض فلسطين، والمسجد الأقصى!! وامتد الأمر إلى حذف آيات القرآن الكريم من كتب الدين التي تشير إلى كيفية التعامل معهم.. وهم في الوقت نفسه يعززون هذا الكره والحقد والكراهية لكل ما هو عربي.. حتى إن حكومة حزب العمل السابقة التي شاركت في دعم هذه المدارس اكتشفت خطورة هذه المناهج على اليهود أنفسهم عندما قام أحد أبناء المدارس اليهودية باغتيال رئيس وزراء الدولة العبرية إسحاق رابين وسط أحد الميادين العامة.

 

ولكن ما هو واقع هناك أن الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة منذ إعلان قيام هذا الكيان المحتل حرصت على أن يكون لها مدارسها الخاصة، كما حرصت على (اللغة العبرية)!! وليس (اللغة الإنجليزية) التي يركض خلفها التابعون!! الذين يجندون أنفسهم منذ فترة على تخليص مناهجنا من القيم الدينية التي يدعون أنها (تحرض على عداء الآخر)!! وليتهم يستفيدون من تجربة هذا المحتل في كيفية غرس وتعزيز (صهيونيته) في المنهج وفي الحياة.

 

وكما يقول جوزيف كلاتزمان وهو من العلماء الفرنسيين اليهود في كتاب له عن (الدروس المستفادة من التجربة الإسرائيلية): "وقد تحمي الصواريخ والطائرات والدبابات الأمن الإسرائيلي في المدى القريب ولكن المدرسة والجامعة تحميانه في المستقبل البعيد"!!.. خذوا الحكمة من أفواه الأعداء!!

 

المصدر  المختار الإسلامي

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك