التعليم والتربية على نبذ التعصب
التعليم والتربية على نبذ التعصب
باسمة موسى الحوار المتمدن – العدد: 3331 – 2011 / 4 / 9
استسمحكم قراء الموقع ان اقتبس جملة من اغنية للراحلة عليا التونسية مطلوب من كل مصرى ومن كل مصرية منقولش ايه اديتنا مصر نقول حندى ايه لمصر. بداية الطريق نبدا بان نتشاور ونتحاور فى شئون التعليم الاساسى وما المتاح لنا الان من تغييره سواء فى الابنية والبنية التحتية للمدارس بما يتناسب مع حق الطقل والطالب فى مقعد مناسب ومكتب جديد ومكتبة بها كتب متنوعة ومكتبة الكترونية للتواصل مع المكتبات العالمية تزيد من سعة افق الطالب وتجعله يتبادل المعلومات مع طلاب من دول العالم عن ارؤاهم فى التعليم وتنمية مستقبلهم معرفيا ثم فعليا فى المجتمع الذى يعيشون فيه. وابتداع طرق حديثة للتدريس تجعل من الطالب مشارك فى العملية التعليمية وليس فقط متلقى بل ومتشوق لحضور الدروس والمدرسة . وان يبذل المدرسين جهدهم فى اعادة روح المحبة داخل المدرسة وعودة الانشطة العلمية والمعامل المدرسية التى غابت عن بعض المدارس حتى يستطيع الطالب ان يشاهد التجارب على الطبيعة فترسخ فى ذهنه وتظهر طاقاته الخلاقة فى الابتكار والاختراع.
وقد شاهدت تجربة ثرية عمرها 65 عاما بدولة الهند من خلال تجربة مدرسة فى مقاطعة بنشجانى اسمها نيو ايرا” او بالعربى “العصر الجديد” قادها زوجان يعملان بالتدريس لم تشأ القدرة الالهية ان ينجبوا اطفالا فسخرا كل وقتهما لتعليم وتربية الاطفال واعتبروا ان كل طفل او طفلة فيها هو ابن او ابنة لهم فى هذه المدرسة واتخذا من البداية شعارا للمدرسة ” نحو عالم افضل “. وهذه المدرسة بنيت منذ عام 1945 وطلابها الان يزيدون عن الالف طالب يفدون اليها من المناطق المحيطة بها ومن اجزاء عديدة بالهند وبها طلاب من كل الجنسيات من دول العالم المختلفة وكل الاديان.
ورغم قلة الموارد المالية لديهم فى البداية, لكن طموحهم كان بعيد النظر عالمى الفكر واختارا برامج من التعليم الجاد وتحديثه سنويا حسب النظم العالمية وبجواره كانت التربية الاخلاقية على خدمة المجتمع ونبذ جميع انواع التعصب من خلال منظومة مبادىء وقيم يسير عليها الطلاب, بحيث يتخرج منها فى النهاية طلابا الى المجتمع المحيط لديهم روح الخدمة لكل البشرية وليس الهند فقط . وهذا الشعار كان لتطبيقه عمليا مع الطلاب سر نجاح هذه المدرسة التى احدثت منظومة جميلة لتعاون الطلاب مع بعضهم البعض ومع المجتمع المحيط بها .
اولا: كانت مهمتهم التعليمية ليس فقط نقل المهارات للطلبة للحصول على العلوم واللغات المختلفة و لكن أيضا للحصول على التعليم الوجدانى و الروحانى. بنات واولاد على السواء يتلقون تعليم و تدريب ينمى قدراتهم و مواهبهم ليجعلهم قادرين على التشاور مع عائلاتهم و مجتمعاتهم و دولهم و عالمهم على الأرض باعتبار ان الارض وطن واحد والبشر جميعا سكانه, وان الوحدة فى التنوع والتعدد, وان المحبة هى سر الوجود .ونبذ جميع انواع التعصبات بالكلية . هذه المبادىء معلقة على جدران المدرسة يقرأها التلاميذ يوميا ويستوعبونها ويطبقونها.
ثانيا : بث روح السعى لتطوير شخصيات الاطفال ذاتيا علميا واخلاقيا الى الافضل باعتبار ان التعليم ليس مجرد إصدار تعليمات يستقبلها الطلبة فى المدارس, و لكن هو عبارة عن بيئة كاملة يعيش فيها الإنسان بداية من العائلة و الحى و المجتمع ككل.
وثالثا : و لان العائلة تلعب دورا أساسيا بصفتها أساس المجتمع فى تعليم أطفالها القيم الروحانية و الأخلاقية. و يقف الوالدين مثلا أعلى لأطفالهم, و يعلّموا أطفالهم روح التشاور و التعاون و إحترام جميع أفراد المجتمع, و بذلك يعد الشباب للتعايش فى مجتمع سلمى عالمى. لذا كان على المدرسة ان تحدث اتزان مع عائلات الطلاب لكى ترسخ فى الاطفال هذه المفاهيم .
وكان على مٌدرسة كل فصل دراسى ان تقوم بزيارة عائلات الاطفال بمنازلهم وتشرح لهم رؤية المدرسة وتطلب منهم مساعدة المدرسة فى تطبيق مايتعلمه الاطفال بها وتتكرر الزيارت باختلاف العائلات وقدرتهم على تطويع ظروفهم ليكونوا عونا لابنائهم واعتبار هذا الطفل عضو مشارك فى هذه الاسرة وليس بطفل يلهو.
والمدرسة تقيم دوريا مسابقات رياضية للطلاب ومهرجانات يشارك احيانا بها الاسر .والاطفال لديهم اجندة مدرسية بها كل الاحتفالات التى يحتفل بها الهنود سواء اكانت اعيادا قومية وكذلك كل الاعياد الدينية لكل الطوائف بالهند. فيهنئ الاطفال بعضهم كلّ فى يوم عيده , بل ويتشاركون فى اخذ نبذة عن هذا العيد فيشب الاطفال يعرفون كل شيىء عن عقائد الاخرين.
وفى يوم الاحد وهو يوم عطلة يذهب الطلاب بملابس المدرسة يزورون احد دور العبادة الكثيرة الموجود بالهند . وقبل الدخول يستمعون جيدا لتعليمات القائمين على المكان ثم يدخلون بكل احترام وبكل هدوء رغم اختلاف العقيدة للبعض . من هنا يتعرف الطفل الصغير على دور عبادة المختلف عنهم دينيا ويآلف لهم, وبالتالى لا يستطيع احد ان يثير الفتنة بين الطلبة .
واخيرا لدمج الاطفال مع المجتمع الذى يعيشون فيه فتحت المدرسة باب التطوع لعمل عام يخدم المجتمع , فكل طالب يذهب يوم واحد كل شهر للمساهمة فى احد المشاريع التنموية التى ترعاها المدرسة ومنها انشاء وتوصيل خطوط المياه النظيفة للقرى الفقيرة والمساهمة فى تطويرها, ويقبل عليه الطلاب بكل حيوية وبهذا تكون المدرسة قد اسست فيهم روح خدمة المجتمع .
اثناء احداث العنف الطائفى والذى حدث منذ سنوات عديدة بين المسلمين والهندوس نظم الطلاب وعائلاتهم بكل اطيافهم مسيرة رافعين مبادىء المدرسة ومنادين بالسلام لكل الهند . وفى احصائية عن مناطق التوتر الطائفى بالهند وجدوا ان المنطقة التى بها المدرسة لم تشهد اى اعمال عنف وذلك نتيجة تعليم الاطفال منذ الصغر وممارسة هذه المبادىء مع عائلاتهم بصورة فعلية ادت الى حالة من التناغم والمحبة وعدم التعصب وبالتالى السلام الاجتماعى بالمنطقة .
هذه التجربة اهديها الى المسئولين عن التعليم الاساسى فى بلادى واتمنى ان يزور وفد من وزارة التعليم فى مصر هذه المدرسة ليطّلع على مايقومون به من فاعليات ترسخ مفهوم العيش فى عالم واحد فى سلام بل وتهيئة الطالب لخدمة المجتمع اينما وجد. هذه المدرسة بمقاطعة بنشجانى ولها موقع على الانترنت يمكنكم زيارته.
http://www.nehsindia.org/
المصدر: http://basmagm.wordpress.com/2011/04/10/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D...