"المغالاة في الخلاف" مشكلة
"المغالاة في الخلاف" مشكلة
د.خالد عايد الجنفاوي
وَلَوْ كُنْتَ فَظا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (ال عمران 159 ).
يعرف العقلاء والحكماء أن"المغالاة في الخلاف في الآراء وفي المواقف لدى بعض الأشخاص تدل على ضيق أفقهم وعدم قبولهم لنتائج الحوار أو المناقشة الهادفة. بل إذا غالى أحدهم في رأيه وفي خلافه مع مناوئيه فكأنه يعلن للملأ أنه يماحك من أجل متعة المماحكة فقط ويجادل من أجل تحقير وإفشال معارضيه فالانسان العاقل والذي يريد فعلاً أن يأتي بالأمر الخير وما فيه منفعة لنفسه ولمواطنيه الآخرين ولمجتمعه ولوطنه هو من سيُبقي أبوابه مفتوحة وذهنه متقبلاً لوجهات النظر المخالفة لوجهات نظره. فهدف العقلاء وأهل النوايا الصادقة بل والهدف الأسمى للناس الوطنيين هو العثور على حلول لمشكلاتهم وتحدياتهم المشتركة وليس المغالاة في تكذيب الآراء الأخرى وكأن من يجادلهم يحاربهم لأشخاصهم ومن هم, وليس البحث عن الحقيقة !
بل لا نعتقد أننا نبالغ أو نغالي في الرأي إذا أكدنا أن التطرف في طرح الأراء أو تبريرها أو الدفاع عن المواقف الشخصية دلائل على ضعف جذري في الشخصية ودليل كذلك على فقد المماحك للثقة بالنفس. فالواثق من صدق نواياه أثناء حواره مع الآخرين هو من سيشعر بالإطمئنان دائماً حين يناقش حيثيات مواقفه وفرضياتها المتنوعة ويتمعن بدقتها أو ضعفها أمام الآخرين.
المغالي عدو نفسه يتجشمها عناء الأمرين, تكذيب الآخرين من دون دلائل منطقية أو ملموسة وبثه للفرقة وللتناحر في مجتمعه. ومن يستمر يزدري آراء الآخرين بشكل متطرف وعنجهي وكأنه يريد القضاء عليهم بشكل محتم يخسر ثقة عامة الناس. فالعقلاء والحكماء وعامة بني البشر الأسوياء لا يقربون الكذاب أو النمام أو قبيح اللسان وسيئ النوايا. فالفرد الواعي يعرف تماماً أنه مع هكذا نفر مغالين لابد له أن يصبح الضحية التالية! إضافة إلى ذلك, المغالاة والتطرف في أي من أمور الحياة اليومية تنشر الفرقة والتشتت في النسيج الإجتماعي. فالوحدة الوطنية ترتكز دائماً على إحترام عضو المجتمع لكرامات وسمعة مواطنيه الآخرين وليس قذفهم وتكذيبهم والتشكيك في نواياهم فقط لأنهم مختلفون عنه أو معارضون لآرائه المحتدمة واللامنطقية. فلعل وعسى وربما ولو بعد أحيان.
كاتب كويتي
المصدر: http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/158733/reftab/94/Default.aspx