قضية الإرهاب في فكر الأستاذ محمد فتح الله كولن
قضية الإرهاب في فكر الأستاذ محمد فتح الله كولن
حازم ناظم فاضل
* معنى الإرهاب:
استعمل كلمة الإرهاب terror لأول مرة في فرنسا عقب الثورة الفرنسية ، حيث أطلق على نظام الحكومة أثناء الثورة الفرنسية للفترة من 1793-1794 (عهد الإرهاب) لما قاموا به من اعتقال اكثر من (300000) شخص ، نفذ حكم الإعدام رسمياً بـ (17000) منهم ، ولقي الكثير منهم حتفهم في السجن دون محاكمة (1).
والإرهاب : هي محاولة بذر الرعب والخوف والفزع في نفوس الآخرين . والإرهابي ، هو الشخص الذي يقوم بتخويف الآخرين . والأعمال الإرهابية هي القتل والاختطاف والقصف والحريق ...
ويعرف القانون الاتحادي الأمريكي الإرهاب :" القيام بأفعال عنيفة بما يجلب الخطر الى الحياة الإنسانية بقصد إكراه المدنيين للتأثير على سياسة الحكومة بالتخويف أو الإجبار أو التأثير على تصرف الحكومة بالاغتيال والاختطاف "(2).
وأسباب الإرهاب يمكن ان تكون دينية أو اقتصادية أو نفسية أو إجتماعية أو سياسية أو تأريخية .
وفي مقالنا هذا سنتكلم عن قضية الإرهاب في فكر الأستاذ الداعية التركي محمد فتح الله كولن .
* جريمة ضد الكرامة الانسانية:
ففي بيان له بتاريخ 24 تموز 2005 نشر على موقعهhttp://ar.fgulen.com بعنوان :(جريمة ضد الكرامة الإنسانية) يقول :
"إن الأحداث الإرهابية التي تقع في مناطق مختلفة من العالم تعتبر من أسوء الضربات على كرامة الإنسان. لقد أولى الإسلام أهمية بالغة لحق الحياة الإنسانية، واعتبر قتل نفس بريئة كقتل البشرية كافة وساوى ذلك مع الكفر. أود أن أكرر مرة أخرى أنه لا يمكن التوصل إلى أي حل عن طريق الإرهاب.
فالمسلم الحقيقي لا يمكن أن يكون إرهابياً، كما أن الإرهابي لا يمكن أن يكون مسلماً.
قبل أن يخمد تأثير الأعمال الإرهابية التي حدثت في لندن ضد مدنيين أبرياء، فوجئنا بعشرات الأبرياء يلقون مصرعهم في بلد إسلامي كمصر الشقيق نتيجة هجمة ممقوتة.
كما نددتُ بالإرهاب من قبل مرات عديدة وبصورة واضحة، أندد به مرة أخرى أيا كان مصدره والجهة التي تقوم به.
أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يتغمد برحمته الضحايا الأبرياء الذين لقوا مصرعهم في هذه الأحداث المؤلمة، وأتقدم بالتعازي إلى أسرهم المحزونين والعالم الإسلامي"(3).
ومعلوم من مضمون البيان بان الأستاذ كولن يندد بالإرهاب بأي شكل من الإشكال . وانه لا يمكن التوصل الى أي حل عن طريق الإرهاب .
ويقول :"لا يملك الإرهاب والفوضى أي جانب شرعي، ولابد أن تُجتث جذورهما."(4) * لا إرهاب في الإسلام الحقيقي:
وفي لقاء معه نشر في جريدة الزمان التركية بتاريخ 22 آذار 2004 يقول :
" الإسلام مساء فهمه في أحسن الأحوال .. يجب على المسلمين ان يقولوا : لا إرهاب في الإسلام الحقيقي "(5).
" ان قواعد السلم والحرب في الإسلام مشروطة .. وقواعد الإسلام في السلم والحرب واضحة لا لبس فيها ، والأفراد لا يستطيعون إعلان الحرب ، ولا يحق لأي منظمة او مجموعة إعلان الحرب " (6) .
" لا يجرؤ أي مسلم القول : إنني اقتل فلان من الناس وادخل الجنة ، لان قبول رضى الله لا يمكن أن يكسب بقتل الرجال "(7). * الإفتاء بقتل الإنسان :
وعن الإفتاء بقتل الإنسان يقول :
" قتل انسان برىء في الاسلام يساوي الكفر .. لا أحد يجرؤ على الافتاء بقتل إنسان ومس الأبرياء ، وحتى في الحرب أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم قتل الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء ، وسار على نهجهه أبو بكر وعمر وصلاح الدين وآلب ارسلان ومحمد الفاتح "(8). نعم، ان الأصل في الإسلام : ان من لا يقدر على القتال لمانع مادي او معنوي يعتبر مدنياً لا يجوز قصده بالقتل . وذلك يشمل الاطفال والنساء والشيخ الفاني ، ورجل الدين المنقطع للعبادة ، والمزارع في ارضه المشغول بلقمة العيش ... فكل هؤلاء لا يقصدون بالقتل .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوصي جنده بقوله :" انطلقوا باسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ، لا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا طفلاً صغيراً .."(9) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : "إن إمرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة ، فانكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان"(10)
وقد أفتى جمع غفير من علمائنا منهم الشيخ حسن أيوب بانه :
" لا يجوز أن يلتف بحزام ناسف لينسف نفسه ومن بجواره " أي يستخدم فيها حزام ناسف فيقتل الفاعل ثم من حوله من المدنيين . * القاتل رجل شرير:
يقول الأستاذ كولن : " القاتل رجل شرير "
ويتحدث عن عمل قام به احد أصدقاءه وكان آنذاك خريج كلية الشريعة ويعمل الآن واعظاً ويقول :
قصم أحد أصدقائي الأعزاء العمود الفقري لأفعى ، فقاطعته مدة شهر ولم أكلمه ، وقلت له : هذه الأفعى امتلكت حق الحياة في الطبيعة ، فبأي حق تقوم أنت بقصم ظهره "(11) .
نعم ، هكذا يتصرف فدائي المحبة الأستاذ كولن تجاه الحيوانات الضارة ظاهراً فكيف مع بني البشر ؟.
لقد بدأ الأستاذ فتح الله كولن - ولاسيما بعد عام 1990 - بحركة رائدة في الحوار والتفاهم بين الفئات المختلفة وأصحاب الصحف والرموز الثقافية وكذا بين الأديان وبين الأفكار الأخرى، متسمة بالمرونة والبعد عن التعصب والتشنج. ووجدت هذه الحركة صداها في تركيا ثم في خارجها. ووصلت إلى ذروتها في الاجتماع الذي تم عقده في الفاتيكان بين الأستاذ كولن وبين البابا يوحنا بولص الثاني إثر دعوة البابا له.
لقد آمن بأن العالم أصبح بمثابة قرية بعد تقدم وسائل الاتصالات. لذا فان أي حركة قائمة على الخصومة والعداء لن تؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، فينبغي الانفتاح على العالم بأسره، وإبلاغ الإسلام بأنه ليس قائماً على الإرهاب - كما يصوره أعداؤه - بل هناك مجالات واسعة للتعاون بين الإسلام وبين الآخرين. الهوامش:
1- دائرة المعارف البريطانية مادة Terror
2- موسوعة Encarta
3- موقع الاستاذ فنح الله كولن http://ar.fgulen.com
4- كتاب روح الجهاد وحقيقته في الإسلام للاستاذ فتح الله كولن / ترجمة إحسان قاسم الصالحي – دار النيل للطباعة والنشر ط2 استانبول 2002.
5- جريدة الزمان التركية Zaman gazatasiبتاريخ 22 مارس(آذار) 2004 .
6- المصدر نفسه.
7- المصدر نفسه .
8- المصدر نفسه.
9- رواه ابو داود 3/39.
10- صحيح البخاري4/30 وصحيح مسلم 1744.
11- جريدة الزمان التركية 22آذار 2004
المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية