من ثقافة السلطة إلي سلطة الثقافة

من ثقافة السلطة إلي سلطة الثقافة

(التجسير) يقلّل من مضار السلطة ويزيد من منافع المعارضة ويردم الفجوات بين شرائح المجتمع

حسن حنفي

موضوع (المثقف والسلطة) موضوع شائع. تم التطرق إليه في رسائل جامعية ومؤلفات علمية ومقالات اجتهادية عدة. وعقدت له مؤتمرات وندوات عربية ودولية. وشاعت فيه الأحكام النمطية. ومن الصعب التطرق إليه من جديد من دون تكرار ما هو معروف من أنماط العلاقات بين المثقف والسلطة. ومع ذلك إنه لشرف للمثقفين أن يذكروا أنفسهم برسالتهم، وأن يوقظوا ضمائرهم لأهم الأخطار التي يتعرضون لها في حياتهم ألا وهو إغراء السلطة ومجاورة السلطان. وكما حرم بعض نقد حتي بغلة السلطان كفر أبو موسي المردار شيخ المعتزلة كل من جالس السلطان.

 

ولا تبرز هذه القضية إلا في المجتمعات النامية والتي تحتاج أنظمتها السياسية إلي نوع من الشرعية عن طريق التبرير الأيديولوجي لها نظراً لأن الشرعية الدستورية تنقصها إثر انقلاب عسكري أو نظام ملكي أو حكم تسلطي يعتمد علي الطبقة أو نظام قبلي عشائري، طالما أن السلطة السياسية غير مستمدة من الشعب عن طريق الانتخاب الحر المباشر دون تزييف أو تلاعب بنتائج الانتخابات ودون قهر أو تخويف للمرشحين من أجل ضمان نتيجة شبه إجماعية علي الرئيس الأوحد والمرشح الواحد مدي الحياة أو علي نواب الحزب الحاكم الذي يجري الانتخابات وهو في السلطة وفي كنف الدولة التي بيدها أجهزة الإعلام والأمن.

 

هنا تنشأ الحاجة إلي ثقافة السلطة من أجل إقناع الناس بشرعيتها واختياراتها السياسية. وهي ثقافة تابعة للسلطة. تدور في فلكها حتي ولو غيرت السلطة اختياراتها من النقيض إلي النقيض، من مقاومة العدو إلي الصلح معه، من الحرب إلي السلام، من مناهضة الاستعمار إلي التحالف معه، ومن الاشتراكية كحل حتمي إلي الرأسمالية كضرورة اقتصادية، ومن القومية العربية إلي القطرية. وغالباً ما يتم ذلك بالرجال نفسهم. فالمثقف مهمته التبرير وليس التفكير، الدفاع وليس التحليل، المهنة وليس الرسالة، الوظيفة وليس القضية.

 

ولا يختلف في ذلك المثقف العلماني عن رجل الدين. الأول يبرر اعتماداً علي النظريات السياسية المدنية، والثاني يبرر اعتماداً علي الموروث الديني القديم. لذلك تحالف رجال السياسة ورجال الدين عبر العصور، وتفاوتت السلطتان السياسية والدينية علي حكم الشعوب. وكان أحد أسباب التحرر الفصل بين السلطتين، بين الكنيسـة والدولة، في بدايات العصور الحديثة في الغرب.

 

ويمكن معرفة ذلك اعتماداً علي التجارب الحية الفردية والاجتماعية، (اعرف نفسك بنفسك) كما قال سقراط، و(في داخلك أيها الإنسان تكمن الحقيقة) كما قال أوغسطين وكما يستشهد بها هوسرل في التأمل الخامس في (تأملات ديكارتية). وهو اختيار القرآن الكريم (وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق). فالاعتماد علي رؤية ما يحدث في العالم الخارجي وفي النفس هو الاستبطان الذي يتحول فيه الخارج إلي الداخل، والمكان إلي زمان، والواقع إلي ماهية (1).

 

* المثقف وعلاقته بالسلطة :

 

2 ــ والمثقف في علاقته بالسلطة علي ثلاثة أنواع. الأول الموظف الأيديولوجي التابع للسلطة والمبرر لقراراتها أياً كانت. يستعمل علمه وثقافته وأسلوبه وقدراته في تزيين قرارات السلطة بطرق جدلية، الدفاع عن القرار والهجوم علي الخصوم كما يفعل رجل الدين في الدفاع عن العقيدة والهجوم علي خصومها. وقد يستعمل طرقاً سوفسطائية، قلب الحق باطلاً والباطل حقاً مادام الهدف هو إقناع الناس، والتسليم بما يقول، والخضوع للسلطان. الحقيقة هو مدي إقناع الناس بها كما هو الحال في الإعلام حتي ولو لم يقتنع بها المبرر نفسه. فالوجود يقوم علي العدم يثبته الإيهام والكذب والإقناع بالباطل والنفاق والازدواجية كما حلل سارتر في (الوجود والعدم) وكما حلل هيدجر ظاهرة (الرغي) في (الوجود والزمان).

 

والثاني الشهيد، المناهض للسلطة، المعارض لقراراتها، الناقد لسياستها، الرافض لاختياراتها بالقول وبالفعل. ويتم ذلك من خلال القنوات الشرعية وصحف المعارضة والجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية والاتحادات الطلابية والنقابات العمالية والمهنية كالمحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين ونوادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعات. وهي محدودة الأثر ليس لها وسائل الاتصال الجماهيرية العامة. وهي مهددة دائماً بالحصار والحل والمنع. صحف المعارضة تطبع في دور الحكومة، قليلة التوزيع، مثقلة بالديون. همها أن تكون المعارضة بديلاً عن السلطة القائمة بالفكر نفسه وطرق الممارسة وإن اختلفت في الظاهر. المعارضة في الحكم تسلطية أحادية الطرف لا تسمح بالمعارضة كما تفعل السلطة.

 

وقد يتم ذلك بطرق غير شرعية عن طريق التنظيمات السرية، والنشرات والمطبوعات والكتيبات والمنشورات تحت الأرض، وهو طريق مسدود لأن عيون الدولـة في كل مكان، وأجهزة الأمن لا تخفي عليها خافية. وهي في الغالب مخترقة أو يتم التعرف عليها إذا ما اعترف أحد أعضائها بسبب أهوال التعذيب. وهي عاجزة عن تغيير نظام الحكم بالقوة إلا إذا تبناها الجيش. والجيش جزء من النظام، لا يتدخل في السياسة. والهبات الشعبية وقتية، مثل هبات الخبز أو المظاهرات المؤيدة للانتفاضة والمعارضة للعدوان الأمريكي علي شعب العراق سرعان ما تعود إلي سابق عهدها من استكانة وركود.

 

والثالث الجسر بين السلطة والمعارضة فيما عرف أخيراً بنظرية (التجسير) من أجل الإقلال من مضار السلطة والزيادة في منافع المعارضة، وتقليل الفجوة بين السلطة والمعارضة من أجل استتباب النظام وإطالة أمده. الحوار الوطني هو الطريق، والتعددية الفكرية والسياسية هي المنطلق. تصبح السلطة أكثر ديموقراطية باستماعها إلي آراء المعارضة. وتصبح المعارضة أكثر اقتراباً من السلطة والتأثير فيها. هو الطريق الثالث بين السلطة التي تقمع المعارضة، والمعارضة التي تريد اقتلاع السلطة.

 

وإن كان التجسير ممكناً بالفعل، وأقرب إلي الحل العملي لتحقيق السلم الاجتماعي ونزع الفتيل من الصدام بين السلطة والمعارضة الذي قد يصل إلي حد القتال المسلح كمـا هو الحال في الجزائر والسودان بشكل علني جهري وفي مصر وتونس وليبيا والمغرب والعراق بشكل مكبوت ضمني. هي طريقة شد الحبل بين السلطة والمعارضة، وجولات الحرب، بلا غالب أو مغلوب كما هو الحال في اليمن والكويت والأردن. وتظل التجربة اللبنانية فريدة في نوعها حيث تقوم المعارضة بدولة داخل الدولة، وتمارس سلطة الدول في الدفاع وتحرير الأرض وتنظيم الخدمات الاجتماعية.

 

ولا يوجد ضامن لئلا يتحول التجسير بين السلطة والمعارضة إلي نوع من الانتهازية. فالمثقف يستفيد من الفريقين. يستفيد من السلطة المنصب والتأييد والمنبر والإعلام والأمان وبعض هامش الحرية والمناورة وربما بعض الربح من أهل الحظوة. ويستفيد من المعارضة احترامها وتقديرها. فهو لسان حالها والمعبر عن مطالبها والمطالب بشرعيتها. فهو أشبه بالملونين بين البيض والسود. وهو ليس غريباً علي الطبقة المتوسطة، البرجوازية الانتهازية بطبيعة تكوينها وممارساتها.

 

* المثقف والسلطة :

 

ومهما بلغت خدمة المثقف للسلطة فإن السلطة تضحي به بعد أن تستعمله. فالسلطة لا تعمل إلا بمنطق الاستمرار والبقاء ضد الخصوم. وتعمل علي التناقضات بين المثقفين واستعدادهم جميعاً لخدمتها. فإذا كان الخطر من الإسلاميين فإنها تستعمل العلمانيين ضدهم لوصفهم بالعنف والحرفية والتخلف كما حدث في مصر في الخمسينيات والستينيات ثم في الثمانينيات والتسعينيات حتي الآن، وكذلك في تونس وسوريا والعراق وربما المغرب. وإذا كان الخطر من العلمانيين فإنها تستعمل الإسلاميين ضدهم وتصفهم بالمادية والإلحاد والانحلال، ومن لا إيمان له لا أمان له، كما حدث في مصر في السبعينيات، ومازال في السودان وأفغانستان وشبه الجزيرة العربية والتيار المحافظ في إيران الذي يسيطر علي القضاء والثقافة. تضرب السلطة هذا الفريق بذاك الفريق من أجل إضعاف الفريقين المعارضين وتقوية النظام القائم، ويقوي القلب إذا ما ضعف الجناحان. وإذا ما كانت السلطة قوية فإنها تضرب التيارين في آن واحد لإضعافهما في البداية كما حدث في مصر في الخمسينيات بضرب الإخوان في 1954 والشيوعيين في 1958 بعد تأميم قناة السويس في 1956، والوحدة مع سوريا 1958 في ذروة القومية والنضال ضد الاستعمار والصهيونية.

 

العلاقة بين المثقف والسلطة هنا تقوم علي الكذب والنفاق والمنفعة العاجلة، والشعب هو الضحية. يظن المثقف أنه يستعمل السلطة لصالحه لنشر تياره السياسي بالاستعانة بالدولة خاصة أن الإعلام في يده ميسر، سواءا كان إسلامياً أم ماركسياً. والحقيقة أن الدولة هي التي تستعمله وتستدرجه. تقدم له القليل لتأخذ الكثير. تحسّن صورتها أمام الشعب وفي الوقت نفسه تضحي به إذا ما تجاوز الخط الأحمر، وقام بدوره الخاص لحسابه الخاص. فالعبد لا يصبح سيداً، والخادم لا يصير مخدوماً.

 

* والمثقف السلطوي :

 

ـ والمثقف السلطوي هو الأيديولوجي بصرف النظر عن اتجاهه، إسلامياً كان أم ماركسياً، وهما الجناحان الرئيسان للقلب. هو الذي انتسب إلي حركة الإخوان المسلمين أو الي أحد الفصائل الشيوعية في شبابه. وربما يكون القومي خاصة في الشام والعراق ومصر الذي كان اختيار معظم النظم السياسية في الخمسينيات والستينيات، وفي الخليج في السبعينيات والثمانينيات وربما حتي الآن عندما أصبحت القومية اختيار العرب بعد حركـات التحرر الوطني وأثناء بناء الدولة الحديثة.

