دور الدين في الولايات المتحدة على الساحة العامة

دور الدين في الولايات المتحدة على الساحة العامة

تيموثي. جيه. ديمي*

هل الولايات المتحدة أمة واحدة تحت عرش الله؟ جاءت كلمات أمة واحدة تحت العرش من مبدأ الولاء للعَلَم الأمريكي (وبالاستنتاج الولاء للأمة). يُتلى هذا العهد يوميا في العديد من المدارس والأماكن العامة على نطاق الأمة. وهذه العبارة محل جدل هذه الأيام في الولايات المتحدة، وهنالك طعون قانونية تسعى لحذفها من العهد تقدم بها بعض الأمريكيين الذين يعتقدون أن الدين أو تأكيد الإيمان بالله يجب ألا يكون جزءًا من الحكومة، السياسة، السياسة العامة، أو الأنشطة التي تدعمها الضرائب مثل المدارس الحكومية. ومع أنها وجهة نظر الأقلية، إلا إنها توضح مدى جدلية دور الدين في الحياة العامة الأمريكية. وأشير في هذا المقام إلى أن ذكر الله لم يرد في قسم الولاء فقط.

طُبع على كل قطعة نقود معدنية أو ورقة نقدٍ في الولايات المتحدة: كلمات (في الله نثق) وبدرجات متفاوتة، ظل الدين جزءا من حياة وفكر الأمريكيين عبر تاريخ الولايات المتحدة. اخترق الدين المجتمع والحضارة الأمريكية، ولكن هذا الاختراق لم يخلو من الجدل. وقيل: أنه أينما اجتمع اثنان أو ثلاثة من الأمريكيين فثَّم مناقشة للدين.

وهذا لا يعني وجود الموافقة او الإجماع حول دور الدين في الحديث العام أو حديث السياسة أو الحياة الخاصة. وفي وقت من الأوقات، كان دور الدين الصحيح مثار جدلٍ شديد وهذا هو الوضع في هذه الأيام. هنالك حوار ونقاش عام مستمر حول أهمية الدين، ليس بخصوص منفعته للناس، ولكن بخصوص ما ينبغي أن يكون عليه مدى تأثير القيم الدينية والمعتقدات في السياسة والسياسة العامة. كما أن الأميركيين لا يتكلمون بصوت واحد عن الدين.

ومع أنه يوجد انبعاث للدين في الأوساط العامة حول العالم، هنالك فِرَق في الولايات المتحدة يتمثل بأن هذا الانبعاث مميز بالتأثير المنتشر للتعددية والتنوع الديني(1). وفي المجتمع التعددي مثل الولايات المتحدة هنالك أديان عديدة وأراء متنافسة وقيم جميعها تدّعي أنها تتحدث باسم الله، وبعضها يزعم أنه يتحدث عن الله فقط.

وسوف أتناول ثلاثة أشياء قي هذه المقالة. الأول: أود أن أعطي نظرة عامة عن: حال أمربكا دينيا -أي ما هي الصورة الدينية للأمريكيين؟ لو كان لديك آلة تصوير وأخذت صورة روحية لهم، فكيف ستبدو هذه الصورة؟ الثاني: ما هي الاتجاهات المهمة التي تـؤثر على الدين في أمريكا (ومعظم الغرب)؟ هناك اتجاهان ونتيجتان سنتناولهما بالبحث. والسؤال الثالث والأخير، ما هي المجالات الرئيسة التي يحاول الدين الأمريكي التأثير عليها هذه الأيام، وما هي القضايا في كل مجال؟ هنالك أربعة مجالات، اثنان منها ذات تفرعات دولية وعالمية.

صورة الدين الأمريكي (الديموغرافيات الدينية)

ما هو التكوين الديني للشعب الأمريكي؟ لو استطعنا أن نأخذ صورة جماعية لكامل السكان البالغ عددهم 300 مليون نسمة، فماذا سنرى بالنسبة للدين؟

بيّن استطلاع للرأي أجرته مؤخرا مجلة نيوزوييك بتاريخ (5 سبتمبر 2005م) ما يلي:

88% يصفون أنفسهم بالروحانيين أو المتدينين.

58 % مسيحيون بروتستانت (33% إنجيليون، 25 % غير إنجيليين).

22% مسيحيون روم كاثوليك.

5% مسيحيون آخرون.

1% مسلمون.

1% يهود.

3 % غير مسيحيين آخرين.

6% وثنيين/لا أدريين/بلا دين.

4% بدون دين محدد.

وبالخلاصة فهذا يعني أن 85 % مسيحيين.

10 % بلا دين.

1% مسلمين.

1% يهود.

3% أديان أخرى - هندوسي، بوذي، الأهليين الأمريكيين، السيخ،.... إلخ.

تعكس هذه النسب فئات واسعة وأرقاما. وهي لا تقيس كثافة الاعتقاد ولا التقوى والممارسة. ولكن وكما هو في سائر الأديان يوجد في المسيحية طيف للإيمان. وهنالك تنوع كبير في كل من الاعتقاد والممارسة بالنسبة لمئات من الفئات المسيحية. وبعض هذه الاختلافات عقائدي، وبعضها تاريخي والبعض الآخر أيضا يتعلق بالعرق والجنس.

وإذا ما نظرنا إلى المسيحيين في أمريكا (حوالي 85 % من السكان) نسأل من منهـم يـذهب إلى الصلاة؟ من يتعبد بانتظام بالكنائس؟ واستنادا إلى استطلاع الرأي الذي تنظر إليه فإن من 38- 44% من الأمريكيين يقولون بأنهم يحضرون الصلوات الدينية المسيحية أسبوعيا. وباختصار فإن نصف الذين يعتنقون المسيحية في أمريكا يمارسونها بنشاط أسبوعيا في أماكن العبادة العامة.

(وبالنسبة لنا فإن ما هو أكثر أهمية ليس من يذهب إلى الصلوات، ولكن كيف يقترع في الانتخابات من يزعمون أنهم متدينون؟ كيف يؤثر الدين على منظور الشخص الديني؟ إن الحقيقة الجديدة الأكثر سطوعا في الفصل بين الدين والسياسة هي: أن الأمريكيين الذين يؤدون الصلوات بانتظام ويحملون أراء دينية تقليدية يصوتون لصالح الجمهوريين، بينما الأقل تدينا وارتباطا بالمؤسسات الدينية والأكثر علمانية في نظرهم يميلون للتصويت لصالح الديموقراطيين. ونرى أن هذا يصبح خطاً فاصلاً في السياسة الحديثة بحيث أضحى من السهل أن تلاحظ كيف أنه من غير المعتاد من المنظور التاريخي لغالبية المتدينين الميل باتجاه حزب بينما تميل غالبية العلمانيين للتصويت للحزب الآخر)(2).

ما نراه في هذه الصورة هو أن الكثير من الناس (95%) يدعون بالهوية الدينية، ولكن أقل من نصفهم يؤدون الصلوات الأسبوعية. ومن بين هؤلاء الذين يحضرون الصلوات فإن الميل يتجه نحو التصويت لصالح القضايا المحافظة والحزب الجمهوري.

هذا باختصار هو الحال الديني للأمريكيين. والآن أود أن أنتقل إلى الاتجاهات التي تؤثر على الدين في أمريكا ومن هناك سوف نلقي نظرة على القضايا في الحياة الأمريكية والمنظور الديـني تـجاهها.

الاتجاهات والنتائج التي تؤثر على الدين في أمريكا

أرى وجود اتجاهين يؤثران على الدين في العالم (ليس فقط في الولايات المتحدة) اليوم ونتيجتان بغض النظر عن بلد الشخص أو منظور اعتقاده. ولكي نكون متأكدين هنالك تفاوت، ولكن بشكل عام هنالك اتجاهات قابلة للتمييز (بعضها متضارب وبعضها متداخل). ومع إنني أؤمن بأن الدين حول العالم يترك أثراً متجدداً على الأشخاص والمجتمعات والبلدان، إلا أن هناك اتجاهات أخرى تحدث بذات الوقت. وهذه الاتجاهات لا ثؤثر على الدين فحسب، ولكنها أيضا تتنافس مع القيم الدينية في حرب أفكار، وللقيم نتائجها.

الاتجاه الأول: العلمانية

الاتجاه الأول هو العلمانية في الغرب. ونلاحظ وجـود حركة أيديولوجية بعيدة عن الـديـن (خاصة في أوروبا) في الميدان العقلي تزايدت خاصة في الخمسين سنة الماضية. يواصل أنصار العلمانية إتباع تقليد التنوير الذي يغلّب العقل على الدين. فإن لم يكونوا ينكرون صلاحية الدين،فإنهم على الأقل يقسمونه إلى فئات ويزعمون أنه أمر شخصي، ويجب ألاّ يؤثر على الخطاب العام أو القيم. شهد العصر الحالي وجود مثقف قانوني أمريكي هو ستيفن كارتر الذي يقول (حضارة كفر) يتم فيها تهميش التقوى والإيمان من كثيرين في المجتمعين الأمريكي والأوروبي.

وفي الحضارة العلمانية للكفر يتم التركيز على نظرة منطقية للعالم قائمة على مقاييس تجريبية للبرهان، والمعرفة العلمية للظواهر الطبيعية، والتفوق التكنولوجي للكون - وجميعها تصب باتجاه استثناء الدين والقيم الدينية.

ومن المهم أن نذكر، على أي حال، بأن هذا الشيء يحدث على المستوى الأكاديمي والفكري، مع أنها تترك آثارا مهمة في تحركها نحو بقية عناصر المجتمع. إن القيم التي تضمها الفلسفة والعلوم تتدفق كالنهر خلال الحضارة مؤثرة على الفن، الموسيقى، الأدب، و من ثم نواحي الحضارة العامة والحياة اليومية مثل الدعاية، الموضة، والنفقات الاستهلاكية. برز معظم الصراع الحضاري المعاصر في الولايات المتحدة عند نقطة التقاء الدين والعلمانية.

ولا ريب توجد (حضارة كفر) في المجتمع الأمريكي، ولكن مع وجود (حضارة إيمان) في الوقت نفسه وتتضارب هاتان الحضارتان عند ما يسمى في أمريكا (بحرب الحضارات)، إنه صراع أيدولوجي يشن يوميا في وسائل الإعلام، وفي الفصول المدرسية، وأماكن العمل، ومئات من الأماكن الأخرى حيث أن الناس يحاولون العيش وفقا لقيمهم الدنيوية أو الدينية. ونكرر بأن للقيم نتائج (وسوف نتناول بعضها لاحقا). وهذه النتائج شخصية ومحلية ووطنية ودولية.

ففي الولايات المتحدة (شأنها في ذلك شأن بقية الأمم) (فإن الهوة الآخذة في الاتساع بين المجتمعات الدينية والمجتمعات العلمانية حول العالم سيكون لها نتائج مهمة بالنسبة للسياسة العالمية رافعة دور الدين إلى الأعلى على الأجندة الدولية)(3).

الاتجاه الثاني: العولمـة

الاتجاه الأول الذي يؤثر على الدين في أمريكا هو العلمانية، أما الاتجاه الثاني فهو الحداثة والعولمة (التي تقود في النهاية إلى التعددية والتنوع الديني) (عبر معظم حقب التاريخ، عاش غالبية البشر في مجتمعات ذات درجة عالية من التجانس في المعتقدات والقيم. والحداثة تحدُّ من هذا التجانس من خلال الهجرة والتمدن (العيش في المدن)، مما جعل الناس من ذوي المعتقدات والقيم المختلفة يحتكون ببعضهم بعضاً من خلال التعليم والتعلم الجماعي الذي يفتح آفاقا لم تكن معروفة للناس في الفترة السابقة للمجتمعات العصرية. وبشكل دراماتيكي بالنسبة للاتصالات. وقد ظلت هذه التغيرات قيد التطور على الأقل لعدة قرون. ولكنها الآن تنتشر بسرعة وتتعاظم بفعل العولمة. وفي عالم اليوم لا يكاد المرء يجد مكانا في العالم دون أن تمسه ديناميكية التعدد. والدين ليس بمستثنى من ذلك)(4).

أصبحت العولمة مفهوم تنافسي بشكل كبير في هذه الأيام. قلة من الناس ينكرون حقيقته، ولكن العديد من الناس يناقشون أهميته ومعناه بالنسبة للمستقبل. إن العالم يصبح أصغر فأصغر، ولم تعد المسافة عاملا مهما في الحياة اليومية كما كانت ذات يوم (على الأقل في العالم الصناعي والدول المتطورة). فالآن نستطيع أن نكون في أي مكان من العالم في خلال 24 ساعة. فنرى أن الصفقات التجارية على مستوى العالم تعقد في ثوان. وأصبحت الاتصالات في الغالب فورية، وصارت المعلومات توزع عن طريق الأنترنت ومن المحتمل أن تصل إلى عدد هائل من الناس لمعرفتها.

وبينما يوجد هنالك جوانب إيجابية للعولمة، يبقى هنالك نتائج مدمرة. العولمة تقرب لنا الأشياء الجيدة في الحياة، كما أنها تقرب الأشياء السيئة من كل واحد منا. وبالنسبة للبعض فإن هذا يشكل تهديدا لنا.

النتيجة الأولى: اختلاف الأديان

ومن بين نتائج العلمانية والعولمة هو معرفة عدد المنظورات المختلفة في العالم والأمة. ظلت الاختلافات الدينية والتعددية الدينية على الدوام جزءا من المشهد الديني الأمريكي، ولكنها تزايدت هذه الأيام. وحولت التعددية الدينية في المؤسسات وفي وعي الناس. اعتاد العديد من المؤسسات الدينية على وضع الاحتكار ولكن أصبح الآن يتعين عليها أن تتعامل مع التنافس. وفي الواقع، فقد نشأ سوق ديني فرض على الناس الاختيار. هنالك سوق للأفكار (سوق للروحانية). وعلى صعيد الوعي فإن هذا يعني أن الدين لم يعد يؤخذ بشكل مؤكد، ولكنه أصبح شيئا من الانعكاس والقرار(5).

ويقول عالم الاجتماع بيتر بيرغر (أدت التعددية إلى خيار ديني أعظم وأكبر مما كانت عليه في السابق. وفي أمريكا فإن المصطلح (التفضيل الديني) يفيد بأنه قد اشتق من لغة الاقتصاد الاستهلاكي - وقد أصبح جزءا من الخطاب العام)(6).

النتيجة الثانية: التركيز على الروحانية الشخصية في مقابل العبادة المشتركة

والنتيجة الثانية للعلمانية والعولمة بالنسبة للدين هي تركيز الكثير من الناس على الروحانية الشخصية بدلا من العبادة المشتركة كونها لب خبرتهم الدينية. ولا أعني بهذا الإيمان الشخصي الذي يؤمن بنزع جوهر العقائد والمعتقدات، ولكن أعني نظرة الانتقائية والتجريبية نحو الدين، بدلاً من الاعترافية (والتي ربما تكون عدوانية للعقيدة والدين المنظم). وهي أيضا توفيقية بشكل كبير.

وفي عالم العولمة المتسارع والذي تتوفر فيه الأفكار والمنظورات للناس لكي ينظروا فيها، هنالك أيضا إحتمال أن يقبل الناس قيما وافكارا دون الأخذ في الاعتبار ما قد يترتب عليها من نتائج ومدى قابليتها للتطبيق مع الأفكار الأخرى، (قد يؤمن الناس بقيم دينية متضاربة ومتناقضة).

يطرح كل دين، المسيحية، الإسلام، اليهودية والهندوسية......إلخ نظرة عالمية وطريقة للنظر في الحياة بكافة أوجهها. وكلما فهم الشخص المزيد عن ديانتهم وممارستهم، كلما تكونت نظرته العالمية ويصبح إيمانهم لسان كل جانب من جوانب حياتهم.

ولكن في مجتمع علماني ومتعولم غالبا ما يكون الحال أن يأخذ الناس ويختاروا القيم التي سيؤيدونها بدون الانتفاع من الإطار العام أو النظرة العالمية للدين. ومع هذا يبقى التوق والرغبات الروحية المشتركة مع كل الناس كامنة في نفوسهم. ونتيجة لهذا فإنهم يطورون منظورا دينيا مختلفا عن الأديان المنظمة. إنهم يركزون على الروحانية الشخصية ولكن ليس على دين محدد.

وفي أمريكا (حدث تكاثر في الروحانية في السنوات الأخيرة) سيقول الناس (أنا لست متدينا ولكنني روحاني) ومعنى مثل هذا القول ليس محددا... وغالبا ما يكون المعنى أبسط من ذلك (أنا متدين ولكن لا أستطيع أن أحدد مع أي كنيسة أو أي تقليد ديني)(7).

ويعتبر هذا الشيء صحيحا في الولايات المتحدة بشكل خاص ويلقى استجابة عامة بين صفوف الشباب الراشدين. إنها روحانية بدون سر مقدس، دين بدون قواعد وأحكام، وقيم بدون مطلقات. إنها نظرة إيمان بدون انتماء (في أوروبا الوضع معكوس تماما - انتماء بدون إيمان).

هنالك أراء عديدة تتنافس على المواطن الأمريكي نفسه، وهنالك الاستعداد لدى البعض لكي يأخذوا ويختاروا قيما ومعتقدات دينية بدلا من أن يقبلوا منظورا طائفيا أو (منظورا موروثا عائليا).

مجالات وقضايا التأثير في الدين الأمريكي

لقد اطلعنا على الجانب الشخصي للدين في أمريكا إضافة إلى الاتجاهات الأكبر للعلمانية والعولمة التي تؤثر على الدين في أمريكا. وقد نظرنا على الأسئلة (من) و (ماذا) والآن نريد أن نتحول إلى (وماذا لو لم) - خاصة في المجال العام.

ما هو الفرق الذي يحدثه الدين في أمريكا بالنسبة للعديد من القضايا الوطنية والدولية؟ كيف يؤثر الدين على العناوين الرئيسة؟

هنالك أربعة مجالات يتعين علينا النظر إليها باختصار، الدين والسياسة، الدين والقانون، الدين والسياسات الاجتماعية والدين والعلاقات الدولية.

الدين والسياسة

ساد الولايات المتحدة منذ زمن طويل تقليد فصل الدين عن الدولة، ولكن مع وجود نزعة بنفس القوة نحو خلط السياسة بالدين. تشبه العلاقة بين الكنيسة والدولة، وبين الديني والدنيوي يتأرجح أماما وخلفا بالوقت المحدد له. اعتمدت الحركات السياسية والاجتماعية عبر التاريخ الأمريكي امتدادا من إلغاء حق الانتخاب للمرأة إلى الحقوق المدنية إلى الكفاح الحالي حول الإجهاض ومعنى الزواج، على المؤسسات الدينية في الحصول على تفويض أخلاقي، وقيادة ملهمة وعلى دعم تنظيمي. ولكن بالنسبة للأجيال الحالية فقد دخل الدين بعمق أكبر في نسيج مادة السياسة الملحوظة أكثر من أي وقت مضى(8).

ومثال ذلك أن انتخابات عام 2004م كانت أحدث حملة رئاسية ناقش فيها المرشحون معتقداتهم الدينية بشكل علني، وأصبحت الكنائس نشطة بشكل متزايد في التعبئة السياسية وصنف الناخبون أنفسهم ليس بناء على سياسة التفضيل لديهم فحسب ولكن ايضا بناء على عمق التزامهم الديني.

وتدل بيانات الانتخاب على أن الأمريكيين منقسمين حول ما ستكون عليه الكنائس في العملية السياسية. وكانت الجماهير مرتاحة بشكل عام وهي ترى السياسيين يذكرون إيمانهم الديني، وفي الواقع فإن الكثير من الناس يقولون أن هنالك قليل من الذكر للإيمان الديني يأتي على لسان القادة السياسيين (39%) بينما الذين يقولون بكثرته فهم 26%. وهذا يدل على أن الدين يشكل جزءا من جوهر سلوك الأمريكيين.

تصبح القيم الدينية واللغة الدينية شيئا فشيئا جزءا من الحوار السياسي في أمريكا. وليس كل فرد سعيد بهذا، ولكن وجود الدين في العملية السياسية الأمريكية ظاهرة متنامية.

الدين والقانون

لا يؤثر الدين على الأمريكيين في السياسة وصناديق الاقتراع فحسب، بل يؤثر عليهم أيضا في قاعات المحاكم. فمنذ بداية الجمهورية، كان هنالك في الغالب نقاش مستمر حول العلاقة الصحيحة بين الدين والدولة. أعلن الرئيس جون آدمز أحد مؤسسي أمريكا والرئيس الثاني للولايات المتحدة قائلا (وُضع دستورنا للناس المتدينين، وإنه غير ملائم كليا لحكومة لغيرهم)(9). تبدو القوانين بالنسبة للدين والدستور بسيطة: يحمّل التعديل الأول للدستور الحكومة مسؤولية ضمان الحرية الدينية ويمنعنا من تقديم مصالح أي كنيسة بعينها أو اعتقاد بذاته.

وفي ضمن ما يبدو إطارا بسيطا هنالك حشد من التعقيدات والأسئلة التي تتطلب أجوبة عليها. فإلى أي حد تستطيع الحكومة أن تذهب باتجاه تكييف الممارسات الدينية الفردية؟ وإلى أي مدى تستطيع الدولة التعاون مع المؤسسات الدينية، على سبيل المثال بتمويل المنتمين إلى الخدمة الاجتماعية القائمة على الدين أو عرض رموز دينية على الممتلكات العامة؟

تشبثت المحكمة العليا بهذه الأسئلة وأسئلة غيرها، وحاولت وضع قوانين ورسم حدود، ولكن المراقبين للميدان السياسي يعتقدون أنه إذا ما أخذنا قرارات المحكمة العليا كوحدة واحدة سنجد أنها في كثير من المجالات مشوشة وفي بعض الأحيان متناقضة مع المعايير المختلفة والمبادئ والاختبارات التي يتم إجراؤها في أوقات مختلفة.

ونجد الأمريكيون أيضا منقسمين حول دور الدين في الديموقراطية، فالبعض يجادل بان الدولة يجب أن تكون حيادية بشكل صارم في الأمور الدينية محيلة إياها للحياة الخاصة. بينما يجادل الآخرون بأن دعم التقاليد الدينية يكون ممكنا من دون أن تفرض الدولة الدين بالإكراه على أن تحترم حقوق الأقليات أيضا.

كان دور الدين في إعلام المجتمع الأمريكي حيويا وديناميكيا وسوف يستمر في البقاء كذلك. نظرت المحاكم على جميع مستوياتها بما فيها المحكمة العليا بدور الدين في مواقع عديدة بما في ذلك دور الدين في التعليم العام، دور الدين في أماكن العمل، وحتى دور الدين في الشؤون التشريعية. الدين في أمريكا لا يشكل العادات الاجتماعية فحسب وإنما يشكل أيضا القضايا التشريعية.

الدين وقضايا السياسة الاجتماعية

يؤثر الدين في أمريكا على السياسة وعلى القانون كما يؤثر أيضا على الولاية المحلية وعلى قضايا السياسة الاجتماعية القومية. فكل قضية في المجتمع الأمريكي لها جانب أو نظير ديني. فعلى مر السنوات الثلاثين الماضية أصبح الصوت الديني في أمريكا مرتفعا بشكل أكبر في الميدان العام.

ويعود جزء من الأهمية هنا إلى أن الناس المتدينين غالبا ما يشتركون في العملية السياسية بسبب قضية إجتماعبة منفردة تشغل بالهم. وقد أصبحوا ناخبين قضية منفردة تستند إلى فهم ديني لقضية ما (وعادة ما تكون فهما دينيا محافظا جدا). وهكذا فإن الكثير من الأمريكيين سيعطون أصواتهم لمرشح أو حزب سياسي بشكل رئيس بسبب موقفه من قضية منفردة مثل الإجهاض أو الصلاة في المدارس العامة.

وغالبا ما ينتهي الجدل بخصوص هذه القضايا في المحاكم، وبناء عليه فإن الأراء الشخصية الدينية للقضاة هي أيضا محل خلاف عند تعيين القضاة. ومثال ذلك ما تم مؤخرا من تعيين عضوين في المحكمة العليا، القاضي أليتو ورئيس القضاة روبرتس. وفي كلا الحالتين (وفي تنسيب هاريت مايرز الذي تم العدول عنه) فإن القيم الدينية الشخصية لمن تم تسميتهم كانت جزءا من الجدل العام وأيضا عملية تثبيتهم من قبل مجلس الشيوخ.

ما هي بعض القضايا الاجتماعية والدينية البارزة الأخرى في المجتمع الأمريكي؟ في السنوات الثلاثين الأخيرة احتل الإجهاض بكل تأكيد رأس القائمة.

الإجهاض
أشك أن تكون قضية اجتماعية في الحياة الأمريكية منذ قضية العبودية في أعوام أل 1800 محل جدل وخلاف أكثر من قضية الإجهاض. لا ريب أن القيم والمنظورات الدينية تكمن في العديد من قضايا الموت والحياة والإجهاض ليس استثناء من ذلك. ودارت تنسيبات المحكمة العليا الأخيرة حول وجهات النظر المتعلقة بالإجهاض واحتمالية إسقاط التشريعات والقوانين المتعلقة بالإجهاض في عام (1973م) الذي يؤيد الحق بالإجهاض.

ومنذ بداية قرار عام (1973م) الذي يقنن الإجهاض في الولايات المتحدة، رفعت المجموعات الدينية صوتها حول المسألة ولكن لم يعارضها الجميع، وسوف تبقى قضية الإجهاض القضية الرئيسة في الحياة الاجتماعية والسياسة الأمريكية في السنوات القادمة.

الانتحار بمساعدة الأطباء (القتل الرحيم)
بينما توجد منظورات شديدة حول الإجهاض وبداية الحياة، هنالك أيضا قيم دينية متحمسة ومرتفعة الصوت لإنهاء الحياة، وبخاصة الانتحار بمساعدة طبية. ينظر غالبية الناس في أمريكا إلى الحياة على أنها هبة من الله وتعارض المقدمة المنطقية والبلاغية (الحق بالموت) أو اختيار الانتحار بمساعدة طبيب(10). وجاء الرد الديني على هذه القضية عادة بأن هنالك حدودا أخلاقية يجب علينا أن لا نتخطاها. فالمسألة ليست مسألة وجود عاطفة أو عدم وجودها، ولكنها مسألة ملاحظة أن الألم والمعاناة ومجرى حياة الإنسان لها جميعا أيضا أبعادا دينية، وبينما لا نستطيع أن نسلب الحياة، إلا أننا نستطيع أن نمنح الأمل والشفقة، من تخفيف للألم والعناية الفاعلة بالمـريض في المراحل الأخيرة للحياة.

عقوبة الإعدام

ومع أن الانتحار بمساعدة الأطباء مرفوض من جانب معظم الفئات الدينية في أمريكا فإن حكم الإعدام مؤيد (وعادة لأسباب عقدية).

هنالك قلة من قضايا السياسة العامة حول حكم الإعدام أججت المشاعر بنفس القوة والثبات الذي أُجج فيه النقاش حول عقوبة الإعدام. انهمكت المجتمعات الدينية بعمق في كلا طرفي القضية معتمدين على تعاليم وتقاليد العدل وكرامة الحياة الإنسانية. وكان الجدل الدائرحول عقوبة الإعدام معقدا في السنوات الأخيرة بسبب أسئلة حول كل من مدى إنصاف النظام العدلي وإمكانية الإصلاح والتأهيل في صفوف النزلاء المحكومين بالإعدام. يدعم ثلثي الأمريكيين (68%) عقوبة الإعدام بالنسبة للأشخاص المدانين بالجريمة وفقا لاستطلاع للرأي أجري عام (2005م) (منتدى بيو ومركز أبحاث بيو للناس والصحافة).

الهندسة الوراثية

كان الكثير من مناقشات القضايا الأخلاقية والدينية في مجال الأحياء نتيجة التطور في مجال التكنولوجيا والطب. خلقت العلوم والتكنولوجيا والطب احتمالات جديدة للناس والمرضى لم تكن موجودة في السابق. وجاء مع هذه الاحتمالات الجديدة أسئلة أخلاقية جديدة ولا يعني مجرد أن أصبح الشيء ممكنا أنه يتعين عمله بشكل تلقائي.

ويصدق هذا الشيء في المجال المدهش للهندسة الوراثية(11). وفي هذا الصدد نجد أن قضيتي الاستنساخ البشري وأبحاث الخلايا الجذعية هما قضيتان رئيستان بالنسبة لرجال الدين والفئات الدينية وقد رفعوا أصواتهم بشأنها. ونعيد أنه حيث لا يوجد إجماع ديني فإن الموقف الغالب للمتدينين في أمريكا يعارض الاستنساخ وأبحاث الخلايا الجذعية. (كما عارض الرئيس بأعلى صوته هذه الأشياء).

العائلة/الجنس

يدور جدل في الولايات المتحدة الأمريكية حول تكوين العائلة واشتهاء أفراد الجنس الآخر واللواط. ومرة أخرى لا يوجد إجماع حول هذه المسائل، ولكن بالغالب يعتقد المتدينون الأمريكيون بأن الأمة مهددة بنسبة الطلاق المرتفعة، وازدياد التعايش على طريقة الأزواج، ارتفاع نسبة المواليد من دون زواج، انخفاض نسبة الزواج وتناقص الاهتمام أو الرغبة في الزواج خاصة في صفوف الشباب.

الدين والسياسة، الدين والقانون، الدين وقضايا السياسة الاجتماعية، كل واحدة من هذه القضايا تعتبر شأنا داخليا للحياة في الولايات المتحدة. وكلها تحدث ضمن حدود أمريكا ولا تؤثر على الأمم الأخرى على مستوى السياسة أو على المستوى الحكومي. ولكن هنالك منطقة نهائية تصل إلى ما وراء حدودنا الوطنية وتؤثر على الأمم الأخرى ألا وهي موضوع الدين والقضايا الدولية.

الدين والقضايا الدولية

المساحة الأخيرة التي يترك الدين فيها أثرا كبيرا في امريكا (وهي غير متوقعة) هي القضايا الدولية والعلاقات الدولية. توحي الاتجاهات بأن الأثر العام للدين قد تزايد في سائر أنحاء العالم، وبمنطويات تتعلق بالسياسة وبالأمن بالنسبة للولايات المتحدة والعالم. أصبح الدين والأمن قوة رئيسة في العلاقات الدولية. يؤثر الدين تأثيرا معتبرا على الأمم الديموقراطية وغير الديموقراطية وقد كسبت الحركات والأحزاب الدينية دعما شعبيا ذا شأن في العديد من الدول في الميدان السياسي.

وفي نفس الوقت، أصبحت المظالم الدينية عاملا مهما في الحروب الأهلية، والصراعات الداخلية والإرهاب الدولي. التغيرات في الديموغرافيا الدينية العالمية مثل النمو السريع للمسيحية في الجزء الجنوبي من العالم وتزايد هجرة المسلمين إلى الغرب، تواصل أيضا تشكيل الأراء العـامـة وسياسات الحكومة.

إن المنظورات الأمريكية لهذه الموضوعات معقدة. فوفـقـا لاستطلاع للرأي أجري في يوليو (2005م) (منتدى بيو ومركز أبحاث بيو للناس والصحافة) تبين أن ثلاثة أرباع الأمريكيين يقولون بأن للدين دور كبير 40% أو متوسط 35% في معظم الحروب والصراعات في العالم، وهذا يشابه ما قاله 79 % من الناس في العام (2003م)، وبالتأكيد فإن الحرب الدائرة ضد الإرهاب هي من أولويات واهتمامات أمريكا القصوى.

الدين والحرب على الإرهاب

سأتناول أولا ما كان يسمى الحرب العالمية على الإرهاب والتي تدعى الآن (الحرب الطويلة) ولا ينظر إليها الأمريكيون على أنها حرب دينية. فوجهة نظر معظم الأمريكيين وبالتأكيد وجهة نظر الحكومة أيضا بأنها ليست حربا مسيحية ضد المسلمين. هنالك ديناميكيات وعناصر دينية في الصراع ولكن في جوهرها لا ترى بأنها صراع ديني. وبالتأكيد فإن أحد التحديات في الصراع منع الإرهابيين من استغلال الدين أو على الأقل تحييد محاولاتهم لاستغلال الدين.

يؤمن غالبية الأمريكيين (60 %) بأن الهجمات الإرهابية الأخيرة تمثل صراعا بين مجموعة أصولية صغيرة، وليس صراعا رئيسا بين الشعب الأمريكي والأوروبي ضد الشعب الإسلامي (29 %)، تدعم الكثير من المجموعات الدينية في أمريكا الحرب على الإرهاب، مع أنه يوجد إجماع أقل حول أوجه الحرب وبالتحديد الحرب في العراق. ولكن هذه ليست القضية الدولية الوحيدة التي يؤثر فيها الدين الأمريكي.

يتعلق الوجه الثاني للدين والحرب على الإرهاب بوجهات النظر الأمريكية بشكل عام تجاه الإسلام والمسلمين الأمريكيين. لدى الأغلبية الأمريكية نظرة إيجابية تجاه المسلمين الأمريكيين (55 %) وتجاه النظرة العامة للإسلام، فنسبة أصحاب النظرة الإيجابية (39%) أكثر من أصحاب النظرة السلبية (36%) وهنالك واحد من كل أربعة (25 %) من الأمريكيين ليس لهم رأي صريح بالإسلام(12).

وعلى أي حال فإن عدد الأمريكيين الذين يعتقدون أن الإسلام يشجع العنف ضد غير المسلمين قد زاد أكثر من الضعف منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2001م). من (14%) في يناير 2002م إلى (33%) الآن. (قال الخبراء من المحافظين والليبراليين بأن نظرة الأمريكيين للإسلام تتمه جزئيا من خلال التصريحات السياسية وتقارير وسائل الإعلام التي تركز غالبا بشكل منفرد على أعمال المتطرفين الإسلاميين)(13) وهذا مثال واضح على تاثير وسائل الإعلام على أراء الناس - فالخبر السَّيء يلقى عناية وانتباها أكثر من الخبر الجيد، وهذا بالتالي يؤثر على وعي و إدراك العامة.

واذكر باختصار مجالات أخرى يؤثر فيا الدين على القضايا الدولية خلافا للحرب على الإرهاب فهناك العديد من قضايا السياسة الخارجية التي لعب فيها الدين الأمريكي وما زال يلعب فيها دورا مهما.

الدين والسياسة الخارجية

هنالك العديد من قضايا السياسة الخارجية احتوت على نشاط سياسي مهم من جانب المجموعات الدينية والأمريكيين المتدينين. وتنبع أهمية هذا من كون الخبراء والمراقبين للسياسة الخارجية الأمريكية يذكرون بأن هناك قوة ثابتة وصلبة من جانب المدافعين عن الدين من غير المحتمل أن تضعف بسرعة. ويعود هذا بالضبط للتحريض على العمل الديني، الذي لن يتبدد بسهولة وسرعة. القيم والاقتناعات الدينية ليست مصالح مؤقتة بل هي مصالح ذات جذور عميقة.

وعلى مر التاريخ الأمريكي، دعم الأمريكيون بغض النظر عن وجهات نظرهم الدينية وقيمهم، أربع أجندات هي - الدفاع عن الوطن، الرخاء الاقتصادي، نظام عالمي إيجابي، وتطوير القيم. وهذه أهداف يتقاسمها الناس في العديد من الدول، وفي الولايات المتحدة كان الدين بالتأكيد جزءا في تشكيل هذه الأهداف. وهنالك أيضا مجالات أخرى محددة ومرئية يؤثر فيها الدين الأمريكي (أو يحاول أن يؤثر) في السياسة الخارجية.

الحرية الدينية

برزت الحرية الدينية في واجهة السياسة الخارجية الأمريكية عام (1996م)، عندما أعلن وارن كريستوفر وزير الخارجية آنذاك تأسيس لجنة استشارية للحرية الدينية في الخارج. وتأثرت اللجنة بالعديد من المؤسسات الدينية التي بدأت الضغط على الكونجرس الأمريكي لإيلاء انتباه أكبر لحقوق الإنسان في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ورفعت اللجنة تقريرا مؤقتا عام (1998م)، ومشروع قرار نهائي عام (1999م) يوصي بأجندة بسياسة خارجية توجه نحو تطوير الحرية الدينية في سائر أنحاء العالم.

وقي الوقت ذاته فإن منظمات الكونجرس غير الحكومية القائمة على الدين ووزارة الخارجية شرعتا بمناقشة السبل الكفيلة بوضع مبادرة تتعلق بتكامل الحرية الدينية في السياسة الخارجية الأمريكية. وكان ناتج هذه المناقشات قانون الحرية الدينية الدولي لعام (1998م).

فوض القانون بتأسيس مكتب للحرية الدينية ضمن وزارة الخارجبة برئاسة سفير. ويعمل السفير يصفته رئيسا ومستشارا لوزير الخارجية للشؤون المتعلقة بالحرية الدينية في الخارج. وفُوض المكتب أيضا بمراقبة الاضطهاد الديني والتمييز في العالم بأسره، التوصية بالسياسات وتنفيذها في المناطق أو البلدان، ووضع برامج لتطوير الحرية الدينية. ويضطلع هذا المكتب بمهمة ترويج الحرية الدينية كهدف جوهري للسياسة الخارجية الأمريكية. ونضرب أمثلة على مواطن الاهتمام المحدد من جانب المكتب المذكور أعلاه نيابة عن الدولة إضافة إلى المجموعات الدينية المختلفة تتضمن إجراءات محددة في النظر إلى الحرية الدينية وحقوق الإنسان في كل من السودان وكوريا الشمالية والصين.

الأيدز في أفريقيا

شكل رجال الدين والفئات الدينية في الولايات المتحدة عاملا رئيسا في حشد الـتأييد لتوفير الأموال والدعم الطبي والإنساني لأزمة الأيدز في أفريقيا. كان المدافعون عن الدين هم الذين استجابوا لقضية الأيدز في أفريقيا بصفتهم جزءا من السياسة الخارجية الأمريكية. ويعد هذا مثالا طيبا حيث كان للمخاوف الدينية أثرا إيجابيا في السياسة الخارجية والغوث الإنساني.

الضغط (اللوبي) الديني وإسرائيل

والساحة الأخيرة التي أصبح الدين الأمريكي فيها قويا ومسموعا على غير العادة (ولكن أيضا منقسما) في السياسة الخارجية هو في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وبينما كان الدعم لإسرائيل بعيدا عن الإجماع ظل هناك وما زال ضغطا قويا من جانب اليهود والمحافظين المسيحيين لصالح إسرائيل.

تبين الأمثلة أعلاه أنه عندما ننظر إلى دور الدين والسياسة الخارجية الأمريكية، نجد أن للدين وجودا وتأثيرا أكيدين. وبغض النظر عن كيفية فهم الأمريكيين مفهوم التعديل الأول للفصل بين الدين والدولة، يبقى الدين جزءا حيويا وفاعلا من الحضارة الأمريكية.

وفي الختام أعود إلى عنوان المقالة وتعقيبات الافتتاحية وأسأل، (هل الولايات المتحدة حقيقة أمة واحدة تحت عرش الله؟) وجوابي هو لا. نحن أمة مختلفة ذات إرث ديني عريق. ونحن أيضا أمة ما زال الدين لديها مهما، وفي بعض المجالات ظاهرة متنامية ومؤثرة. ولكن الدين في الولايات المتحدة متنوع ومحل جدل. لا يوجد منظور واحد موحد للدين في أمريكا. ولا نستطيع القول: (يؤمن الأمريكيون بكذا.......)

هناك توتر وحوار تاريخي ومستمر وسيبقى دائما موجودا في مجتمع ديموقراطي ولن يتم حله أو إنهاؤه. تلقى حرية ممارسة الدين تقديرا عاليا في المجتمع الأمريكي، بالقدر نفسه أيضا حرية التعبير. وعندما تضيف هؤلاء إلى الحقوق مثل تلك التي يتمتع بها الأمريكيون، فإن المحصلة النهائية ستكون حتما وجهات نظر متقدة، فاعلة و معبِّرة.

*******************

الحواشي

*) كاتب من أمريكا.

1-Peter L. Berger، Religon and the West، The national Interest (Summer 2005)، p.113

2- Pew Forum on Religion & Public Life، Trends 2005,p.26

3- Pippa Norris and Ronald Inglehart، Sacred and Séculaire، Religion and Politics worldwide ambridge: Cambridge University press,2004)p.26

4-Berger,p.114

5-Berger,p.114

6-Berger,p.115

7-Berger,p.115

8- For an overview of the conservative Christian see، Timothy J.Demy and Gary P.Stwart، eds. Politics and Policy: A Christian Response.Grand Rapids، MI: Kregel publications,2000.

9-Cited in Transcript of Religion on the stump: politics and Faith in America، the pew Forum on Religion and Public life، Washington، D.C.,02 October 2002.

10-For an overview of the conservative Christian respose see، Timothy J. Demy and Gary P.Stewart، eds.Suicide: A Christian Response Grand Rapids، MI:Kregel Publications,1998.

11-For an overview of the conservative Christian response see، Timothy J.Demy and Gary P. Stewart,eds. Genetic Engineering: A Christian Response. Grand Rapids، MI: Kregel Publications، 1999.

12-

Pew forum on Religion & public Life، Views of Muslim-Americans Hold Steady Atter London Bombings، 26 July 2005.

13- Claudia Deane and Darryl Fears، Negative Percption of Islam Increasing The Washington Post، 2006.

14- http:/www.foreignaffairs.org/20040101 facomment 83102/holy- burkhalter/the politics – of – aids – engaging- conservative- activists.html mode=print.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=446

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك