حوار بين مفوّض المعنى ومثبته .. في الصفات التي نظير مسماها أبعاض لنا

أبو البراء الجهني

المفوض : لا أتصوّر معنى لليد في حقّ الله يمكن أن أثبته .. وأزعُم أن كل من قال بإثبات المعنى لن يستقرّ على معنى صحيح في حق الله ..

 

المثبت : هذا من جهلك يا رجل ! .. هل الله يخاطبنا بما نجهله ؟ ما فائدة خطابه إذن ؟ ..

 

المفوّض : على رسلك .. ما دام أن معنى اليد لله معلوم عندك .. فأخبرنا به .. وإلا فإنّه يقع عليك ما استنكرته عليّ ..

 

المثبت : عجيبٌ أمرك .. ألا تعرف معنى اليد ..

 

المفوض : لا أعرف معنى اليد مجرّدة .. وإنما أعرف معناها إذا أضيفت .. مثل : يد الإنسان ويد البعير ويد الباب ..

 

المثبت : اليد هي الكف .. ولها أصابع .. هل فهمت الآن؟

 

المفوّض : ما أثبته الله لنفسه .. فإنني لا أنفيه .. والله قد أثبت لنفسه الكف والأصابع والقبض والبسط والأخذ والخلق باليد .. فهل تريد مني أن أثبت معنى فوق ذلك ؟ إن قلتٓ : نعم ، فما هو المعنى الذي تريد مني إثباته فوق ذلك .. وإن قلت : لا ، فلماذا تلزموننا بإثبات المعنى .. فيكفينا أن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه .. ونفوض المعنى ..

 

المثبت : لا .. هذا لا يكفي .. بل لابد أن تثبت معنى الصفة ولو لم يرد في النصوص ..

 

المفوّض : كيف تريد مني أن أثبت شيئاً ليس له معنى مجرد !!

 

المثبت : لابد أن ترجع إلى اللغة لكي تعرف معناه .. فاللغة تذكر المعنى المشترك لليد في جميع إطلاقاته .. وهذا المعنى المشترك يجب أن تثبته لله على ما يليق به ..

 

المفوّض : كلامك صحيح لو كان لليد معنى مجرّداً .. أما إذا لم يكن له معنى مجرد يمكن تصوّره .. فكل المعاني التي ذكرها أهل اللغة لا يمكن أن نجعلها في حق الله تعالى .. فمن أهل اللغة من قال عن اليد : الجارحة .. وهذا لا يصح إثباته لله ..

ومنهم من عبّر عن اليد بمعنى يد الإنسان فقال : ما كان له راحة وأصابع .. وهذا لا يصح أيضاً .. لأن هناك من الأيادي ما ليس كذلك ، فالطائر له يد عبارة عن جناح .. والفقمة لها يد عبارة عن زعانف ..

 

المثبت : دعني أنتقل بك إلى صفة أخرى .. حتى أقرب لك المعنى .. هل تثبت معنى الحياة لله ؟

 

المفوّض : نعم أُثبته ..

 

المثبت : جيد .. كيف تصوّرت معنى الحياة لله مع أنك لا تعرف إلا حياة المخلوقين ..

 

المفوض : نعم .. تصوّرته لأنّ له معنى مجرداً في اللغة .. فالحياة في اللغة : ما كان ضد الموت والفناء .. فهذا المعنى أنا أثبته لله على الوجه الأكمل ..

أما إن كنت تريد إلزامي بكلامي في صفة الحياة .. لكي أثبت ذلك في صفة اليد .. فغير صحيح .. لأن للحياة معنىً مجرّد بخلاف اليد التي ليس لها معنى إلا بالإضافة ..

 

المثبت : سأنظُر في أمري ..

 

المفوّض : لا بأس .. وأنا كذلك سأراجع كلامي .. فالحقّ ضالة المؤمن ..

 

المصدر: https://majles.alukah.net/t124815/

 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك