المآسي والخطاب الدعوي ونحن

المآسي والخطاب الدعوي ونحن
للدكتور مهدي قاضي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقــــدمـة

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وبعد...فإن هذا الكتيب يحوي مقالين كتبا في فترتين سابقتين, أذكر بها نفسي المقصـــرة وإخواني, سائلاً الله أن يكتب بهما النفع, فما أصبت فيه ووفقت فمن الله وبفضله, وما أخطأت فيه فمن نفسي والشيطان.

المقال الأول يعرض -على شكل نقاط- عدداً من الإشكالات التي لوحظت في العديد من الخطابات الدعوية التي حدثت تفاعلاً مع مآسي أمتنا (وتخبطاتها) الكثيرة المتنوعة المتكررة في عصرنا الحالي الذي نعيشه, والمقال الثاني يُذَكِّر ببعض الواجبات والمستوى الذي يؤمل أن يكون عليه الدعاة إلى الله خاصة في وقتنا هذا الذي كثرت فيها آلامنا واستبيحت دماؤنا وأذللنا أيما إذلال.

وقد ذيل المقالان بهوامـــش بها نقاط تذكيرية هامــــــــــــة أتمنـــــى الإلتفات لها, خاصــة هوامش المقال الثاني والتي منذ سنوات وأنا أتمنى نشرها في كتيب مستقل وأتت الآن فرصـــة لأضعها باختصار في هذه الهوامش, فأسال الله أن ينفع بها. وأتقدم بالشكر والدعاء لكل من أعانني في إخراج هذا الكتيب وتنقيحه.

اللهم عجل بفضلك وكرمك هداية أمتنا, وأعنا على أداء واجباتنا, وارزقنا الإخلاص وصدق محبتك, واكتب لنا يا عظيم النصر على الأعداء, وأفرحنا بكرمك بنيل رضاك, وبدخول فردوسك, وبلذة النظر إلى وجهك الكريم يوم لقاك.

4/6/1424هـ

الخطــــــاب الدعوى و مآســـي المسلمين

هذه الكلمات في الفقرات التالية موجهةٌ لروح الأمة, وحاملي همها من الدعاة والمصلحين, وأصحاب الأقلام الطيبة, وإن كان الأصل أن كـــــل الأمة تكون كذلك, فالدعـــوة إلى الله مسؤوليــــة الجميــــــــع.

أولا: إشكــــــــــــــــالات في الخطاب:

1- يحز في النفس كثيراً أن العديد من الخطباء والمحاضرين والكتاب والشعراء في وقتنا الحاضر وبالذات في مآسينا (وأيضاً تخبطاتنا) الأخيرة الرهيبة, لا يقومون في خطبهم ودعائهــــــــــم وتوجيهاتهــــــــم -عند الحديث عن هذه المآسي- بتذكير المسلمين بواجب العودة إلى الله, وواجب كل مسلم في تحقيقها بالشكل الواضح والكافــــــــــــــي, والمؤثـــــــــــــر الحــــار, الذي يوصـل هذه الحقيقة إلى كــل المسلمين, مبيناً لهم بوضوح أن هذا هو الحـل,..... ومشعـــراً لهم بأن مسؤوليــــة تحقيقه تقع على كل فــــــــــــــرد مسلم,
مع أن هذا هو الحل الحقيقي الجذري( (الموصل لتحقيق النصر, وإيقاف المآسي, وردع أعداء الدين.
قال تعالى: ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ )..الآية (محمد:7),
وقال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..الآية(الرعد:11),
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عمر ( إذا تبايعتم بالعينة, وأخذتم أذناب البقر, ورضيتم بالزرع, وتركتم الجهاد, سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعـــــــــــــوا إلى دينكم) (سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني).

ويبدو أن عدم وضوح بعض الأسس الإسلامية, إضافة إلى الضياع الفكري والتوجهي الذي تعيشه أمتنا حاليا, قد أثرا أيضا حتـــــــــى على العديد من الدعاة والمصلحين ؛ فرأينا البعض يتكلم ويكتب عن مآسي ومذابح الأمة بنظرة سمتها التركيز على الحلول الجزئية بما فيها الإكثــــــار من نقد التوجه العالمي, والتحدث عن الأسباب السياسية والمادية أكثـــــــــــر من النظر للخلفيـــــــــــات الشرعية( ) المتعلقة بهذه الأحداث.
والأهــــــــم من ذلك عــــــــدم التركيـــــــــــــز بدقــــــــة, وإيضـــــــــــــاح تام كـــــــــــافٍ على الحل الحقيقي لكل هذه المآسي بالشكـل الذي يصـــــــل إلى قلب ويقيـن كـــــــل مسلم (وليس إلى فكره فقط), مشعــــــــــرا له بواجبه في التغيير( ) والعـودة والدعــوة إلى الله.

وفي بعض الخطابات والبيانات المتعلقة بالمآسي وكثير من المشكلات التي تعيشها الأمة ذكر موضوع التوبة وعودة الأمة والحذر من المعاصي ولكنه كان يذكر عَــرَضَــــاً, أو باختصار شديد قد لا ينتبه له, أو فقط كنقطة من النقاط ضمن نقاط أخرى عديدة وبدون التركيز الكافي عليه, مع أنه أس قضايانا وكما يقال قضية القضايا.

2- أيضاً وعلى الرغم من سرور قلوبنا بما نقرؤه ونسمعه من العديد من الصادقين من تألم على الواقع والجراح, إلا أننا من كثرة المآسي والجراح, وفي غياب التذكير بالحل الحقيقي بوضوح, أصبحنا نمل أحيانا من كثرة البكاء والتباكي على واقع الأمة المتكرر,
فهل الهدف هو البكاء للبكاء؟
أم هل الهدف هو البكاء والتألم فقط لجمع المال للمنكوبين والمشردين؟ والذي لاشك
في أهميته إلا أنه حل جـــــزئي ووقتــــــي, خاصـة إذا لم يربط بالحل الحقيقي,...
فالأصل أن يكون الهدف والمؤمــــــل الأكبــــــــــــــــــــــــــر من البكاء والتألم هو
جعل ذلك شعلــــــــــــــــة( (للأمة للانطلاقـــــــــــة نحــــو التغييـــــــــــــــــر في
واقعها, والعودة إلى الله, والدعوة إليه, التي -بإذن الله- بها وبنتائجها وثمراتها تعز الأمة, ويعود مجدها, وينطلق بقوة جهادها, وتنتصر وتحل كل مشكلاتها(وتخبطاتها) .

3- أيضاً يلاحظ في الكثير من المآسي التركيز على الدعـــــاء والدعم المالـــــي مــع الضعف في تذكير الأمة بواجب التوبة والعودة وإصلاح المسار,.... والدعاء والدعم المالي على الرغم من أهميتهما وضرورتهما إلا أنهما ليسا الواجب الوحيد والأهــــــم, وقد أصبح هذا المظهر أي مواجهة المذابح فقط بالدعاء والدعم المالي سمة لأمة الإسلام في العقود الأخيرة, وهل يعقل أن يستمر حال أمة الإسلام في كل مذبحة لأبنائها بهذا الشكل, بل إن أي أمة لا ترضى أن يستمر حالها هكذا في كل مذبحة ومأساة تتعرض لها, فكيف بنا أمة الإسلام ونحن مَنْ مِنَ المفترض أننا ندرك قيمة الدم المسلم عند خالقنا العظيم سبحانه وتعالى.

لذا فبالإضافة إلى تذكير الأمة بواجب الدعاء والدعم المالي وقت حدوث المآسي, فلا بـــــد من التذكير والتركيز في ذات الوقت على واجب التوبة والعودة وإصلاح المسار, لأنها الطريق الذي سيقود الأمة بإذن الله إلى العزة والجهاد والنصر, حتــــى يأتــــــي اليوم الذي توقف هذه المذابح والمآسي حال حدوثها, ولا نكتفي عندها فقط بالدعاء وتضميد الجراح, بينما السفاحون يقتلون ويبيدون!!.
بل في ذلك الوقت أي عندما تسترجع الأمة عزتها لـــــــــــــــــن يتجرأ عليها بإذن الله أعداء الدين, ويستبيحون كرامتها في كل حين, كما هو حاصل الآن حتى أننا أصبحنا أذل أمة على وجه الأرض.
خاصـــــــة أن الأمة في أيام الأحداث تكون متأثرة ومتفاعلة, وخســــــــــارة عظيمة أن لا تذكر بواجب التوبة وإصلاح المسار وهي في قمــــــــة تفاعلها.

وإن من سلبيات التركيــــز على الدعاء المقتصر على الدعاء للمنكوبين, وعلى الدعم المالي لهم مـــــــــــع ضعف التركيز على تذكير الأمة بالتوبة والإصلاح أن يحدث تخديـــــــــــــــــر للمسلمين, فيشعرون أنهم -بعمل ذلك فقط- يكونون قد أدوا ما عليهم, بينما هم مستمرون ويستمرون في الغفلة واقتراف المنكرات والإصرار على المعاصي التــــــــــي هي مصيبتنا العظمى( ), وأساس ذلنا وضعفنا وهواننا, واستئساد الكفار علينا وتمكنهم منا, وعجزنـــــــا عــن إنقاذ إخواننا, كما بين ذلك لنا كتاب ربنا العظيم وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم.

4- يتكلــم العديد من المحاضرين والشعراء والكتاب وتصــــدر توجيهــــات من بعض الدعاة بعــــــد العديد من المآسي والمحن عن الجهاد وعزة الأمة ووحدتها ونخوتها, ولاشك أن هذا تذكير نحتاجه وأن هذه أسس هامة جداً ونحن بأمس الحاجة إليها وبها بإذن الله يتحقق النصر ولكـــــــــــــن......
كيــــــف السبيل إليها؟
وهل وُضِّح للناس كيف نصل لطريق الجهاد؟ وكيف يتحقق النصر فيه؟
وكيــــف تحدث العـزة والوحـدة؟
هل نريد من المسلمين أن يثبوا فجأة للجهاد, رغم كل العوائق وأهمها الذنوب والمعاصي؟,.. ونتمنى أن يحدث ذلك ولكن المخدر بشكل عام عادة لا يقوم فضلاً من أن يثب وثوباً حقيقياً.
ثم لو حصل الجهاد من أمتنا بدون تركها المعاصي ومجاهرة الجبار بها فلن يحصل النصر الحقيقــي التــام. ( )
وحتى لو حصل نصر مؤقت فهل يكفينا حدوثه بينما أمتنا مستمرة في بعدها, وأين نضع هذا بالنسبة لأهداف الجهاد العظيمة وغاياته؟!! وهل هدف الجهاد في الإسلام هو فقط إنقاذ المسلمين؟! فعلى الرغم من أهمية وضرورة هذا الهدف, إلا أن الهــدف الأعلــى والأعظــــم للجهاد هو حفظ الدين وإقامته وتعبيد الناس لله رب العالميـن (ويكـــــــون الدين لله)(البقرة:193, الأنفال:39).
ولا يخفى على الدعاة والمصلحين ما حصل في أمتنا من بعد كبير عن حقيقة دينها, ولا يخفى أيضا ما يفعله المفسدون في الأمة, حتى وصل الأمر إلى حد محاربة أوامر الله وتحكيم غير ما يرضاه.
وليتنا نرجع إلى كتب التفسير ونتأمــل بعض الحكم المستفادة من قوله تعالى في سورة محمد[سورة القتال]: ( طاعــةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عــزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم) (محمد:21).

ومسألة أخرى هامة تجدر الإشارة إليها هنا وهي: أن تذكيرنا للأمة بالجهاد بــــــــــــــــــدون توجيهها للتوبة والعودة قــد يــــــــؤدي إلى حدوث اتكاليــــــــة وتأخر في التغيير والإصلاح - الذي هو الطريــــــق الذي يقود الأمة بفاعلية للجهاد ويحقق لها النصر فيه بإذن الله- بيــــــن أفراد الأمة, بحجة أن الجهاد لم يقـــم وأننا ننتظر اليوم الذي يبدأ فيه حتى ننصر إخواننا بمشاركتنا فيه, فتنسى الأمة وتغفل عن أن استمرارها في الذنوب والغفلة وعدم تحقيق العودة الصادقة إلى الله هو أحــد أهــــــم أسباب تأخر الجهاد في الأمة وتأخر تحقيق النصر فيه.
وكـــــــم واجهنا من المسلمين الذين عندما نذكرهم بترك اللهو والمعاصي غِيرةً على الأقل على واقع الأمة نجدهم يحتجون بحجة عدم وجود الجهاد الآن, وأنه لو كان موجوداً لتفاعلوا معه في إنقاذ إخوانهم, ونَـســـــــــــوا أنهم بأعمالهم هذه ولهوهم يكونون من أهــم أسباب تأخر بـدء وحصـول الجهاد في الأمة.

وأبو بكـر وعمـر رضي الله عنهما وسلفنـا الصالح كانوا عندما يرسلون جيوشهم التي حوت خيار الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم كانوا يوصونهم بتقوى الله والحــــــذر من الذنوب وأنها أهـــــم العدة على الأعداء( )...... فكيــــــف يُنســـــــــــى هذا -أو يذكر بدون إعطائه حقه- عندما نذكر أمتنا بالجهاد, وهي على ما هي عليه من الغفلة والبعد وتضليل المضلين وإفساد المفسدين.

بل ويبدو أن تذكير الأمة بالجهاد بـــــــــدون تذكيرها بالتوبة والرجوع ومساعدتها على تحقيقه, قــــــــد يؤدي إلى نشوء شوائب الحمية في إخلاص الأمة عند حماسها للجهاد, مما قـــد يجعل توجه البعض للجهاد تشوبه نية الحمية, التي تضعف تحقق العبودية فيه. وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله). وصفاء النية من شوائب الإخلاص تحتاج إلى أفرادٍ تربوا على الصدق مع الله, والتزام أوامره, والحرص على ما يرضيه.

5- وبالنسبة لجانب تفرق الأمة ووحدتها فمن الإشكالات في الخطاب الدعوي والإصلاحي أن تُوْهَم الأمة أن السبب الأســاس لتخبط الأمة وتأخر النصر هو عدم وحدة الأمة وإتحاد صفها وتلاحمها, فليس الأساس كذلك, بل نحتاج في الخطاب الدعوي إلى أن نؤكد للمسلمين بأن أمتنا لن تنتصر النصر الحقيقي وتحفظ حتى ولــــو اتحــــــــــدت وتلاحم أبناؤها طالما أنها لم تطبق شرع الله وتحترم أوامره.
وذلك حتى لا تعتقد الأمة أن أساس دائها هو التفرق (ولا خلاف في أنه مشكلة هامة), ولتـدرك فــــــي واقعنا الحالي أنه ليس إلا عــــــــــرضاً من أعراض مأساتها الكبيرة, ألا وهي بعدها عن حقيقة الدين, وعن التمسك الكامل به في كل أمور وجوانب الحياة. قال تعالى: (أو يلبسكم شيعـــاً ويذيق بعضكم بأس بعض) الآية (الأعراف:65).
ورجوع الأمة إلى دينها وتمسكها به سيكون أقوى دافع لاتحاد الأمة ولحمتها, بل هو جزء أساس من معاني الرجوع إلى الدين وصدق التمسك به وبتعاليمه.

6- أيضا يلاحظ في أحيانٍ عديدة التركيز علــــــــى كيد الكافرين ومؤامراتهم وخططهم وخطورتهم والسبل المادية لمواجهتهم أكثـــــــــــــر من التركيز على الإصلاح وعودة الأمة, مع أن صلاح الأمة هو الأساس لردنا أي كيد وأي اعتداء, وخالقنا العظيم العليم أخبرنا سبحانه بأن كيدهم لن يضرنا إذا صبرنا واتقينا (وإن تصبــروا وتتقـــوا لا يضركم كيدهم شيئا) (آل عمران:120).
ولا شك أن أقـــــوى ما نواجه به الكافرين هو صدقنا مع الله والتزامنا بأوامره, وأن أهــم أسباب هزيمتنا وذلنا هو المعاصي, وبعدنا عن الله وعن التطبيق الحقيقي الكامل لشرعه وأوامره, ولا رد حقيقي لكيد الأعداء ونحن نقويه بذنوبنا ومعصيتنا.

بل وإن التركيز على كيد الأعداء(الذي من المُـسَـلّـمْ بأنه لا خلاف في الأصل على أهميته ) بــــطريقة تُـشْعِـر بأنه الأساس في مصائبنا وبـــــــــــــــدون تذكير الأمة بأمراضها التي كانت السبب في ذلها واستئساد الأعداء عليها وتمكنهم منها, قــــد يكون أيضا عاملاً آخراً يضعف التفات الأمة لمرضها الأساس, ودائها الأهم, وأولوياتها في طريق إنقاذ نفسها من الأخطار المحيطة بها؛ قال تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)( آل عمران: 165).

7- يكثر بعض الدعاة أحيانا من ذكر "صلاح الدين" وغيره من أبطال الأمة خاصة في الأشعار والأناشيد عند كلامهم عن مآسينا, ولاشك في أن أمتنا تحتاج إلى أمثالهم وبشـدة, ولكــــــــــــن.......
أن نجعل أن كل مشاكل الأمة وكل مآسينا بسبب عدم وجود"أمثال صلاح الدين" يعتبر فهماً خاطئاً, وله خطورتــــــــــه من حيث أنه يصــرف أنظار الأمة عن أمراضها الحقيقية التي تنخر في جسدها, كما وضح ذلك صاحب كتاب " هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس" الدكتور ماجد الكيلاني .
ثم كيف يخرج لنا مثل "صلاح الدين"؟!, هل ننتظر أن يوجد بيننا حتى ونحن على ما نحن عليه!!!!؛
إن العودة إلى الله ومناهج الإصلاح هي التي تخرج لنا" صلاحاً" -بإذن الله-!!. و"صلاح الدين" نفسه كـــان أحد ثمار المنهج الإصلاحي الذي عاصره وسبقه.

ولا شك أن ذكر" صلاح الدين" والأبطال مهم ونحتاجه, ولكن ليكــــــــــــن وسيلة لتحفيز الأمة للعودة إلى الدين, والنخوة له, والجهاد الصادق في سبيله, وليكن حافزا لنا لنكون على مثل ما كان عليه "صلاح الدين" من صـــــــــــلاح( ) وتقوى, سبقـــــــت بطولته وإنجازاته.
وذلك حتى يكون ذكره حافزا لنا في معرفة واجباتنا ومسؤوليتنا في الإصلاح, لا أن يكون ذكره وذكر عدم وجود أمثاله شماعـــــــــــــــة!!!! يستغلها الشيطان لكي تُـلقي الأمة عليها أخطاءها بينمــــــــــــا هي سادرة في غفلتها ولهوها وذنوبها, والتي هي أســـــاس مأساتها وتخبطها وتفرقها وضياعها وهوانها.

8- يبدو أيضا أن كثــــرة استخدام الدعاة والمصلحين والشعراء مصطلح العودة إلى الدين بالشكــــــــــل الذي يخاطب الأمة بشكل عـــــــــــــــام لا بشكل فردي مثل عبارة "عودي إلى الله" التي تخاطب الأمه وعبارة "الحل في عودتنا لما كنا عليه سابقا" قــــــــــد لا تشعـــــــــــر الفرد المسلم بواجبه في التغيير, خاصة مع وجود الغبش الكبير في فكر وسلوك أمتنا الديني, فقد يعتقد الكثير من أبناء الأمة أنهم ليســـــــــــــــوا هم المقصودين بهذه العودة, خاصــــة مع وجود عدو الإنسان الكبير الشيطان الرجيم وشياطين الإنس, الذين يلبســــــــون على المسلم أحكام دينه ويجعلونـــــــه يرضــــــــى بواقعه, على الرغم من وجود التقصير الكبير في تطبيقه والتزامه بالدين وأحكامه. وأيضا قد لا يكون واضحا للفرد أن بداية تغيير واقع الأمة وعودتها إلى الله تبدأ بالفرد نفسه, بالتــــــــــــــزامه الصادق الكامل وبدعــــــــــــــوته غيره من أفراد المجتمع ( عــــودة ودعـــوة( )).

9- مما يدل أيضا على أن خطابنا الدعوي كان ناقصاً هـــو ما نلاحظه من البـــــــــــرود و الانتكــــــــــاس العاطفـي والعملـــي السريع, والعودة للضلال واللهو الذي يحدث للأمة بعـــــــد فترة وجيزة من انتهاء إحدى نكبات المسلمين.
بل حتى أنه مع استمراء الواقع وكثرة المذابح أصبح الكثير من الأمة يلهـــــو ويغني, وينشغل بالدنيا, والمعاصــــــــي التي يؤخر بها نصر أمته في نفــــــــس الوقت الذي يرى أمامه يوميا إخوانه وهم يذبـــــــح أطفالهم, وتهــــــدم منازلهم, وينكـــــــــل بهم أشد تنكيل.

10- يبدو أن من آثار عدم تركيز الدعاة وغيرهم من المصلحين والغيورين على طريق النصر الحقيقي-بالقــــــــدر الكافــــــــــــي- في خطابهم الدعوي أننا أصبحنا نرى العديد من الإنتاجات الطيبة التي كانت ردة فعل للمحن من مقالات وأشعار وكتابات, وإصـــــــدارات إعلاميـــــة متنوعـة, وتوجهـات شعوبيـــــة( ) , كلهـــا طيبة لكـــــــن الكثير منها يتسم بعــــــدم تلمس طريق النصر الحقيقي بإيضــــــــــــاح جيــــــــــــد لا بكلمات رنانة عامــــــــة, وأفعــال حماسيـة غير دقيقـــــــة في توجههــــــــــا لأساس الداء والدواء.
بل إن بعــــض ردود الفعل تجاه المحن سواء كانت نثراً أو شعراً أو خطابةً أو مظاهرات أو غير ذلك كانت تتكلم عن المحن بالطريقــــــة التي يتكلم بها أي إنسان يضيع عليه مجده أو وطنه أو ينتهك عرضه ودمه, فبعضها جـاف من المعاني الإسلامية, ومعاني العبوديـــــــــــــة, وفي بعضها سمة الحمية أظهر من سمة العبودية والإخلاص والتجرد والعمل من اجل إرضاء الله.

11- ومن الإشكالات التي لوحظت ما يمكن أن نسميه التخديــــــــــــــــر بالنصر والتفاؤل الذي يحدث عندما يحرص بعض الأفاضل الكرام الغيورين من الدعاة والمصلحين في خطاباتهم -كلمات كانت أو شعرا أو توجيهات- على طمأنة الأمة بأن النصر قادم, وبث روح التفاؤل فيها بــــــــــــــدون أن ُتذَكَّــر الأمة بأهمية أن تصحح مسارها, وتتوب من المعاصي التي وقعت فيها, وتعلـن وتبـــــــــدأ بجديــة في العودة الصادقة إلى الله, وإلى حقيقة دينها وتطبيقه الكامل, والدعوة والبذل والتضحية من أجله, فنكون بذلك كمن يطمئن الطالب الكســــــــــول المحبط بأن عليه ألا ييأس وأنه سينجح بـــــــــــــدون أن يذكره بان عليه أن يثابر ويجتهد.
ولا يعني هذا عدم التشجيع على بث روح الأمل والتفاؤل, فهو أمر مطلوب محمود, ولكن القصد أن يكون معـــــه تذكير واضح بالعمل والسعي للتغيير, حتـــى تُتَـلافـــــــى سلبية الركـــون واستمـــــــــــراء الواقع.

(( إن أمتنا تحتاج إلى التفاؤل ولكنهـــــــــــــــا.....

تحتــــاج أكثر ما تحتاج إلى من يهـــزها بقوة لتستيقظ من نومها العميق وبُعدها,

تحتــــاج أكثر من التفاؤل إلى من يحذرها من حدوث مآسٍ وعقوبات أخرى من الجبار سبحانه لها فهــــــــــــي:

لم تفق وترجع إلى الله وهي في أشد مآسيها وذلها وهوانها,
لم تعد ولم تتب من المعاصي( ) وهي ترى المسلمين يذبحون ذبح النعاج بما فيهم أطفالهم!!! الأبرياء,
لم تعد( ) وهي تسمع بآلافٍ !!!! من أخواتهن يغتصبن!!!! .
لم تعد ولم تتب وهي ترى الأعداء يتربصون بها من كل جانب!!
لم تعد ولم تتب وهي ترى العالم يعيش في قمم من الضياع والتعاسة والكفر
والضلال, وهي المسؤولة عن تبليغه طريق النجاة...أولاً :بتمثلهــا هي نفسها الإسلام
حقيقة وصدقاً (فهو الأهم لنشر الدين), وثانياً: بتبليغها الإسلام بكــل عزم وهمة.

إن أمتنا التي لـــــــــــم تفق( ) ولــــــم تعد وهي ترى كل هذه البلايا....
تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يخوفها من حصول مثل ما حصل لإخوانهم عليهم.
وإذا أردنا أن نخفف بعض إحباطاتها فليُـصاحــــــب ذلك تذكيرٌ بالطريق والوسيلة التي بحصولها وبالبدء بتحقيقها نتفاءل التفاؤل الحقيقي الذي يكون تفـــاؤلا مفيداًً لا أمانـــــــــــي قــــد تضر أكثر مما تفيد ((( ).

12- ومــــــن سلبيات بعض الألفاظ التي تستخدم للتعبير عن بعض مآسي ومحن الأمة ووصفها مثلاً بأنها القضية الأخطر التي تواجهنا ونعيشها أو بأنها مشكلة المسلمين وقضيتهم الكبرى -وذلك في غياب أو ضعف تذكير الأمة بواجبها في الصلاح والإصلاح عند الحديث عن هذه الأحداث- أن تصــــرف الأمة عن التركيـــز على قضيتهـــا الكبـــــرى و مأساتهـــا الأكبـــــر ألا وهي بعدها عن حقيقة الدين, والالتزام بأوامره, والتي نتجت واستمرت بسببها شتى المآسي التي تعيشها الأمة من ضعف وتفرق وتخبط, وذل وهوان, وضياع للمقدسات والأوطان,..... فتعتقد الأمة أن المأساة هي فقط فيما حصل من فقدان للأراضي والبلاد,...وكأنه يرضي الله وتتحقق رسالتنا في الأرض فقط باسترداد ما فقد منا, وبأن ننتصر على الأعداء, وإن استمررنا على مداومة المعاصي والبعد عن حقيقة الدين.

13- وختاماً فمن بعض النقاط السابقة يلمس المرء أن بعض أحبتنا من الدعاة والمصلحين فـــي حديثهم عمّا يتعلق بالمآسي التي نعيشها يخاطبون(في أحيانٍ قليلة أو كثيرة) الأمة أو بعض فئاتهــــــا وكأنهــــا بشكل عـــام الأمة المستقيمة على ما يرضي الله والمطبقة لشرعه والسائرة على هداه, والتي لم يبق لها إلا توجيه لقضية معينة قصرت فيها, أو مسألة واحدة أخطأت في فهمها, أو فقط اجتماع كلمتها على حُكمٍ في مسألة,..... ولكن القضية أكبر وأشمل من ذلك,....إنها قضية إحيـــاء أمتنا التي قتلهــــــــــا الأعداء والمفسدون والشيطان والهــوى منذ عقود عديدة بإبعادها عن أساس حياتها, ومقتضيات رسالتها, وسر سعادتها في الدنيا والآخرة.

ثانياً: ما نتمنـــــــــــــاه في خطابنا الدعوي عن المآسي:

1- نتمنى من الخطاب الدعوي والإصلاحي عن مآسي امتنا وتخبطاتها أن يكون مركزا على الحل الأساس الأهم حسبما عرفنا من السنن الربانية التي عرَّفنا بها قرآننا العظيم, ونبينا صلى الله عليه وسلم, وعلماء الأمة وسلفها الصالح, ألا وهــو رجوع الأمة إلى دينها, وتطبيقه الكامل, وابتعادها عن المعاصي والذنوب التي هي أساس المصائب والفتــــــــن والنكبات والشرور.
وأن يركــــــز على علاج مـــرض أمتنا أكثـــــــــر من التركيز على علاج أعراضـــه( ),
وأن يكون مستمــــــــــــــــــــــــرا لا منقطعا, حتى لا يكون فقط ردة فعل تأخذ وقتها ثم تبرد وتنتهي.

2- نتمنى أيضا من الخطاب الدعوي - عندما يوضح أن نصرنا بالعودة( ) إلى ديننا- أن يكون خطابه معروضاً بطريقة مفصلـــــــة دقيقـــــــة, تبين لكل فــــــــــــــرد كيف يكون دوره في العودة والتغيير, لا أن يكون الخطاب بكلمة عامه فقط لا تُشعر الفـرد بدوره ومسؤوليته في تحقيقها, بل وتؤدي أحيانا إلى أن نَـجْــعَــل الفرد ممن يقول ما لا يفعل, فهو قد يتغنى بأن الحل في العودة ولكنه بعيد عن تحقيقهــــا وعن معانيها وواجباتهـــــــــــــا.
فنحن نتمنى أن تكثر الكلمات القوية والأشعار المؤثرة التي تجعل الفرد المسلم يخرج منها بخطــــــــــــــــــوات عمليـــــــــــــــــــه عمَّا ينبغي أن يفعله هو بنفسه لتغيير واقع أمته, لا أن يخرج فقط بحماس وانفعال قد يبرد سريعا, فأمتنا تريد عمــــــــــلا وعامليـــــــــــــن.

3- حبذا أيضا لو كان في خطابنا الدعوي- نثرا كان أو شعرا أو خطابة -تبيين وتذكير ببعض المنكرات التي انتشرت في الامه وخاصــــــــــةً التي استمرأها المسلمون, وهذا أفضل من العموميات في الكلام عن العودة والذنوب, لكي يتضـــــــــــــح للفرد المسلم نقاط خللـــــــــــــه وتقصيـــــــــره( ), ومن ثم يكون خطابنا أقــــــــــــــــوى في النتيجـة العمليــــــة الناتجـة منه بإذن الله.

وليت خطابنا الدعوي لا يُغفل تذكير الفرد والمجتمع بخطر المعاصي كلهـــــا بشتى أنواعها, بمــــــــا فيها خطر الإصرار على الصغائر( ), الذي تساهل به حتى الكثير من الأفاضل والطيبين, نسياناً منهم لبعض الحقائق والأسس المتعلقة بهذا الموضوع, ومنها تحول الصغائر إلــــــــــــى كبائر بأمور عديدة منها الإصــــــــرار والمجاهـــــرة وعـــدم الحياء والخجل من الله في عملها كما وضح هذه الحقائق علماء الأمة وسلفها الصالح.
فنحتاج في خطابنا إلى تبصير الأمة بهذه الحقيقة التي نُسيت, وخاصة وأننا نرى الانتشار الضخم في الإصرار على كثير من الصغائر في واقع أمتنا الحاضر, والذي لا شك في أن إفساد المفسدين وتضليل المضلين دعمه وقوَّاه في قضايا كثيرة.
وعلينا أن لا ننسى أن كثيراً من الكبائر التي انتشرت في الأمة كان مبدؤها التساهل بصغائر متعلقة بها وتؤدي إليها. كما أن التهاون والإصرار على الصغائر يُجَرِّئ المسلم علــى غشيان غيرها من المعاصي ولــــو لم تكن متعلقة بها.

4- نتمنى أن يُشْعِــــــر الخطاب الدعوي والإصلاحي المسلمين بفاعليـــة بـالتحديات الخطيرة التي تواجه الأمة, ويربطهــــــــــــا بضرورة تصحيح المسار والإصلاح,... حتــــــى يكون الشعور بالتحدي فعالا في إيقاظ المسلمين وعودتهم.
وقد كان الشعور بالتحدي فعالا في تغيير حياة كثير من شعوب العالم بعد نكبات ألمت بهم )اليابان أحد هذه الأمثلة(.

5- نحن في حاجة كبيرة إلى الخطاب الدعوي الذي -عندمـــــــا يخاطبنا في مآسينا, ومشكلاتنــــا, وفي كـــــــــل أمور وشؤون حياتنا وانفعالاتنا وتحركاتنـا- يربطهــــــــــــــــا بعبوديتنا لله, فهذا هو الأصل الذي ربانا الإسلام عليه وامرنا الله به وخلقنا من أجله,
قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام: الآيات 162-163).

وإن صدق الإخلاص لله في أمورنا –مع التزامنا بالنهج الصحيح بالطبع - من أهم أسباب نصرنا, بل حتى حميتنا وغيرتنا عندما نرى ذبح إخواننا ينبغي أن تكون مربوطة بعبوديتنا لله, فنسعى لإيقاف ذلك لأنه يغضب ربنا سبحانه, ويعوق نشر دينه, وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض, لا أن يكون غيرة وحمية أرضية.

6- يحدونا أملٌ كبير -إن حقاً ذكرنا أمتنا بفعالية بدائها الأساس وجعلناه قضيتها الكبــرىالأهـــــم- أن ينتج عن ذلك حصول توجه ضخم لأمتنا نحو الحل الأساس بما يمكن أن نسميه للتذكيـــــــــــر "مقاطعــــــــة الذنــــــــــــــــوب".
وعلى الرغم من أهمية وضرورة المقاطعة الاقتصادية وفرحنا بها إلا أن مقاطعة الذنوب! هي المقاطعة الأهـــــــــم, وهي الدواء الأساس الذي بِعَدَمِهِ يفشل أي دواء أو عمل مساند في تحقيق الشفاء والتمكين لأمتنا المريضة الجريحة الذبيحة.
بل إن مقاطعة الذنوب بمفهومها الحقيقي الكامل تشمـــــل المقاطعة الاقتصادية, وتقويهـــــا, وتدعمها, وتحفـــــــــز الأمة لها.

وإن تحمس المسلمين الكبير للمقاطعة الاقتصادية التي دعا إليها الكثير من الدعاة والمصلحين لهي دلالة واضحة عن وجود البذرة الصالحة والاستعداد في الأمة للتوجه بحماس للعودة إلى الله في حال تذكيرها بهذه القضية بصورة مركزة كما حدث في المقاطعة الاقتصادية.
فكما فرحنــــــــــــا بإحساس أمتنا بالمقاطعة الاقتصادية الذي أدركه وتحمس له حتى الكثير من أطفالنــــا!!!....فإننا ننتظـــــــــر فرحنــــا بحصول توجــــه كبيـــــر في الأمة نحـــــــــو المقاطعة الأهــــــــــــم التي هي الأســاس لحصول النصر واستعادة العزة.

ختامــــــــــــــــــــــــــــاً:

نقول لكل غيور قال أو كتب كلمة قوية مؤثرة وذرف الدموع تأثرا بالمآسي, وكتب الكلمات الحارة, نقول له: أكثر الله من أمثالك فبالصادقين أمثالكم- الذين يوضحــــون للأمة نهج الحق والصلاح بصدقٍ وغيرةٍ- تنتصــــر الأمة بــــإذن الله ويقترب فرجها.

وإنكم عندما تتألمون لقلة الناصر للمسلمين فثــقــوا-كما لا يخفى عليكم- بأن النصر الأعظم والأكبر سيكون بإذن الله عندما تعـــــــــــــود الأمة لله, فيومئذ يعظــــــــــم العطاء و التضحية ( ) من أمة عظيمة عاشت لله بمنهج الله, وتضحـــي بالمـــال والأنفـــس رخيصة في سبيل الله.

(ويومئـــــــــــــــذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله) سورة الروم.

حتــى نحقــق النصـر والفــلاح

أخي هل تراك سئمـت الكفاح وألقيــت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ويرفع راياتها من جديــــــد( )

إخوتنا الدعاة إلى الله – والأصل أن أبناء أمتنا كلهم دعاة إلى الله – يا من حملتم مشاعل الأمل لهذه الأمة في طريقها إلى العودة والنصر. إخوتنا إن مسئوليتنا تعظم مع هذه المآسي, فتقصيرنا في الدعوة وفي تربية أنفسنا التربية القوية في شتى الجوانب الهامة يعني إطالة معاناة الأمة واستمرار مذابح إخواننا.
فهـــــــل نهنــــــــــــأ والحال كذلك!!؛....
إن أملنــــــــا فــــــي حاملي مشاعل الأمل هـــــــــو أن:

يحققــــــــــــــــــوا أولاً صدق إخلاصهــــــــــم وتجـــــــــــردهم لله( ),
وصــــــدق محبتهم له سبحانه( ),

وارتفاعهــــــــم في درجات العبودية,

وقوتهــــــــم في أعمــال القلــــــوب, وسلامتهــــــم من أمراضها( ), (فهـــــــــذه الأمــــــــــور من أقــــوى عوامل الفــــــــــــلاح والنصـــــــــــــــر).
وأن يلتزموا ما ورد في الكتاب والسنة والدليل الصحيح -فلا فلاح ولا نصر بدون هذا-,.. وحتــــى لا نقع في تمييــــــــع أحكام الدين أو التنطــــــع,

وأن يكونوا قــــــــدوة حقـة تتحدث أفعالهم قبــــــــل أقوالهم( ),

وأن يكونوا قمــــــة في أخلاقهـــــــم( ),
وقمة في تربيتهم الروحية الإيمانية( ) بما فيها الزاد العظيم زاد قيام الليــــــل, وزاد الصـــلاة الخاشعــــــة والذكــــر الـــــذي يواطيء القلــــب فيه اللسان( ),

وأن لا ينســــــوا أن يتسلحـــوا بالسلاح العظيم ألا وهو الدعــــــــــاء في كـــــل أمورهم,... خاصــــــة دعاء أوقــات الاستجابـة,

وأن يركــــــزوا في دعوتهم للناس على تربية الإيمان والعقيدة أولا( ),

وأن يركــــــــزوا على الأولويـــات( ),.......
والأهــــــــــــم فالأهــــــــم( ),
وألا تفـــــــوت عليهم الموازنـــــــــــــــة بين الواجبات( ),

وألا يركّزوا على الأعراض أكثــــر من الأمراض(على مستوى الفرد أو المجتمع),
وأن يقدمـــــــوا العطف واللين والحسنى والتسامح والتحبب والإحسان في تعاملهم الدعوي مع الآخرين, فهو يأتي بما لا تأتي به الشدة التي –في غالبها- تنفر أضعاف ما تقرب, وتُـخسِّـرُ أكثر مما تُـكسب( ), ومن أُغْـضِــبَ وخُـسِـرَ قـلـبُـــه ومحبته لا يستجيـب للنصح غالباً وإن غُــلِــبَ في الحجة والتبيان( ),

وألا ينشغلـــــــــوا في طريق دعوتهم بأمور أو معارك جانبيه تشغلهــم عــن الأساسيات والواجبات الأهـــــم, وعـــن الأعداء الحقيقيين( ),
وألا ينشغلــــــــوا بغير الأولى والأجدى والأهم للدعوة والإصلاح, فالوقت غالٍ ومحـــــــــــدود والواجبات كثيـــــــــــــرة جدا( ),

وأن يحفـزوا الهمم, ويشدوا العزم, وينطلقوا متفانين باذلين كـل أوقاتهم وأموالهم لا بعضها فقط, فهم ممن يفترض أنهم باعــــوا أنفسهم وأموالهم لله شــــراءً لجنتـه,

وأن يشحـــــــــوا بأوقاتهم وأموالهم بأن تضيع في غيــــر ما يخدم الدين ويساهم في تقريب النصر,... لأنهم قد باعـــــوا حياتهم لله فهي ليست لهــــــم!!,

وألا يدعــــــــــــوا أي فرصة فيها خدمة للدعوة إلا واستغلوها أحسن استغلال, ولـو كانت فرصة صغيـــــــرة أو عارضـــــــــــــة( ),
وأن يضحـــــــوا براحتهم في سبيل نصر الدين والعمل له, ليبزغ بإذن الله
فجر العزة والسؤدد الذي طال انتظاره.

وليكونـــــــــــــــــــوا كما قيل:

نبي الهدى قد جفونــــــا الكرى وعفنـــــــا الشهي من المطعم
نهضنا إلى الله نجلـــــو السرى بروعة قرآنــــــــه المنـزل( )
وأن يجـــــددوا العهد إن ضعف العزم:

جدد العهد وجنبني الكـــــــــــلام إنما الإسلام دين العامليــــــن
وانشر الحق ولا تخــش الظــلام فبصـــدق العزم يعلو كل دين( )

يقول أحد الدعاة متحدثا عن الدرجـــة التي ينبغــي أن نكون عليها في حماسنا
لديننـــا ودعوتنــا:
(( إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متقدة تكون في ضرامها عــــــــــلى الأقل!!! مثـــــــــــل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابناً له مريضاً ولا تدعه حتى تجره إلى الطبيب, أو عندما لا يجد في بيته شيئا يسد به رمق حياة أولاده فتقلقــه وتضطـــــره إلى بذل الجهد والسعي.

إنه من الواجب أن تكون في صدوركم عاطفة صادقة, تشغلكم في كل حين من أحيانكم بالسعي في سبيل غايتكم, وتعمر قلوبكم بالطمأنينة, وتكسب لعقولكم الإخلاص والتجرد, وتستقطب عليها جهودكم وأفكاركم, بحيث أن شؤونكم الشخصية وقضاياكم العائلية إذا استرعت اهتمامكم، فلا تلتفتون إليها إلا مكرهيـــــــــــن!!.

وعليكم بالسعي أن لا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقــــــــل ما يمكن مــن أوقاتكم وجهودكم,!!!! فتكون معظمها منصرفة لمــا اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة. وهذه العاطفة مــــا لــــم تكـــن راسخــــــــة في أذهانكم ملتحمـة مع أرواحكم ودمائكم آخــــذة عليكم ألبابكــم وأفكــــاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحركوا ساكنا بمجرد أقوالكم )).

قال تعالى:( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومــــا بدلـــــــــــوا تبديلا )
الأحزاب:23).

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك