السعي وراء الحكمة الإسلامية والمسيحية واليهودية

السعي وراء الحكمة الإسلامية والمسيحية واليهودية

ديفيد فورد(*

السعي وراء حكمة الله: دينامية ثلاثية

الهدف من مقالي السعي وراء الحكمة التي نحتاج إليها للعيش في هذا العصر: القرن الخامس عشر، والقرن العشرين، والقرن الثامن والخمسين، وفق تقاويم المسلمين والمسيحيين واليهود على التوالي. ثمة مواريث خصبة عديدة للحكمة في عالمنا، سوف أركز على ثلاثة منها، يشكل المنتمون إليها ما يقرب من نصف سكان العالم.

نحن إخوة نشترك في الكثير، غير أننا نختلف أيضا في الكثير. نحتاج إلى أن نكون قادرين على العثور على أرضية مشتركة. غير أن عبارة «أرضية مشتركة» تحيل إلى صورة ساكنة، والأهم من ذلك الروح التي تغلب على ما يجمع بيننا وما يفرقنا. في وسعنا أن نواجه ونناقش خلافاتنا دون أن نقوم بحسمها، وأن نعمق في الوقت نفسه الصداقة التي تربطنا والاحترام المتبادل الذي يكنه لبعضنا البعض. بودي أن أقترح أن الروح التي نحتاج هي تلك التي تنشد الحكمة قبل كل شيء، حكمة إله الحكمة، رحمته، وبركته.

في سفر الأمثال في الكتاب المقدس، الحكمة تطلق التماسا مشبوبا بالعاطفة موجه إلينا:

الحكمة تنادي في الشوارع..

ترفع عقيرتها في الساحات..

بجانب البوابات، وأمام المدينة.. وفي المداخل

إنها تقول:

«أناديكم أنتم، أيها الناس..

وندائي موجه إلى كل كائن حي...

خذوا نصحي بدلا من الفضة

خذوا المعرفة بدلا من الذهب

فالحكمة أفضل من المجوهرات

ولا شيء ترغبون فيه يمكن أن يقارن بها» (الأمثال. 1:20؛ 8:3، 4، 10، 11)

هذا بيان! ولكن، ما الذي يمكن أن تحضنا عليه الحكمة اليوم؟ أقترح:

أولا: البحث بالعمق الممكن في كتبنا المقدسة، ومواريثنا، وفهمنا للعالم اليوم.

وثانيا: أن نتشارك فيما نجد، أثناء النقاش والبحث والجدل فيما بيننا؛ فالاختلافات العميقة إنما تستدعي توخي الحكمة في الكيفية التي نسال بها ونختلف.

وثالثا: أن نتعاون معا من أجل صالح العالم العام بسبل ترضي الله, وفوق كل شيء من أجل المزيد من الحكمة والرحمة والسلام.

لب الرؤية إذن هو هذه الدينامية ثلاثية الأطراف بين العقائد الإبراهيمية: المزيد من التعمق في العقيدة خاصتنا، وفي فهم العقيدتين الأخريين، وفي التفاعل مع العالم من أجل صالحه.

هذه لحظة خطر عظيم في تاريخ عقائدنا الثلاث وعالمنا. ثمة توترات، وأزمات وصراعات، وسوء فهم وتوجس غامران.

غير أن هناك بوارق أمل، ويتوجب علينا أن نعتقد في أن الله يريد منا أن نخلق المزيد منها.

من ضمن هذه البوارق حقيقة أنني عالم لاهوت مسيحي وسوف أتحدث عما تعلمته من تراثي الديني مِمَّا قد يكون ذا قيمة للمسلمين ولعلاقاتهم بالمسيحيين, وكذلك سوف أركز على العلاقات الإسلامية/المسيحية، مفترضا أن أفضل علاقات بين أي زوجين من العقائد الإبراهيمية لا تتشكل إلا حين تؤخذ العلاقات مع العقيدة الثالثة في الحسبان. هذا هو التحدي العولمي المحوري في هذا القرن، وهو تحد بدأنا الآن في مواجهته.

مصادر مسيحية للتحدي

سوف أبدأ بتقصي بعض المصادر اللاهوتية التي يمكن للمسيحية أن تركن إليها لمواجهة هذا التحدي.

لقد أمضيت أكثر من عشرين عاما من عملي الأكاديمي في تحرير كتاب تدريسي،The Modern Theologians (علماء اللاهوت المحدثون)، بلغت صفحاته حتى الآن أكثر من 800 صفحة في طبعته الثالثة، وهو كتاب عن اللاهوت المسيحي منذ 1918م(1). لقد شكل هذا العمل أحد أكثر مراحل تعلمي قيمة، وقد تعين علي أن أطرح أسئلة من قبيل: من هم علماء اللاهوت المسيحيون القياديون في المائة عام الأخيرة؟ ما أكثر الحركات أهمية؟ كيف استجاب مختلف علماء اللاهوت للحداثة؟ ما الذي كان يحدث في الفكر المسيحية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وعند أصحاب العقيدة الكاثوليكية الرومانية، والأرثودوكسية الشرقية، والإيفانجيليكية، والبنتيكستولية، والتيارين البروتستنتي والإنجيليكي الرئيسين؟ ما التطورات الحاسمة التي طرأت على تأويل الكتاب المقدس؟ أي الفلاسفة كانوا الأكثر تأثيرا؟ وماذا عن اللاهوت الذي تعامل مع العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية وعلمي الاقتصاد والسياسة؟ كيف تفكر اللاهوت في الفنون البصرية والموسيقى والسينما؟ وماذا عن اللاهوت الرعوي والسياسي، ولاهوت الصلاة والروحانية؟

وقد خلصت إلى أن القرن الفائت كان من بين آلاف سنين اللاهوت المسيحي الأكثر ثراء ونفعا. لماذا؟ ثمة عوامل كثيرة ساعدتني في الإجابة عن هذا السؤال. في سياق انتشار التعليم على كل المستويات، تضاعف بكثير عدد من يدرسون ويألّفون في علم اللاهوت، وكانت هناك زيادة هائلة في أرجاء العالم في عدد الأديرة والمعاهد اللاهوتية والجامعات والمواد التي تدرس أتباع الكنائس وعموم المسيحيين. لقد أصبح في وسع جماعات جديدة بأسرها -كانت تستبعد إلى حد كبير من اللاهوت- أن تقوم بدراسته الآن، وكثير منها أصبح يقوم بدراسته والكتابة عنه؛ إنني أتحدث هنا عن النساء، والسود الأمريكيين والأفارقة، والطوائف الهندية الدنيا، ومعتنقي الديانة الكاثوليكية الرومانية العاديين، وكثير غيرهم. لقد أبدت هذه الجماعات في الغالب شغفًا للتعلّم والتفكّر في نظريات لاهوتية ترتبط بشكل وثيق بحياتهم وظروف عيشهم.

ثمة أسباب أخرى تفسر ازدهار اللاهوت المسيحي هذا، لعل أهمها الاستجابة لتغيرات وتحديات غير مسبوقة. لقد وصف المؤرخ فيليب جنكنز العديد من علامات الحياة والفكر الفعالين التي تزخر بها أوروبا المسيحية في الوقت الراهن، في نضالها مع القوى الدنيوية ونمو عقائد أخرى. إنه يقول: إن الكنيسة التي تقوى على التعايش مع أوروبا تقوى على التعايش مع أي شيء! أيضاً فإنه يثير سؤالاً مثيراً: هل للضغوطات التي تمارس على الإسلام الأوروبي آثار نافعة مشابهة، فالمسلمون الأوروبيون طوروا «شكلاً من الإيمان في وسعه أن يتعامل مع التغير الاجتماعي دون المساومة على معتقدات أساسية» (2). لقد نتجت بعض من أكثر مناقشاتي إثارة للمشاعر مع أصدقاء وزملاء مسلمين عن التشارك فيما يمكن لكل منا أن يتعلم من استجابة الآخر للفهم الحداثي، والتخصصات الأكاديمية، والضغوطات الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

في الوقت الراهن، أوروبا أشبه ما تكون بمعمل لتقصي الاستجابات الحكيمة، والإيمانية، والخلاقة الممكنة. في كيمبردج قام هذا العام عبد الحكيم مراد (T.J. Winter) -وهو زميل في كلية الإلهيات و«برنامج كيمبردج للأديان»(3)، بصحبة آخرين- بتأسيس كلية جديدة لعلم الكلام الإسلامي. يحدث هذا لأول مرة في تاريخ الجامعة المديد الذي يبلغ 800 عام، وهو يضيف إلى بيئة كيمبردج الأكاديمية الخصبة معهداً إسلامياً مستقلاً يرتبط بالجامعة(4). في هذه البيئة نأمل أن يكون بالمقدور دراسة حكمة مواريث مختلفة، واختبارها، والتمعن فيها بسبل عملية.

عناصر رئيسة في علم اللاهوت الحكيم

ماذا عن جودة هذا اللاهوت؟ إبان تحرير كتاب «علماء اللاهوت المحدثون»، واجهت المرة تلو الأخرى -بصحبة الكثيرين الذين قمت باستشارتهم- الأسئلة الصعبة التالية: أي النظريات اللاهوتية يتعين علينا تضمينها؟ أيها الأفضل؟ ما الذي يجعل النظرية اللاهوتية حكيمة وخلاقة؟ وبودي أن أشرككم إجابتي عن هذا السؤال الأخير، مكونات علم اللاهوت الحكيم والخلاق، وأن أضرب مثلا على تطور طرأ في علم اللاهوت المسيحي بمقدور العلاقات الإسلامية/المسيحية أن تفيد من دروسه الكثيرة.

ما العناصر الرئيسة في علم لاهوت مسيحي حكيم؟ أقترح التالي:

في البداية هناك الفهم والتطبيق الحكيم والخلاق للكتاب المقدس والمواريث المسيحية. كلما أقدمت على في ممارسة اللاهوت، أصبحت أكثر اقتناعاً بأن التأويل الأكثر حكمة للكتب المقدسة هو المصدر الأكثر خصباً للاهوت والصلاة والحياة المسيحية. الكتاب المقدس من أوجه عديدة كتاب صعب، وقد يساء استخدامه بشكل خطر ومروع، كما يحدث مراراً. وكما يقول المثل: «فساد الأفضل هو الفساد الأسوأ». وفق هذا فإن دلالة الامتنان إزاء الذين يقومون بتأويل الكتاب المقدس بطريقة واعية وصادقة دلالة عظيمة. يقول أوغسطين: «إن أي تأويل للكتاب المقدس يعارض المحبة باطل»، والمعيار الأخير للتأويل الإنجيلي الصحيح هو ما إذا كان يتسق مع محبة الله. إنني مشغول الآن بتأليف كتاب عن مستقبل اللاهوت المسيحي، وهناك كتاب مناظر في مستقبل علم الكلام الإسلامي ينشغل بتأليفه الآن صديقي، الباحث الدكتور عارف علي النايض(5). يذكرني النايض بأوغسطين حين يقول: إن المعيار الرئيس للتأويل القرآني الصحيح هو ما إذا كان يتسق مع رحمة ورحمانية الله. إن نظريته الكلامية تنشأ عن تلك الكلمات الغاية في الثراء التي يكررها القرآن غالبا: بسم الله الرحمن الرحيم. إنه يطور وفق سياق إسلامي شيئا يتجاوب بعمق مع ما أراه في العنصر الأول في اللاهوت المسيحي: استعادة حكيمة ومحبة لمصادرنا، كتبنا المقدسة قبل كل شيء.

العنصر الثاني هو التفاعل الحي في الوقت الراهن مع الله والعالم. يتطلب اللاهوت الحكيم صلاة مستديمة. الله المعبود هو الله الحي، الذي يتفاعل بشكل مستمر مع الناس ومع العالم بأسره، ويدعونا للقيام بدور مسؤول في تحقيق مقاصده الآن.

الحياة الحديثة متنوعة ومركبة بشكل لافت، وهي تواجهنا بتحد تلو الآخر. لا سبيل؛ لأنّ تزدهر المسيحية إذا اقتصرت على تكرار الماضي ورفض الحاضر. الحياة المعاصرة ليست خيّرة بأسرها ولا شريرة بأسرها. إنها مزيج مركب، ما يعني أنه يتوجب علينا أن نسأل باستمرار، أن نتقصى الإمكانات، وأن نبحث الماضي بحساسية، وأن نصغي إلى كثيرين كي نصل إلى تمييزات وأحكام وقرارات مسؤولة أمام الله. آنذاك يكون في وسعنا تجنب طرفي النقيض: الاندماج السلبي في الحداثة والرفض غير الناقد لها.

إن علماء اللاهوت من كل المواريث، خصوصا المسلمين واليهود والمسيحيين -الذين تعلمت منهم كثيراً- نقبوا طويلاً وبذلوا جهداً صعبا لتحديد مقاصد الله فيما يتعلق بمشاكل وإمكانات العالم. لقد أمّنوا لعلم اللاهوت ما هو خلاّق بمعنى أنه يستجيب لمواقف جديدة في السعي وراء حكمة الخالق الذي يريد توجيهنا إلى مستقبل خيّر يختلف كثيرا عن الماضي والحاضر.

العنصر الثالث متضمن بشكل معمق في العنصرين الأولين: التفكر الحكيم والخلاق. إنني أتحدث هنا عن الأفكار العظيمة التي توجز وتطور الفهم المسيحي. إن معارف الله وحكمه وافرة لا حد لها، وليس في وسعنا سوى سبر غور جزء يسير منها. غير أننا نعتقد أن الله يرغب في أن نغمر بالمزيد من فيض حكمته. إنها توسع من آفاقنا بكل السبل، في الصلاة والعبادة، في الدراسة والنقاش، وفي الخيال والفعل. إن علماء اللاهوت ينتجون أفكار مولدة تمكنا من إيفاء الكتب المقدسة والمواريث حقها والاستجابة في الوقت نفسه بشكل أفضل لعالم اليوم: علمه، فلسفته، أديانه، ثقافاته، مآزقه الأخلاقية، سياسته واقتصاده. إن تحدي الحكمة والتفكر الخلاق لم يكن يوما أشد خطرا.

ثم هناك -رابعا وأخيرا- الطريقة التي عبر بها اللاهوت المسيحي وتم بها التبليغ عنه في كل الاتجاهات ولمختلف أفراد البشر. أعتقد أن هناك عند معظم الناس جوعا وعطشا للمعنى والحكمة والعميقة. من المؤسي أن كثيرا مِمَّا يقدم لنا فيما يتعلق بالدين، ليس فقط من قبل وسائل الإعلام بل حتى من الجماعات الدينية والمؤسسات التعليمية، إما «وجبات سريعة رديئة» أو طعام جيد غير قابل للهضم. الموقف ليس سيئا كله، غير أنه خطر جدا يجعلنا نستشعر الحاجة الماسة لتبليغ أفضل لاهوت لأكبر القطاعات ممكنة وبسبل مناسبة.

إنني أتذكر جيدا الأثر الذي أحدثته في نفسي -حين كنت تلميذا في دبلن في الخامسة عشرة من عمري- بعض من مؤلفات لاهوت ديترتش بونهوفر، الذي أعدم عام 1945م لتآمره ضد هتلر. لم أكن أدرك أن هناك أعمالا من هذا القبيل, لقد أسرتني تماما، وأثارت في نفسي بعضا من أسئلة عصرنا الأساسية. بعد عدة سنوات قمت بتحرير «علماء اللاهوت المحدثون»، وأدركت أنه لدى بونهوفر كل العناصر المفاتيح للحكمة والإبداع اللاهوتي: إنه مؤول واع للكتاب المقدس والموروث المسيحي، إنه يتفاعل كلية مع الله ومع حوادث وقضايا عصره في الكنيسة والمجتمع في بلاده وعلى المستوى الدولي, لقد ولّد أفكارا منيرة بشكل رائع؛ وقد تواصل بقوة ليس في الأعمال الأكاديمية فحسب؛ بل أيضا عبر المحاضرات، والبرامج الإذاعية، والمراسم الشعائرية، والرسائل، والمحادثات، والشعر، والدراما؛ بل إنه كان قد شرع في كتابة رواية.

ما الذي يمكن أن تعنيه هذه العناصر الأربعة للمسلمين؟ لكوني مسيحيا، لست الشخص المناسب للإجابة عن هذا السؤال. إنني أقتصر على تقديمها هدية، مستقاة من خبرة مسيحية مر بها علماء لاهوت يسعون الآن وراء الحكمة. وإبان قيامكم بفتح هذه الهدية، سوف أرقب وأصغي بشغف لردود أفعالكم.

الحركة المسيحية التوفيقية نموذجا للتفاعل بين الأديان

من ثروات اللاهوت المسيحي في القرن الماضي، بودي أن أركز الآن على ثروة تزخر بالدروس فيما يتعلق بالتفاعل بين الأديان في القرن الراهن. إنها الحركة المسيحية التوفيقية التي قامت في القرن التاسع عشر(6). وهناك بطبيعة الحال العديد من الاختلافات بين محاولات الجمع بين المسيحيين ومحاولات الجمع بين ديانات مختلفة، غير أن هناك من النظائر والمسائل المتشابهة ما هو جدير بالتمعن.

للحركة المسيحية التوفيقية تاريخ لافت. لا أعتقد أنه كان لأحد منذ مائة عام أن يتصور قيامها. لم يحدث في التاريخ أن تنتقل جماعات دينية أساسية، ينتمي إليها مئات الملايين من البشر، من حقبة مليئة بالعداء والمواجهات المريبة، اشتملت في بعض الأحيان على الصراع وحتى القتل، إلى موقف كان فيه حوار، وتعاون، وفي بعض الأحيان ائتلاف واتحاد. على ذلك، فإن هذا ما حدث بين الكثير من الكنائس المسيحية الرئيسة في القرن العشرين. يظل الطريق طويلا، غير أن التغير الذي طرأ على المناخ العام كان دراميا.

بوصفي عضوا أنجليكانيا إيرلنديا ينتمي إلى أقلية بروتستنتية في دبلن، اختبرت التغيرات العظيمة التي أسهمت في تحسين العلاقات بين البروتستنت والكاثوليك في إيرلندا والتي حدثت أساسا بسبب الدعم الذي تلقته الحركة التوفيقية من المجلس الفاتيكاني الثاني في الكنيسة الكاثوليكية (1962-1965). في كل المشاكل التي عصفت بأيرلندا الشمالية بعد عام 1968م، شكلت العلاقات الأفضل بين الكنائس الرئيسة عنصرا أساسيا في صنع السلام، كما شكلت في تقديري عاملا حاسما في تجنب سفك الدماء الذي تم على نطاق واسع في بقاع كثيرة أخرى.

كيف قامت الحركة التوفيقية؟ لقد حظيت برواد شجعان، كوّنوا في الغالب صداقات تخطت التقسيمات الكنسية. لقد تطلب الأمر قدرا كبيرا من الأعمال اللاهوتية، تجسدت في أفضلها العناصر الأربعة سالفة الذكر: إعادة تأويل الكتاب المقدس، والمواريث والحوادث التاريخية، وأهمها حركة الإصلاح التي أدت إلى انقسامات في الكنيسة, إقامة الصلاة والاصطبار عليها، والمحادثات والمناظرات والمشاريع المشتركة, التفكر الملهم الذي يسمح لكل طرف بتجاوز العوائق ورؤية بعضنا البعض بوصفنا مسيحيين حقيقيين، رغم الاختلافات والماضي الذي كان في الغالب مؤلما؛ والاتصال الذي يتوسل الإقناع، خصوصا في الفضاءات التعليمية, وعبر التواصل الذي كان يتم عبر وسائل الإعلام بين الكنائس وخارجها.

لقد شكلت الحركة التوفيقية شيئا أشبه ما يكون بالبيئة المتنوعة، وقد تطلب تفاعلات على كل المستويات: الدولية، والوطنية، والإقليمية، والمحلية. وكانت هناك شبكات وجماعات، صغيرة وكبيرة، من عموم المسيحيين الذين ينتمون إلى كنائس مختلقة، كانوا يتقابلون، ويصلون معا، ويدرسون الإنجيل معا، ويعملون سوية من أجل قضايا مشتركة. ومن بين أكثر الأشياء المشجعة حجم التعاون في خدمة الصالح العام في المجتمع عبر الكنائس، والحركات العملية، من قبيل اليوبيل 200 التي أطلقت حملة لرفع الديون على مستوى العالم.

وكان هناك أيضا إبداع مؤسستي على كل المستويات، صحبة منظمات ومراكز جديدة، كما أجريت تغييرات طالت أجساما أقدم عهدا. لقد عنيت بوجه خاص بما وجد منها في حقل التعليم. في كيمبردج، كان أمام الذين أعانوا على ولادة كلية كلامية إسلامية جديدة نموذج «اتحاد كيمبردج اللاهوتي»، وهو اتحاد مستقل لكنه مرتبط بالجامعة وينتمي إليه أعضاء من المواريث الأنجليكية، والكاثوليكية الرومانية، والميثودية، والإصلاحية والأرثودوكسية، فضلا عن مراكز للعلاقات اليهودية/المسيحية، واليهودية/الإسلامية.

أعتقد أن من بين أعظم تحديات القرن الواحد والعشرين (أو الخامس عشر أو الثامن والخمسين) إحداث تغيير في الوعي عند المسلمين والمسيحيين واليهود (وآخرين بطبيعة الحال) في أرجاء العالم شبيه بما أنجزته الحركة المسيحية التوفيقية. نحتاج إلى تجاوز ماضينا المروع غالبا وتجاوز سوء الفهم، والانتقال من حالة التوجس والمواجهة والصراع إلى الثقة والحوار والتعاون، حتى أثناء الاعتراف باختلافاتنا الفعلية. إن الرؤية والطاقة والشجاعة التي يتطلبها ذلك أعظم مِمَّا تطلبته الحركة التوفيقية، وهي تظل تستدعي تنويعة من الأبعاد شبيهة بما ذكرت لتوي. غير أن هناك علامات تبعث على الأمل تفيد بالشروع في كل ذلك.

بوارق أمل

من ضمن البوارق الأكثر أهمية وشهرة(7) في السنين الأخيرة مبادرتان إسلاميتان جريئتان: رسالة كلمة سواء بيننا وبينكم التي أرسلها 138 عالما وقائدا إسلاميا إلى كل الكنائس المسيحية(8)؛ وملتقى للأديان دعا إليه الملك عبد الله ملك المملكة السعودية. إن هاتين المبادرتين غاية في الاختلاف والأهمية، ويتوجب اعتبار الواحدة منهما مكملة للأخرى.

وبحسبان الزمن المتاح، سوف أركز على كلمة سواء. إنني أعتبرها الوثيقة الحوارية الأكثر أهمية في العقود الأربعة الأخيرة(9). أرجو أن تقوموا بزيارة الموقع، www.acommonword.com، كي تطلعوا على هذه الرسالة اللافتة في محبة الله والجار، والردود الآسرة التي قامت بها الكنائس، وأفراد مسيحيون ويهود وآخرون. إنها تظل رسالة مفيدة(10). منذ ثلاثة أسابيع، حضرت في لندن أول اجتماع تعقده مؤسسة جديدة، تسمى مؤقتا «الحوار العالمي C-1»، يشترك في رئاستها قسيس لندن الأنجليكاني، الموقر رتشارد تشارترس، والمفتي الأكبر في مصر، الدكتور علي جمعة، لقد استلهمت مؤسسة C-1 من كلمة سواء وهي مكرسة لرعاية التفاعل والتعاون بين المسلمين والمسيحيين من أجل الصالح العام على كل المستويات. إنها تذكرني بالأيام الأولى للحركة التوفيقية، وقد شجعتني حقيقة أنها استشعرت الحاجة إلى شيء شبيه من حيث النطاق والكثافة. لندعو الله لهذه المؤسسة بأن تزدهر.

بوصفي عالم لاهوت، أدهشني كيف استطاعت كلمة سواء بيننا وبينكم أن تحوز كل عناصر الحكمة والإبداع التي كنت أناقش. إنها تتواصل بوضوح، ولديها فكرة عظيمة واحدة: مركزية المحبة والتراحم مع كل المواريث. إنها تبدي تفانيا مشبوبا بالعاطفة إزاء الله، وهي تتفاعل بشكل جريء وكريم مع المسيحيين ومع الموقف العالمي الراهن. الأكثر مدعاة للدهشة، أنها تركن إلى القرآن والكتاب المقدس معا.

دعوني أوضح لماذا أجد هذه القراءة لكل من القرآن والكتاب المقدس مهمة بوجه خاص. في الخمس عشرة سنة الأخيرة اشتركت في حركة «القراءة المشتركة للكتب المقدسة» (11). تشتمل هذه الحركة على مسلمين ومسيحيين ويهود يدرسون نصوصهم المقدسة معا، ويمكن أن يتم ذلك بين أي زوجين من هذه العقائد(12). في لب النشاط قراءة ونقاش النصوص المحورية في عقيدتنا، وعبادتنا، وعيشنا. إن «القراءة المشتركة للنصوص الدينية» يمارس الآن في الكثير من الدول والمواقع المختلفة: في الجامعات، والمعاهد اللاهوتية، والتجمعات الدينية المحلية، واللقاءات الدولية. إنه يمكن منتمين إلى عقائد مختلفة من استضافة متبادلة لنقاش النصوص الأقرب إلى قلوبهم، بحيث يقومون بدور المضيفين في علاقتهم بنصوصهم وبدور المستضافين في علاقتهم بنصوص الآخرين. لقد كانت بالنسبة لي -بوصفي مسيحيا- خبرة لافتة أن أتمكن -سنة بعد أخرى- من التفاعل بعمق مع مسلمين ويهود ومسيحيين، وأن أشهد كيف ينتج عن هذا فهم متبادل، وحجج، وصداقات، ومبادرات وتعاون تعليمي. إنني لا أجد وسيلة أفضل لتفعيل الدينامية الثلاثية: الغوص بشكل أعمق في عقيدة المرء، وفي عقائد الآخرين، وفي العالم المعاصر.

هكذا شعرنا ببهجة من نوع خاص حين انضممنا في «برنامج كيمبردج للأديان» إلى رئيس أساقفة كانتربري لاستضافة مؤتمر حول كلمة سواء. لقد كانت له قبل ذلك، في صيف 2008م، أهم استجابة حتى الآن، «كلمة سواء من أجل الصالح العام». لم يسبق لجماعة من العلماء والقادة المسلمين على هذا القدر من التميز أن اجتمعت في بريطانيا. وقد كان من بين المهام المركزية في المؤتمر نقاش كلمة سواء ودراسة القرآن والكتاب المقدس سوية. وقد جاء في البيان الرسمي الذي صدر في نهايته من المفتي الأكبر في مصر، دكتور علي جمعة ورئيس أساقفة كانتربري، دكتور روان وليامز:

«من بين أكثر عناصر لقائنا إثارة للمشاعر الفرصة التي أتيحت لنا كي ندرس معا فقرات من كتبنا المقدسة. لقد أحسسنا أننا نمثل أمام الله, وقد جعل هذا كلا منا يثمن كثيرا ثراء موروث الآخر, كما جعلنا ندرك القيمة الكامنة في أن نصطحب أصحاب الديانة اليهودية في رحلة اكتشاف متبادل وتعهد للنصوص التي نعتبرها مقدسة. إننا نرغب في تكرار خبرة الدراسة المشتركة للنصوص الدينية بوصفها إحدى السبل التي نستطيع عبرها أن نطور بشكل عيني فهم كيف يفهم الآخرون ويعيشون عقيدتهم. ونحن نوصي الآخرين بأن يعيشوا هذه التجربة».

إذا أردنا أن نأخذ بهذه النصيحة -كما أقترح أن نفعل- فيتعين أن نقوم بذلك بشكل مشترك, وهذا في واقع الأمر ما حدث بالفعل.

ثمة تعليق آخر على كلمة سواء جدير بالإضافة. إنها ليس مهمة فحسب للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين، فهي تقوي كثيرا العلاقات الدولية ضمن كل جماعة دينية. لقد اعتبر كثير من المسلمين كلمة سواء إنجازا أساسيا في وحدة المسلمين عبر مواريث الإسلام وعبر الأقاليم العالمية؛ وعلى نحو مماثل، ثمة تنويعة لافتة من المسيحيين استجابوا لها(13). ومن بين الإمكانات الدينية الأكثر إثارة في هذا القرن أن تعزز التفاعلات داخل الدين الواحد والتفاعلات بين الأديان بشكل متبادل. لقد أدركت أكثر المبادرات أهمية ضمن النزعة التوفيقية المسيحية هذا الأمر في العقد الماضي، وهنا أتحدث عن «التوفيقية المنفتحة» التي قادها مركز الدراسات الكاثوليكية في جامعة درم (14). في آخر مؤتمراتها الرئيسة الذي عقد في درهم في يناير 2009م، اشتركت التوفيقية المنفتحة في حوار مع «القراءة المشتركة للنصوص الدينية»؛ كي تطور ممارسة مكملة ضمن الكنائس المسيحية. تظل القراء الحكيمة لنصوصنا المقدسة المهمة المحورية كثيرة المطالب التي تنتظر المسلمين، والمسيحيين، وتنتظرهما معا.

مستقبل العلاقات الإسلامية/المسيحية: بيان/مسقط

سوف أوجز الآن هذه المحاضرة (مضمنا شيئا اقتصرت على التلميح إليه في المحاضرة لكني تناولته بالتفصيل في موضع آخر)(15) في مجموعة من المرشدات الخاصة بتحسين العلاقات بين_العقائدية وإسهام أدياننا في تطوير العالم(16).

دعونا نستهدف:

محبة الله والجار

- فلتحبوا الله ويحب كل منكم الآخر، ولترحموا كل خلق الله.

الدينامية الثلاثية

- تعمقوا في عقيدتكم، وفي الالتزام بالصالح العام، وليتعمق بعضكم في عقيدة بعض.

مصادر الحكمة

- اسعوا وراء الحكمة عبر نصكم المقدس، وتاريخكم، ولاهوتكم، وعبر نصوص وتواريخ ولاهوت بعضكم الآخر، وعبر التفاعل مع الفنون، والعلوم، والفلسفة، وسائر مصادر الحكمة.

التفاعل مع العالم الحديث

- احذروا من الاستلاب في الحداثة ولكن احذروا أيضا من رفضها، واسعوا وراء تغييرها وإشفائها من أدوائها.

شراكة الاختلاف

- شكلوا علاقات شخصية، وجماعات، وشبكات، ومؤسسات مكرسة للحوار بين الأديان، والتعاون، والتعليم على كل المستويات، بدءا بالدولية وانتهاء بالمحلية.

التواصل الخلاق

- شجعوا الأفضل في التواصل والفن والتأليف على نشر رسالة محبة الله والجار، واستقوا من أكثر المصادر خصبا.

البيئة عبر الأجيال

- تعهدوا رؤية طويلة الأجل في عالم يمكن العيش فيه، خلقه ويحفظه الرب من أجل صالح الجميع.

بوارق الآمل

- اخلقوا بوارق الأمل ضمن وبين العقائد، مستلهمين من «كلمة سواء» والردود عليها.

الله ومقاصد الله

- قوموا بكل ذلك من أجل الله ومن أجل مقاصده الخيرة(17).

ودعونا في النهاية ندعو أن يبارك الله في جهودنا وأن يفاجئنا بكرمه!

**********************

الحواشي

*) أستاذ الكرسي الملكي للإلهيات بجامعة كيمبردج.

1- David F. Ford with Rachel Muers (eds.), The Modern Theologians - An Introduction to Christian Theology since 1918, 3rd edition (Oxford: Blackwell Publishing, 2005).

2- Philip Jenkins, God’s Continent. Christianity, Islam, and Europe’s Religious Crisis (Oxford: Oxford University Press, 2007) p287.

3- يشجع «برنامج كيمبردج للأديان» (www.cip.divinity.cam.ac.uk) على البحث والتدريس اللذين يفضيان إلى فهم متبادل ومعمق بين المواريث الإبراهيمية. ولهذا البرنامج أربعة أهداف رئيسة: (1) دراسة المواجهات الفعلية التي حدثت بين المواريث الثلاثة، في الماضي والحاضر. (2) الجمع بين أفضل العلماء الراهنين والواعدين الذين يعنون بمواد في هذه المواريث، وعلى نحو يعزز التعاون بينهم. (3) ترجمة النصوص الأساسية في هذه المواريث للتمكين من دراستها. (4) تشجيع التفاعل والحوار والتعاون بين هذه العقائد، وتشجيع الفهم العام لها. وفي مجال الفهم العام والتعليم تتعين مبادرة البرنامج الأساسية في «مشروع كيمبردج الإبراهيمي»، بالتعاون مع «مؤسسة التعايش» وغيرها، وتستهدف هذه المبادرة تطوير مورد رئيس في لندن يربط بين العقائد الثلاثة.

4- «تدعم كلية كيمبردج الإسلامية تطوير التدريب والتخصص في الدراسات الإسلامية استجابة للتحديات الكثيرة التي تواجه بريطانيا في الوقت الراهن. الكلية مكرسة لتعزيز الامتياز الأكاديمي وتوسيع فضاءات التعليم الإسلامي في الغرب. وبالركون إلى مصادر وخبرات كيمبردج وخارجها، تتعين مهمة الكلية في تقديم العون لتحويل الكثير من الفعاليات الإسلامية في بريطانيا إلى معاهد وجماعات أكثر قوة ودينامية». www.cambridgemuslimcollege.org/about.html.للمزيد من المعلومات، راجع www.cambridgemuslimcollege.org.

5- ثمة أيضا كتاب مناظر في مستقبل اللاهوت اليهودي يعده البروفيسور ستيفن كيبنز من جامعة كولجيت. ويفترض أن تقوم دار بلاكويل في أكسفورد بنشرها.

6- بخصوص مقدمة للحركة المسيحية التوفيقية ونظريتها اللاهوتية، انظر:

Mary Tanner, ‘Ecumenical Theology’ in The Modern Theologians, third edition, pp556-71.

7- كانت هناك أيضا الكثير من المبادرات الأخرى، من أهمها منظمات جديدة من قبيل «منتدى العقائد الثلاث» www.threefaithsforum.org.uk، ومؤسسات جديدة، مثل «مؤسسة التعايش» (www.coexistfoundation.net)، ومؤسسة توني بلير للعقيدة (www.tonyblairfaithfoundation.org).

8- للمزيد من المعلومات عن كلمة سواء، بما في ذلك نص الوثيقة بعدة لغات، انظر www.acommonword.com.

9- أي منذ إقرار المجلس الفاتيكاني الثاني الحاسم، الذي يشكل علامة فارقة، بخصوص فهم الكنيسة للعقائد الأخرى في مرسومه Nostra Aetate. يمكن العثور على نص المرسوم في:

Austin Flannery (ed.), Vatican Council II: The Basic Sixteen Documents (Dublin: Dominican Publications, 1996), pp569-74.

10- قام سمو الأمير غازي في الأردن مؤخرا بتلخيص الردود على هذه الرسالة: «منذ إطلاقها في أكتوبر عام 2007م، استجاب أكثر من ستين شخصية مسيحية قيادية لها بشكل أو بآخر، بمن فيهم صاحب السعادة البابا بينديكت السادس عشر، والبطريرك الأرثودكسي ألكسي الثاني من روسيا، ورئيس أساقفة كانتربري الدكتور روان وليامز، ورئيس أساقفة الاتحاد اللوثري العالمي، الأسقف مارك هانسون (انظر «الردود المسيحية» في www.acommonword.com). في نوفمبر 2007م، استجاب أيضا أكثر من 300 قائد إيفانجليكاني في الولايات المتحدة عبر رسالة مفتوحة في النيويورك تايمز. وفي الأثناء، بلغ عدد العلماء المسلمين الذين وقعوا على المبادرة حوالى 300 عالم، وما يزيد عن 460 منظمة وجمعية قامت بالمصادقة عليها.

وقد أدت كلمة سواء إلى تشكيل عدد من القواعد والمبادرات على مستوى المجتمعات في أرجاء العالم وفي بقاع بعيدة عن بعضها البعض بعد الهند والباكستان وبنجلادش وكندا وجنوب أفريقيا وبريطانيا العظمى (انظر "New Fruits" في أكثر من 600 مقالة ـ نقلتها آلاف من الوكالات الصحفية ـ كتبت عن كلمة سواء بالإنجليزية وحدها).

أكثر من 20 ألف شخص قام بزيارة الموقع الرسمي لـ كلمة سواء طلبا للمزيد من التفاصيل. وهناك أكثر من ستة آلاف شخص «صادقوا بالكامل» على كلمة سواء عبر شبكة المعلومات وحدها.

وقد أصبحت كلمة سواء موضوعا لعدد من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه في الجامعات الغربية في بلدان مختلفة (بما فيها جامعة هارفرد، والمعهد اللاهوتي في جامعة توبنجن، بألمانيا، ومركز الدراسات الإسلامية في المملكة المتحدة).

.. تتواصل الأنشطة المخططة لعام 2009م، وهي تشمل فيلماً وثائقيا أساسيا، ثلاثة كتب، كتيباً مشتركا بين المسيحيين والمسلمين يسرد القضايا الحساسة، ومؤتمرا سياسيا مهما سوف يعقد في جامعة جورج تاون، في واشنطن العاصمة؛ وهناك مؤتمر كبير يفترض أن يعقد في ماليزيا وقد يعقد ثالث في الفلبين. أيضا تعقد النية على إجراء لقائين على مستوى رفيع بين المسلمين والكنائس الأرثودكسية؛ وهناك «قائمة قراءات» متعددة اللغات يوصى بقراءتها المسلمون والمسيحيون، موقع مشترك مع جامعة ييل، لامبث بلاس وقد يشترك فيه حتى الفاتيكان (يوظف قاعدة اختيارية للمناهج التدريسية في المدارس والجامعات)؛ ومؤتمر صحفي حول علم الكلام الإسلامي في أسبانيا؛ معهد / مؤسسة للسلام في أوروبا لكنه ذو توجهات عالمية ويرعاه الكثير من المسيحيين والمسلمين تشترك فيه كلمة سواء - هذا على وجه التحديد هو الحوار العالمي C-1 _؛ مبادرة طلابية لـ كلمة سواء في الولايات المتحدة؛ مشروع مشترك بين المسيحيين والمسلمين لتصنيع سبح للصلاة؛ عدد من مشاريع «توسيع الآفاق» لنشر «كلمة سواء» في الكنائس والجوامع في أنحاء العالم؛ وأخيرا استمرار المشاريع العملية المخطط لها جامعتي ييل وكيمبردج / لامبث بلاس والفاتيكان. باختصار، نعتقد أن لنا أن نقول: إن العام الأول من كلمة سواء حقق ـ بحمد الله ـ «جذبا عالميا» غير مسبوق، ونأمل في عامها الثاني ـ إن شاء الله ـ أن ننجز «توسيعا عالما للآفاق». الله كريم. انظر:

(from a draft version of H.R.H, prince Ghazi of Jordan, ‘Concept of Dialogue: On “A Common Word Between Us and You”’ in Annual Dialogue Report on Religion and Values of the C-1 World Dialogue 2009, ed. Alistair Macdonald-Radcliff and Roland Schatz (Boston, Beirut, Pretoria, Tianjin, Zurich: Innovation Publishing, 2009), pp17-19).

11- للمزيد من المعلومات حول تشكيل «القراءة المشتركة للكتب المقدسة» انظر موقع الجمعية على شبكة المعلوماتhttp://etext.lib.virginia.edu/journals/jsrforum/. أما بخصوص أفضل المصادر الورقية، فانظر الفصل الثامن من:

David F. Ford, Christian Wisdom. Desiring God and Learning in Love (Cambridge: Cambridge University Press, 2007), pp273-303; David F. Ford and C.C, pecknold, The Promise of Scriptural Reasoning (Oxford: Blackwell Publishing, 2006); Peter Ochs, ‘Reading Scripture Together in Sight of Our Open Doors’ in The Princeton Seminary Bulletin 26, no. 1, new series (2005), pp36-47; and Steven Kepnes and Basit Bilal Koshul (eds.), Studying the ‘Other’, Understanding the ‘Self’: Scripture, Reason and the Contemporary Islam-West Encounter (New York: Fordham University Press, 2007).

12- من الأمثلة الجيدة على هذا «حلقات نقاش بناء الجسور» التي تستضاف سنويا من قبل رئيس قساوسة كانتربري. يمكن العثور على أعمال الاجتماع الأول، الذي عقد في الدوحة عام 2003م، في:

Michael Ipgrave (ed.), Scriptures in Dialogue: Christians and Muslims Studying the Bible and the Qur’an Together (London: Church House Publishing, 2004).

13- استدعت عملية التحضير لرد رئيس قساوسة كانتربري، «كلمة سواء من أجل الصالح العام»، على قدر كبير من الاستشارات، تتوجت في لقاء في لمبث بلاس عقد يوم الأحد الأول يونيو عام 2008م ضم علماء من مختلف الكنائس، وقد اجتمعوا في اليوم التالي في تشرش هاوس، في لندن، مع حوالى خمسين من قادة الكنائس، بما فيها المجلس الكنسي العالمي، والعديد من المنتمين إلى الطوائف الأرثودكسيية (صحبة قادة من الشرق الآوسط)، والميثودية، والإصلاحية، والأنجليكانية، وآخرين. كان لديهم مخطوط لرد الدكتور وليامز، واتفقوا على أنه يتوجب عليه أن ينشر ردا على شبكة المعلومات يشمل ما أجمعوا على المصادقة عليه. الإقرار الذي رعته جامعة ييل والذي يرحب بـ «كلمة سواء» ونشر في شكل إعلان يغطي صفحة كاملة في النيويورك تايمز في نوفمبر 2007م اشتمل هو الآخر على تنويعة أكبر من توقيعات المسيحيين، بمن فيهم الكثير من قادة الطائفة الأنجليكانية. وقد عقد المجلس الكنسي العالمي لممثلي الكنائس المنتمية إليه في يناير 2008م لمناقشة كلمة سواء وبعد ذلك أصدروا بيانا بعنوان «تعلم تقصي المحبة معا. اقتراحات مقدمة للكنائس ردا على «كلمة سواء». في كل حالة كانت هناك روابط وثيقة بين التفاعل بين-المسيحي واللقاءات اللاحقة بين المسلمين والمسيحيين. في كل حالة كان هناك أيضا تعاون بين قادة الكنائس والأكاديميين. الأعمال الداخلية في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ليست متاحة للإطلاع، غير أنه يستبان أنه جرت مناظرات لا يستهان بقدرها قبل اتخاذ قرار بتشكيل «الملتقى الكاثوليكي-الإسلامي» بين الفاتيكان والذين وقعوا على كلمة سواء، والذين تقابلوا أول مرة في روما في نوفمبر 2008م.

14- انظر موقع التوفيقية المنفتحة: http://www.centreforcatholicstudies.co.uk/?cat=6؛ وانظر أيضا الكتاب الذي صدر مؤخرا:

15- انظر خصوصا:

Ford, Christian Wisdom, and David F. Ford, Shaping Theology: Engagements in a Religious and Secular World (Oxford: Blackwell Publishing, 2007).

16- تؤمن هذه إطارا واسعا. ثمة مقترح أكثر تفصيلية للعلاقات الإسلامية-المسيحية في الجزء الأخير من رد من رد رئيس أساقفة كانتربري، «كلمة سواء من أجل الصالح العام». هذا هو القالب الأكثر شمولية الذي اقترح في السنوات الأخيرة من قبل القادة الدينيين، وهو يستحق نقاشا معمقا كما أنه جدير بالتطبيق.

17- بخصوص الفهم المسيحي لأهمية «من أجل الله»، انظر:

Ford, Christian Wisdom, Chapters 3, 4, and 7.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=604

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك