خطورة التعصب المذهبي

خطورة التعصب المذهبي

لقد شاع بين المسلمين منذ قرون طويلة أن المسلم منذ أن يبلغ سن التكليف ويتلقى أحكام دينه فعليه أن يلتزم أحد المذاهب الفقهية الأربعة: (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) وعادة يلزمونه بتقليد مذهب أبيه ويرون أنه لا يجوز له أن يخالف مذهبه ولا أن يأخذ من المذاهب الأخرى، وجعلوا الأخذ من أكثر من مذهب في العبادة أمرا غير جائز، وصاروا ينكرون على المسلم عدم التزامه بمذهب معين من المذاهب الأربعة التي شاعت لأسباب وظروف خاصة. ولا يخفى على كل مسلم فضل الأئمة الأربعة وخدمتهم للدين، لذا سوف نبين – إن شاء الله تعالى – من خلال هذا المقال وجه الحق في مسألة التعصب المذهبي التي انتشرت في أوساط المسلمين قديما وحديثا.
وقبل الشروع في المقصود أحب أن أقدم بعض المقدمات المهمة:
المقدمة الأولى: أن التزام أحد المذاهب الفقهية وعدم أخذ ما سواه أمر محدث لم يكن موجودا في القرون الأولى المفضلة التي فضلها النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" متفق عليه.
فقد ذكر الفلاني في كتابه "إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار" أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن في زمانهم وعصرهم مذهب لرجل معين يدرس ويقلد وإنما كانوا يرجعون في النوازل إلى الكتاب والسنة وإلى ما يتمخض بينهم من النظر عند فقد الدليل إلى القول به، وكذلك تابعوهم أيضا كانوا يرجعون في النوازل إلى الكتاب والسنة، فإن لم يجدوا نظروا إلى ما أجمع عليه الصحابة، فإن لم يجدوا اجتهدوا.
المقدمة الثانية: إن فضل الأئمة الأربعة من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، فهم الأئمة الذين يقتدى بهم، بل هم من خير الناس حيث إنهم عاشوافي القرون المفضلة التي فضلها النبي – صلى الله عليه وسلم – فهم علماء الأمة الذين أناروا للأمة الإسلامية طريقها وأرشدوها إلى الخير وإلى تعلم أحكام الدين، ولا غنى لأي مسلم عن الاستفادة منهم ومن علمهم الوفير فجزاهم الله عن الإسلام كل خير.
المقدمة الثالثة: ينبغي على كل مسلم أن يعلم أن العالم المجتهد غير معصوم فهو يخطئ ويصيب كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر" متفق عليه.
فليس كل ما يقوله أي عالم مجتهد هو الحق، بل قد يكون قوله صوابا، وقد يكون خطأ، وإن أخطأ العالم فإن ذلك لا ينقص من قدره شيئا بل يرفعه ويعلي شأنه حيث إنه بذل وسعه في الوصول إلى الحق وحصل على الأجر من الله عز وجل.
المقدمة الرابعة: إن المجتهد وإن كان مأجورا على كل حال، ومعذورا في اجتهاده إن أخطأ فإن ذلك لا يعد مسوغا لمن اتبعه أن يأخذ قوله الخطأ ويترك الدليل، بل لا يعذر بذلك، ويأثم على اتباعه لإمامه وتركه الدليل.
- وبعد هذه المقدمات المهمة ينبغي على كل مسلم غيور على دينه أن يعلم أن التعصب المذهبي والتقليد الأعمى يعد من أخطر الأمور وأعظمها أثرا في تمزيق الأمة الإسلامية وتفريقها شيعا وأحزابا كما قال المعصومي في "هدية السلطان" إن من التزم واحدا منها – يعني المذاهب الأربعة – بعينه في كل مسألة فهو متعصب مخطئ مقلد تقليدا أعمى، وهو ممن فرقوا دينهم وصاروا شيعا، وقد نهى الله تعالى عن التفرق في الدين فقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)، وقال تعالى: (ولاتكونوا من المشركين الذين من فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون).
- وإليك أخي القارئ هذا البيان الموجز عن خطأ هذا التعصب المذهبي وخطورته:
1 – إن هذا التعصب هو سبب لتفرق الأمة الإسلامية وشتات شملها، حيث إنه لما شاعت فكرة التعصب المذهبي نشأ عن ذلك افتراق الكلمة، فكل مذهب له رأي خاص في المسألة الواحدة حتى تجرأ الكثير من أتباع المذاهب على تضليل من يخالفه بل تكفيره، وإليك بعض الأمثلة:
أ – قال بعض الأحناف: لايجوز للحنفي أن يتزوج شافعية لأنها تشك في إيمانها، لأن الشافعية يجيزون أن يقول المسلم: أنا مؤمن إن شاء الله، وهذا يدل على عدم تيقنها في إيمانها، والإيمان لابد فيه من اليقين. وقال بعضهم يجوز للحنفي أن يتزوج الشافعية حتى ولو كانت شاكة في إيمانها قياسا على الكتابية!! ذكر ذلك ابن نجيم في "البحر الرائق".
ب – ذكر ابن نجيم في "البحر الرائق" وابن عابدين في "رد المحتار" مسألة في عدم جواز ائتمام الحنفي بالشافعي. وقد ذكر ابن أبي العز الحنفي في "الاتباع" أن ذلك كان موجودا في القرن السادس الهجري، حيث كان في المسجد الحرام أربعة مقامات لكل مقام إمام، فيصلي كل مسلم خلف إمام مذهبه!!
ج – ذكر محمد رشيد رضا في "مقدمة المغني" أن يعض الحنفية سمع رجلا يقرأ الفاتحة وهو بجانبه في الصف فضربه بمجموع يده على صدره ضربة وقع بها على ظهره فكاد يموت!! وذكر أن بعضهم كسر سبابة مصل لرفعه إياها في التشهد! فلما سئل عن السبب قال: لأنه فعل فعلا محرما وهو تحريك أصبعه في التشهد، ولما سئل عن دليل هذا التحريم قال: الدليل ما هو مدون في كتاب الفقه للشيخ الكيداني! وذكر ذلك أيضا عبدالجليل عيسى في كتابه "ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين".
د – قال بعض متعصبي المالكية: إن من حلف على أن جميع ما في كتاب موطأ مالك من الأحاديث صحيح لا يحنث، أما من حلف على أن جميع ما في البخاري ومسلم من الأحاديث صحيح فإنه يحنث في يمينه! ذكر ذلك عبدالجليل عيسى.
هـ – وذكر أيضا أن بعض المتعصبين من الشافعية سئل عن حكم الطعام الذي وقعت عليه قطرة نبيذ فقال – عفا الله عنه - : يرمى لكلب أو حنفي !
و – قال الكرخي في كتابه "أصول الكرخي": الأصل أن كل آية تخالف قول أصحابنا فإنها تحمل على النسخ أو على الترجيح، والأولى أن تحمل على التأويل من جهة التوفيق!
ز – ذكر الشاطبي في "الموافقات" أن أحدهم خالف قول الإمام مالك فقال الفقهاء: سبحان الله ! تترك قول مالك الذي أفتى به أسلافنا ومضوا عليه واعتقدناه بعدهم وأفتينا به لا نحيد عنه بوجه وهو رأي أمير المؤمنين ورأي الأئمة آبائه؟!
ح – قال الشيخ محمود عبدالوهاب فايد، المدرس بالأزهر: صليت بالناس إماما في مسجد كبير بالأرياف صلاة المغرب ولم أجهر بقراءة البسملة في الفاتحة، وبعد الصلاة نادى أحدهم بالناس إن صلاتكم باطلة وأمر بإعادتها، فأقيمت الصلاة وصلى الشيخ خلف هذا المنادي، وبعد الصلاة ذهب إليه وقال له: أحب أن أعلم الخطأ الذي استوجب بطلان الصلاة فقال: لأنك لم تبسمل أول الفاتحة! ولم يدر هذا المسكين أن الإمام مالك قال بأن قراءتها مكروهة، فهل يظن عاقل أن صلاة الإمام مالك كلها باطلة!
ط – وذكر عبدالجليل عيسى أنه طالما رأى مأمومين من الشافعية إذا صلوا خلف إمام مالكي أو حنفي لم يقرأ آية السجدة في الركعة الأولى من صبح يوم الجمعة ولم يسجد لها، يخرجون من الصلاة ويعيدونها مع إمام شافعي!
ي – وذكر أيضا أنه في طرابلس الشام في آخر القرن الثالث عشر الهجري ذهب بعض شيوخ الشافعية إلى المفتي وهو رئيس العلماء وقال له: أقسم المساجد بيننا وبين الحنفية لأن فلانا من فقهائهم يعدنا كأهل الذمة بما أذاع في هذه الأيام من اختلاف الأحناف في هل يجوز للحنفي أن يتزوج شافعية؟ حيث إن من قال بالجواز قاسها على أهل الكتاب.
2 – إن الذي يتعصب لإمام معين ويأخذ جميع أقواله سواء وافقت الدليل أم خالفته فهو كمن اتخذ إمامه إلهاً يعبده من دون الله كما قال تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، وقد روى الترمذي عن عدي بن حاتم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما قرأ هذه الآية قال عدي: إنهم لم يعبدونهم. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم" صححه الألباني في صحيح الترمذي.
ولذلك فإن الذي يأخذ جميع أقوال شيخه وإن خالفت كتاب الله أو سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكأنه اتخذ هذا الشيخ ندا من دون الله فاستنصحه ونبذ كتاب الله وراء ظهره كما ذكر ابن كثير في تفسيره عن السدي قوله في الآية السابقة: استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
3 - إن من يتخذ شيخه وإمامه حكماً في كل أمر من أمور دينه دون نظر في كتاب الله وسنة رسول – صلى الله عليه وسلم – قد خالف أمر ربه عز وجل في كتابه وأمر نبيه – صلى الله عليه وسلم ، أما مخالفته لأمر ربه فقد قال عز وجل: (فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). فالله عز وجل أمر برد ما تنازع فيه المسلمون إليه وإلى رسوله – صلى الله عليه وسلم، أما المقلد المتعصب لشيخه فيرد هذا التنازع إلى من قلده مخالفا بذلك صريح الآية.
وأما مخالفته لأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإنه أمر أمته عند الاختلاف بالأخذ بسنته وسنة خلفائه الراشدين المهديين وأن يتمسكوا بها بل ويعضوا عليها بالنواجذ كما قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" أخرجه أبو داود وصححه الألباني في الإرواء.
أما المتعصب المقلد فيخالف صريح هذا الحديث بأن يتمسك بقول من قلده ويقدمه على كل ما عداه، وذكر ذلك ابن القيم في "إعلام الموقعين".
4 - إن الله سبحانه وتعالى ذم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، فقال عز وجل: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أن هؤلاء هم أهل التقليد المتعصبون لمذاهبهم ، بخلاف أهل العلم، فإنهم وإن اختلفوا لم يفرقوا دينهم ولم يكونوا شيعا، بل شيعة واحدة متفقة على طلب الحق وإيثاره عند ظهوره وتقديمه على كل ما سواه فهم طائفة واحدة، قد اتفقت مقاصدهم وطريقهم، فالطريق واحد وهو كتاب الله عز وجل وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – والقصد واحد وهو طلب الحق، أما المقلدون المتعصبون لمذاهبهم فبالعكس: مقاصدهم شتى وطرقهم مختلفة، فليسوا مع الأئمة في القصد ولا في الطريق.
5 – إن المتعصبة لأئمتهم هم أول من يخالفهم، بل هم أول من يتطاول عليهم ويسيء الأدب معهم ويرد أقوالهم، وهذا هو عين التناقض، حيث إنه من المعروف من أقوال أئمة الهدى المعتبرين، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد – رحمهم الله تعالى – أنهم كانوا يذمون التقليد والتعصب ذما شديدا . وإليك أخي القارئ بعض أقوالهم:
أ – قال الإمام أبو حنيفة – رحمه الله - : "إذا صح الحديث فهو مذهبي" ، وقال: "إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله وخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي"، وقال أيضا: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا". انظر هذه الأقوال في (إعلام الموقعين، وحاشية ابن عابدين على البحر الرائق، وإيقاظ الهمم للفلاني، ورسم المفتي لابن عابدين).
ب – وقال الإمام مالك – رحمه الله - : "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه:، وقال: "ليس أحد بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي – صلى الله عليه وسلم" انظر هذه الأقوال في (جامع بيان العلم، وأصول الأحكام لابن حزم وإيقاظ الهمم).
ج – وقال الإمام الشافعي – رحمه الله - :"إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقولوا بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودعوا قولي"، وقال: "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يحل له أن يدعها لقول أحد من الناس" وقال أيضا: "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتعزب عنه فهمها فما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو قولي" انظر هذه الأقوال في (المجموع للنووي، وفي إعلام الموقعين، وإيقاظ الهمم).
د – وقال الإمام أحمد – رحمه الله - : "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا"، وقال: "رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار"، وقال أيضا: "من رد حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهو على شفا هلكة" انظر هذه الأقوال في (إعلام الموقعين، وجامع بيان العلم، وإيقاظ الهمم).
تلك هي أقوال أئمة الهدى – رحمهم الله تعالى – في الأمر بالتمسك بالدليل من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم والنهي عن تقليدهم دون علم وبصيرة، وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في الكتاب والسنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم، بل هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
قال الشوكاني في "القول المفيد" : "وإذا تقرر لك إجماع أئمة المذهب الأربعة على تقديم النص على آرائهم عرفت أن العالم الذي عمل بالنص وترك قول أهل المذهب هو الموافق لما قاله أئمة المذاهب، والمقلد الذي قدم أقوال أهل المذاهب على النص هو المخالف لله ولرسوله ولإمام مذهبه ولغيره من سائر علماء الإسلام.
6 – إن التقليد والتعصب للمذهب لهو أكبر داء يصيب أي أمة، حيث يهلكها ويهوي بها مهاوي الضعف والانحطاط، وما أدى بالمسلمين إلى ما وصلوا إليه من تفرق وذلة وضعف وجهل وتأخر إلا هذا التعصب المذهبي، لأنه يعمي القلوب، ويجعل عليها غشاوة، فلا تبصر، ويصم الآذان فلا تسمع، ويفسد الحس فلا يشعر (انظر بدعة التعصب المذهبي).
7 - إن من أعظم آثار التعصب المذهبي هو جمود الفكرة وخموله، حيث إن المقلد المتعصب لمذهبه لا يفكر ولا يستنبط إلا وفق ما جرى عليه مذهبه وشيخه فلا يتعدى ذلك ولا يبحث عن الحجة والبرهان، وهذا يؤثر بلا شك على طريقة تفكيره، فتجده في حياته إنسانا مذبذبا لا يحسن التصرف في الأمور، لأنه معتاد على تقليد غيره، فيقلد غيره في أموره وإن كان مخطئا مجانبا للصواب، وبالتالي يقع في مشسكلات كثيرة، ومصاعب مريرة لاتحمد عقباها، وما ذلك إلا بسبب تقليده الأعمى وجموده.

بقلم الدكتور عادل المطيرات

الأكثر مشاركة في الفيس بوك