نسامح و .. لكن لا ننسى!

ماجدة أبو طير

 

حين يشعر الانسان انه مظلوم وقد هضم حقه من قبل شخص او مجموعة من الاشخاص، فانه اما ان يسامح فعل الظلم الذي وقع عليه او يبقى مبطنا لهذا الفعل في نفسه ولا يستطيع النسيان، ويختلف الناس فيما بينهم حول المسامحة والنسيان، الا ان النسيان يختلف عن المسامحة، فالنسيان ان نضع نقطة عن موضوع بين طرفين و ان نمضي في الحياة ولكن دون فتح لملفات هذا الموضوع. اما المسامحة فانها عدم الاهتمام بالموضوع بشكل جذري وان تمت اعادة المناقشة به فانه لن يترك اثراً على صاحبه.

 

التسامح من انبل الصفات التي يتملكها الانسان، وهي من شيم الانبياء، فرسولنا صلى الله عليه وسلم تعرض لشتى انواع التعذيب النفسي نعتوه بالكذب والسحر وغيرها من الصفات السلبية، وماذا كان من رسولنا الكريم.. غير التسامح . هذا ما كان يميزه عن بقية البشر!لماذا اصبح التسامح مضمحل في هذا الزمن ؟

 

كلنا خطاؤون ولسنا معصومين من الاخطاء، بالمقابل لا بد من وجود قلوب متسامحة تحتوينا ، ما اجمل الحياة بقلوب متسامحة لا تحمل الاحقاد ولا الضغينة في جنباتها.

 

مواقف

 

تقول منى نبيل:» يواجه الانسان مواقف مختلفة، متباينة فيما بينها، ولا نستطيع الحكم على كل المواضيع بالطريقة نفسها، ولكن هنالك اشخاصا لا تستطيع مسامحتهم كونهم تركوا اثرا سلبيا كبيرا على النفسية، ولا نستطيع ان نمضي بالحياة كأن الفعل لم يقع، هذا يعتمد على الشخص الذي اساء وعلى نوعية الاساءة وكم من الاثار تركت».

 

وتضيف نبيل:» دوماً تعلمنا العائلة والمدرسة وكافة المراجع المختلفة اننا نتعلم ان نسامح مهما كان الخطأ ولكن الناس من حولنا يعلمونا ان لا نسامح ومن هنا تصبح المبادئ التي نتعلمها في حياتنا غير مناسبة للتطبيق، وكأن هذه المبادئ ماهي الا مثاليات فقط نظرية تناسب كلام الحكايات والكتب، فالحياة اصعب مما نتوقع وتتغير شخصية الانسان تبعا لتغير الواقع المحيط به».

 

 

 

الانتقام مر

 

ليس هناك ما هو أكثر مرارة وألماً من أن تشعر أنك ضحية غدر أو ظلم الآخرين، ولعل جميعنا قد مر بهذه التجربة عندما يغتال فرد ما فرحنا أو يسلبنا سعادتنا أو حريتنا أو ما لدينا من مال. أو قد يسرق من عمرنا الذي قضيناه معه، تقول سامية حسن:» الشخص الذي ظلمنا او اساء لنا، في نهاية الامر يذهب ليعيش سعيداً بينما يترك ضحيته جريحة تنزف وقد تمر سنوات من الذكرى المؤلمة ولا تستطيع أن تنسى،ولكن ما نسأله دوماً لانفسنا: هل نبقى مقيدين للماضي المؤلم يعيق حياتنا وسعادتنا، أم نحاول الخروج من ذلك الماضي؟»

 

وتضيف حسن:» البعض قد يحلو له الانتقام ولكن هذه الوسيلة غير مجدية ولن يكسب أحد من الدخول في دائرة الانتقام. والبعض يعيش مرارة الألم والغضب الذي قد يفتك بهم وبصحتهم النفسية والجسدية، وقد يحاول البعض نسيان ما حصل وكبته! والإيمان بأن ما حصل لم يحصل بالمرة. وذلك خطر لأن الألم قد يأتي للأسف في صورة أخرى كالأمراض الجسدية والنفسية».

 

 

 

اسامح ولا انسى

 

هناك مقولة غربية تقول أنا أسامح ولكن لا أنسى. وأتفق أنا شخصياً مع هذه المقولة ، هذا مابينه احمد خليل:» فنسيان الإساءة صعب بل إن تذكرها بطريقة بعيدة عن الانفعالية قد يعلمنا دروساً في الحياة ويساعدنا على حماية ذواتنا من تكرار الإساءة، ولكن التحدي الصعب هنا كيف يستطيع الإنسان أن يوازن بين التسامح وعدم النسيان بطريقة عقلانية بعيدة عن روح الانفعال ، وأن هناك أموراً لابد أن لا ننساها!.

 

ويضيف خليل:» فضحايا الإساءة أفراد لهم كرامتهم ولن نستطيع أن نهمل مشاعرهم ولابد أن نقدرها. بل إن جزءاً من صيانة الذات وعدم تعرض الفرد مرة أخرى للإساءة هو أن يعرف الشخص المسيء أن من تعدى عليه وظلمه قد تلقن درساً مهماً، ولن يسمح له بالإساءة إليه مرة أخرى. كما في الحديث النبوي الشريف:»لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .

 

 

 

المسامحة لها فوائد

 

وتبين الاخصائية الاجتماعية رانية الحاج علي:» يقول الكاتب لويس سميدس Lewis B. Smedes إن التسامح لمن يذنب في حقنا من أصعب الأمور في حياتنا وقد يأخذ ذلك منا وقتاً طويلاً ولكنه الطريقة السليمة للتعامل مع آلامنا التي لم تشفَ ، لا يوجد شخصا منا لم يحبس نفسه و يمسك بغضبه،أو لم يتعرض يوما للإهانة، الخيانةَ، أو الكذب أو الظلم.المسامحة والغفران تعني:منح العفو و الصفح لمن أساء لك أو إبراء».

 

وتضيف الحاج علي:» المسامحة والصفح تمنحنا القوة على الشفاء،فعندما نشعر بالغضب و المشاعر السلبية بشكل دائم، فإن ذلك يؤثر على صحتنا.تسبّب هذه الطاقة السلبية ضغط الدمّ العاليِ، و الصداع، و الكآبة، و مشاكل المعدةو مجموعة كبيرة من الأمراض الأخرى.لذا فنحن عندما لا نصفح عن الآخرين و نمحنهم العفو فإننا نتعرض لضعف الخطر الصحي، عندما نمنع أنفسنا من المسامحة الصادقة، نعلق في دوامة من الأفكار السلبية.و نصبح مشلولين فكريا فلا نستطيع التقدم أو التفكير بأي شيء إيجابي في حياتنا،عملنا، أو حتى علاقتنا الجديدة، العفو يمنحنا القوة على إطلاق طاقتنا والتخلص من أغلال الكراهية والحقد، فعندما نحمل في قلوبنا الاساءة و الكراهيةَ، نصبح سجناء لعواطفنا، لكن عندما نتخلص من كل هذه القيود نصبح أحرارا و قلوبنا صافية»

المصدر: https://www.addustour.com/articles/931670-%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%AD-%D9%88-%D9%84%D9%83%D9%86-%D9%84%D8%A7-%D9%86%D9%86%D8%B3%D9%89!

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك