من يقي الإسلام شرور تيار المسيحية الصهيونية ؟!

من يقي الإسلام شرور تيار المسيحية الصهيونية ؟!
 

محمود كعوش

فيما يمكن اعتباره خروجاً عن المألوف في النهج الذي سلكه منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ، دعا القس الإنجيلي الأميركي المتشدد والمرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة بات روبرتسون إلى اغتيال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، بدعوى منعه من تحويل بلاده إلى أرض خصبة ومنطلق " لانتشار الشيوعية والتطرف الإسلامي ".

ففي تجاهل متعمد للقيم المسيحية السمحة التي يفترض أن يتصف بها كرجل دين مسيحي، فاجأ روبرتسون العالم بمطالبته الإدارة الأميركية أثناء عظة دينية ألقاها في 22 أغسطس/آب الماضي باستخدام قدرات الولايات المتحدة للتخلص من الرئيس الفنزويلي عن طريق الاغتيال الجسدي. وقد جاء في عظة روبرتسون ما حرفيته " لدينا القدرة على أخذه على حين غرة، وأظن أن الوقت قد أزف لممارسة هذه القدرة ".

وفيما لم يعط القس الذي يعتبر من عتاة المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة إيضاحات بخصوص ربط الشيوعية بالإسلام ونذر تحول فنزويلا إلى أرض خصبة ومنطلق لما أسماه " التطرف الإسلامي "، علل مطالبته باغتيال شافيز بعدم حاجة بلاده لشن حرب مماثلة لحرب العراق ستكلفها 200 بليون دولار إضافية، باعتبار أن " القيام بعملية سرية تؤدي المهمة هو أفضل وأيسر من شن الحرب ".

وفي محاولة للظهور بثوب الطهارة والبراءة، قال بات روبرتسون " تعلمون أني لست خبيراً بطرق وأساليب الاغتيال، لكن إذا كان شافيز يظن أننا نحاول اغتياله فإني أعتقد أنه ينبغي علينا المضي قدماً في ذلك الأمر وتنفيذه "، مطمئناً الأميركيين بأن غياب شافيز عن المسرح السياسي لن يؤثر على تدفق النفط الفنزويلي إلى الولايات المتحدة.

وتعد فنزويلا خامس أكبر مصدر للنفط في العالم وأحد الروافد الهامة التي تمد الولايات المتحدة بالنفط الخام، حيث أن 59 في المائة من صادراتها تذهب للسوق الأميركية.

وقد عرف هوغو شافيز بتعاطفه مع القضايا والحقوق العربية والإسلامية ومناهضته لسياسات الرئيس الأميركي جورج بوش الخارجية. ولعله كان من أبرز قيادات العالم انتقاداً لغزو العراق واحتلاله، إن لم يكن أبرزهم. وهو حتى اللحظة الراهنة يطالب الإدارة الأميركية بسحب قواتها منه ومنح الشعب العراقي حرية تقرير مصيره بنفسه في ظل قيادته الشرعية. وقد صرح شافيز أكثر من مرة بأنه لا يستبعد قيام المخابرات المركزية الأميركية بتنسيق ودعم عمليات لاغتياله.

وتأخذ الإدارة الأميركية على شافيز صداقته الحميمة للرئيس الكوبي فيدل كاسترو وبعض القيادات العربية والإسلامية المناهضة لسياساتها. إلا أنه لم يسبق لها أن طالبت باغتياله علناً أو أن وجهت له اتهاماً مشابهاً لاتهام روبرتسون له. هذا ولم يسبق للإدارة والأجهزة الأمنية الأميركية أن سجلت شواهد أو مؤشرات على علاقة شافيز بما أسماه روبرتسون " التطرف الإسلامي، الأمر الذي يفرغ ربط هذا التطرف المزعوم بالشيوعية من أي حجة أو مضمون منطقي.

بدعوته الفجة والصفيقة لاغتيال الرئيس الفنزويلي، أضاف القس بات روبرتسون إلى لائحته " الشيطانية " عنواناً جديداً من خارج العناوين التي ألفناها، إذ درج بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول على حصر هجومه ضد الإسلام والمسلمين والقرآن الكريم وقيادات عربية وإسلامية تصدرها الرئيس العراقي الأسير صدام حسين.

ويعتبر روبرتسون الذي وقف وراء تأسيس مجموعة الضغط السياسي والديني المسماة " الائتلاف الديني " بعد ذلك التاريخ واحداً من أبرز رموز حملة اليمين المسيحي المتصهين ضد الإسلام. ففي شهر فبراير/شباط 2002 حمل على النبي محمد (ص) بقوله " إن محمداً متطرف ومتعصب بشكل مطلق ومسعور "، واتهم الديانة الإسلامية بـ " النزعة التوسعية ". واعتبر أن المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة " مبشرون يسعون إلى نشر العقيدة الإسلامية "، مضيفاً أن " الإسلام ليس ديناً مسالماً يرغب في التعايش وأن المسلمين يريدون التعايش إلى أن يتمكنوا من السيطرة ومن ثم التدمير إذا اقتضت الحاجة "!!

مثله مثل معلمه بيلي غراهام وزميليه جيري فاينز وفرانكلين غراهام في حملة البذاءات ضد الإسلام، تميز روبرتسون بكونه مقرباً من الرئيس جورج بوش وأحد المحركين الرئيسيين للقاعدة المسيحية الأميركية باتجاه الحزب الجمهوري الحاكم. وكان قد تكهن بفوز " كاسح " لبوش في انتخابات الرئاسة الأخيرة. ومن فرط إعجابه به دأب على وصفه بـ " الراعي الصالح ". وقد أوصله حقده على الإسلام والمسلمين إلى حد أنه دعا في عام 2003 إلى تفجير مبنى وزارة الخارجية الأميركية لمنح إدارة بوش " ذريعة منطقية وحجة مقبولة " لملاحقة من وصفهم بـ " القيادات الشرق أوسطية الإرهابية والفوز في الحرب على الإرهاب "!!

صحيح أن روبرتسون تراجع عن دعوته لاغتيال الرئيس الفنزويلي بعد يومين من إطلاق تلك الدعوة، مدعياً أنها صدرت عنه تحت وطأة ظروف نفسية حادة واكتئاب طارئ!! إلا أنه لم يتراجع عن تحريضه ضد الإسلام الذي أرفقه بتلك الدعوة، والذي جاء في سياق مألوف بالنسبة له وفي السياق العام لحملة البذاءات التي استهدفت الدين الحنيف منذ أربع سنوات بالتمام والكمال، والتي ولجت في الشهور الأخيرة مرحلة جديدة من التصعيد مع دخول بعض المذيعين والمعلقين السياسيين على خط القساوسة والمبشرين الإنجيليين. ففي 27 يوليو تموز الماضي وصف المذيعان في شبكة " وستوود وان " الأميركية جاكي مايسون وراؤول فيلدر الإسلام بـ " دين الكراهية والقتل ". وفي آخر ذلك الشهر وصفه المذيع في محطة " دبليو.أم.إيه.أل " الأميركية أيضاً مايكل غراهام بـ " المنظمة الإرهابية ".

إذاعة " دبليو.أم.إيه.أل " اضطرت قبل أيام إلى فصل غراهام من وظيفته تحت ضغط الشركات المعلنة، بعد أن رفض سحب اتهاماته للإسلام وتقديم اعتذار للمسلمين. ومن غير المستبعد أن تحذو شبكة " وستوود وان " حذوها قريباً تحت ضغط مماثل ليجد مايسون وفيلدر نفسيهما خارج الشبكة، ما لم يسحبا اتهاماتهما للإسلام ويقدما اعتذارهما للمسلمين. إنما من سيوفر مثل هذا الضغط على الرئيس جورج بوش وإدارته لكم فم بات روبرتسون وأفواه أمثاله من القساوسة والمبشرين الإنجيليين داخل تيار المسيحية الصهيونية ليقي الإسلام والمسلمين شرورهم؟ سؤال ينتظر الإجابة!!
 

المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2005/09/08/27961.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك