قصة اسلام الرسام والمفكر الفرنسي المعروف اتييان دينيه
قصة اسلام الرسام والمفكر الفرنسي المعروف اتييان دينيه
وُلد في باريس عام 1861.. وتوفى وقد بلغ من العمر سبعين عاماً وقد احتشد حوله لتوديعه الوداع الأخير عدد كبير من الناس، ومن كبار المسئولين وعارفي فضله من أهله ومن غير أهله من ممثلي الشعوب.. وقد دفن في مدينة بوسعادة بالجزائر بناء على وصيته..
أحب حياة العرب، وهو ذلك الفنان الكبير، الذي يعد واحداً من كبار رجال الفن والتصوير، فهو صاحب اللوحات الكبيرة النفسية التي تحتفظ بها المتاحف الفرنسية الكبيرة، وغيرها من متاحف العالم ومن تلك اللوحات الشهيرة لوحة باسم غداة رمضان في متحف باريس كذلك لوحاته الأخرى التي في لوكسمبرج وسدني وغير ذلك كثير... وجميع صورة تدل على المقدرة الفنية الكبيرة في دقة التعبير عن الحالات النفسية المختلفة كما يذكر النقاد.
كان فناناً يتملكه شعور ديني، فامتزج فيه الفن بالدين، فكان مثالاً واضحاً للإنسان الملْهَم، غير أنه كان يستولي عليه شعور بالقلق والحيرة من الناحية الدينية.
وكما كان دينيه يفكر في لوحاته، كان يفكر في مصيره... بحث عن علاج لطبيعته الدينية القلقة في النصوص المقدسة، وفي العقائد التي يدين بها الوسط المحيط به... فكر في المسيحية والكنيسة.. وفي البابا المعصوم.. وفي عقيدة التثليث والصلب، والفداء، والغفران.. أخذ يفكر: هل صحيح أن المسيح ابن الله؟.. وهل صُلب ليطهر بني البشر من اللعنة التي حلت بهم بسبب خطيئة آدم؟.. كيف صُلب ليفتدي البشر وهو ابن الله؟ّ.
أعاد قراءة الأناجيل من جديد محاولاً جهده أن يراها تتسم بسمة الحق، فيؤمن بابن الله، ولكنه رأى فيها ما يتنافى مع الصورة المثلى للإنسان الكامل، فضلاً عن الصورة التي تريد المسيحية أن توحي بها... قرأ أقوالاً غريبة في الأناجيل نُسِبتْ للمسيح، من ذلك:
في اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، كانت أم يسوع هناك، ودع يسوع تلاميذه إلى العرس ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر.. .. قال يسوع: مالي ومالك يا امرأة! (إنجيل يوحنا ـ الإصحاح الثاني عشر).
ومن أقواله التي توجب كراهية الأقرباء:
إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يبغض أباه وأمه، وامرأته وأولاده، واخوته وأخواته، حتى نفسه أيضاً، فلا يقدر أن يكون تلميذاً لي (إنجيل لوقا ـ الإصحاح الرابع عشر).
كذلك من الأقوال الغريبة التي نسبت للمسيح وقرأها دينيه.
وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن إلا الأب (إنجيل مرقص ـ الإصحاح الثالث عشر).
وغير ذلك من نصوص بعثت في نفسه شكوكاً في صحة الأناجيل التي اطلع عليها.. الأمر الوحيد الذي لم يشك فيه أن الله قد أنزل الإنجيل على عيسى بلغته ولغة قومه، ولكن هذا الإنجيل ضاع واندثر، ووجد مكانه توليفات أربعة مشكوك في أمرها، يكفي أنها مكتوبة باللغة اليونانية، وهي لغة غريبة عن لغة عيسى الأصلية التي هي لغة سامية..
وثار شعوره الديني على أوضاع مبهمة، وألفاظ غامضة لا يستطيع فهمها، وانتهى به المطاف بعد بحث وجدل ومناظرات طويلة إلى رفض المسيحية، بعد أن تيقن أن المسيحية الحالية ليست هي مسيحية عيسى، بل لا تمت إليه بصلة، اللهم إلا اسماً.
ورأى دينيه أن يتجه إلى العقل يستمد منه الهداية إلى الطريق المستقيم ولكنه انتهى إلى أن العقل عاجز عن إشباع غريزته الدينية.. والتفت حوله: ماذا فعل أمثاله ممن شكّوا في المسيحية؟!.. لقد رأى أن كثيراً منهم قد اتجه إلى الإسلام، فاتجه إليه يستكشفه، فلم يجد ـ بعد دراسة عميقة ـ سوى القرآن، ذلك الكتاب الوحيد الذي لم ينله التحريف ولا التبديل، وحاول الاستزادة، فعرف عن الكثير عن الإسلام بحكم معايشته للبيئة الإسلامية، وقد تمخضت هذه المعرفة عن اعتناقه للإسلام باقتناع تام.. بل تمخض عنه أكثر، قيامه بالدعوة الإسلامية، ووضعه لعدة مؤلفات قيمة مثل محمد رسول الله بالاشتراك مع سليمان الجزائري وقام بترجمته إلى العربية الدكتور عبد الحليم محمود، ومحمد عبد الحليم محمود..، وأشعة خاصة بنور الإسلام ترجمة راشد رستم إلى العربية.. والحج إلى بيت الله الحرام.. والشرق في نظر الغرب... وغيرها.
المصدر : الجانب الخفي وراء اسلام هؤلاء محمد كامل عبدالصمد
المصدر: http://islameiat.al3robh.com/vg/?sedany=vg56