حوار مع الشيخ الأستاذ الدكتور عبد القادر الكتاني حول: التشدد والتطرف والإرهاب

حوار مع الشيخ الأستاذ الدكتور عبد القادر الكتاني حول: التشدد والتطرف والإرهاب

سأل عن رأيه بأسباب التشدد والتطرف والإرهاب ووسائل التخلص منهما فكان هذا الحوار:
س 1- ما هو برأي فضيلتكم أسباب التشدد والتطرف والإرهاب.
لا يخفى على الباحث والمهتم بالقضايا العامة أن ظاهرة التعصب والتشدد التي قد تتحول إرهاباً يمكن تشبيهها بالكائن الحي فهي تحتاج لعدة عوامل لإنجاح استنباتها وتكاثرها فإذا اعتبرنا أساس هذه الظاهرة نبتة وهي متوفرة في أغلب المجتمعات في العالم كله عموماً ودول العالم الثالث خصوصاً, هذه النبتة تحتاج أول ما تحتاج لتربة تحتضنها لتنمو بها, وهي بحاجة أيضا للماء لتحيا به وللسماد لتنمو وتترعرع, هذه هي مراحل نمو هذه النبتة وتكاثرها, ولنتمكن من فهم الموضوع بصورة أوضح, لا بد من وضع النقاط على الحروف وبيان ما نعنيه بهذا التشبيه, فنحن نرى أن التربة الحاضنة للتشدد والإرهاب هي الفقر والجهل والتخلف , والمياه التي تحيا بها والسماد الذي تترعرع به, هو الظلم بكل أشكاله وألوانه سواء كان داخلياً أم خارجياً, وفقدان العدالة الاجتماعية وخصوصا ظلم المستعمرين وطغيانهم واغتصابهم للأرض ومصادرتهم لحقوق الإنسان, مما يؤدي لزيادة حقد الشعوب وزيادة عدد المتشددين وعدتهم وزيادة الشرائح الشعبية المؤيدة لهم, وكلما تنوعت وازدادت مظاهر الاحتلال والإذلال كما يجري الآن في عدد من نقاط التوتر في العالم وعلى رأسها الإجرام الإسرائيلي الأمريكي والغربي عموماً في كل من فلسطين المغتصبة والعراق وأفغانستان, كلما ازدادت تيارات التشدد والتطرف والتعصب وانتقلت شرائح من التيارات المعتدلة لتدخل وترفد هذه التيارات المتشددة, وذلك كرد فعل طبيعي على ما يرونه من جرائم ومصائب ترتكب بحق إخوانهم وذويهم وأمام أعينهم وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع, الذي باع ضميره للشيطان الأكبر ووقف مكتوف الأيدي يتفرج عبر الشاشات الفضائية على الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب المستضعفة والمغلوب على أمرها في العالم كله وعلى رأسها الشعبين الفلسطيني والعراقي, وبرأيي أنه لن يهدأ للعالم جفن طالما بقيت الأوطان محتلة والحقوق مغتصبة والشعوب مشردة من أوطانها.
س2 - ما هو برأي فضيلتكم الطريق الأمثل لمكافحة تيارات التعصب والتطرف التي قد تتحول إرهابا.
أنا أرى أنه بمعرفة وتشخيص الداء يمكن وصف الدواء وطالما أننا ذكرنا سابقا مظاهر الداء المتمثلة بشتى أنواع الظلم السياسي والاجتماعي وخصوصا الظلم والإجرام الإسرائيلي الأميركي في كل من العراق وفلسطين واغتصاب ومصادرة حقوق الشعوب المستضعفة وعلى رأسها الشعوب العربية الإسلامية بواسطة القوى الاستعمارية الجديدة التي تتحرك تحت ذريعة نشر الديمقراطية على الطريقة الغربية والتعامل مع هذه القضايا وتلك الدول بازدواجية عجيبة, إذ تتمنى كل الشعوب أن تكون حكوماتها نابعة منها مهتمة بقضاياها المصيرية وتحقق مصالحها الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية وتؤكد على هويتها الوطنية, إلا أن القوى العظمى وعلى رأسها أمريكا لا تمنح رضاها وبركاتها إلا للأنظمة التي تنصاع لرغباتها وأوامرها ولو على حساب مصالح شعوبها, إذ وعلى الرغم من صفاء الشعوب الإسلامية وأخلاقياتها التي ظهرت بأجلى صورها عندما أدانت كل الأنظمة وغالبية الشعوب العربية والإسلامية ما وقع في أمريكا من أحداث في أيلول 2001 وكانت هذه الشعوب لا تتعاطف إطلاقاً مع طالبان ولا القاعدة لاختلافات عقائدية ومذهبية مهمة بينها وبين غالبية هذه الشعوب, ووقف العالم كله ينتظر أن تكذب الإدارة الأميركية دعوى المتطرفين وتؤكد للشعوب الإسلامية بأن حربها ليست ضد الإسلام والمسلمين بل ضد الإرهاب والظلم وانتظر المظلومون والمغتصبة أراضيهم في فلسطين أن ينصفوا وتعاد إليهم حقوقهم، وتطبق بحقهم القرارات الدولية التي وافقت عليها الأمم المتحدة ومجلس الأمن (ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب) أو على الأقل أن يتوقف الدعم الأمريكي الغربي اللامتناهي للكيان الغاصب, نعم لقد وقف العالم الإسلامي كله ينتظر أن تكذب أمريكا دعوى القاعدة بأنها حرب صليبية ليقف إلى جانب بقية دول العالم في مكافحة الإرهاب الحقيقي إلا أنه فوجئ بواشنطن تزداد غيّاً وجبروتا وتدعم الإرهاب الأعظم إرهاب الدولة الصهيونية الإجرامي.
.. بالله عليكم هل يقارن إرهاب القصف بالدبابات والطائرات والأسلحة الأمريكية لمدن كاملة والذي تقوم به الدول العملاقة العضو في الأمم المتحدة والموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان,واتفاقيات معاملة المدنيين أثناء الحرب, بإرهاب شابٍ فضل الموت على الحياة جراء ما يلقاه هو وأسرته وشعبه من اغتصاب وتحقير وإذلال.
بالله عليكم يا أدعياء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم ... هل فكرتم يوماً ما الذي يدفع الفتى أو الفتاة وهم بريعان الصبا ليقدموا حياتهم في سبيل الله ثمناً لحرية أُسرهم وأوطانهم، لو لم يكن الإذلال والتحقير والإجرام الذي يتعرضون له هم وذويهم ومواطنيهم مما يجعلهم يفضلون الموت على الحياة في عمليات لم تشهد البشرية مثيلا لها,
لقد أدخلتم المنطقة والعالم كله في حلقة مفرغة لا أمل في الخروج منها إذا لم تتداركوا الأمر وتنصاعوا للمنطق والحق والعدل، وها أنتم تطالبون شعوب المنطقة بممارسة الديمقراطية الغربية وعندما تفوز في الانتخابات الفرق والأحزاب التي لا تروق لكم ولا تأتمر بأمركم كحركة حماس تحاربونها وتحاصرون الشعب الذي انتخبها تحت سمعكم وأبصاركم لأنها لا تتقيد بتعليماتكم ولا تنصاع لأوامركم بل تنصاع لرغبات شعبها الذي استأمنها على مستقبله.
وأعود هنا لأؤكد على أنه وما لم تتدارك القوى الغاشمة الأمر وتعود عن غيها وإجرامها وما لم تتعاون الدول والشعوب العربية والإسلامية مع الدول الأخرى بالحرب على التطرف والظلم الداخلي والخارجي والإرهاب الحقيقي فلا يمكن بحال من الأحوال إيقافه أو الحد من تصاعده وانتشاره ولا يمكن أن تتعاون الحكومات الشريفة و الشعوب ( قد تتعاون بعض الأنظمة مما يساهم في زيادة التشدد والتطرف لدى شعوبها ) ما لم تشعر هذه الشعوب بزوال الظلم والاضطهاد والاحتلال والقهر عنها وعن إخوانها وذلك بتحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقة والعالم , السلام المبني على إعادة الحقوق لأصحابها لا المبني على الخرافات التوراتية المزورة وما لم يتم ذلك فسيبقى العالم كله يدور في حلقة مفرغة من ظلم الدول كفعل والتطرف والإرهاب كرد فعل عليه.
إن أي تأخير في تحقيق العدل والإنصاف بحق الشعوب المستضعفة سيؤدي لزيادة شعبية المتشددين والمتطرفين وتحولهم إلى إرهابيين يحققون انتصارات ساحقة يصعب السيطرة عليهم وعليها مما قد يؤدي لأن تعم الفوضى العالم أجمع, يبقى علينا واجب ديني وأخلاقي تجاه شعوبنا ومجتمعاتنا وشبابنا وهو إبلاغهم:
- أن اللجوء للعنف لا يجوز بحال من الأحوال تجاه شعوبنا وإخواننا وأوطاننا,
- وأن الدعوة للإسلام هي دعوة فكرية حضارية حوارية مبنية على الإقناع والحوار دون إلزام أو إكراه عملا بقوله تعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) وقوله عز وجل (وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) .
- وأن الإسلام من أوائل التشريعات التي دعت لاحترام حقوق الإنسان كافة والأدلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتقون ) وقوله ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)
- وأن الجهاد في الإسلام قد فرض لرد الظلم ومحاربة المستعمرين المعتدين والغاصبين لأرضنا وحقوقنا عملا بقوله تعالى (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) , لا لتصدير الدين أو فرضه على الآخرين,
- وأن الإسلام لا يقبل الظلم ولا يقره عملا بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وقوله (الظلم ظلمات يوم القيامة) والإسلام يدعو أتباعه لدفع الظلم والاستعباد والاستعمار عنهم بأي وسيلة شرعية كانت بما فيها القتال دون المساس بالمدنيين الأبرياء الغير مقاتلين لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا امرأة ولا وليدا ) ما عدا من ساهم منهم في القتال والاحتلال أو اغتصاب الحقوق والأوطان وظلم العباد ودمار البلاد.
- لذلك كله ينبغي علينا التركيز على إيضاح مواقفنا المحبة للسلام والعدل والإنصاف وأننا نرى أن الصراع الدولي الحالي هو صراع مصالح مادية واستعمارية لا صراع حضارات أو أديان كما يدعي بعض البسطاء والجهلة.
المصدر:
http://thawabitarabiya.com/old_site/modules.php?name=News&file=article&s...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك