الأسرة ملاذنا الآمن

الأسرة ملاذنا الآمن

سالم مبارك الفلق
كانت الأسرة فيما مضى تعيش حياة بسيطة هادئة، يسودها جو مفعم بالمودة والمحبة والتعاون، تقوى فيه أواصر القرابة والروابط الأسرية وتشتد، يخدم الصغير فيها الكبير، ويحنو الكبير فيها على الصغير. أما الآن فقد تعقدت الحياة وكثرت التزاماتها وقد تضطر الظروف البعض للابتعاد عن أسرهم فترة من الزمن، حتى أصبحت أعباء الحياة في أيامنا هذه تثقل كاهل الأبوين خاصة في الطبقات الفقيرة والمتوسطة فضلاً عن القلق الذي يساور الآباء على مستقبل أولادهم في عصر سريع التغير ملئ بالمفاجآت.
ما الأسرة :ـ
إننا نعيش في بيئات مضطربة وصراعات عنيفة ترهقنا وتؤلمنا، فمع التحول الكبير في جميع شئون حياتنا وما رافقه من صراعات فكرية و أزمات سياسية، ومع الاحباطات الشديدة التي يعانيها كل فرد منا نظل نحنّ إلى ذلك الملاذ الآمن تلك هي (الأسرة) التي تمتص كل ما بنا من خوف وقلق وتعب وتوتر، تنعشنا وتمدنا وتحفزنا وتعطينا كل ما نفتقده في عالمنا الخارجي من الألفة والحب والاستقرار والانتماء، نسيج جميل من العلاقات حاجات يتم بعضها بعضا تتدفق بمسارات متوازية وعلاقات تبادلية خالقة إحساسا بالقوة والانتماء.هذه الكلمة الصغيرة تعني لنا الكثير كونها المؤسسة التي يرتكز عليها بناء المجتمع السليم المتكامل، و المسئولة تماما عن بناء شخصية الطفل فهي بمثابة القلب في الجسد ؛ فان صلحت صلح المجتمع كله، وان فسدت فسد المجتمع كله. ولكن الصعوبة تظهر في إيجاد صياغة تعريفية لها.. فأرسطو يرى أن (الأسرة تنظيم طبيعي تدعو إليه الطبيعة)، و أوجست كونت يعرفها بأنها (الخلية الأولى في جسم المجتمع، وهي النقطة التي يبدأ منها التطور)، ويعرفها جون لوك بأنها (مجموعة من الأشخاص ارتبطوا بروابط الزواج و الدم والاصطفاء أو التبني مكونين حياة معيشية مستقلة ومتفاعلة، يتقاسمون عبء الحياة، وينعمون بعطائها)، ويرى نيمكوف أن الأسرة رابطة اجتماعية من زوج وزوجة وأطفالهما، او من زوج بمفرده مع أطفاله، أو زوجة بمفردها مع أطفالها. ويرى مصطفى الخشاب ان الأسرة (عبارة عن مؤسسة اجتماعية تنبعث من ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم والأوضاع الاجتماعية).
وهناك خصائص مشتركة في كل أسرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. أن الأسرة ضرورة حتمية بفرضها الواقع والطبيعة البشرية.
2. وأنها عماد المجتمع وأحد مرتكزاته الأساسية.
3. وان لكل أسرة نظام محدد ودستور تسير بتعليماته.
4. وان الأسرة تتصف بالاستمرارية ؛ فلا تموت إلا بوفاة جميع أعضائها.
ونقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى والتربية في معناها الشامل لا تعني توفير الطعام،والشراب،والكساء،والعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا،بل تشمل كذلك ما يصلح الإنسان ويسعده منها غرس القيم والفضائل الكريمة والآداب والأخلاقيات والعادات الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وتحثه على أداء دوره في الحياة، ومنها غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء وترسيخ معاني الوطنية في أفئدة الأبناء بالتضحية والدفاع عنه، ومنها أيضا التخطيط الجيد أثناء الإجازات والعطل الصيفية للاستفادة من أوقاتها فيما يعـود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع من خلال توجيه طاقاتهم إلى البرامج العلمية النافعة، والدورات التدريبية المفيدة،و ممارسة الرياضة البدنية، ومنها إبعادهم عن المواد الإعلامية المضرة، وتقديم البديل النافع لهم من الوسائل المسموعة أو المرئية،أو المكتوبة، ومنها إبعادهم عن رفاق السوء فمعظم الجرائم،وتعاطي المخدرات،والانحراف الفكري يقف خلفه رفاق السوء. ويرى كثير من الآباء والأمهات أن دورهم في تربية أولادهم ينتهي عند بلوغ الولد أو البنت سناً معينة فيتركهم أو يهملهم ظناً أن الأولاد قد كبروا في السن ولا يحتاجون إلى توجيه ومتابعة،وهذا خلل في التربية ينتج عنه مشاكل لا تحمد عقباها فمسؤولية الأبوين لا تنتهي مهما كبر الأبناء لأنهم في حاجة دائما الى التوجيه والنصح والإرشاد ولا غنى لهم عن خبرات وتجارب كبار السن.

المصدر: http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=11141

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك