لنلتق دون ألقاب

لنلتق دون ألقاب

أحمد خطيب

يتساءل المسلم ويحق له أن يتساءل : ألسنا – أعني المسلمين – أكثر من مليار شخص ؟ أليس المسلمون موجودين في كل أصقاع العالم ؟ أليس الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله خاتماً لأديانه كلها ؟! فلم هذا التأخر والتخلف ؟!

 

والجواب بنظري : لا يكمن في عدد أو في كثرة ، فعدد الصهاينة في العالم هو أقل بكثير من عدد المسلمين اليوم ، لكن المشكلة في الكيف والنوع . المشكلة هي أن المسلمين غثاء كغثاء السيل كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه المشهور والمعروف : " أنتم كثير ولكنكم كغثاء السيل " .

 

لقد صدق رسول الله ، فالمسلمون اليوم مهتمون بأشياء كثيرة أبعدتهم عن همهم الأساس ومشكلتهم الرئيسة - وما اهتمامهم بأولمبياد أثينا ومبارياته ببعيدٍ عنا- وهذا الاهتمام الجانبي قُدِّم على كثير من المسائل الأساسية لدى الكثير من المسلمين ، حتى إن كثيراً من قنواتنا الفضائية قد انقطعت لتغطية الخبر ومتابعته بشكل مباشر ومتواصل .

 

فمشكلة التشيع والتسنن لا تزال تسيطر كثير من ندواتنا ولقاءاتنا ومناقشاتنا ، ومسألة التكفير طاغية على تفكير بعض المسلمين ، ويوجد إلى اليوم بين المسلمين من ينعت آخر بالكفر جُرَّاء كلمة قالها ربما لم يكن يقصد منها إلا خيراً ، وليست الكلمةُ كلمةَ كفرٍ طبعاً ، وهكذا أمثلة كثيرة من هذا النوع .

 

إن أناساً هذه عقيدتهم وهذا تفكيرهم لا يمكن أن يلحقوا بركب الحضارة ، بل لا يمكن إلا أن يكونوا عالماً ثالثاً أو رابعاً إن وجد ، وإن أناساً قد تحلوا بالنظرة الضيقة والدعوة الفردية لجماعتهم أو فرقتهم لن يردعوا أحداً ، ولسنا مَن يقول هذا ، بل إن الله هو الذي حذرنا من عواقب النظرة الضيقة الفردية ، وهو الذي طلب منا أن نكون صفاً واحداً لا يُرهبه شئ ، ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص ) الصف : 4 وأكد تلك الدعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح البخاري حين قال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ".

 

الخلافات الجانبية والنظرات الضيقة ينبغي أن لا تأخذ منا مأخذاً كبيراً ، بل هي اجتهادات تُغني في النتيجة الفقه الإسلامي ، على أن لا تكون هذه الآراء إلزاميةً ، بل اهتمامٌ بالرأي الآخر واحترامه وتقديره ، والفاهمون العاقلون مُجمِعون على أن أبواب الاجتهاد مفتوحةٌ لا تمنع أحداً من الدخول إليها ، وهذا ما دفع عبد الله بن عباس أن يقتدي بالخليفة عثمان بن عفان يوم أن صلَّى الخليفة في عرفة دون قصرٍ وجمع ، فسئل ابن عباس عن سبب اقتدائه بالخليفة وهو يخالفه الرأي ! فأجاب السائلَ بقوله : " الخلاف أشد " . لأن الخلاف يمنع الردع الإسلامي من ممارسة عمله أو وقوفه في وجه الذين يتجرؤون على الإسلام وينتهكون حرماته بين الفينة والأخرى منذ قيام دولة الإسلام إلى يومنا هذا ، وما أعمالهم الوحشية في فلسطين ببعيدة عن ناظرينا .

 

أما نحن فلن نستطيع ردعهم إلا إذا كنا متماسكين معتصمين ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) آل عمران : 103 وهذا تأكيد آخر على عدم الفرقة .

 

وأخيراً أذكر عبارةً رائعةً للمفكر الإسلامي الدكتور محمود عكام إذ يقول : " لنلتق دون ألقاب أفلا يكفينا الإسلام ؟! " والجواب على هذا السؤال لديكم أيها المسلمون . * أحمد خطيب : كاتب من سورية

 

المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك