الأيديولوجيات المتطرفة وسبل المعالجة

الأيديولوجيات المتطرفة وسبل المعالجة
الدكتور مولاي عمر بن حماد
بخصوص الأيديولوجيات المتطرفة نحتاج قبل الحديث عما بوسع الحكومات المغاربية فعله إلى التحذير من التطرف اللاديني وخاصة حين يسعى دعاته وحماته إلى فرض اختياراتهم على الشعوب ضدا على كل مقوماتها وثوابتها وهويتها إذ ليس من المعالجة في شيء إطلاق العنان للجهات اللادينية لتجاهر بكل نوازعها المتطرفة والتركيز على جانب واحد من المشكلة.

ثم لابد من بحث أسباب انتشار هذه الأيديولوجيات المتطرفة للإسهام في المعالجة الوقائية الاستباقية والتي تبقى لها الأولوية… وفي جميع الأحوال يمكن أن ندرج من ضمن أشكال المعالجة ما يلي:

- أولا: الحوار الصريح والجريء مع ضحايا التطرف وامتلاك شجاعة الإنصات لكل الأفكار والتمييز بين ما هي حقائق وجب الإقرار بها، وما هي شبهات تهيئ لها الردود العلمية لدفعها وبيان بطلانها. وهنا يبرز دور العلماء بامتياز بإشراكهم في الحوار الحر النزيه لأن الإشكال الكبير هو بالأساس إشكال على مستوى التصور والأفكار وما جرى في موريتانيا هو بالأساس ثمرة من ثمار الحوار الذي قاده العلماء…

- ثانيا: لابد من الإنصاف بعد الإنصات. ومن الإنصاف الاعتراف بالمطالب الإيجابية وتفهمها ولنا أن نستحضر شهادة علي بن أبي طالب في الخوارج فقد سئل عنهم: أكفار هم؟ فقال: من الكفر فروا. وسئل: أمنافقون؟ فقال: لا المنافق لا يذكر الله إلا قليلا. فقيل له منهم؟ فقال: إخوان لنا بغوا علينا، ليس من أراد الحق وأخطأه كمن أراد الباطل وأصابه. إن إطلاق العبارات الجارحة والألقاب الذميمة لا يساعد على التواصل إطلاقا ويسمم أجواء أي حوار مرتقب.

- ثالثا: لابد من القطع مع الاقتصار على المقاربات الأمنية في المعالجة التي تختزل الأمر في مزيد من التضييق على الحريات، ومحاكمة النيات، وتوزيع الاتهامات واستبدال كل ذلك بالعمل الجاد من أجل مقاربة شمولية للظاهرة. وفي بعض التجارب الأسيوية حصل المزج بين المدخل الفكري والشرعي وهو مهمة العلماء، والمدخل الاقتصادي بتمكين المعنيين من دعم مالي يساعدهم على الاندماج في المجتمع، والمدخل الاجتماعي من خلال إحاطة أسرهم بالدعم بما يجعلها تقطع نهائيا مع التوجهات المتطرفة. خاصة مع الفئات الذي يدفعها البؤس إلى الانتقام وإن كان الأمر كما يعلم الجميع ليس صفة ملازمة ودائمة، فقد يكون المرء يعيش يسرا اقتصاديا لكنه يعيش بالمقابل عسرا تصوريا يدفعه إلى الغلو والتطرف.

- رابعا: دعم مبادرات الصلح والعفو والوئام المدني والتي تستمد شرعيتها من مبدأ باب التوبة المفتوح دائما بل والمرغوب فيه والمحبوب وإذا كان الله يحب التوابين فعلى الحكومات والمجتمعات أن تتخلق بهذا الخلق وتعلن محبتها للتائبين وقابليتها لإدماجهم بشكل سلس سهل يسير.

- خامسا: دعم الاتجاهات الوسطية التي تسهم في استيعاب الشباب وتقديم المثال الجيد للإلتزام بالدين والذي من مقتضياته الإنخراط الإيجابي والصادق في خدمة الوطن. فالملتزم بدينه لا يمكن أن يكون إلا مواطنا صالحا. وكثيرا ما كان يردد أحد رجال الحركة الإسلامية المغربية عبارة: “التاريخ الذي لم يقع” ومما يعنيه الآلاف من الشباب الذين استوعبتهم الحركة الإسلامية وجعلت منهم مواطنين صالحين ومصلحين وجنبتهم بذلك أن يكونوا ضحايا الغلو والتطرف أو المخدرت والإجرام وجعلت منهم بالمقابل أمناء أقوياء يساهمون في بناء أوطانهم وفي استعادة أمجاد أمتهم.

المصدر:
http://zawaya.magharebia.com/ar/zawaya/opinion/344

الأكثر مشاركة في الفيس بوك