الحوار والنقد.. رؤية اجتماعية

الحوار والنقد.. رؤية اجتماعية

حسين معتوق سياب

من سمات المجتمع السليم أن يكون فيه تفاعلات، وتموجات وحراك اجتماعي وثقافي، وحركة دءوبة نحو البناء والتقدم، وإن من أهم الركائز التي ينبني عليها هذا المجتمع: ركيزتي الحوار والنقد؛ فالنقد يكون لتصحيح الأخطاء، والرقي بالناتج الفكري والثقافي في سبيل استخلاص يضمن صحته ونقائه.

 

والحوار وسيلة لتلاقي الآراء أو لتعددها ضمن منهجية تقوم على مراجعة المعروض والمطروح في سبيل معرفة المغاير الآخر ضمن التعايش المجتمعي بتعدد الآراء واختلافها عبر الطرق الكثيرة المتعددة للحوار.

 

وإن الإشكالية التي يعيشها مجتمعنا تكمن في غياب الحوار والنقد من الفهم الجمعي، كما أن بناء المجتمع وتأسيسه يفتقر إلى أرضية الحوار والنقد ومنشؤها عوامل كثيرة تتداخل في ما بينها لتصوغ المجتمع صياغة يفتقر معها إلى أساليب وطرق مهمة وأساسية للتعايش السلمي لأي مجتمع كان.

 

ما هو الحوار؟

 

الحوار هو التجاوب ومراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة، ومن معانيه الجدال والنقاش، والمناظرة قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[المجادلة: 1] وقد يأخذ الحوار أبعاداً وأشكالاً أخرى مثل الحوار عبر وسائط الاتصال.

 

كما أن أي نقاش أو تلاقي آراء وتعددها حول موضوع معين أو مواضيع متعددة، أو التقاء عدد من الآراء المختلفة للتباحث والنقاش كل ذلك يعد حواراً.

 

ما هو النقد؟

 

النقد هو عبارة عن تفكيك المنجزات والمشاريع، وتسليط الأضواء عليها سواء كانت منجزات ومشاريع نظرية فكرية أو منجزات، ومشاريع عملية وفعلية على أرض الواقع .

 

ومهما يكن النقد فهو عبارة عن كشف للأخطاء والعيوب، والنقد عندما يكون موضوعياً فإنه يقدم خدمة كبيرة في سبيل تصحيح الأخطاء وتلافيها، فكم من منجزات ومشاريع كانت حقائق مسلم بها تهاوت أمام النقد والتفكيك، لتبرز حقائق أخرى أكثر صموداً ونضارة ونصوعاً.

 

وإن النقد ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها إن أردنا لمسيرتنا أن تتقدم، فبدونها نصبح جامدين، ووقوف في الزمان والمكان، ولما كان هناك تطور وتقدم، ومنجزات نضمن الاستمرار في تصحيحها وتقويمها.

 

ومن خلال ممارسة النقد يكون هناك تراكماً معرفياً كمياً ونوعياً، فكم من الجوانب المشرقة، قد كشف النقد عنها النقاب كانت غائبة عن أذهان أصحاب المنجزات، والمشاريع العلمية والمعرفية.

 

إشكالية النقد والحوار

 

إن غياب الحوار من المجتمع يعني غياب الحرية، والانسيابية في التعبير عن الأفكار والآراء، وهو دليل على تحكم الاستبداد بالرأي، ومصادرة حرية الفكر والثقافة، وإبراز للحالة الفردية ونبذ الآخر وإقصائه، وعندما تم مصادرة الحوار والنقد من المجتمع "أصبحت قدراتنا على التصحيح والبناء هشة هزيلة بل أصبح المحاور الذي يريد إظهار الحق يعد عند البعض مشاغباً، يشغل نفسه في تفاهات ثانوية ، ويريد أن يجر غيره إليها، وعد نتوءً، وبرعماً مريضاً يجب اجتثاثه من أصوله"1.

 

وإذا لم يتم تجاوز الوضع الراهن والانطلاق بمنهجية مبنية على الفكر السليم ضمن الحرية التي تكفل الحق للجميع في ممارسة الحوار والنقد ، فإن مصيرنا ، ومصير الأجيال القادمة سيكون مطرباً و يحمل فكراً مشوشاً يتخبط في ظلمات الجهل والتخلف، بسبب أخطاء في فكر موروث، وراهن مريض يزداد ضعفاً بعد ضعف.

 

وبسبب غياب الحوار والنقد "أصبحت الأجيال الجديدة من أبناء الصحوة الإسلامية تجتر أخطاء الآخرين، تتوارثها بآلية ساذجة، وتتبنى أفكاراً مستعارة مستنسخة، تفكر بعقل غيرها، وتتحدث بلسان غيرها، تعيش على منجزات الآخرين ومكتسباتهم"2.

 

والغريب أنه عندما يتم نقد الآخرين وإنجازاتهم نتحلى بالجرأة والشجاعة الكافية، ونقوم بتشريح الآخرين وتفكيكهم والبحث عن عثراتهم وأخطائهم، وفي هذا نعطي لأنفسنا كل الحق.

 

ولكن عندما يكون النقد للذات أو التركيب الداخلي، أو البنية العامة سواء في الموروث أو المعاصر، نكون في غاية الجبن والضعف، ونقوم بدفن رؤوسنا في الرمال، وننظر بعين مغلقة، ونكره مواجهة الحقيقة، نقوم بكل ذلك خشية أن نخسر لقاءاتنا واجتماعاتنا التي عادة ما تكون للتمادح (يمدح بعضنا بعضاً)، واستعراض الإنجازات، وتعظيمها وإن كانت عديمة الجدوى أو وهمية.

 

وعندما يتجرأ أحد على النقد فهو يتكلم بخجل واستحياء، وخوف ورهبة من جراء ردود الأفعال التي لا تكون عادة موزونة، ولا تتحلى بسعة الصدر، وإنما تكون ردود تتسم بالعنف، والفضاضة وضيق الأفق، وضعف في الرؤيا، كما أن عليه أن يدفع ضريبة نقده وجرأته، من ضغوط اجتماعية أو سياسية، أومن بعض المحسوبين على الدين. فالنقد يجب أن يتقبل مهما كان ومن أي كان، سواء كان من القريب أو البعيد في سبيل إظهار الحقيقة وتجليها وكشف الداء ومواطن الخلل لضمان استمرارية المسيرة بمنهجية تضمن التصحيح المستمر للأخطاء وتلافيها.

 

الحوار ونضج الأفكار

 

من الطبيعي أن تكون للحوار قيمته العليا، وسمته العظيمة في بناء الأفكار وتلاقحها، لأن به يتم إرساء قواعد الأفكار وتخصيبها قبل أن تأخذ مداها في التطبيق، وأن كل مجتمع توجد فيه روح الحوار، وعرض الأفكار وتحليلها، تجد التفاهم موجود في هذا المجتمع، وحيث ما وجد الحوار وجد التعايش السلمي، كما أن نوافذ العقول تكون مفتوحة اتجاه تقبل الأفكار التي تعرض دون ممارسة أية وصاية فكرية وعقلية من قبل الرموز والمتنفذين وأصحاب القرار، كما إن إلغاء الحوار ومصادرته يعد من الأمور التي تلغي أكبر الحريات، والحقوق للإنسان، وإن إلغاء الحوار يعني مصادرة الرأي والفكر، وسد جميع منافذ تلاقح الأفكار وتلاقيها، وتصبح الفرصة سانحة للمستبدين والقمعيين، الذين يعيشون في أجواء من التسلط والقهر في غياب ومصادرة حريات الآخرين، وبالخصوص عندما يتم محاربة الحوار، وقمعه بشتى الطرق والأساليب، فتارة يتم الإلغاء بحجة عدم التدخل في السياسة، وتارة بحجة عدم الخوض في القضايا الدينية، والتي هي من شأن علماء الدين، وأخرى بحجة عدم التخصص في هذا المجال وغيره من المجالات. في حين انه لا يوجد ضابط عقلي أو شرعي يمنع الإنسان من ممارسة الحوار والنقد ، وعرض الأفكار وتحليلها.

 

 

و"المحيط الذي يحارب الحوار، هو محيط مستبد وقمعي، حتى لو رفع راية الحرية ، لأنه لا يمكننا أن نتصور حرية بلا حوار . لأنه قرين الحرية ، ووسيلتها في تعميم القيم ونشر القناعات والمبادئ"3.

 

و"عملية الحوار تتنافر بطبيعتها مع الإجابات الجامدة، والمسلمات المتحجرة ، والأنساق المطلقة ، و تراتبية العارفين ، وكهنوت الآباء المقدسين، فإن هذه العملية تنفي نقائضها التي تكبح حركتها ، وتقاوم ما يحد من قدرتها بما تؤسسه من وعي ضدي ، يرفض صفات الإطلاق والتسليم والتقليد ، الخنوع والإذعان ، وكل ألوان التسلط والإرهاب"4.

 

فكلما عصفت بالمجتمع رياح التغيير، وتعددت منابع التثقيف، وتم اختراق المجتمع وبنيته الثقافية والمعرفية، ولم يعد هناك من أمور مستورة، أو لم يسلط عليها الضوء، تفاءلنا بقرب الانفتاح على الآخرين، والاطلاع على أفكارهم، والعيش ضمن الواقع، والراهن بكافة أبعاده ومعطياته الزمانية والمكانية، كما تفاءلنا بقرب أذان بدء المسيرة الحضارية لمجتمع نطمح أن يكون من أرقى المجتمعات، يعيش حياته بحرية وكرامة. إلا أننا نكتشف بأن عجلة التقدم لا تسير، وإن سارت فهي تسير ببطئ لا يتصور، والأفكار هي الأفكار، والوضع هو الوضع لا يتغير، وإن مجمل التغيرات التي تحدث عادة تحدث بصورة عفوية دون توجيه، أو تخطيط أو منهجية يقصد منها الفعل التغييري، أو وضع لبنة في بناء التغيير ومسيرته.

 

و"في طريق الإصلاح والتجديد فإن الحوار لا يمثل وسيلة للتفاهم مع الآخرين فقط بل يمكن أن يعد استراتيجية أساسية نعتمد عليها لتحقيق هذه النهضة، إذ إن جوهر الحركة التقدمية يستند على الفعل الإنساني المعنوي، والتفاعل مع الآخر، والتثاقف بين المتنوع والمتعدد، لتحقيق النتاج التطوري للقاح الأفكار، لهذا فإن الحوار يصبح في هذه الحالة مصدراً سببياً للإصلاح والتجديد. فعن طريقه يتحول إلى الاتجاه الصحيح، وبسببه تستجمع الطاقات قواها التنافسية، لمزيد من التفوق والإبداع"5.

 

الحوار والبنية الفكرية الاجتماعية

 

لاشك أن غياب الحوار في الواقع الاجتماعي له عدة أسباب، بعضها ناشئ من خلل في الفهم الجمعي للمجتمع، وبالخصوص في حالة الرتب الاجتماعية، ومنشؤها التربية والتنشئة منذ الصغر، فكلمة استمع لمن هو أكبر منك واحترمه، وأطع أوامره دون إبداء الرأي, والمثل يقول (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة) ومن إشكاليات مثل هذه وغيرها، يتم تنشئة جيل مستمع جيد، ومطيع جيد، من السهل قيادته وتسييره، وفي سبيل إخضاع المجتمع وترويضه، تتضافر عدة عوامل منها دينية وسياسية وتربوية، ونذكر بعض الأسباب والإشكاليات اللاتي تقف حجر عثرة في طريق الحوار:

 

1- التربية والتنشئة فالتربية تكون على أساس من مصادرة الحرية، ومسخ الشخصية، فالطفل منذ الصغر تمسخ شخصيته ويصادر رأيه، ويمنع من التعبير عن آرائه حتى في الأمور التي تتعلق به مباشرة ويستمر ذلك حتى سن النضج، وما بعده، وهذا ينتج جيلاً مقسماً بين شخصية مستبدة، وأخرى ضعيفة.

 

2- غياب ثقافة الحوار من المنظومة الاجتماعية، فيتم ممارسة الإلغاء، والإقصاء بين طبقات المجتمع ورتبه.

 

3- ممارسة القيادات الاجتماعية تسلسل الاستبداد الطبقي، فكل يمارس الاستبداد على من هو دونه.

 

4- التشنج وإغلاق الفكر اتجاه الرأي الآخر، وادعاء الحقيقة المطلقة (الدغمائية).

 

5- العرف الاجتماعي والجمود عند الفكر الموروث، ورهبة المقدس الديني في غياب العقل والمنطق.

 

6- الخوف على المكانة الاجتماعية، وسحب البساط من تحت أقدام المتنفذين، والمتسلطين سواء من التيار الديني أو السياسي.

 

التيارية والحوار

 

إن من أهم الأمور التي يجب أن تراعى في الحوار حتى يأخذ مجاله، وموقعه الحقيقي، ويؤتي الثمار المرجوة منه، وتتحقق الأهداف المبتغاة، يجب أن لا يكون مداره، ومحوره وهدفه الانتصار لتيار، أو جماعة دينية أو سياسية أو فكرية، أو حزب سياسي معين، بقدر ما يكون همه، وهدفه تقارب الأفكار والرؤى، أو الوصول إلى نقاط التقاء مع الآخر، وسد الفجوة والهوة بين الأطراف، بمنهجية وعقلانية تفضي إلى مزيد من التقدم والنضج، والاعتراف بالآخر أنه موجود وتحسس وجوده، ومعرفته عن قرب.

 

ومن أعمق الأزمات التي يعيشها مجتمعنا هي أزمة التعصب لتيار، أو جماعة دينية، أو سياسية أو غيرها، إذ أن من يعيش في هذا الجو المشحون بالخطاب، والفكر الواحد الذي لا يتجاوز حدود وتصورات هذا التيار أو الجماعة، يبقى أسيراً لهذا الواقع السلبي فهو لا يرى إلا ما يراه التيار أو الجماعة، وأن هذا الفكر هو الفكر السليم، وأن الآخرين على خطأ، كما أن زعماء هذا التيار، أو تلك الجماعة هم وحدهم الرموز والقادة صانعون المستقبل وبناة الحضارة، ثم أن الرفض والقطيعة لا يكون مع الآخر فقط بل يكون حتى مع من يحمل تصورات ورؤى تغاير الفكر العام والتصورات العامة لهذا التيار أو الجماعة وأحيانا إلى واقع أبعد من الرفض والقطيعة، فقد تصل الأمور إلى الاختلاف والتشرذم، والانغلاق على هذه الجماعة أو تلك في حين يجب أن يكون الإنسان منفتحاً على الآخرين، فالانغلاق والقطيعة أمور مرفوضة، وقد تؤدي إلى تفرقة الأمة، وتحويلها إلى أحزاب وجماعات متصارعة ومتحاربة في ما بينها، قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون} [المؤمنون: 52-53].

 

 

آداب الحوار

 

لكل عمل قيمته التي تحدد الهدف والغاية منه، فبقدر ما يكون العمل مهم يكون السلوك عامل مهم في إنجاحه، وهذا بالطبع في الأعمال التي ترتبط بالمجتمع، والشأن العام الاجتماعي أو التي لها علاقة بالأفراد، والجماعات البشرية، وإن الحوار هو شأن، وقضية اجتماعية تحتاج إلى سبل، وآليات لتطبيقها في الواقع الاجتماعي، وإن للحوار هدف، وهدفه هو الوصول إلى الحقيقة أو نقاط التقاء بين الأطراف المتحاورة، وهو أداة وعي مشتركة تجتمع فيها الآراء وتستعرض الأفكار، وتستخلص منها ما يدل عليه الدليل.

 

كما أن تصحيح الأخطاء، وتدارك النقص، وتقويم المسيرة لن يتم إلا إذا اتسعت الصدور للحوار والنقاش، وترويض النفوس على قبول النقد والمراجعة، والتحقق من الأفكار المطروحة، حتى تكون حواراتنا منهجية، وتربوية تثري الفكر وتعمق الفهم.

 

إن الانجذاب للذات، والتمحور حولها ومقايسة الآخر بالنظرة الداخلية للذات، والانتصار للنفس ضد الحقائق الواضحة، والواقعية يعد مرضاً خطيراً يصعب علاجه، وهو الداء الحقيقي لكثير من مشاكلنا الاجتماعية، ولهذا يجب "أن لا يكون قصد الإنسان الانتصار للنفس، والعلو على غيره و إنصافه، واستعراض القوة والقدرة على الغلبة، والتعاظم على الآخرين بالقول والفعل ، والظهور بمظهر الأستاذية ، والتلبس بلباس المشيخة ، وأنه وحده المدرك البصير الذي يسمع قوله ، ويعتمد رأيه ، فإذا وقف الناس جلوس ، وإذا تكلم فالناس سكوت"6.

 

خلاصة

 

إذا أردنا أن نبني مجتمعاً حراً خلاقاً فلابد أن نجعل من الحوار والنقد أرضية للانطلاق "إن الحوار فعل يخصب الإبداع ويتولد به وهو وحده مظهر العافية، ولغة الأكفاء، وعلامة الذين يبحثون عن مستقبل افضل، وشعار الذين يؤسسون لإبداع لا يكف تجدده عن التوهج"7.

 

كما أن من الواجب والمسؤولية التي يتحملها المثقف والمهتم بالشأن الاجتماعي أن يكرس الجهد ويبدل أقصى ما بوسعه حتى تسود أفكار من شانها تفعيل وتحريك المجتمع نحو البناء والرقي. فعملية الحوار والنقد من الأمور التي تعتبر أسس حقيقية في مسيرة الإصلاح، ودورهما واضح جداً في هذا المجال، فبقدر ما يتم من إتاحة الفرصة للحوار والنقد وعرض الأفكار يصبح هناك تموج اجتماعي يحرك الوضع الجامد في مجتمع اعتاد على الرتابة والروتين.

 

والملاحظ أن بعض المثقفين يعيشون منكفئين على ذاتهم ضمن دائرة مغلقة، وفي وسط اجتماعي مكرر، ينظرون إلى ذواتهم نظرة نرجسية، ويجسدون طبقية يدعون أنهم يسعون إلى تجاوزها ومحاربتها، فمشكلتنا أنه لا يوجد دور واضح للمثقفين في المجتمع بحجم المشكلة، والمعانات الاجتماعية التي نعيشها، نحن بحاجة إلى انطلاقة، وتفعيل وممارسة للفعل التغييري، والعملي على أرض الواقع. لنتجاوز حالة التنظير وعرض الأفكار، وتحليلها في الدائرة البينية، والتي عادة ما تكون ضمن نطاق محدود. إذاً لماذا نلقي اللوم دائماً على الآخرين، ونحملهم مسئولية تخلف المجتمع وجهله؟ أليس من الأولى أن نوجه الاتهام، واللوم إلى أنفسنا؟ وهل نحن فعلاً نقوم بواجبنا حقاً كما ينبغي؟.

 

ومهما قلنا، وتحدثنا حول واقع المجتمع، وأزمته فإننا لن نغير من الواقع شيئاً، طالما نحن لم نتجاوز حالة التنظير والكلام إلى الفعل، يبقى الفعل هو من يصنع الواقع، ويحقق المنجزات، لنكن فاعلين لا منظرين فقط. الهوامش:

1- الحوار.. أصوله المنهجية وآدابه السلوكية. أحمد بن عبد الرحمن الصويان. ص 29

2- نفس المصدر. ص 29

3- الأمة والدولة. محمد محفوظ. ص27- 28

4- هوامش على دفتر التنوير. جابر عصفور. ص 266

5- آفاق الإصلاح والتجديد.. الحوار طريقاً. مرتضى معاش. مجلة النبأ، عدد: 58

6- الحوار... مصدر سابق، ص92

7- هوامش على دفتر التنوير. مصدر سابق، ص269

 

المصدر: موقع قطيفيات

http://www.alwihdah.com/fikr/adab-hiwar/2010-04-26-1532.htm

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك