التفاؤل جين وراثي وتربية أسرية إيجابية

التفاؤل جين وراثي وتربية أسرية إيجابية

د.خالد عايد الجنفاوي

هي حالان شدة ورخاءِ
و سجالان نعمة وبلاءِ
و الفتى الحاذق الاريب اذا ما
خَانَهُ الدَّهْرُ لَمْ يَخُنْهُ عَزَاْءُ
إن ألمت ملمة بي فإني
في الملمات صخرة صماءِ
عَالِمٌ بِالبَلاَءِ عِلْما بأن
لَيْسَ يَدُومُ النَّعِيمُ والبَلْوَاْءُ.
(الإمام علي عليه السلام).
أثبتت دراسة علمية جديدة اجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا- لوس أنجيلس- أنه يوجد جين معين OXTR))  يرتبط بشكل مباشر بالشعور بالتفاؤل والثقة بالنفس! فتذكر البروفيسورة شيلي تايلر المتخصصة في علم النفس أن الجين المشار إليه يزيد من قدرة الإنسان في الحصول على مهارات إجتماعية إيجابية كقدرته على التعاطف مع الآخرين والإستمتاع برفقتهم. ولكنها تؤكد أن الجينات الإنسانية التفاؤلية ليست المصدر الوحيد للشعور بالتفاؤل والسعادة. على سبيل المثال, تساهم التربية الأسرية الداعمة لثقة الطفل في نفسه والعلاقات العائلية الإيجابية والصحبة الصالحة في ضخ مزيد من الشعور بالتفاؤل والرغبة في النجاح (المصدر- "يوريكا" 13-9-2011).  وفق رأينا, ربما تؤدي "الجينات الوراثية" دوراً كبيراً في تكوين الشخصية المتفائلة ولكن نعتقد أن الأسرة أو بالأحرى التربية الأسرية والبيئة الإجتماعية ستحددان بشكل أكبر مستويات التفائل والتشاؤم عند الفرد.
فإذا تربى الطفل في منزل يعمه الحب والمودة والتعاضد بين أعضاء الأسرة الواحدة فلا بد له أن ينشأ إنساناً متفائلاً. فالشعور بالتفاؤل يكمن في نوع التربية العائلية التي يتربى عليها الطفل. فإذا كان الوالدان يتعاملان مع أبنائهم بشكل إيجابي عبر توفير الامن النفسي الضروري والدعم الإيجابي المستمر, فكيف بهم أن لا يصبحوا متفائلين? بمعنى آخر, عندما يكون الوالدان أنفسهما متفائلين بأبنائهما وانهم سيصبحون لاحقاً أفراداً أسوياء ويتعاملون معهم من هذا المنطلق فسيشعر اولئك الأبناء أنهم بالفعل سيتمكنون من ربط تطلعاتهم المشروعة بما يمكن لهم أن يحققوه في مجتمعهم.
ومن وجهة نظر شخصية وخاصة للغاية نعتقد أن الشعور بالتفاؤل في الحياة اليومية يحكمه دائماً طريقة التفكير التي يعتنقها الفرد البالغ. فمن يشعر أنه يعيش في بيئة إنسانية "تزخر" بكم هائل من أصوات التشاؤم فما عليه سوى تجاوز تلك المثبطات المصطنعة وتوقع حاضر ومستقبل واعد. فالشخص الذكي بل الإنسان الحكيم هو من يرى ما في آخر النفق. فليس منطقياً أن يسمح الإنسان الواعي للمتشائمين وطروحاتهم وتفسيراتهم السلبية أن تحرمه من فرص النجاح في مجتمعه. ولكن ما سيحكم الإستفادة المثلى من فرص النجاح هو الإستمرار في إبداء الرغبة في نيل ذلك النجاح رغم كل المعوقات المصطنعة أو الفعلية. فلعل وعسى وربما ولو بعد حين.

كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر: http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/158606/reftab/94/Default.aspx

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك