التعصب

التعصب
بقلم:م.عبدالله الدمياطى
التعصب هو الانحياز الحزبي إلى شئ من الأشياء فكرة أو مبدأ أو معتقد أو حتى شخص أما يكون (مع أو ضد) والتعصب للشئ هو مساندتة والدفاع عنه والتعصب ضد الشئ هو مقاومتة .
وقد عرفت البشرية خلال تاريخها الطويل ألوانا واضحة ومتباينة من التعصب لقد سجل لنا التاريخ معلومات هامة وقيمة عن التعصب القبلي والتعصب الوطني والقومي وعرف تاريخ الفكر ألوانا من التعصب الديني والطائفي وشهدت المجتمعات الحديثة صراعات متعددة من التعصب العنصري أو العرقي .
وفى هذه الحالات كلها كان التعصب يمثل انتماء زائدا إلى الجماعة التي ينتسب إليها الإنسان ،
وارتباطا بها يصل إلى حد الاستبعاد التام للآخرين أو التعالي عليهم ..
والواقع أن التعصب بوصفة ظاهرة بشرية خالصة تنتمى إلى مجال العلاقة بين إنسان وإنسان يمكن إن يعالج بمناهج وأساليب كثيرة ففي استطاعة علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم البيولوجية أن تلقى أضواء كاشفة على ظاهرة التعصب وان تساعد الإنسان على إزالة هذه الغشاوة التي أعمت بصيرة البشرية.
أن التعصب كما هو واضح للجميع يتضمن عنصرين احدهم ايجابي والأخر سلبي، فالعنصر الايجابي هو اعتقاد الإنسان بأن الفئة التي ينتمي إليها سواء كانت قبيلة أو وطنا آم مذهبا فكريا أو دينيا أفضل واسمي من بقية الفئات
والعنصر السلبي هو اعتقاد الإنسان بأن تلك الفئات الأخرى اقل من تلك التي ينتمي إليها، وقد يبدوا من الأمور البديهية أن يكون هذان العنصران متلازمين إذ أن اعتقاد فئة معينة بتفوقها يعنى أليا أنها تنظر إلى الفئات الأخرى كما لو كانت اقل منها قدرا
ومع ذلك فأن هناك نوعا من التميز بين وجهي التعصب هذين، على الرغم من ارتباطيهما الوثيق..
ذالك لان المشكلة التي عانت منها البشرية في الجزء الأكبر من تاريخها كانت مشكلة الوجه السلبي من التعصب
بل أن مفهوم التعصب عن الناس ارتبط بالجانب السلبي من التعصب
فالشخص المتعصب هو قبل كل شئ هو ذلك الذي يحقر فئة معينة أو يتحامل عليها ، صحيح أن هذا التحامل ينطوي ضمنا على اعتقاد بأنه أعلى أو أفضل من تلك الفئة التي يتحامل عليها أو انه برئ من نقائصها ، وكثيرا ما يكون سبب التحامل على الآخرين هو نوع من الحسد الدفين لهم أو الاعتقاد بأنهم يتمتعون بمزايا يعجز الإنسان التوصل إليها أو الحصول عليها ، وعلى اى حال فكراهية الآخرين هي الصفة الغالبة على المتعصب ، أما الاستعلاء فهي صفة تقع في المرتبة الثانية على الرغم من أنها هي السبب الرئيسي للتعصب في معظم الأحيان عن كراهية الآخرين..
فالتعصب إذن هو في اساسه نظرة سلبية إلى الغير
والمتعصب يتجه بتفكيره أساسا إلى الآخرين في حقد أو حسد أو حتى احتقار
ويميل إلى إلحاق الضرر بالغير أكثر مما يميل إلى تأكيد مزاياه الشخصية أو كسب منفعة لنفسة
إذن الجانب الايجابي في التعصب لا يؤدى بالضرورة إلى التعصب فاعتقاد المرء بسمو الفئة التي ينتمي إليها أو تأكيد المرء لذاته لا يترتب عليه بالضرورة احتقار الآخرين، فالإنسان الواثق بنفسه وبقدراته والإنسان النبيل لا يكره الآخرين ولا يتعصب ضدهم لأنه لا يحتاج من اجل تأكيد ذاته إلى مقارنة نفسه بغيره.
ومعنى ذلك أن النظرة السلبية إلى الآخرين ترتكز على اعتقاد بوجود نوع من الشر الكامن فيهم والذي يبرر به المتعصب تحامله عليهم.
والسمة الظاهرة للفرد المتعصب هي انه لا يحب المناقشة والحوار لأنه يعتقد أن رأيه صحيح لا يقبل المناقشة ، فإذا كانت المناقشة للبحث في مدى صحة الرأي فأن الإنسان المتعصب لا يدخل فيها وان تظاهر في بعض الأحيان بالدخول فيها فعقيدة المتعصب راسخة صلبه جامدة لا تفيدها المناقشة ولا اى حوار.
وكراهية الحوار عن الإنسان المتعصب تدل على انه يكتفي بما لديه من تبرير لرأيه والإنسان المتعصب لا يجهل الحوار فقط بل يجهل أيضا التطور، ويحاول دائما إلى فرض الرأي ومنع الرأي المخالف من الانتصار عليه، وهذا عكس تماما الفرد المنفتح فلا يضره أن يكون الرأي تعدديا ونسبيا بطبيعته لذلك لا يستبعد المناقشة والحوار بل بالعكس قد يطلبها ويسعى إليها احيانا فبالمناقشة يطل على أفكار الغير ويطل الغير على أفكاره وتتحول هذه المناقشة إلى عملية اخذ وعطاء وقد تؤدى هذه المناقشة أيضا إلى تقوية المعتقد وترسيخه ، فالفرد المنفتح يحاور غيره فتتطور الفكرة وتنمو...
المصدر: http://beta.akhbarak.net/articles/2105254-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B5...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك