عثمان عبد الله بريشا بنكمرت من البوذية إلي الإسلام
عثمان عبد الله بريشا بنكمرت من البوذية إلي الإسلام
بريشا بنكمرت من رجا التربية والتعليم بمملكة تايلاند. نشأ فى أسرة بوذية يتمسك أفرادها بتعاليم وفلسفة بوذا، ويحرصون على الانخراط فى سلك الرهبنة لفترات معينة من حياتهم، ورغم تفانى هذه الأسرة فى الأخذ بمبادىء وفلسفته التى لم يتبق منها غير الأساطير والخرافات ـ وهذا هو شأن الوثنية فى جميع مراحلها وأطوارها ـ لم يطمئن بريشا إلى هذه الديانة. ولم يأبه بالضجة التى يثيرها الرهبان فى بيت والده، من أن باستطاعتهم كشف عالم الروح وما فيه من خوارق، وأنهم بفضل هذا الاتصال يستطيعون الاتيان بالععجائب من شفاء المرضى وتأليف القلوب، وإطفاء نار الكراهية بين المتباغضين، وجلب الرزق، وجمع الحبيب بحبيبه. وهى أمور يعجز عنها، فى زعمهم، رجال الدين فى أية ملة أخرى.
لم يصدق بريشا كل ذلك، وطالما وجه الأسئلة إلى والده وإلى الرهبان من حوله لمعرفة أصول ديانته، ودورها فى الحياة. فكان جوابهم الدائم له: إذا أردت المعرفة فانخرط فى سلك الرهبنة.
الرهبانية المتَماوِتَة:
ولكن بريشا الشاب لم يكن يرتاح لهذ الجواب، اذ لم تكن لدية الرغبة فى ان يصبح راهباً ولو لفترة وجيزة، فهو يكره ان يصير كهؤلاء الكسالى العاطلين الذين يعيشون على هامش الحياة، لا هم لهم إلا حمل الأوانى الفخارية، والخروج بها من معابدهم كل يوم قبل شروق الشمس ثم الوقوف على جانبى الطريق يتلمسون الهبات ممن الشيوخ والمسنين والنساء الذين يمؤونها بالأرز المسلوق والسمك المجفف.
والشىء الذى هيأ للشاب بريشا الابتعاد عن ديانته أكثر من ذلك وفاة والده الذى فقد الرهبان بموته محسناً كريماً. وانقطعت صلتهم بأهل البيت عندكا أكمل بريشا دراسته. واستلم وظيفته بإحدى المدن البعيدة عن ولايته. وكان له إخوة صغار زغب يرعاهم وينفق عليهم.
وهكذا أدىء العبء الثقيل الملقى على عاتق بريشا ومسئوليته نحو أسرته إلى إبتعاده عن المجتمعات، وقضائه وقت فراغه فى البيت مع إخوته يناقشهم نحو أسرته إلى إبتعاده عن المجتمعات، وقضائه وقت فراغه فى البيت مع إخوته يناقشهم فيما درسوه ويشرح لهم ما صعب عليهم من الدروس والمسائل.. فى تلك الآونة كان يخلو أحياناً إلى نفسه فيتأمل هذا الكون الفسيح، وما فيه من نظام بديع وجمال متسق. فلا يملك أن يتساءل: أحقاً أن الطبيعة كما يقولون أوجدت نفسها بالصدفة؟!!
دين البشرية:
ومن هنا حببت إليه دراسة الأديان، والبحث عن الدين الذى يجدر أن يكون دين البشرية ودين الحياة كما يصفه.
ويتحدث بريشا فى مقال نشرته له مجلة الرابطة الإسلامية التى تصدر فى بانكوك باللغة التايلاندية فيقول:
لقد ظللت أبحث عن الدين الذى يصح أن نقول بحق إنه دين البشرية وأحمد الله إذ أنار طريق الهدى فرأيت الحق، وانشرح صدرى للإسلام.
وفى 24 يناير 1971م أعلنت إسلامى وغيرت اسمى من بريشا بنكمرت إلى عثمان عبد الله.
موقف البوذيين:
وما أن علم البوزيون بإسلامى حتى أقبلت جموعهم إلى بيتى وأخذوا يتساءلون بنوع من التهكم والسخرية:
كيف يكوا الإسلام خيراً من دينك ودين آبائك..؟؟! ألا ترى المسلمين هنا، وما هم عليه من فرقة وتخلف وجهل؟؟! ماذا رأيت من فضيلة فى الإسلام حتى دعتك نفسك لاعتناقه؟! ألا يكفيك مظهر المسلمين فى بلادنا؟
فكان جوابى على هذه التساؤلات:
لاتعجلوا يا قوم، فالإسلام دين السلام والمساواة والحرية، والآخاء والكرامة والعزة. يظهر ذلك جليا فى أحكامه ومبادئه وآدابه. فالصوم فى الإسلام ليس كالصوم فى الأديان الأخرى، لأن مشكلة الإنسان ليست فى أن يكبت مطالب جسده ، وأن يتغلب عليها حتى تكون أقرب إلى العدم منها إلى الوجود. فهذا أمر ممكن بالمران والتعود ومستطاع، فشهوة الجنس مثلاً يمكن استئصالها باستئصال المذاكير، وشهوة الطعام والشراب بالحرمان، مثلما يفعل الرهبان حتى يصير جسد الواحد منهم أشبه بهيكل عظمى متحرك، ولكنهم مع ذلك لم يتركوا بذلك أى أثر لهم فى الحياة كبشر درجوا على وجه هذه البسيطة وعموا ما أمكنهم عمرانه فيها، بل انصرفوا عن ذلك فى عجز وحسرة.
دين الفطرة:
لذلك فالإسلام، الذى هو دين الفطرة، لم يرض للمؤمنين به هذا السلوك السلبى الانعزالى، ولم يشرعه لهم. بل عدل مطالب الجسد وهذبها، ولم يكبتها... ونمى الغريزة وعلاها ولم يستأصلها ورسم الطريق السوى للسير بها نحو الكمال.
فالصوم فى الإسلام تعويد للنفس على الصبر والجهاد ضد الشهوات الآثمة المحرمة، ومراقبة الله فى السر والعلن: واستشعار لطعم الحرمان والجوع كى يعطف الصائم على المحرومين. كما أن فى الصوم فرصة لإعطاء الجسم راحة من التخمة. فالصوم مفيد للشخص فى صحته وروحه وعقله، وللمجتمع فى تقاربه وتعاونه واتحاده. كما أن فى الصوم فى الإسلام يعود الإنسان على عدم الإسراف أو التطلع لما فى يد الغير لأنه قد تعود أن يستغنى بما فى جسمه سحابة النهار كله، وتدرب على الاكتفاء الذاتى وهو مبدأ اقتصادى عام.
وجملة القوم إن الصوم فى الإسلام ليس حرماناً من تناول الحلال الطيب مأكولاً أو مشروباً، ولا انهماكاً فى تناوله بلا حساب. فكلا الطرفين دميم. وخيرهما ما هو وسط.
أما الزكاة .. فلم أجد ديناً وضع لها تشريعاً شاملاً كالإسلام، والمجتمع الإسلامى الذى يحرص على إخراج الزكاة يخلو من الفقر والحرمان والتشرد، ولا يشعر اليتامى فيه ولا الأرامل بضيق العيش أو نكد الحياة.
إننى أتصور لو أن العالم كله أهتدى إلى الإسلام لما بقى على ظهر الأرض جائع أو محروم أو شقى. والمجتمع المسلم الذى لم يلتزم بأحكام الإسلام وآدابه مجتمع تظيف سعيد تنعدم فيه الجرائم بكافة ألوانها. ورغم الصعوبات التى تعترض طريقى والمضايقات التى ألقاها فإننى أتجمل بالصبر ولا أتهرب من مواجهى من يلقانى لعلمى أن الهداية الربانية جَلَت قلبى، وأن واجبى الصمود فى وجه الأعاصير ليتسنى لى القدرة على خوض ميدان الدعوة إلى الإسلام بروح من الحب والعزم والسلام والرحمة، ولكى أستطيع بذل الجهد الممكن فى الدعوة إلى الإسلام .. ذلك الدين الذى اقتضت العناية الإلهية أن يكون الدين العام الخالد للبشرية بمختلف ألوانها وأجناسها ولغاتها حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. عثمان عبد الله (تايلاند)
(بريشا بنكمرت سابقا)
نشرت قصة إسلام الأخ عثمان فى العدد 34 من مجلة الرابطة الإسلامية الصادر فى بانكوك ـ تايلاند بتاريخ فبراير 1971م
المصدر: http://ashawes.com/quran/vg.php?sedany=vg94