 

وهو الجامعي، الباحث الأكاديمي الذي توظفه سلطته العلمية ونظرياته السياسية لخدمة النظام. وسرعان ما يترقي فيه إلي اللجنة المركزية للحزب أو الوزارة. ومن أفضل من الأستاذ الجامعي لكي يكون الموظف الأيديولوجي للسلطة بما له من مكانة اجتماعية مرموقة، وحلو الحديث، والمهارة المهنية، وما يفترضه الشعب فيه من أمانة القول وصدق الخطاب.

 

وهو المهني المهندس أو الطبيب أو المحامي، رجل الفكر والعمل الذي يضحي بوقته من أجل القضية العامة، والقادر أمام الناس علي حل أزماتهم بالعلم والعمل. يبني السدود، وينشئ المستشفيات العامة، ويدافع عن حقوق الناس. هم أهل الخبرة في مقابل أهل الثقة. ولما كانت الجماهير تئن من ضنك العيش فإنها تنظر إليهم باعتبارهم مخلصين، وتصدقهم القول. وهو الضابط في القوات المسلحة بعد أن يحال إلي الاستيداع، ويتفرغ للعمل السياسي. فالثورة من صنع الضباط الأحرار وهم ورثتها، والقادرون وحدهم علي تحويل الثورة إلي دولة، يجمعون بين أهل الثقة وأهل الخبرة. يمثلون النظام في الجيش، والقدرة علي الفاعلية. ويعملون في الحقل المدني بعد أن كثر كلام السياسيين وقل الفعل، وبما لديهم من ثقة عند الناس خاصة إذا كانوا من أجيال الضباط الأحرار من أهل الثقة وإن لم يكونوا من أهل الخبرة. لذلك تم الحديث في عهود الثورة العربية منذ الخمسينيات خاصة في مصر والعراق عن (عسكرة المجتمع) خاصة في لحظات الأزمات الكبري الداخلية أو الخارجية.

 

وهو رجل الدين، فقيه السلطان. وقد كان منذ نشأته الأولي مثقف السلطة منذ إضفـاء الشرعية علي مغتصب الحكم منذ الأمويين القدماء والأمويين المحدثين ضد ثورات آل البيت والخوارج والمعتزلة وفقهاء الأمة الذين نالهم السجن والتعذيب. فالفقهاء نوعان: الأول لبس الحلة، ونال المشيخة، وتنصب في دار الإفتاء، وتصدر الإعلام وسار في موكب الرؤساء (1). يفتي بالحرب إذا حارب الرئيس (وأعدوا لهم ما استطعم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون بهد عدو الله وعدوكم). ويفتي بالسلم إذا شاء رئيس آخر (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). يفتي باشتراكية الإسلام إذا اختار الرئيس الاشتراكية (الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار). ويفتي بالرأسمالية إذا اختارها رئيس آخر بآيات التجارة وفقه النشاط الاقتصادي الحر وبتشبيه القرآن علاقة الإنسان بالله وبالآخرة علي أنها (تجارة لن تبور) مثل (يأيها الذين آمنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم). فقد استعمل القرآن لغة الربح والمكسب والخسارة (وتجارة ترجون كسادها)، (فما ربحت تجارتهم) وتحدث عن حرية التعامل التجاري (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم). (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم). وغالباً ما يتم ذلك بالرجال وأصحاب نفسهم القتيا نظراً لقصر عهود الرؤساء بسبب الاغتيال أو الموت وطول عمر المشايخ لما ينعمون به من رغد العيش وموفور الصحة وراحة البال.

 

5 ــ ويسرع المثقف إلي السلطة يحقق فيها ذاته. فلم يكن له دور بارز في مجتمعه. ولم يكن له مشروعه الفكري أو العلمي الخاص. لم يكن له أثر علي الحياة العامة. كان يقتصر دوره علي العلم للعلم، والثقافة للثقافة، والأدب للأدب. ثم وجد في السلطة حضوراً أكثر، وأثراً أوسع. وتحولاً مصطنعاً من النظر إلي العمل. علمه لم يساعده علي الرقي الاجتماعي. فهي إذن فرصة العمر لئن يتحول من دائرة الظل إلي دائرة الضوء.

 

لم تكن ثقافته بطبيعتها سلطة، سلطة المثقف والعالم. كان حامل ثقافة أكثر منه مثقفاً، حامل علم أكثر منه علماً، ناقلاً أكثر منه مبدعاً. وسلطة الثقافة بطبيعتها إبداع في عملية التغير الاجتماعي، والصلة بين النظر والعمل، سواء كانت ثقافة الحاكم أم ثقافة المحكوم. فلجأ إلي ثقافة السلطة كي يكمل بها نقصه، نقص الممارسة والفاعلية، والخروج من دائرة المجهول إلي دائرة المعلوم. لم يكن ولاؤه للمجتمع أو للتاريخ من أجل التغيير الاجتماعي ونقل مجتمعه من مرحلة تاريخية إلي مرحلة أخري. إذ يتحقق هذا الولاء قبل اقترابه من السلطة وبعد خروجه منها. هو الولاء الدائم لحركة التاريخ وليس الولاء الوقتي للسلطة أو للمنفعة الشخصية. فيجد في الولاء للنظام السياسي القائم بديلاً عن الولاء للمجتمع وللتاريخ. فالعاجل أفضل من الآجل، وعصفور في اليد خير من عشرة علي الشجرة، والحاضر أولي من المستقبل. لا يعرف أن السلطة الفعلية هي سلطة الثقافة وليس ثقافة السلطة. سلطة العالم وليس عالم السلطة، سلطة الفقيه وليس فقيه السلطة. تنبع سلطة الثقافة من داخلها ولا تأتي من خارجها. هي ما سماه الفلاسفة الفكرة ــ القوة وليس بالضرورة إرادة القوة المنفصلة عن الفكر وحتي لا تتحول إلي مجرد قوة عضلية. فالوحي ممكن الوقوع كما يقول محمد عبده لأنه يتضمن في ذاته إمكانية تحققه. وهي سمة المثال عند فخته أيضاً، مثال واقع عن طريق التحرر، تحرر الأنا من سيطرة اللا أنا.

 

ويطل مزدوج الشخصية بين الداخل والخارج، الأنا والآخر، العلم والعمل، الصدق والنفاق، الضمير والتملق، الصدق والكذب، واجهة مع النفس وواجهة مع الآخر، طرف في السر وطرف في العلن فينشأ الخطاب المزدوج، حديث النفس وحديث المجتمع. وسرعان ما يكتشفه الناس أو تلفظه السلطة وتستبدل به غيره أكثر قدرة علي الإيهام.

 

ويكتنف ذلك كله حب الظهور والرغبة في الوصول، والتحول من عالم ما بين الجدران إلي عالم الاجتماعات وأجهزة الإعلام، من دور العلم إلي دور الصحافة، من الصورة الذهنية إلي الصورة المرئية، ومن قلب النظرة إلي الداخل كنظرية في الرؤية إلي قلب النظرة إلي الخارج. فلا يري شيئاً إلا أشباحاً يتحرك وسطها، يخطابها وهو ينكرها. ودائرة الضوء خير وسيلة للحضور من دائرة الظل. يبغي الرقي الفردي وليس التقدم الاجتماعي، الانتقال من منصب أدني إلي منصب أعلي. ولا يأس من المصاهرة كسبيل للوصول.

 

المصدر: جريدة (الزمان) العدد 1278 التاريخ 2002 - 8 - 5

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك