ثقافة الحوار الناجح والاختلاف فيه

ثقافة الحوار الناجح والاختلاف فيه

لحج نيوز/بقلم:سراج الدين اليماني

أخي القارئ الكريم أخي المحاور الذي ينش نجاح الحوار الهادف والبناء من أجل إقامة وطن ناجح أخي المحاور كيف تقيم حواراً مع الآخر والآخر هنا قد يكون صديقاً أو أخاً أو زميلاً أو مسئولاً أو منافساً لك في العمل والفكر المهم أن الحوار في حد ذاته له أصوله وقواعده وأسسه ينبغي لك إذا كنت تريد أن يكون لك شأن في هذا الكون أن تتعرف على معالم الحوار وثقافته حتى تدرك بعد ذلك أهميته وقدرته الهائلة في إيصال المعلومة أو الفكرة أو الرأي لدى الآخرين وكذلك يعطي أنطباعاً للآخر بأنك إنسان متحضر تدرك أبعاد الحوار واحترام الآخر لذلك فعلى من يريد أن يكون إنساناً متطلعاً ويزيد من ثقافته وقدرته الاقناعية سواء أكان ذلك صحفياًَ أو اديباً أو كاتباً أو رجل أعمال أو مسؤولاً أو مديراً ناحجاً عليه أن يدرك أهمية الحوار أولاً ثم اصوله وأسسه وقواعده .
ثانياً وأخيراً احترام الطرف المعاكس أو الآخر وفي السطور القادمة معالم الحوار وأهميته ينبغي التعرف عليها والتعود عليها وأخيراً الالتزام بها عندما يكون هناك حوار أو نقاش .
فما هي إذاً ثقافة الحوار ؟!!!
ففي الأساس لا يكون الحوار إلا مع الآخرة وتحديداً مع الآخر المختلف إن هدف الحوار هو شرح وجهة النظر وتبيان المعطيات التي تقوم عليها وفي الوقت نفسه الانفتاح على الآخر لفهم وجهة نظره ثم التفاهم معه ذلك بأن التفاهم لا يكون من دون فهم متبادل . والحوار هو الطريق الى استيعاب المعطيات والوقائع المكونة لمواقف الطرفين المتحاورين , ثم إلى تفاهمهما .
ففي ثقافتنا الإسلامية أن من اجتهد وأصاب الحق فقد أُجر أجرين أجر الاجتهاد وأجر الاصابة للحق , ومن أجتهد وأخطأ فقد أجر أجراً واحداً لاجتهاده لو لم يؤثم على ( الخطأ) نفهم من ذلك أن الاجتهاد , كأي عمل فكري إنساني , مفتوح على الخطأ والصواب فهو ليس مقدساً ولا مطلقاً ولاثابتاً , بل هو إنساني محدود ومتغير درايي صحيح يحتمل الخطأ ورأي خطأ يحتمل الصواب نفهم من ذلك أيضاً أنه ليس لأحد أن يدعي الحقيقة المطلقة كما تدعيه أضراب اللقاء المشترك كما لمسناه من بيناتهم ولقاءاتهم مؤتمراتهم وندواتهم التي أكثروا علينا من ضجيجها وزعيقها ونهيقها فأقول لهم على رسلكم فإن الوطن محتاجكم كلكم ومحتاج لهدوئكم وعقلياتكم وليس له أن يخطئ الآخرين لمجرد اقتناعهم برأي مخالف . فالحقيقة نسبية والبحث عن الحقيقة حتى من وجهة نظر الآخر المختلفة , طريق مباشر من طرق المعرفة وهو في الوقت نفسه أسمى أنواع الحوار .
إن الحوار أيها العقلاء يا من تريدون مصالحة الوطن والمواطن وتدأبون ليل نهار من أجل اعزازه واخراجه من المحنة التي حلت بسماءه يتطلب منكم جميعاً أولاً وقبل كل شيء الاعتراف بوجود الآخر المختلف , واحترام حقه وليس في تبني رأي أو موقف أو اجتهاد مختلف فحسب , بل احترام حقه في الدفاع عن هذا الرأي أو الموقف أو الاجتهاد , ثم واجبه في تحمله المسؤولية ما هو مقتنع به , وهو تعريف لا يمكن أن يتم في معزل عن الأنا , إن فهم الآخر ثم فهم التفاهم معه , لا يحققان من دون أن نوفر مكاناً ارحب للآخر إن الحقيقة ليست في الأنا إنها تتكامل مع الآخر حتى في نسبيتها وهي لا تكتمل في إخلاقيتها إلا بالله . والحوار مع الآخر المشتاف للأنا وإضاءة ساطعة على الثغرات والنواقض التي لا تخلو منها شخصية إنسانية . ولذلك يقول الفيلسوف الفرنسي دجان بول سارتر : ( دول الآخر هو وسيط بيني وبين نفسي , وهو مفتاح لفهم ذاتي والإحساس بوجودي ).
فإذا أمتلك أطراف الحوار الحرية الكاملة فأول ما يناقش فيه هو المنهج الفكري ـ قبل المناقشة في طبيعة الفكر وتفاصيلة في محاولة لتعريفهم بالحقيقة التي غفلوا عنها , وهي ان القضايا الفكرية لا ترتبط بالقضايا الشخصية فلكل مجاله ولكل أصوله التي ينطلق منها ويمتد إليها : ( وإذا قيل لهم ابتعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع مأ ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ) [البقرة/170] كما لا بد لكي ينجح الحوار من أن يتم في الأجواء الهادئة ليبتعد التفكير فيها عن الأجواء الإنفعالية اليت تبتعد بالإنسان عن الوقوف مع نفسه وقفه تأمل وتفكير , فإنه قد يخضع للجو الاجتماعي ويستسلم لا شعورياً مما يفقده استقلاله الفكري : ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يديّ عذاب شديد ) [سبأ/46] , فاعتبر القرآن الكريم اتهام النبي بالجنون خاضعاً للجو الانفعالي العدائي لخصومة , لذلك دعاهم الى الانفصال عن هذا الجو والتفكير بانفراد وهدوء .
والمنهج القرآني الحوار يرشد الى إنهائه بمهمة وأداء رسالة يبقى أثرها في الضمير , إن لم يظهر أثرها في الفكر أنه أسلوب لا يسيء إلى الخصم يؤكد حريته واستقلاليته ويقوده إلى موقع المسؤولية ليتحرك الجميع في اطارها وينطلقوا منها ومعها في أكثر من مجال .
إن في ثقافة الحوار في الاسلام آداباً وقيماً ومنهجاً أخلاقياً يحترم الإنسان وحريته في الاختبار , كما يحترم حقه في الاختلاف وفي المجادلة وفي النتيجة إن ( من أهتدى فلنسفه ومن ضل فعليها وما ربك بظلام للعبيد )
 

المصدر: http://www.lahjnews.net/news/news-2244.htm

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك