لا تشاركوا النصارى في أعيادهم
لا تشاركوا النصارى
في أعيادهم
بقلم
ناصر بن على الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقـدمـة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أمـا بعـد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الأخوة المسلمون:
هذه الرسالة أصلها (( خطبة جمعة )) كنت قد ألقيتها في منتصف عام1410هـ.
ونظراً لأهمية موضوع الرسالة الذي يعالج مشكلة تأثر بعض المسلمين بأعياد النصارى، لذلك قمت بمراجعتها (( مع إضافة زيادات أخرى )) على خطبة الجمعة السالفة الذكر.
وبعد هذا أقول معتذراً للقراء: لا بد من وقوع هنات وغلطات، فالعصمة لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة. كما أحب أن أشير إلى ضيق الوقت المحدد بعد أن تقررت الرغبة في صدورها، فلم يكن هناك متسع من الوقت للمراجعة أو استيفاء الموضوع بكل حقه، إلا أنني بحاجة ماسة إلى ملاحظاتكم واقتراحاتكم في كل صغيرة أو كبيرة من هذه الرسالة. ولعلي - بمشيئة الله تعالى - أستدرك القصور الواقع فيها في طبعات قادمة إن شاء الله تعالى.
وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
العنوان:
ناصر بن علي الغامدي / مكة المكرمة / ص.ب 7544
Nass909@hotmail.com
أحـدية الله عـز وجـل
قال الله تبارك وتعالى: قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد . سورة من كتاب الله تبارك وتعالى تعدل ثلث القرآن على قصرها:
- فيها التوحيد والإخلاص.
- فيها العقيدة الصافية النقية.
إن الله تبارك وتعالى لم يتخذ ولداً، ولم يتخذ صاحبة، ولم يأت سبحانه وتعالى من أحد، ولم تكن له ذرية ولا نسب، كما زعمت اليهود والنصارى، قالوا: المسيح ابن الله، وقالوا: عزير ابن الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد. ولم يكن له كفواً أحد .. إنه تبارك وتعالى لا يحتاج إلى أحد من خلقه، والخلق كلهم محتاج إليه، فهو الغني والخلق كلهم فقراء.
وهو الصمد الذي لا تستقيم الحياة إلا برعايته وكلئه ولطفه سبحانه وتعالى.
إن سورة الإخلاص تقرر عقيدة أساسية يجب أن تستقر في سويداء قلب كل مخلوق في هذا الكون، ألا وهي (( أحدية الله تبارك وتعالى ووحدانيته ))، فهو المعبود الأوحد الحق، وكل ما سواه عبيد له. إِنْ كلُّ من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً. لقد أحصاهم وعدهم عداً [ مريم : 93-94]
وعلى ضوء عقيدة التوحيد الفطرية التي قررتها سورة الإخلاص، نستطيع أن نقول بكل ثقة واعزاز، وأن نؤكد لكل البشرية المتخبطة الحائرة، بأن عيسى عليه السلام عبدٌ لله تبارك وتعالى. فعيسى عليه السلام كآدم عليه السلام، ليس له أب، ولكن لعيسى أمٌّ عليهما السلام. ولهذا ينسبه - عز وجل - إلى أمه حيث قال تبارك وتعالى: ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون [مريم:34]
نعم أيها الأخوة.. لقد حار كثير من النصارى واضطربوا في أمر عيسى عليه السلام:
- هل هو الله ؟
- أو هل هو ابن الله ؟
- أو هل هو ثالث ثلاثة ؟
ولكن الله سبحانه وتعالى لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون [ مريم:35 ].
وإذا كان رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى التوحيد، فإن عيسى عليه السلام أيضاً دعا إلى التوحيد.
... حيث يقول سبحانه وتعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم، وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار [ المائدة: 37] .
وإذا كان نصارى اليوم قد نسبوا إلى عيسى عليه السلام القول بألوهيته أو بنوته لله تبارك وتعالى، فإن عيسى عليه السلام سوف يكذبهم ويفضحهم على ملأ من الأشهاد يوم القيامة حيث يقول الله عز وجل: وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله، قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍ إن كنتُ قلتُه فقد علمتَه تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب. ما قلتُ لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنتُ عليهم شهيداً مادمت فيهم، فلما توفيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد
[ المائدة: 116- 117].
إن الذين يؤلهون عيسى عليه السلام،
أو الذين يدَّعون بنوته لله تبارك وتعالى حاشاه عز وجل،
أو يقولون إن الله ثالث ثلاثة،
أولئك هم الكفار الضلال الفجار الذين يجب نحن - أمة التوحيد - أن نبرأ منهم، ومن قولهم، قال الله عز وجل: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم. ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام، انظر كيف نبين لهم الآيات، ثم انظر أنَّى يؤفكون [ المائدة: 73 – 75].
وبعد بيان كفر هؤلاء القوم المنتسبين إلى عيسى عليه السلام زوراً وبهتاناً، وبعد وضوح ضلالهم.. يجئ السؤال في تعجب .. هل يجوز لنا- نحن المسلمين- أن نشارك الكفار والنصارى في أعيادهم وفي مناسباتهم الدينية الشركية الكفرية؟؟!
ارتبـاط أعيـاد النصـارى بـدينهـم
إن الأعياد النصرانية من الشعائر والشرائع الدينية المتعلقة بالدين. ولقد لعن اليهود والنصارى بما بدلوا وحرفوا في دين الله عز وجل في كتبه، ولذلك أعيادهم من دينهم المحرف. أعياد النصارى - يا أمة التوحيد - مرتبطة بالكفر الأكبر الذي إذا سمعته الجبال والسموات والأرضـون، إذا سمعت ذلك الـكفر كادت أن يتفطرن وأن يتصـدعن .
وقالوا اتخذ الرحمن ولدا. لقد جئتم شيئا إداً. تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هداً. أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا. لقد أحصاهم وعدهم عدا
[ مريم: 88 – 94 ].
فإذا كانت - أيها الأخوة - السماوات والجبال والأرضون يتفاعلن هذا التفاعل الرهيب مع الذين ينسبون لله تعالى ولدا، فكيف بربكم - يا مسلمون - تشاركون النصارى في أعيادهم وفي احتفالاتهم وتهنئونهم على باطلهم ودينهم الذي هو رمز ديني لعقيدتهم الكافرة الضالة. أليس ذلك بإقرار منكم على دينهم الباطل ؟
والذي يدلكم على ارتباط أعيادهم بدينهم الكافر هو: وجود عيد - عندهم - من أعيادهم، حيثُ يُحٌضر كل واحد منهم طبقاً من الطعام ويضعونه بعد ذلك على مائدة طويلة، ثم تزاح جميع الأغطية عن تلك الأطعمة لمدة من الزمن تستغرق ساعة أو أقل أو أكثر. لماذا يزيحون تلك الأغطية عن تلك الأطعمة التي يحضرونها ؟
الجواب: حتى يباركها الرب.. ومن هو الرب ؟ الرب في زعمهم هو يسوع .. هو المسيح عليه السلام!! يأتي ليبارك لهم طعامهم ذلك في تلك المناسبة الكفرية، ثم بعد ذلك يأكلون من تلك اللقمة المقدسة بزعمهم.
كيف ينشرون تلك البدعة الكافرة في غير أرضهم، وفي غير بلادهم، في ديار المسلمين مثلاً ؟
إنهم يأتون إلى ديار المسلمين ويقيمون حفلات باسم (( حفلات التنكر ))، حفلات تنكرية، ويقولون: إنها للأطفال، للتسلية وللهو وللمتعة، ولكن الحقيقة - يا مسلمون -إنها استغواء لأبناء المسلمين المخدوعين المغرورين الجهلة الضعفاء. فحسبنا الله ونعم الوكيل .. إذ كيف يرضى جهلة المسلمين أن يشاركوا النصارى في مثل هذه الاحتفالات ؟ أيرضون ويعتقدون بنزول الرب عيسى عليه السلام ( بزعمهم ) في هذه المناسبة ليبارك لهم في طعامهم الذي يُطعم منه الأطفال في تلك المناسبة ؟ إن هذا كفر بواح، وكفر صريح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كلام للحافظ الذهبي رحمه الله :
قال الحافظ الذهبي في رسالته: تشبه الخسيس بأهل الخميس: (( فإن قال قائل: إنما نفعل ذلك لأجل الأولاد الصغار والنساء ؟ فيقال له: أسوأ الناس حالاً من أرضى أهله وأولاده بما يسخط الله عليه.
ثم قال: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (( من صنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، ولم يتب، حشر معهم يوم القيامة)). أخرجه البيهقي وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا القول منه، يقتضي أن فعل ذلك من الكبائر، وفعل اليسير من ذلك يجر إلى الكثير.
فينبغي للمسلم أن يسد هذا الباب أصلاً ورأساً، وينفّر أهله وأولاده من فعل الشئ من ذلك، فإن الخير عادة، وتجنب البدع عبادة.
ولا يقول جاهل: أفرَّح أطفالي.
أفما وجدت يا مسلم ما تفرحهم به إلا بما يسخط الرحمن، ويرضي الشيطان، وهو شعار الكفر والطغيان؟!
فبئس المربي أنت.. ولكن هكذا تربيت )) أ.هـ كلامه.
الأعيـاد في الإسـلام
إن الأعياد المتعلقة بالملل لها ارتباط وثيق بدين كل ملة من هذه الملل.فليس العيد مناسبة فرح، ومسألة عادة، أو تقليداً من التقاليد.
فإذا كانت هنـاك أعياد جرت بها العادة عند الغربيين ثم سرت عند بعض المسـلمين
(( كعيد الأم)) أو (( عيد ميلاد الشخص)) وغيرها، فإن هذا لا يخرج كون بقية الأعياد تتسم بالصبغة الدينية ولا سيما إذا ارتبطت بمناسبة تتعلق بالدين.
والأعياد في الإسلام هي:
1- عيد الفطر: الذي يعقب أداء ركن من أركان الإسلام وهو صوم رمضان قال تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون [ البقرة: 185]
والتكبير في العيد من شعائره. ولعيد الفطر صلاة يجتمع فيها كل أهل البلد، كما أن زكاة الفطر تؤدى قبل صلاة العيد. إذن عيد الفطر مناسبة دينية.
2- عيد الأضحى: الذي يعقب أداء ركن من أركان الإسلام وهو الحج. قال تعالى: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا . [ البقرة : 200].
والتكبير في العيد من شعائره. ولعيد الأضحى صلاة، ثم تنحر الأضحية تقرباً إلى الله في يوم العيد أو أيام التشريق.
فالأعياد عندنا - نحن المسلمين - لها الصفة الدينية. لهذا لا يجوز لنا أن نستقبل الأعياد الغربية ولو كانت من عاداتهم، فكيف إذا كانت أعياداً دينية. كما لا يجوز لنا أن نبتدع أعياداً أخرى في دين الإسلام كعيد المولد النبوي أو غيره.
حكم مشاركة النصارى في أعيادهم
ما حكم مشاركة النصارى في أعيادهم ؟ وما حكم تهنئتهم بها أو الإهداء إليهم أو التعطيل ( الأجازات ) في مناسباتهم...؟
لقد وردت أدلة ودلائل تشير إلى عدم مشاركة النصارى في أعيادهم بأي نوع من أنواع المشاركة، فمن ذلك( ).
أولاً: قال الله تعالى: والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً [الفرقان:72].
قال التابعي محمد بن سيرين في قوله: والذين لا يشهدون الزور.
قال : (( هو الشَّعاَّنين))( ). وقال مجاهد: (( هو أعياد المشركين)).وقال الربيع بن أنس((أعياد المشركين))، وقال الضحاك: ( هو عيد المشركين). وقال عكرمة: ( وهو لعب كان لهم في الجاهلية). وقال عمرو بن مرة: ( لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد هذه الأقوال: [ وقول : هؤلاء التابعين أنه (( أي الزور)) أعياد الكفار ليس مخالفاً لقول بعضهم: إنه الشرك أو صنم كان في الجاهلية. وقول بعضم إنه مجالس الخنا. وقول بعضهم : إنه الغناء. لأن عادة السلف في تفسيرهم هكذا، يذكر الرجل نوعاً من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه، أو لينبّه به على الجنس. كما لو قال العجمي: ما الخبز ؟ فيعطى رغيفاً ويقال له : هذا. بالإشارة إلى الجنس، لا إلى عين الرغيف. لكن قد قال قوم: إن المراد شهادة الزور التي هي الكذب. وهذا فيه نظر، فإنه تعالى قال: لا يشهدون الزور ولم يقل: لا يشهدون بالزور. والعرب تقول: شهدت كذا إذا حضرته، كقول ابن عباس: (شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقول عمر ( الغنيمة لمن شهد الوقعة ). وهذا كثير في كلامهم. وأما: شهدت بكذا، فمعناه: أخبرت به.
وهكذا سمى الله تعالى أعيادهم زوراً، ونهى عباد الرحمن عن حضوره وشهوده، فإذا كان حضور أعيادهم ومشاهدتها لا تنبغي فكيف بمشاركتهم فيها والموافقة عليها] أ.هـ كلامه.
ثانيا: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال : ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر) [ رواه أبو داود وصححه الألباني].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [فوجه الدلالة: أن العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلاَّ تركهم يلعبون فيها على العادة. بل قال : إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين. والإبدال من الشىء يقتضي تركَ المبدل منه. إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه ].
ثم قال رحمه الله: [ وأيضا فإن ذينيك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام، فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عهد خلفائه. ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما، ونحوه مما كانوا يفعلونه لكانوا قد بقوا على العادة. فلولا قوة المانع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكانت باقية ولو على وجه ضعيف. فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتاً، وكل ما منع منه النبي صلى الله عليه وسلم منعاً قوياً كان محرماً إذ لا يعني بالمحرم إلا هذا ].
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها، أشد من المحذور في أعياد الجاهلة التي لا نقرهم عليها. فإن الأمة قد حُذّروا مشابهة اليهود والنصارى، وأخبروا أنه سيفعل قوم منهم هذا المحذور. بخلاف دين الجاهلية، فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر، عند اخترام أنفس المؤمنين عموماً، ولو لم يكن أشد منه، فإنه مثله على مالا يخفى إذ الشر الذي له فاعل موجود : يخاف على الناس أكثر من شر لا مقتضى له قوي]. أ.هـ كلامه.
ثالثا: عن ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ينحر إبلاً ببوانة( ) فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت، أن أنحر إبلاً ببوانة ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ) ؟ قالوا: لا ، قال : ( فهل كان فيها عيد من أعيادهم )؟
قالوا: لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَوْفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم ). [رواه أبو داود .. وصححه الألباني].
قال ابن تيمية : [ أصل هذا الحديث في الصحيحين، وهذا الإسناد على شرط الصحيحين وإسناده كلهم ثقات مشاهير، وهو متصل بلا عنعنة].
فوجه الدلالة في الحديث كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح في مكان كان الكفار يعملون فيه عيداً، وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد، والسائل لا يتخذ المكان عيداً بل يذبح فيه فقط ( علماً بأن العيد لم يكن موجوداً وقت السؤال ). فقد ظهر أن ذلك سد للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم، خشية أن يكون الذبح هناك سبباً لإحياء أمر تلك البقعة ، وذريعة إلى اتخاذها عيداً مع أن ذلك العيد إنما كان يكون – والله أعلم – سُوقاً يتبايعون فيها ويلعبون ، كما قالت له الأنصار: يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية. لم تكن فيه أعياد الجاهلة عبادة لهم، ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين كونها مكان وثنٍ، وكونها مكان عيد]. ثم قال رحمه الله : [ وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار، الذين قد يئس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب، فالخشية من تدنسه بأوصاف الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوكد. كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم!!]. أ. هـ كلامه.
رابعاً: ومن حديث عائشة رضي الله عنها – كما في الصحيحين – قال صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل قوم عيداً ، وإن عيدنا هذا اليوم ) .
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه : تشبه الخسيس بأهل الخميس : [ فهذا القول منه صلى الله عليه وسلم يوجب اختصاص كل قومٍ بعيدهم،
كما قال الله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً. [ المائدة: 48].
فإذا كان للنصارى عيد، ولليهود عيد، مختصين بذلك، فلا يشاركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم، ولا قبلتهم.
ومن المعلوم أن في شروط عمر رضي الله عنه: ((أن أهل الذمة لا يظهرون أعيادهم)). واتفق المسلمون على ذلك، فكيف يسوغ لمسلمٍ إظهار شعائرهم الملعونة؟!.
ثم قال: [ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده))( ). وقال صلى الله عليه وسلم (( ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأمنع ممن يعملها، ثم لا يغيرون ذلك، إلا عمَّهم الله بعقاب منه))( ) ].
ثم قال : [ فوالله ما أدري ما تركْتَ من تعظيم النصرانية .. ووالله إنك إذا لم تنكر هذا، فلا شك أنك به راضٍ أو جاهل. نعوذ بالله من الجهل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من تشبه بقوم فهو منهم)).
فإن قال قائل: أنا لا أقصد التشبه بهم ؟. فيقال له: نفس الموافقة والمشاركة في أعيادهم ومواسمهم حرام، بدليل ما ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (( نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها)).
وقال : (( إنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار )). والمصلي لا يقصد ذلك. إذ لو قصده كفر، لكن نفس الموافقة والمشاركة لهم في ذلك حرام].
[ وفي مشابهتهم من المفاسد أيضا: أن أولاد المسلمين تنشأ على حب هذه الأعياد الكفرية لما يصنع لهم فيها من الراحات والكسوة والأطعمة وخبز الأقراص وغير ذلك.
فبئس المربي أنت أيها المسلم إذا لم تنه أهلك وأولادك عن ذلك، وتُعرِّفهم: أن ذلك عند النصارى، لا يحل لنا أن نشاركهم ونشابههم فيها.
وقد زين الشيطان ذلك لكثير من الجهلة، والعلماء الغافلين، ولو كان منسوباً للعلم، فإن علمه وبال عليه، كما قال : صلى الله عليه وسلم: (( أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه))( ). وكل من علم شيئاً وعمل بخلافه عاقبه الله يوم القيامة.
ويجب على ولي الأمر القيام في ترك هذا بكل ممكن. فإن في بقائه تجرّياًَ لأهل الصليب على إظهار شعائرهم. فينبغي لكل مسلم أن يجتنب أعيادهم، ويصون نفسه وحريمه وأولاده من ذلك إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر].
ثم قال: [ وقد زين الشيطان لكثير من الفاسقين الضالين من يسافر من بلد إلى بلد أو يرحل من قريته للفرجة على الفاسقين الضالين، وتكثير سوادهم. وفي الحديث : (( من كثَّر سواد قوم حشر معهم)).
وقال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. [ المائدة: 51]
وقال العلماء: ومن موالاتهم التشبه بهم، وإظهار أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائه في بلاد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم فقد أعانهم على إظهارها، وهذا منكر وبدعة في دين الإسلام، ولا يفعل ذلك إلا كل قليل الدين والإيمان. ويدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من تشبه بقوم فهو منهم)) ].
ثم قال: [ وأيُّ منكَرٍ أعظم من مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومواسمهم، .. وهم أذلة تحت أيدينا، ولايُشاركون، ويشابهوننا في أعيادنا، ولا يفعلون كما نفعل، فبأي وجه تلقى وجه نبيك غداً يوم القيامة ؟!! وقد خالفت سنته، وفعلت فعل القوم الكافرين الضالين أعداء الدين]. أ. هـ. كلامه.
خامساً: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : [ إن الأعياد من جملة الشرائع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه وتعالى : لكل أمةٍ جعلنا منسكاً هم ناسكوه. [ الحج: 67]. كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعة: موافقة في بعض شُعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر. فالموافقة فيها موافقة من أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولاريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه ] أ.هـ. كلامه.
تهنئة النصارى بأعيادهم:
وبعد هذا : فاتقوا الله يا عباد الله. اتقوا الله يا مسلمون
كيف تهنئون النصارى؟
كيف تهنئون الكفر (( بعيد الكريسمس)) ؟ ...
كيف تهنئونهم بعيد (( رأس السنة الميلادية)) ؟ ...
أيقول واحد من المسلمين لأحد الكفار : ( ميري كرسمس ) أو ( هابي نيويير ). كيف يقول للكافر : عيد سعيد ؟!! والله عز وجل قد توعد هذا الكافر بالنار يصلاها خالداً فيها أبداً.
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه العظيم (( أحكام أهل الذمة)). قال : [ أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، وذلك مثل أن يهنئهم بأعيادهم فيقول : عيدك مبارك. أو تهنأ بهذا العيد : ( أو العبارات التي نسمعها الآن ). فهذا إن سلم قائله من الكفر (( والعياذ بالله )). فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .. فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر، فقد تعرض لمقت الله وسخطه] أ. هـ. كلامه .
فيا إخواني المسلمون : لا يجوز أبداً أن تهنئوا وأن ترسلوا الكفرة ببطاقة تهنئة ومعايدة ، ولا يجوز تهنئتهم بعبارة أو أخرى . وكيف بالله عليكم تهنئونهم وهم النصارى الذين مكنوا لليهود في أرض فلسطين؟! هم الصليبيون الحاقدون بإرسالياتهم التبشيرية، يمكنون لليهود ولأعداء الله عز وجل أن يكيدوا ويبطشوا بالمسلمين ، وبعد ذلك يذهب بسيط من بسطاء المسلمين المغرورين ليهنئهم على ذلك .
كما لا يجوز لك أبداً أن تتقبل منهم بطاقة معايدة بل ردها عليهم .
إهداء النصارى وإعانتهم على أعيادهم:
ومن التبجح حقاً – أيها الأخوة – أنَّ من المسلمين من يهدي للكفار بهذه المناسبة (( شجرة الكريسمس)) مزينة بالأنوار . علماً بأن هذه الشجرة هي أيضاً رمز ديني لعقيدتهم الباطلة. كما قال سبحانه وتعالى لمريم: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً [مريم : 25] .
فهم يعتقدون أن مريم ولدت المسيح عليه السلام تحت شجرة .. وهكذا يتخذون هذه الشجرة رمزاً دينياً لهم . فإذا ما أصبح الصباح وجد الكبار والصغار الهدايا تحت هذه الشجرة. فيتساءل الطفل: من أين هذه الهدية؟ من جاء بهذه الهدية إلى هنا؟. عندئذ يقولون : إن هذه الهدية منحة من الرب يسوع، أرسلها عن طريق ذلك الدجال الذي يسمونه ( بابا نويل ) .. فهل يجوز لنا يا موحدون أن نهديهم تلك الشجرة أو غيرها؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : [ ولا يجوز بيع كل ما يستعينون به على إقامة شعائر دينهم ] ، أي لا يجوز أن يباع لهم أي شيء يستعينون به على إقامة كفرهم وضلالهم وشعائرهم الدينية، فالذي يستورد لهم شجرة الميلاد، والذي يبيع لهم أنوار الزينة ، والذي يبيع لهم بطاقات المعايدة والتهنئة ، والذي يؤجر لهم الفنادق أو المسارح أو الأحياء المغلقة، أو المجمعات السكنية ليقيموا فيها حفلات الميلاد، فعمله هذا حرام، وهو معصية، وهو تواطؤ مع الكفر وأهله، ومالُهُ الذي يجنيه من ذلك سحت . (( وأي لحم نبت من سحت فالنار أولى به )) .
عطلة عيد ( الكريسمس ) وعيد رأس السنة :
ومن مشاركة الكفار في أعيادهم الكافرة ما ابتلي به بعض السلمين اليوم – ويا للأسف – من تعطيل للدوائر أو الأعمال الرسمية بهذه المناسبة؛ بمناسبة عيد ( الكريسمس ) يعطلون، وبمناسبة عيد رأس السنة الميلادية يعطلون . وفي ذلك - أيها الإخوة – إظهار لشعار دين النصارى واحتفاء بأعيادهم ودينهم. ولربما سأل طفل نفسة أو سأل أباه: لماذا نأخذ عطلةً يا أبي في هذا اليوم. فبماذا يجيبه ؟ أيقول له: بمناسبة عيد ميلاد المسيح الرب الذي ينسبون بنوته الله تبارك وتعالى ؟ أم بماذا يجيبه ؟ ..
وربما سأل إنسان عاقل نفسه: لماذا نعطل مصالحنا وأعمالنا في يوم ( الكريسمس ) وفي يوم رأس السنة الميلادية ؟ مع أن الدول التي بها أقليات إسلامية لا تأخذ يوم استهلال العام الهجري عطلة؟ ( طبعاً .. مع عدم تأييدنا لذلك ) .. لماذا نحن نعطل بمناسباتهم وهم لا يعطون المسلمين إجازة في مناسباتهم وأعيادهم؟..
والجواب أيها الإخوة: هو أننا أمة مقلدة ولسنا أمة إبداع وثبات على المبدأ.
ولا يقولن قائل ساذج: إن إيجاد عطلة ليوم رأس السنة أو غيرها لهم هو عمل من باب التسامح مع الأديان الأخرى .
.. فهذا قول مرفوض مردود على صاحبه، وتلك فلسفة براقة خادعة، فإن الدول النصرانية- كما ذكرت – لا تأبه للمسلمين، ولا لأعيادهم رغم أن نسبة المسلمين قد تصل في بعض البلدان النصرانية إلى أكثر من 26% ..فلماذا نكرمهم وهم يهينوننا؟ لماذا نقدِّرهم وهم يسخرون بنا، بل ويحاربوننا. إن مثل هذه المعادلة لا يشعر المسلم معها بالعزة والكرامة، بل يشعر بالذلة والمهانة.
وأما دعوى التسامح، فإن التسامح لا يكون من الأضعف المقلد إلى القوي المبتدع، كما أن الأعياد الدينية النصرانية الكافرة ليست من أبواب التسامح مع الكفار.
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد والإفتاء:
ولقد جاء في نص فتوى اللجنة الدائمه للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد والإفتاء لهيئة كبار العلماء التي وقع عليها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – بأنهم قالوا : [ لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم، ويظهر لهم الفرح والسرور بهذه المناسبة، ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية، لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة، ولقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) ]مجلة الدعوة في العدد 816 .
المسلمـون في سيـاق التغـريب
.. والنصــارى
يهينـون المسيـح عليه السـلام
وفي سياق الإكراه لهذه الأمة على التغريب وتطبيعها بما ليس في دينها، تقوم بعض الشركات والمؤسسات والهيئات في بلاد المسلمين في كل عام بالاحتفالات بعيد ميلاد المسيح عليه السلام . وإنها ورب الكعبة .. وإنها والله العظيم: إهانة بالغة، وأيما إهانة للمسيح عليه السلام، أن يمارس هؤلاء المحتفلون من الكفرة والمسلمين الجهلة، ألوناً من المجون وأشكالاً من العربدة ثم يربطون هذا اللهو وذاك العبث بنبي ورسول كريم من أولي العزم، من الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى بالرسالات العظيمة وبالكتب السماوية.. والعجب كل العجب.. الذي لا ينقضي ولا ينتهي هو: حين يتابع الإنسان أخبار هذه المناسبة الكافرة المختلقة. حتى أن المسلم الغيور يشك أنه في بلد من بلدان المسلمين وهو يرى الرجال والنساء والأطفال والشباب والأسر والعائلات، يراهم يتدافعون ويتزاحمون لحضور تلك الاحتفالات، وليروا ذلك الابتهاج الذي صنعه الكفار، وكأن ذلك إقرار من المسلمين بعقيدة النصارى الكفرية . ترى بعض الشباب وبعض الناس – لا حول ولا قوة إلا بالله، في تلك الأيام، وقد سمعنا بهذا، وقد حصل هذا – يأخذون إجازةً ويسافرون خارج البلاد ليقضوا تلك الليلة الحمراء بمناسبة عيد رأس السنة ساهياً لاهياً لاعباً مخموراً مسكوراً ، ثم يعود بعد ذلك إلى جامعته أو وظيفته وهو مخمور مسكور.. بل ومنهم – ويا لأسف- من حجز له مكاناً في أحد الفنادق الداعرة التي لا تقيم شريعة الله ولا تقيم تعاليم الإسلام حتى لا تفوته المشاركة مع النصارى في أعيادهم .
ساعة الصفر:
ويحتفل العالم النصراني الكافر في العالم بعيد رأس السنة الميلادية وتمتليء كؤوس الخمرة ليلة رأس السنة ، ويبلغ الإنحلال أقصاه في ساعة الصفر التي تُطفأ فيها الأنوار في الساعة الثانية عشرة، تطفأ الأنوار ليتمكن شياطين الإنس من ممارسة مقارفة معصية الله تبارك وتعالى .. ففي تلكم اللحظة يستباح المحظور جهاراً، وتدبُّ رعشات الرذيلة والميوعة..
حقاً إنها (ساعة الصفر) : من العرض والشرف ..
إنها (ساعة الصفر) : من البناء الخلقي والدين .
إنها (ساعة الصفر) : من الرجولة والحياء .
وإذا ببعض المسلمين يجاملون الكفار على حساب دينهم، وإذا بهم يشاركونهم الفرحة والسرور، يشاركونهم في الدعارة والفجور ولا حول ولا قوة إلا بالله .
التبعية الغربية:
فهل نحن يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .. هل نحن مجرد تابعين للمدنية الخرقاء الغربية الجاهلة الكافرة التي أذلت كبرياءنا وفرقتنا شر ممزق،وحولتنا إلى عشرات الدول المتخلفة ؟! .. إنها ليست تبعية فحسب ، بل إنها تبعية ننظر إليها بانبهار وإعجاب.
...فما تمر - وللأسف – بأعدائنا أية مناسبةٍ من المناسبات إلا وترى التهاني ، والتبريكات، والأماني المعسولة من بعض المسلمين تنهال إلى الكفار في تلك المناسبات .
مناشدة ... ومصارحة
أيها الإخوة الأعزاء ....
.. إننا لا نريد إخفاء رؤوسنا في الرمال ونحن نتصدى لمسألةٍ خطيرة تتعلق بالدين .. لا . يا أيها الأحباب .. فإذا كان القائمون على هذه الأعياد من الكفار الذين لا تثريب عليهم إن لم يعتدّوا بقيم الإسلام ويحترموا شعائره ( فما بعد الكفر ذنب) ، فإن اللوم والتثريب يقع :
أولاً : على المسؤولين المسلمين الذين يطلقون العنان لهؤلاء الكفرة يستبيحون حمى المسلمين بأعيادهم الكفرية .
ثانياً : ويقع التثريب عليكم أنتم يامسلمون ثانيةً، يا من تشاركون النصارى في أعيادهم بجهلٍ أو بغرور.
أسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل.
وختامـاً ...
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوَّي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل [ الممتحنة :1]
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم دمر اليهود الكفار الملاعين، اللهم دمر الصليبيين الحاقدين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا عدواً حاسداً.
وصلى الله على عبده ورسوله محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم
سؤال وجواب للشيخ ابن عثيمين
في حكم تهنئة النصارى بأعيادهم ومشاركتهم فيها
بسم الله الرحمن الرحم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
س: ما حكم تهنئة الكفار بعيد الكرسمس؛ لأنهم يعملون معنا؟ وكيف نرد عليهم إذا حيونا بها؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة، وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد وإنما فعله إما مجاملة أو حياء أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب، وهل يجوز التشبه بهم في ذلك ؟ أفتونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جـ: تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه ( أحكام أهل الذمة ).
حيث قال: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب؛ بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر؛ فقد تعرض لمقت الله وسخطه. انتهى كلامه رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنيء بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم وقال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً . وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنؤنا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق وقال فيه: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم لها لما في ذلك من مشاركتهم فيها. وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( من تشبه بقوم فهو منهم)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء . انتهى كلامه.
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو تودداً أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم ويرزقهم الثبات عليه وينصرهم على أعدائهم إنه قوي عزيز.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبــــــه
محمد الصالح العثيمين
في 25 / 5 / 1411هـ
فتوى في التعامل مع الكفار
للشيخ ابن جبرين
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو هيئة كبار العلماء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أما بعد :
ما حكم أخذ الأعلام الكفرية التي تمثل شعارات الكفار ورفعها أمام المسلمين، وما حكم تبادل الهدايا معهم ولعب الكرة واللهو معهم والتودد إليهم والجلوس والضحك معهم ولبس أزيائهم والتشبه بهم.
والله يحفظكم ويرعاكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد بين العلماء المنع من هذه الأمور كلها وتحريمها، فقد صنف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ذلك كتابه الكبير ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) وكتب في ذلك أئمة الدعوة.
مثل رسالة ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) ورسالة ( حكم موالاة أهل الإشراك ) كلاهما للشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد رحمهم الله، ومثل رسالة ( بيان النجاة والفكاك من موالاة أهل الإشراك ) للشيخ حمد بن عتيق. وتكلم على ذلك الفقهاء في كتب الفقه في الجهاد قال في ( الروض المربع ): ولا يجوز تصديرهم في المجالس ولا القيام لهم ولا بداؤهم بالسلام أو بكيف أصبحت أو أمسيت أو حالك ولا تهنئتهم ولا تعزيتهم وعيادتهم وشهادة أعيادهم، لحديث أبي هريرة مرفوعا (( لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقها ...)) الخ وقد سرد الشيخ سليمان بن عبد الله في حكم موالاة أهل الإشراك واحداً وعشرين دليلا من الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم
ونقل عن عبد الله بن عتبة قال: ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر، وأورد ابن عتيق بعض الآيات كقوله تعالى: والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فتبين أن موالاة المؤمن للكافر سبب الافتتان في الدين بترك واجباته وارتكاب لحرماته والخروج عن شرائعه وسبب للفساد في الأديان والأبدان والأموال، فأين هذا من قول أهل الفساد والمجون: إن موالاة المشركين صلاح وعافية وسلامة. ثم ذكر الأمور المحظورة في ذلك منها: ترك اتباع أهوائهم ومعصيتهم فيما أمروا به لقوله تعالى : إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم ومنها : ترك الركون إليهم وترك موادتهم ولو كانوا أقارب، وترك التشبه بهم في الأفعال الظاهرة؛ لأنها تورث محبة في الباطن، واستدل بحديث: (( من تشبه بقوم فهو منهم ))، وبقول عمر: لا تعلَّموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيديهم .اهـ.
شوال 1411هـ