ضرورة الوحدة الثقافية

ضرورة الوحدة الثقافية

الشيخ محمد أبو زهرة

 

1 ـ انتهينا في مقالنا السابق (أسس الوحدة وعناصرها) إلى أن الوحدة الإسلامية تتكون من عناصر ثلاثة لابد منها لتحقق في أقل صورها، وتلك العناصر قد ذكرناها إجمالا، وهي التوحيد الفكري والنفسي، ومنع التنازع بين الأقاليم الإسلامية اقتصاديا أو سياسيا، بله حربياً، والعنصر الثالث إيجاد أسباب التعارف المستمر بين المسلمين، آحاداً بعد التعارف الجماعي.

 

وإن هذه العناصر لا يغني فيها الاجمال المطلق عن التفصيل النسبي، فلابد من توضيح بقليل من القول لا يخرجنا من الإيجاز إلى الإطناب، فإن الإطناب فيها يحتاج إلى مبسوط القول، والى اشتراك العلماء المتخصصين في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، ولذلك نكتفي بجهد المقل.

 

2 ـ وإن التوحيد الفكري والثقافي والنفسي لا يحتاج إلى إنشاء، ولكنه يحتاج إلى توجيه وجمع، فإن الأصل قائم ثابت، وحيثما اتجهت إلى بلد إسلامي، فإنك تحس بأنس الاتفاق النفسي والفكري، وتجد الفكرة الجامعة قائمة، والأمر الجامع لأساليب الفكر الإسلامي ثابتاً، ولا يوجد بين أهل دين، أو أهل مذهب اقتصادي أو اجتماعي، من تتلاقي أفكارهم حول اتجاه معين لا يحول ولا يزول، كما تجده بين المسلمين، ولقد قدر لي في الندوة الإسلامية الكبرى التي عقدت بلاهور أن ألتقي بالوفود التي نزعت من البلاد الإسلامية على اختلاف الطوائف فيها، فما وجدت نفرة فكرية بيني وبينهم، لا فرق في ذلك بين سني وشيعي، ولا بين صيني وروسي وتركي، وإن كانت نفرة بيننا وبين أحد، فما كانت إلا بيننا وبين زنادقة هذا العصر الذين يتسمون بأسماء إسلامية كهذا الذي ينكر أحكام آيات المواريث، ويدعي أنها وقتية، أو كهذا الذي ينكر النبوة، وغيرهما ممن نبذ المسلمون في المؤتمر كلامهم، كما ينبذ الشَّوَاذُ في صحراء الجاهلية، ولما تصدى بعض الذين اشتركوا في هذه الندوة، فَصَكّ بكلمة الحق آذانهم، وصدع بنصوص الدين بينهم، أحس الجميع بشعور واحد نحوه، ولذا قرروا مجتمعين منع تسجيل بعض هذه الكلمات في سجل المؤتمر.

 

3 ـ وإن السبب في ذلك الاتحاد الفكري لا يحتاج إلا إلى جمع وتوجيه وتنظيم هو وحدة المصدر والاتفاق عليه، والالتفاف حوله، فقد اتفق المسلمون جميعاً على أن الإسلام له مصدر واحد هو نصوصه المحكمة، وهي نصوص القرآن التي لا تقبل تغييراً ولا تبديلا " تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " وأقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا كانت بعض الطوائف تختلف في طريقة روايتها، فإن الأصل الذي يقوم عليه عمود الدين، وفقه الإسلام وأحكامه متفق عليه، وإذا كانوا ينتهون إلى حكم واحد في أصول الإسلام والإقرار بجملة السنة التي تدل على هذه الأصول، فإن الغاية قد اتحدت، وأصل الوحدة الثقافية قد ثبت من غير نكير، ومن غير تعاند وتنابز بالألقاب، وإذا كانت أنواع من الجدل قد وقعت وما زالت تقع، فذلك لا يضير في شيء، وهو أحياناً من ضيق الفكر، لا من اختلاف الثقافة، كما كنا نرى في صدر حياتنا من ملاحاة فكرية بين الشافعية والحنفية. ومن عمق الفكر أحيانا كما يسجل التاريخ الفقهي من مناظرات بين أهل هذين الجليلين ببلاد ما وراء النهر في القرنين الرابع والخامس، تلك المناظرات التي كانت محمودة العاقبة منتجة مثمرة، لأنها قد ترتب عليها تأييد الفروع بكلا المذهبين بالأقيسة العميقة، وتنقيح الروايات في الأخبار المؤيدة، وفي هذا المعترك قبس كل مذهب من الآخر.

