ضحية الإرهاب تتكلم

ضحية الإرهاب تتكلم
بقلـم بشرى محسن

أنتيوك، تينيسي - عندما أسترجع شريط حياتي التي كنت أطن كما يظن معظم الناس أنها ستكون عادية، لابد لي من أن أتوقف عند ثلاث محطات، لعلّ أحدها وهي مقتل صغيري علي ذو التسع سنوات على يد ارهابيين هي التي تركت آلاماً عميقة في حياتي.

أما المحطة الأولى فهي هويتي وعائلتي. ولدت وعشت فترة طويلة من حياتي في الشرق الأوسط. أنعم علي سبحانه وتعالى فتزوجت ورزقني بأربعة أولاد: محمد وآية وعلي واديان. كانت السعادة تشرق من عيونهم جميعاً عندما نلتقي، وعندما يذهبون إلى المدرسة أو يلعبون.

إلا أن هذه الحياة العادية لم تستمر طويلاً، فكانت تلك السنة السوداء 2007 التي غيّرت مجرى حياتي ونقلتني إلى محطة هي بمثابة الجحيم على كل الأصعدة، المحطة الثانية عنوانها الأساس مقتل ابني علي في عملية ارهابية لا علاقة لنا بها.

أذكر كيف فقدت الوعي يومها عندما تلقيت الخبر، وخرجت أركض وأصرخ في الشارع. غرقت في هوة من اليأس العميق، ولم أعد أشعر بجسدي ولا بالذين حوالي، كأنني دخلت في بقعة سوداء.

بعد هذه الحادثة، فرضْتُ على أولادي البقاء في غرفة النوم وعدم الخروج من البيت، لأنني كنت أخاف من أنهم ربما سيقتلون هم أيضاً. تحوّلتُ ويا للغرابة إلى إرهابي يفرض عليهم ارادته في السجن ضمن غرفة النوم . وقالوا لي أن أتعالج فصرت أزور مركزاً طبياً يحاولون فيه دفع الحياة مجدداً في هذا اليباس الذي اجتاحني.

وكان أخصائي علم النفس ينصحني بأن اكتب رسالة أعنونها "في وداع علي"، لعلها تساعدني على إستيعاب مقتله والتوصل إلى نوع من الإغلاق العاطفي حول ما حدث له.

أمدّني الله تعالى في المرحلة الثالثة بقوة الصبر والسكينة. فللمظلومين والصابرين ثواب وأجر، لعل علياً يشارك فيهما، لأنه صار في جنته تعالى ينتظرني ويعرف أنني لا محالة آتية إليه.

والكتاب الكريم شرّع السلام للناس أجمعين وحرّم القتل ونَشَر السلام. فالأمر الذي لا أستوعبه هو كيف يمكن أن يُقتل أبرياء، مثل ابني، بإسم القرآن؟ كيف يقوم الإرهابيون بتمريغ إسم الإسلام؟ أفلم يأت في قوله تعالى: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (القرآن الكريم 32:5)؟

واليوم، فإنني أتوكأ على محمد ابني الذي يدرس في سبيل أن يصبح مهندساً، وآية التي تطمح لأن تصبح طبيبة أسنان، وأديان التي تذهب إلى مدرستها على أمل أن تحقق طموحاتها الجامعية. أنا أعيش خارج بلدي، ولكنه يعيش في كل زاوية مني. فترابه يضم صغيري علياً.

###

* بشرى محسن هي ضحية عملية إرهابية فقدت خلالها ولدها الأصغر. هذا المقال هو جزء من سلسلة حول نتائج الإرهاب وكُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.
المصدر: http://www.commongroundnews.org/article.php?id=30008&lan=ar&sp=1

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك