ندوة ثقافة الانتماء والقيم والحوار

ندوة ثقافة الانتماء والقيم والحوار
ندوة ثقافة الانتماء والقيم والحوارد. حسين جمعة: مفهوم القيمة الحقيقية للانتماء تراجع على صعد كثيرة د. محمد حبش :حقوق الإنسان والديمقراطيات ليست بضاعة أمريكية، بل منجز إنسانـي

الوحدة
الثقافة
الجمعة 16/11/2007
فدوى مقوص

ثقافة الانتماء والقيم والحوار مفردات كثيرة التداول بين مختلف الشرائح الإنسانية، فالانتماء يعد جذراً حقيقياً في أي فعالية بناءٍ للقيم، ومن دون الانتماء لا قيمة لأي حوار، حتى ليبدو الحوار من دون قيم أو انتماء حوار طرشان أكثر منه حوار مثقفين راغبين في بناء أوطان خالصة من العيوب والشوائب وقادرة على اللحاق بركب الحضارة دائماً. بهذه الكلمات قدم د. نضال

الصالح للندوة التي أدارها وشارك فيها بالأمسية الثانية للعيد الفضي للندوة الفكرية التي تقام في دار الأسد للثقافة باللاذقية تحت عنوان /نحو رؤية ثقافية عربية جديدة/ بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لقيام الحركة التصحيحية المجيدة، وتنفيذاً لتوجيهات خطاب القسم للسيد الرئيس بشار الأسد، بدعوة من فرع حزب البعث العربي الاشتراكي ومحافظة اللاذقية واتحاد الكتاب العرب وجريدة القرار ومجلة الأزمنة. بداية، تحدث د. حسين جمعة، رئيس اتحاد الكتاب العرب عن مفهوم الإنسان المنتمي، اصطلاحياً ولغوياً، وعن علاقة الانتماء بالقيم وعلاقة كليهما بالحوار فقال: الانتماء هو النسبة الى شيء، أي أن يُنمى الإنسان الى أب أو أم أو جذر أو عشيرة بمعنى: ارتفع الى الجد الأعلى بنسبه. أما ربط هذا المفهوم بالمفهوم الفلسفي الاصطلاحي فالانتماء هو انتساب الفرد الى الصنف الذي يوجد فيه، وهذا الانتماء يمكن أن يشكل رؤية أخرى بتأثره بالأشياء المحيطة به من ظواهر وثقافات... مع التركيز على أهمية الثقافة في مسألة الانتماء، فأسّ الثقافة لدينا هو اللغة العربية باعتبار أن اللغة هي وعاء الفكر، فالمنتمي الى اللغة العربية يصبح منتمياً الى ثقافتها وقيمها، اللغة كائن عضوي اجتماعي ترقى برقي أهلها، فاللغة ممثلة لخصائص أهلها، وعندما يكون هناك عيب فيها فالعيب في أهل اللغة وليس في اللغة ذاتها. فكيف ننتمي الى اللغة والثقافة العربية؟ ننتسب الى أهلها الذين تكونت لديهم عادات وتقاليد، فالعربي هو الذي ينتمي الى الثقافة وليس الذي ينتمي الى أبٍ، وجاء في حديث الرسول (ص): ليست العربية منكم بأب ولا أم، وإنما العربية اللسان، وهذا وعي مبكر لحقيقة اللغة التي تصنع الانتماء.. لكن هل يعني هذا الاستغناء عن الخصائص العامة والخاصة للعشيرة؟ وبالتالي كيف ننمي قيمنا ونحن نقول الآن، لقد بدأ انتماؤنا يتهدد وبدأت هويتنا تتهدد وأصبحت لغتنا لغة خشبية، ومن هنا نستخلص بأن مفهوم القيمة الحقيقية للانتماء تراجع على صعد كثيرة. وحول سؤال وجهه د. نضال الصالح حول كيفية التمييز بين موقفين في الانتماء، الانتماء الى أمة لها خصائصها المتجانسة والمركبة تاريخياً والانتماء الى وعي يكاد يكون محصوراً في أفق ضيق وضمن رؤية فلسفية، مجتمعية ما، ايديولوجية ضيقة، وكيف نحقق مفهوم الانتماء والقيم ونؤصل لتقاليد حوارية،وكيفية نقل هذه المفردات من حيزها الاستعمالي الضيق الى الواقع لنكون منتمين الى حضارة القرن الواحد والعشرين دون التخلي عن انتمائنا وأصولنا وقيمنا، هل نستطيع أن نميز بين قيم دينية ومعرفية اجتماعية وفلسفية وايديولوجية أم أن ثمة حاضنة حقيقية لهذه القيم كلها؟ أجاب د. محمد حبش: صحيح أننا لا نشكل رقماً في هذا العالم، ولسنا في العالم التقني والتكنولوجي، لكننا بكل تأكيد في مركز العالم الروحي، ومركز الديانات السماوية، فثلاثة أرباع سكان الكرة الأرضية يتشربون الروح من سوريا، ويجب أن يدرك العالم بأننا شعب عصّي أن يتحول الى رقم، لدينا سلسلة من القيم والفضائل تحول دون ذلك. العالم برمته يستخدم التقويم الديني السوري، يعلمون التاريخ من مولد السيد المسيح ومن حقنا الانتماء الى هذا التاريخ ونعتز به، والسؤال هنا نجيب عليه بأن هناك رؤيتين للدين وهما تنفصلان وتتكرران، هل الدين حالة جديدة من إنتاج الإنسان، أم أن هناك أكثر من أفق لتلاقي المجتمع مع الدين؟ اليقين بأن ما أنجزه الدين هو عينه ما يسعى إليه العقل السليم والمجتمعات الحكيمة. إن إعلان حقوق الإنسان والديمقراطيات ليست بضاعة أمريكية إنها منجز إنساني تام نحن فيه شركاء، هي كفاح الإنسان وجهاده عبر التاريخ، لقد أنجز الإنسان وثبت حقوق الإنسان، لكن علينا أن نتذكر تاريخاً طويلاً من الكفاح لرجالات العقل والدين فثمة ترابط بين المشروع الديني والاجتماعي. فالتكامل بين قيم الوحي السماوي وقيم الفلسفة القائمة على العقل هو تكامل حيوي وموضوعي. وحول سؤال د. نضال الصالح، هل كل منتمٍ حمّال قيم بالضرورة؟ أجاب د. حسين جمعة: ليس بالضرورة أن يكون حمّال قيم إيجابية، لكنه حمّال لسلوكيات اجتماعية يمكن أن يتوارثها وتدخل في صميم القيم. أولاً نقول بأن القيم الدينية تنمي القيم الاجتماعية وترقى بها، لكن هل استطعنا أن نجعل حقيقة التكامل بين القيم الدينية والاجتماعية في حياتنا؟ الواقع يكذبنا من خلال ما نراه من طائفية ومذهبية..، وعلينا أن نوجد القيم التي تخرجنا من هذه الحالة. ثانياً: الكاتب المنتمي يجب أن يتصف بقيم العمل، الصدق، الاخلاص ، قيم العمل التي بدأنا نفقدها في واقعنا ولا يمكن أن نطور هويتنا ووطننا إلا بقيم العمل التي تتطابق فيها أفعالنا مع أقوالنا. لذلك ينبغي أن نثبت القيم الأصيلة التي بدأت تتسرب وأن نبتعد عن القيم الفردية في مجتمعاتنا. وعن سؤال د. نضال الصالح: هل ثمة علاقة طردية بين الانتماء والقيم؟ أجاب د. حبش: إن كل منتم هو حمّال بالضرورة للقيم، ولكن ليس للقيم الايجابية، والتجارب الأخيرة التي عصفت بالعالم ومنطقتنا العربية خير دليل على هذا الكلام. فعندما بدأت الحركة الصهيونية كان قادتها يتصفون بالعلمانية لكنهم عندما قرأوا الجمهور اليهودي بدقة استطاعوا أن يقودوا مشاعر اليهود في العالم وتوجيههم الى فلسطين.. فالانتماء يخلق مجموعة من القيم سلبية كانت أم إيجابية، وقد تمكنت الحركة الصهيونية من استثمار حسن الانتماء وتوجيهه في خدمة المشروع الصهيوني، وما أود قوله هنا، يجب علينا أن نبعث حسن الانتماء في نفوس أجيالنا القادمة، وإيقاظه لديهم لبناء هذا الجيل بناء سليماً ينتج الفضائل على الأرض، وأستطيع القول بأن ثقافة القيم والانتماء لا يمكن صناعتها في مدارس روتانا وغيرها من الفضائيات التي تنتشر كالفطر، ونطالب بإعادة الاعتبار لثقافة القيم في منابرها الصحيحة في المدرسة والأسرة والمسجد والكنيسة والمراكز المعرفية حتى لا تتمكن العولمة من تقويم الناس على أساس مصالحها. وعن ثقافة الحوار سأل د. نضال الصالح كيف نشيع ثقافة الحوار، ما هي العوامل الكفيلة ببناء وعي حواري لا ينفي فيه أحد الآخر بل يشاركه في بناء جسد معافى تماماً، هل ينهض اتحاد الكتاب العرب بدوره في إنشاء وإشاعة ثقافة الحوار في مجتمعنا؟ أجاب د. حسين جمعة: المنتمي متمسك بقيمه وأرضه وهو منفتح على الآخر لأنه يحمل معرفة، و مادام الانتماء قيماً ومعرفة، فالحوار هو تبادل الكلام والمعرفة بينه وبين فرد أو جماعة على أساس العدل والمساواة، وهنا تختلف الدرجات فقد بدأنا نستشعر البدء بالانتماء الى الفلسفة الذرائعية، ونحن في اتحاد الكتاب العرب، نحاول أن نقيم حواراً مباشراً أو غير مباشر، وبإيجابية، لكن للأسف نقع في تصور الرؤية للآخر. وأخيراً سأل د. نضال الصالح، كثيراً ما يتهم بعض العاملين في حقل الفكر بأنهم أكثر الناس نفياً للآخر، كيف يمكن أن نؤسس لجسر حقيقي تبدو فيه الأسئلة والأسئلة المضادة موجهة نحو البناء وليس نحو إقصاء الآخر؟ أجاب د. حبش: المسألة محسومة دينياً، فالتخوين في السياسة والتكفير في الدين مسائل يجب تجاوزها، والصراع بين التفكير الضيق والتفكير المتسامح صراع قديم يتكرر مجدداً، لكنه صراع حسم لمصالح التعدد والتسامح وقبول الآخر. وفي جوابه على هذا السؤال قال د. حسين جمعة: هناك حواران مباشر وغير مباشر، ولكن أين نحن من الحوار العلمي وهل نحن منتجون لحوار عقلاني؟ كيف نحاور الآخر ونحن متخلفون عنه تجارياً وعلمياً وتقنياً؟ ينبغي علينا اختيار أسلوب الحوار ورفده بتجربة علمية متقدمة منهجياً ومعرفياً .‏

المصدر: http://wehda.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=87402955020071117130801

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك