حوار مع الصوفية

حوار مع الصوفية

تأليف
أبو بكر العراقي

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له،وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا كتاب((حوار مع الصوفية))نقدمه للأخوة طلاب العلم عسى أن ينفع الله به وأن يهدي به قوماً قد ضلوا عن سبيل الله عز وجل وجل،دافع فيه مؤلفه عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-وعن دعوته دعوة التوحيد الخالص فجزاه الله خيرا.
ومؤلف هذا الكتاب أحد الدعاة إلى الله عز وجل وهو أخونا الشيخ:أبو بكر العراقي وفقه الله لما يحبه ويرضاه.
وهو من الذين يدعون إلى الله عز وجل وإلى توحيده وإلى نبذ البدع والخرافات.
وهو ممن يعاصر كثيرا من قضايا هذا الكتاب نسأل الله عز وجل أن يعينه في دعوته وأن يزيده خيرا وثباتا.
وقد أهدى إلى -حفظه الله- نسخة من كتابه هذا فوجدته يبحث موضوعا مهما على اختصاره ورأيته يستحق النشر عسى الله أن ينفع به.
فقمت بالإشراف على طبعه وتصحيحه حسب الاستطاعة.
أسأل الله أن يجنبنا الزلل وأن يغفر لنا وأن يوفق مؤلف هذا الكتاب وأن ينفعه وينفع به ويثبتنا وإياه وأن وينفع قارئه.
ثم إن الدين النصيحة فمن وجد خللا فليرشد ولينصح ومن أراد أن يرسل بنصيحة أو تصحيح أو تنبيه فجزاه الله خيرا وله الشكر والتقدير وهو مأجور إنشاء الله.

وكتب أبو يزيد السبيعي
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
(ويرحم الله عبدا قال آمينا)
الرياض- ليلة الجمعة الموافق3/5/1410هـ
العنوان:ص.ب 60517 الرياض 11555

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له عليه توكلت وإليه أنيب اللهم صلي وسلم على نبيك وصفيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:

فهذا ملخص حوار دار بيني وبين عدد من شيوخ الصوفية في العراق في مجالس متعددة ومحافظات متفرقة حول الدعوة المباركة التي قام بها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله ورضوانه، وما يثار حولها من مسائل ويقال عنها من شكوك أجبت في هذا الحوار عن كل المسائل والشكوك المثارة وبينت فيها الحق والصواب الذي كان عليه الإمام وأتباعه وأبطلت كل ما يفتري عليه وعلى أتباعه.
وسميته(( حوار مع الصوفية)).

أسأل الله سبحانه أن يوفقني لخدمة دعوة التوحيد واتباع السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

محب الشيخين أبو بكر العراقي
1/ رمضان/ 1409هـ.

(( أهم الطرق الصوفية في العراق))
الطرق الصوفية بشكل واسع لكثرة الدعاة المضلين لها ولجهل كثير من الناس لأبسط أمور الدين فكيف بأهمها وهو التوحيد الذي بعث الأنبياء والرسل بالدعوة إليه وإبعاد الناس عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وأمرهم بعبادته سبحانه وتعالى وحده.
* ومن أهم الطرق الصوفية عندنا في العراق ما يلي:
(1) الطريقة القادرية: التي تنسب زورا وبهتانا إلى الشيخ عبد القادر الجيلي (470هـ 561هـ) وهي أكثر الطرق انتشارا في العراق وتتفرع عنها كثير من الطرق الأخرى كالكسنزانية والفربكانية. ومن شيوخ هذه الطريقة المشهورين المدعو محمد بن عبد الكريم المسمى بالوارث تورث المشيخة عن أبيه مع العلم بأن الأب والابن لا يقيمان لأركان الإسلام كالصلاة والصيام وزنا ولا يؤديان الفرائض ولا النوافل ويعتقد فيهما العوام الولاية، أعاذنا الله من شر الاعتقاد.
(2) الطريقة الرفاعية:التي تنسب إلى الشيخ أحمد الرفاعي قطب الأقطاب وغوث الأغواث وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مد يده الشريفة إليه فقبلها وهذه الأكذوبة لا يصدقها إلا ناقص عقل ودين.
وأهم شيوخ الطريقة الرفاعية في العراق هم:
1. طه هلول عواد النعيمي الذي أخذ المشيخة عن أبيه إرثا سنة 1389هـ بعد وفاته ولا زال الابن حيا ويسكن كركوك.
2. إبراهيم عبد الكريم الجنابي.
3. مصطفى عبد الكريم الجنابي.
4. ستار الجنابي.
5. جبار الجنابي، الساكنون جميعا في قضاء الخالصي/ ديالى ويدعي كل من هؤلاء أنه شيخ الطريقة.
6. عبد الله النامس الرفاعي الذي يسكن (( صلاح الدين)).
7. محمد عبد الوهاب الذي يسكن بغداد.
8. إبراهيم الراوي الذي يسكن محافظة الأنبار. وكل هؤلاء يزعمون أنهم شيوخ الطريقة الرفاعية ولا مثيل لهم.
(3) الطريقة النبهانية: وتنسب إلى الشيخ محمد النبهاني الشامي وهي من الطرق الجديدة التي ظهرت في سوريا وانتشرت في العراق بواسطة الشيخين: ناظم العاصي العبيدي، ومحمود مهاوش الكبيسي اللذين توفيا سنة 1403هـ 1983م . وتولى المشيخة بعدهما المدعو ماهر محمود مهاوش الكبيسي إرثا هن أبيه.
(4) الطريقة الخضرية: تنسب إلى الخضر- عليه السلام- وانتشرت حديثا، وليس لها شيخ معترف به باقي شيوخ الطرق الصوفية.
(5) الطريقة النقشبندية: وتنسب إلى ولي الله شاه نقشبند محمد بهاء الدين( 717هـ - 791هـ ) الذي نشأ وعاش في الهند ومن هناك انتشرت في البلاد الإسلامية.
ثم ظهر الشيخ خالد النقشبندي في بلاد الشام ومنه انتشرت في العراق. وظهر من شيوخها في الشام: أبو النصر محمد خلف الجندي الحمصي (1292هـ- 1368هـ). ومن شيوخها في العراق: مصطفى كمال الدين النقشبندي الذي توفي 1408هـ /1988م وتولى المشيخة بعده إرثا عنه الدكتور عبد الله ولا زال يتولاها.
(6) وهناك طرق صغيرة ليس لها كثير أتباع مثل: الملوية والشاذلية.
ويتفق كل هؤلاء على جواز التوسل والاستغاثة بغير الله والحلف والاستعانة كذلك وينذرون لأضرحة شيوخهم، ويزورون القبور يطلبون العون والمدد من أصحابها، ويعبدون الله وأكثرهم مشركون.

((قبل بدء الحوار نصيحة ورجاء))
نصيحتي إلى كل مسلم حريص وغيور على دينه وعقيدته أن يقرأ كتب شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله – ويتصل بتلاميذ دعوته وهو كثر والحمد لله، ثم بعد ذلك يحكم على دعوته المباركة وعلى الداعين إليها.
إخوتي في الله لقد كنت تلميذا في المدرسة الدينية في مدينتنا وكان شيخ المدرسة- وهو أحد الصوفية على الطريقة القادرية- يكلمنا عن الشيخ ودعوته بما ينافي الحق والحقيقة.
وكان ينهانا عن قراءة كتبه وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم- رحمهم الله تعالى-. حتى إنه رسم لنا صورا مخفية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكان يطلق عليها لفظ الوهابية تنفيرا ويقول بأنه مذهب خامس خارج عن مذاهب الإسلام.
وقد كتب الله تعالى لي الدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في كلية الشريعة فرأيت عكس ما سمعت من شيوخ السوء والفتنة رأيت رجال دعوة التوحيد رجال علم وقرآن وخير وبركة متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم محافظين على تعاليم الإسلام ويعتبرون أنفسهم خدما للإسلام ودعوة التوحيد المباركة.
ونهلت من منهل الجامعة الإسلامية وكلية الشريعة منهل الكتاب والسنة. إلا أني لا أكتم سرا إذا قلت أنه حين تخرجي لا زال في بعض ما كنت عليه سابقا قبل دخول الجامعة عالقا في ذهني من أقاويل شيوخ السوء، رغم أنني لم أعترف بالصوفية منذ صغري بل كنت أبغضها بغضا شديدا حيث كنت أرى بنفسي ما يأتون من منكرات ومخالطة الرجال للنساء الأجنبيات والمردان وتركهم الصلاة، والذي يصلي منهم لا يشهد الجمعة ولا الجماعة، ولا يصومون ويجهرون بالإفطار في رمضان وإذا سألتهم عن هذا أتوك بحجج واهية أوهى من بيت العنكبوت.
وبعد تخرجي من الجامعة سنة 1397هـ شاء الله سبحانه أن أقوم بوظيفة الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد في أحد جوامع مدينتنا المهمة فرأيت البدع منتشرة في الجامع بين صفوف المصلين فبدأت مستعينا بالله تعالى بتغييرها مستخدما الحكمة والموعظة الحسنة.
فأثار هذا العمل المبتدعة وأصحاب المصلح وعلماء السوء والفتنة فقالوا: فلان وهابي ويدعو للمذهب الوهابي لأنه خريج السعودية إلى آخر كلامهم الذي لا يراد به إلا الباطل. وكما يقال: ((رب ضارة نافعة)) فعاهدت الله بعد ذلك بأن أكون أحد خدمة دعوة التوحيد والداعين إليها ولا أخشى في الله لومة لائم فعكفت على دراسة كتب التوحيد كتب شيوخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب- رحمهم الله تعالى-. وقرأت عن حياة الإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- الكثير وبخاصة موقفه من فتنة خلق القرآن الكريم فأثر ذلك على حياتي تأثيرا إيجابيا أعادها إلى حضيرة التوحيد خالصة وإلى الإسلام صافية، والحمد لله رب العالمين. وقلت وقتها كما قال الشيخ عمران بن رضوان- رحمه الله تعالى-:
إن كان تابع أحمد متوهبا
فأنا المقر بأنني وهاب
ي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي
رب سوى المتفرد الوهاب

لا قبة ترجى ولا وثن ولا
قبر له سبب من الأسباب

أيضا ولست معلقا لتيمية
أو حلقة أو ودعة أو ناب

لرجاء نفع أو لدفع بلية
الله ينفعني ويدفع ما بي ( )

وبعد ذلك أصبحت أحد تلاميذ الدعوة داعيا إليها موضحا طريقها شارحا سيرة دعاتها فدخل بفضل الله سبحانه غي هذه الدعوة المباركة واستجاب لها عدد كبير من الشباب والشيوخ والنساء والرجال فأصبحوا من المحبين لها الداعين إليها ونبذوا ما كانوا عليه من مسائل الجاهلية والحمد لله الهادي إلى سواء السبيل.
فيا إخوتي في الله هذا هو الطريق الحق فسارعوا إليه فمن اهتدى فلنفسه ومن أساء فعليها ودع قول المبتدعة وأهل الشعوذة والدجل وتوكل على الله ومن يتوكل عليه فهو حسبه والله مع الصابرين.

((بدء الحوار))
قال الصوفي: أنت الوهابية مذهب خامس لا تعترفون بالمذاهب الأربعة ولا ترون الاجتهاد بل إن الوهابية تقف عند النصوص ولا تتقيد بمذهب معين.
قلت:
أعرفك أيها الصوفي أولاً بمعنى الوهابية، والوهابية نسبة غير صحيحة إذ لم يكن الشيخ عبد الوهاب والد مجدد الدعوة هو الذي قام بدعوة التوحيد وإنما قام بها الشيخ الابن محمد بن عبد الوهاب رحمها الله.
إذ كان المفروض أن تنسب إليه فيقال: الدعوة المحمدية بدلا من الوهابية لأنها النسبة الصحيحة، لكن أعداء الدعوة عكسوا الأمر للتنفير فنسبوها إلى الأب دون الابن لغاية في أنفسهم.
وقد تنسب الدعوة إلى الوالد أو الجد كما يقال الشافعية أو الحنبلية وهذا لا عيب فيه ونسبة دعوة التوحيد إلى الشيخ عبد الوهاب كذلك.
لكن ما معنى الوهابية؟ الوهاب: اسم من أسماء الله الحسنى معناه: المعطي المانح الواهب فهي تسمية مباركة نسبت بأحد أسماء الله الحسنى ((الوهاب)) فالوهابية على هذا معناها المعطية تعطي الإنسان عقيدة سليمة وتمنحه السير على الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح، وتهبه الأمان أمان العقيدة الصافية الخالية من الشرك والشعوذة والدجل.
أما كون الوهابية مذهب خامس فهو مما ينكره الواقع ويدفعه المنطق لأن الشيخ في الأصول والعقائد على عقيدة السلف الصالح- رضي الله عنهم أجمعين- وفي الفروع على مذهب الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل- رحمه الله تعالى- ولم يكن يخرج عن مذهبه في الفروع كخروج شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رغم اجتهاد الاثنين في بعض المسائل خالفا فيها المذهب وذلك عندما يتبين له دليل يخالف المذهب فيأخذ به اتباعا للحق وأخذا بالدليل. وهذه كتبه ورسائله تشهد على ذلك. وإنه يعترف بجميع المذاهب السنية كالحنيفية والمالكية والشافعية والثورية وغيرها من مذاهب معترف بها.
فالذي يقول مذهب خامس بين جهله وأنه لا يعرف العلم ولا العلماء فإن الذي قام به الإمام لا يقال له مذهب خامس وإنما دعوة للتوحيد الخالص ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء).
وأما ما جرى على ألسن العلماء من قولهم مذهب فلان أو ذهب إليه فلان فإنما يقع في الأحكام لاختلافهم فيها بحسب بلوغ الأدلة وفهمها وهذا لا يختص بالأئمة الأربعة بل مذاهب العلماء قبلهم وبعدهم في الأحكام كثيرة. فقد جرى الخلاف بين الصحابة والفقهاء السبعة من التابعين في مسائل خالف بعضهم فيها بعضا، والمقصود من قول هذا الجاهل مذهب خامس قول فاسد لا معنى له كحال أمثاله من أهل الجدل والزيغ في
زماننا( ).
ثم إن اتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرون الاجتهاد وأن الاجتهاد لم يرفع إلى قيام الساعة إذا توافرت شروطه.
وكون الوهابية لا يتقيدون بمذهب معين فهذا هو رأي فقهاء الإسلام وقال به أصحاب المذاهب الأربعة وأئمته:
(1) قال الإمام أبو حنيفة- رحمه الله تعالى- :
(( إذا صح الحديث فهو مذهبي))( ) وقال- رحمه الله تعالى-: (( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)) – وفي رواية عنه- (( حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي، فإنا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا))( )، وقال أيضا-رحمه الله تعالى-: (( إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي))( ).
(2) وقال الإمام مالك بن أنس-رحمه الله تعالى -:
((إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة
فاتركوه)).وقال:
((ليس أحد بعد النبي الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ))( )
(3) وقال الإمام محمد بن إدريس الشافعي-رحمه الله تعالى-:
((ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتغرب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي))( ). وقال ((إذا صح الحديث فهو مذهبي))( )، وقال: ((إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافة فاعلموا أن عقلي قد ذهب))( )، وقال- رحمه الله تعالى-: ((كل ما قلت فكان خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم فحديث النبي أولى فلا تقلدوني))( ).
(4) وقال الإمام المبجل أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى-:
((لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا ألا وزعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا))( ). وقال: ((من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكه))( ).
فهذه هي أقوال الأئمة الأربعة كلها تنهى عن التقليد بدون دليل فالواجب على من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتبعه ويبين للأمة.
فقد خالف كثير من أئمة المذهب أقوال شيوخهم للدليل فقد خالف أبو يوسف ومحمد بن الحسن تلميذا أبي حنيفة شيخهما في مسألة المسح على الجوربين وغيرهما.
فالوهابية ليست مذهبا خامسا وليست هي التي خرجت عن أقوال أئمة المذاهب فقط وذلك عند وجود الدليل. بل هم أكثر اجتهادا ووقوفا عند النصوص الواردة في الكتاب والسنة لقوله تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) والله من وراء القصد.

((الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم))
قال الصوفي: الوهابية لا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان وينهون المؤذنين برفع الصلوات على المنائر ويقولون إن ما يفعله المؤذنين بدعة. فما قولكم في ذلك؟
قلت:
إن أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب أكثر الناس صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأكثرهم التزاما بأمره ونهيه وطاعته صلى الله عليه وسلم .
فهل كان بلال أو ابن أم مكتوم وكل من أذن للرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم يفعلون ما يفعله بعض المؤذنين في هذا الزمان من رفع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان؟ وهل فعل في عهد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاقتداء بسنتهم وكذلك في عهد الأئمة الأربعة وأتباع التابعين أو أحد القرون الثلاثة المفضلة؟ اللهم لا.
ومن قال بخلاف هذا فقد افترى على الإسلام ودعاته الأوائل.
والذي قيل أن ذلك حدث في زمان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وصلاح الدين ليس شرعا أمرنا بالاقتداء به.
وهل يوجد في صفة الأذان في أي كتاب من كتب الفقه والحديث المعتمدة ما أحدثه المؤذنون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على المنائر بعد الأذان؟ اللهم إنه لا يوجد حتى في كتب الفقهاء المتأخرين. هذا من جهة الشرع. ومن جهة أخرى فهؤلاء القائلون بالصلاة بعد الأذان ملازمة له لا يصلون عند انقطاع التيار الكهربائي أو انعدام مكبرات الصوت أو عند الاحتفالات وفي أذان المغرب والجمعة فإما أن توجد الصلاة في كل أوقات الأذان وإلا فإن هذا اتباع للهوى فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل ما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه من حديث عائشة( ) رضي الله عنها. وكل بدعة في الدين ضلالة في النار. فهذا هو الذي نؤمن به أن كل ما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين فعله فهو مردود.
ولا توجد بدعة حسنة وأخرى سيئة في الإسلام.
قال الأستاذ سيد سابق في ((فقه السنة)):
((الأذان عبادة ومدار الأمر في العبادات على الاتباع فلا يجوز لنا أن نزيد شيئا أو ننقص شيئا في ديننا. وفي الحديث الصحيح: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)) أي باطل.
ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة درج عليها الكثير حتى خيل للبعض أنها من الدين وليست منه، من ذلك:
(1) قول المؤذن حين الأذان أو الإقامة أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله. قال الحافظ ابن حجر: إنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة.
(2) قال العجلوني في ((كشف الخفا)): مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلها عند سماع قول المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله مع قوله: أشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا. رواه الديلمي عن أبي بكر رضي الله عنه قال في ((المقاصد): لا يصح.
(3) التغني في الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد مكروه. فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم.
(4) التسبيح قبل الفجر والنشيد ورفع الصوت. وقبل الجمعة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليس من الأذان لا لغة ولا شرعا قاله الحافظ في ((الفتح)).
(5) الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان غير مشروع بل هو محدث مكروه. قال ابن حجر في ((الفتاوى الكبرى)): الأصل سنة والكيفية بدعة. وقال الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية عندما سأل عن ذلك فقال: جاء في ((الخانية)): إن الأذان خمسة عشر كلمة وآخرها عندنا لا إله إلا الله وما يذكر قبله أو بعده كله من المستحدثات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشيء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة لمن قال: إن شيئا من ذلك بدعة حسنة لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو سيئة ومن أدعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب( ).
(6) وأزيد على ذلك ما يسمى بالتمجيد ليلة الجمعة وما فيه من توسلات واستغاثات غير مشروعة وما أحدثه المؤذن في زماننا كثير.
أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فنحن أعرف الناس بها وإليك بعض فضائلها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم :
(1) قال تعالى:  إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .
(2) عن أبي العلية: صلاة الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم ثناؤه عليه عند الملائكة. رواه البخاري.
(3) قال ابن كثير: جمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا.
(4) عن عبد الله بن عمروا بن العاص رضي الله عنه رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا)) رواه مسلم.
(5) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم على صلاة)) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
(6) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا قبري عيدا وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) رواه أبو داود وقال: صحيح.
(7) عن أوس الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا على من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة على،فقالوا:يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ أي بليت؟قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه وأحمد.
(8) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من مسلم يسلم على إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام)) رواه أبو داود.
(9) عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال:أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب النفس يرى في وجهك البشر قالوا:يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر قال: (( أتاني آت من ربي عز وجل فقال من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليها مثلها)) رواه الإمام أحمد بن حنبل والنسائي وابن حبان في صحيحه.
(10) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم صلى على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد)) رواه أبو داود والنسائي.
(11) عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قلت: (( يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت،قلت:الربع، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت:النصف،قال:ما شئت فإن زدت فهو خير لك،قلت:الثلثين،قال:ما شئت فإن زدت فهو خير لك،قلت: أجعل صلاتي كلها قال:إذا تكفى همك،ويغفر لك ذنبك)) رواه الترمذي.
وهناك الكثير من الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.لهذا جمهور الفقهاء على وجوب الصلاة كلما ذكر اسمه الشريف واستحبوا كتابة الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه،ذكره الخطيب عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.ويجمع بين الصلاة والسلام عليه،ذكره النووي.وتستحب الصلاة على الأنبياء والملائكة استقلالا.
(12) عن أبي مسعود الأنصاري عن بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنهما قال :أمرنا أن نصلي عليك يا رسول الله كيف نصلي عليك؟قال:فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم ))رواه مسلم.
هذا هو الذي نؤمن به ونتعبد الله به لاكما يقول الصوفية من اقتصار ذلك على المؤذنين فوق المنائر ويعتبرونه جزاء من الأذان ولم يقم الدليل على ما يقولون والله المستعان( ).

(( كتب الموالد ))
قال الصوفي : إن الوهابية حرموا قراءة كتاب(( دلائل الخيرات ))وأحر قوة، وكذلك ((روض الرياحين)) وكتب الموالد الأخرى حرموا قراءتها وفيها مدح للرسول صلى الله عليه وسلم .
قلت:
لم يحرم الشيخ مجمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأتباعه قراءة هذه الكتب وإنما نهى عن الاشتغال بها وترك كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وحسناً فعل الشيخ رحمه الله تعالى،فقد استبدلتم معشر الصوفية قراءة ((دلائل الخيرات))بقراءة كتاب الله. وفي ((دلائل الخيرات))ما فيه من افتراءات وأكاذيب على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وقد حشي بالأحاديث الموضوعة والمكذبة.
وكذلك ما يسمى ((روض الرياحين)) وحري أن يسمى روض الشياطين وأزيد عليهما مجربات الديربي الذي قدموه على كتاب الطب النبوي لابن القيم و((الروض الفائق))، و((مجالس العرائس)) و((مولد ابن حجر)) و((مواج ابن عباس )) رضي الله عنهما- استغنى معشر الصوفية بهذه الكتب الضارة التي جمعت بين الغث والموضوع والبدع والتشجيع عليها بوضع الأحاديث لها. وتركوا كتب الحديث المعتمدة كـ ((الصحيحين)) و((السنن)) و((الموطأ)) و((المسند)) وغيرها من دواوين الإسلام الحديثية الزاخرة بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وإليك بعض الأمثلة من كتبهم السابقة:
يذكر صاحب ((مجالس العرائس)) أن الله خلق الأرض على قرن ثور، وأن مد البحر وجزره يحدث بسبب تنفس الثور وأن الله خلق العرش على الماء فاضطرب فخلق الحية فالتفت حول العرش فسكن ( ) .
فهل بعدا هذا الكذب من كذب يا معشر الصوفية أفلا تعقلون؟!
أما صاحب ((الروض الفائق)) المسمى بالحريفيش فيذكر من الغرائب والعجائب والخرافات ما يفوق((صاحب المجالس )).يقول الحريفيش:عن أبي سعيد المغربي إمام مسجد الخشابين في البصرة إنه كان يذهب إلى الحج وهو يصلي في مسجده الأوقات الخمسة لا ينقطع منها في أي وقت أبدا وذكر حكاية طويلة في هذا المجال ( ) فهل يعقل هذا الهراء صاحب عقل ودين فكيف يحج وهو يصلي في مسجده في البصرة الأوقات الخمسة وهل حدث مثل هذه الخارقة الكاذبة للرسول صلى الله عليه وسلم .
ويذكر أيضا: أن قضيب البان المدفون في الموصل من العراق قد خدم شيخا أربعين سنة فأخبره شيخه قبل موته بثلاثة أيام انه سيموت على غير دين الإسلام فكان الشيخ المزعوم فقال له قضيب البان خادمه: وكيف عرفت ذلك؟قال:اطلعت على اللوح المحفوظ فوجدت فيه ذلك وذكر حكاية طويلة.فهذه بعض حكايات الحريفيش.
أما ((روض الشياطين)) فيقول صاحبه في جل حكاياته:روي بأن جارية كانت..وحكي أن امرأة فعلت ..وأن قلانا وسماه وليا التقى بفتاة..وذكر بأن ذا النون المصري التقى بجارية وقال:يا كريم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا كريم حتى ذكر حكاية طويلة قال في نهايتها بأن الأعرابي قال:إن حاسبني ربي لأحاسبنه فهبط جبريل عليه السلام وقال:يا رسول الله بلغ الأعرابي بأن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يا معشر الصوفية من شيء فدلائل الخيرات قرآن الصوفية رغم ما فيه من منكرات.وهذه الكتب هي كتب حديث الصوفية.
وكتب الموالد لا تقل الجرأة فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سابقتها.
يذكر في أحد هذه الكتب عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قال:من أنفق درهما في المولد فكأنما حج سبعين حجة فهل قال هذا الباطل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل كان المولد معروفا زمن النبوة والخلافة الراشدة
والقرون المفضلة ؟ لا والله .بل إنه من محدثات الفاطميين .
فالحذر أخي المسلم من قراءة هذه الكتب المسمومة الكاذبة أو شراؤها .وعليك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخذها من مصادرها المعتمدة وهي دواوين الحديث المشهورة كـ ((الصحيحين)) و((السنن)) و((المسانيد)) و((المصنفات)) و((الموطآت)) وغيرها من كتب الحديث المعتبرة .فإنها تغنيك عن كل الكتب المسمومة .
ومن الكتب النافعة في هذا المجال ((جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام))لابن القيم و((الأذكار)) للنووي و((رياض الصالحين)) له أيضا ؛ و((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض ؛ و((الكلم الطيب ))لابن تيمية رحمهم الله
جميعاً .

((المولد النبي))
قال الصوفي: لماذا الوهابية يقولون إن الاحتفال بالمولود النبوي بدعة؟ مع العلم بأن الاحتفال بالمولود مظهر من مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم .
قلت:
الوهابية تلتزم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ونهبه .
لذلك نسأل الصوفية هل احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بمولده أو أمر به أو حث عليه أو أوصى من بعده بالاحتفال لبليلة المولد؟وهل احتفل الخلفاء الراشدون الذين أمرنا بالاقتداء بهم رضوان الله عليهم أجمعين حيث قال صلى الله عليه وسلم ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) رواه أهل السنن .
وهل احتفل أهل القرون الثلاثة المفضلة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم :((خير الناس قرني ثم الذين يلو نهم ثم الذين يلو نهم )) متفق عليه.
اللهم إنه لم يحتفل بليلة المولد كل هؤلاء ، وهم أهل الإيمان الصادق والعقيدة الصافية.
وإن هذه البدعة السيئة بدعة الاحتفال بالموالد ابتدعها الفاطميون الشيعة ، كمولد الإمام علي بن أبي طالب ومولد الزهراء والإمام القائم ومنها مولد الرسول صلى الله عليه وسلم .
وإن هذا الاحتفال ليلة ثاني عشر من ربيع أول بدعة لا أصل لها من كتاب أو سنة أو عمل أحد من سلفنا الصالح. وإنما حدث متأخرا.
قال الإمام الفاكهاني: ((تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع أول ويسمونه المولد هل له أصل في الدين؟ وقصدوا الجواب على ذلك مبينا والإيضاح عنه معينا فقلت: وبالله التوفيق: لا أعلم لهذا المولد أصلا من كتاب ولا سنة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين بل هو بدعة أحدثها الباطلون وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وكذلك يحدثه بعض الناس- إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم- وتعظيما من اتخاذ مولده عيدا مع اختلاف الناس في يوم مولده فإن هذا لم يفعله السلف الصالح ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رحمهم الله تعالى: ((وكذلك ما يحدثه بعض الناس-إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيس عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم-وتعظيما من اتخاذ مولده عيداً مع اختلاف الناس في يوم مولده فإن هذا لم يفعله السلف الصالح ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رحمهم الله أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان))( ) .
فأتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يقولوا هذا القول عن الاحتفال بالمولد دون دليل واتباع.بل سبقهم من أفضل منهم علما وتقوى وصلاحا من السلف الصالح رحمهم الله..
وإن ما يحدث في موالد هذا الزمان تقشعر منه الأبدان من اختلاط النساء بالرجال ومصاحبة المردان وإلقاء السماع والأغاني والأناشيد والأشعار المحرمة التي تحتوي على كثير من الشرك والتوسل والاستغاثة بغير الله تعالى ولمن أراد المزيد فعليه بالكتب التالية:
(1) رسالة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في حكم الاحتفال بالمولود.
(2) ((القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل)) للشيخ إسماعيل الأنصاري.
وغير ذلك من كتب أئمة السلف وأتباع دعوة التوحيد رحمهم الله تعالى.

((الوهابية والأولياء))
قال الصوفي: الوهابية يكفرون غيرهم ومن لا يسير على طريقتهم. ويطعنون بالأولياء ولا يؤمنون بوجود الأبدال والأغواث والأقطاب والأوتاد. ويكفرون ابن عربي والحلاج وابن الفارض وغيرهم فما قولك؟
قلت:
قال شيخ الإسلام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: لا أعلم مستندا لهذا القول وهو التكفير والتجاسر على تكفير من ظاهره الإسلام من غير مستند شرعي ولا برهان مرضي يخالف ما عليه أئمة العلم من أهل السنة والجماعة وهذه الطريقة هي طريقة أهل البدع والضلال ومن عدم الخشية والتقوى فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال. والفرح بمثل هذه القضية قد يكون له أسباب متعددة لا سيما وقد كثر الهرج وخاضت الأمة في الأموال والدماء، واشتد الكرب والبلاء، وخفي الحق وفشا الجهل والهوى، وكثر الخوض والردى، وغلب الطغيان والعمى، وقال التمسك بالكتاب والسنة، وقل من يعرفهما ويدري حدود الله في الأحكام الشرعية كالإسلام والإيمان والكفر والنفاق. وقد جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن الخطاب رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((من كفر أخاه فقد باء بها أحدهما)) رواه الخطيب وأحمد والبخاري عنه بلفظ : ((إ ذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحد هما )).
وروى أبو داود((أيما مسلم كفر رجلا مسلما فإن كان كافرا وإلا كان هو الكافر)).
فإطلاق القول بالتكفير دليل الجهل وعدم العلم بمدارك الأحكام .
وتأول أهل العلم ما ورد من إطلاق الكفر على بعض المعاصي كما في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عنه عليه الصلاة والسلام: (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) رواه الجماعة إلا أبا داود. ونحو هذا الحديث تأولوه على أنه كفر عملي ليس كالكفر الاعتقادي الذي ينقل عن الملة كما جزم به ابن القيم. وقد ذكر شيخ الإسلام: إن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- لم يكفر الخوارج المقاتلين له والمكفرين له ولعثمان بن عفان- رضي الله عنه-.( )
وقال الشيخ محمد بشير السهسواني في كتاب(( صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)) : إن الإنسان إذا دخل في الإسلام وحكم بإسلامه لا يخرجه من الإسلام ما يفعله من الكبائر كالسرقة والزنا وشرب المسكر وأخذ الأموال ظلما وعدوانا وإنما يخرجه من الإسلام إلى الكفر الشرك بالله وإنكار ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الدين بعد معرفته بذلك وإقامة الحجة عليه. ( )
وقال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب: فأهل السنة مذهبهم أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك. وقال أيضا: إذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والبدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكن يقاتل معنا سبحانك هذا بهتان عظيم.
فالذي نعتقده وندين الله به أن من دعا نبيا أو وليا وسأل منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات إن هذا من أعظم الشرك الذي كفر بالله به المشركين حيث اتخذوهم أولياء وشفعاء ويستجلبون بهم المنافع ويستدفعون بهم الضر بزعمهم فمن جعلهم وسائط بينه وبين الله بهذا الوجه فهو كافر حلال الدم. ( )
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: ومذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف التي هي الأسلم والأعلم والأحكم خلافا لمن: طريقة الخلف أعلم.
وما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا على الخلق بأننا نفسر القرآن برأينا ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا من دون مراجعة شرح، ولا نعول على شيخ وأنا نحط من رتبة نبينا صلى الله عليه وسلم ونقول هو رمة في قبره، وعصا أحدنا أنفع منه وأننا لننهى عن الصلاة عليه .
ونحرم زيارة القبور إلى آخر الافتراءات فإنا نقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ( ) .
والذين كفروا من خالف التوحيد الخالص وأشرك بالله، كثيرون جدا منهم :شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن عقيل وصاحب الفتاوى البزازية وصنع الله الحلبي والمقريزي الشافعي والزبيدي والصنعاني والشوكاني وصاحب الإقناع وابن حجر المكي والبكري الشافعي وابن كثير وابن عبد الهادي ومحمد بن أحمد الحفظي وغيرهم وليس الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وحده ( ) .
أما أولياء الله المتقون الذين يتقربون إليه بالطاعات ويجتنبون المعاصي الآمرون بالمعروف الناهون عن المكر المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم الذين يقيمون الفرائض ويؤدون النوافل، فإنا نحبهم في الله أمثال الإمام الحسن البصري وسفيان والثوري وابن عيينة والجنيد البغدادي وأحمد بن حنبل والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم من أئمة السلف رحمهم الله جميعاً.
أما قول الصوفي بأنا لا نؤمن بالأقطاب والأغواث والأوتاد والأبدال فهذا مما لا نشك فيه لأننا لم نجد دليلاً من كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل عليهم وكل ما ورد فيهم من الآثار فهي أحاديث باطلة ولا صحة لها. ولفظ أبدال فقط ورد في حديث ضعيف بل موضوع أو منقطع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ما روي بأن غلاماً للمغيرة بن شعبة واحد من السبعة فهو كذب باتفاق أهل العم، وإن كان رواه أبو نعيم في ((الحلية)). وكذا حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة الأولياء والأبدال والأقطاب والنقباء والنجباء والأوتاد مثل أربعة أو سبعة أو اثنى عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمائة وثلاثة عشر أو القطب الواحد، فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا لفظ الأبدال وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلاً وأنهم بالشام وهو في المسند من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو حديث نقطع ليس بثابت. وكذلك ما يرويه بعضهم عنه صلى الله عليه وسلم أنشد منشد:
قد لسعت حيّة الهوى كبدي
فلا طبيب لها ولا راقي

إلا الحبيب الذي شغفت به
فعنده رقيتي وترياقي

وأن النبي صلى الله عليه وسلم تواجد حتى سقطت بردته عن منكبه فإنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث.
وأكذب منه ما يرويه بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم مزَّق ثوبه وأن جبريل أخذ قطعة فعلقها على العرش. فهذا وأمثاله مما يعرف أهل العلم والمعرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم عنه من أظهر الأحاديث كذباً عليه صلى الله عليه وسلم. وكذلك ما يرويه بعضهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان وكنت بينهما كالزنجي. كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث( ).
وسأل شيخ الإسلام عن حديث الأبدال وغوث الأغواث وقطب الأقطاب وقطب العالم والقطب الكبير وخاتم الأولياء. فأجاب رحمه الله:
((أما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النسّاك والعامة مثل الغوث الذي بمكة والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة والأبدال الأربعين والنجباء الثلاثمائة فهذه أسماء ليست موجودة في كتاب الله تعالى. ولا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف يحمل عليه ألفاظ الأبدال فقد روى فيهم حديث شامي منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أن فيهم الأبدال الأربعين كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً. ولا توجد هذه الألفاظ في كلام السلف))( ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً:
((وقد بعث الله رسوله بالحق وآمن معه بمكة نفر قليل كانوا أقل من سبعة ثم أقل من أربعين ثم أقل من سبعين ثم أقل من ثلاثمائة فيعلم أنه لم يكن فيهم هذه الأعداد. ومن الممتنع أن يكون ذلك في الكفار ثم هاجر هو وأصحابه إلى المدينة وكانت دار الهجرة والسنة والنصرة ومستقر النبوة وموضع الخلافة وبها انعقدت بيعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه فلماذا لا يكونوا في المدينة دار الخلافة؟ ويكونوا في الشام ولم تفتح بعد!! وعندما فتحت كانت ضد الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكان في جيش علي من هو أفضل من معاوية فكيف يكون الأبدال في جيش معاوية ولم يكونوا في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه( ).
أما لفظ الغوث والغياص فلا يستحقه إلا الله فهو غياث المستغيثين فلا يجوز لحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل. ومن زعم أن أهل الرحمة إلى الثلاثمائة، والثلاثمائة إلى السبعين والسبعون إلى الأربعين، والأربعون إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة، والأربعة إلى الغوث فهو كاذب ضال مشرك فقد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله:  وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ. فكيف يكون المؤمنين يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحجاب؟ وهو القائل:  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ. وهؤلاء الذين يدّعون هذه المراتب فيهم مضاهات للرافضة من بعض الوجوه( ).
أما الأوتاد فقد يوجد في كلام البعض أنه يقول فلان من الأوتاد يعني أن الله يثبت به الإيمان والدين في قلوب من يهديهم الله به. كما يثبت الأرض بأوتادها وهذا المعنى ثابت لكل من كان بهذه الصفة من العلماء وليس محصورا في أربعة ولا أقل ولا أكثر بل جعل هؤلاء أربعة مضاها بقول المنجمين في أوتاد الأرض ( ).
وكذلك الأقطاب والأبدال قطب الأقطاب ولا بدل البدلاء ولم يرو بذلك أثر صحيح أو ضعيف وكل ما ورد موضوع ومنقطع.
وكذا لفظ خاتم الأولياء لفظ باطل لا أصل له وأول من ذكره محمد بن علي بن حكيم الترمذي وانتحله طائفة منهم يدعي أنه خاتم الأولياء كابن عربي وغيره من الشيوخ الضالين وكل يدعي أنه أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الوجوه إلى غير ذلك من الكفر والبهتان وكل ذلك طمعا في رئاسة خاتم الأنبياء إنما كان أفضلهم للأدلة الدالة على ذلك، وليس كذلك خاتم الأولياء فإن أفضل أولياء هذه الأمة السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وخير هذه الأمة بهد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين. وخير قرونها القرن الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وخاتم الأولياء في الحقيقة آخر مؤمن تقي يكون في الناس وليس ذلك بخير الأولياء ولا أفضلهم. بل خيرهم وأفضلهم أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما اللذان ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما ( ) .

((حال بعض كبار المتصوفة وحقيقة تآليفهم))
قال في(( مجموعة الرسائل النجدية)) حول(( إحياء علوم الدين)) للغزالي:
قد سلك في الإحياء طريق الفلاسفة والتكلمين في كثير من مباحث الإلهيات وأصول الدين وكسا الفلسفة لحاء الشريعة حتى ظنها الأغمار والجهال بالحقائق، من دين الله الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب ودخل به الناس في الإسلام. وهي في الحقيقة محض فلسفة منتنة يعرفها أولو الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كافة في القرى والأمصار. وقد حذر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها، بل أفتى بحرقها علماء المغرب الذم والتشنيع وزيف ما فيه من التحوير والترقيع وجزم بأن كثيرا من مباحثه زندقة خالصة لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولكن أبو حامد أدخل أشياء من الفلسفة وهي عند ابن تيمية عقيل زندقة.
قال أبو بكر بن العربي: شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة ثم أراد الخروج فلم يحسن.
قال الذهبي: ما نقله عبد الغافر عن أبي حامد في الكيمياء فله أمثاله في غضون تواليفه.
وقال أبو بكر ابن العربي- أيضاً-: شيخنا أبو حامد بلع الفلسفة وأراد أن يتقيأها فما استطاع.
وقال القاضي عياض: أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة والتصانيف العظيمة غلا في التصوف وتجرد لنصر مذهبهم وصار داهية في ذلك، وأحرقت كتبه في المغرب ( ) .
أما ابن العربي النكر(561- 368هـ) فله أقوال شاذة وأفعال منكرة ونصوصة تشهد على ذلك قال بوحدة الوجود والحلول والاتحاد ونجاة فرعون ودخوله الجنة وأن الكافرين لا يخلدون في النار إلى غير ذلك من أقواله المنكرة.
قال ابن حجر في (( لسان الميزان)) : حط عليه ونسب إليه سوء الاعتقاد.
وقال ابن حيان قال في( الشذرات) بالغ ابن المقري في (( الروض)) فحكم بكفر من شك في كفر طائفة ابن العربي.
ونقل علي القاري عن ابن دقيق العيد قوله: لي أربعون سنة ما تكلمت كلمة إلا وأعدت لها جوابا بين يدي الله تعالى وقد سألت شيخنا سلطان العلماء العز بن عبد السلام فقال: شيخ سوء كذاب يقول بقدم العال ولا يحرم فرجا.
قال أبو زرعة: لاشك في اشتمال النصوص المشهورة على الكفر الصريح الذي لاشك فيه.
قال ابن حيان: ومن بعض اعتقادات النصارى استنبط من تسربل بالإسلام ظاهرا وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج وابن العربي وابن الفارض وابن سبعين والعفيف التلمساني وتلاميذهم وكل من رضي بمذهبهم، قال ابن المقري: أن من شك في كفر اليهود والنصارى وطائفة ابن عربي فهو كافر ظاهر. وقال: إن من اعتقد أحقية عقيدة ابن عربي كافر بالإجماع من غير نزاع. ومن شركيات ابن عربي قوله:
العبد رب والرب عبد
فليت شعري من المكلف

وقال الحلاج:
جحودي لك تقديس
وعقلي فيك منهوس

فما آدم إلا كا
وما في الكون إبليس( )

أما أبو حفص عمر بن الفارض (576- 632هـ) كان له جوار يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد وكان يقول بالحلول والاتحاد ووحدة على مذهب ابن عربي ومن منكراته قوله:
لها صلواتي في المقام أفيها
وأشهد فيها أنها لي صلت

كلانا مصل واحد ساجد إلى
حقيقته بالجمع في كل سجدة

وما كان لي صلى سواى ولم تكن
صلاتي لغيري في أدا كل ركعة ( )

وابن سبعين عبد الحق الإشبيلي ت669 هـ بمكة المكرمة.قال عنه الذهبي:كان من زهاد الفلاسفة ومن القائلين بوحدة الوجود،له تصانيف وأتباع يتقدمهم يوم القيامة.
قال المناوي::كان يقول بالوحدة المطلقة شنع عليه غير واحد من العلماء والفقهاء لا رحمه الله ( )
أما الحلاج المقتول أبو مغيث الحسين بن منصور الفارسي نشأ في العراق،صحب الجنيد البغدادي وقال بمذهب ابن عربي في الوحدة والاتحاد والحلولية قتل سنة 309هـ بعد أن أأفتى بقتله فقهاء الإسلام وعارفوه من أهل الشريعة ومن أقواله الشنيعة:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا ( )

قال الذهبي:الحلاج سافر إلى الهند وتعلم السحر وحصل له به حال شيطاني وهرب منه الحال الإيماني ثم بدت كفريات منه أباحت دمه وكسرت صنمه.
وقال الصولي :جالست الحلاج فرأيت جاهلا يتغافل وغبيا يتباله وفاجرا يتزهد كان ظاهره النسك فإذا رأى أهل بلد يرون الاعتزال اعتزل أو التشيع تشيع أو التسنن تسنن وكان يعرف بالشعبذة والكيمياء والتطبب ،وادعى الربوبيه وصار يقول لأصحابه: أنت آدم أنت نوح ولهذا محمد ويدعي التناسخ وأن أرواح الأنبياء إليهم.
قال ابن الشحنة: وجدوه يقول من نظف بيتا وصلى فيه كذا وطاف به كذا وتصدق بكذا أغناه الله عن الحج. وقد أفتى العلماء بقتله فقتل لعنه الله.
وقال السامي في((تاريخ الصوفية)): الحلاج كافر خبيث.
وهتك الخطيب البغدادي ستره وبين حاله فقال: كان ساحرا سيء الاعتقاد وكان يعارض القرآن، وأفتى العلماء بقتله وكفره.
وكان يخبر الناس بما أكلوا وشربوا وصنعوا في بيوتهم ويتكلم ما في ضمائرهم وفتن كثيرا من الناس واعتقدوا فيه الحلول.وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من قال بولايته من عدة وجوه: الأول:أن أئمة الدين وفقهاء المسلمين اتفقوا على حل دم الحلاج وأمثاله.
الثاني: أن الإطلاع على أولياء الله تعالى لا يكون ممن يعرف طريق الولاية وهو الإيمان والتقوى ومن أعظم الإيمان والتقوى أن يجتنب مقالة أهل الإلحاد كأهل الحلول والاتحاد فمن وافق لحلاج على مثل هذه المقالة لم يكن عارفا بالإيمان والتقوى فلا يكون عارفا بطر يق أولياء الله تعالى فلا يجوز أن يميز بين أولياء الله سبحانه وغير هم .
الثالث :أن هذا القائل أخبر أنه يوافقه على مقالته فيكون من جنسه بشهادته له بالولاية كشهادة اليودي والنصراني لنفسه أنه على الحق وشهادة المرء لنفسه فيما لا يعلم فيه كذبه ولا صدقه مردودة.
فكيف تكون لنفسه ولطائفة الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم أهل الضلال؟
الرابع: أن يقال أما كون الحلاج عند الموت تاب فيما بينه وبين الله تعالى أولم يتب فهذا غيب يعلمه الله سبحانه منه.

(( زيارة القبور والتوسل))
قال الصوفي: إن الوهابية يحرمون زيارة القبور ويقولون أن التوسل بأصحابها شرك مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور فما هو ردكم حول هذه المسألة؟
قلت:
نحن لا نحرم زيارة القبور مطلقاً ولا نجيزها مطلقاً، نحرم من جهة إذا كانت الزيارة شركية وبديعة ويقصد بها الزائر التوسل بأهل القبور ودعائهم.
أما إذا كانت الزيارة للاعتبار والاتعاظ بأهل القبور فنحن نقول بسنيتها ابتاعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((كنت نهيتكم عن بزيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة))، وفي أخرى، وفي أخرى: ((الموت)) رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
قال الإمام أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي: لما صعبت التكاليف على الجهلة الطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال: وهم عندي كفار لهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها وإلزامها لما نهى عنه الشرع من إيقاد السرج وتقبيلها وخطاب الموتى بقضاء الحاجات وإفاضة الطيب عليها وشد الرحال إليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أم سؤال الميت والغائب نبياً كان أو غيره فهو من المحرمات المنكرة باتفاق المسلمين، لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين وهذا يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فإن أحداً منهم ما كان يقول إذا نزلت به ترة أو عرضت له حاجة لميت يا سيدي فلان أنا في حسبك أو اقضِ حاجتي كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين. ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبور الأنبياء ولا الصلاة عندها( ).
قلت: كثير من الصوفية لا يدعون إلا الأموات يطلبون منهم أشد مما يطلبون من الله كطلب الرزق أو الأولاد أو الزواج أو النجاح والشفاء من الأمراض والأوجاع وهذا أمر واقع مشاهد فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولقد رأيت أحد هؤلاء المبتدعة وهو إمام وخطيب في أحد مساجد ديالي المهمة يقول: دعوت الله ست سنوات أن يرزقني الولد فلم أرزق وذهبت إلى شيخي مصطفة النقشبندي في أربيل فما أن استغثت به وطلبت منه الأولاد حتى رزقت بطفلين توأمين، فهل بعد هذا الشرك من شيء؟
ومن هؤلاء من يظن أن القبر إذا كان في مدينة أو قرية فإنهم ببركته يرزقون وينصرون ويندفع عنهم الأعداء والبلاء، وأن السيدة نفسية خفيرة مصر والقاهرة والدسوقي والبدوي وهكذا، والشيخ عبد القادر قطب بغداد وخفيرها وفلان خفير الشام والحجاز ووضعوا لكل بلد خفراء، ولم يكن هذا معروفاً على عهد الصحابة والتابعين ولكن حدث بعدهم.
روى محمد بن الحسين الصوفي (325- 412هـ) أن أحمد بن العباس قال: خرجت من بغداد هارباً منها فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة فقال لي: من أين خرجت فقلت: من بغداد وهربت منها لما رأيت فيها الفساد خقت أن يخسف بأهلها، فقال: ارجع ولا تخف فإن فيها قبوراً أربعة من أولياء الله هم حصن لها من جميع البلايات. قلت: من هم؟ قال: الإمام أحمد بن حنبل ومعروف الكرخي وبشر الحافي ومنصور بن عمار الواعظ فرجعت ولم أخرج. رواه أبو عبد الرحمن السلمي والسلمي تكلموا فيه وكان يضع الحديث( ).
وهذا الجنس ليس مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لا إباحة ولا ندباً ولا استحبه أحد من أئمة الدين بل هم متفقون على النهي عنه كله ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ القبور مساجد فقال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل)) رواه أبو حاتم وغيره( ).
ولا ريب أن أهل البدع يحجون إلى قبور الأنبياء والصالحين ويزورونها زيارة غير شرعية لا يقصدون الدعاء لهم كالصلاة على جنائزهم، بل الزيارة عندهم والسفر لذلك من باب التعظيم والدعاء بهم وعندهم وطلب الحوائج منهم وغير ذلك مما يُقصد بعبادة الله تعالى( ).
يقول صلى الله عليه وسلم: ((من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر عمل بها إلى يوم القيامة)) رواه مسلم.
فنحن نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ونقتدي به وبسنته فلنا أجرنا واجر من تبعنا إلى يوم القيامة -إن شاء الله- وأنتم معشر الصوفية عليكم الوزر.
أما البدع فلم تكن من شرع الله تعالى ولم يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)) رواه البخاري.
فإن قيل الزائر في الحياة إنما أحبه لأن الله أحبه والمؤمنون يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك يحبون سائر الأنبياء والصالحين فيزورونهم ويزورون قبورهم.
نقول لهم: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم الواجبات الدينية، وأنه أحب إلينا من أموالنا وأهلينا وأولادنا وأنفسنا والناس أجمعين. لأنه أولى بنا من أنفسنا يقول تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ. فحبه وطاعته وتعزيزه وتوقيره لا يختص بمكان دون مكان وزيارة قبره الشريف مشروعة ومسنونة.
والمانعون للزيارة والتوسل إنما كفَّروا من كفَّروا لأجل عبادتهم لغير الله كدعائهم للأموات بحيث يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، وكالذبح والنذر لهم والتوكل عليهم بعد تعريف الصواب والتنبيه عليه ولم يقولوا أن الناس هم مشركون في مجرد توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبغيره من الأنبياء والصالحين وفي مجرد زيارتهم قبره صلى الله عليه وسلم. هذا افتراء بحت وبهت محض إنما أشركوا بالتوسل والزيارة الذين يشتملان على عبادة غير الله من الدعاء والذبح والنذر، أما التوسل بتصديقه صلى الله عليه وسلم على الرسالة والإيمان بما جاء به وطاعته في أمره ونهيه ودعائه في حياته والتوسل بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وكذلك الزيارة الشرعية لا يمنعها أحد.
نعم التوسل بحق وشد الرحال لمجرد الزيارة منهم من يمنعه ومنهم من يجيزه، والصحيح أنها من البدع غير المكفرة ما لم يأتوا بمكفر( ).

((السواد الأعظم))
قال الصوفي: نحن السواد الأعظم وأنتم الوهابية قلة والرسول صلى الله عليه وسلم أوصى في الحديث أن نكون مع السواد الأعظم فما هو قولكم في هذه المسألة؟
قلت:
إن كنتم تقصدون أن السواد الأعظم هم على الحق دائما فهذا من المحال لأن أهل الحق هم على الدوام الصفوة المختارة والقلة المباركة ابتداء من عهد نوح عليه السلام الذي لم يؤمن به إلا قليل وهم بلا شك أهل الحق والسواد الأعظم لم يؤمنوا وإنما كفروا وهم على الباطل بلا شك ومن قال غير ذلك فقد كفر.
وكذلك إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء وخليل الرحمن كان المؤمنون به هم القلة. وموسى كليم الله، وعيسى روح الله، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا جميعا قليلي الأتباع وأعداؤهم الكثرة فالسواد الأعظم دائما هم أهل الباطل وأهل الضلال.
ولأن الأكثر قد يخطئ والأقل قد يصيب وأن الخير والرشد في الناس قليل والشر كثير والضلالة كثير، قال تعالى: وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ وقال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ،وقال تعالى: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ، وقال تعالى: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ، وقال تعالى: قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ.
ففي كل هذه الآيات إشارة واضحة إلى قلة أهل الخير وكثرة الشر وأهله قال تعالى:  فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا، وقال تعالى:  وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ، وقال تعالى: وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ، وقد تكرر مثل هذه الآيات في قصص أنبياء الله نوح وصالح ولوط وشعيب عليهم الصلاة والسلام.
فكيف يصح القول بإتباع السواد الأعظم أو جمهور الناس أو أكثريتهم اللهم إنه لا يقول هذا الكلام إلا من فقد عقله ودينه أولم يقرأ القرآن الكريم ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة تدبر وتمعن.
أما حديث ((إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم)) الذي رواه ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه ففي سنده معان بن رفاعة وهو لين الحديث كثير الإرسال. وفيه أبو خلف الأعمى وهو متروك كذبه يحيى بن معين. قاله العلامة بشير السهسواني في(( صيانة الإنسان)) ( ) .
فحديث السواد الأعظم ضعيف بل منكر على أقل الاحتمالات فلا يحتج به. والسواد الأعظم هم أتباع إمام المسلمين وهم جماعة الصحابة الكرام وهم الذين يتبعون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم أهل الحق والخير ولا عبرة بمن خالفهم.
قال الإمام أبو شامة في((الحوادث والبدع)) : حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلا والمخالف له كثيرا؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم ولا نظر لكثرة أهل الباطل بعدهم.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي دلت على أن المتمسكين بحبل الله المتين وصراطه المستقيم هم الجماعة وهم الذين أمرنا بالتمسك بهم وعدم مفارقتهم.
فقول الصوفي: بأن أهل الشر والباطل والمبتدعة من المتصوفة هم السواد الأعظم وهم الجماعة وعلى غيرهم التمسك بهم.
والوهابية يتوسلون بالله ويخافون الله ويستغيثون بالله ويتوكلون عليه ويرجونه ويخشونه وينذرون ويذبحون له. يتوسلون ويستغيثون بالأموات وينذرون لهم ويحلفون بهم ويصفون الله بما لا يوصف.
فأهل الحق هم السواد الأعظم والجماعة المباركة وإن قلوا، وغيرهم على الباطل وإن كثروا والله ولي المؤمنين.

(( الحلف بغير الله))
قال الصوفي: الوهابية يقولون أن من حلف بغير الله تعالى كافر أو مشرك وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف بأبيه فقال الأعرابي أفلح وأبيه إن صدق فما قولكم بعد ذلك؟
قلت:
ليست الوهابية هي التي حرمت الحلف بغير الله تعالى، وإنما اتبعت في ذلك سنة رسول. حيث ورد النهي عن الحلف بغير الله في الأحاديث الصحيحة الصريحة نذكر منها ما يلي:
(1) أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الله عنه كان غفي ركب يسير وكان فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ثم قال: (( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو لينذر))، وفي رواية أخرى: ((أو ليصمت))، وفي ثالثة: (( من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله)).
(2) وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول قال: (( من حلف بغير الله فقد أشرك)) وفي رواية أخرى: (( فقد كفر)) رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وأبو داود وابن حبان وأحمد.
قال الحاكم: كل يمين يحلف بها دون الله شرك.
وقال كعب: إنكم تشركون في قول الرجل كلا وأبيك أو والكعبة أو حياتك وأشباه هذا، احلف بالله صادقا أو كذبا ولا تحلف بغيره. رواه ابن أبي الدنيا في(( الصمت)) وأجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو أحد أسمائه أو صفاته العلى ومنعوا الحلف بغيره تعالى.
قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله تعالى بالإجماع ولا إعتبار لقول بعض المتأخرين بأنه مكروه لأنه مخالف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيه عن ذلك.
قال ابن عباس رضي الله عنه: لئن أحلف بالله صادقا أو كذبا خير من أن أحلف بغيره صادقا فهذا يدل على أن الحلف بغير الله من أكبر المحرمات.
فإن قال الصوفي فإن الله أقسم ببعض المخلوقات! فنقول: إن الله عز وجل يقسم بما شاء من خلقه للدلالة على قدرته ووحدانيته وألوهيته وملكه وغير ذلك من صفات كماله.
قال الشعبي رحمه الله تعالى: للخالق أن يقسم من خلقه ولا يقسم المخلوق إلا بالخالق ولأن أقسم بالله فأحنث خير إلى من أقسم بغيره فأبر.
وقال مطرف بن عبد الله رحمه الله: ‘نما أقسم الله بهذه المخلوقات ليعجب بها المخلوقين ويعرفهم قدرته لعظم شأنها عندهم ودلالتها عند الخالق.
أما قول الصوفي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف بأبيه، وأن الله قال: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) فيدل على جواز الحلف بغير الله تعالى.
قلت هذه اللفظة(( وأبيه)) فيها أقوال:
(1) قال ابن عبد البر رحمه الله: هذه اللفظة منكرة وغير محفوظة وقد جاءت عن راويها إسماعيل بن جعفر(( أفلح والله إن صدق)) وهي أولى من رواية(( أفلح وأبيه))؛ لأن الآثار تدل على ردها ولم تقع برواية مالك أصلا.
(2) وقال غيره: إنها مصحفة عن قوله أفلح والله فحذف لفظ الجلالة وصحف بلفظ وأبيه.
(3) إن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم بدون قصد القسم به.ذكره البيهقي وارتضاه سفيان الثوري رحمهما الله تعالى.
(4) إن أراد به التعظيم فهو مني عنه وإن أراد به التأكيد فلا بأس به فهو جائز وهذا بعيد عن الصواب؛ لأن الحلف بغير الله ورد النهي عنه مطلقا بدون تفريق قصد التعظيم أو غيره يؤيد ذلك أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حلف مرة باللت والعزى ساهيا أو ناسيا فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وإن جرى على لسانه دون قصد الحلف أو ناسيا أو مخطئا فهو الذي عفي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).
(5) قال المارودي والسهيلي وعليه أكثر الشراح وأيده ابن العربي المالكي أن الحلف بالآباء كان في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك وروي أنه كان ليعه الصلاة والسلام كان يحلف بأبيه حتى نهي عنه.
وهذا القول الأخير هو الحق إن شاء الله تعالى؛ لأن الحلف بالآباء شائعاً في الجاهلية وصدر الإسلام كالعادات الأخرى مثل شرب الخمر فنهى الإسلام عن هذه العادات بالتدرج ومنها الحلف بغير الله للأدلة المتقدمة كحديث عمر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص لما حلف باللات والعزى فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له: ((قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثم أنفث عن يسارك ثلاثاً ثم تعوذ ولا تعد)) رواه البخاري وابن ماجه.
وقال المجوزون أيضاً: إن الملائكة حلفت بحياة لوط عليه السلام فقالوا: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) فهو دليل على جواز حلف المخلوق بالمخلوق. فهذا الكلام غير صحيح. قال ابن العربي وابن أبي الجوزاء والشوكاني وأجمع عليه المفسرون: بأن الله سبحانه حلف بحياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وليست الملائكة. واستدلوا أيضاً بأن الله حلف بحياة محمد أو لوط عليهما الصلاة والسلام وقلنا -كما سبق- إن الله عز وجل له أن يحلف بما شاء من مخلوقاته.
أما حكم من حلف بغير الله فنقول:
((الحلف بغير الله شرك أصغر إلا إذا اقترن مع الحلف تعظيم للمحلوف به كتعظيم الله وإجلاله كإجلال الله والرغبة والرهبة إليه ومنه فهو شرك أكبر مخرج من الملة)).
فهذا قولنا وهذه أدلتنا حول الحلف بغير الله تعالى ومن أصر على رأيه وجوز الحلف بغير الله فقد بطل سعيه وحبط عمله ولا يضرنا من خالفنا حتى يأتي أمر الله.
أما ما يفعله عبَّاد القبور من الصوفية -اليوم- إذا طلبت منهم اليمين بالله أعطوك ما تريد صدقاً أو كذباً وإذا طلبت منهم اليمين بالشيخ أو الولي أو النبي وصاحب القبر لم يقدم عليه كاذباً أبداً فماذا يقول بعد ذلك الصوفية أعاذنا الله من الجدال في الباطل وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

((مخالفة سليمان بن عبد الوهاب))
قال الصوفي: إن محمد بن عبد الوهاب خالفه أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب ورد عليه في كتاب سماه ((الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية)) وهذا دليل على أن ابن عبد الوهاب قد خرج عن الحق؟!
قلت:
رغم أن الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قد رجع عن ضلالته وعن محاربته للدعوة السلفية وألَّف في ذلك بعض الرسائل رغم هذا فإنه لا يضر دعوة التوحيد ودعاتها وبخاصة الإمام محمد بن عبد الوهاب ولنا في أهل الحق أسوة حسنة فنوح عليه السلام أو رسل الله حاربه ابنه وزوجته، وإبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام حاربه أبوه وخالفه، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حاربه عمه أبو لهب وأبناء عمومته من قريش. فهل ضرَّ هؤلاء المعاندون دعوات التوحيد على مرِّ التاريخ؟! اللهم لا وإنما انتصر الحق والعاقبة للتقوى.

رسالة للشيخ
عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب
اختصرها من رسالة لأبيه الشيخ الإمام رحمهما الله تعالى
وللحق أبين رسالة مهمة للشيخ العلامة عبد الله ابن الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى يبين فيها سيرة أبيه وما عليه أتباعه من الحق ومحبة دعوة التوحيد.
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
((إن مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف ونحن في الفروع على مذهب الإمام أحمد ولا ننكر على من قلد الأئمة الأربعة دوت غيرهم لعدم ضبط مذاهب غيرهم كالرافضة والزيدية والإمامية فلا نقرهم على شيء من مذاهبهم الفاسدة بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا أحد يدعيها لدينا إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نهي جلي من كتاب الله أو سنّة غير منسوخ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه وقال به أحد الأئمة أخذنا به وتركنا المذهب كإرث الجد والأخوة فإنا نتقدم الجد بالإرث وإن خالف مذهب الحنابلة ولا نفتش على أحد في مذهبه ولا نعترض عليه.
وإذا اطلعنا على نهي جلي كذلك مخالف لمذهب بعض الأئمة وكانت المسألة مما يحصل بها شعار ظاهر كإمام الصلاة فنأمر الحنفي والمالكي مثلاً بالمحافظة على نحو الطمأنينة والاعتدال والجلوس بين السجدتين لوضوح دليل ذلك بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة وشتان بين المسألتين، فإذا قوي الدليل أرشدناهم للنص وإن خالف المذهب وذلك إنما يكون نادراً جداً، ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد المطلق، وقد سبق جمع من علماء المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل مخالفين للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه، ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة ومن اجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير الشافعي وكذلك البيضاوي والبغوي والخازن والحداد والجلالين وغيرهم. وعلى فهم الحديث بشروحه كالقسطلاني والعسقلاني على البخاري والنووي على مسلم والمناوي على الجامع الصغير، ونحرص على كتب الحديث خصوصاً الأمهات الست وشروحها ونعتني بسائر الكتب في سائر الفنون أصولاً وفروعاً وقواعد وسيراً وصرفاً ونحواً وجميع علم الأمة. ولا نأمر بإتلاف شيء من المؤلفات أصلاً إلا ما توقع الناس في الكفر كروض الرياحين أو يحصل بسببه خلل في العقائد كعلوم المنطق فإنه قد حرمه كثير من العلماء على أنا لا نفحص على مثل ذلك وكالدلائل إلا إن تظاهر به صاحبه معانداً أتلف عليه, وما اتفق لبعض البدوان في إتلاف كتب أهل الطائف إنما صدر لجهله وقد زجر هو وغيره عن مثل ذلك.
ولا نرى قتل النساء والأطفال وأما ما يكذب علينا ستراً للحق وتلبيساً على الخلق بأنا نقرأ القرآن لرأينا ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا من دون مراجعة شروح ولا نعول على شيخ وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا النبي رمة في قبره وعصا أحدنا أنفع منه وليس له شفاعة وأن زيارته غير مندوبة وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى أنزل عليه (فاعلم أنه لا إله إلا الله) مع كون الآية مدنية وأنا لا نعتمد أقوال العلماء ونتلف مؤلفات أهل المذاهب لكون فيها الحق والباطل وأنا مجسمة وأنا نكفر الناس على الإطلاق ومن بعد الست المائة إلا من هو على ما نحن عليه. ومن فروع ذلك أن لا نقبل بيعة أحد حتى نقرر عليه بأنه كان مشركاً وأن أبويه ماتا على الإشراك بالله وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقاً، وأن من دان بما نحن عليه سقط عنه جميع التبعات حتى الديون، وأنا لا نرى حقاً لأهل البيت رضوان الله عليهم وأنا نجبر على تزويج غير الكفؤ لهم، وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة لتنكح شاباً على مرافعة لدينا ولا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولاً ما كان جوابنا عليه في كل مسألة من ذلك إلا ((سبحانك هذا بهتان عظيم)) فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا ورأى مجلسنا وتحقق ما عندنا علم قطعاً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه جماهير أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيراً للناس عن الإذعان لإخلاص التوحيد لله بالعبادة فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كالقتل للمسلم بغير حق والزنا والربا وشرب الخمر وتكرر ذلك منه لا يخرج بفعل ذلك عن دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام إذا مات موحداً لله في جميع أنواع العبادة.
والذي نعتقده في مرتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنها أعلى مراتب المخلوقات على الإطلاق، وأنه حي في قبره حياة مستقرة أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل إذ هو أفضل منهم بلا ريب وأنه يسمع سلام من يسلم عليه، وتسن زيارته إلا أنه لا يشد الرحال إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس، ومن أنفق نفيس أوقاته في الاشتغال بالصلاة عليه الواردة عنه فقد فاز بسعادة الدارين وكفى همه كما جاء في الحديث))( ) أهـ.
فعقيدة الإمام محمد بن عبد الوهاب هي عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي وابن المبارك والبخاري وابن تيمية وابن القيم والذهبي وسواهم كثير
(1) ويؤمن بتوحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات ويبرأ من كل ما يتعارض معها.
(2) والإيمان بالله وملائكته والرسل والكتب واليوم الآخر والبعث والحساب والميزان والصراط والجنة والنار.
(3) ويؤمن بالقدر خيره وشره ويبرأ مما قالته القدرية والنفاة والمجبرة والمرجئة ويوالي الصحابة الكرام وأهل البيت ويسكت عما شجر بيتهم ويعتقد بأفضلية أبي بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنه أجمعين.
(4) ويوالي كافة علماء الإسلام من أهل الفقه والحديث والتفسير والزهد والعبادة لاسيما الأئمة الأربعة إلا من طعن في عقيدته ودينه أمثال الرافضة والإمامية ( )
يقول الشيخ الإمام رحمه الله تعالى:إني ولله الحمد متبع ولست بمبتدع عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم الدين. لكني بينت للناس إخلاص الدين ونهيتهم عن دعوة الأحياء الغائبين والأموات من الصالحين وغيرهم ( )

نبذة مختصرة من حياة الشيخ الإمام
ومن أثنى عليه من العلماء
ولد رحمه الله سنة 1115هـ وتوفي سنة 1206هـ نشأ في بيت علم ودين حيث كان أبوه رحمه الله قاضي مدينة العيينة وجده معروف بالفقه والقضاء والصلاح في بلاد نجد وكان والده يجد فيه حدة في الذكاء حتى إنه زوجه صغيرا ووجده أهلا للإمامة فقدمه للصلاة إماما.
طلب العلم على كبار علماء وقته ورحل في طلب العلم إلى مكة والمدينة والبصرة وبغداد.
درس الفقه والتفسير على والده وكان يعتني بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله. ثم قصد المدينة للصلاة في المسجد النبوي وطلب العلم.
فأخذ العلم عن شيوخها الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي نزيل المدينة المنورة ومحمد بن حياة السندي وعلي أفندي الداغستاني وإسماعيل العجلوني وعبد اللطيف الإحسائي العفالقي ومحمد الإحسائي الفالقي وانتفع بهؤلاء الشيوخ. ثم سافر إلى البصرة والزبير وأخذ العلم عن شيخها محمد المجموعي ولاقى كثيرا من الأذى من أهل البصرة. ثم سافر إلى الإحساء وانتفع بعلم شيوخها ودرس على شيخها عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي ثم توجه إلى حريملاء لأن والده انتقل إليها ثم لازم أباه فاشتغل عليه بعلمي التفسير والحديث وعكف على كتب شيخ الإسلام وتلميذه.
لقد شاهد الشيخ الإمام حالة نجد الدينية والسياسية فرأى المنكرات الأثيمة والشركيات القبيحة والاسسستغاثات المتواصلة بالأنبياء والصالحين.
فلقد كانت نجد مرتعا للخرافات والعقائد الفاسدة التي تنافي أصول القيدة الصحيحة فقد كانت كثير من القبور تنسب لبعض الصحابة يحج الناس إليها ويستغيثون بأصحابها. بل الأغرب من ذلك أن في بلدة منفوحة فحل نخل يعتقد العوام فيه تحقيق أمانيهم فالتي لم تتزوج تذهب إليه فتقول:يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول.وكذلك التي لم تحمل وهكذا والحالة أسوأ في الحجاز فالناس يقصدون قبور الصحابة وأهل البيت والصالحين وأعطوهم ما كان لله من صفات. كذلك الحال في العراق والشام ومصر واليمن وسواها فيها جاهلية ووثنية لا يتصورها العقل ولا يقرها الشرع. وحالة نجد والحجاز السياسية كانت سيئة كذلك فقد تمزقت الجزيرة إلى إمارات متناحرة ومقسمة،القوي يأكل الضعيف فآل معمر في العيينة وبنو خالد في الإحساء والأشراف في الحجاز وغيرهم لا يعبا بهم.
بعد أن تأكد الشيخ الإمام الحالة هذه ورأى سكوت العلماء في نجد والحجاز على المنكرات والبدع سارع الشيخ بإعلان دعوة التوحيد من بلدة حريملاء وبين لهم أنه لا يدعى إلا الله ولا يذبح ولا ينذر إلا لله وبين لهم بطلان عقيدة القبور والاستغاثة والتوسل بهم وأمرهم بالرجوع إلى الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح فوقع بينه وبين الناس نزاع وجدال لكن العاقبة كانت له ولأتباعه الموحدين ( ) .
وعلى الرغم من أن المناطق المحاطة بنجد قد دخلت تحت الإدارة العثمانية غير أن نجدا لم تشهد نفوذا مباشرا للعثمانيين قبل دعوة الشيخ الإمام.
والأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية متردية في الجزيرة العربية كما مر في القرن الثاني عشر الهجري حتى ظهر المصلح الكبير الإمام محمد بن عبد الوهاب ونجد مقسمة إلى إمارات صغيرة لا يعترف بعضهم ببعض ولا بسلطة آل عثمان والمجتمع النجدي مجتمع عربي قبلي تقوم حيلته على الصراع وكان شيوخ القبائل يحكمون نجدا، والحياة الاقتصادية كانت تقوم على تربية الموشي والزراعة والتجارة والاتصال بين أجزاء الجزيرة والبلاد المحيطة بها قريبا ( ) .
والأوضاع الثقافية في الجزيرة كانت أسوأ فقد عم الجهل والأمية أنحاء نجد ولا يوجد دراسات شاملة ومنظمة وإن وجد بعض الذين يعرفون القراءة والكتابة وبعض العلماء الذين يدرسون العلوم الإسلامية من الكتاب والسنة والفقه وخاصة الفقه الحنبلي لأن المذهب الحنبلي وجد أرضا خصبة في أرض نجد فهو أقرب المذاهب الإسلامية إلى نصوص الكتاب والسنة ( ) .
وأدى جهل الناس بدينهم إلى انحراف في العقيدة ودخل كثير من الشر كيات في حياة الناس العقائدية والتعبدية وفشا الشرك في نجد والحجاز وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور والبناء عليها والتبرك بها والنذر لها والاستغاثة بأصحابها والاستعاذة بالجن والذبح ووضع الطعام لهم وجعله في زاوية البيوت لشفاء المرضى ونفعهم ودفع الضر عنهم وكثر الحلف بغير الله والتوسل والاستغاثة بغيره تعالى واشتهار السحرة والكهنة وسؤالهم وتصديقهم وغلب الإقبال على الدنيا وشهواتها وقلت المساجد من أهلها وانتشر الفساد والمفسدون في كل مكان فلا بد من مصلح يجدد أمر هذه الأمة. في هذه الظروف ولد الشيخ الإمام وحفظ القرآن الكريم دستور الأمة الخالد وعمره عشر سنوات عن ظهر قلب ودرس الفقه والتفسير والحديث ولما بلغ زوجه والده ثم حج بيت الله الحرام ثم توجه لزيارة المسجد النبوي الشريف الذي تشد الرحال إليه وتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم درس على علماء المدينة كما تقدم( ).
بعد أن توفي والد الشيخ سنة 1153هـ ظهرت دعوته وتبعه الناس من أهل بلده ثم أنتقل إلى العينية التي كان أميرها عثمان بن محمد بن معمر فتلقاه بالإكرام وزوجه ابنته واقتنع بدعوته فأعلن الشيخ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوحيد الله وتطهير العقائد من مظاهر الشرك واقتلع أشجارا تعظم فيها وهدم قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه بنفسه ولم يصب بأي أذى كما توقع العوام( ).
ولما وصل الأمر بالشيخ إلى تطبيق حد الزنا عظم أمره وانتشرت أخباره فوصل أمره إلى أمير الإحساء والقطيف فكتب إلى عثمان بن حمد بن معمر يأمره بقتل الشيخ فرأى عثمان إخراج الشيخ لأنه لا طاقة له بقتال أمير الإحساء والقطيف. فخرج سنة 1158هـ إلى الدرعية وقصد بيت محمد بن سويلم العريني وكان أمير الدرعية محمد بن سعود فنصره وتبعه وبايعه على النصرة لدين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعد أن استقر الإمام في الدرعية تسلل إليه أبتاعه الذين كانوا معه في العيينة والأماكن الأخرى وتحولت الدرعية إلى قاعدة مهمة لدعوة الشيخ، انطلق منه الدعاة لنشر المبادئ التي دعا إليها جميعاً، وفي سبيل الله لنشر تلك المبادئ خاض الأمير محمد بن سعود رحمه الله حروباً ضارية مع كثير من القبائل وضحى في سبيل الله بأمواله ورجاله وأولاده وأقاربه.
وكان الشيخ الإمام هو الموجه لتلك الحركة المباركة وكانت الجيوش تنطلق بمشورته وأمره. وبجانب ذلك فإن الشيخ الإمام قام بتوجيه الرسائل أو إلقاء الدروس الخاصة والعامة( ).
وكان لعمره الطويل رحمه الله تأثيراً كبيراً في ترسيخ المعاني والمبادئ والأفكار الإصلاحية التي دعا إليها وظل على ذلك إلى وفاته سنة 1206هـ( ).
وكان رحمه الله عميق الإيمان شديد الحماس لنصرة الإسلام كثير الذكر لله سبحانه لا يفتر لسانه من قول ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)) وأعاد للإسلام هيبته بعد أن كان غريباً ونصر السنة وقمع البدعة ونشر راية الجهاد وعرف التوحيد الصغير والكبير واجتمع الناس على الصلوات والدروس والسؤال عن أصل الإسلام، وكانت ثقافته تعتمد على الكتاب والسنة والفقه الإسلامي وبخاصة الحنبلي وتأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله. واستفاد من رحلاته المتعددة.

((مواقف العلماء من دعوة الشيخ رحمه الله))
جُوبه الشيخ الإمام بمعارضة شديدة من علماء زمانه أهل البدع وحاربوا دعوته خاصة في مسائل الشرك التي دعا لنبذها وكان العلماء تجاهه على أقسام:
(1) قسم يرون الحق باطلاً والباطل حقا ويعتقدون أن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها ودعائها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك، يعتبرونه ديناً وهدى ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين وأبغض أولياء الله.
(2) قسم آخر يجهلون حقيقة الشيخ ولم يعرفوا دعوته بل قلدوا غيرهم وصدقوهم وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه للشيخ من بغض الأولياء ومعاداتهم وإنكار كراماتهم فذموا الشيخ ودعوته ونفَّروا الناس منه.
(3) قسم آخر خافوا على مناصبهم ومراتبهم فعادوه لأجل ذلك لكي لا تذهب عنهم مناصبهم ومراتبهم وهؤلاء كثرة( ).
(4) وظهر علماء أجلاء رحبوا بدعوته ودعوا الناس إليها وأثنوا على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب.
نذكر منهم على سبيل الاختصار:
1- الإمام محمد بن علي الشوكاني المفسر الكبير والعالم الشهير صاحب ((فتح القدير)) و((نيل الأوطار)) وقد رثى الشيخ بقصيدة طويلة لما سمع بموته.
2- الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني صاحب التصانيف المعروفة ومنها: ((سب السلام)) وقد مدحه بقصيدة طويلة كذلك( ).
وكذلك قد اجتمع فريق من علماء الشام ومصر في الحج والتقوا بعلماء الدعوة في عهد سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الكبير -رحمهم الله- ودار نقاش بين الفريقين انتهت باقتناع العلماء بدعوة الشيخ وأنه على الحق فيما دعا إليه( ).
3- محمد بن أحمد الحفظي رثاه بقصيدة طويلة.
4- حسين بن غنام الإحسائي صاحب ((روضة الأفكار)) رثاه بقصيدة.
5- عمران بن علي بن رضوان من البلاد الفارسية رثاه بقصيدة.
6- أحمد بن مشرف الإحسائي رثاه بقصيدة.
7- علامة العراق محمود شكري الألوسي في ((تاريخ نجد)).
8- الأمير شكيب أرسلان في ((حاضر العالم الإسلامي)).
9- محمد حامد الفقي في ((أثر الدعوة الوهابية)).
10- عبد المتعال الصعيدي في كتابه ((المجددون)).
11- محمد رشيد رضا في رسائله وكتبه.
12- أحمد عبد الغفور الحجازي في كتابه ((محمد بن عبد الوهاب)).
13- محمد بهجت الأثري علامة العراق في كتابه ((محمد بن عبد الوهاب)).
14- طه حسين وحافظ وهبة في كتاب ((جزيرة العرب)).
15- محمد قاسم في ((تاريخ أوربا)).
16- منح هارون في رده على الكاتب الإنكليزي كونت ويلز.
17- عمر أبو النصر في كتابه ((ابن سعود)).
18- محمد كرد علي في كتابه ((القديم والحديث)).
19- أحمد بن سعيد البغدادي في كتابه ((نديم الأديب)).
20- الزر كلي في ((الأعلام)).
21- محمد عبد الله ماضي في كتابه((حاضر العالم الإسلامي)).
22- محمد ضياء الدين الريس أستاذ التاريخ الإسلامي.
23- عبد الكريم الخطيب في كتابة((محمد بن عبد الوهاب الفكر الحر)).
24- محمد بشير السهواني الهندي رحمه الله في ((صيانة الإنسان )).
25- محمد جميل بيهم في كتابة ((الحلقة المفقودة في تاريخ العرب )).
26- الدكتور نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي في ((ترجمة القرن التاسع عشر الميلادي)).
27- مصطفى الحفناوي في كتابه((ابن سعود سياسته وحروبه)).
28- عادل زعيتر في ((ترجمة تاريخ العرب )).
29- على الطتطاوي في كتاب ((محمد بن عبد الوهاب)).
30-أبو السمع الظاهري من علماء مصر- في قصيدة.
31- أحمد حسين في كتاب ((مشاهداتي في جزيرة العرب)).
32- محمد عبده في كتاب ((50عاما في جزيرة العرب)).
33- وسماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله في كتبه ورسائله.وأيضا علماء نجد الأعلام.
34- الشيخ أحمد بن علي بن حجر آل أبو طامي البنعلي القطري في كتبه ورسائله وبخاصة كتابه: ((محمد عبد الوهاب دعوته الإصلاحية )).
وهناك أعداد كبيرة من العلماء الأجلاء الذين أثنوا على الشيخ ودعوته المباركة نسأل الله أن يبارك في دعاتها وفيها ويرحم من دعا إليها ( ) .

((اتهام الحركة بالعنف والرد عليه ))
إن حركة الشيخ الإمام لم تتصف بالعنف على الإطلاق بل كانت تتسم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالدليل القائم على الكتاب والسنة وكان الشيخ وأتباعه يقومون بمجرد الدفاع عن العقيدة ومن يقف في وجهها.
قال الشيخ رحمه الله في رسالة له للعالم العراقي عبد الرحمن السويدي:
((أما القتال فلم نقاتل أحد إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة وهم الذين أتوا ديارنا. ولكن نقاتل على سبيل المقابلة بالمثل وجزاء سيئة سيئة مثلها لأن منطق تطور الأحداث يؤدي إلى هذا.
لأن الشيخ رحمه الله دعا إلى تطهير الاعتقاد والدعوة إليه وعندما غدت الدرعية قاعدة للحركة الإصلاحية اتخذ كثير من شيوخ القبائل موقفا معاديا منها أدت إلى شن هجمات على الحركة ودعاتها))( ) .
أهم مؤلفات الشيخ :
1- ((كتاب التوحيد )) ألفه في أول حياته.
2- (( كشف الشبهات )) .
3- (( مسائل الجاهلية )) .
4- (( أصول الإيمان )) .
5- ((فضائل الإسلام )).
6- (( مختصر السيرة )) و((كتاب الأحكام والفتن ))و((مختصر زاد المعاد)).
7- ((نصيحة المسلمين )) و((ثلاث عشرة رسالة في التوحيد والإيمان )) وغيرها.

((أهم ما دعا إليه الشيخ الإمام ))
1- العودة إلى الكتاب والسنة والتمسك بهما.
2- العودة إلى التوحيد الخالص ونبذ ما سواه.
3- توحيد الله في أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
4- توحيد الألوهية والربوبية.
5- إنكار البدع في عقائد المسلمين.
6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
7- إقامة الصلوات والحث على أداتها في أوقاتها.
8- نبذ التعصب المذهبي الذي يبلغ ممداه في القرون الأخيرة
9- حب الصحابة وأهل البيت وإنزال كل منهم في مكانه رضي الله عنهم أجمعين.
لقد استطاع الشيخ الإمام بحركته المباركة ودعوته التوحيدية إلى نشر التوحيد الخالص من الشرك في أرجاء المعمورة وأنقذ المسلمين من البدع والجهل والخرافة التي كانت تكدر صفاء العقيدة وجدد مدرسة الكتاب والسنة التي دعا إليها الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وتبعه شيخ الإسلام أحمد بن تيميه وتلميذه ابن القيم رحمه الله.
وأفهم أتباعه والناس أجمعين حقيقة التوحيد ومفاسد الشرك وقضى على المشاهد والمزارات والقبور المزخرفة التي عبدت من دون الله.
فكلما دخل الشيخ مدينة أو بلدة أقام فيها المساجد ورتب فيها الدروس في التوحيد والحديث والتفسير والفقه وشرائع الإسلام، وحلت بركة دعوته بلاد المسلمين فوصلت الهند والعراق ومصر والشام وأفريقيا وآسيا وأندونيسيا وماليزيا ولم يبق بلدة من بلاد المسلمين إلا وفيه تلاميذ وأتباع للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ودعاة للتوحيد .
ونرى تأثير الحركة واضحا الآن في اتجاه الفكر الإسلامي المعاصر فالمفكرون والمصلحون الإسلاميون الذين ظهروا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين قد فهموا جميعا العقيدة في إتجاه مذهب السلف الصالح وتركوا التعصب المذهبي ودعوا إلى تركه.وصياغة فقه إسلامي مقارن واتخاذ منطلق للاجتهاد ا ت الفقهية الجديدة. وكانت المناطق التي تحت حكم الإصلاح من دعاة وأمراء في وضع ينعم بالأرض والأمان والاطمئنان والقضاء على الظلم والفساد. والجميع آمنون على أنفسهم وأموالهم وأهليهم وهذه هي المملكة العربية السعودية تنعم بالأمان والاطمئنان في ظل دعوة التوحيد وتطبيق شرع الله. ثم ببركة دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب واعتناق الأسرة المباركة له ولدعوته واحتضان الداعين إليها.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
المصادر
1- القرآن الكريم.
2- كتب الحديث: البخاري ومسلم والسنن الأربعة وموطأ مالك ومسند أحمد.
3- الشيخ محمد بن عبد الوهاب))، عبد الله الصالح العثيمين، ط النهضة بمصر.
4- ((لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب))،د. مصطفى أبو حاكمة.
5- ((تاريخ المملكة ))، صلاح الدين المختار، ط 1 بيروت 1376 هـ.
6- ((عنوان المجد في تاريخ نجد))، عثمان بن بشر، ط 3 الرياض 1385هـ
7- ((محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته))، سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، ط 2 الرياض 1389هـ.
8- (( الوهابية حركة الفكر))، عبد الرحمان بن سليمان الر و يشد، ط القاهرة 1397هـ.
9- ((سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أمين سعيد، ط 1بيروت 1384هـ.
10- ((الجامع الفريد ))، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ط 2 جدة.
11- ((الهدية السنية في التحفة الوهابية))،سليمان النجدي، مكة 1393هـ.
12- ((صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان))، محمد بشير السهسواني،.
ط 4، الرياض 1386هـ.
13- ((فتح المجيد شرح كتاب التوحيد))، الشيخ عبد الرحمان بن حسن آل الشيخ ،ط 7، القاهرة 1377هـ.
14- ((قادة الفكر الإسلامي عبر القرون))،عبد الله بن سعد الر و يشد، ط الحلبي ، القاهرة .
15- ((قرة عيون الموحدين))، الشيخ عبد الرحمان بن حسن آل الشيخ، دار الإفتاء،1404هـ.
16- ((محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم))،مسعود الند و ي،ط 1371هـ.
17- ((جزيرة العرب في القرن العشرين))، حافظ وهبة.
18- ((أثر الدعوة الوهابية))، محمد حامد الفقي .
19- ((البدر الطالع))، الإمام محمد بن على الشوكاني،.
20- ((الدار النضيد))، الإمام محمد بن على الشوكاني،مصر 1343هـ.
21- ((التحف في مذاهب السلف))، الإمام محمد بن علي الشوكاني، ط الجامعة الإسلامية.
22- (( التنبيهات اللطيفة))، الشيخان عبد الرحمان السعدي وعبد العزيز بن باز.
23-((الفقه الأكبر))، الإمام أبو حنيفة.
24-((المغني))، ابن قد امة الحنبلي.
25- ((شرح العقيدة الطحاوية ))، أبو جعفر الطحاوي الحنفي.
26- ((فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه))، جمع الشيخ عبد الرحمان القاسم وابنه محمد.
27-((التصوف والطريق إليه))،عبد الرزاق نوفل.
28-((سواد العين في مناقب الرفاعي))،.
29- ((حجج الدراويش)).
30-((مدائح الطريقتين القادرية والرفاعية))، لمجموعة من الصوفية.
31-((المجالس الرفاعية))، محمود فاضل السامرائي.
32-((الشيخ محمد بن عبد الوهاب))، الشيخ أحمد بن حجر آل أبوطامي.
33-((الرد على الأخنائي))، شيخ الإسلام ابن تيمية.
34-((حاشية ابن عابدين))، ابن عابدين.
35-(( إعلام الموقعين))، ابن القيم.
36-(( الجامع للإحكام))، ابن عبد البر .
37-((أصول الأحكام))، ابن حزم.
38-(( الفتاوي))، الإمام البسكي.
39-(( الروض الفائق ))،الحريفيش ط المكتبة العلامية- قديمة .
40-الرسائل النجدية ))،الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ،ط دار المنار مصر.
41- ((فقه السنة))،الشيخ سيد سابق.
42- ((جلاء العين في محكمة الأحمدين ))، نعمان شكري الأاوي القاهرة 1381هـ.
43-إلى التصوف يا عباد الله ))،الشيخ أبو بكر الجزائري ط 1404هـ.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك