لكي تكون داعية

لكي تكون داعية
دروس دعوية منهجية ، جمعها حاضر بها

فضيلة الشيخ
مهنا نعيم نجم ... أبو الحارث
عضو هيئة العلماء والدعاة – فلسطين
1425هــ
تقديم فضيلة الشيخ إبراهيم محمد بويداين - حفظه الله ونفع به
مدير دائرة البحوث الإسلامية بدار الفتوى
دولة فلسطين

الحمد لله الذي بحمده يستفتح كل أمر ذي بال، الذي أنزل القرآن العظيم على نبيه – صلى الله عليه وسلم – فقال ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعم لصالحا وقال إنني من المسلمين )
والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، الذي بعثه الله بالحق إلى قيام الساعة، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، وبعد :
إن الدعوة إلى الله مقام عظيم، ومرتبة عاليّة لأنه مقام صفوة خلق الله تعالى من الرسل الكرام وخلفائهم الراشدين والصالحين من خلق الله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهي من أجل الطاعات والقربات إلى الله عز وجل .
وقد جعل الله الدعوة فرضاً على عباده فإن قام بها من فيهم كفاية وإلا عمت جميعهم، قال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) والأمة هم الطائفة للناس، والدعوة إلى الله واجب ما تكون على أولي العلم الذين أخذ الله عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه وإلا حلت عليهم اللعائن من الله عز وجل ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينا للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، إلا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) وتوعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – المتقاعس عن الدعوة والكاتم للعلم إذ يحتاجه الناس بأن يلجم يوم القيامة بلجام من النار – والعياذ بالله .

ومما يؤكد واجب الدعوة إلى الله عز وجل في هذه الأزمنة ما نراه من شيوع الألحاد وانتشار مذاهب الجهالة والضلالة والشرك والبدع حتى بين الخواص ممن يفترض خلوصهم من اشباهها وهو مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم – الذي أخبر فيه عن فشو الجهل بالدين آخر الزمان . إضافة إلى استفحال المعاصي والشرور والآثام من التبرج والسفور والربا والجرائم المتنوعة وكثير من مظاهر البعد عن الدين مما يرقي بالدعوة إلى درجة الفرضية العينية لإستنقاذ المسلمين وانتشالهم من هذا الواقع الذي يُغضب الرب ويجلب الذل والهزيمة .
ولكن لا بد للداعية أن يحوز على العلم النافع حتى تكون دعوته على بصيرة كما قال تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) فإن فاقد الشيء لا يعطيه ، ولابدّ لمن يدعو أن يكون عالما بالشيء مخافة أن يأمر بأمر منهي عنه ، وينهى عن أمر مأمور به .

وهذه رسالة قيمة – إن شاء الله – كتبها وأعدّها أحد طلبة العلم المشمرين عن ساعد الجد في الدعوة إلى الله المنهمكين في هموم الدعوة ، وآمالها وآلامها واولوياتها في هذه الديار المقدسة الأخ الشيخ أبو الحارث مهنا نعيم نجم – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً – كتبها وحاضر بها لتكون مرشدا ودليلا وهاديا وحاديا لإخواننا الدعاة الذين هم ورثة الأنبياء بعون الله وتيسيره .

وإني لأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذه الرسالة ، ويكتب لها القبول ، وأن يقوم المسلمون جميعا بواجب الدعوة إلى الله على بصيرة ليشرق نور الله في الأرض كلها ، ويعلو دين الله على كل الأديان ، إنه هو السميع البصير والعي العظيم .

وكتب الراجي عفو ربه ذي المن والإحسان
إبراهيم محمد بويداين

شهادات نعتز بها
لقد منّ الله عليّ بأن بدأت بإعطاء هذه الدروس على شكل دورة مستمرة للشباب في محافظات الوطن فلاقت استحباب – ولله الحمد - فعمد إلي بعض الأخوات عبر البريد الإلكتروني لإعطائهن هذه الدورة، فاستشرنا أهل العلم والفضل عن حكم ذلك وإمكانيته فأفتوا بالجواز والبعض منهم شارك في التدريس – فجزاهم الله عنا خير الجزاء - ولزاماً عليّ وتقديرًا مني لعلمائنا ومشايخنا الذين زكوا الدورة أحببت أن أجمل كتابي بأسمائهم الطيبة لتطمئن النفوس المؤمنة بقراءته وتدريسه، وهم:
1. سماحة الشيخ د. عكرمة سعيد صبري – المفتي العام لدولة فلسطين
2. فضيلة الشيخ حامد البيتاوي – رئيس رابطة علماء فلسطين
3. فضيلة الشيخ أ.د حسام الدين عفانة – جامعة القدس
4. فضيلة الشيخ أ.د. حلمي عبد الهادي – جامعة النجاح الوطنية
5. فضيلة الشيخ د. إسماعيل نواهضة – جامعة القدس
6. فضيلة الشيخ د. أحمد عزام – جامعة القدس المفتوحة
7. فضيلة الشيخ بسام جرار – مدير مركز نون للدراسات القرآنية
8. فضيلة الشيخ محمد صلاح اسعيد – مدير عام مراكز دور الفتوى
9. فضيلة الشيخ جمال بواطنة – مفتي محافظتي رام الله والبيرة
10. فضيلة الشيخ عمار بدوي – مفتي محافظة طولكرم
11. فضيلة الشيخ فهمي جرادات – عضو محكمة الاستئناف الشرعية العليا
12. فضيلة الشيخ محمد أبو الرب – نائب مفتي محافظة أريحا والأغوار
13. فضيلة الشيخ ناصر قصراوي – داعية إسلامي
14. فضيلة الشيخ إبراهيم بو يداين – داعية إسلامي
15. فضيلة الشيخ تمام الشاعر – داعية إسلامي
16. فضيلة الشيخ فضل صالح حمدان – داعية إسلامي
17. فضيلة الشيخ عيسى وادي – داعية إسلامي
18. فضيلة الشيخ طارق حميدة – داعية إسلامي
19. فضيلة الشيخ رائد محمد شحادة – داعية إسلامي
20. الأخت الداعية ميسون الرمحي – رئيسة جمعية الخنساء النسائية
21. الأخت الداعية عطاف عليان – داعية إسلامية
22. الأخت الداعية آمال أبو سيف – داعية إسلامية

المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
إن الدعوة إلى الله مقام عظيم، ومرتبة عاليّة لأنه مقام صفوة خلق الله تعالى من الرسل الكرام وخلفائهم الراشدين والصالحين من خلق الله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهي من أجل الطاعات والقربات إلى الله عز وجل .
والدعوة فنٌّ لا يجيده إلى المخلصين لله الصادقين الذين صدقوا ما عاهدوا عليّه، لذا كان جديرٌ بنا أن نولي هذا المقام جهود مضاعفة ومتتابعة. ومن هنا كان لا بدّ من بناء الشخصية المخلصة الصادقة التي تحمل همّ الإسلام وشعور المسلمين في العالم أجمع .
ولا بدّ للداعية أن يفهم الدعوة كما جاءت عن إمام العلماء والدعاة محمد صلى الله عليه وسلم، ويعلم لوازمها وسماتها ومتطلباتها، وأساليبها ويجني ثمارها ويتذوق لذّتها، ويصبر في سبيل الله على ما سيجده من أذى أو مشاق .
فإذا عَلِمَ ذلك قوى عزيمته، وضاعف عمله، وترك الكسل، وشد العزائم، وأيقن حق اليقين أن أي خطأ يرتكبه الداعية سيؤثر في الأمة، وسيكون الدعاة هم المسئولون بالدرجة الأولى عمّا يحدث من خطأ أو خلل أو يُرتكب من فشل، إذ همّ روّاد السفينة التي إذا قادوها إلى برّ الأمان نجي بإذن الله .
لذا ، فالدعوة إلى الله تعالى عزٌ وشرف ما بعده شرف، لمن رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولاً، وهي شكرٌ ووفاءٌ ورد حقٍ لهذا الدين العظيم .
ولست ادعي أنني من خلال هذه الدورة الموجزة أني سأحيط بجوانب الموضوع، فهو موضوع كبير قد أُلِفت فيه كُتب كثيرة وكبيرة ولكني أشير إلى ما يحضرني مما أرى أهمية لفت الأنظار إليه سائلا الله سبحانه أن يجعله لي ولمن يستفيد منه ذخراً وأجراً.

كتبه الفقير لرحمة ربه
مهنا نعيم نجم ،، أبو الحارث
فرغه منه في الليلة مضت من ذو الحجة لعام 1424 هـ

تعريف الدعوة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليّ المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالحق بشيراً ونذيراً، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله العزيز الحميد. فاللهم صلى وسلم عليه وعلى إخوانه النبيين والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد :
لا يليق بعاقل رشيد عرف كمال حكمة الله وسعة رحمته، وعرف واقع وما هم فيه من هرج ومرج وفساد وضلال، أن ينكر حاجة البشر إلى قيادة رشيدة، عمادها وحي الله وشريعته، تعتصم به، وتدعوا الناس إليه وتهديهم إلى سواء السبيل .
فإن الانسان قد يقصر عقله في كثير من أحواله وشؤونه عن التمييز بين الحسن من الأفعال وقبيحها ونافعها وضارها، وقد يعجز عن العلم بما يجب عليه عمله، وقد يتردد في أمر من شؤون حياته وتملكه الحيرة فيه، إما لعارض هوى وشهوة، وإما لتزاحم الدواعي واختلافها، فكان في أشد الحاجة إلى من ينقذه من الحيرة، ويكشف له حجاب الضلالة بنور الهداية .
ثم إن تفاوت العقول والمدارك وتباين الأفكار وإختلاف الأغراض والمنازع ينشأ عنه تضارب الآراء وتناقض المذاهب ، وذلك مما يفضي إلى سفك الدماء ، ونهب الأموال ، والإعتداء على الأعراض ، وإنتهاك الحرمات ، وبالجملة ينتهي بالناس إلى تخريب وتدمير ، لا إلى تنظيم وحسن تدبير ، ولا يرتفع هذا إلا برسول يبعثه الله بفصل الخطاب ، ليقيم به الحجة ، ويوضح به المحجة ، فاقتضت حكمة الله أن يرسل رسله بالهدى ودين الحق رحمة منه بعباده ، واقامة للعدل بينهم ، وتبصيراً لهم بما يجب عليهم من حقوق خالِقهم وحقوق انفسهم وإخوانهم ، وإعانةً لهم على أنفسهم ، وإعذاراً إليهم ، فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله سبحانه. من اجل ذلك أُرسِلَ الرسل ، وأنزل الكتب ) ، وبعد تعريف الدعوة لا بد لنا من معرفة الداعي الأول

الداعي الأول ختم الأنبياء والمرسلين
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وهو من ولد إسماعيل لا محالة ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء ، فجميع قبائل العرب في الحجاز ينتمون إلى هذا النسب ( ولد اسماعيل ) ويقول ابن عباس – رضي الله عليه وغيره في قوله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلأ المودّة في القربى ) الشورى 23 - يقول : لم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نسب يتصل بهم .
وفي " صحيح مسلم " من حديث واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من بني اسماعيل ، بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) .

لمحات سريعة في سيرة الداعية الأول ( نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم )
• ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين ، وكان ذلك في عام الفيل ، في الثاني عشر من ربيع الأول .
فصل في حواضنة صلى الله عليه وسلم
• أمه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب
• ثُويبة مولاة أبي لهب
• حليمة بنت أبي ذُؤَيْب السعدية ( 4 سنوات )
• الفاضلة أم أيمن بَرَكة الحبشة ( وهي التي دايتَه ) وزوجها النبي صلى الله عليه وسلم من حبّه زيد بن حارثة فولدت له أسامة

• بعثه الله على رأس أربعين ، وهي سن الكمال ، وقيل : ولها تعبث الرسل ، ولا يعرف أثر متصل أن المسيح رُفِع إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة !!
أول امر النبوة الرؤيا ، فكان لا يرى رُؤيا إلا جاءت مثل فَلَقِ الصبُّح – ثم جاءه الملك وهو بغار حراء ، فاُنْزِل عليه ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) وبعد ثلاث سنين من النبوة والدعوة بالسر ، أمره الله تعالى بالصدوع بالدعوة فقال له ( فاصدع بما تُؤْمرُ واعرض عن المشركين ) الحجر 94 ، فأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة ، وجاهر قومه بالعداوة ، واشتد الاذى عليه وعلى المسلمين حتى أذن الله لهم بالهجرتين .
• أسماء النبي صلى الله عليه وسلم نوعان :
1. خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل ، كمحمد، أحمد، العاقب، الخاتم ، العاقب ،الماحي ، الحاشر، المقفي، نبي الملحمة .
2. ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ، ولكن له منه كماله ، فهو مختص بكماله دون أصله : كرسول الله، نبي الله، عبد الله، الشاهد، المبشر، النذير، نبي الرحمة، نبي التوبة .

• أزواجه صلى الله عليه وسلم
1- خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية ، تزوجها قبل النبوة ولها اربعون سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وأرسل الله إليها السلام مع جبريل ، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين .
2- سَوْدة بنت زمعة بن قيس القرشية وهي ممن هاجرة إلى الحبشة
3- أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها وعن أبيها ، تزوجها بكراً في شوال وعمرها ست سنوات ، وبنى بها في شوال في السنة الأولى من الهجرة وعمرها تسع سنين.
4- حفصة بنت عمر بن الخطاب – رضي الله عنها وعن ابيها ، وذكر أبو داود أنه طلقها ثم راجعها – زاد المعاد في هدى خير العباد : ابن القيم الجوزية .
5- أم حبيبة رملة ( هند ) بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشية الاموية
6- أمّ سلمة هند بنت أبي أمية القرشية المخزومية ، وهي آخر نسائه موتاً
7- زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة ، وفيها نزل قوله تعالى ( فلمّا قضى زيدٌ منها وطراً زوّجناكها ) الاحزاب 37 ، وكانت تفخر بذلك أن زوجها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات . وهي إبنت عمته أميمة بنت عبد المطلب وهي أول نسائه لحوقا به صلى الله عليه وسلم
8- زينب بنت خزيمة بن الحارثة القيسية ، من بني هلال بن عامر ، وفوفيت عنده بعد شهرين . وكان يقال لها أم المساكين
9- جُويْريَة بنت الحارث بن أبي ضرار المُصطلقيّة ، وكانت من سبايا بني المصطلق . فأعتقها ثم تزوجها
10- صفيّة بنت حُيي بن أخطَبَ سيد بني النضير ( سباها يوم خيبر )
11- ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وهي آخر من تزوج بها وهي التي وهبت نفسها له
12- ومن سراريه صلى الله عليه وسلم مارية القبطية وريحانة بنت زيد النضرية
13- واما من خطبها ولم يتزوجها : عَمْرة بنت يزيد الغفارية وأختها الشنباء

• توفي صلى الله عليه وسلم عن تسع ، وأول نسائه لحوقاً به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش سنة عشرين للهجرة ، وآخرهن موتاً أم سلمة ، سنة اثنتين وستين في خلافة يزيد ، والله أعلم .
• أولاده صلى الله عليه وسلم : 1- القاسم ،أكبرهم وكان يُكنى به ومات طفلا 2- الطيب 3- الطاهر ماتوا صغارا رُضعا قبل المَبعث 4- وأكبر بناته رقية 5- زينب 6- أم كلثوم 7- فاطمة ، وله ، والله أعلم – وكلهم من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنه 8- إبراهيم ، أمه " مارية بنت شمعون القبطية المصرية " بعد السنة الثامنة من الهجرة ، ومات طفلا قبل الفطام وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن له مَرضعاً في الجنة يستكمل رضاعة )
• رقية تزوجها عثمان بن عفان وأنجبت له عبد الله ثم ماتت فتزوج أم كلثوم ثم ماتت في حياة أبيه صلى الله عليه وسلم
• زينب تزوجها العاص بن ربيع بن عبد شمس ( إبن خالتها ) وأنجبت منه عليّ وأمامة وقد تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها ومات وهي عنده
• فاطمة تزوجها علي بن ابي طالب ( رضي الله عنهم جميعا )
• كل أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ماتوا قبله إلا فاطمة – رضي الله عنه – وتأخرت بعده بستة أشهر .
• وفاته صلى الله عليه وسلم كانت في الشهر الذي ولد به على أصح الأقوال في صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة الحادي عشر للهجرة المباركة وقد بلغ ثلاث وستين عاماً .

لماذا الدعوة ؟!

إن الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال وأرفع العبادات ، وهي من أعظم خصائص الأنبياء والرسل – عليهم السلام – وأبرز مهام الأولياء والأصفياء من عباد الله الصالحين ، والدعاة إلى الله هم أثقل الناس حِملاً وأكثرهم مسؤولية ، وذلك لأنهم في أشرف المراتب ، وأرقى المنازل ، قال تعالى ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) .
ومما يحث المسلم على القيام بالدعوة ما يراه من نشاط محموم ، وجهود مستميتة ، يبذلها أعداء الإسلام على مختلف توجهاتهم ، وتفرق رقعتهم للصدّ عن سبيل الله وحرب هذا الدين وإخراج أهله منه .
ومن هنا كان لا بدّ من شباب ورجال ونساء يحملون همّ الإسلام ، ويكونوا فرسان دعوته ، ومن كان ذلك نال ثمار دعوته ، وتذوق حلاوتها ، ووجد لذّتها ، ومن تلك الثمار :
1. متابعة الأنبياء ، والإقتداء بهم ، واقتفاء أثرهم ، قال تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنَا ومن اتبعني ) . قال الإمام الفراء البغدادي " حق على كل من اتبعه أن يدعوَ إلى ما دعا إليه ، ويُذكِّر بالقرآن والموعظة " وقال العلامة ابن القيم " فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم " .
2. التقرب إلى الله عز وجل ، وامتثالاً لأمره الذي أمر به ، قال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظةِ الحسنة ) ، وقال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) قال العلامة ابن القيم " جعل الله – سبحانه – مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق ، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدْعَى بطريق الحكمة ، والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يُدْعَى بالموعظة الحسنة وهي : الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب ، والمعاند الجاحد يُجادل بالتي هي أحسن " .
3. المسارعة إلى الخيرات ، والرغبة في نيل الأجر العظيم ، قال الإمام الشوكاني " فلا شيء أحسن ممن دعا إلى الله ، ولا أوضح من طريقه ، ولا أكثر ثواباُ من عمله " وهذا لعمري لا يخفى على كل ذي لب . وايضاً ندعوا إلى الله لكثرة الحسنات مع المشقة القليلة – ولله الحمد – خاصّة في مثل هذا الزمن ، قال  " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " رواه مسلم . ومما لا شك فيه أن الدعوة إلى الله تثقل موازين الحسنات يوم العرض ، قال  " من دعا إلى هدى كان له من الأجور مثل من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئاً ..." رواه مسلم .
4. التسديد والتوفيق إلى كل ما هو خير وصلاح في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ، قال الإمام البغوي " هم الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا " ، وقال العلامة ابن القيم – في الفوائد " علّق – سبحانه – الهداية والجهاد ، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهاداً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس ، وجهاد الهوى ، وجهاد الشيطان ، وجهادالدنيا ، فمن جاهد في هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته ، ومن ترك الجهاد فإنه من الهدى بحسب ما أعطاه من الجهاد ".
5. رجاء صلاح الذريّة ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، ولأن فيها قرةعين في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً ) ، فالداعية ممن يحرصون على التقوى والقول السديد . ولعل هذا الأثر الطيب يراه الجميع واضح في بيوت الدعاة والداعيات المخلصين الصادقين ، وكذلك في بيوت أهل الخير والصلاح .
6. الأمان والطمأنينة في حين يخاف الناس ، قال تعالى ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) ، قال العلامة ابن القيم – في كتابه عدّة الصابرين : " ليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة ، بل القيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الديّانين لا يعبئون منها إلا بما شاركهم فيه عمومُ الناس . وأما الجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والنصيحة لله ولرسوله وعباده ،ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه ، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم ... وأقل الناس ديناً ، وأمقتهم إلى الله :من ترك هذه الواجبات ، وإنْ زهد في الدنيا جميعاً ،وقل أنْ ترى منهم من يحمرُّ وجههُ ، ويمعِّره لله ، ويغضب لحرماته ، ويبذل عرضه في نصرة دينه ، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء " .
7. الدعوة إلى الله من أسباب الفلاح والفوز والنصر والتمكين ، قال تعالى ( والعصر * إن الإنسان لفي خُسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوْا بالحق تواصوا بالصبر ) . وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) . لأن بالدعوة يُعبَد الله – عز وجل – بما شرع ، وتزال المنكرات والبدع ، ويبث في الأمة العزّة والكرامة ، لتسير في طريق النصر والتمكين .
8. بالدعوة يصلح المجتمع وتنجوا الأمة من اللعنة والعذاب ، قال تعالى ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُد وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) . فإن في ترك الدعوة إلى الله نكراناً لحق المُنعِم ، وجلب لحلول النقم وزوال النعم .
9. دعاء النبي  للدعاة والمصلحين ، حيث قال " نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلغها " رواه ابن ماجه ، وقال أيضاً " رحم الله امرأً سمع مني حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره ..." رواه أحمد . وفي الحديث الصحيح " ان الله ، وملائكته ، وأهل السماوات والأرض ،حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي . فهنيئاً لمن أدركته هذه الأدعية ، ونال منها نصيباً .
10. الدعوة إلى الله صدقة من الصدقات ، قال تعالى ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) ، قال الامام الحسن البصري " من أعظم النفقة نفقة العلم " والمقصود أن تعلم الناس الخير وتدعوهم إليه ، وأن تساهم في إنجاح مشاريع العلم .
11. أن الدعوة للجميع كل من مكانه وحسب قدرته وإمكاناته ، قال سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في كتابه الدعوة وأخلاق الدعاة : " فعند قلة الدعاة ، وعند كثرة المنكرات ، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ، تكون الدعوة فرض عين على كل واحدٍ بحسب طاقته " .
12. الدعوة إلى الله رفعة في الدنيا والآخرة ، قال العلامة ابن القيم " إن أفضل منازل الخلق عند الله منزلة الرسالة والنبوة ، فالله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس " فمن أراد الرفعة والسؤدد والمنزلة الطيبة فعليّه بالدعوة والذب عن دينه والجهاد في سبيل الله . ولك مثل ، انظر إلى منزلة موسى عليه السلام عند الله ، روى ابن القيم الجوزية في كتابه " مدارج السالكين " عن شيخه شيخ الإسلام أحمد بن تيمية – رحمهم الله جميعاً – قال " انظر إلى موسى – عليه السلام – رمى الألواح فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها ، وجرَّ بلحية نبيٍّ مثله ، ولطمَ عين مَلَك الموت ففقأها ، وعاتب ربَّه ليلة الإسراء في محمد  ، وربُّه يحتمل له ذلك كله ، ويُحبُّه ويًكرِمه لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدُوٍّ له ، وصدع بأمره ، وعالج أُمة القبط وبني اسرائيل ، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر . وانظر إلى يونس – عليه السلام – حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى ، غاضب ربَّه مرّة ، فأخذه وسجنه في بطن الحوت ، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى " .
13. استمرار الأجر وثواب الداعية بعد موته ، وتلك من الثمار الطيب طعمها ، الحلو مذاقها. إذ ثبت في الحديث الصحيح " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " متفق عليّه . وقال  " من سنّ في الإسلام سنّةً حسنةً فعُمِل بها بعده ، كُتب له أجر من عمل بها ، ولا ينقص من أجورهم شيء " . فتأمل في حال أجور من دعوا هذه الأمة ، وصحّحوا عقائدها من سيدنا ومعلمنا ونبينا محمد  ثم الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وانظر إلى من نشر الدعوة والعلم ، وامتطى صهوة الخير ليبلغها للناس من علماء الأمة الربانيين ، فتأمل يرحمك الله كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله – الذي قلّ أن تجد استشهاداً شرعيّا إلا وله ومنه كلام . كم له متوفى وكم له من الأجور ، والله لكأنّه بيننا يدعو ، ويفتي ، ويرشد ، ويناظر أهل البدع والزيغ والضلال . وأهل العلم أمثاله والسائرين على ما سار عليّه من هدي الكتاب والسنة وسلف الأمة كُثر والحمد لله .
14. الدعوة إلى الله من الجهاد في سبيل الله ، وصور الجهاد كثيره ومتنوعه ومتعدده ، فمن لم يستطع الجهاد بالسيف والبندقية ، يجاهد بالكلمة والصدقة ، أو بالرأي والمشورة أو أعمال الخير ... وغيرها . فالداعية مجاهد في سبيل الله محتسب أجره عند الله لما يلاقيه من أذناً في سبيل دعوة الحق ، قال العلامة ابن القيم " وتبليغ سنته – سنة الله ونبيه – إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو ، لأن تبيلغ السهام يفعله كثير من الناس ، أما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء ..." والخير كله إذا اجتمعا .
15. بالدعوة إلى الله استفادة من الوقت وعمارته بما يعود على الإنسان المسلم بالخير في الدنيا والآخرة ، فإنه مسؤول عن عمره فيما أفناه ، وشبابه فيما أبلاه . ولذا كان من الأهمية بمكان أن يحافظ المسلم على وقته وينظمه ، يقول العلامة ابن القيم الجوزية – في مدارج السالكين " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتّة ،ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار ، فمُسرع ومبطِئ ، ومتقدم ومتأخر ، وليس في الطريق واقف ألبتة ... قال تعالى ( إنها لإحدى الكُبَر * نذيراً للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ) ولم يذكر واقفاً إذ لا منزل بين الجنة والنار ولا طريق لسالك إلى غير الدارين ألبتة ، فمن لم يتقدم إلى هذه الأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك الأعمال السيئة .
16. في الدعوة إلى الله شكر للمُنعِم والقيام بحقه سبحانه وتعالى ، وهذا الدين الذي ارتضيناه لأنفسنا لا بد من الدعوة إليه ، والدفاع عنه ، ونصرته والتضحية في سبيله ، وبذل الغالي والنفيس لإعلائه .

الفصل الثالث
ضوابط الدعوة
الحمد لله الذي امتنّ علينا بإرسال رسوله  ( لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) سورة آل عمران 164 ، وأصلي وأسلم على خير الدعاة وإمام المرسلين محمد بن عبد الله  وعلى آله وصحبه ومن صار على هديّه واستن بسنته إلى يوم الدين ، وبعد :
لا بدّ لشاب الذي يسير في دروب الدعوة إلى الله أن يتزين بعدّة جواهر ودرر تكون له معين بعد توفيق الله لإبلاغ دعوته ، وقبول كلمته ، والوثاق به . ويجب على صاحب الهمّة والغيرة ، أن يدرك أن تربية النفس وإعدادها الإعداد الجيد المناسب والتحديات ضرورية في الدعوة إلى الله .
لذا ، من الأهمية بمكان أن نربي أنفسنا ونهيئها جيداً قبل القيام بالدعوة ، وأثناء القيام بها ، فلقد كان  مربيّاً ، وكانت تربيّته  أكثر من كلامه ، وكان عمله مع الصحابة أكثر من قوله  .
فنحن اليوم بحاجة ماسّة لمربين علماء ودعاة عاملين في علمهم ، يشاركونا الدعوة الميدانية - وهم الحمد لله كثر – فحاجتنا إليهم أشد من حاجتنا إلى الطعام والشراب . إذ أنهم " مناهل الأرض ومنابعها ، ونجوم السماء وزينتها ، نجوم إذا انطمست ضلّ السائرون طريقهم ، وكواكب إذا تهاوت تاهت عنهم مسالكهم ، أثنى الله عليهم ، ورفع مقامهم ونوّه بذكرهم : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) المجادلة 11، وخصّهم نبينا محمد  بالفضل الأسنى في أحاديث شتى ، في مثل قوله ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرِها وحتى الحوت ليصلون على مُعلمي الناس الخير ) .
لمثل هؤلاء - والله – نفتقر ، فنحن بحاجة شديدة لعلماء وطلبة علم ودعاة مربين لأنفسهم ولغيرهم على نهج المُعلم الأول والقائد العظيم محمد  ، لكي يأخذوا بأيدي الشباب إلى الحق والطريق المستقيم .
وبعد هذا العرض السريع الموجز نذكر ضوابط الدعوة والصحوة الإسلامية التي يجب أن يكون عليها طالب العلم – أو من سمتّ همته في نشر هذا الدين المجيد – مستعيناً بالله أن يوفقني إلى الصوب :

الضابط الاول : الإخلاص والصدق مع الله عز وجل
قال تعالى ( ألا لله الدين الخالص ) وقال ( وما أمروا إلا أن يعبدوا اللّه مخلصين له الدين ) وقال ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .
وقال بعض الصالحين : " العلم موقوف على العمل ، والعمل موقوف على الإخلاص ، والإخلاص لله يورث الفهم عن الله عز وجل " . والإخلاص في حياة الدعاة هو : أن يقصد الداعية بعمله وأقواله وأفعاله ومواعظه وجه الله تعالى وحده ، لا رياء ، ولا سمعه ، ولا مصانعة أو مداهنة ، ولا طلباً للعرض الزائل ، ولا توخيّاً للمصالح والمنافع الشخصية والمطالب الدنيوية .
فبقدر ما يكون الداعية مخلصاُ في قوله وعمله يكون تأثيره في قلوب سامعيه ، ومن الأهمية بمكان أن نُذَكِر أن " أصل العلم خشية الله ، وخشية الله هي الخوف من الله المبني على العلم والتعظيم ، ولهذا قال الله تعالى ( إنما يخشى اللهَ من عبادهِ العلماءُ ) فالإنسان إذا علم الله حق العلم وعرفه حق المعرفة ، فنجده يقوم بطاعة الله عز وجل في قلبه أتم قيام " ولذا فإن ضابط الإخلاص كان فرقاناً بين المسلم والكافر ، أو المسلم والمنافق في القول والعمل والقصد ، وإن أحبطت كثير من الدعوات فلفساد مقصدها ولسوء نواياها .

مما يخاف على رجال الصحوة منه :
1. حب الرئاسة والمركزية والمكانة
2. المكايدة والمعاندة وحب البروز
3. العمل بلا نية ولا قصد وإنما مجاملة ( أو تنفيذ )

الضابط الثاني : الأهتمام بالعلم الشرعي وإحياء روح التحصيل والقراءة
لا شك أن العلم عبادة " بل من أجلِّ العبادات ، وأفضلها ، حتى أن الله تعالى جعله في كتابه قسيماً للجهاد في سبيل الله " فقال تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) التوبة 122 .

وإعلم أن طلبة العلم ينقسمون إلى ثلاثة اقسام :
1. قسم يدعو إلى الله ويبذل وليس عنده وقت للتحصيل
2. قسم عاكف على التحصيل ، وأهمل نشر العلم والدعوة
3. قسم يحصل ويتعلم وينشر ويدعو على بصيرة من ربه – وهو أفضلهم
قال الأمام أحمد - رحمه الله : العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحت نيته . قالوا : وكيف تصح النية يا أبو عبد الله ؟ قال : ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.
لذا ، فالعلم أشرف مطلوب وأحسن مقصود وأفضل مرغوب وأروع منال ، بالعلم يعبد الله ويعرف ، وبالعلم تهذب النفوس وتصلح القلوب ، وتحيا الأرواح ، قال تعالى ( فإعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبِكَ ) وقال ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) فكان العلم بحق من أعظم مقومات الداعية ، وقد بوّبَ الإمام البخاري - رحمه الله – في " صحيحه " باب " العلم قبل القول والعمل ".
وقال بعض العلماء : " العلمُ صلاة السِّرِّ ، وعبادة القلب " ، ولذلك فإن شرط العبادة : إخلاص النية لله سبحانه وتعالى ، وتحقيقها بمحض المتابعة وَقِفْوِ أثر النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم .
ولقد ثبت في الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، فإذا كان هذا في أعيان المسلمين ، فما بالك بالعلماء والدعاة إلى الله ؟! لا شك أن هذا في حقهم أوجب وألزم ، كيّ يعلمون الناس أمور دينهم ، ويكونوا على بصيرة بأحوال من يدعوهم النفسية والعلمية والعملية ، وحتى لا يقولوا على الله بغير علم .

الضابط الثالث : العمل والتطبيق
العلم اساس البناء ، والعمل ثمرة الغراس ، فالبناء من غير أس لا يبنى ، والثمر من غير غرس لا يجنى ، وإعلم أن الله تعالى حذر من العلم بدون العمل فقال( يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولوا ما لاتفعلون * كبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) .
قال بعض السلف " ثمرة العلم العمل ، فإن وجده وإلا ارتحل " فإحذر أن تتخلف أو يخالف قولك عملك ، فمهما كنت بارعاً مأثراً في القول والخِطابة والإلقاء ، فإن كلامك لا يتجاوز الآذان حتى تعمل به وتسير عليه ، وتبدأ بنفسك قبل الناس ، فتكون المثل الصالح الطيب الذي يذكرهم بالقدوة الحسنة رسول الله  .
واعلم أن " المجاهد لا ينكأ عدواً إلا بسلاح وعدّة ، فكذلك المُتعلم والمُعلم والعالم : لا يصنع أمة ، ولا يكشف غمّة ، ولا يزيل ظلمة ، إلا بعلم وعمل ، من أثر أو سنة ( لقد كان لكم في رسول الله حسنة ) . والذي يعلمون ولا يعملون ، بئس ما يصنعون ، إنما هم أوعية للعلم ، يسيرون ثم لا ينفعون ؛ بل قد يضرون ، جلسوا على باب الجنة " يدعون إليها الناس بأقوالهم ، ويدعون إلى النار بأفعالهم ، كلما قالت أقوالهم : هلمّوا اسمعوا ، قالت أفعالهم : افرنقعوا لا تسمعوا ، لو كان حقاً ما يدعون إليه كانوا أول المستجيبين له ، فهم في الصورة هداة مرشدون أدلاء ، لكنهم في الحقيقة قطاع طرق " وقال أحد الحكماء : ما يغني الأعمى معه نور الشمس لا يبصرها ، وما يغني عن العالم كثرة العلم لا يعمل به ، إنما هو كالسراج يضيء البيت ويحرق نفسه ، عليّه بوّره ولغيره نوره .

الضابط الرابع : الصبر
ومن الأخلاق التي حث عليها الإسلام ، وخصها القرآن الكريم بآيات عظيمة في نحو تسعين موضعاً ، خُلق الصبر .
( وهو - الصبر -واجب بإجماع الأمة ، وهو نصف الإيمان ، فإن الإيمان نصفان ، نصف صبر ، ونصف شكر ) .
وذكر بالقرآن الكريم على ستة عشر نوعاً ، منها قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) البقرة 153 ، وقوله ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) آل عمران 200 ، وقوله ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر 10 .
والصبر صفة لازمة لمن أراد المعالي ، وأنه يورث صاحبه درجة الإمامة ، كما روى ابن القيم الجوزية عن شيخ الاسلام ابن تيمية قوله :" بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، ثم تلا قوله تعالى ( وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) السجدة 24 .
ولعل من أهم أنواع الصبر هو صبر اصحاب الهمم العالية ، قال ابن الجوزي : ( ما ابتلي الإنسان قط بأعظم من علو همته ، فإنَّ من علت همته يختار المعالي ، وربما لا يساعده الزمان ، وقد تضعف الآلة فيبقى في عذاب . وإني أعطيتُ من علوّ الهمة طرفاً ، فأنّا به في عذاب ، ولا اقول ليّته لم يكن فإنه يحلو العيش بقدر عدم العقل ، والعاقل لا يختار زيادة اللذة بنقصان العقل )

خامساً : الإهتمام بعلم كتاب الله عز وجل وسنة نبيه 
إن طالب العلم أو الداعية يعيش بين الكتاب والسنة ، فهو الطائر لا يطير إلا بجناحين إذا انكسر أحدهما لم يطر ، إذاً لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن ، أو تراعي القرآن وتغفل السنة .
فلا تشغل نفسك بالذي هو أدنى بالذي هو خير " وأنت قادر عليه ، فإني لأربأ بك أن تكون كزارع الذرة في الأرض التي يجود فيها البر ..." فاستكثر من العلم الشرعي ولا بأس بالمطالعة والثقافة ، فكن عالماً مثقفاً ، ولا تكن مثقفاً بدون علم ، فتملأ رأسك بالكلام فقط .
لذا وجب على الأمة أن تبلغ ما أنزل إلى النبي  ، ويسيروا على نهجه في الدعوة وسائر الأمور فـ" تبليغ سنته  إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو ، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس ، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء ، وخلفائهم في أممهم ، جعلنا الله تعالى منهم بمنّه وكرمه "

سادساً : انتقاء الوقت المناسب
إن أختيار الوقت المناسب من شأنه أن يترك بصمة وتأثيراً على المتلقي ، ويهيء الجو لبدء نقاش يجلب الخير والمنفعة لكلا الطرفين .

سابعاً : اختيار المكان المناسب
مما لا شك فيه أن أختيار المكان للدعوة له أهمية لا يحسن بنا تجاهلها ، إذ لا يليق بالداعية أن يشرح آداب الزواج في مكان تجمع به المسلمين لتشييع أخاً لهم توفاه الله !!
ولكن الداعية دائما يقظ متنبه ، يستغل كل تجمع للدعوة إلى الله ، ويعطي كل تجمع أو مجموعة ما يناسب الموقف والمكان .

ثامناً : انتقاء الكلمات الطيبة المناسبة لمن تقوم بدعوته
وهنا يحسن بالداعية البدء بمحاسن الرجل المتلقي ومكانته دون نفاق أو مبالغة ، مع توخي الحذر من الفظاظة في الأسلوب أو التجريح والدعوة بغير علم ... والحذر من النصح في العلن كي لا تؤذى المشاعر من غير قصد ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في ذلك.

تاسعاً : تجنب الإلحاح والإصرار على الرأي
والمقصود أن لا تراوغ في رأيك بأسلوب واحد إذا كان رأيك سديداً ، لكي لا يشعر من تدعوه بالنفور منك ... أو أن يفسر ذلك بأنك لا ترى فيه خير قط وأنه إنسان يفتقد للصواب في كل أعماله. بل أعطه الثقة الكاملة وأعنه وقم بتشجيعه وعدم إظهار مساوئه في كل مرة. وإياك أن تشعر المتلقي بأنك تفرض نفسك عليه أو أنك تملي عليه أموراً بل حاول بقدر استطاعتك أن تجعله ينجذب إليك تلقائياً فحينها ستشعر بأول ثمرات دعوتك وقد أينعت.

عاشِراً : التنوع في طرق الدعوة
بحيث لا يكون جميع الأشخاص بمستوى واحد في الدعوة ، ومثال ذلك أختلاف الطرق الدعوية مع ( الشخص المصلي والمستغيب في آن واحد / وبين المستغيب والتارك للصلاة ) لذا نبدأ بالأهم في الدعوة بالطريقة التي تتناسب والشخص المتلقي وبما يتناسب مع الزمان والمكان أيضاً .

الحادي عشر : التحلي بمكارم الأخلاق
( إن المتمعن في أحوال الناس يجد كثيرا من المسلمين يغفل عن الاهتمام والاحتساب في هذا الجانب، وقد يجهل الصلة الوثيقة بين محاسن الأخلاق وقضية الإيمان والعقيدة، فبينما تجد الشخص يظن أنه قد حقق التوحيد ومحض الإيمان تراه منطويا على ركام من مساوئ الأخلاق والنقائص التي تخل بإيمانه الواجب أو تحرمه من الكمال المستحب، كالكبر والحسد وسوء الظن والكذب والفحش والأثرة وغير ذلك، وقد يكون مع ذلك جاهلاً بضرر هذه الأمور على عقيدته وإيمانه أو غافلاً عن شمولية هذا الدين لجميع مناحي الحياة، كما قال تعالى " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " إن تحقيق التوحيد وتكميل الإيمان ليس باجتناب الشرك الأكبر فحسب بل باجتناب كل ما ينافي العقيدة وكل ما يخل أو يقدح في كمال التوحيد والإيمان…) إذاً فليست العقيدة متون تردد، ونصوصاً تحفظ بل لا بد أن تتحول إلى واقع عملي في الحياة .

ارضى للناس جميعاً مثل ما ترضى لنفسك
إنما الناس جميعاً كلهم أبناء جنسك
غير عدل أن توخى وحشة الناس بأنسك
فلهم نفس كنفسك ولهم حس كحسك

إن في أخلاقنا وآدابنا كمسلمين ، بل وعادتنا وتقاليدنا كعرب ما يملئ قلوبنا بالفخر والاعتزاز والرفعة والسيادة، فالله أختار لنا مقاما عزيزا ومكانا شريفا فقال جل عز ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاء لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا )
وقال تعالى ( وقولوا للناس حسنا )
وقال ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم )
في الآية الأولى قولُ حسن، وفي الثانية أحسن. فأين نحن من قول الحسن فضلاً على قول أحسن الحسن.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله كتب الإحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) صحيح مسلم
فإذا كانت الرحمة والإحسان تصل إلى هذه الدرجة من الرفق وحسن التعامل حتى مع الحيوان، فكيف بالرحمة والإحسان مع بني الإنسان؟
كلُ الأمور تزول عنك وتنقضي إلا الثناءُ فإنه لك باقي
ولو أنني خيرتُ كلَ فضيلةٍ ما اخترت غير محاسن الأخلاقِ

أيها الأحبة ... أقول باختصار إنها الأخلاق تصنع الأعاجيب، فإننا نخطئ كثيرا عندما نعتزل بعض الناس لأننا نشعر أننا أطهر منهم روحا، أو أطيب منهم قلبا، أو أذكى منهم عقلا .

الثاني عشر : أدي ما عليك والله يحقق ما وعد لك
الداعية لا يسأم إن رأى صدوداً من الغير ، ولا يرتجي النتائج دون الأخذ بالأسباب ، قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ) فاتق الله يرزقك الله . ثم لا يستحسن من الداعية أن ينتظر نتائجه الآنية ، فالقيام بالدعوة هو كأي عمل آخر نبتغي منه فقط مرضاة الله تعالى والأجر بإذن الله تعالى ، سواء رأينا نتائج لهذا العمل أم لم نرى . وهذا لا يعني أن نعيد النظر في طريقتنا فلربما كان العيب في وسيلتنا لا في من ندعوه .

الفصل الرابع
القسم الأول / عدّة الداعية وصفاته
إن مقامي الداعي مقام قيادي هام ينبغي للداعي أن يقدره قدره ، ويوليه عنايته ولكي يتحقق ذلك لا بدّ له من صفات وسمات يتصف بها ، وأخلاق يتحلى بها ، وكذلك عدّة يعتدّ بها ، ليكون بعد مشيئة الله الداعية الناجح الصادق والمأثر ، وتلكم الصفات والسمات هي :-
1. الاخلاص لله تعالى في قوله وعمله ، وسرّهِ وجهره ، وفي كل أمره . مع السير على نهج نبيه  ، وسِيَر السلف الصالح والعلماء الربانيين . فالإخلاص في العمل هو اساس النجاح فيه ، لذا فإن على الدعاة الإخلاص في دعوتهم ، وأن يقصدوا ربّهم في عملهم ، ولسان الواحد منهم يقول ( ما أسألكم عليه من أجر ) . يقول صاحب كتاب الآداب الشرعية – والكلام لابن عقيل – ومن علم ان الدنيا دار سباق وتحصيل للفضائل ، وأنه كلما عَلَتْ مرتبته في علم وعمل زادت المرتبة في دار الجزاء ، انتهب الزمانَ ولم يضيع لحظة ولم يترك فضيلة تمكنه إلا حصلها .
ومن وفق لهذا فليبتكر زمانهُ بالعلم ، وليصابر كلّ محنة وفقر ، على أنْ يحصل له ما يريد ، وليكن مخلصاً في طلب العلم عاملاً به حافظاً له ، فأما أن يفوته الإخلاص ، فذاك تضييع زمانٍ وخسرانُ الجزاء ، وأما أن يفوته العمل به فذاك يقوي الحجةَ عليه والعقاب له ، وأما جمعه من غير حفظ فإن العلم ما كان في الصدور لا في السطور .
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: ( ترك العمل من أجل الناس رياء , والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما)
2. العلم والإعتقاد الصحيح ، إذ يعتقد بدعوته لله تعالى – أنه وارث لنبيه محمد  في نشر سنته وهديّه ليكون ذلك حافزاً له على اتباعه في الدعوة إلى الله تعالى . ثم يكون إعتقاده تبعاً لإعتقاد أهل السنة والجماعة ، فلا يحيد عن الحق ولا يخشى في الله لومة لائم ، بل يكون منافحاً عن الحق دالاً عليه ، هادياً إليه ، واثقاً بنصر الله للمؤمنين ، ويؤمن أن الإسلام هو دين الحق .
3. أن يصبر ويصابر ، فيصبر في المُلِمات والمهمّات ، ومنه في تلقي العلم الشرعي ، وطيّ الساعات في الطلب على أهل العلم، فإن " من ثَبَتَ نَبَتَ " ، فطالب العلم المجتهد لا يمل ولا يتضجر ، ولا يأخذ من كل كتاب وريقات وكلمات متقاطعة ، أو من كل فنّ قطعة ثم يترك ، بل حال طالب العلم التخلق بالصبر على طلب العلم والتلقي على أيدي العلماء الربانيين والتطبيق والدعوة ... فالصبر درجة عالية لا تنال إلا بالأسباب التي يتجرع بها العبد مرارة الصبر ويتحمل منها مشقته ( إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب ) وليصابر في بيان الحق والدعوة إليه والمجادلة فيه ، ويتسم بطول النفس وبعد النظر حتى تتحق له الغاية المنشودة .
4. الثبات في دعوته إلى الله تعالى ، فيكون راسخ القدمين لا تزعزعه المضايقات ولا يحطمه الياس ، لانه واثق من سلامة المنهج المتبع له ، وصحة الطريق التي يسير عليها ، إذ أنه أيضاً واثق من الحسنيين مؤمل للزيادة ، واثق من بيان الحق وثواب الآخرة مع إخلاص النية وإصلاح العلم ، مؤمل لصلاح الخلق بدعوته ولو بعد حين .
5. أن تكون الحكمة مسلكه والموعظة الحسنة طريقته وسنة النبي محمد  والسلف الصالح منهجه ، ولذا يجب ان يكون الداعي ذو قلب ينبض بالرحمة والحسنى ، ويميز المسلك السهل من الوعر ... فيبحر في نفوس العامّة في هدوء البحر ، وينزل الاشرعة حين تعلو الأمواج . لأن في هذه الدعوة أساليب متنوعة ومتعددة ، وسيأتي بيانها – إن شاء الله . وليعلم الداعية أن الكلمة الطيبة تقع في القلب دون إستئذان .
6. الشفاء من مرض الكبرياء : لا بد لنا أن نعرف حقيقة الكبر لكي نتجنبه ، جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس ، فحقيقة الكبر استعظام المتكبر نفسه واستصغار قدر غيره فيدفعه ذلك إلى رذائل ومهلكات . ثم إن التكبر حماقة وجهل ودليل قاطع على جهل المتكبر بربه ونفسه ، فلو عرف ربه لعلم ان الكبرياء لله سبحانه وحده ، قال  قال الله عز وجل ( العز إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم ، رياض الصالحين للنووي – ثم المتكبر لم يعرف نفسه حقاً ، إذ لو أنه علم ان أوله نطفة قذرة وآخره جيفة قذرة لخجل من نفسه ووقف عند حده ، قال محمد بن الحسين بن علي – رضي الله عنه وعن أبيه وجده – كما ذكر صاحب " الاحياء " : ما دخل قلب امرئ شيء من التكبر قط إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك قل أو كثر . ثم المتكبر مثله كمثل الواقف على رأس الجبل يرى الناس كالذر وهم لا يروه .
7. الداعية الناجح يكون متواضعاً : ولا بد للداعية ان يعرف حقيقة الكبر حتى تظهر له حقيقة التواضع . ولما عرفنا حقيقة الكبر اصبح مفهوم التواضع بالنسبة لنا واضحا ، وبذلك نعرف ان المتواضع عارف بربه وبحجم نفسه ... وإذا كان المتكبر محتقرا لغيره فإن المتواضع ينزل الناس اماكنهم من غير تنقيص ولا تجريح ولا استهزاء . والداعية أحوج من غيره إلى خُلق التواضع ، فهو يخالط الناس ويدعوهم إلى الحق وأخلاق الإسلام ... فكيف يكون عاريا من التواضع ، ثم لا يعقل ان يقبلوا منه وهو يحتقرهم ويستصغرهم حتى إذا قال حقاً وصدقاً ، هكذا جبلت طبائع الناس فإنهم ينفرون من المتكبر والشديد في الأمره كله .
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع
ولاتكن كالدخان يعلو بنفسه على طبقات الجــو وهـــو وضيع
8. التواضع للحق ، ومما يجدر الإنفراد به أن يتواضع الداعية للحق وذلك بالإلتزام بالحق والدليل والبراهين ، بحيث متى بان له الحق خضع له ولم يبتغ سواه بديلاً ، فهو يسير وفق منهج النبي  وأصحابه رضي الله عنهم ، ومعلوم ان منهاج النبي  كان هو إظهار الحق وبيان الدليل .
9. صفة الوقار في الشخصية والهيئة والقول والعمل لكي يكون أهلاً لتوقير فلا يطمع فيه المبطلون ولا يستخفه المخلصون ، يجدُّ في موضع الجد ويمزح في موضع المزاح ... فلا يكثر من القهقهة التي تُميتُ القلب وتذهب الوقار ، بل يكون خافضاً للجناح متحلياً بالآداب التي تليق بطالب العلم . فيتكلم إذا كان الكلام خيراً ويصمت إذا وجده افضل ... مع سعت الصدر والحلم وبشاشة الوجه ولين الجانب ليألفه الناس ويألفهم .
10. ترك المثاليات وفهم الواقع فهماً صحيحاً ، مما هو ضروري في حياة الداعية ان يعيش الواقع الذي يحيا به ، مع ضرورة العلم أنه مقصر كغيره من الناس وأنه ليس بمعصوم عن الخطأ . قال الله تعالى ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احدٍ أبداً ولكن الله يزكي من يشاء ) النور 21 – فهو الكامل – سبحانه وتعالى – وحده ، ذهب الله بالكمال وأبقى كل نقص لذلك الانسان ، فإذا ما عرف الداعية أن الإنسان خلق من نقص وضعف وخطأ ونسيان ... فعليه ان يتعامل معه على هذا الاعتبار غاضاً النظر عن جنسه أو عمره ( رجلاً ، شاباً ، طفلاً ، امرأةً .. ) ثم من الأهمية بمكان أن يحيط الداعية بالواقع وبما يجري حوله من أحداث ، ويكون على قدر كافٍ من المسؤولية والمعرفة والثقافة ... فالإسلام دين الرحمة والعالم أجمع ، فهو دين الحق بلا شك ، لذا كان جديرٌ بالداعية أن يلمَّ بما يدور من حوله .
11. عدم الهجوم على الاشخاص بأسمائهم ، وكذلك عدم القدح في الهيئات والمؤسسات والجمعيات والجماعات باسمائها ... ولكن مما ينبغي على الداعية أن يُبين المنهج الحق ، ويبيّن الباطل ، كما فعل قدورتنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ..) فيعرف صاحب الخطأ خطأه ولكن لا يشهر به .
أما إن كان هناك رجل جاهر الله بكتاباته أو بانحرافاته أو بأدبه أو بدعته أو ... فهذا لا بأس أن يشهر به عند أهل العلم – مع ضرورة بيان أهل العلم في عصر الداعية في فجور ذلك الرجل وإنحرافه .
ثم ليس من الحكمة أن يتعرض الداعية للشعوب جملة ، ولا للقبائل أو الجمعيات أو المؤسسات أو غيرها من التجمعات ... لأنه إذا ما تعرض لهم وجد الآلاف من المعارضين له ، والمعرضين عنه ، فتركوا دعوته ثم نفروا منه وحذروا منه كما يفعل معهم ، وهذا خطأ .وفي الأدب المفرد مما يُروى عنه صلى الله عليه وسلم ( أن من أفرى الفِرى أن يهجو الشاعر القبيلة بأسرِها ) اخرجه البخاري ، السلسلة الصحيحة 2 / 402 .
ولكن هناك صنف من الناس أرادوا الخير فاخطئوا ، واناس زلت بهم أقدامهم ، وأناس أساءوا في مرحلة من المراحل ، فهؤلاء لا يشهر بهم ، بل يرفق بدعوتهم ولا تحاول أن تظهر اسمائهم في القائمة السوداء فقد يغريهم هذا إلى التمادي في الخطأ ، وقد تأخذهم العزة بالإثم !
ولا بدّ أن يكون الداعية لبقاً في إختيار عباراته حتى يكسب القلوب ، ولا يُثير عليه الناس ، ويظهر تقصيره قبل غيره ، وأن يتواضع ويلتمس الستر من إخوانه ، وأن يبادلهم الشعور ، وأن يطلب منهم المشورة والإقتراح ، وأن يعلم أن فيهم من هو أعلم منه ، وأفصح وأصلح .
12. توقير العلماء والدعاة : لا بدّ للداعية أن يوقر العلماء والدعاة خاصّة وهم ورثة الأنبياء وحملة الرسالة من بعدهم ، ثم هم أهل الخير والفضل ، بهم يزيل الله الغمّة ويكشف الملمّة ، وينير الطريق بهم للعامّة . لذا يجب على الداعية أن يوقرهم وينزلهم منازل لكي يوقره الناس . ويجب عليه التحلى بصفات وأخلاق تجاه العلماء والدعاة من الذين هم أعلم منه ، ونختصر تلك الأخلاق في :
• الأمانة في النقل عن العالم أو الداعية ، بحيث يتثبت في تفصيل وشرح الكلام الصادر عن العالم والداعية حتى يتبين له الحقيقة ، خوفاً أن يصبح على ما فعل من النادمين . قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) قال ابن زيد ومقاتل وسهل بن عبدالله : الفاسق الكذاب. وقال أبو الحسن الوراق: هو المعلن بالذنب. وقال ابن طاهر: الذي لا يستحي من الله .
• تجنب الحسد والحقد : إياك ثم إياك أن تكون ممن يسعى في تعبيد طريق الشيطان ، ويهدم ما بينه وبين الرحمن ، فبالحسد والحقد يزداد العبد بُعداً عن الله عز وجل . ثم لماذا الداعية يحسد أخاه وهو أولى الناس أن يبتعد عنه لمعرفته التامّة بمعناه !! ولكن كان أجدر بالحاقد الحاسد ان يغبط إخوانه – العلماء والدعاة – وأن يجتهد في مرضاة ربه جلَّ وعلا كي يمنّ عليه بالقبول والتوفيق وتحصيل العلم النافع والعمل الصّالح . وكما قيل " لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله " .
• لا يمكن توقير العلماء والدعاة في الأجواء المشحونة والمشبعة بالحزبية ، فالناظر بالتحزب البغيظ يجد العجب العُجاب ، فالحزبية صوّرت الآخر على أنه عدو لدود ، ومنافس يجب أن يُبعد عن الساحة وأن يُتخلص منه بأية وسيلة ، لتخلو الساحة من أي منافس ، وهذا سهمٌ قاتل ، ومرض خبيث ، يسعى أعداء الإسلام بكل ما أوتوا من قوة إلى المزيد من استفحاله في هذه الأمة ليُهلك بعضها بعضاً ... قال تعالى ( كل حزبٍ بما لديهم فَرحون ) الروم 32 ، وقال تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إنَّ الله شديد العقاب ) المائدة 2
13. وهذه مجموعة صفات مختصرة يجب على الداعية أن يحرص عليها
• ان يجعل لكل شيء قدراً
• التمتع بخصال الرجولة
• الأدب مع شيخه أو معلمه
• الصدق والأمانة العلمية
• حسن السؤال وأدب الإستماع
• عدم اليأس من رحمة الله
• اللين في الخطاب والشفقة في النصح
• المداراة في الدعوة لا المداهنة
• ألا يسقط عيوبه على الآخرين
• أن يتمثل القدوة في نفسه
• الولاء والبراء النسبي في الحب والبغض
• مشاركة الناس والتآلف معهم
• مراعاة التدرج في الدعوة
• التميز في عبادته ومحاسبة نفسه باستمرار
• الإعراض عن مجالس اللغو

القسم الثاني / وسائل الدعوة
أخي / أختي الذين سمتّ همتهم للدعوة ، هناك ارتباط وثيق بين الدعوة إلى الله والحكمة في أدائها ، إذ أن الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن وخير سبيل لإيصال دعوة الإسلام إلى كل الناس وهي السبيل الأنجح والأنجع في تبليغ رسالة الإسلام ، ولهذا خاطب الله عزّ وجلّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( أدع إلى سبيل ربكِ بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، وإن ربكَ هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله وهو أعلمُ بالمهتدين ) النحل 125. وذلك أنَّ الذي يقع في المنكر :
• إما أن يكون جاهلاً فهذا يكفي فيه الدعوة بالحكمة كأن يبين له الخطأ ، وهذا الصنف في الغالب إذا تبين له الخطأ رجع إلى الصواب ( أسلوب التعلطف والتعليم )
• من يرتكب الخطأ ولا يرجع إلى الصواب بعد الحجة ، وهذا الصنف يكون عنده تكاسل لأنّ هواه ينازعه ونفسه التي أدمنت المعصية تنازعه ، فهذا يحتاج إلى الموعظة الحسنة : بأن يخوف من الله عزّ وجلّ ويبين له عقوبة من استمر على المعصية بعد معرفتها ، وكذلك أضرارها على الدين وعلى النفس والبدن ( أسلوب الترغيب والترهيب )
• المعاند على الخطأ وهذا الصنف إذا عرف الحُكم فإنه يجادل عن الباطل ويجادل عمّا هو عليه من المنكر ، ويحاول تبرير ما هو عليّه من الخطأ ، فهذا يحتاج إلى الجدال ، لكن يجب أن يكون الجدال بالتي هي أحسن ، ولا يكون بعنف ولا بتعيير ولا بتشهير إنّما يكون بالتي هي أحسن ويقرع الحجة بالحجة حتى يتضح الحق ويزول الباطل .

وبعد هذا المدخل والشرح السريع نجمل وسائل الدعوة التي بعد مشيئة الله تعين الداعية في التأثير على القلوب وكسب النفوس ، وقد جمعتها ورتبتها كالآتي :

1. تحديد الهدف : يجب أن يكون هدف الداعية واضحاً امامه ، وهو هدف واحد لا يوجد غيره ، إقامة دين الله في الارض ومنه ينبع كل هدف ... إذ ينبع منه علو الهمّة في إصلاح الناس ومحاربة الفساد ، ونشر العدل والرحمة ، ومحاربة الظلم والقضاء على الإنحراف ... قا ل تعالى ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) هود 88
2. قوة الحجة والدليل : مما يجب على الداعية أن يكون عليه من الصفات والاهمية بمكان أن يرافق تلك الصفات القوة في سرد الأدلة والبراهين في الموضع المحدد والمكان المراد . فعنده لك استفسار آية من القرآن الكريم ، وعلى كل استيضاح حديث نبوي شريف ، وعلى كل حادثة قصة من السلف الصالح ، ولا بأس بالشعر ففيه تتزين الموعظة وتحلو المناظرة . وهنا يعرف الداعية الرباني من غيره ، بحيث لا يكون استدلاله سوى بالصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا استدلال بضعيف أو موضوع ...
وعلى الداعية أن يعلم أن السنة ممحّصة ومنقاة ، ولذلك لما أوتي بالمصلوب – المجرم الذي وضع أربعة آلاف حديث كذباً وزوراً على النبي صلى الله عليه وسلم – إلى هارون الرشيد ليقتله ، فسلَّ هارون الرشيد عليه السيّف ، فقال المجرم : اقتلني أو لا تقتلني ، والله لقد وضعت على أمة محمد اربعة آلاف حديث !!
فقال هارون الرشيد : " ما عليك يا عدو الله يتصدَّى لها الجهابذة يزيّقونها ، ويخرِّجونها كإبن المبارك ، وأبي إسحاق المروزي " فما مرّ ثلاثة أيام إلا نقَّاها عبد الله بن المبارك وأخرجها ، وبيّن أنها موضوعة جميعها .
فالاحاديث الموضوعة مبيّنة – والحمد لله – لذا نحذر الدعاة من أن يذكروا للناس حديثاّ موضوعاً ، ولو قالوا إنه من مصلحة الدعوة إلى الله ، فالمصلحة كل المصلحة فيما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم صحيحاً .لا في الأحاديث الباطلة التي لا يصح الإستشهاد بها ، لان ضررها على الأمة عظيم ، وأثرها على الأمة سقيم ، ولا بأس أن يخصص الداعية محاضرة أو درس في تبيان الأحاديث الضعيفة أو الموضوع حتى يتعرف الناس عليها .

3. حسن التعامل مع الناس وحفظ قدرهم : مما ينبغي على الداعية فعله أن يثني على أهل الخير والفضل ، ويشكر من قدّم معروفاً ، إذ بذلك الفعل يعرف الناس أن الداعية يقدرهم ن وأنه يحفظ الجميل ، أما أن تترك صاحب الجميل بلا شكر والمخطئ بلا إدانة ولا تنبيه ، فكأنك ما فعلت شيئاً !!
لا بد أن تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت ، لكن بأدب ... فكبار السن يُحبون منك أن تحتفل بهم ، وأن تعرف أنهم أسلموا قبلك بسنوات ، وان تعرف أن لهم حق سنّ الشيخوخة ...
وكذلك العلماء والقضاة ، وأعيان الناس ونحوهم ، مثل الشعراء الاسلاميين والكتاب ، ومن لهم بلاء حسن ، والتجار الذين ينفقون في سبيل الله ، فتظهر لهم المنزلة وتشكرهم على ما قدّموا حتى تحيي في قلوبهم هذا الفعل الخيِّر ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : ( ما ضرَّ عثمان ما فعل بعد اليوم ) أخرجه الترمذي ، حسنه الألباني في التعليق على المشكاة .

4. مخاطبة الناس على قدر عقولهم : على الداعية أن يكون حاذقاً نبيهاً ، يُخاطب الناس على قدر عقولهم ، فإذا أتى إلى القرية تحدّث بما يهمّ أهل القرية من مسائلهم التي يعيشونها ... وإذا جلس مع طلبة العلم في الجامعة حدّهم على قدر عقولهم من الثقافة والوعي ...
فمثلاً مسائل القرية والبادية تكون في الشرك والسحر والكهانة والظلم والتقصير في الصلاة ومما يدور في فلكها .
مسائل أهل الجامعة تكون في الأفكار الواردة من علمانية وإلحاد وشبهات وشهوات وما يشابهها
مسائل المستوى الأدني صفات الصديق ، بر الوالدين ، حقوق كبار السن ، حفظ الوقت ... ونحو ذلك .
فلا بد من مخاطبة الناس على قدر عقولهم ومواهبهم وعلى قدر استعدادهم ، انظر إلى المصطفى  كيف كان يخاطب الصحابي والمجاهد وكبير القوم وحكام الدول والأعراب ...

5. قاعدة ( لا تفعل شيئا ) : وهي من أنجع الوسائل التي تسهم في نشر الدعوة ، وقبول الناس للداعية ، خاصةّ في صفوف أصحاب الهموم والتائهين الذين يسعون للتوبة والرجوع إلى الله عز وجل . ويذكر الدكتور / علي الحمادي هذه الطريقة الرائعة في كسب الآخرين تحت عنوان فيقول ( لا تفعل شيئا .. لا تتعجب كثيراً من هذه الطريقة فإنها طريقة ناجحة ومجربة وقد تم دراستها فوجدوا لها الأثر العظيم في توطيد العلاقات مع الآخرين .
نعم لا تفعل شيئا كل ما عليك أن تنصت للآخرين وتستمع إليهم وتترك لهم الفرصة في الحديث والكلام واستفراغ ما في صدورهم والتنفيس عما في نفوسهم .. تقول مجلة ( ريدرز دايجست ) " إن أكثر الناس يستدعون الطبيب لا ليفحصهم ، بل ليستمع لهم "

6. إشارات سريعة في ذكر الوسائل المفيدة في كسب الآخرين :
• فن حفظ الأسماء ، مما يساعدك في اللقاء التالي لإستقباله بحراره
• قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه : ( ثلاث تثبت لك الود في صدر أخيك : أن تبدأه بالسلام ، وتوسع له في المجلس ، وتدعوه بأحب الأسماء إليه )
• احذر من تشبيك أصابعك أمام الآخرين .. فهذا يوحي بشخصية متوترة غير مطمئنة في حينها
• كيف حالك أخي .. اتصلتُ لا لشيء فقط لأطمئن على صحتك و آنس بسماع صوت من أحببته في الله ... ماذا لو اتصل عليك أحدهم وهامسك بمثل هذه الكلمات .. بالطبع أنك ستذوب حياء من عبيق كلماته الزاكية .. وسيرتفع مقداره في قلبك .. فكن أنت هذا الرجل
• حاول عند تحدثك مع الطرف الآخر أن تظهر الاهتمام المشترك معه أو حاول أن تحوّل محور الحديث عن موضوع يثير اهتمامه .. فإنه عند ذلك يأنس وينشرح صدره للكلام معك
• الإنسان الذي يغضب لأتفه الأسباب هو إنسان ركيك الشخصية ، فاحذر من ذلك
• ضرور إمتلاك الداعية مصيدة خاصة للقلوب : أخي الحبيب هل رأيت الطير عندما يقع في المصيدة ؟!
إنه يصبح أسيراً لمالك المصيدة .. كذلك القلوب فمصيدتها الابتسامة.. وعندما تقع في المصيدة تصبح أسيرةً للصائد .. وكأني بالابتسامة تقول لك عن صاحبها : إني أحبك في الله .. إنك تمنحي السعادة .. وإني سعيد برؤيتك ..
• باشر حديثك بطرفة ودية .. واعرض أفكارك بطريقة تمثيلية .. فهذا أدعى لأن يجعلك أكثر جاذبية ..
• استخدم طريقة إلقاء الأسئلة المفتوحة .. لبداية ناجحة في حديثك مع الآخرين .. وحتى تتيح لهم فرصة أكبر من الكلام ..

إشارة تمهل أمامك مفترق
وقبل الإنتهاء من ذكر وسائل الدعوة ونصائح في كسب الآخرين أورد ثلاثة اخطاء يجب الإنتباه منها وعدم الوقوع فيها من قبل الداعية ، وهي :

الخطأ الأول : أن ننصح قبل أن نفهم
قال أحدهم لبعض الدعاة : قبل أن تؤثر فيَّ لابد أن تفهمني ، إنَّ لي وضعي الخاص ومشاعري الفريدة ، فقبل أن تحاول التأثير عليَّ يجب أن تتأثر أنت بوضعي الفريد.

الخطأ الثاني : محاولة إصلاح العلاقة مع الناس دون إصلاح السلوك الشخصي
قال أحد الحكماء ( إن ما أنت عليه يصيح في أذني بصوت يمنعني من أن أسمع ما تقول )

الخطأ الثالث : افتراض أن القدوة الطيبة والعلاقة أمر كافٍ
حينما نخطئ هذا الخطأ نغفل أهمية التعليم الواضح ، والحل أن نتحدث كثيرًا عن الرؤية والمهمة والأدوار والغايات والمقاييس . ونهاية المطاف هنا أن حقيقتنا هي ما يحقق التواصل بشكل أكثر فعالية وأكثر إقناعًا مما نقول . أي عدم الركون أن ما تقوم به هو صحيح بالكامل .

وبعد .. عرفتَ فاعمل .. فهذه اللطائف السريعة .. والومضات الخاطفة .. تساعدك على كسب الآخرين لكي يأخذوا انطباعاً رائعاً عنك وعن الشاب الملتزم بدينه وبعد ذلك يسهل عليك تقريبهم للخير وفعله والعمل لخدمة دين الله تعالى ..
وأرجو أن أراك محلقاً في آفاق التميز والابداع .. ولك مني أخي المسلم أصدق الدعوات بالتوفيق في الدنيا والآخرة ..

الفصل الخامس
عوائق الدعوة والداعيّة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن صار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين ، وبعد :
" فإن العمل الدعوي ميدان رحب ، ومجال الحركة فيه بحر ، إطاره الأرض مطلق الأرض ، وميدانه الإنسان من غير حد للون أو جنس أو لغة ... وعمل بهذه السعة يحتاج إلى تظافر الجهود ، وبذل المجهود ، لإيقاظ العقول الهاجعة ، ونفخ الروح بوحي الله في الجثث الهامدة ... إذ أن الطرق كثيرة متعددة متشعبة أمام الإنسان ، وفي وسطها طريق واحد مستقيم ، هو الموصل للغاية المنشودة لا غيره ..." والحاجة له ماسّة ، لذا فالعوائق كثيرة ومتعددة بتعدد الطرق المتشعبة ، وهذا ما يجب على الداعية أن يعلمه ويعيه جيداً لكي يحافظ على همّته وعلوّها وقوة إرادته ، ولا شك أن طريق الدعوة إلى الله شاق وطويل ، لكنه مضمون مأمون ، يرضي الله ويوصل إلى الجنة .
ولقد سبق ذكر اهمية الدعوة إلى الله ، وضوابطها وصفات القائمين عليها وبعض الوسائل المستخدمة في مجال الدعوة ، وبالرغم من ذلك قد يتعذر البعض عن القيام بهذه المهمّة النبيلة التشريفية ببعض الأعذار والحجج ، يراها – حسب تصوره – عذراً كافيّاً له أمام الله ، وأمام نفسه في أن يتخلى عن اداء هذا الواجب .
وعلى بساط البحث والحوار الهادئ – كما تعلمنا – سيكون نقاشنا لبعض العوائق العامة أمام الدعوة إلى الله – راجين أن يكون ذلك معيناً لنا جميعاً للوصول إلى الحق ، والعودة إليه بلا تأخر ولا تردد .

القسم الأول / أهم العوائق العامة في طريق الدعوة
1. ضعف الصلة بين الناس وبين الله سبحانه تعالى: إن بينَ العبد وبين الله حبل لا ينقطع ، أما حبال البشر تنقطع دائماً ، والعجبيب ان الصحابة رضوان الله عليهم سافروا مع الرسول  ، فلما أصبحوا في الطريق قالوا : يا رسول الله أربّنا قريب فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ؟
فأنزل الله قوله ( وإذا سألكَ عبادي عنّي فإني قريب أجيبُ دعوةَ الدَّاعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يُرشدون ) البقرة 186 . ومن أعظم الصلة بين العبد وربّه : الصلاة ...
ثم إن ضعف الصلة بين العبد المؤمن اليوم وبين الله عز وجل لهو من أهم الأسباب المباشرة في ضعف الإيمان وفقدان الغيرة والغضب إذا انتهكت محارم الله؛ لأن لهيب الغيرة في القلوب قد انطفأ , فتعطلت الجوارح عن الإنكار , وهذا لعمري له مؤشر خطير في صفوف العامة من المسلمين وفئة الشباب خاصة . لذا كان جدير بنا أن نهتم في إعادة بناء العقيدة في الصدور ، وإقامة الشريعة في النفوس ، والله الموفق والموفي بوعده إذا ما قمنا بوظيفتنا التي أمرنا الله بها .
2. الجهات المختصة قائمة بالواجب : كثير من الشباب اليوم يرى نفسه خارج الخريطة ، وأن الناس ما ينظرون إليه ، وأن المهمة ملقاه على غيره . لذا فإن المبطئون للدعوة يظنون أن مؤسسات ومراكز الدعوة الرسمية والخيرية أنها تقوم بهذا الواجب خير قيام ، وانها ليست بحاجة إلى تعاون أحد أومشاركته ... ولا تعدّ هذه الحجة عذراً في التخلي عن القيام بسؤولية الدعوة ، لأن تلك المؤسسات قامت بفضل الله ثم بجهود رجال امثالك ، فاحتسبوا الأجر والثواب عند الله ، فلماذا لا تكون واحد منهم ؟! أيضاً هناك الكثير من الأنشطة الدعوية لدى تلك المؤسسات تحتاج إلى رجال ونساء مخلصين للقيام بها ، فلماذا لا تكون واحداً منهم ؟!وهناك أماكن لا يمكن للمؤسسات الوصول إليها ، بينا أنا وأنت نستطيع الوصول إليها ، مثل : بيوتنا ، ونسائنا وبناتنا ...
3. عبارة ( لازال الناس بخير ) كثير تسمع : الناس بخير والحمد لله ، أخوالهم سارة ، تسير من حسن إلى أحسن ... المساجد تمتلئ بالمصلين ! وفي رمضان يقومون الليل ! مكة والمدينة تزدحم بالحجاج والمعتمرين ... فلماذا تتصورون ان الفساد قد طمَّ والإنحراف قد عمَّ !!
نقول : إذا كان هذا القول من باب التفاؤل ، وأن الخير باق في أمة محمد  فهذا حق ، وشعور حسن وجميل .. لكن مع كل هذا التفاؤل وهذه الخيرية في الأمة ، لا يخوِّل المسلم التنصُّل من العمل لدين الله عز وجل . والدعوة إليه والجهاد في سبيله بانواع الجهاد . وهذا واضح في عصر الصحابة والتابعين فلم يتوانوا ولم يتوقفوا عن أداء رسالتهم العلمية والدعوية والجهادية لحظة واحدة ، وبمختلف الصور والطرق .
فإذا كان هذا نشاطهم مع حسن واقعهم ، واستقامة أحوالهم ، فكيف تكون حاجتنا للدعوة وواقع المسلمين اليوم .
أما إذا كان هذا القول من باب إيجاد العذر للنفس ، وتبرير قعود الإنسان وكسله عن القيام بواجب الدعوة فهذا هو الشيء غير المقبول ، ولا اللائق من مسلم يرى واقع الناس ومدى حاجتهم للكلمة الطيبة ، والنصيحة المخلصة ، ومساعدتهم في حلَّ مشكلاتهم المتعددة ثم يتقوقع على نفسه وملذاته ، وشهواته وأهله وأولاده .
ثم الذين يعمم انتشار الخير في الناس في هذا العصر ، لا نظنّه يدرك من الواقع إلا ما تعيشه أسرته ومجتمعه القريب منه فقط . أما واقع الناس التفصيلي : الإيماني والإجتماعي والاخلاقي والمادي ، فإنه في الغالب غائب عن ذهنه مهما ادعى غير ذلك .
4. قلة الصبر أمام المغريات : لا شك أننا أمام جبهات محاربة للإسلام لا يعلمها إلا الله . قارن بين شابين اثنين ، شاب يعيش في عصر الصحابة ، وشاب يعيش في القرن الخامس عشر الذي نعيش فيه .
شاب يسكن المدينة التي عاش فيها الرسول الله  ، جيرانه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، اصحابه أبو هريرة وحسان وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ... خطيبهم وإمامهم محمد  ، وجبريل يتنزل صباحاً ومساء ... الأمة كلها في مجملها تحب الله ورسوله والدار الآخرة ، ليس هناك مغريات ولا شهوات .
وبين شاب يعيش الآن في انقطاع من الوحي وبُعْدٍ عن المنهج القويم منهج أهل السنة والجماعة ، منهج السلف الصالح .
وجيرانه أنواع شتى ، فمنهم من يستهزئ بالدين صراحة ، ومن يسخر به ومن يلمزه في وجهه ، ويمر بالمجلة الفاتنة والصور الخليعة ، والفيديو المهدم ، والأغنية الهابطة ، والضياع وجلساء السوء ، والوثنية الحديثة ، والزندقة والعلمانية و ...آلخ .
فكيف ينجو ؟! فهذا صراع رهيب ، ومعركة شرسة .
فليس أمام المسلم إلا الصبر ، قال تعالى ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) السجدة 24 . واعلم ( أن النصر مع الصبر ) وقد مرّ ذكره .
5. الرفاهية والكماليات العصرية وأثرها على الجديّة في الإلتزام : من المفاهيم الخاطئة التي يتداولها الناس أنه ( كلما كثرت النعم كلما كانت الأمة أصلح ) وهذا خطأ .
ولذا تجد الكثير من الناس في العصر الحاضر قلّ ما يضحون من أجل الله بأموالهم وأنفسهم ، أو حتى بشيء من أوقاتهم ، أخذتهم الملذات وتسابقون في تحصيل الكماليات ، وضاعت منهم شجاعة الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ألا ترى أن صحابة محمد  فتحوا ثلاثة أرباع الكرة الأرضية وأحدهم لا يملك إلا ثوباً واحداً .
دخل ربعي بن عامر برمح مثلم أمام رستم
ودخل الصحابة إيوان كسرى والواحد منهم لا يشبع من خبز الشعير
فماذا نفعتنا قصورنا وسياراتنا ، وحدائقنا ، ومتاع الدنيا كله
أحدهم يفتح الأندلس بجيش عرمرم ، ثم يموت ويتولى إبنه الملك من بعده فكان يقول الإبن : في بيتي اثنتان وسبعون جارية وأربع نساء ، وأستمع للغناء صباحاً ومساءً .
فاتى ملك الفرنجة فاجتاح الأندلس ، وقيّد هذا الملك الشاب في السجن ، فأتت أمه تزوره فبكى عند باب السجن ، فقالت : إبك مثل النساء ، مُلْكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال .
كثير هم اليوم من شباب المسلمين لا يجيدون قراءة القرآن ! وأكثر منهم لا يعلمون السند من المتن ! واغلبهم يحفظون متون الشياطين ويتركون نصوص رب العالمين !
إسألهم لماذا خلقكم الله ؟
ما هي مهمتكم في الحياة ؟
لا جواب ... الصحابي يقول : يا رسول الله لا تمنعي أن أدخل الجنة !!
وشبابنا في ملذات الهوى سكارى ...
فلا بأس في العيش الهانئ والمأكل والمشرب والمركب المريح ، لكن ليس على حساب الدين والدعوة ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) قدم لأنفسك شيئاً تسرك رأياه يوم القيامة ( وابتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا ) لله بداية ثم لدين الله ثم لنبي الله ثم للامة ثم لنفسك . ترفع عن النفس وشهواتها وحب الذات ، فإن من أشد الأمراض فتكاُ مرض الأنا .
6. تمزق الوقت بين الملهيات والتسويف : قالوا من زرع ( سوف ) أنبتت له نبته إسمها ( لعلَّ ) لها ثمر إسمه ( ليّتَ ) طعمه ( الخيبة والندامة ) !!
فإذا رأيت شاباً يقول : سوف سوف ... فاغسل يديك منه ، واعرف أنه سوف يراوح مكانه .
لمّا سئل احدهم : أما حفظت القرآن ؟ قال : سوف أحفظه إن شاء الله .
ولو قامت الحرب العالمية الثالثة لما حفظه ! يموت وما حفظه ! يقول في وقت الدراسة : هذا وقت الدراسة ، لا احفظ القرآن لأني مشغول في الدراسة !!
فإذا أتت العطلة الصيفية قال : الآن آخذ نزهة وراحة للقلب ! وإن لقلبك عليك حقاً !
تنتهي العطلة وتأتي عطلة ، وتأتي الدراسة ثم تأتي الإمتحانات ، فيقول : هذه للمراجعة والاستعداد العلمي ... آلخ . وقس على ذلك كثير .
وكثير من الشباب الملتزم لا يحسب للوقت حساباً ، يزورك أحدهم بعد صلاة العصر، فيسألك عن أهلك ومتى ستتزوج ، وكيف الدراسة ، وآخر أخبارك ، وحالة الطقس معتدلة ، والأجوار حارة في الشرق الأوسط ، ثم تلقي عليه عشرين سؤالاً ، وتتحرى متى يعطيك هذا السؤال الذي يريده ، وفي آخر المطاف مع صلاة المغرب يخبرك بأنها زيارة في الله !!
فهو يزورك بعد العصر في الله ! وبعد المغرب في الله ! وبعد العشاء في الله ! ويأكل غداءك في الله ! ويأكل عشاءك في الله ! وينام عندك في الله !!!
الحب في الله لا بدّ أن يسيّر تسييراً شرعياً ن لا ان يترك لكل أحد أن يفسره بهواه .
لذا من الأهمية بمكان أن نحافظ على الوقت ونضبط مواعيدنا ، ونحسب أوقاتنا ، وفق الكتاب والسنة النبوية، وان نتولى زمازم الأمور، لا أن تتولى الامور زمازمنا .

دقـات المـرء قـائلة لــه إن الحياة دقائـق وثوانِ
فارفع لنفسك قبل موتِكَ ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثانِ

7. ضعف صلة الشباب بالدعاة والعلماء : إن من الشباب من يتردد في إستشارة اهل العلم ظانين في ذلك انه إزعاجاً أو قلة في الادب أو الفهم ، لكنه بالعكس تماماً إن أهل العلم من الدعاة والعلماء يفرحون كثيراً والله لمّا يبث إليهم الشباب أحزانهم ومشاكلهم ، بل هو من اجمل الامور التي يشكر – أهل العلم والدعاة – الله عليها حين يجدون من الشباب من يطرح مشكلته وسؤاله ، أو يريد توجيهاً علميّاً ، أو نصحيةَ شرعية أو أجتماعية ... وذلك لأمور منها :
• لأن الله سيكتب له أجراً عظيماً بهذا العمل " والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه "
• ومنها أنه سيكسب أخاً في الله
• ومنها انه سيوجه هذه الطاقة المعطلة لنفع الإسلام والمسلمين
فوالله إن أهل العلم والدعاة يستبشروا بالخير والأمل حينما يشاهدون تلك الجماعات من الشباب يدخلون أفواجاً لمساجد الله وحلقات العلم .
لذا هذا نداء لكل الشباب ندعوهم لضرورة التواصل مع أهل العلم والدعاة بكل ما يهمهم ويهم أمر الدعوة ، وان يزيلوا الحواجز المصطنعة فيما بين بعضهم ، لعل الله أن ينقل تجربة وحكمة أؤلئك العلماء والدعاة في هذا الجيل النابض بالحياة .

8. العادات والتقاليد المخالفة للشرع ، وهذا يظهر تأثيره على الداعية إذا كان من هو أكبر منه سناً من حمولته في المجلس ، فإذا ما أنكر بدعة أو مخالفة صرخ به كبير القوم : هذه عاداتنا !! أو احترم من هو أكبر منك سِناً !! وغيرها من العبارات ...
لذا قد تشكل هذه العادات والتقاليد المخالفة للشرع عائقاً واضحاً أمام الدعوة ، والطريقة المُثلى في التعامل مع مثل هذه المواقف ، التوضيح المسبق في سياق الدروس والمواعظ العامة ... وذلك تفاديا للتخصيص والتعيين .

9. الحركات الهدامة والمذاهب الضالّة : ومثال ذلك مذهب الشيعة فهو مذهب كفر وإلحاد ينكر الخلافة ويشتم الصحابة ويطعن في خير نساء العالمين ، ويتهم الوحي بالخطأ ... بالرغم من وضوح ضلالهم وكفرهم الصريح إلاّ أن هناك شباب من أهل السنة والجماعة إنزلقوا منزلقهم ، واتبعوا منهجهم ، وهذا مأشر خطير ينذر بالعذاب الاليم ... وبعد ذلك يأتي من تبعهم ليدعوا لما يدعون إليه .
فهي الطائفية وأمثالها من الحركات والمذاهب الهدّامة الفاسدة لها تأثير واضح في زعزة العقيدة وإدخال الشك والريبة لقلوب الذين آمنوا بالله واليوم الآخر . لذا وجب التحذير منهم ، والتعليق على أمرهم ، وفضح حقيقتهم ، ونشر سرهم .
لكن الحل الوحيد لتبيان الحق وتمييزه ممن سواه ، هو ميزان أهل السنة والجماعة ، الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم .

القسم الثاني : معوقات الداعية
1- ضعف الإيمان بالله تعالى: فهذا السبب سبب لكل بلية , وله مظاهر كثيرة جدًا؛ منها: عدم الغيرة والغضب إذا انتهكت محارم الله؛ لأن لهيب الغيرة في قلبه قد انطفأ , فتعطلت الجوارح عن الإنكار , والرسول صلى الله عليه وسلم يصف هذا القلب المصاب بالضعف بقوله في الحديث الصحيح عن حذيفة قال :( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا - أي دخلت فيه دخولاً تامًا - نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا - مائلاً منكوسًا - لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) أخرجه البخاري ومسلم .
2- ضعف جانب العبادة عند الإنسان: فإذا كان الإنسان كذلك فإنه لا يكون لديه الدافع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ بل إن الضعف في جانب العبادة عن بعض الناس قد يتعدى الأمر فيه إلى ضعف في أداء بعض الواجبات فضلاً عن السنن , وفرض الكفايات.
3- عدم تصور أضرار المعاصي على الفرد والمجتمع : وبالتالي لا يتحرك قلب من رأي حدود الله تنتهك , فيقعده ذلك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو يظن أنه في مأمن من العقوبة إذا نزلت مع أن العذاب إذا نزل عم الصالح , ثم يبعث الناس على قدر نياتهم.
4- الانعزال وعدم مخالطة الناس بحجة عدم تحمل رؤية المنكرات
5- مجالسة أهل الفسق والبدع : إن الانغماس في ملذات الدنيا وشهواتها يتطلب مجالسة أهل الفسق؛ فيرى عدم الإنكار عليهم ؛ حتى لا يتعطل في أمور تجارته - كما يزعم - ثم ما يلبث إلا أن يرى أصنافًا من الملاهي والمنكرات فتطنطفئ نار الغيرة في قلبه.
6- التحجج بمعرفة الناس للحق واليأس في صلاحهم: وكم كنا نسمع تلك العبارة ( فلان لا يجهل هذا )، ( فلان لا أظنه يرجع للحق ؛ حتى ولو ولج الجمل في سم الخياط ). لذا على الداعية ان يطرق باب قلب أؤلئك الذين يظنهم لا يرجعوا للحق ، فالله اعلم بما في القلوب ، ولعل الله ان يجعل توبتهم على يديك وتكون نلت بهم حمر النعم .
7- المصائب التي تصيب الإنسان: كالمرض والحاجة، وغير ذلك، وكذا مشاغل الحياة و كم هم الذين يبدؤون مشوار الدعوة في شبابهم، ثم لا يلبث الصف إلا أن يتناقض شيئًا فشيئًا حتى يصبح الكثير منهم صرعى على جنبات الطريق ؛ منهم من توسع في تجارته أو تزوج و انشغل بزوجه وغير ذلك.
8- استعجال الثمرة: فنجد كثيراً من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يتعلّقون بتلك الحجة الواهية التي مفادها (إني لا أرى أثرًا لدعوتي )
9- ضغط الأهل : وإلحاحهم على الولد لترك مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فييتذرع ذلك الشخص أن طاعة الوالدين واجبة , وقيامه بهذا الأمر مستحب , والواجب مقدم على السنة , فيتذرع بذلك فيترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
10- عدم الشعور بالمسؤولية: واعتقاد أن الدعوة والقيام بها مقصور على جهة معينة
11- وقوع الداعية ببعض المعاصي : فيدخل الوساس لقلبه أن معصيته أو خطأه كبير لا يمكن تجاوزه أو مغفرته ... وهذا خطأ أكبر من الخطأ الأول . إذاً فما العمل ! العمل أن يتوب إلى الله عز وجل ولا يجعل معصيته بناء شامخا لا يمكن تجاوزه .
ولينتبه الداعية الذي وقع في خطأ أو معصية أن لا يجعل خطأه حجة لقعوده وتهاونه عن تبليغ أمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، بل يجب إن يكون له دافع قوي لزيادة عمله ودعوته .

12- الفهم الخاطئ لبعض النصوص الشرعية : فهم بعض الناس فهماً خاطئاً لقوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) سورة المائدة 105، فكثير من الناس يتصور أنه ليس مسؤولاً عن المنكرات ما دام قد ألزم نفسه بلزام الشرع , وألجمها بلجام الحق. والمعنى المقصود من تلك الآية لا يضركم من ضل بعد دعوتهم .
13- الحسد والحقد : إن من الشدائد في حياة الدعاة أن يكون الداعية دائرًا بين مؤمن يحسده , وبين منافق يبغضه , وبين كافر يقتله , وبين شيطان يضله , وبين نفسه تنازعه , ولكن مما يؤلم أن يكون الحسد من شخص يسير معه في نفس الطريق .
14- عدم الخضوع لمبدأ التربية والتصفية
15- تحقير الذات وقدراتها (من أنا؟ هناك من هو أكفأ مني، هناك فلان وفلان) عبارة نسمعها دائمًا من بعض أهل الخير؛ بل ربما كان من طلبة العلم، فيتقادم به الزمن وهو يتذرع بمثل هذه , وتعظم المصيبة إذا تبين من حاله للناس إنه من أهل الخير , فيفعل المنكر بحضرته ولا ينكر , فيعتقد أولئك القوم جواز مثل هذا .
16- الإنتصار للنفس والذات ، وهي من أشد العوائق والعقبات أمام الداعية ، قال تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) الجاثية 23
تنتهكت محارم الله فلا يغضب ، وإذا شتم والده لا يهدأ حتى يأخذ بالثأر !! لا يمكن أن تتعارض مصالح الدين ومصالحه الشخصية ، لأنه قطع على نفسه عهداً أن لا يفرط بمصلحته الشخصية مهما بلغ الأمر ، فللبيت ربٌّ يحميه !! هراء وأي هراء – نسأل الله العفو والعافية – لذا الدعوة الناجحة التي ترتكز على مبدا ( الحب والبغض في الله ، ومصلحة الإسلام مقدمة على جميع المصالح ) كذا يكون القبول للداعية لدى الله سبحانه وتعالى ، وللناس بعد مشيئة الله .
17- الاعتقاد بأن أهل المعاصي راضون بوضعهم : اعتقد كثير من أهل الخير أن أهل المعاصي راضون بواقعهم، ولم يشعروا بأنهم يعيشون في ضنك من العيش , وودوا لو تخلصوا من ذلك. وهم بحاجة ماسّة لمن يفاتحهم بحالهم ويناصحهم باسلوب حسن وكلمة في السر قبل العلن .
18- الحدة في الطبع وعدم التحمل: وهذا في الغالب يؤدي بالإنسان إلى اعتزال تلك الأماكن؛ لأنه لا يستطيع الصبر، نعم اعتزاله أماكن المنكرات أمر مطلوب إذا كان لا يستطيع شرعًا إنكار المنكر، ولكن الخلل أن يستطيع لو حضر، لكن لحدة في طبعه لا يحضر , ومرة بعد أخرى يتربى بعد ذلك على عدم الإنكار.
19- الابتعاد عن الرفقة الصالحة: لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طريق شاق يحتاج معه الإنسان إلى الجليس الصالح الذي يؤنس له وحشة الطريق؛ يصبّره إذا ابتلي، ويقوِّمه إذا أخطأ، ويشجعه إذا أصاب، وإن لم يكن كذلك دب إليه داء الانهزامية عند أول عارض يعرض له.
20- القدوات الانهزامية: إن الناس ينظرون إلى القدوة.. ينظرون إلى أعماله وتصرفاته؛ بل وينظرون إلى أهل بيته، ويتأملون تصرفاتهم؛ فعلى القدوة أن ينتبه إلى مثل ذلك، ولذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صعد المنبر , فنهى الناس عن شيء جمع أهله فقال ( إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأقسم بالله لا أجد أحدًا فيكم فعله إلا أضعفت فيه العقوبة).
21- الانتقال إلى بعض الأماكن التي تكوّن أكثر انفتاحية: عهدنا به داعية إلى الله تعالى، يترك ما لا بأس به حذرًا مما بأس به، ثم ما يلبث إلا أن ينتقل إلى مكان أكثر انفتاحية فيوغل حينها في المباح إكثارًا منه ؛ ليستجيب بعد ذلك للمكروه ليقع في المحرم بعد ذلك.
22- ترك نصح بعض أصناف من الناس : كالطفل الصغير بحجة حداثة سنه ، والشيخ الهرم بحجة كبر سنه ، والأب والأم بحجة بر الوالدين وهكذا . لكنه مع كثرة تلك الأحداث والأعمال المتكرر من قبل تلك الأصناف قد يصاب الداعية بتبلّد الإحساس.
وأما بالنسبة لذلك الطفل فترك الاحتساب عليه يورث عنده انهزامية في نفسه؛ لأنه تعوّد على مثل هذا الشيء .

الفصل السادس
فن الدعوة والإلقاء
هذه الدروس ستكون في فن الإلقاء استفدتها من مراجع متعددة ومتنوعة ومن خلال ممارسة لبعض الوقت وأرجو من الله أن تكون نافعة وان تكون عونا على طاعة الله وتبليغ دينه.
ومن الأهمية بمكان العلم أن فن الإلقاء من أنجح الوسائل لكسب الآخرين، وهو وسيلة مهمة لكل من يريد الوصول إلى قلوب وعقول الناس أياً كان مقصده وغايته .
وتأتي هذه الدروس ضمن الدورة العلمية المستمرة ( لكي تكون داعية ) لتصبح جزءاً لا يتجزأ منها لأهميتها في إبلاغ المقصود، ونيل المراد.

أهمية الإلقاء في الدعوة
للإلقاء أهمية كبيرة كما سبق فهو الوسيلة الأولى التي يمكن للداعية أن يستخدمها لإيصال ما يريد إيصاله للآخرين، ولا تعتبر الوسائل الحديثة والمبتكرة للتواصل مع الغير مغنية عنه وإنما هي وسائل مساعدة ينبغي الاستفادة منها واستغلالها.
وقد استخدم أسلوب الإلقاء في الدعوة أفضل البشر وهم الرسل وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودخل الناس بسبب ذلك في دين الله أفواجا، وكذلك استخدمه خلفاء رسولنا وكثير من أصحابه رضي الله عنهم.
بل لا يقتصر أمر الاستفادة من مهارة الإلقاء على من سبق ذكرهم حيث استفاد منها الرؤساء والزعماء من كل جنس ولون وكانت وسيلتهم في كسب قلوب أتباعهم والتفافهم حولهم ويمكننا أن نقول جازمين انه ما من زعيم أو قائد برز اسمه واشتهر ذكره إلا وله في فن الإلقاء والخطابة نصيب وافر إلا ما ندر.

مفهوم الإلقاء الناجح
الإلقاء الناجح عبارة عن قيام المُلقي بنقل بعض معلوماته ومشاعره وأحاسيسه عن طريق الكلام إلى المُلقى إليه مستخدماً في ذلك ما يمكن استخدامه من أجزاء جسده ونبرات صوته.

هل يمكنني اكتساب القدرة على الإلقاء الناجح ؟
الجواب بلا جدال نعم، فالإلقاء الناجح مهارة يمكن اكتسابها كباقي المهارات مثل الخط وقيادة السيارة وغير ذلك، والإنسان العاقل بطبيعته وبما وهبه الله من نعم قادر على اكتساب هذه المهارة مهما كان جنسه ومهما بلغت سنه إلا أن يكون لديه مانع عضوي من ذلك كالصغير جدا أو من لديه مشكلات حقيقية في النطق.
واكتساب هذه المهارة يحتاج إلى بعض المعلومات مع بعض التدريبات التطبيقية وتنمو هذه المهارة مع الزمن ومع طول الممارسة وزيادة المعلومات حولها وحول إتقانها.
ولنكسب مهارة الإلقاء الناجح لا بد من معرفة عناصره وأهميتها ، ليتمكن الداعية من استخدامها والاستفادة منها ، وإليكم تلك العناصر :

عناصر الإلقاء الدعوي الناجح
1- وجود مشاعر و أحاسيس و معلومات لدى الملقي
وهذا يعني أن يتأثر المُلقي ( الداعية ) بخطابه قبل أن يؤثر في غيره مع وجود المعلومات الكافية حول الموضوع الذي يريد الكلام حوله

2- الكلام
وهو وسيلة الإلقاء الأساسية ويتعلق بالكلام عدد من الأمور لابد من توفرها لنجاح الإلقاء فمنها وضوح الصوت وسلامة تركيب الكلمات والتخفيض والشدّة والهدوء ... غير ذلك .

3- استخدام بعض أجزاء الجسد في الإلقاء
وذلك كاليدين وتعبيرات الوجه وحركة الجسم بحسب الموقف والموضوع
4- نبرات الصوت
حيث أن نبرة الصوت من الأشياء المهمة في الإلقاء فالصوت الخافت البطئ يجلب النوم ومثله الصوت الذي يكون على وتيرة واحدة، والصوت القوي السريع يجلب النشاط والانتباه، كما أن بعض نبرات الصوت تجلب الحزن وبعضها تجلب الفرح.

وسائل اكتساب الذاتية الدعوية
لا شك إن لشخصية الداعية دور مهم جداً في إبلاغ الرسالة والمطلوب منه ، وكثير هم الذين تأثروا من سلوك الداعية وتابوا إلى الله حين رأوا الدعاة الربانيين وسلوكهم وتصرفاتهم .
ومن هنا لا بد للداعية أن يكسب قلوب المستمعين ( أو الآخرين ) لكي يمكن من حمل الدعوة والذود عن حماها ، والدفاع عن رايتها ، والالتحاق في صفوف جنودها ، وبذلك يصبح الداعية المحبوب إلا غاب سُئل عنه ، وإذا حضر لا يُمل منه ...
ولكي يصبح الداعية ذلك – بعد توفيق الله ومنّه – أعددت هذه المادة من خبرة أهل العلم وجمعتها من كتبهم المبارك التي خطتها أقلامهم بتوفيق الله لهم ، داعياً المولى عز وجل أن يبارك لنا فيها ، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه .

اكتساب الذاتية الدعوية ( الشخصية الدعوية )

أولاً : التميز الإيماني والتفوق الروحاني :
لابد أن ندرك أن أول أساسيات المبادرة والعطاء حسن الصلة بالله تعالى وعظيم الإيمان به وجميل التوكل عليه والخوف منه ، وهكذا كان السلف الصالح عندما أخلصوا لله كان سمتهم ورؤيتهم موعظة مؤثرة ، وأن الواحد منهم ليقول الكلمة يهدي بها الفئام من الناس .
فقوة الصلة بالله تجلب التوفيق والتأثير في الآخرين كما كان الرجل الصالح محمد بن واسع إذا رؤي ذُكر الله.

ثانياً : النظر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحوال السلف :
إن المتتبع لسيرة سيد الدعاة عليه الصلاة والسلام وأحوال السلف الصالح والدعاة مع العمل للإسلام له دور كبير في إشعال الهمة واكتساب الخبرة وإيقاظ الحماسة في قلب المرء المسلم لاستغلال وقته وجهده للعمل لنصرة هذا الدين .

ثالثاً: الزاد العلمي والرصيد الثقافي :
إن التميز الإيماني لابد أن يعضده الجانب العلمي لذا علينا أن نفهم الإسلام بشموله ونقف على حقائقه وأحكامه ونعنى بقواعده وأصوله وأن نتدارسه من مصدريه الكتاب والسنة ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك .. ) [ محمد : 19 ] فالإسلام له خصائص تميزه عن غيره فينبغي للمؤمن الداعية أن يتعرف عليها ويستشعرها في نفسه شعوراً بعظمة دينه وزيف ما سواه ليتحرك من أجله ويكون الدين كله لله .
فإذا توفر للداعية رصيد علمي مناسب وزاد ثقافي جيد كان ذلك عوناً له في دعوته ورافداً من روافد نجاحه ومبادرته الذاتية .

رابعاً : معرفة فقه الدعوة والعمل للإسلام :
لابد ابتداءً معرفة الدافع للحركة والدعوة، لمن يتحرك الداعية ويدعو؟؟ فمتى اتضح الهدف من التحرك وهو : رضى الله ونصرة دينه ثم الجنة زادت الذاتية الدعوية والعطاء فوضوح الهدف من شأنه أن يجعل الداعية لا يهدأ حتى يحقق الهدف .

خامساً: استشعار الأجر :
وهذه مسألة ضرورية وعامل رئيس في الاندفاع نحو العمل والدعوة الذاتية ولعل هذا هو السر في تبيان أجر بعض العبادات حتى يكون دافعاً للعمل والعطاء فإذا عرف صاحب الذاتية أن كل حركة وسكنة يتحركها المهتدي وكل تسبيحة أو ركعة أو سجدة يفعلها وكل إحسان يجريه الله على يديه فإنما يكون في ميزان أعماله وأن له مثل أجره مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدال على الخير كفاعله ) فإنه لا شك سيتحرك الحركة الذاتية التي تجلب له هذا الخير الذي يتنامى يوماً بعد يوم .

سادساً : استشعار أن الجنة محفوفة بالمكاره :
لذا يتطلب منه طاقة وهمة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي وهو الجنة فإذا عرف المسلم هذا سوف يجعله يتحرك التحرك الذاتي للوصول إلى الهدف قال الله تعالى ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم منقرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) [ السجدة : 17 ] .

سابعاً : حمل هم الدعوة للعمل للإسلام :
إن انتمائي للإسلام يجب أن يجعل مني صاحب رسالة، ويفرض عليّ كذلك أن أعمل ليكون المجتمع الذي أعيش فيه مسلماً ملتزماً بقوانين الله تعالى إنه لا يكفى أن أكون مسلماً وحدي دونما اهتمام بمن حولي.
لذا مهمتك - أيها الداعي إلى الله - وأنت تتعرض لمشاكل الآخرين ، مهمة عظيمة ، لأنك تحيي نفساً - بإذن الله ! ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً !!
فلتسهمُ في مهمتك لأبعد من أن تنال شهرة ! أو تكسب ثقة ! ولتقدّم مع وصفة الدواء ، وصفة لحياة الروح بالإيمان.
فإن الناس أقرب في القبول والتقبل ممن يحسن إليهم ، وقد قال أبو البقاء الرندي :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم : : : لطالما استعبد الإنسان إحسان

ويوم حنين جاء أعرابي يعاني من مشكلة الفقر - الفقر الذي يكاد يكون كفراً - وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطية ! فأعطاه غنماً في وادٍ . فذهب ينادي: " إن محمدا يعطي عطاء من لا يخش الفقر. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ! "
فاجعل هذا الهمّ همك، في بيتك، في مصنعك، زيّن به معطفك ، واجعله الزاد والعلاج . فإن فقدته، فإن فاقد الشيء لا يعطيه !
ولا يكون ذلك إلا بالقدورة الحسنة والسلوك المقيد بسلوك النبي صلى الله عليه وسلم ، وبسلوك الصالحين من بعده .

ثامناً : المعايشة الجماعية :
من أهم عوامل اكتساب الذاتية الفاعلة: المعايشة الدعوية الجماعية إذ أنها دافع للحركة وتوظيف الداعية لملكاته وجهوده وطاقاته في خدمة دعوته ونشر دينه بعكس الفردية والانعزالية فإن المرء يشعر غالباً معها بالفتور والكسل.
ثم يجب أن يكون الداعية نموذج متحرك وعملي للدعوة التي يحملها وينادي بها ويدعو لها ، إذ أن ذلك من أهم عوامل التأثير .
فإن من نجاحك أيها الداعية: أن تجعل دعوتك مسألة حيوية حارة يتحدث بها الناس في مجالسهم ومنازلهم مع أصدقائهم وأهليهم فيلقى الرجل أخاه فلا يحدثه إلا عنها ويزور الصديق صديقه فتكون أقرب المسائل إلى حديثهما ويسمر السامرون فيدور جدلهم حولها.
فيظهر الداعية في المجتمع بظواهر الاهتمام لهذا الدين والحماس لهذه الدعوة كما قال الصديق - رضي الله عنه – " أينقص الدين وأنا حي". فالداعية لا يفكر إلا في الدعوة ولا يفرح إلا للدعوة ولا يحزن إلا للدعوة ولا يبكي إلا على الدعوة..
ولا يمكن لداعية أن يكسب قلوب الآخرين إلا إذا أحبوه وشعروا منه العطف والرفق وحب الخير لهم، وأنهم أسرة واحدة.

تاسعاً : أنا أشعر بالذي تشعر
أخي الحبيب اعلم أن فتوى الناس في الشئون النفسية لا تقل أهمية عن الفتوى في الشئون الدينية !
كم من طبيب كان سمّه في مبضعه !! غرور في لحظة .. عجز وفشل ! كدّر نفساً ، وربما أزهق روحاً !! حتى لا يخسر سمعة الكبرياء - المزعوم - !
حمل في حقيبته شهادة ( الدكتوراه ) !!
لكنه لم يحمل بين جنبيه ( قلباً ) ينبض بالحياة !
ألا فليتق الله أولئك النفر الرعاع ، فإن المستشار مؤتمن !
أشعره انك تشعر بالذي يشعر به ، وحاكي روحه وفرج هّمه وساهم في رفع معنوياته والتخفيف عنه ، ولا تجعله يشعر بالضعف والانهزام أمام المغريات والذنوب . فالمؤمن قوي بإخوانه .
تنبيه: لا تستغل عواطف الآخرين لتبني على ذلك شخصيتك !
عواطف الناس ومشاعرهم ليست لعبة !
لا تبنِ بينك وبين السائلة - خاصة - علاقة عاطفية ! مستغلاً في ذلك الضعف الفطري وضعف السؤال ! فإن من الخيانة لشرف المهنة. أن تقتات قوتك بالغدر والخيانة !
ألا فلتتق الله ، فإن المستشار مؤتمن .

عاشراً : الدعاء :
إن العمل لهذا الدين هو هبة ومنحة من الله يمن بها على من شاء من عباده ومادام الأمر كذلك فالجأ أخي المسلم إلى ربك ومولاك واسأله بقلب خاضع ولسان صادق وجوارح خاشعة فهو المسؤول أن يقوي إرادتنا ويعلي همتنا وحركتنا لهذا الدين قال الفاروق - رضي الله عنه - في دعائه: اللهم إني ضعيف عن العمل بطاعتك فارزقني النشاط فيها.
والداعية يجد أنسه وسروره وفرحته في نصر يصيب الإسلام أو خير يتحقق على يديه أو واجب يوفق إلى أدائه ويحس بلذة غامرة تغمره إذا هو أنفق جل وقته في أمور الدعوة .

بشكل سريع ومجمل
صفات مثالية للداعية الذاتي

1. مخلص العمل لله تعالى.
2. صحيح العقيدة.
3. مثقف الفكر.
4. قوي الجسم.
5. منظم في شؤونه.
6. حريصاً على وقته ونافعاً لغيره.
7. نشيطاً في دعوته.
8. يحمل هموم أمته بين جوانحه.
9. لا يهدأ من التفكير في مشاريع الخير والدعوة.
10. غدوه ورواحه وحديثه وكلامه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له.
11. يشغل الناس بهموم دعوته ، ونصرة دين الله .
12. له جزء يومي من القرآن.
13. يذكر الله في كل أحيانه.
14. بيته وأهله مسخر لخدمة الإسلام وأهله.
15. له في كل سهم غنيمة.
16. محباً للقراءة والإطلاع.
17. له مشاركة فعالة مع مؤسسات الإسلام.
18. مخصصاً جزءً من ماله – إذا تيسر - لأعمال البر والدعوة .
19. مهتماً بأهله إيماناً ودعوياً وثقافياً.
20. يعيش عيشاً جماعياً مع إخوانه المؤمنين.

كيف يمكنني الوصول للإلقاء الناجح

أولا: اختيار الموضوع المناسب
وهذا أهم ما في الأمر، والأكثر منه أهمية اختيار الهدف من الموضوع، فإذا ما تم تحديد الهدف يتم تحديد الموضوع بسهولة، بل يكون قد أختير الموضوع تلقائياً .
والمقصود من الهدف هو ما يراد تحقيقه وإفادة السامعين به ، بحيث لا تكون الكلمة لمجرد تفريغ العواطف والأحاسيس من غير أن يكون لها فائدة للمستمعين ولا أن يكون لهم يد في إيقاعها أو منعها ( فالحديث إلى الناس مثلا عن أمر لا يقوم به إلا الحاكم أو المسئول ليس مجديا غالبا ولا مفيدا بل انه من الممكن أن يسبب الضرر للملقي )
وهذه إحدى أهم الخطوات التي لابد من الاهتمام بها و ايلاءها فائق العناية وذلك لان بقية الخطوات مبنية عليها ومتفرعة عنها فمهما كانت درجة جودة الإلقاء فلن يكون له كبير فائدة وأهمية إذا كان الموضوع الذي يتكلم عنه غير مناسب للكلام عنه أو كان موضوعا لا قيمة له.

ولكي يكون الموضوع مناسبا لابد من توفر أمور فيه من أهمها
1- حسن الاختيار بحيث يكون من صميم ما تجري به الحياة، وهذا يستلزم أمرين:
• أن يكون الموضوع مما يحتاجه المستمعون : إما لجهلهم به أو لتهاونهم فيه أو لإيضاح بعض ما يشكل فيه، وأما إذا كان مما يعلمون وهم عاملون به أو مما لا يهمهم أو يتعلق بهم فان الكلام في مثل ذلك مما يقل نفعه ويستثقل ومما لا يجدي ولا يلقى قبولا.
• أن يكون عنده تصور عن الجمهور الذي يستمع إلى الموضوع، ففي الحديث ( حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ) بحيث يكون مناسبا للأشخاص المستمعين : فلابد من مراعاة حال المستمعين وسِنَهم واهتماماتهم وخلفياتهم المعرفية ، فما يناسب الشباب قد لا يناسب كبار السن ، وما يناسب الفتيات قد لا يناسب الفتيان وهكذا. وبالطبع هناك موضوعات عامة يمكن طرقها في التجمعات العامة التي فيها أكثر من فئة.

2- أن يكون الموضوع مناسبا للزمان : فالكلام عن رمضان في اشهر الحج غير مناسب والكلام عن الموت في مناسبة زواج غير مناسب بالمرة وهكذا لابد من مراعاة الزمان الذي يلقى فيه الموضوع وكلما كان التوافق أكثر مع الزمان والأحداث الجارية كان أوقع وأكثر قبولا.
3- أن يكون الموضوع مناسبا للمكان : وهذا شبيه بما قبله فالكلام عن فضل الزواج في المقبرة أو العزاء مستهجن والكلام عن تلوث البيئة في المسجد غير ملائم وهكذا.
4- أن لا يُكرر الموضوع بأسلوب واحد : لان هذا أيضا مما قد يستثقله بعض الناس وينفرون منه ولا يرغبون في الاستماع إليه، وهذا لا يعني عدم تكرار بعض الموضوعات المهمة لان تكرارها مهم ولا يكفي في بعضها الكلام لمرة واحدة، ولكن الذي نحذر منه هو تكرار نفس الموضوع بنفس الأسلوب والطريقة ولنفس الأشخاص، فإذا كان ولابد من التكرار لنفس الأشخاص فيراعى في ذلك تغيير الأسلوب وطريقة العرض فيمكن ذكرها مرة مختصرة ومرة مفصلة ومرة تذكر بعض الأمور ومرة تترك وتذكر أمور أخرى تتعلق بها كما هي طريقة القرآن في ذكر القصص مثلا.

ثانيا: التحضير الجيّد للموضوع
بحيث يقرأ عنه ويحفظ أدلته أو يكتبها وان يعرف معانيها وكذلك أن يتقن قراءة الآيات والأحاديث والأسماء والأماكن التي سترد في موضوعه.
ومن الأخطاء الشائعة المستهجنة الكلام على بعض الآيات آو الأحاديث من غير الرجوع إلى الكتب المعتمدة في بيان معانيها ودلالاتها بحيث يقتصر بعضهم على فهمه الشخصي المتبادر من لفظ النص الشرعي وقد يكون هذا الفهم مغايرا لمدلول الآية أو الحديث وفي هذا من الخطورة والقول على الله بلا علم ما لا يخفى.
ولا يتوهم متوهم أن التحضير مما يعيب مقدرة المتحدث ويقلل من كفاءته وعلى المتحدث أن يدرس الموضوع دراسة وافية شاملة محللا إياه إلى عناصر بارزة رئيسية وخطوات واضحة حتى يستطيع أن يتنقل بالمستمع من حلقة إلى أخرى.

ثالثا: ممارسة الإلقاء تدريجيا
وهذه الخطوة تعتبر عائقا لدى كثير من المبتدئين في مجال الإلقاء حيث يشعر المبتدئ بالحرج والرهبة من مقابلة الناس والحديث أمامهم وهذا شيء معتاد بل هو حاصل في أي مهارة أخرى كقيادة السيارة مثلا لأول مرة.
ويمكن التغلب على الخوف والرهبة بالعزيمة و التكرار مع التدرج في ذلك لئلا يقع الشخص في موقف حرج يمكن أن يسبب له امتناعا وانصرافا عن الإلقاء بشكل كامل.

خطوات مساعدة لتغلب على الخوف
1. إلقاء الموضوع ( الموعظة ) بصوت مرتفع في مكان خال ويتخيل أن أمامه جمع من الناس ويكرر ذلك
2. بعد فترة من ذلك، يقوم بإلقائه أمام جمع من الصغار مثلا آو أمام أناس لا يتحرج منهم
3. بعد فترة من الزمن يلقي ( نفس الموضوع ) في مسجد يرتاده بعض من لا يشعر بالحرج أمامهم كبعض العمال أو أمام طلاب فصل في الابتدائي، ولا بأس إن يكون المسجد بعيداً عن مكان سكناه للتغلب على التحرج بعد الدرس
4. لا بأس أن يقوم بإلقائه في مسجد أكبر وفيه من يشعر بالحرج منهم ولكن عددهم قليل وهكذا يتدرج في المساجد والأماكن ويكثر من تكرار ذلك إلى أن تتكون لديه ملكة يزول معها أي حرج من الإلقاء
وهذا يحصل عادة بعد زمن ليس بالطويل، وكلما ازداد الشخص ممارسة ازدادت ملكته وقدرته وخبرته الى أن يصير الإلقاء سجية لا يتكلفها ويمكنه القيام بها في أي وقت وأي مكان.

رابعاً : العزم على العمل بما تقول
لان العمل هو غاية العلم وبه يكون الفلاح ( قد أفلح من زكاها ) ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العلم الذي لا ينفع ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع..)
والناس ينظرون إلى الداعية على أنه القدوة ، يقول سيد قطب- رحمه الله " الدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها، وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم لأنهم يسمعون قولاً جميلاً ويشهدون فعلاً قبيحاً فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة وينطفئ في قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان ولا يعودون يثقون في الدين بعد ما فقدوا ثقتهم – برجال الدين ".

خامساً : عرض الموضوع على الملأ
وهي خطوة الإخراج الفعلي للموضوع الذي تم اختياره بعناية وفي وقت ومكان مناسبين. ويمكن أن تكون هذه الخطوة قبل وبعد اكتساب مهارة الإلقاء لكنها لن تظهر بالمظهر المناسب واللائق إلا بعد اكتساب مهارة الإلقاء حيث ستؤثر الرهبة المصاحبة لبدايات الإلقاء في مستوى وجودة الأداء.

للوصول إلى إلقاء متميز
ولكي يكون العرض متميزا وقويا لابد من توفر أمور مهمة من أهمها:
1. العناية بالمقدمة
هناك مقولة مفادها أن أهم ما في الكلمة أو الخطبة الكلمات العشر الأولى منها لأن كثيرا من الناس في عجلة من أمرهم وخاصة فيما يتعلق بالكلمات التي يمكن لسامعها أن يبقى أو ينصرف أو يستمع أو يغلق فالواحد منهم يريد أن يعرف بسرعة ما إذا كان الكلام الذي سيلقى يستحق انتباهه واهتمامه أم لا وهنا تبرز مقدرة وموهبة المتكلم فينبغي عليه أن يحرص على جذب المستمع من أول الكلام.

2. الأداء الصوتي الجيّد
بان لا يكون الصوت ضعيفا لا يكاد يسمع ولا قويا جدا يؤذي السامعين ولكن بين ذلك، وان لا يكون الصوت بطيئا يجلب الكسل والنوم ولا سريعا جدا لا يكاد يفهم بل بينهما.
ومن المفيد والنافع تنويع الأداء الصوتي فلا يكون على وتيرة صوتية واحدة بل يخلط في أداءه بين رفع الصوت وخفظه وبين السرعة والبطء جاعلا ذلك يأتي بشكل متجانس وسلس ومن غير رفع مزعج ولا خفض لا يسمع.

3. استخدام التعبيرات المرئية أثناء الإلقاء
وذلك عن طريق استخدام العينين واليدين وتعبيرات الوجه والالتفات ييمنا وشمالا.
وقد ورد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ) فالعينان من أهم وسائل الاتصال مع الآخرين وهما أداتان لإيصال المشاعر والأحاسيس والمعاني التي ربما تعجز عنها الكلمات ولذا فان النظر إلى المستمعين أمر مهم أثناء الإلقاء.
ويستعين بالالتفات يمينا وشمالا لكي يشمل المكان وحاضريه بنظره المعبر عن الاهتمام والعناية.
واليدان يستخدمهما للدلالة والتأكيد على المعاني التي يتحدث عنها . ويستخدم أيضا تعبيرات الوجه بما يناسب الكلام الذي يقوله فلها دلالاتها المعروفة. وينبغي أن يتدرج في استخدام هذه التعبيرات حتى يتقنها وتكون أمرا عاديا يأتي بلا تكلف لان التكلف في أداء أي أمر غير مرغوب.

4. أن يكون عرض الموضوع بطريقة الإلقاء لا القراءة
لان ذلك يؤثر تأثيرا اكبر ويجذب السامعين إلى الملقي، ولأن في ذلك استخدام لجوارح مهمة أثناء الإلقاء وهي العينان واليدان والتي لا يتيسر استخدامها أثناء القراءة. واكتساب هذه المهارة لا تأتى إلا أن يكون المتحدث ذا ثقافة واسعة, و أن يكثر من المطالعات الأدبية مع التمرن والمراس.

5. عرض الموضوع بتسلسل مناسب
وذلك بان يبدأ بمقدمة مناسبة ثم ينتقل إلى عناصر الموضوع حتى يستوفيها ثم يختم بالخاتمة كما سيأتي تفصيل بعض ذلك.
ومن الخطأ أن يتكلم في موضوع ثم يتخبط في التنقل بين عناصره بطريقة غير جيدة كأن يتحدث عن الهجرة مثلا ثم يتكلم عن أخرها ثم أولها ثم وسطها ثم أولها، فالمطلوب ترتيب الأفكار وتسلسلها حسب وقوعها أو حسب ارتباط كل عنصر بما يليه.
6. الاقتصار على موضوع واحد ما أمكن في اللقاء الواحد
وذلك لكي يستوفي الموضوع ولئلا يشتت انتباه السامعين ومشاعرهم بتعدد الموضوعات ولكي لا ينسي بعضها بعضا.
وهذا هو الأصل الذي ينبغي انتهاجه إلا إذا كانت هناك حاجة لتعدد الموضوعات كأن تكون مناسبة تتعدد فيها الأحداث أو ما شابه ذلك.
وإذا كان المتكلم سيتكلم عن أكثر من موضوع فالأفضل أن يجعل بين تلك الموضوعات رابطا أو أكثر ينتقل بينها من خلاله.

7. الحرص على الاختصار
فالاختصار غير المخل مطلب مهم ومنهج ينبغي أن يسير عليه كل خطيب وداعية وهو الأصل الذي يجدر بكل متكلم أن ينهجه إلا أن تكون هناك حاجة ماسة إلى الإطالة في أحيان قليلة فلا بأس ومعلوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أثنى فيه على قصر الخطبة وعدّ ذلك دليلا على فقه الخطيب.
وأسباب تفضيل الاختصار كثيرة منها: عدم الإملال والإثقال لان الكلام الطويل يمل غالبا، ولئلا ينسي الكلام بعضه بعضا جراء الإطالة، ولان في الناس من هو منشغل أو مريض أو متعب ويشق عليه طول الخطبة ولغير ذلك.

8. نصائح لجذب الانتباه والتأثير على القلوب
هذه سهام لصيد الفضائل التي تستعطف بها القلوب، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب، فإليك أيها المحب سهاماً سريعة ما أن تطلقها حتى تملك بها القلوب فاحرص عليها، وجاهد نفسك على حسن التسديد للوصول للهدف واستعن بالله.
• الابتسامة ( قالوا هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تملك به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) وقال عبد الله بن الحارث ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
• البدء بالسلام ( وهذا سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشد الكف على الكف، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام، قال عمر الندي ( خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه ) وقال الحسن البصري ( المصافحة تزيد في المودة ) وفي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم قال ( تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء )
• إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم : قال عبد الله بن المبارك ( المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم ) وإنها أيسر وأفضل طريق للوصول إلى القلوب ، وإياك أن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب، يقول المتنبي:
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه …… وصدق ما يعتاده من توهم
• تشويق المستمعين إلى ما ستقوله ( بأن يذكر أمورا مشوقة... كأن يقول: هناك حدث غريب سأحدثكم عنه ... )
• الإشارة في البداية إلى قصر الزمن الذي ستستغرقه ( ويكون ذلك بطريقة لبقة كأن يقول: أتحدث إليكم في دقائق معدودة عن كذا وكذا ...)
• لا تطيل في صيغة الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( وهذا في المواعظ والكلمات القصيرة خاصّة ... بحيث قد ينصرف كثير من الحاضرين أثناء ذلك )
• الدخول بمدخل مناسب ( فالدخول للقلوب كالدخول للبيوت ، ولذا فمن الأفضل البحث عن مدخل مناسب لما يراد الحديث عنه ، ومن أفضل المداخل التي يمكن استخدامها الأحداث العامة كالأمطار والحوادث الشهيرة والاختبارات والأزمان الشريفة والمناسبات الدينية في وقتها. وكذلك فان من المداخل الحسنة التعليق على آيات تليت أو حديث سمع وعلى موقف حصل )
• إيراد قصة أو شعر أو إيراد ما يناسب المقام ( وهذه الأمور وما يشابهها كالطرفة تعد من الأمور المحببة إلى النفوس و تجدد نشاط السامع وتقوي انتباهه ولذا فان لها أهمية بالغة ولابد أن يكون لدى الداعية محفوظ جيد منها وان يجعل من ضمن استعداده و تحضيره للموضوع الاستعداد بشيء من ذلك يوافق ما سيتكلم عنه. وتتأكد أهمية ذلك إذا كان زمن الكلام يتجاوز عشر دقائق، وقد وجدت أثناء دروس بعض العلماء الكبار إنهم كانوا يوردون قصة أو شعر أو طرفة أو موقف أثناء دروسهم العلمية الجادة وذلك لإبعاد الملل وتجديد النشاط )
• الابتعاد عن التكلف وإيراد وحشي الكلام وغريب الألفاظ ( وذلك لان المقصد من الكلام إيصال رسالة ذات أهداف معينة إلى السامعين ولابد لوضوح الرسالة وفهمها من وضوح كلماتها ومعانيها واستخدام الكلمات الغريبة والتعبيرات غير المفهومة مما يناقض ذلك، وفي رأيي أن ذلك لا ينبغي إيراده أبدا لما فيه من التكلف ولعدم فائدته ولأنه قد ورد ذم مثل ذلك شرعا )
• الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع : وإياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وإياك وتسيد المجالس وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة ( فالكلمة الطيبة صدقة ) وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما )
• تبادل الهدية : ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود ، بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها
• حسن السمت والمظهر وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله جميل يحب الجمال ) . وعمر ابن الخطاب يقول ( إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح )
• بذل المعروف وقضاء الحوائج، قال صلى الله عليه وسلم ( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس ) وقالوا (عجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه )
• أشعر المخاطب بخصوصيته، حدد له موعداً إذا كان فرداً. واحترم في ذلك وقته وموعده.إنك بذلك تكسب ثقته وحبه لك ! لا تسمع إليه على حال عجلة من أمرك ! أو عبر مكالمة عابرة !لأنه حين يشعر أنك لا تعطيه إلا فضول الفضول من وقتك واهتمامك. تركك !
• لا تحاول نزع الثقة من نفس السائل . ولا تهاجم طريقة تفكيره وأسلوبه..
وأعلم أنك لن تستطيع أن تخدم هذا الإنسان إلا بتحويله إلى الأفضل !
إذناً أنت بحاجة إلى أن تزرع في نفسه الثقة..لا أن تنزع الثقة منه !!
واثنِ على أفكاره وتصرفاته الإيجابية. وبذلك تصنعه لأن يكون فاعلاً إيجابياً.

• اجعله يشعر أنك تفهم ما يقول، ولا تشعره أنك أفهم منه .
- لخّص ما يقول ما بين فترة وأخرى .
- ولو أنك استخدمت كلماته نفسها لكان ذلك أبلغ .
- تفاعل معه بإنصاتك، اعتدال هيئة جلوسك .
- سؤالك بين فترة وأخرى. أو أن تقول له: ممكن تصحح لي فهمي هنا...!
هذا يزيده راحة واطمئناناً إليك وشعوراً بأنك تهتمّ به .

• علّم السائل كيف يتجنّب التهويل. فلا تقبل بالعموميات ، كقول السائل :
- ( حياتي كلها نكد ..)
- ( زوجي ما فيه خير !)
- ( أهلي كلهم بكرهوني )
- ( كل - هؤلاء – لا خير فيهم ..)
هكذا يشتكي الكثير بهذه الطريقة من التعميم .
دخلت امرأة صفوان بن المعطل - رضي الله عنه - يوماً على رسول الله تشتكي زوجها صفوان وتقول : يا رسول الله !
إن زوجي صفوان يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس !!
فانظر عموميات الشكوى :
1 - يضربها على الصلاة .
2 - ويفطرها إذا صامت .
3 - ولا يصلي الفجر إلا بعد وقتها !!
وتأمل كيف ستكون ردّة الفعل حين تؤخذ هذه العموميات على وجه التسليم والقبول ؟!
وكان صفوان رضي الله عنه عند رسول الله  فسأله  عمّا قالت !!
فقال يا رسول الله : أمّا قولها يضربني إذا صليت ، فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها !
فقال  : " لو كانت سورة واحدة لكفت الناس "
وأمّا قولها : " يفطرني إذا صمت ؛ فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر !
فقال  يومئذ : " لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها "
وأمّا قولها : إني لا أصلي الفجر حتى تطلع الشمس ، فإنّا أهل بيت قد عُرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس !
فقال  : " فإذا استيقظت فصلّ "

فانظر كيف انقلبت المشكلة إلى لا مشكلة في حين لو قُبلت المشكلة على عموماتها لربما وقع أمر لا يحمد عقباه.
لا تقبل بالعموميات. بل علّمه وساعده على أن يضبط المشكلة في حدودها اللائقة بها .
إنك حين تحدد المشكلة في حدودها الطبيعية فإنك بذلك تعطي مجالا لصاحب المشكلة أن يفكّر بواقعية وعقلية متزنة . . بعيدا عن العاطفة المتهورة .

• اتجه لعلاج السبب ولا تتجه لعلاج الفعل
القاعدة تقول: لكل سبب فعل ردّة فعل !
قد يكون المتصل أو المتصلة أو محدثك الذي يشكو إليك بليغ اللسان، يصف حاله ومصيبته وصفاً ربما أشغلك عن معرفة السبب إلى سطوة الفعل والأثر !!
انظر إلى الأسباب. واتجه لعلاج السبب.
إحداهن تشتكي الحزن والاكتئاب وانصراف الأهل عنها ومعاداتهم لها !!
ولو بحثت في الأسباب. لوجدت أن السبب في سلوكها معهم في تعاملها. .
وزوج يشتكي نفوره من زوجته بسبب أنها لا تتزين له. ثم إن بحثت وجدت أن فعلها ردّة فعل لفعله حيث أنه لا يتزين لها ولا يعتني بأبسط معاني النظافة العامة ! اتجه للأسباب ولا تتجه لعلاج الفعل !

• لا تكن مثالياً في طرح الحلول.وكن واقعياً ، فإنك حين تشطح في عالم المثال النقي .. يبهرك هذا الخيال . ويجعلك تخرج عن حقيقة الواقع الذي تعيش. وحينها يشعر السائل أنك تعيش عالما غير عالمه !!
فيصاب بخيبة أمل وإحباط !!

• لا تلعب دور الإنسان المثالي
- أنا ..!!
- كنت ..!!
- هل يعقل هذا أن يحصل من زوجك ؟! أو والدك !!
هذا الأسلوب الذي تُظهر به أنك المثالي الذي لا يقع منك هذا الأمر أبداً ، رغبة في كسب ثقة السائل ! سيجعل السائل يفقد ثقته بك ، لأنه ليس بحاجة لمُجيب يعيش في كوكب المريخ !!
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يريد أن يشتكي له سوء خلق امرأته !!
فلما بلغ باب عمر سمع صوت زوجة – عمر - تراجعه وتكلمه !!
فرجع أدراجه وهو يقول : لئن كان عمر - رضي الله عنه - تراجعه زوجته فما بالنا لا ترجعنا زوجاتنا !!
حدث لم يكن مدبلجاً . إنما هو حدث يحكي بساطة التعامل وواقعيته !

• أعلن المحبة والمودة للآخرين: فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه )
• لا تعتذر عن سوء التحضير قبل التحدث ولا بعده
• الإيجاز في الإجابة وعدم التعجل فيها
• تجنب الفتوى. فللفتوى أهلها
• عدم إحراج المستمعين بالأسئلة التي لا يستطيعون الجواب عليها .
• الابتعاد عن الحركات الكثيرة.
• كن لطيفاً في تعاملك .. ومهذباً في سلوكياتك ..
• شاور الآخرين تستحوذ على قلوبهم .
• علم من يسألك كيف يصنع الاحتمالات الإيجابية في حل مشكلته
• زر غبا تزدد حبا .
• ادعُ الناس بأحب الأسماء إليهم .
• حاول أن تنسى .
• لا تكن كالذبابة ، تقع على كل ما هو سوء
• احذر من ارتداء النظارة السوداء .
• ترفع عما في أيدي الناس تكن محبوباً لديهم .
• لا تنفخ البالونة حتى تنفجر .
• اكسب الجدل بأن تتجنبه .
• لا تكن لوّاما .
• الاستعداد للمفاجأة

9. الاهتمام بالخاتمة
وذلك لأنها آخر ما يسمعه المستمعون من الملقي وهي اقرب الكلام إلى التذكر.
ومن أفضل ما يجعل في الخاتمة موجز قصير لأبرز ما تم الكلام عنه ويستحسن جعل ذلك على هيئة عناصر مختصرة، كما انه يفضل التركيز في الخاتمة أيضا على أهداف الكلمة أو الخطبة التي يريد وصول السامعين إليها.

الفصل السابع
كيف أطلب العلم
برنامج علمي مقترح لطلاب العلم المبتدئين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فهذا شرح مختصر للبرنامج العلمي الذي يقودك لطريق الصحيح في طلب العلم وحفظه ونيله من بطون أمهات الكتب لأكابر العلماء الربانيين ، مع مراعاة طبيعة كل فرد وشخص ، لذا راعيت فيه السهولة والتدرج راجياً ألا يبعث على السآمة والملل مستمداً من الله عز وجل العون والتوفيق .
وسأجعله أبواب وأقسام ، بداية أقسام البرنامج ، وهي قسمين :
القسم الأول : برنامج يومي ، وينبغي على طالب العلم المداومة عليه يومياً
القسم الثاني : برنامج إسبوعي ، يواصل الطالب تعلمه إسبوعياً على حسب ما أذكره إن شاء الله .
ومن الأهمية بمكان أن يخصص وقت معين للبرنامج يومياً ، ومن أفضل الأوقات بعد صلاة الفجر والعصر . وأيضاً تحديد ساعة كاملة على الأقل لتقيد بالبرنامج . وإعلم أخي أن الكتب في البرنامج مرتبة بتسلسل تصاعدي فَيُبدأ بالكتاب الأول حتى يتم قراءته واستيعابه ثم الثاني ثم الثالث ... وهكذا .

البرنامج اليومي
1. قراءة جزء من القرآن الكريم يومياً سواءً دفعة واحدة ، أو على فترات خلال اليوم . ينتهز فرصة ما بين الأذان والإقامة .
2. قراءة خمس صفحات على الأقل من كتاب ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ) تأليف محمد فؤاد عبد الباقي .
3. حفظ خمس آيات يومياً من القرآن الكريم ، إضافة لحديث نبوي واحد، وقت الحفظ المناسب بعد صلاة الفجر إلى طلوع الفجر ، وأنت تختار أي وقت شئت .
4. من طلوع الشمس إلى الظهر الدراسة المنهجية ( المدرسة أو الجامعة ..) أو الوظيفة والتجارة – العمل المعتاد .
5. بعد الرجوع من العمل والإنتهاء منه . وبعد صلاة العصر يبدأ بالمطالعة في التاريخ والأدب وأمهات الكتب الشرعية .
6. بعد المغرب إلى العشاء مراجعة المحفوظات من قرآن وحديث ومتون .
7. بعد العشاء مطالعة النشرات الإسلامية والمجلات المفيدة والكتب الثقافية واستماع لشريط مفيد ، فالعَشاء فالنوم ، وعدم التأخر بالسهر والسمر .
8. يوم الخميس للزيارات والنزهة والاستجمام مع الأهل والاصحاب .
9. يوم الجمعة لتدبر القرآن والذكر والدعاء والتنفل وكثرة الصلاة على رسول الله  ، ومحاسبة النفس والتأمل في خلق الله سبحانه وتعالى .
هذا برنامج ميسر يومي يصلح لكل مسلم ومسلمة وعلى مختلف أعمارهم ووظائفهم ، بل من الضروري أن يكون لكل مسلم برنامج يحتوي على ما شمله هذا البرنامج .

البرنامج الإسبوعي ( لطلبة العلم )
وساذكر فقط بهذا البرنامج المستوى الأول والثاني منه ليسهل ويكون متاح للجميع . وتعلو همّة طالب العلم في تحصيلة وتطبيقه ، ثم من أراد المزيد فليراجع المصدر .
وسنذكر اليوم ونخصص له علم من العلوم مع المحافظة على البرنامج اليومي الآنف الذكر .

يوم السبت ( العقيدة والتوحيد )
المستوى الأول
1. ( الأصول الثلاثة ) الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب
2. ( أركان الإيمان ) الشيخ محمد بن صالح العثيمين
3. ( أركان الإيمان ) الشيخ محمد جميل زينو

المستوى الثاني
1. ( التمهيد لشرح كتاب التوحيد ) الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
2. ( كشف الشبهات ) للإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب
3. ( العقيدة الواسطية ) لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية – وشرحها : لشيخ محمد العثيمين
4. ( 200 سؤال وجواب في العقيدة ) الشيخ حافظ الحكمي
5. وصية عليك يا طالب العلم بكتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، فإنه والله إمام قَلَّ أن تقرأ لمثله ، وأن تجد عند غيره كغزارة علمه وفهمه .

يوم الأحد ( التفسير وأصوله )
المستوى الأول
1. ( التفسير الميسر ) طبع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
2. ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) العلاّمة عبد الرحمن السعدي
3. ( أيسر التفاسير ) الشيخ أبو بكر جابر الجزائري

المستوى الثاني
1. ( تيسير العليّ القدير لإختصار تفسير ابن كثير ) الشيخ محمد نسيب الرفاعي
2. ( زبدة الإتقان في علوم القرآن ) للشيخ محمد عامر با زمول
3. ( مباحث في علوم القرآن ) الشيخ مناع القطان
4. ( مقدمة في أصول التفسير ) لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية – شرح الشيخ محمد العثيمين

يوم الإثنين ( الفقه وأصوله وقواعده )
المستوى الأول
1. ( الوجيز في فقة السنة والكتاب العزيز ) الشيخ د. عبد العظيم بدوي
2. ( منهاج السالكين ) العلاّمة عبد الرحمن السعدي
3. ( الواضح في أصول الفقة ) الشيخ د. محمد سليمان الأشقر

المستوى الثاني
1. ( اللباب في فقه السنة والكتاب ) الشيخ صبحي حلاق
2. ( تيسير العلاّم شرح عمدة الأحكام ) الشيخ عبد الله البسّام
3. ( فقة السنة ) الشيخ سيد سابق
4. ( سبل السلام ) الشيخ الصنعاني
5. ( الروضة الندية شرح الدرر البهيّة ) العلاّمة صديق حسن خان – مع تعليقات العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني

يوم الثلاثاء ( برنامج المطالعة والقراءة المفتوح )
كتب الرقائق والمواعظ
1. ( صحيح الترغيب والترهيب ) العلاّمة الألباني
2. ( مختصر منهاج القاصدين ) العلاّمة ابن قدامة المقدسي – تحقيق الشيخ علي الحلبي
3. ( رياض الصالحين ) النووي تحقيق الشيخ الألباني
4. ( تزكية النفوس ) أحمد فريد
5. ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ) العلاّمة ابن القيم الجوزية
6. وغيرها كثير – مع ضرورة الإنتباه لعقيدة المؤلف والمحقق ودار النشر

كتب الفوائد والطائف
1. ( كتاب الفوائد / وكتاب بدائع الفوائد ) العلاّمة ابم القيم الجوزية
2. ( صيد الخاطر ) ابن الجوزي – تحقيق ناجي طنطاوي
3. ( المُدهِش ) ابن الجوزي
4. ( المعارف ) شيخ الإسلام ابن تيمية
5. ( عيون الأخبار ) ابن قتيبة
6. ( المنتقى من انس المجالس ) ابن عبد البر
7. وغيرها كثير – مع ضرورة الإنتباه لعقيدة المؤلف والمحقق ودار النشر

كتب الآداب
1. ( الآداب الشرعية – 3 أجزاء ) ابن مفلح المقدسي – تحقيق الأرناؤوط
2. ( غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ) العلاّمة السفاريني
3. ( أدب الدنيا والدين ) الماوردي
4. ( أدب الطلب ) العلاّمة محمد علي الشوكاني
5. ( صلاح الأمة في علو الهمّة ) الشيخ د. سيد حسين العفاني
6. ( دواوين الشعر لشعراء الأسلام ) أمثال : شاعر الرسول حسان بن ثابت رضي الله عنه – شعر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه – شعر الإمام الشافعي – شاعر الصحوة الإسلامية في العصر الحديث الدكتور عبد الرحمن العمشاوي – شعر الشيخ الدكتور عائض القرني – وغيرهم كثير – ولله الحمد – وإعلم أن الشعر ترسانة للدعوة الإسلامية ، فاحفظ منه أجوده وأفضله .
7. وغيرها كثير – مع ضرورة الإنتباه لعقيدة المؤلف والمحقق ودار النشر

يوم الأربعاء ( الحديث ومصطلحه )
المستوى الأول
1. ( الأربعين نووية ) الامام النووي
2. ( عمدّة الأحكام ) الإمام عبد الغني المقدسي
3. ( تيسير دراسة الاسانيد للمبتدئين ) عمرو عبد المنعم سليم
4. ( أسئلة وأجوبة في مصطلح الحديث ) الشيخ د. مصطفى العدوي
5. ( مصطلح الحديث ) الشيخ محمد العثيمين

المستوى الثاني
1. ( بلوغ المرام ) للحافظ العلاّمة ابن حجر العسقلاني
2. ( مختصر صحيح البخاري ) للزبيدي
3. ( مختصر صحيح مسلم ) للمنذري – تحقيق الشيخ الالباني
4. ( تيسير مصطلح الحديث ) محمود الطحان
5. ( التحفة السنيّة شرح المنظومة البيقونية ) للمشاط
6. ( التوضيح الابهر ) ابن الملقن

تنبيه / القراءة في كتب الحديث المسندة تكون للسند والمتن دون شرحها ، وإنما يرجع للشرح عند وقوع الإشكال في السند أو المتن . هذا وإن كان فيه سآمة ولكن حتى يتدرب الطالب ، ويتعود على منهج الإئمة المتقدمين في كَتْبِ الحديث وتدوينه ، والنفس إذا عودتها تعودت .

يوم الخميس ( السيرة والتاريخ )
المستوى الأول
1. ( روضة الأنوار في سيرة النبي المختار ) الشيخ عبد الرحمن المباركفوري
2. ( صحيح السيرة النبوية ) العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني
3. ( كتاب المغازي من صحيح البخاري ) مع مطالعة شرحه من فتح الباري لإبن حجر العسقلاني

المستوى الثاني
1. ( عصر الخلافة الراشدة ) الدكتور أكرم العمري
2. ( الفتوحات الإسلامية عبر العصور ) الدكتور عبد العزيز العمري
3. ( زاد المعاد في هدى خير العباد ) العلاّمة ابن القيم الجوزية
4. ( الشمائل المحمدية ) الإمام الترمذي – اختصره الشيخ الإلباني
5. ( السيرة النبوية ) ابن هشام
6. وغيرها كثير – مع ضرورة الإنتباه لعقيدة المؤلف والمحقق ودار النشر

يوم الجمعة ( التجويد والنحو )
المستوى الأول
1. ( أحكام تجويد القرآن ) محمد سعيد ملحس النابلسي
2. ( الخلاصة من احكام التجويد ) جمع وإعداد خميس العمري
3. ( التحفة السنية شرح الآجرومية – نحو ولغة ) شرح محمد محي الدين عبد الحميد
4. ( ملحة الإعراب – نحو ولغة ) الحريري

المستوى الثاني
1. ( أحكام التجويد وفضائل القرآن ) الشيخ محمد عبد العليم
2. ( التمهيد في علم التجويد ) ابن الجوزي
3. ( فتح الاقفال شرح تحفة الأطفال ) الشيخ سليمان الجمزوري
4. ( أحكام قراءة القرآن ) الشيخ محمود خليل الحصري – شيخ عموم المقارئ المصرية
5. ( الموجز في النحو – نحو ولغة ) السراج
6. ( قطر الندى وبل الصدى – نحو ولغة ) ابن هشام
7. ( مختصر النحو ) الدكتور عبد الهادي الفضلي
8. ( النحو الوافي ) عباس حسن

ملحق خاص
خطوات تربوية لتغيير المراهق

1. الخطوة الأولى : اجلس معه
• أنواع المجالسة :
1. الفوقية : بأن تكون أنت جالس وهو واقف .
• الرسالة : افهم . أنا أعلم منك وأنا أعلى منك شرفاً ومعرفة .
• النتيجة : المكابرة والعناد .

2. التحتية : أنت واقف وهو جالس .
• الرسالة : أنا أقوى منك وأستطيع أن ألطمك وأهجم عليك في أي لحظة .
• النتيجة : الخوف وضعف الشخصية .

3. المعتدلة : نفس مستوى المراهق وبمواجهته و الدنو منه .
• الرسالة : أنا أحبك .
• النتيجة : الاطمئنان و الصراحة .

• أين تجالسه :
1. في مكان مألوف .
2. بعيد عن أعين الناس .
3. فيه خصوصية وسرية .
4. يفضل خارج المنزل أو مكان غير مكان حدوث المشكلة .
5. يفضل التغيير والانتقال إذا كان الوقت طويلاً .

• متى تجالسه :
1. في وقت لا يتبعه انشغال .
2. في وقت كاف للمراهق أن يقول ما لديه .
3. في غير أوقات العادة اليومية الخاصة ( النوم ، الطعام ... غيرها ) .
4. وقت الصباح أفضل من المساء .
5. في أوقات أو فترات متقطعة .

2. الخطوة الثانية : لا تزجره (الرفق و اللين) لاحظ في هذا :
 مراعاة نبرة الصوت في الحديث معه أن لا تكون حادة في كل وقت .
 مراعاة البطء في الحديث لتتأكد من أن المراهق يسمع كل كلمة مراده .
 فصاحة ووضوح الكلمة و العبارة باستعمال العبارات التي يفهمها الشاب .

3. الخطوة الثالثة : أشعره بالأمان
• يجب أن يشعر المراهق بالأمان و الثقة وأن المقصود هو البعد عن العادات السيئة و الأخطاء المرفوضة ويمكن لتحقيق ذلك مراعاته :
 في شكل الجلسة بالدنو منه دون التلويح باليد .
 بالصوت الهادئ بدون تأفف أو تذمر .
 بإعطاءه فرصة كافية ليعبر عن نفسه .

4. الخطوة الرابعة : تحاور معه
• ينتبه في هذه الخطوة إلى أهمية :
 الحديث معه بعرض المشكلة وبيان خطرها ، ومدى حرصنا على حمايته ، وإمكانية سماعنا منه ، واحتمالية سماحنا له عنها .
 عدم تصيد أخطاؤه أثناء الحديث معه ، وعد مقاطعته كلما وجدنا تناقض أو خطأ ، لأننا قد نعدل به عن الصراحة بهذا التصرف .
 استعمال أسلوب الإقرار الذاتي ، بحيث يقوم المراهق بالإقرار من نفسه على نفسه بالخطأ الذي وقع فيه ، وهذا يكون بالسؤال ، غير المباشر المؤدي إلى الإجابة المباشرة .
 الحرص على الأسئلة الكثيرة التي تكون إجاباتها بـ (لا) إذا كان المقصود منع الشاب ، و الأسئلة الكثيرة التي تكون إجاباتها بـ (نعم) إذا كان المقصود دفع الشاب ، بحيث لا يقل تكرارها عن عشر مرات في نفس الموقف .

5. الخطوة الخامسة : أحسن الاستماع إليه
• وللاستماع بصورة أجود يجب مراعاة :
 عدم التحديق في عين المراهق ، إنما النظر إليه بهدوء .
 الاستماع إلى الكلمات بالاهتمام المناسب .
 الانتباه إلى الإشارات الجسمية (مكان العين ، الشفاه المشدودة ، اليد المتوترة ، تعبيرات الوجه وتغيراته ، طريقة الجلسة ... غيرها ) .
 التقليل من المقاطعة ، أو الشرود عنه ( بالنظر إلى مكان آخر ، صوت فتح الباب ، الاستماع للراديو ... غيرها ) .
 الانتباه إلى نبرة صوته ، مع التفاعل معها .

6. الخطوة السادسة : أعطه حرية الاختيار
• مجالات يمكن إعطاء الخيار للمراهق فيها :
 طرق الحل للمشكلة .
 العقوبة وقدرها .
 المكافأة وكيفية الحصول عليها .
 أسلوب تنفيذ التكاليف المطلوبة .

7. الخطوة السابعة : حفزه عند الإنجاز
• الحوافز تشمل الأمور المعنوية كالشكر و الثناء و إبداء الرضا عنه ، و الأمور المادية كالهدية و تقديم مصلحة له و الخروج به لمكان معين ، ويقصد من الحوافز تغيير سلوك غير سوي أو استقرار وتعزيز سلوك حسن .

8. الخطوة الثامنة : عاقبة عند التقصير
• من أشكال العقاب :
 حرمانه من بعض محبوباته ، أو التقليل منها .
 اللوم و العقاب اللفظي كالكلام معه بشدة .
 خسارته من بعض حقوقه مثل منعه من المصروف أو الخروج مع أصحابه .
 فقده للثواب الموعود به عند الإنجاز .
 ضربه إذا دعت الحاجة لذلك ، لكن يكون آخر العلاج .

9. الخطوة التاسعة : اجعل له مجال للعودة
• وذلك بتقبله بعد التغيير ، ونسيان ما كان منه ، وكما قيل : " الوالد المنصف هو الذي تتغير نظرته عن ابنه كلما تغير ابنه " ، وبفتح المجال لذلك عند الحديث معه عن ما يراد تغيره .

10. الخطوة العاشرة : الدعاء
• وهذه الخطوة على جانبين :
 الأول : الدعاء له بظهر الغيب ، وأمامه بأن يغيره الله إلى ما هو أفضل .
 الثاني : حثه على الدعاء دائماً بأن يدعو الله أن يغيره إلى ما هو أفضل .

الخاتمة نسأل الله حسنها

أخي المسلم / أختي المسلمة ...
نختم معكم هذه الدروس العلمية على أمل أن نراكم محلقين في سماء العزة دعاةً لله عز وجل ، تنهلون من كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، راجيا منكم دعوة لي ولوالدي في ظهر الغيب ... سائلا المولى - في علاه – أن يجعل هذا العمل خالصاُ لوجهه الكريم وأن ينفع به المسلمين .
مؤكدًا على أهمية النية الصالحة واحتساب الأجر والإخلاص والبُعد عن أي مقاصد دنيوية لان النية الصالحة تؤثر أثراً عظيماً في استفادة المدعو وفي حصول الأجر، وكذلك أؤكد على أن يكون الداعية قدوة بفعله قبل قوله وأن لا يأمر الناس ويدعوهم إلى شيء إلا وقد حاول في امتثاله وتطبيقه، سائلاً الله سبحانه أن يجعل في هذه الدورة خيراً وأجراً وبركة لي ولكل من يطلع عليها أو يستفيد منها أو ينشرها أو يطبعها أو يعين على ذلك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن صار على هديه إلى يوم الدين.

أخوكم المُحب والداعي لكم بالخير
مهنا نعيم نجم ،، أبو الحارث

أهم المراجع والمصادر
حسب الترتيب الهجائي

1. أصول الدعوة – الشيخ المحامي الدكتور عبد الكريم زيدان
2. برنامج علمي لطلب العلم – الشيخ أسامة عطايا العتيبي
3. الجدية في الإلتزام – الشيخ العلامة محمد حسين يعقوب
4. الدعوة الاسلامية منهج قويم وداعية بصير – الشيخ جمال محمد بواطنة
5. رسالة إلى الدعاة – الشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
6. ركائز الدعوة – الشيخ الدكتور مجدي الهلالي
7. زاد المعاد في هدى خير العباد – شيخ الإسلام ابن القيم الجوزية
8. شرح كتاب حلية طالب العلم – الشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
9. صحيح السيرة النبوية – الشيخ العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني
10. فن الإلقاء الدعوي – شبكة صيد الفوائد الإسلامية
11. كيف أطلب العلم – الشيخ الدكتور عائض القرني
12. لكَ رسالة، عوائق الدعوة، لماذا هي ؟! الشيخ عبد الله العيدان
13. مراهق بلا أزمة - الدكتور أكرم رضا
14. معالم في طريق طلب العلم – الشيخ عبد العزيز السدحان
15. من ثمار الدعوة – الشيخ عبد الملك القاسم
16. 30وقفة في فن الدعوة – الشيخ الدكتور عائض القرني
17. 11 وسيلة لتأثير على القلوب – الشيخ الدكتور ابراهيم الدويش

فهرست المواضيع
1. التمهيد
2. تزكيات
3. المقدمة
4. الفصل الأول
 تعريف الدعوة
 الداعي الأول
 لمحات من حياة الداعي الأول
5. الفصل الثاني : لماذا الدعوة " ثمار الدعوة "
6. الفصل الثالث : ضوابط الدعوة
 الإخلاص والصدق
 الاهتمام بالعلم الشرعي
 العمل والتطبيق
 الصبر
7. الفصل الرابع
 عدّة الداعية وصفاته
 توقير العلماء كيف يكون
 وسائل الدعوة
 إشارات مهمة على الطريق
 إشارة تمهل أمامك مفترق
8. الفصل الخامس
 العوائق العامة في طريق الدعوة
 معوقات الداعية
9. الفصل السادس
 أهمية فن الدعوة والإلقاء
 عناصر الإلقاء الناجح
 اكتساب القدرة على الإلقاء الناجح
 وسائل اكتساب الشخصية الدعوية
 صفات مثالية للداعية
 كيف يمكن الوصول للإلقاء الناجح
 خطوات لتغلب على الخوف والخجل
 للوصول إلى إلقاء متميز
 نصائح لجذب القلوب
10. الفصل السابع
 برنامج طلب العلم والقراءة
 البرنامج اليومي
 البرنامج الإسبوعي
11. الفصل الثامن : خطوات تربوية لتغيير المراهق
12. الخاتمة نسأل الله حسنها
13. المراجع والمصادر
14. الفهرس

على المغلف الخلفي للكتاب

يا رعاك الباري ،،،
ها قد آن هنا الأوان ...فاسعد وقر عيناً ..
فما أجمل أيها الحبيب . . أن ترسم على الثغر الحزين بسمه ، وأن تضيء في ظلام العتمة شمعة ، سُددت ووفقت لكل خير .
والحمد لله رب العالمين .

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك