الحكمة في الدعوة إلى الله

 الحكمة في الدعوة إلى الله

السعودية / د. أسماء بنت راشد الرويشد

أمر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة فقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل: من الآية125). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله تعالى.

 

والحكمة فضل من الله عز وجل يؤتيه من يشاء من عباده قال تعالى: { وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (البقرة: من الآية269).

إلا أن للظفر بالحكمة طرقا ووسائل- كما هي سنة الله تعالى- تعين الداعية إلى الله على اكتسابها والتزامها- بعد توفيق الله تعالى-.

 وتعريف الحكمة الجامع هو: "الإصابة في القول والعمل والاعتقاد ووضع كل شيء موضعه بإحكام وإتقان".

وبهذا التعريف يتبين أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى تكون بإتقان الأمور وإحكامها بأن تنزل جميع الأمور منازلها، وبمراعاة أحوال المدعوين فتارة يستخدم الرفق واللين والحلم مع بيان الحق بأدلته مع من يلمس فيهم الاستجابة وقبول الحق والرغبة فيه.

وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب لمن غلبت عليهم الغفلة وكانت عندهم شهوات تصدهم عن الحق. وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن، بحسن الخلق والتلطف بالكلام وتحسينه بالأدلة العقلية والنقلية، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو، بل لابد من أن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند.

ومن الحكمة في الدعوة إلى الله: أن يبدأ الداعية بالمهم ثم الذي يليه فيقدر الأمور قدرها، فمثلاً لا يبدأ بدعوة الناس إلى أنواع النوافل والقربات وهم في أمس الحاجة إلى تصحيح عقيدتهم أو إلى تعلّمهم الطهارة والصلاة.

كل ذلك مع مراعاة ظروف المدعوين وأحوالهم من الناحية الإعتقادية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، والقدر الذي يناسبهم في الدعوة، بحيث لا يشق عليهم بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، مع تعليم العامة ما يحتاجون إليه بألفاظ وعبارات قريبة من أهامهم ومستوياتهم.

فالحكمة تجعل الداعية يرى حاجات الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ الداعية إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب ويتحقق له بفضل الله تعالى التأثير عليهم وإقبالهم إلى الحق وقبوله.

كما أنه ينبغي أن يعلم أن الداعية لا يكون حكيماً في أقواله وأفعاله وسائر تصرفاته إلا بتوفيق الله تعالى ثم بالفقه في أركان الدعوة وركائزها.. التي تتمثل في الآتي:

  1. العلم بما يدعو إليه؛ بأن يدعو إلى الله على بصيرة بالحجة والبيان، إلا أن العلم لا يكون لصاحبه من دعائم الحكمة إلا باقترانه بالعمل الصالح، إذ من مقتضى الحكمة عند الداعية أنه يكون عاملاً بما يدعو إليه مخلصاً لله تعالى متخذاً النبي صلى الله عليه وسلم قدوة له وإماماً في ذلك.
  2. معرفة الصفات والأخلاق والآداب التي ينبغي أن يلتزم بها الداعية، وعلى رأسها في مقام الحكمة: الحلم والأناة التي تسمح للداعية بأن يحكم أموره فلا يقدم على أي عمل أو قول إلا بعد النظر والتأمل ووضوح الغاية الحميدة التي سيجنيها، إذا إن للأشياء مراتب ونهايات تصل إليها ولها أوقات، فمقتضى الحكمة أن يعطى كل شيء حقه وفي وقته فلا يعجله ولا يؤخره.
  3. معرفة الداعية بأحوال المدعوين وأصنافهم ومشكلاتهم. وهذا سبق أن أشرنا إليه.
  4. ثم معرفة الوسائل والأساليب التي تستخدم في نشر الدعوة وتبليغها والكيفية النافعة في إيصال الحق لهم، وأحسن الطرق والأساليب في دعوة الناس ومخاطبتهم ومجادلتهم هي طريقة القرآن الكريم، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وسوق النص القرآني والحديث النبوي في ألصق الأمور مساساً بها. وهذا من أعظم الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً. وينفع في ذلك كثيراً- بإذن الله- الاطلاع على مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الحكيمة في عفوه وصفحه ورفقه وحلمه وأناته وشجاعته وجوده وكرمه وإصلاحه وحزمه وشدته وسائر أحواله في دعوته. كما أنه يجدر بالداعية الاستفادة من الوسائل والتقنيات الحديثة النافعة والمؤثرة والمتماشية مع أحكام الشريعة كوسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وشبكات الاتصال.
  5. وليكن شعار الداعية دائماً {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصلاح مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} (هود: من الآية88).

المصدر: http://www.asyeh.com/ArticDet.asp?Articals.aspx=85

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك