مشكلة علم الله في الفلسفة الإسلامية وأثرها في اللاهوت الكاثوليكي

مشكلة علم الله في الفلسفة الإسلامية وأثرها في اللاهوت الكاثوليكي

علي محمد إسبر*

لا يوجد موضوع -في تاريخ الثقافة الإسلاميَّة- ينبغي إعادة جذوته إليه مثل: عِلم الله تعالى. فهذا الموضوع، يقتصر الجواب عنه، بشكلٍ مُطلق، على القرآن الكريم، وآيات الله -تعالى- مبثوثه، في كتابه العزيز، بحيث تُحدِّد ماهيّة هذا العلم عينه وتجلياتها(1).

ولم يخض المسلمون الأُول والتابعون في هذا الأمر الشائك المستصعب؛ إلا أننا نجد كتابات للمعتزلة والأشاعرة(2) حول صفة العلم في الله تعالى وعلم الإنسان وهل هو: مكتسب أم ضروريّ، وغير ذلك. إلا أنها تظل كتابات محدودة جداً.

لكن عندما قام إسحاق بن حنين -الذي عمل كمترجم، في بلاط الخلفاء العباسيين، في النصف الثاني، من القرن الثالث الهجري- بنقل عدّة مقالات من كتاب (ما بعد الطبيعة)(3) للفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس (384 – 322 ق.م)، - أقول: عندما قام بذلك، كانَ قد غيَّر طريقة التفكير داخل الثقافة الإسلاميّة، في حقيقة العلم الإلهيّ تغييراً جوهرياً. ومردُّ ذلك إلى أنَّ كتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو ينقسم إلى أربع عشرة مقالة تتناول في جملتها موضوعاتٍ هامة وغريبة عن العقل الإسلامي منها: تحديد علم ما بعد الطبيعة بوصفهِ البحث عن الوجود بما هو موجود، وضرورة الوقوف عند علل نهائية للكون لأنَّ اللانهاية ممتنعة، والبحث في الجوهر ومبادئه، وفي القوة والفعل، ووجود إله مُتعالٍ لا يعرف غير نفسه أبداً، والقول بوحدانية هذا الإله.

والمقالة التي لها أهمية كبرى من مقالات هذا الكتاب هي المقالة الثانية عشرة (اللامدا، اللام)، وفيها يخوض أرسطو سجالاً فلسفيّاً عالياً يعتبر الأكثر أهميّة في تاريخ الفلسفة، على الإطلاق، يتعلّق بعقل الله تعالى. وهنا في مقالة اللام ينزِّه أرسطو الله تنزيهاً مدهشاً حيثُ يرفض كونه تعالى عاقِلاً لغيره، لأنَّ هذا الغير أيَّاً كان هو ناقِص بالمقارنةِ مع الذات الإلهيَّة، وبالتالي، هذا يعني أنَّ تعقُّل الله للموجودات يقتضي تغيراً فيه جلَّ شأنه. وآية ذلك أنَّ ما يَعْقِلُ يُستكمل بمعقولهِ، فيكونُ للمعقول فضلٌ على العاقل. وهذا لا يجوز على الله سبحانه. وانطلاقاً من هذا الوعي بالأمور، يصل أرسطو إلى نتيجة هي: إنَّ علم الله يَنْصَبُّ فقط على ذات الله.

وكانَ لمقالة اللام تأثيرٌ كبير على الثقافة الإسلاميَّة وبشكلٍ خاص الفلسفية منها حيثُ يبدأ هذا التأثير فعليّاً مع الفارابي (873-950) الذي يؤكد وجهة نظر أرسطو، ذاهباً، إلى أنَّ الله هو الحكيم الكامل وهذا يعني أنّه غنيٌّ عن العالمين من حيثُ حاجته إلى المعرفة، فعلم الله هو العلم التام الذي لا يوجد فيه انقسام بين العالم والمعلوم.

والله من جهة أنّه عالم (فإنه ليس يحتاج في أن يعلم إلى ذات أخرى يستفيد بعلمها الفضيلة خارجاً عن ذاته ولا في أن يكون معلوماً إلى ذاتٍ أخرى تعلمه، بل هو مكتف بجوهره في أن يَعلم ويُعلم. وليس علمه بذاته غير جوهره فإنّه يعلم وإنه معلوم وإنّه علم ذات واحدة وجوهر واحد)(4).

بيدَ أنَّ المشكلة تتفاقم تفاقماً خطيراً مع ابن سينا (980-1038) الذي ذهب إلى أنَّ الله تعالى (= واجب الوجود) يَعْقُل أوائل الموجودات وما ينبثق عنها في حال عَقْلِهِ لذاتهِ من حيث إنَّها مبدأ كل وجود، أو بعبارة أخرى (فإنَّه (أي الله تعالى) إذا عقل ذاته وعقل أنه مبدأ كل وجود، عَقَلَ أوائل الموجودات عنه وما يتولد عنها، ولا شيء من الأشياء يوجد إلا وقد صارَ من جهة ما واجباً بسببه)(5).

وما يريد ابن سينا أن يصل إليه من هذه المداورة هو إثبات أنَّ الله يعلم الجزئيات على نحوٍ كليّ. أما أنَّه يعلم ماذا قال زيد لعمرو أو ماذا حَدَث ها هنا الآن، فإنَّ ابن سينا ينزّه الله سبحانه وتعالى عن هذه الأمور تنزيهاً مطلقاً. وهذا يعني أنَّ البارئ يعلم القوانين التي تحكم الموجودات ولا يعلم أحوالها الجزئيّة وهذا سوف يفضي إلى نتائج جدّ هامة سوف تتم الإشارة إليها فيما بعد.

بيدَ أنَّ الفكر الإسلاميّ لم يجد فيه من يرد على الفلاسفة في نقدهم المبطَّن للعقيدة بأسلوب يساوق من حيثُ قيمته المعرفية أسلوب الفلاسفة إلى أن ظهر أكبر مفكر في تاريخ الإسلام غير مُدافع وهو حجة الإسلام الغزالي (1085 - 1111)(6).

وقد شهد وعاين وخبر أبو حامد الغزالي في حياتهِ من الأحداث والتحولات السياسية والدينية وصروف الدّهر ما جعل شخصيته تتطوَّر في الاتجاهاتِ كافةً بحيثُ دلّت فعلاً على عبقريّة حقيقيّة، فهذا الرجل جمع في عقل واحد بين رجل الدين والفيلسوف والمتصوف والعالم الطبيعيّ والمنطقيّ والزاهد الهائم على وجهه في الفلوات.

فبعد أن مات أستاذه أبو المعالي الجويني (1028 - 1085) غادر نيسابور وقَدِمَ إلى الوزير نظام الملك في بغداد وحظي هنا في بغداد بالتكريم والتبجيل من قِبَل هذا الوزير الذي قُتِلَ على يد شاب من الباطنية. فأثَّر هذا الحادث على الغزالي تأثيراً كبيراً، فترك بغداد ورحل إلى دمشق لابساً ثوب الصوفيّة ومن دمشق انتقل إلى بيت المقدس. وبعد ذلك عاد إلى طوس مسقط رأسه حيثُ توفي فيها. والغزالي في كلّ هذه التنقلات والأسفار لا يتوَّقف عن البحث والتأمل والتفكير والتأليف حيثُ تركَ عدداً هائلاً من الأعمال الفكريّة(7).

المهم في الأمر هو أنَّ حجة الإسلام الغزالي كانَ قد خصص كتاباً على درجة عالية من الأهميّة وسماه بـ (تهافت الفلاسفة) يتناول فيه نقديّاً موقف الفلاسفة من علم الله وبشكلٍ خاص موقف ابن سينا وفي هذا الكتاب نفسه يفتي الغزالي بتكفير الفلاسفة لعدّة أسباب:

أولاً- قولهم بقِدَم العالم.

ثانياً- قولهم بعدم علم الله بالجزئيات.

ثالثاً- إنكارهم لبعث الأجساد.

وأكَّدَ الغزالي أنَّ القول بعدم علم الله بالموجودات الجزئيّة كفر صريح. دعْ أنَّ القول باقتصار علمه تعالى على نفسه أو على الكليات أو القوانين التي تحكم الجزئيات أمر غير مقبول. وهنا يشير أبو حامد إلى ابن سينا الذي زعمَ أنَّ الله –تعالى- (يعلم الأشياء علماً كلياً لا يدخل تحت الزمان، ولا يختلف بالماضي والمستقبل والآن. ومع ذلك زعم أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، إلا أنه يعلم الجزئيات بنوعٍ كلّيّ)(8).

ويوجِّه الغزالي للفلاسفة نقداً عنيفاً في مسألة علم الله سوف يتم الوقوف عنده ولكن من خلال نقد ابن رشد (1126 - 1198) لنقد الغزالي للفلاسفة وهذا ما يحتاج الآن إلى تحليل مستفيض.

يصدر ابن رشد في موقفهِ من مسألة علم الله من معرفته العميقة المدهشة بفلسفة أرسطو، وذلك أنّه قد قام بتفسير أهم مؤلف لأرسطو وهو كتاب (ما بعد الطبيعة)(9) الذي أشرنا إليه سابقاً وقد أعطى ابن رشد أهمية كبيرة لمقالة اللام الآنفة الذكر، لأنَّ أرسطو يتناول فيها بالتحليل عقل الله تعالى.

يرى ابن رشد في شرحه لمقالة اللام أنَّ الله تعالى إذا عَقَلَ غيره سوف يكون جوهره غير فعله، بمعنى: أنَّ جوهره سوف يكون القوة، التي يصير بِها هذا الفعل له. وهذا يفضي إلى أن يُسْتَكمَل الله بهذا الفعل كما يستكمل العقل الإنساني بالشيء الذي يعقله. دعْ أنَّه إذا كانَ الله يَعْقِل غيره، فإنَّ هذا سوف لن يقيّض له أن يكون الجوهر الخاص به هو الأفضل من بقية الجواهر المتعلقة بالموجودات. ويؤكد فيلسوف قرطبة أنَّه إذا كانَ جوهر الله تعقُّلاً أو عقلاً، فإنَّ هذا سوف يكون لذاتهِ، أو لشيء آخر متموضع خارج ذاته، لكن بما أنَّ الله هو مبدأ أول، فإنَّه لا يصح أن يكون من حيث جوهره تعقُّلاً لما يغايره، لأنَّ وجوده في هذه الحالة سوف يكون مقروناً بالحاجةِ إلى الغير.

وعلى أيّ حالٍ، فإنّه تعالى -كما يرى ابن رشد- من جهة أنَّه يعلم ذاته فقط هو يَعْرِفُ في الحال أو يعلم الموجودات بالوجود الذي هو فيه عِلَّة لوجوداتها. فالبارئ يعلم طبيعة الموجود بما هو موجود بإطلاق. واسم العلم يُقال على الله تعالى وعلى البشر باشتراك الاسم (وذلك أنّ علمه (= الله تعالى) سبب الموجود والموجود سبب لعلمنا فعلمهُ سبحانه لا يتصف بالكليّ ولا بالجزئيّ، لأنَّ الذي علمه كليّ، فهو عالم للجزئيّات، التي هي بالفعل، بالقوة، فعلمه ضرورة هو علم بالقوة إذا كانَ الكلي إنما هو علم للأمور الجزئية. وإذا كان الكلي هو علم بالقوة ولا قوة في علمه سبحانه، فعلمه ليس بكليّ وأبين من ذلك ألا يكون علمه جزئياً)(10) ويرفض ابن رشد كون علم الله جزئياً لأنَّ الجزئيات لا نهاية لها ولا يحصرها علم.

وينتهي فيلسوف قرطبة إلى أنَّ الله لا يتصف بالعلم الإنساني أو الجهل الإنساني؛ لأنَّه تعالى مُنزَّه عن الإنسانيَّة في جُملتها.

وهذا الموقف الذي يتخذه ابن رشد في تفسيره للمقالة المرسوم عليها حرف اللام من كتاب ما بعد الطبيعة يتّخذ موقفاً مماثلاً له، في ضميمة العلم الإلهيّ الملحقة بكتاب (فصل المقال)، محاولاً أن يعالج مشكلة علم الله جلَّ شأنه بالجزئيات. فالفقهاء بعامة والغزالي بخاصة وجمهور الناس أيضاً جميعهم يذهبون إلى أنَّ الله تعالى عالم بالجزئيات من أجل أن يثبتوا وقوع الحساب والعقاب في الآخرة، لأنَّ الله تعالى إذا لم يكن عالماً بالجزئيات فلن يثيب الناس أو يعاقبهم، وبذا يتقوّض معنى الآخرة.

وهنا ينقد ابن رشد الغزالي قائلاً: (وقد رام أبو حامد حلّ هذا الشك (= مشكلة علم الله بالموجودات الجزئية) في كتابهِ الموسوم بالتهافت، بشيء ليس فيه مَقْنَعٌ، وذلك أنَّه قال قولاً معناه هذا: وهو أنَّه زعم أنَّ العلم والمعلوم من المضاف، وأنّه قد يتغيّر أحد المضافين، ولا يتغيّر المضاف الآخر في نفسه، كذلك يشبه أن يعرض للأشياء، في علم الله سبحانه، أعني أن تتغيّر، أعني أن تتغيّر في أنفسها ولا يتغيّر علمه سبحانه بها)(11).

وهنا يرد ابن رشد على الغزالي قائلاً: (الحال في العلم القديم مع الموجود خلاف العلم المحدث مع الموجود، وذلك أنَّ وجود الموجود هو علة وسبب لعلمنا، والعلم القديم هو عِلَّة وسبب للموجود. فلو كانَ إذا وجد الموجود بعد أن لم يوجد حدث في العلم القديم علمٌ زائد، كما يحدث ذلك في العلم المحدث، للزم أن يكون العلم القديم معلولاً للموجود، لا علة لهُ)(12). ويؤكد ابن رشد ضرورة ألا يحدث أيّ تغيُّر في علم الله القديم كما يحدث في العلم المحدث الخاص بالإنسان. ويرى فيلسوف قرطبة أنَّ الغزالي وقع في هذا الخطأ، لأنَّه قام بقياس الغائب على الشاهد، وهذا القياس قياسٌ فاسد.

إنَّ آراء ابن رشد الخطيرة هذه لم تُناقش بطريقة عقلية في الثقافة الإسلاميّة، بل تُرك الأمر للغوغاء. فبعدَ محنة ابن رشد الشهيرة ونفيه وحرق كتبه لاتهامهِ بالإلحاد أيام أبي يوسف يعقوب سلطان الموحدين تراجع العقل الفلسفي العربي تراجعاً لا يزال مستمراً حتى الآن؛ بيدَ أنَّ القضايا التي أثارتها الفلسفة الرشدية لاقت صدىً واسعاً في أوربا التي احتفظ بعض المشتغلين بالفلسفة فيها بالترجمات اللاتينية والعبريّة لمؤلفات ابن رشد العربية المحروقة. ويمكن أن يقال: إنه لولا هذه الترجمات لضاعت جهوده العقلية الجبارة وذهبت أدراج الرياح.

ومهما يكن من أمر، فإنَّ تأثير ابن رشد الحاسم كانَ في أوروبا بعامة وفي باريس بخاصة حيث ظهرت الرشدية اللاتينية بزعامة سيجر دي برابان (1235 - 1282) حيثُ تبنى الرشديون اللاتين تعاليم فيلسوف قرطبة. وهذا ما دفع الأُستاذ الملكي القديس توما الأكويني إلى مهاجمتهم ونقدهم وقام بوضع رسالة ضد آرائهم وسمها بـ (في وحدة العقل رداً على الرشديين).

غير أنَّ المهم في هذا المنحى هو الوقوف عند أمر هام جداً هو كيفية فهم توما الأكويني للمسألة الخطيرة التي عالجها ابن رشد ألا وهي: عقل الله.

يذهب القديس توما الأكويني إلى أنّه ليس العلم في الله صفة أو ملكة بل جوهراً صِرْفاً. وهذا هو رأي أرسطو وكذا ابن رشد. ويضيف توما إلى ذلك أنَّ علم الله بسيط غير مركَّب ولا يمكن أن يكون كليّاً أو جزئيّاً أو بالملكة أو بالقوة(13).

أضف إلى ذلك أنَّ الله عالم بذاته وعقله (= الله) لا يستكمل بالمعقول ولا يصير مشابهاً له، بل هو عين كماله وعين تعقُّله. والله لا يعقل ذاته بواسطة، بل يعقل ذاته بذاته. وعَقْله لذاته مطلق من حيث إنه فيه وله. وعموماً يؤكد توما من خلال أسلوبه السجالي الذي يثير المسائل ويرد عليها أنَّ (العقل والعاقل وما يعقل والصورة المعقولة والتعقّل كل ذلك في الله شيء واحد بعينه من كل وجه ومن ذلك يتضح أنَّ وصف الله بالعاقل ولا يوجب تكثراً في جوهره)(14).

ويناقش توما موضوعاً هاماً وهو: هل يعرف الله غيره؟. ويذهب إلى أن الله يعرف غيره، فهو يعقل ذاته تعقُّلاً كاملاً لأنَّه كامل من حيث وجوده. فوجوده عين تعقله. وبما أنَّ معرفة الشيء بشكلٍ مطلق تقتضي معرفة قدرتهِ بشكلٍ مطلق، فإن معرفة القدرة بعامة تقتضي معرفة ما تقع عليه بشكلٍ كامل. وبالتعويل على هذا الوعي بالأمور نصل -كما يرى توما- إلى أنه ما دامت قدرة الله تتناول غيره لأنها العلة الفاعلية لجميع الموجودات، فمن الضروري أن يعرف الله غيرة (وهذا يزداد وضوحاً إذا اعتبرنا أيضاً أنَّ وجود العِلَّة الفاعلة الأولى أي الله هو عين تعقُّلها فإذاً جميع المعلومات التي لها وجود سابق في الله من حيث هو علتها الأولى لا بدّ أن تكون موجودة في تعقُّله وأن تكون كلّها فيه على حسب الحالة المعقولة، لأنَّ كل ما في آخر فهو فيه على حسب حال ما هو فيه)(15).

وها هنا يُغلِّب توما الأكويني إيمانه الكاثوليكي على عقله الفلسفي كما فعل الغزالي من قبل من حيث إنه استخدم الفلسفة لإثبات العقيدة ونَقَدَ الفلاسفة في الوقت نفسه. فقد أكَّد توما أنَّ الله يعرف غيره حتى يضمن تدخُّل العناية الإلهية في العالم من حيث هي عناية بأفراد لا بأنواع وبذا يخالف توما أرسطو وابن رشد.

وأخيراً نقول إن هذه النقاشات العالية المستوى لا تدلُّ عمقياً إلا على رحابة هذا السجال الأبدي بين العقل والنقل أو بين المعرفة والوجدان.

**************************

الحواشي

*) باحث من سورية.

1- قال -تعالى-: ﴿الله يحكم بينكم يوم القيمة فيما كنتم فيه تختلفون. ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير﴾ سورة الحج، آيات 69-70. وقال -تعالى-: ﴿ومن الناس من يقولوا آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين. وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين﴾. سورة العنكبوت آيات 10-11.

2- انظر: عبد الرحمن بدوي، مذاهب الإسلاميين ط3، الجزء الأول، بيروت، دار العودة، 1983م، ص136 حيث يتحدّث بدوي عن نظرية العلم الإنساني عند أبي الهذيل العلاف على سبيل المثال ولا نجد أي بحث حقيقي في العلم الإلهي لا عند أبي الهذيل ولا عند غيره من علماء الكلام.

3- ما بعد الطبيعة = الميتافيزيقا Metaphysics وهو كتاب أرسطو الأشهر وجاءت تسميته على هذا النحو، لأنّ أندرو نيقوس الرودسي (اشتهر في القرن الأول قبل الميلاد) رتَّبَ كتب أرسطو المتعلقة بالعلم الإلهي التابع للفلسفة الأولى بعد كتب أرسطو المتعلقة بالعلم الطبيعي. وقد تُرجم هذا الكتاب بشكل نهائي إلى العربية في القرن الثالث الهجري على الأغلب على يد المترجمين السريان.

4- الفارابي، كتاب السياسة المدنية المُلقب بمبادئ الموجودات ط2، حقَّقه وقدَّم له وعلَّق عليه: فوزي متري نجار، بيروت، دار المشرق، 1993م، ص45.

5- ابن سينا، كتاب النجاة، نقَّحه وقدم له: ماجد فخري، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1985م، ص283.

6- انظر: الكتاب الهام جداً عن الغزالي وهو: (الغزالي) ط2، تأليف: البارون كارا دو فو، نقله إلى العربية: عادل زعيتر، بيروت، 1984م.

7- انظر: عبد الرحمن بدوي، مؤلفات الغزالي ط2، الكويت، وكالة المطبوعات، 1977م. وفي هذا الكتاب سوف يلاحظ القارئ موسوعية الغزالي التي تفوق الخيال.

8- الغزالي، تهافت الفلاسفة، نشرة الأب موريس بويح، بيروت، المطبعة الكاثوليكية، 1962م، ص164.

9- انظر: ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، نشرة الأب موريس بويج، بيروت، دار المشرق، 1973م.

10- ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، ص1708،4.

11- ابن رشد، ضميمة العلم الإلهي الملحقة بكتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعةِ من الاتصال ط3، دراسة وتحقيق: محمد عمارة، القاهرة، دار المعارف (د.ت)، ص75، 6.

12- المصدر نفسه، الموضع نفسه (= الضميمة)، ص75، 8.

13- سوف يلاحظ القارئ تناقض توما مع نفسه لاحقاً في سياق البحث.

14- توما الأكويني، الخلاصة اللاهوتية، ترجمة: بولس عواد، بيروت، المطبعة الأدبية، 1887م، المجلد الأول، المبحث الرابع عشر، الفصل الرابع، ص185، 17.

15- توما الأكويني، الخلاصة اللاهوتية، م1، مب2، ف5، ص186، 20-187، 1.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=541

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك