العنف والحوار في التنوّع
العنف والحوار في التنوّع
لا شك في أن معظم الحركات الراديكالية الإسلامية قائمة على أساس الحماسة الإسلامية القوية. ويعتبرون العنف الحادث عادة نوعا من محاولة تنفيذ مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فعملية تخريب أماكن المعاصي بعد ألا يبالي أصحابها بالإنذار من الحركات التي تعتبرها بعض الجمعيات الإسلامية نوعا من النهي عن المنكر. قد دفع هذا الاعتقاد تلك الجماعات للقيام بأعمال العنف على كل من يقوم بالمعاصي.
صحيح أن المنكرات والمعاصي منهي عنها في الإسلام. ولكن، لا ينبغي أن نواجه كل المنكرات والمعاصي بالعنف لأن هناك طرق متنوّعة لإنهائها. هاهنا موقع الخلاف بين المسلمين في مواجهة المشكلة.
إن بعض الأفراد من المسلمين المتعوّدين باستخدام العنف لا يعرفون طريقة إنهاء المعاصي إلا طريقة العنف. ما جعلهم سرعان يلجئون إلى استخدامه كلّما ينظرون المعاصي والمنكرات. ولكن الأسف، إن وجهة نظرهم عن المعصية أصبحت ضيّقة عندما يركّزون فقط على تلك الأماكن. فلا يبالون مثلا بالقضايا الأخرى التي تعتبر نوع من المنكرات أيضا مثل الظلم الاجتماعي وأعمال الاختلاس وغير ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، إنهم يواجهون العنف تجاه المجتمع غير المسلم الذي لم يقم بمحاربة المسلمين. فيقتلون الأفراد الأبرياء منهم بالقنابل. مع أن نضال الرسول صلى الله عليه وسلم قائم على أساس المصلحة الإنسانية. كان عدوّه هو عبودية الإنسان للإنسان لكونها تتعارض مع التوحيد الذي يعلّم عن العبودية لله وحده. وكذلك انتفاء العدالة الاجتماعية لكون الإسلام دين العدالة والمساواة. وفي القيام بدعوته، يحترم الرسول غير المسلمين ما لم يقوموا بمحاربة المسلمين. مثل ما فعل في المدينة لما فيها من ميثاق المدينة التي تنظّم العلاقة والتعاون بين المسلمين وغيرهم. أما هجومه صلى الله عليه وسلم على يهود المدينة فبعد أن خانوا الميثاق. قال تعالى: “لا إكراه في الدين”. هذا هو المبدأ الذي تمسّك به صلى الله عليه وسلم في دعوته. فما عليه إلاّ البلاغ المبين.
لذلك نتأسف من أعمال بعض الأفراد الذين يستخدمون العنف في الدعوة، وكأنهم لا يفهمون السيرة النبوية.
من المفروض أنهم يقدّمون وسيلة القول والمفاوضة في الدعوة. وينبغي أن يكثروا الحوار مع المجموعات الأخرى من المسلمين حتى يتبادلوا المعلومات معهم عن طرق الدعوة وليتحقّق الانسجام بين المسلمين ولا يحدث بينهم النزاع بسبب سوء التفاهم.
إن الحوار ليس للبحث عمّن هو القوي والضعيف، بل لمحاولة الحصول على الحقيقة. لأن كل فرد من الأفراد وكل مجموعة من المجموعات محدودة المعلومات والخبرات. فالحوار يجعلهم يتبادلون الخبرات والمعلومات.
وأخيراً، ينبغي أن نجعل التنوّع الموجود في مجتمعنا رأس المال للحصول على القوّة والكمال. وذلك بكثرة الحوار وتبادل الأفكار. إذا تحقّق ذلك، سنبتعد إنشاء الله من حدوث سوء التفاهم الذي يؤدّي كثيراً إلى ظهور النـزاعات والصراعات. وندعو الله عزّ وجل، أن يكون هذا الشعب قادرين على أن يعتبروا من خبراتهم السابقة. (تمت)
المصدر: http://www.cmm.or.id/ar/?p=250