الحضارات والثقافات الإنسانية : من الحوار إلى التحالف

الحضارات والثقافات الإنسانية : من الحوار إلى التحالف
وقائع الندوة الدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ
بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في الجمهورية التونسية
تونس 30/1 ـــ 1/2/2006م
الفهرس

جهود مركز الملك عبد العزيز
للحوار الوطني في تعزيز الحوار
الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر(*)

الحمد لله على نعمة التوحيد والوحدة، القائل : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً } والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين القائل : >يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا..<.

معالي الأخ الدكتور أبو بكر الأخزوري

وزير الشؤون الدينية في الجمهورية التونسية

السادة والسيدات،

أرحب بكم محيياً بتحية الإسلام الخالدة، فأقول : (السلام) عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنتهز هذه الفرصة الطيبة؛ لأقدم فيها خالص شكري وتقديري للقائمين على هذا المؤتمر الدولي برعاية فخامة الرئيس زين العابدين بن علي؛ والشكر موصول لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ممثلة في مديرها العام معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري.

السادة والسيدات،

أستأذنكم في الإشارة إلى أنني مازلت أعتقد أننا لم نتجاوز مرحلة الحوار الحقيقي؛ كما أود مصارحة اللجنة المنظمة والمكاشفة بالقول : إنني ما زلت أعتقد أن هذه الندوة وغيرها التي تنظّم حول الحضارات والثقافات الإنسانية من الحوار إلى الجوار؛ مازلنا في مرحلة مبكرة للحديث عن تحالفها واسمحوا لي أن أقدم لكم تجربة رائدة تؤدي إلى نشر ثقافة الحوار من خلال برامج وآليات كان من ثمارها حراك ونقاشات وحوارات مستفيضة بين توجهات متعددة من المجتمع السعودي؛ توجها اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري (نحن والآخر : رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية) الذي شارك فيه أكثر من 1200 مشارك ومشاركة ..

السادة والسيدات،

حسبنا فخراً أننا أبناء حضارة سادت من ألف عام وشاركت غيرها في قيادته أكثر من ثلاثمائة عام .. لم تُنه خلالها يوما (التاريخ)، ولم تبشر أبدا بـ (صراع) مرير ومدمر للحضارات والثقافات .. فأجدر بنا جميعا أن نؤسس حياة جديدة .. وأدعو كل الشعوب الصديقة والمخلصة إلى انتهاز الفرصة الحاضرة لـ "بداية جديدة للتاريخ" تستند إلى "التعارف" و"التفاهم" و"التواصل" و"التعاون" و"التحاور"؛ و(التآلف) بحروف لا تعرف "التعصب" أو "التعالي" أو "العنصرية" أو "العنف" من أجل مستقبل أفضل لهذه المعمورة، ومن أجل رخاء أعم لسكانها ...؛ فما زلنا نؤكد أن ما بين هذه الحضارات والثقافات من "تعاون" و"تحاور" يؤسس لهذه الدعوة ...؛ فالإنسان الحضاري هو من يقيم الحضارات ويفعّل الثقافات، ويحاول أن يكتسب جديداً يعينه على مواكبة الحضارة التي تتابعها وتطورها،، فـ (الحكمة ضالة المؤمن) ولو لم يكن الإنسان (العربي المسلم) يملك تراثاً حضارياً ثرياً وعظيماً في التاريخ استفاد منه العالم بأسره لما سعى أبناؤه إلى جامعات العالم المختلفة لينهلوا منها بقناعات تنطلق من دينهم الحنيف الذي يحض على العلم والتعلم، بل إن هذا الدين جعل من التفكير وإعمال العقل فريضة إسلامية.

لقد كانت الشعوب والحضارات تتبادل المعارف والخبرات والآراء وأنماط الحياة من قيم وتقاليد وسلوك ضمن التفاعل الحضاري والتواصل الثقافي على مدى الأزمان المتعاقبة؛ ولكن منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي زاد الإحساس العالمي بضرورة التواصل والتحاور بين شعوب العالم المختلفة؛ فعقد العديد من المؤتمرات واللقاءات والندوات العلمية والثقافية من أجل تحقيق مساحة مشتركة من التعاون والتحاور بين الثقافات والحضارات ..

وتنطلق المملكة العربية السعودية منذ أمد بعيد في حوارها الحضاري من أساسات متينة ورصيد تاريخي وحضاري ثري : تنطلق أولاً من حضارة إسلامية زاهرة أعطت خلال أكثر من ألف وأربعمائة عام للحضارات قيمها السامية .. وتنطلق ثانياً من مكانتها الروحية لدى المسلمين باعتبارها مهوى أفئدة أكثر من مليار وربع المليار مسلم، الذين يتجهون إليها في كل يوم خمس مرات في صلواتهم، وإليها يفد الملايين منهم كل عام للحج والعمرة والزيارة، وتنطلق ثالثاً من كونها دولة عصرية، اتخذت من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهدي السلف الصالح منهج حياة، ودستور حكم، يجمع الناس ويوحدهم في سعة ولا يفرقهم.

وأستطيع القول إن الحوار لدينا له معنى سام باعتباره قيمة ثقافية راقية، يكرس أثراً لنفسية التواضع وروح التسامح القاضية باحترام أفكار الآخرين، والانفتاح عليها بصدد الوصول إلى حلول وسطية ومرضية للإشكالات المطروحة في شتى أبعادها، سواء كانت أطروحات ثقافية وفكرية مختلفة، أم خيارات مجتمعية متغايرة.

وعلى الصعيد الإقليمي والدولي؛ فإن المملكة لها دورها وثقلها السياسي والدبلوماسي، تشارك العالم أفراحه وأتراحه، وتتحمل مسؤولياتها الدينية والسياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وتكمن مسؤولياتها العظمى في توازن دورها واعتداله وما تطرحه من أفكار ورؤى ومبادرات..

الإخوة والأخوات،

إن التنمية السريعة التي تحققت في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية؛ أدت إلى تطور ملموس في جميع المجالات التنموية جنباً إلى جنب مع بروز عدد من القضايا ؛ نجم عنها بعض التحديات؛ ما أدى إلى حتمية التريث واستجماع الأنفاس وتوحيد الفكر والحوار الهادف .. ومن هنا نتلمس الهدف القوي من تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.

فقد تأسس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني؛ عام 1424هـ/2003م برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مستلهماً الملاحظات والتطلعات العامة التي غالباً ما تفرض نفسها في عصرنا هذا على المداولات العامة للرأي، وكذا التأملات الشخصية، حول الهموم الوطنية والقضايا الوطنية العامة والدولية الأكثر إلحاحاً..

يعتمد المركز بالأساس على إشاعة ثقافة الحوار قبل إعداد البرامج المتنوعة لتفعيله باعتبار أن ثقافة الحوار هي الأساس لجميع الفعاليات والبرامج الحوارية ؛ مستفيداً من ثورة التقنية والاتصالات والمعرفة العلمية النقدية، والتي أدت إلى توسيع نطاق الاتصال الإنساني؛ وكذا الاهتمام بمحكات الإعلام وأنماط التدفق المعلوماتي، من خلال التركيز على المؤسسات الإعلامية والتربوية لجعلها مراكز للتعايش والحوار في كل ما يتعلق بالفكر والعلوم والفنون والثقافة، بهدف تشجيع إعداد المواطن المسلح بالعمل والمعرفة ووسائل التقدم، حتى يصبح قادراً على المشاركة في برامج حوارية تدور حول المتغيّرات التي يعيشها؛ وكذا تنمية الروح النقدية للحياة والثقافة والمجتمع لإدراك الحاجة الماسة لإيجاد حوار واضح ثري دون صخب أو ضوضاء؛ بل في صفاء وراحة، أولا مع النفس لمعرفة مسؤولياتنا الذاتية ثم مع الآخرين، مع إدراك أن الاختلاف بيننا، أمر بديهي للوصول إلى طريق الإبداع التعددي الذي يقوم على ثقافة الحوار والتنوع والاختلاف؛ وإيجاداً لبنية صلبة للمعرفة وللرخاء والتنمية المتكافئة والتفاعل مع الآخر؛ حيث تفتح ثقافة الحوار آفاقا رحبة وواسعة نحو حرية التفكير والتعبير؛ وتعددية تفرض على الجميع احترام الاختلاف وأن التعددية واحترام الاختلاف ينجبان عقولاً تؤمن بالحوار العقلاني وثقافة الديالوج وما يعنيه ذلك من احتمال دائم قائم أن يكون كل منا غير محق بدرجة أو بأخرى وفي نفس الوقت أن يكون الآخر محقاً بدرجة أو بأخرى. وفي الأخير تضع ثقافة الحوار أطرافها جميعاً أمام مسؤولية محددة؛ جوهرها الوصول إلى عالم أفضل لنا وللبشرية جمعاء.

ومن أهم المحاور التي يعتمدها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، تعزيزاً لثقافة الحوار ما يلي :

* شيوع قيم (قبول الآخر) و(احترام الاختلاف) و(التسامح) والمساهمة في إيجاد مناخ ثقافي عام يسمح بتدعيم ثقافة الحوار (الديالوج) العصرية والمتحضرة واستشرائها ...

* الإسهام في نشر لغة (الحوار)؛ و(التعارف)؛ و(التعاون)؛ و(التعايش)؛ و(التسامح)؛ و(السلام) من جهة، والتمكن من (لغة الحوار)؛ و(إدراك) وظائفها الاجتماعية وأبعادها النفسية والتربوية، و(التنبّه) إلى تأثير الكلمة وسحرها ومفعولها؛ و(اختيار الاستجابة) و(تنويع الأسلوب) و(اختيار) المفردات والمصطلحات، و(التحقق) بالإبانة و(التمكن) من لغة (الآخر) في الحوار معه و(الإحاطة) بمعرفته؛ وذلك بالإدراك الكامل لخلفيته الفكرية وقيمه وتاريخه ..

* العمل على تكاثف النخبة المفكرة في المجتمع نحو تعزيز رسالة ثقافة الحوار وأدبياتها المتحضرة، وإثراء أبعادها في توجهات قضاياها المتنوعة ..

* إثراء دور البيئة الاجتماعية في إرساء ثقافة الحوار والتسامح لدى الناشئة والشباب بالتواصل مع مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتعددة في المجتمع؛ لتشريب الناشئة القيم الاجتماعية والثقافية التي يرغب المجتمع في استمرارها؛ يأتي على رأس هذه المؤسسات : الأسرة والمسجد والمدرسة وبيئة العمل ..

* عقد المؤتمرات الحوارية المتخصصة لمناقشة القضايا المهمة كأحد المحاور الأساسية لإشاعة أجواء الحوار ونشر ثقافة الحوار في المجتمع .. فالحوار وثقافته لا يمكن أن ينمُوَا إلا بالمناقشات والمؤتمرات واللقاءات العلمية.

* تأهيل مدربين في مهارات الحوار، ومن المشروعات التدريبية لنشر وترسيخ ثقافة الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوباً للحياة ومنهجا للتعامل مع مختلف القضايا المهمة، مشروع تدريب ما يقارب (40000) متدرب من المؤثرين في المجتمع من معلمين ودعاة وأئمة مساجد في العام الواحد؛ وتقوم فكرته على عقد دورة لتأهيل مدربين في مهارات الحوار تستهدف مئات المتدربين من الفئات الفعالة في المجتمع كالمعلمين والمدربين في مراكز التدريب بوزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة التعليم العالي (الجامعات) والتعليم الفني لتغطي هذه المرحلة انتشاراً جغرافياً لجميع مناطق المملكة ..

أهداف المركز

مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، هيئة سعودية مستقلة تنشط أساساً في مجال العمل الوطني والثقافي والفكري يعمل على تحقيق الأهداف التالية :

1. تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف.

2. الإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء.

3. معالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته.

4. ترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوباً للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا.

5. توسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية.

6. تفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة.

7. تعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج.

8. بلورة رؤى استراتيجية للحوار الوطني وضمان تفعيل مخرجاته.

الإخوة والأخوات،

عُني مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في بداياته بالشأن الوطني العام؛ فغلب على فعالياته الحوارية، وأقام في هذا الخصوص أربعة لقاءات حوارية سابقة تناولت موضوعات متنوعة : اللقاء الوطني الأول للحوار الفكري (العلاقات والمواثيق الدولية وأثر فهمها على الوحدة الوطنية) عام 1424هـ/2003م؛ واللقاء الوطني للحوار الفكري الثاني : (الغلو والاعتدال .. رؤية منهجية شاملة) الذي أقيم في مكة المكرمة من العام نفسه؛ واللقاء الوطني الثالث : (حقوق المرأة وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك)؛ الذي أقيم في المدينة المنورة عام 1425هـ/2005م؛ ثم اللقاء الوطني الرابع (قضايا الشباب : الواقع والتطلعات) الذي أقيم في مدينة الظهران، العام نفسه ..

وبذلك قطع المجتمع السعودي شوطاً كبيراً ولله الحمد في تكريس ثقافة الحوار بشكل يتفق ومعطيات العصر وآفاقه الواسعة، بفضل الله تعالى ثم بفضل القيادة الحكيمة التي هيأت الظروف كافة للمواطنين والمثقفين والمهتمين والنخب المثقفة بكل توجهاتها بفتح حوار لتحقيق حوار وطني لتوكيد الوحدة الوطنية من جهة، ولتعزيز المواقف الإيجابية ودعمها من ناحية وتصحيح المواقف السلبية ومعالجة الأخطاء من جهة أخرى؛ لرصد العوالم المثبطة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واحتوائها ومعالجتها بروح مخلصة وعقلية بناءة هادفة، لتدعيم سبل الاستقرار والتنمية .. وكانت هذه الحوارات الوطنية نقطة تحول وانطلاق إلى آفاق جديدة في واقعنا الاجتماعي والسياسي في ميادين الحياة كافة.

وحقيقة الأمر كانت هذه المرحلة، مرحلة البداية التي احتاجت في تنفيذها إلى التدرج من المستوى الوطني إلى الأقاليم ثم الأحياء السكنية من خلال التحاور مع المواطنين وتلمس الآليات الكفيلة بإنجاح فعاليات هذا المركز الحضاري؛ فإيجاد أي سياسة تنموية وطنية على المستوى الوطني لا تؤتي ثمارها حتى تتم مشاركة المواطنين، ولتحقيق ذلك يستلزم وجود الهيكل الإداري الواعي بتلك العملية لتنفيذ هذه السياسة التي تحتوي على جميع طبقات المجتمع في المشاركة وذلك عن طريق تكوين اللقاءات الحوارية في جميع مناطق المملكة.

وفي رأيي أن سيطرة هذا الهم الداخلي تنبع من الحاجة اليوم إلى إبراز (هوية) المجتمع بشكل يعبر عن توجهات أفراده الفكرية والثقافية أكثر من أي وقت مضى؛ حيث الهجمة على الإسلام وعلى المملكة مستعرة، وتزداد شارية. وكانت مسؤولية الدولة واضحة، وتمثلت في الأساس وقبل أيّ شيء آخر في قدرتها على إدارة الحوار الداخلي تمهيداً للحوار مع الآخر الخارجي .. انطلاقا من الوسطية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية الداعية إلى محاربة كافة أنواع الغلو كالإرهاب والتطرف ...؛ وغيرها من الممارسات التي تهدف إلى تعرية الأمة من هويتها الثقافية وماضيها .. وسطية دون تحلل أو تميع أو تطرف؛ لأن كلا الغُلوين يغذي أحدهما الآخر! ما يدعو إلى ضرورة التسامح مع أنفسنا وعدم الشدة مع بعضنا البعض؛ لذلك تقدم الحوار مع الذات قبل الحوار مع الآخر اعترافا بوجود الاختلاف الفكري والتنوع المذهبي والثقافي مع وجود المرجعية الواحدة والتراضي الوطني وكرامة الإنسان وحريته وسلامه وحرية التعبير المسؤول .. هذه هي الوسطية التي دعت إلى التسامح وإلى إقامة الحوار الذاتي من خلال إقامة الحوارات المشتركة للتعاون وتبادل المنافع؛ ولأن التحديث والتطوير لابد أن ينبع من الذات مع أخذ الفوائد من الآخرين دون الذوبان فيها حتى تكون عملية التحديث والتطوير عن طريق الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر .. الذي يعبر عنه بشكل جديد مجال حوار الحضارات والثقافات التي تدعو إليها الكثير من المؤسسات الثقافية تارة والدينية تارة أخرى، المحلية تارة والغربية تارات أخرى .. لتكون لدينا القدرة على محاورة الآخر، الذي نعرف مسبقاًُ أنه يتحرك من داخل ثقافة أخرى قد تكون متمركزة حول الذات لفهم مجريات الأحداث ووضع (الذات) في السياق العام لأطروحات التعاطي مع القضايا التي تربطنا ـ بهذا الشكل أو ذاك ـ بـ (الآخر) الذي أصبحنا (نحن) شغله الشاغل الآن؛ الأمر الذي يفرض علينا ضرورة التعامل معه.

لذلك انطلقت قاطرة الحوار الخامسة في المملكة العربية السعودية إلى محطة جديدة آن الأوان للوقوف عليها .. وهي محطة (الحوار مع الآخر) الخارجي؛ سيما بعد تعرّض بلادنا لحملات وهجمات من اتجاهات مغرضة، ترفع تهما ومزاعم لعل من أخطرها عدم قدرة خطابنا على الانفتاح على الآخر، سواء المذهبي أو الفكري، العرقي أو الديني، لمزاعم تتعلق بقناعتنا الثقافية والمبدئية، وثوابتنا الدينية والاجتماعية !! وبالرغم من ضعف منطلقات هذه التهم الاستباقية والمزاعم وشبهة (الغرض) عند مروجيها فإنّ عدم (وضوح) الرؤية فيما يتصل بموقفنا من (الآخر) أسهم بلا شك في إيجاد نوع من (الخلط) عندنا وعندهم حولها.

وفي يقيني أن فكرة محور الملتقى الوطني الخامس للحوار (نحن والآخر : رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات) جاءت في وقتها وظرفها المناسبين، ونأمل أن تسهم مناقشاتها، سواء من خلال ورش العمل الأولية أو الطروحات والدراسات العلمية، في إحاطة البحث والباحثين بكافة أطراف القضية وأبعادها؛ لتتحقق المصلحة الأم التي يفترض أن تسعى وراءها هذه الملتقيات، وهي التفكير الجماعي المستنير للنهوض بهذه الأمة وهذه البلاد، والأخذ بيدها على طريق التحديث والتطوير والنمو والتطور، لاسيما وأن ديننا الإسلامي الحنيف لا يفرض علينا الحساسية البالغة تجاه الآخر، ومعلم البشرية الأول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كانت بداية دعوته الانفتاح على الآخرين برسل ووفود وجهت إلى القريب والبعيد في مشارق الأرض ومغاربها تدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتجادلهم بالتي هي أحسن.

السادة والسيدات،

وتحضيراً وإعداداً للقاء الوطني الخامس للحوار الفكري، عقد مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ثلاثة عشر لقاء حوارياً في جميع مناطق المملكة، بعنوان : (نحن والآخر : رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية) بمشاركة حوالي (700) مشاركٍ ومشاركة يمثلون تخصصات متنوعة من أبناء هذه المناطق .. هدفت هذه اللقاءات إلى توضيح الأسس والقواسم المشتركة التي تقوم عليه العلاقات بين الثقافات المتنوعة والوصول إلى رؤية كونية مشتركة، تحقق الفهم الرشيد للحضارات والثقافات العالمية؛ وإشاعة الوعي بالحضارات والثقافات العالمية، ودورها في بناء التنمية الإنسانية؛ وتحديد الوعي بالأطر الدينية والثقافية للتعامل مع الثقافات المتنوعة ..

وقـد تـم فـي هـذه اللقـاءات منـاقشة المـوضوع من خلال ثلاثة محاور : شرعية؛ وحضارية وثقافية وسياسية واقتصادية ..؛ وقد توصـلت البيانات الختامية إلى أكثر من مائة توصية؛ ورصد ما يقارب أربعة آلاف مداخلة ورأي وتوصية خلال هذه الحوارات؛ وأقيم على هامش هذه اللقاءات دورات تدريبية للشباب والفتيات خاصة بتنمية مهارات الحوار، شارك فيها أكثر من ألف متدرب ومتدربة ..

تركت هذه اللقاءات على مواطني المناطق وخاصة النخب المثقفة الأثر الطيب؛ بما أحدثته من حراك ثقافي وحضاري واجتماعي ..

وفي اللقاء الخامس للحوار الفكري : (نحن والآخر : رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات) الذي أقيم في حاضرة منطقة عسير (أبها) خلال الفترة من 13-11 ذو القعدة 1426هـ الموافق 15-13 ديسمبر 2005م؛ بمشاركة 70 مشاركاً ومشاركة؛ للوصول إلى هذه الرؤية من خلال تحقيق الأهداف التالية :

1. توضيح الأسس والقواسم المشتركة التي تقوم عليها العلاقات بين الثقافات المتنوعة والوصول إلى رؤية وطنية، تحقق الفهم الرشيد للحضارات والثقافات العالمية.

2. إشاعة الوعي بالحضارات والثقافات العالمية، ودورها في بناء التنمية الإنسانية.

3. تحديد الوعي بالأطر الدينية والثقافية للتعامل مع الثقافات المتنوعة.

الملحق الثاني

الرؤية السعودية للتعامل مع الثقافات العالمية

منطقة عسير (أبها)

الفترة من 13-11 ذو القعدة 1426هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه،

التقى في أبها جمع من العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين السعوديين من الجنسين، ذكوراً وإناثاً في الفترة من 13-11 ذو القعدة 1426هـ الموافق 15-13 ديسمبر 2005م، واستعرضوا نتائج الاجتماعات الثلاثة عشر التي عقدها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في جميع مناطق المملكة بدءاً من 15/3/1426هـ وحتى 14/6/1426هـ، تحت عنوان : (نحن والآخر، رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية)، تلك الاجتماعات التي شارك فيها أكثر من 700 شخص يمثلون مختلف فئات المجتمع السعودي وأطيافه، وناقشوا خلالها مجموعة من القضايا الشرعية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الشأن الداخلي، وأكد المجتمعون أن السعوديين بكل أطيافهم جزء من المجتمع الإنساني الدولي، يشارك المجتمعات الحضارية الأخرى في إحقاقه القيم الإنسانية السامية، ويتعاون مع المجتمعات الأخرى في إعمار الأرض، وأنهم يستمدون ثقافتهم من القيم الإسلامية النبيلة، والأعراف العربية الأصيلة اللتين تقومان على احترام الآخر ومعتقداته، والانفتاح المنضبط، المتزن على ثقافته وفكره، كما يؤمنون بأن التنوع الداخلي ــ مذهبياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً ــ سنة كونية، وأنه يمثل منطلقا في التعامل مع الآخر، ولا يجوز استخدامه أداةً لاختراق الوحدة الوطنية.

وأوصوا باقتراح مشروع رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية على أمل نشرها، والتوعية بمضامينها في أوساط المجتمع السعودي، وذلك من خلال برامج عمل تقوم عليها المؤسسات الحكومية والأهلية، مثل : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والإعلام، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة، مثل : الغرف التجارية، والجمعيات العلمية، ومراكز البحث، والمؤسسات الصحفية.

وقد ناقش المجتمعون تلك القضايا، وأكدوا أهمية صدور هذه الرؤية التي يمكن أن تتحول فيما بعد إلى وثيقة وطنية. وقد اتجه المجتمعون إلى التعبير بأن المقصود بـ (نحن) أي : المواطنين السعوديين الذين يجمعهم دين واحد هو الإسلام ووطن واحد هو المملكة العربية السعودية ولهم آراء وتوجهات متنوعة.

والآخر : هو المجتمعات الإنسانية الأخرى بجميع أديانها وحضاراتها وأوطانها.

وبناء على ذلك تم التوصل إلى مقترح مشروع رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية، يتمثل بالآتي :

أولاً : المنطلقات العامة

1. منطلقات إنسانية :

وهي منطلقات تلتقي عليها البشرية وجاء بها دين الإسلام، وهي :

أ) وحدة الجنس البشري حيث تجمعهم أخوة النسب الإنساني الذي يرجعون به إلى أبيهم آدم عليه السلام قال تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً }.

ب) الكرامة الإنسانية التي يستحقها الإنسان لكونه آدميا رجلا كان أو امرأة قال سبحانه وتعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا }، وبهذه الكرامة يصان دم الإنسان وعرضه وماله ونسبه وحرية ضميره.

ج) القيم الخلقية عدلاً وبراً وإحساناً ووفاءً ورحمةً ورفضاً للغدر والظلم والعدوان.

د) جلب المصالح ودرء المفاسد على ألا تكون على حساب حقوق الغير.

هـ) التـعارف والـتواصل والتعاون على الحق ونفع الإنسانية، قال سبحانه : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ... }، وقال سبحانه : { وتعاونوا على البر والتقوى }.

2. منطلقات شرعية :

تقوم على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وتعتمد على :

أ) الأسـس الإيـمانية، وعـدم قـبول ما يناقضها استجابة لأمر الله : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }.

ب) المعاني السليمة للتعاليم الإسلامية المتعلقة بالتعامل مع الآخر مثل :

* الولاء : وهو رابطة حب وتناصر نتبادلها مع المسلمين، في مختلف أنحاء العالم، على اختلاف مذاهبهم وفقاً للثوابت الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية.

* البراء : الابتعاد عما يتناقض مع الإسلام، وعدم التعاون مع أهله عليه، ولا يعني ذلك التعدي على حقوقهم أو عدم التعاون معهم في القضايا العادلة.

* الجهاد : وهو بذل الجهد في تحقيق الخير ودفع الشر، علماً أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو السلم، والحرب حالة طارئة شرعها الإسلام لدفع الظلم والعدوان ورفعهما.

* الدعوة : وهي تعريف بالإسلام لزيادة تبصير المسلمين بدينهم، ولبيان ما فيه من قيم إيمانية إنسانية سامية لغير المسلمين.

* الجدال بالتي هي أحسن : وهو الحوار بالقول اللين والأسلوب المهذب ومبادلة المحاور بأفضل مما يعاملنا به.

* التعاون على البر والتقوى : التعاضد لتحقيق المصالح الإنسانية من خلال منظمات أو اتفاقيات بين الدول والشعوب.

3. منطلقات وطنية :

أ) السعوديون بكل أطيافهم جزء من المجتمع الإنساني الدولي.

ب) وأنهم يشاركون المجتمعات الحضارية الأخرى في إحقاق القيم الإنسانية السامية، ويتعاونون معها في إعمار الأرض.

ج) وأنهم يستمدون ثقافتهم من القيم الإسلامية النبيلة، والأعراف العربية الأصيلة اللتين تقومان على احترام الآخر، والانفتاح المنضبط المتزن على ثقافته وفكره.

د) كما يؤمنون بأن التنوع الداخلي مذهبياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً سنة إلهية وكونية، وأنه يمثل منطلقاً في التعامل مع الآخر، ولا يجوز استخدامه أداةً لاختراق الوحدة الوطنية.

ثانياً : التعامل الثقافي

بما أن الثقافة تشمل قضايا الاعتقاد واللغة والقيم والقوانين والأعراف والآداب والفنون التي تتشكل فيها شخصية المجتمع، فإن تعاملنا الثقافي مع الآخر يتمثّل فيما يأتي :

1. تحمل المسؤولية الثقافية التي يمليها موقع المملكة، واحتضانها الحرمين الشريفين، وولاؤها للإسلام.

2. الإفادة من الخبرات الثقافية الرائدة في مختلف المجتمعات الإنسانية بما لا يمس الهوية الوطنية.

3. المبادرة في تبني الحوار والمشاركة مع الآخر سواء أكان دينياً أم ثقافياً أم حضارياً.

4. التفاعل الإيجابي مع المنظمات الثقافية والدولية وفقاً للدين والمصلحة الوطنية.

5. استثمار جميع قنوات التواصل الثقافي البناء مثل :

أ) مواسم الحج والعمرة لتبادل المنافع الثقافية والفكرية مع ضيوف الرحمن.

ب) الزيارات واللقاءات المتبادلة بين المؤسسات الحكومية والأهلية ومثيلاتها في العالم.

ج) العلماء والمفكرون المنصفون والباحثون عن الحقيقة.

د) الملحقيات الثقافية في سفارات المملكة.

هـ) المؤسسات العالمية التي تحتضنها المملكة مثل رابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومؤسسة الملك فيصل العالمية، والمؤسسات التي تشارك فيها المملكة.

و) المعارض والمهرجانات الثقافية والملتقيات الفكرية، والتجمعات الدولية والجوائز العالمية.

ز) تبادل الإنتاج الفكري والفني والإبداعي في حقول الفكر النافعة وترجمته.

ح) المراكز والمؤسسات العلمية والمجامع الفقهية لدراسة الآخر والتفاعل معه خاصة المراكز المتخصصة في الدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط.

ط) تبادل المنح التعليمية وزيارات الطلبة والأساتذة والباحثين، وتسهيل إجراءات دخولهم.

ي) وسائل الإعلام والاتصال وتقنية المعلومات، والإنترنت.

ك) الإعلام العالمي من خلال الانفتاح عليه والتعاون معه بما يخدم التواصل الإيجابي مع الآخر.

ثالثاً : التعامل الاجتماعي

بما أن المجتمع السعودي له ثوابته الدينية والاجتماعية، ولا يعني ذلك الانغلاق على الذات والانعزال عن العالم، ومن ثم فإن التعامل الاجتماعي مع الآخر يقوم على ما يأتي :

1. التعريف بالنظام الاجتماعي الإسلامي في شموليته وعدله للبشرية.

2. التعاون مع الداعين إلى القيم الإنسانية النبيلة بما يحفظ حقوق الإنسان وكرامته وحريته.

3. المشاركة في العمل الخيري العالمي، والتعاون مع المؤسسات الإنسانية الدولية والاستفادة من تجارب الآخرين خارج الوطن.

4. تحليل الظواهر الاجتماعية السلبية التي عانت منها بعض المجتمعات بقصد حماية مجتمعنا منها، من خلال تفعيل المؤسسات والمراكز الاجتماعية والتربوية.

5. التفاعل الإيجابي الدولي مع القضايا الاجتماعية مثل : حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وقضايا الفقر والبطالة والاهتمام بقضايا البيئة من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية.

6. التعاون مع الهيئات والجمعيات العالمية المهتمة بشؤون المرأة في ما يحقق كرامتها ويحفظ حقوقها التي شرعها الله لها، وإزالة العوائق التي تحد من ذلك، وتفعيل تمثيلها في تلك الهيئات والجمعيات.

7. التوسع في إنشاء مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق المصلحة العامة ويعزز التواصل مع الآخر.

رابعاً : التعامل السياسي

الالتزام في العلاقات الدولية بمنهج الإسلام المؤسس على العدل كقيمة مطلقة، والتسامح وعلى الوفاء بالعهود والعقود والاتفاقيات الدولية، وبناء عليه، فإن التعامل السياسي يقوم على :

1. الانطلاق من النظام الأساسي للحكم في المملكة في تعاملنا مع الآخر.

2. التواصل والتعاون مع الآخرين بما لا يمس الوحدة الوطنية.

3. مركزية القضية الفلسطينية وتحرير القدس ودعم المبادرة العربية للسلام.

4. التعامل الإيجابي مع الوافدين وتفعيل الأنظمة الوطنية التي تحمي حقوقهم.

5. دعم إرادة الدول العربية والإسلامية في الحفاظ على الوحدة الوطنية لها، وتلافي مخاطر تفتيتها، وحماية حقوق الإنسان فيها، والعمل على التكامل فيما بينها.

6. دعوة الدول للالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تجاه مواطنيها والمقيمين على أراضيها ومعاملتهم معاملة إنسانية تحفظ لهم إنسانيتهم وحقوقهم، والسعي إلى نبذ أي أعمال أو تصريحات عنصرية ضد الإسلام أو المسلمين، ودعوة منظمة المؤتمر الإسلامي لإنشاء جهاز قانوني لحماية حقوق الأقليات المسلمة في العالم.

7. نشر ثقافة الحوار والتسامح بين المجتمعات والشعوب.

8. تفعيل دور سفارات المملكة وممثلياتها في الخارج بما يعزز التواصل الإيجابي مع الآخرين.

9. تمكين مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني لتحقيق التواصل مع المجتمعات الأخرى.

10. استثمار العلاقات الاستراتيجية بالقوى الكبرى لخدمة المصالح الوطنية، وعقد شراكات إستراتيجية مع القوى الصاعدة في العالم، وتوعية المواطنين بأهمية هذه العلاقات.

خامساً : التعامل الاقتصادي

نظراً لما تحظى به المملكة من ثقل اقتصادي على الساحة العالمية، فإن تعاملنا الاقتصادي مع الآخر ينبغي أن يتم توظيفه لتعزيز التواصل والحوار من خلال :

1. التأكيد على السياسة النفطية للمملكة بما يخدم المصالح الوطنية ويسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي.

2. التأكيد على الدور الذي تقوم به الصناديق التنموية السعودية التي تقدم المعونات المالية للدول والشعوب الأخرى والذي يعزز التواصل مع الآخر.

3. تفعيل دور المؤسسات الاقتصادية المختلفة، كالغرف التجارية والصناعية واللجان الاقتصادية المشتركة في مجال تعزيز التواصل مع الآخر.

4. تفعيل الاستراتيجية السياحية الوطنية وتنشيط السياحة البيئية العربية والدولية، كعنصر مهم في التنمية الاقتصادية والتفاعل الإنساني.

5. العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، وتهيئة بيئة استثمارية محلية ملائمة تشجع هذه الاستثمارات على استيعاب القوى العاملة الوطنية.

6. العمل على تسريع تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية والإسلامية.

7. تعزيز التبادل التجاري تصديراً واستيراداً، بما يحقق المنافع المشتركة لجميع أطراف التبادل.

8. الإفادة من انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وكذلك عضويتها في المنظمات الاقتصادية الدولية الأخرى على نحو يعزز التواصل مع الآخر.

9. المشاركة في امتلاك التقنية والعلوم مع شركاء المملكة التجاريين والصناعيين.

وفي الختام ينتهز المشاركون في الحوار رجالاً ونساءً واللجنة الرئاسية بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني هذه المناسبة ليرفعوا أسمى معاني الشكر والامتنان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وإلى سمو ولي عهده أمين الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود على الدعم والرعاية، كما يرفعون شكرهم وتقديرهم لصاحب السمو الملك الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير على دعمه ومساندته إقامة هذا اللقاء، كما يشكرون معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد بن أمين على ما بذله من جهود إعلامية أسهمت في تغطية فعاليات هذا اللقاء.

ويتوجه الجميع إلى المولى جلت قدرته بأن يحفظ هذه البلاد ويسدد خطاها بقيادتها الرشيدة إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والله ولي التوفيق.

أبها 13/11/1426هـ، الموافق 15/12/2005م.

ـــــــــــــــ

(*) الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، مستشار بالديوان الملكي، الرياض، المملكة العربية السعودية.

منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ 1428هـ/2007م
المصدر: http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Hadart%20Tunis/p38.php

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك