قصة إسلام أفراح الشيباني
قصة إسلام أفراح الشيباني
ترجمة: زكي شلطف الطريفي
كلُّ ما يمكنني أن أتذكَّره هو أنَّ عائلتي كانت تتبع كنيسةً لاطائفيَّةً محافظةً هي الكنيسة المسيحيَّة (كنيسة المسيح). فقد ترعرت في الكنيسة، ودرست المدرسة الإنجيليَّة، وأنشدت في الجوقة الكنسيَّة. وكمراهقةٍ فتيَّةٍ بدأت بطرح الأسئلة (كما يفعل -على ما أظن- كلُّ إنسانٍ في إحدى مراحل حياته): لماذا أنا عضوة في كنيسة المسيح (عليه الصَّلاة والسَّلام)، وليس –لِنَقُلْ- في الكنيسة اللوثريَّة، أو الكاثوليكيَّة، أو الميثوديَّة(المنهجيَّة)؟ فإذا كانت الكنائس المختلفة تعلِّمنا مذاهب متناقضة، فكيف لنا أن نعرف أيُّها الصحيح؟ فهل هي كلُّها صحيحة؟ وهل كلُّ الطُّرُق تؤدِّي إلى الإله؛ كما سمعت البعض يقولون؟ والبعض الآخر يقول بأنَّك إن كنت إنساناً طيِّباً، فلا يهمُّ بماذا تؤمن؛ فهل هذه حقيقة؟
بعد قليلٍ من البحث الرُّوحي قرَّرت بأنِّي أومن بأنَّ هناك حقيقةً مُطْلَقةً ما، وفي محاولةٍ لإيجادها بدأت بدراسةٍ مُقارِنَةٍ لمختلف الكنائس. وقرَّرت بأنِّي أومن بالإنجيل، وأنِّي سأنضمُّ إلى الكنيسة الَّتي تتبع الإنجيل بطريقةٍ أفضل. وبعد دراسةٍ مُطوَّلةٍ قرَّرت البقاء في كنيسة المسيح (عليه الصَّلاة والسَّلام)، قانعةً بأنَّ تعاليمها كانت ذات وقعٍ إنجيليّ (غافلةً في هذه المرحلة عن أنَّ هناك ترجمات مختلفة للإنجيل).
قضيت سنةً في كليَّة ميتشيغان المسيحيَّة، وهي كليَّةٌ صغيرةٌ مرتبطةٌ بكنيسة المسيح (عليه الصَّلاة والسَّلام)، ولكنَّها لم تكن ناجحةً أكاديميَّاً، ولذلك التحقت بجامعة ميتشيغان الغربيَّة. وقدَّمت فيما بعد طلباً من أجل سكن الطَّلبة، فحصلت على مكانٍ في سكن الطَّلبة الدَّولي. وعلى الرغم من أنَّ زميلتي في الغرفة كانت أمريكيَّة، إلَّا أنَّني شعرت بأنِّي مُحاطةٌ بأناسٍ غرباءٍ من أماكن غريبة. فقد كانت هذه حقاًّ هي أولى تجاربي مع التنوُّع الثقافيِّ، وكان هذا يخيفني (حيث أنِّي تربَّيْت في طبقةٍ متوسطةٍ في مجتمعٍ مسيحيٍّ من العرق الأبيض). حاولت أن أغيِّر السكن، ولكن لم يكن هناك بديل. لقد أحببت زميلتي في الغرفة حقاًّ، فقرَّرت أن أبقى لذلك الفصل.
كانت زميلتي تشارك في نشاطات السكن، وصارت تعرف معظم الطَّلبة تقريباً. أما أنا فانضممت إلى فرقة المسير، وأمضيت وقتي فيها. وعندما انتهى فصل المسير، وجدت نفسي وقد أصبح لديَّ وقت فراغٍ كثير، فانضممت إلى زميلتي في مغامراتها في أنحاء السكن. فتكشَّف لي بأنَّ الامر كان رائعاً، وتجربةً ساحرة! فقد كان هناك الكثير من الطَّلبة العرب الَّذين يعيشون في السكن. كانوا لطفاء، ووسيمين، ولديهم الكثير من المرح. وبدأت زميلتي بمواعدة أحدهم، فانتهى بنا الامر إلى قضاء معظم وقتنا مع العرب. أظنُّ بأنِّي كنت أعرف أنَّهم مسلمون، (مع أنَّ القليل منهم كانوا ملتزمين). ولم نناقش الدِّين أبداً، فقد كنَّا نتسلَّى فقط.
انقضى العام، وبدأت علاقتي تتوطَّد بأحدهم. كان كلٌّ منَّا يستمتع برفقة الآخر، ولكنَّنا لم نناقش الفروق الدِّينيَّة أبداً. ولم يكن أيٌّ منَّا في ذلك الوقت ملتزماً بدينه، ولذا لم يكن هذا الامر حقاًّ يشكِّل موضوعاً بالنِّسبة لنا. لقد شعرت في قرارة نفسي بالذَّنْب لعدم ذهابي إلى الكنيسة، ولكنِّي حاولت ألَّا أُفكِّر في ذلك. فقد كان لديَّ الكثير من المتعة.
مرَّ عامٌ آخر، وكنت في بيتي لقضاء إجازة الصَّيف، عندما هاتفتني زميلتي في السكن وأخبرتني أخباراً صدمتني: لقد أصبحتْ مسلمة!!! فأصابني الرُّعب. لم تخبرني لماذا غيَّرت دينها، بل أخبرتني فقط بأنَّها كانت تقضي الكثير من الوقت في الحديث عن الإسلام مع أخ صديقها، وأنَّ هذا الدِّين يروق لها. بعد إنهاء المكالمة قمت فوراً بكتابة رسالةٍ مُطوَّلةٍ لها موضحةً بأنَّها بذلك تدمِّر حياتها، وأنَّ عليها أن تعطي المسيحيَّة فرصةً أخرى فقط. في تلك الفترة ذاتها، انتقل صديقي إلى جامعة أزيوسا باسيفيك في كاليفورنيا. فقرَّرنا الزَّواج، والانتقال معاً إلى كاليفورنيا. وكنَّا -كما قلت سابقاً- لا يلتزم أيٌّ منَّا بدينه، ولذلك لم يتمَّ نقاش الدِّين مُطلقاً.
بدأت سراًّ أقرأ كُتُباً عن الإسلام، إلَّا أنِّي كنت أقرأ الكتب الَّتي كتبها غير المسلمين. كان أحد الكتب الَّتي قرأتها هو كتاب الإسلام المكشوف لأنيس شورش. فشعرت بالذَّنب لدخول صديقتي الإسلام. لأنِّي شعرت بأنِّي لو كنت مسيحيَّةً أفضل لكانت قد انضمَّتْ إلى الكنيسة بدل الإسلام. لأنَّ الإسلام من صنع البشر -هكذا كنت أومن- وأنَّه مليءٌ بالتناقضات. فبعد قراءة كتاب شورش، اعتقدت بأنِّي أستطيع ادخال صديقتي وزوجي المسيحيَّة.
في مرحلة الـ APU –وهي إحدى المراحل الدِّراسية- كان على زوجي أن يأخذ بعض الموادِّ الدِّينيَّة. وفي أحد الأيَّام عاد إلى البيت بعد الدَّرس وقال: كلما تعلَّمت عن المسيحيَّة أكثر، أصبح إيماني بالإسلام أقوى. وفي هذا الوقت تقريباً بدأت تظهر عليه علاماتٌ بأنَّه يريد أن يلتزم بدينه من جديد. فبدأت المشكلات بيننا. وبدأنا الحديث عن الدِّين، والجدال حول معتقداتنا المختلفة. فأخبرني بأنِّي يجب أن أتعلَّم عن الإسلام، فأجبته بأنِّي أعرف كلَّ ما أحتاج معرفته. وأخرجت كتاب شورش، وقلت له بأنِّي لا يمكن أبداً أن أومن بالإسلام. لم يكن زوجي من الدَّارسين للإسلام ولا بأيِّ شكل، ولكنَّه مع هذا أجاب على كلِّ ما أَرَيْتُه إيَّاه في كتاب شورش. فكنت مُنْبَهِرَةً بمعرفته. وأخبرني بأنِّي إن أردت حقَّاً أن أتعلَّم عن الإسلام، فإن َّعليَّ أن أفعل ذلك من خلال المصادر الإسلاميَّة ذاتها. واشترى لي بعض الكتب من المكتبة الإسلاميَّة، وبدأت حضور دروسٍ في المسجد المحليّ. وكم كان الفرق شاسعاً بين الإسلام الَّذي تعلَّمته من المصادر الإسلاميَّة، وذاك الَّذي تعلَّمته من غير المسلمين!!!
وعلى الرغم من ذلك فقد كان الامر صعباً عليَّ عندما أردت أن أدخل الإسلام فعلياًّ. فقد وقف اعتزازي بنفسي في طريقي لبعض الوقت. فكيف يمكن أن أعترف لزوجي ولصديقتي بأنَّهما كانا على الحقِّ كلَّ الوقت؟ لقد شعرت بالإهانة والحَرَج. ولكنِّي لم أستطع مع ذلك أن أُنكر الحقيقة لمدَّةٍ أطول، وهكذا لفظت كبريائي -والحمد لله- وأعلنت إسلامي، وهو أفضل قرارٍ اتَّخذته في حياتي.
هناك بعض الأمور الَّتي أريد قولها للقُرَّاء غير المسلمين:
1- عندما بدأت البحث عن الحقيقة كلَّ تلك السنين، قمت بوضع بعض الفرضيَّات الخاطئة. أوَّلها أنَّني افترضت أنَّ الحقيقة لا توجد إلَّا في المسيحيَّة فقط. فلم يُتَحْ لي أبداً -في ذلك الوقت- أن أنظر خارج المسيحيَّة. وثانيها أنَّني افترضت بأنَّ الإنجيل هو كلام الله تعالى. فكانت هذه الفرضيَّات خاطئةً لأنَّها منعتني من النظر إلى الأمور بموضوعيَّة. ولذلك كان عليَّ -عندما بدأت دراستي المبكِّرة للإسلام- أن أبدأ من الصِّفر، ودون أن يكون لديَّ أحكامٌ مسبقة. فلم أكن أنظر إلى الإسلام كمسيحيَّة؛ بل نظرت إليه وإلى المسيحيَّة (والكثير من الأديان الأخرى) من وجهة نظر إنسانٍ لا علاقة له بهذا الدِّين أو ذاك. فنصيحتي لكم أن تكونوا قُرَّاء ومفكِّرين ناقدين.
2- خطأٌ آخر يرتكبه الكثير من النَّاس عندما يتحدَّثون عن الإسلام، وهو أنَّهم يلتقطون شيئاً مُعيَّناً ثم يحكمون على الإسلام كلِّه من خلاله. فمثلاً، يقول الكثير من النَّاس بأنَّ الإسلام يضطهد المرأة لأنَّ قوانين الميراث الإسلامية تعطي الذَّكَر مرَّتين أكثر من الأنثى. وما لا يعرفونه هو أنَّ الذَّكر في الإسلام تقع عليه المسؤوليَّة الماليَّة، والَّتي لا تُلزم المرأة. فإن لم تكن كلُّ أجزاء الصُّورة في مكانها الصحيح، فإنَّكم لن تستطيعوا الحكم على الصُّورة كاملة.
3- الكثير من النَّاس يقولون بأنَّ زوجي هو السَّبب الوحيد الَّذي دفعني لدخول الإسلام. صحيحٌ أنَّني درست الإسلام لأنَّه طلب منِّي ذلك، ولكنِّي قَبِلْتُ الإسلام لأنَّه الحقّ. وأنا وزوجي في هذه الفترة منفصلان، ونخطِّط للطَّلاق ولم يكن أبداً إيماني بالإسلام أقوى مما هو الآن. وأتطلَّع لإيجاد زوجٍ مسلمٍ ملتزم -إن شاء الله تعالى- وأن أزيد إيماني وتطبيقي للإسلام. وأن أكون مسلمةً طائعةً هي أولويَّتي رقم واحد.
وأدعو الله تعالى أن يهدينا جميعاً لنكون أقرب إلى الحق.
أختكم أفراح الشيباني
عن: www.usc.edu/dept /MSA/newmuslims
المصدر: http://ashawes.com/quran/vg.php?sedany=vg75