 

4 ـ إن هذه حقيقة ثابتة لا مجال للريب فيها، وهي وجود نواة الوحدة الفكرية والثقافية والنفسية في كل البلاد الإسلامية مهما تختلف فها الطوائف والمذاهب، ولكن الأمر الذي نريده هو توجيه هذه الوحدة والعمل على إنمائها، وإيجاد مجتمع فكري موحد يبني دعائم الإسلام، ويقف محاجزاً دون النزعات المنحرفة التي تتغلغل في صفوفه، وتلقي بالريب في حقائقه، ويكشف زيغ أولئك الذين اصطنعهم أعداء الإسلام ليحلوا عراه، ويلقوا بالشك في أفئدة أهله.

 

ونريد مع هذا جمع تراث الماضين، لا فرق في ذلك بين التراث الذي تركه السابقون من الشيعة، والتراث الذي تركه أئمة الأمصار ذوو المذاهب المعروفة وغير المعروفة، فكل ذلك تراث السابقين، وثمرات غرس الموحدين، فهو تراثنا جميعاً، لا فرق بين سني وغير سني.

 

وقد يقول قائل إن في بعض هذا المأثور ما يتجافى عن بعض المقررات الثابتة التي تعد من أصول الإسلام، فنقول إن إعلانها يقلل بلا شك من عدد الذين يرددونها، بل إن السبيل الوحيد لمنع الناس من الأخذ بها هو كشفها، وإن على المؤمنين مجتمعين أن يهدوا الضال لا أن يتركوه في غياهبه يعمه، وإن هؤلاء الذين لم يصطنعهم أجنبي فيهم أصل الإخلاص ثابت، وهم طلاب للحق قد أخطئوا سبيله، فعلينا أن نهديهم طريق الصواب، ولقد قال الإمام علي كرم الله وجهه: " ليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأصابه ".

 

ومهما يكن في بعض الآراء من مخالفة للمعقول أو لبعض المنقول، فإنها مما خلفه السابقون، وهو من التركة التي نقوم عليها، ولا تهمل التركة إذا كان فيها بعض الزيوف، بل يجب أن نفحصها فحص الصيرفي ليستبين زيفها ويبهرج، ويحفظ جيدها وينمى.

 

5 ـ وإننا بهذه الدراسة للتركة المثرية من غير محاولة للتمييز بين طائفة وطائفة، نتجه إلى أمور ثلاثة:

 

أولها: وصل ماضي هذه الأمة بحاضرها، فإن كل حضارة لها إطار من الأفكار والمورثات تصل ما بين الحاضر والغابر، وإن تقدم الأمة دائماً يجب أن يكون متصلا بصدر تاريخها، كما قال السيد جمال الدين الأفغاني حكيم الإسلام، وأول داع إلى الوحدة الإسلامية في العصر الأخير، وباعث الوعي الفكري في كل بقاع الإسلام.

 

وثانيها: ألا يكون العالم الإسلامي منحازاً في جانب من جوانبه، لا يحاول أن يتجه إلى الجانب الآخر، ولا أ ن يتعرف ما فيه، فتلك عصبية مذهبية، أو طائفية تلتقي مع العصبية الجاهلية في نتائجها وثمراتها، وإن خالفتها في منبعها وأسبابها، فتلك نعرة جنسية نسبية، وهذه انحراف فكري وتعصب مذهبي.

 

وثالثها: أن تتقارب الطوائف الإسلامية، فإن دراسة التراث الإسلامي ككل لا يقبل التجزئة بحيث تدرس كل طائفة ما عند الأخرى ـ يقرب ما بين الطوائف ويزيل تلك النفرة غير الطبيعية التي خلفتها بعض القرون في ماضي الإسلام، وإننا بهذا يتحقق لنا الغرض المقصود، وهو محو الطائفية في الإسلام، أو تقريب ما بين الطوائف بحيث تكون خلافا مذهبياً، كالخلاف الذي بين المالكية والحنابلة، ونحن ندرس بعض آراء الإمامية على أساس أنه مذهب كالمذاهب التي ندرسها.

 

6 ـ وإن محو الفروق الطائفية يجب أن يكون غاية مقصودة، ذلك لأن أسباب الخلاف قد زالت، ومن الخطأ أن نتمسك بالاختلاف الطائفي مع زوال أسبابه، وكيف يكون بيننا تنافر فكري بسبب أن علياً أفضل من أبي بكر وعمر، أو أنهما أفضل منه، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ومعاذ الله أن يكون أولئك الأبرار كان فيهم من ارتكب خطيئة أو إثماً ضد الإسلام، ولقد سئل الشافعي مرة عن أهل صفين فقال: واقعة قد كفاني الله شهودها، فلماذا لا أبرئ لساني من الخوض في أهلها، ولأن الخلاف الطائفي الآن يشبه أن يكون نزعة عنصرية، ولأن الذين يريدون الكيد للإسلام يتخذون من الخلاف بين الطوائف منفذا ينفذون منه إلى الوحدة الإسلامية، فيجب أن نسد عليهم هذا المنفذ، ولأن وحدة أهل الإسلام توجب وحدة الشعور، والطائفية لا تتحقق معها وحدة الشعور، وقد جربنا في الماضي أن الطائفية مكنت لأعداء الإسلام، ويجب أن يكون في الماضي عبر للحاضر، ونور يضيئه.

 

ولأن الطائفية في الإسلام ليس الأساس فيها متصلا بالاعتقاد، أو في الأصول التي يجتمع عليها أهل القبلة، بل جلها في مسائل ليست من اللب، ولو ادعى بعض الطوائف أنها من اللب.

 

لهذه الاعتبارات نقرر أن الطوائف الإسلامية يجب أن تتفق، وتتلاقي على محبة من الله ورضاه، وتحت ظل كتاب الله تعالى، والسنة الصحيحة، والمقررات الإسلامية التي علمت من الدين بالضرورة، ولا مانع من أن تختلف، ولكن يكون اختلاف آحاد في منازع فكرية، لا افتراق فيها، ولا يكون اختلاف جماعات وطوائف تفرق ويجعل الأمة الإسلامية قطعاً متنابذة متدابرة متنافرة.

 

7 ـ ولسنا نقصد بمحو الطائفية محو المذهبية، وإدماج المذاهب الإسلامية في مذهب، فإن ذلك لا يصح ولن يكون عملا ذا فائدة، لأن إدماج المذاهب في مذهب ليس عملا علمياً يحمد عند العلماء، فإن كل مذهب مجموعة من المعلومات أقيمت على مناهج تتجه في مجموعها إلى النصوص الإسلامية والبناء عليها، وهو ثمرات جهود لأكابر العلماء في هذا المذهب، وكل إدماج فيه إفناء، وليس من المصلحة العلمية في شيء إفناء تلك الجهود الفكرية التي قامت في ظل القرآن والسنة والصحيحة الثابتة، بل يجب أن تكون كل الجهود قائمة على أصولها، يرجع إليها، ويختار منها عند العمل أصلحها للبقاء، أو أكثرها ملاءمة للأزمان، أو أقواها اتصالا بالقرآن، مع بقاء المصدر في موضعه يرجع إليه.

 

وفوق ذلك فإن المذاهب الإسلامية تراث علمي هو للجميع لا لطائفة من الطوائف، ومن المصلحة العلمية الاستحفاظ عليه، وبقاؤه تراثاً خالداً، وإن الأمم الأوربية على اختلاف قوانينها تدرس القانون الروماني والمذاهب القديمة في الشرائع لأنها ثقافة لابد منها، فكيف نفكر في إلغاء جزء من ثقافتنا العالية التي أثرت في القرون الماضية، وحملت معها صور التفكير في تلك القرون.

 

هذا وإن إدماج المذاهب بعضها في بعض فوق أنه لا يصح أن يكون غاية هو أمر لا ينال، إذ أن أساس الإدماج هو الاتفاق على مذهب واحد، وإن الاتفاق في الفروع الفقهية كلها على رأي واحد أمر غير ممكن، بل هو من قبيل المستحيل، فإننا إذا خلصنا الفقهاء من التعصب المذهبي ـ وذلك شرط أساسي وهو بعيد الوقوع ـ لا يمكن أن نقرر اتفاق منازعهم الفكرية وبيئاتهم الاجتماعية.

 

8 ـ وهنا يثور اعتراض يبدو بادئ الرأي وجيها، وهو كيف يمكن محو الطائفية، وبقاء المذاهب التي تحملها هذه الطوائف، ونحن في الجواب عن ذلك نقول: إن المذهب ليس ملازماً للطائفة لا يتصور من غير وجودها، فإن الطائفة جماعة تتجمع حول مذهب تعتنقه وتدعو إليه، وتعتبر كل جماعة لا تعتنقه ليست منها، أما ا لمذهب فمجموعة علمية تبقى حافظة كيانها ثابتة، لأنها تراث فكري، وهو بطبيعة أنه أمر معنوي ينفصل عن الجماعة التي تعتنقه، فإذا دعونا إلى محو الطائفية فمعنى ذلك ألا تكون تلك الجماعة التي تتحيز في موضع من الأرض بعنوان طائفي، وتعتبر نفسها موجوداً منفصلا عن غيره من المسلمين بما تتجه إليه، والمذهب باق يعتنقه من يشاء، ويتمذهب به من يريد، يختاره كله مذهباً له، أو يختار بعضا منه، وإن ذلك ينمى المذهب ويحييه، فإن انحيازه في طائفة معينة قد يكون حجابا يمنع غيرها من أن يدرك ما في هذا المذهب من آراء صالحة ذات فائدة خاصة، أو ذات دليل أقوى، أو أقرب ملاءمة للناس من غير مخالفة للنصوص، ولا إهمال لها، ولا مخالفة للمقررات الشرعية الثابتة التي لا يصح لمسلم أن يخالفها.

 

9 ـ وإنه من الحق علينا في هذا المقام أن نقرر أن مصر في الأحوال الشخصية قد أخذت من المذاهب الإسلامية المختلفة، وقد تحللت من التقيد بمذهب أبي حنيفة، بل أخذت من مذاهب الطوائف، مجتازة كل الحجز، غير ملتفتة للمنزع الطائفي، فقد أخذت أحكام الطلاق المعلق، والطلاق المقترن بالعدد لفظا أو إشارة وكونه لا يقع إلا واحدة، أخذت هذا من الإمامية، أي من مذهب الإمام جعفر الصادق، نعم إنها صرحت بأنه أخذته من آراء ابن تيمية وفتاواه، ولكن ابن تيمية صرح بأنه أخذ ذلك من مذهب آل البيت.

 

وأخذت بتأخير ميراث ولاء العتاقة عن ميراث الأقارب جميعاً، والزوجين من مذهب الجعفرية وهو يسميه: ولاء النعمة.

 

وأخذت إجازة الوصية لوارث من مذهب الإمام جعفر الصادق أيضا. وأخذت مبدأ الواجبة من الظاهرية كما دونها الإمام ابن حزم الأندلسي.

 

وإننا ندعو إلى الأخذ في العول في الميراث ـ وهو زيادة عدد السهام عن أصل المسألة أي عن الواحد الصحيح ـ بمذهب الإمام جعفر الصادق، الذي يقرر أنه ينقص من أصحاب الفروض من النساء ما كان ينقص لو كان معهن ذكر، فلا تأخذ عند زيادة السهام أكثر مما كانت تأخذه هي ومن يعصبها (1)، ولقد دعونا إلى ذلك الرأي في دروسنا، وهو يمنع الشذوذ في كثير من المسائل.

 

وإن إنهاء الوقف عند التخرب أو الضآلة في الأنصبة كما جاء في المادة ـ 18 ـ من القانون رقم 48 لسنة 1946 مأخوذ من مذهب الإمامية أيضا الذي هو مذهب الإمام جعفر الصادق.

 

وإن تمليك الوقف الأهلي عند إلغائه للمستحقين وقت الإلغاء مبني في شطر منه على المذهب الجعفري.

 

ونرى من هذا أن مصر خطت خطوة واسعة في فتح الباب، واخترقت الحجزات الطائفية لتصل إلى المذهب في ذاته، وإن كنا قد خالفناها في بعض ما أخذت، فقد خالفناها في إجازة الوصية لوارث، وقد قررنا أنه روى عن الإمام جعفر الصادق أنه لم يجزها.

 

10 ـ وإن المسلمين لأجل توحيد الثقافة الإسلامية وتوجيهها يحتاجون إلى جامعة تعمل على تنظيمها وتنميتها وتقريبها، والأخذ بالصالح لهذه الحياة من كل مذهب ما دام لا يخالف أصلا قطعياً أو ظنياً من أصول الإسلام الثابتة، وإن هذه الجامعة تتألف من كل الأقاليم الإسلامية في شتى الأرض، وتمثل مؤقتا الطوائف الإسلامية، أو نقول تمثل المذاهب الإسلامية بدل أني قال إنها تمثل الطوائف، ولنبادر من الآن بمحو كلمة الطوائف من قاموس تلك الوحدة المقدسة، فإنها بقية من بقايا التفريق.

 

وإن هذه الجامعة التي تمثل المسلمين أقاليم ومذاهب تكون أشبه بمجمع علمي أو معهد إسلامي يسهل دراسة المذاهب كلها، ويعمل على نشر الإسلام بين غير المسلمين بكتابة البحوث التي تبين حقائق الإسلام، وتترجم هذه البحوث إلى اللغات الأوربية وغير الأوربية، ويعمل ذلك المجمع على تثقيف المسلمين الذين يسكنون في أطراف إندونيسيا لا يعرفون أحكام الزواج في الإسلام، حتى إن المسلمة تتزوج البوذي، وهي لا تعلم أنه حرام عليها أن تتزوج غير مسلم، وبعضهم يتزوج الوثنية، وهو لا يعلم تحريمها، كما قال تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " وإن من حق هؤلاء على علماء المؤمنين أن يعلموهم، ونحن جميعاً مسئولون عن جهلهم، وهم دوننا في هذه المسئولية، لقد قال علي كرم الله وجهه: " لا يسأل الجهلاء لِمَ لمْ يتعلموا، حتى يسأل العلماء لِمَ لمْ يعلموا ".

 

وإن ذلك المجمع، أو ذلك المعهد، يدرس المسائل الدينية التي يبتلي بها المسلمون في كل بقاع الأرض، ويصدر في كل مسألة رأيا جماعياً، يتكون من الكثرة، وحكمه ماض، حتى يجد ما يوجب تغييره.

 

يدرس النظم الاقتصادية التي توسد العصر الحاضر، ويبين حكم الإسلام من غير تحريف ولا تخريج للنصوص في غير ما تدل عليه، أو تأويلها وهي ظاهرة بينة، فإن لم يجد بها بأساً أقرها، وإن لم يجد فيها أمراً حلالا كلف الاقتصاديين وأهل الذكر في علوم الدنيا، أن يقيموا نظاماً يتفق مع الحقائق الإسلامية المقررة الثابتة، ويتولى تنظيم الانتقال من هذا الاقتصاد المحرم إلى الاقتصاد السليم المباح الذي لا يختلف عن نصوص القرآن وما أجمع عليه فقهاء الأمة سلفاً وخلفاً.

 

وإن هذا المجمع يختار مكاناً يتخذه مستقراً له، وينعقد فيه كل عام أربع مرات على الأقل، وتكون له لجان فنية مختلفة، ولجان تتبعه في كل بلد إسلامي مشهور يكون حلقة الاتصال والتعارف بينه وبين مختلف الأقاليم.

 

وإن تأليف هذا المجمع ليس أمراً نبتدعه، بل قد جاء به النص القرآني آمراً محذراً من المخالفة، فقال سبحانه: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك لهم عذاب عظيم " وقانا الله شر عذابه، وجمعنا على طاعته ومحبته.

 

المصدر: موقع إسلام أون لاين

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك