إشكالية التسامح

إشكالية التسامح

عاطف علبي*

إذا ما أخذنا بالمنطق التاريخي وكذلك الشكلي وأيضاً الجدلي وحتى البداهة والحس السليم، يتضح لنا أن التسامح تأتى عن اللاتسامح أو التعصب. لذلك لابد قبل تناول الإشكالية هنا من تحديد اللاتسامح أو التعصب ومن ثم التسامح.

بناء عليه ما هو اللاتسامح أو التعصب؟ ولو بشكل موجز؛ ثم ما هو التسامح؟ وبشكل موجز أيضا؛ وذلك من أجل التركيز على الإشكالية في الموضوع فيما بعد.

ما هو اللاتسامح أو التعصب؟

إن كلمة (اللاتسامح) تتضمن التوق الوحشي الذي يدفع إلى الكره وملاحقة من هم على خطأ أو على ضلال. وهنا يغترض التفريق بين اللاتسامح الديني واللاتسامح المدني. فاللاتسامح الديني يقوم على رؤية الخطاء في كل ديانة غير التي نعتنق، والجهر بذلك من عل، دون التوقف أمام الإرهاب واحترام الإنسان ولدرجة التضحية بالذات. أما اللاتسامح المدني فيقوم على المقاطعة والملاحقة بكل الوسائل العنفية لمن لهم رؤيا وتفكير عن الله وعبادته يختلف عما لدينا(1).

نحن هنا تجاه اللاتسامح الديني. ويبدو لنا أن هذا التفريق بين اللاتسامح الديني واللاتسامح المدني ما هو إلا شكل من أشكال التعبير عن اللاتسامح النظري واللاتسامح التطبيقي العملي. ومن المعروف أن بين النظرية والتطبيق توجد الهوة التي تؤدي إلى الممارسة المتناقضة مع النظري في كثير من الأحيان إن لم يكن معظمها، فكيف الأمر بالنسبة للتطابق هنا؟ لذلك بالإمكان القول إن اللاتسامح المدني هو مرتبط في ذهن من يأخذ به باللاتسامح الديني، على غرار ما يرى بوسيه- Bossuet بالنسبة للتسامح.

هذا التعريف، المقتصر على التعصب أو اللاتسامح الديني، مستوحى على ما يبدو لنا، من الظروف التي امتزج فيها الدين بالدولة، وبالحرف الواحد على لسان روبير جولي Robert Joly : (لأن المسيحية كانت في السلطة وامتزجت في الدولة أصبحت هذه الأخيرة توتوليتارية ولاحقت واضطهدت كل من شذ عن العقيدة الرسمية)(2) بمعنى آخر إن الدولة كانت غير متسامحة أو لا متسامحة وحتى متعصبة.

هذا كما يبدو لنا أن روبير جولي في توطئته لكتاب المؤتمر الذي انعقد في مونس- Mons- بلجيكا في العام (1982م)، قد اعتمد مفاهيم المحبة والإحسان والرحمة والرأفة والبر في الدين المسيحي، بحيث يصبح: (أول واجب لإحسان المسيحي هو أن يجنب مثيله الإنسان جهنم، حتى بالرغم عنه. ولذلك إذا لم تعط محاولة الإقناع النتيجة المرجوة، يصبح العنف أخلاقيا أمرا ضروريا)(3). وبالتالي فاللاتسامح أو التعصب هو النتيجة الحتمية للإحسان وحتى المحبة. وحتى فيما بعد يغدو التبشير بالتسامح بمثابة النتيجة الحتمية للاتسامح. فالواقع أن العبارتين على علاقة جدلية فيما بينهما وسوف يتضح ذلك فيما بعد.

ومن أبرز من حارب التعصب أو اللاتسامح ودافع عن التسامح في القرنين السابع عشر والثامن عشر هو الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير Voltaire- 1694-1778م) الذي نعرض أهم جهوده في مقارعة التعصب أو اللاتسامح (كتمهيد لتعريفه له)، لاسيما الديني منه، حيث حمل على الخرافات وهاجم الكنيسة الكاثوليكية حينما أضحى التعصب والاضطهاد فضيحة في بلاده (فضيحة تعذيب جان كالاس- Jean Callas في كتابه (دراسة حول التسامح Traité sur la Tolérance). وذلك بأسلوب السخرية المشهور به وكذلك الهجاء. وقد كتب بهذا الصدد كتابا بعنوان (مقبرة التعصب) في عام (1736م) ونشره في عام (1767م).

هذا ويقول فولتير في القاموس الفلسفي: (إن التعصب هوس ديني فظيع، مرض معد يصيب العقل كالجدري، وهؤلاء المتعصبون قضاة ذوو أعصاب باردة يحكمون بإعدام الأبرياء، الذين لم يفكروا بنفس طريقتهم. ولا يوجد علاج لهذا الداء المعدي إلا الروح الفلسفية، التي بانتشارها شيئاً فشيئاً تتهذب أخلاق البشر وتتحاشى التطرف، وليس الدين وليس القوانين بكافيين لمكافحة هذا الطاعون)(4).

ثم يضيف: (إن الروح الفلسفية تضفي على النفس السكينة. أما التعصب فعلى العكس من ذلك ضد السكينة. والتسامح هو قوام الإنسانية لأننا كلنا خطاؤون وهذا أول قانون للطبيعة.... ألشقاق هو أكبر شر يصيب الجنس البشري والتسامح دواؤه)(5). نلاحظ هنا كما سلف الارتباط المباشر بين الداء - التعصب أو اللاتسامح والدواء أو العلاج - التساهل أو التسامح.

هذا وقد صاغ الفيلسوف الألماني لسنغ Lessing- (1729-1781 في مسرحيته (ناتان الحكيم) (1779م) بشكل أدبي فكرة التسامح بين الأديان، وذلك عن طريق العمل الصالح وليس بالتعصب الأحمق. وصار هذا العمل مثلا يضرب بالتسامح(6).

ما هو التسامح؟

إن كلمة تسامح هي باللاتينية tolerentia وبالفرنسية tolerance و بالإنكليزية toleration، وهي تعني لغويا التساهل وعند علماء اللاهوت الصفح عن مخالفة المرء لتعاليم الدين(7).

ومن معاني التساهل (وهو التسامح بتعبيرنا): (أنه سلوك شخص يتحمل دون اعتراض أي هجوم على حقوقه في الوقت الذي يمكنه فيه تجنب هذه الإساءة. ويعني استعداد المرء لأن يترك للآخر حرية التعبير عن رأيه ولو مخالفا ولو خطأ)(8).

أما أديب إسحاق فيرى فيما نسميه التساهل وهو التسامح: (رضي المرء برأيه اعتقاد الصحة فيه واحترامه لرأي الغير كأننا ما كان رجوعا إلى معاملة الناس بما يريد أن يعاملوه. فهو على يقينه الصواب لما يراه لا يقطع بلزوم الخطأ في رأي سواه، وعلى رغبته في تطرق رأيه للأذهان، لا يمنع الناس من إظهار ما يعتقدون)(9).

فهذا التعريف لأديب إسحاق أكثر تفصيلا من تعريف حسن حنفي الآنف الذكر، وبالتالي فالتعريفان متممان أحدهما للأخر.

وبهذه المناسبة فالإمام الشافعي المشهور يقول: (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب). وهذا منتهى التسامح ورفض مطلق للتعصب. و معلوم أن الشافعي عاش في القرن الثاني للهجرة، أي قبل (1300)سنة. وبذلك يتجلى التسامح في الفقه الإسلامي قبل الأخذ به دينياً ومدنياً في القرن السادس عشر على أثر الحروب الدينية المسيحية.

أما قاموس لاروس الموسوعي فيرى أن التسامح هو موقف من يقبل لدى الآخرين وجود طرق تفكير وطرق حياة مختلفة عما لديه هو. وبالتالي فهو موقف من يتحمل نتائج العوامل الخارجية عليه، لاسيما العدائي والمضر به منها. وبذلك يصبح مبدأ التسامح مبدأ توافقيا ويكون الغرض منه ليس الأخذ بالممنوعات ولكن الوصول إلى التوافقات. هذا وفي الدين التسامح هو احترام حرية التعبير والانفتاح الفكري تجاه الذين يمارسون ديانات وعقائد مختلفة عما نمارس(10).

وهنا بالنسبة لما سلف من تعريفات فالجديد هو فكرة التوافق.

في هذا المجال لابد من الأخذ بهذه الكلمة - التسامح - في الإطار الفلسفي وكذلك التاريخي -الجغرافي للإجابة على متى ظهر التسامح؟ ولماذا وأين وكيف؟ حيث تبرز تعريفات تتماشى والتطور الذي انتاب الدين والفلسفة على مر العصور نتيجة التحولات الحضارية المختلفة.

فهناك تعريف للتسامح في التاريخ أقدم من تعريف لاروس الذي عرضنا (مقرونا بتعريفي حسن حنفي وأديب إسحاق وأيضا الإمام الشافعي) يتماشى مع ظهور الكلمة في القرن السادس عشر إثر الحروب الدينية حتى الأخذ بها في القرن التاسع عشر مع الفكر الحر وبالمعنى العاصر (التسامح مع الزواج الحر والبورنوغرافيا والمخدرات الخ). ذلك إن الدعوة إلى التسامح تأتت عن أزمة الإصلاح وفي غمرة الحروب الدينية. وبالتالي (فالتمسك بالتسامح هو منذ القرن السادس عشر على علاقة عكسية بالتمسك بالمعتقدات بالموقف الديني)(11).

هذا التعريف الذي بدأ دينيا وانتهى، إن جاز التعبير، مدنيا يتلخص بالنسبة للدين (في كون الدولة هي صاحبة السلطة في المجال الديني، إنما النظام العام يفيد من السماح لكل المعتقدات بالتعبير الحر عن ذاتها)(12).

بناء عليه فالمناداة بالتسامح هي لمصلحة الدولة والمجتمع المدني، وبالتالي نحن هنا تجاه ما يمكن تسميته بالتسامح السياسي.

هذا بالإضافة إلى ما ورد في هذا المجال للأخذ بالدين مرتبطا بالدولة وحيث ليس النفع للنظام العام المنبثق عن الدولة من ذلك، بل هو الواجب على الدولة القيام به، نتيجة لما ورد لدى حسن حنفي: (إن سلطان الحكومة لا يستطيع أن يؤثر في معتقدات الإنسان الدينية، وإن الرضوخ للحكومة في هذا الأمر لا ينتج إلا اعترافات يحدوها الرياء والكذب. إنه لينبغي إفساح المجال لكل مذهب وإن من واجب الحكومة المدنية أن تحقق سعادة الأفراد جميعا، سوأ من كانت معتقداته صحيحة ومن كانت معتقداته سقيمة. إن الله نفسه ليبين لنا رغبته في أن يعبده الناس بوسائل شتى وإننا نستطيع الوصول إليه من ألف سبيل(13) (منها عبادة الله في الطبيعة، في الحديقة، كما لدى طاغور في مجموعته الشعرية الجنينة - ع.ع.)، وفي ذلك توسع بالنسبة لما ورد لدى (لالند)، مع ربط للمدني بالديني معمق في جذوره الدينية والمدنية. وذلك باعتبار أن جهودا عديدة قد بذلت من أجل إرساء مبدأ التسامح، وذلك منذ صدور مراسيم التسامح الرومانية للمسيحيين (سنة311-313م)، ثم التسامح بين المسيحيين وفرقهم المختلفة. ومن الصدف الغريبة أن يكون رجل غير مسيحي هو الذي علم الطوائف المسيحية كيف تتسامح بعضها مع بعض. إن ذلك الرجل هو تمستيوس(14) الذي وجه خطابا إلى الإمبراطور (فالنس) حضه فيه على إلغاء المراسيم التي أصدرها لاضطهاد مخالفيه من المسيحيين(15). وقد شرح له ما أوردنا من تعريف يدل على واجب الحكومة في الموضوع مبينا تخطي الرياء والكذب وطارحا شفافية دينية بالنسبة لله.

يبدو لنا أن هذا يعود إلى المستوى الرفيع الذي وصلت إليه الوثنية وحضارتها وإلى الحس المدني لدى تمستيوس و رأياه السياسية وقبوله بالدولة الديمقراطية. وذلك لأنه أيام كونستنتان(16)، الذي اعتنق المسيحية سيفرض الدين المسيحي ويعود عدم التسامح تجاه كل من ليس بمسيحي. ذلك أن كونستنتان كان قد رأى الضعف الذي دب في الإمبراطرية ورأى تفاني هؤلاء المسيحيين في معتقدهم، رغم رميهم إلى السباع، فرأى في توحيد الإمبراطورية تحت راية الدين المسيحي وسيلة لتماسكها وشد لحمتها. فكما نرى فالتسامح وعدمه رهن بالظروف التاريخية وليس هو مجرد مبدأ أخلاقي فقط.

بعد ذلك نعود لتعريف (لالند) حيث (التسامح هو موقف فكري، أو قاعدة سلوك لشخص ما، تتلخص في أن يترك لكل إنسان حرية التعبير عن آرائه، في الوقت الذي لا يوافق عليها ولا يشارك فيها. لذلك فحرية الفكر هي واجب التسامح)(17).

هذا بالإضافة للتحديد العصري للتسامح القائل: (بعدم التخلي عن القناعات الذاتية، أو الامتناع عن الجهر بها، والدفاع عنها، أو نشرها، إنما الامتناع في ذلك عن كل الوسائل العنيفة والتعسفية والمضرة وطرح الآراء دون العمل على فرضها)(18). هذا بالإضافة أحيانا إلى (الاحترام اللطيف لمعتقدات الآخرين، كونها تعتبر إغناء للحقيقة الكاملة)(19).

فكما نرى فهذا التعريف الديني والمدني والعلماني، إلى حد ما، والأخلاقي للالند، والذي عرضنا، يعتبر أكثر تفصيلا (أفقيا وعموديا)، إن جاز التعبير، بالنسبة للتعريف السابق للقاموس الموسوعي لاروس (وغيره) الأكثر تكثيفا في مرماه. كما أنه يذكرنا بفكرة بوسيه Bossuet(20) في كون التسامح المدني مرتبط بذهن من يتمسك به بالتسامح الديني، وحيث نتذكر أيضا كتاب (ف. بويسون) F. Buisson المرتكز الديني للأخلاق العلمانية (Fichbachem- 1917م).

ونضيف إلى ذلك أن التسامح هو من أهم القيم التي يتطلبها التاريخ الحديث. ففي عالم يتجه إلى الوحدة، فإن تلاقي المتنوعات يمكن أن يكون قتالا إذا لم تتآلف بغرض الاغتناء المتبادل للخلافات فيما بينها. فالتسامح هو بالتالي، وبمنتهى الإيجاز، الاعتراف بالآخر والتعايش معه والتقدير له والقبول به ومحاولة التبادل الخلاق معه(22).

وهذا يذكرنا بطرح حوار الثقافات الذي تنادي به الفرنكوفونية وبنداء البابا يوحنا بولس الثاني أيضا والقائل بحوار الثقافات من أجل حضارة السلام. كما أن التسامح متجذر في التاريخ بعمق تجذره في ضمير الإنسانية. وقد عرف الانتكاسات والتراجعات (من جراء اللاتسامح) التي لم تعيقه عن شق طريقه عبر العصور. إنما في إطار النسبية، حسبما نرى، وذلك لأن جدلية العلاقة بين التسامح واللاتسامح تاريخيا تدعو إلى الانطلاق من اللاتسامح للوصول إلى التسامح. وكذلك من التسامح نصل إلى نسبية الأخذ به من جراء التوق المزدوج للبشرية إلى الأمان والحرية، الأمر الذي يعيدنا إلى اللاتسامح ولو النسبي، وربما، حسب الظروف التاريخية، إلى اللاتسامح. ولنتذكر هنا قول (ديدرو) بالنسبة لذلك (وميرابو) أيضا: (المتسامح طالما هو ضعيف من المحتمل جدا أن يصبح غير متسامح إذا ما تزايدت قوته) (ميرابو)(23)، (التسامح هو نظام المقهور الذي يتركه عندما يغدو قويا، لدرجة أن يصبح لا متسامحا) (ديدرو)(24).

فكل شيء في الوجود هو خاضع لقانون النسبية، سواء أكان ذلك في الطبيعة أم في المجتمع، وسواء أكان الأمر يتعلق بالتركيب التحتي أو التركيب الفوقي للمجتمع.

إشكالية التسامح

الواقع أن التسامح، أيًّا كان، دينيا أو مدنيا أو علمانيا، هو ضروري، بل حتى واجب لابد من الأخذ به، في الظروف التي نعيش، سوأ أكان ذلك على المستوى المحلي الوطني أو الإقليمي أو القاري وحتى العالمي، لاسيما ونحن في إطار عملية العولمة، وحتى على عتبتها في العالم الثالث.

أي كان المعنى الذي يتلبس به معنى التسامح، لابد من الأخذ به في عالم اليوم - عالم العولمة، كيما تسوده العدالة وحتى الإيثار إذا أمكن، بمعنى أن يصبح ليس مجرد مبدأ فلسفي (رغم نسبية هذا القول) ثم حقوقي، بل حتى، وهو بنظرنا الأهم، مبدأ أخلاقي (فضيلة ولو صغيرة كما سوف نرى) يتحلى به البشر في كل مكان وزمان، إن جاز التعبير، فيما بينهم ومع من لا يتفقون معهم في أي موضوع كان. فالأرض كبيرة ولا مجال، إذا ما سادت الأخلاق (والفضائل من تسامح ومحبة واحترام.. الخ) أن لا يتسامح البشر عليها، لأسباب، غالبا ما تكون اقتصادية، وأمامهم الكواكب السابحة في الفضاء، إذا لم تعد تكفيهم الأرض، بالرغم من عدم صحة ذلك علميا.

نقول ذلك بالإضافة إلى كون كنه الإنسان هو الحرية. والتسامح والحرية توأمان، يميزانه عن الحيوان. فنظرية الحرية هي نظرية التسامح ومبدأ التسامح هو مبدأ الحرية.

هذا في حين أن الموسوعة الفلسفية لبول إدوردز(25) ترى ضرورة تمييز التسامح عن الحرية، وذلك لافتراض وجود شيء غير مرغوب فيه ومزعج وحتى ضار في التسامح. هذا في حين أن نظرية الحرية لا تحتمل النقد، كما يقولون، وحتى النظرة الأخلاقية وغير ذلك. فالمتسامح يدين ومع ذلك يتسامح. وليس في ذلك خلاف، ماخلا التمييز المشار إليه في التعريفات السابقة (لاروس، لالند وغيرهما). إنما الجديد هنا، هو الإشارة إلى التمييز بين التسامح واللامبالاة. هذه اللامبالاة التي تعتبر من الأمور السيئة، لاسيما بالنسبة للمتدينين المؤمنين.

كما تنبغي الإشارة هنا إلى أن موضوع التسامح مقترنا بالحرية في إطار الديمقراطية (الضامن للحرية والتسامح) يفترض أننا تجاه دول ليبرالية وليس دولاً توتوليتارية. هذه الدول الديمقراطية الليبرالية أدى بها الحفاظ على نظامها السياسي إلى وضع حدود للتسامح والحرية تجاه الحركات الفاشية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها.

وهنا بإمكاننا، عبر الدولة، أن نمنع شخصا ما من التعبير عما يعتقد به، لكن ليس بمقدورنا أن نمنعه من التفكير به. إذ عندها يجب إلغاء الفكر بحد ذاته وإضعاف الدولة بذلك, فليس هناك من ذكاء دون حرية المحاكمة وليس هناك مجتمع مزدهر من دون العقل. لذلك فعلى الدولة التوتوليتارية القبول بالغباء أو بالتفكك وبالفقر أو بالنقد. وتاريخ بلدان أوروبا الشرقية وما انتهت إليه من خيبة يشهد على ذلك. فاللاتسامح يجعل الإنسان غبيا، كما أن الغباء يجعله لامتسامحا(26).

كذلك، في إطار المقارنة، ولو استطرادا، بين الدول الديمقراطية الليبرالية والدول التوتوليتارية، نقول باختصار أن لاتسامح الدولة (وبالتالي ما يسمى بالتوتوليتارية) ليس بمقدوره في النهاية إلا أن يضعفها، بإضعاف التآذر الاجتماعي وضمير كل إنسان. هذا في حين أن النظام المتسامح هو على العكس من ذلك، إذ أن قوة الدولة فيه تؤدي إلى حرية أفرادها، كما أن حريتهم هي قوة للدولة. وينتهي سبينوزا - Spinoza إلى القول: (إن ما يتطلبه، قبل كل شيء، أمان الدولة هو أن يخضع كل إنسان في تصرفه إلى قوانين الحاكم (والذي هو بالتالي الشعب في الديمقراطية، مع نسبية ذلك حسب رأينا-ع.ع.)، لكن ماعدا ذلك ليمنح كل إنسان حق التفكير كما يشاء ويقول ما يشاء)(27) (دون أن يتعدى ذلك إلى النشاط العنفي حسب رأينا-ع.ع.). وذلك ألا يشكل العلمنة؟ وهل العلمنة سوى التسامح القائم مؤسساتيا(28).

كذلك من يتحدث عن التسامح لابد له من أن يتحدث عن الحرية وأيضا الاحترام، الذي يفضل الأخذ به بدلا من التسامح بعض الفلاسفة والمفكرين (وقد أشار إلى ذلك قاموس لالند الفلسفي والموسوعة الفلسفية لإدوردز وآخرين كما مر معنا). لكن في كل ذلك لابد، حسب بعض المفكرين والمنظرين، لاسيما في الفكر السياسي، من الأخذ بعين الاعتبار ضرورة وضع الحدود للحرية كي لا تصبح فوضى، في الواقع العملي لحفظ النظام المدني العام وحتى السياسي؛ وكذلك الأمر بالنسبة للتسامح كي لا يجنح نحو الاستبداد؛ وهنا الغاية تكون الحفاظ على النظام القائم. وفي ذلك تكمن الإشكالية –Dilema). فالأخذ بالحقيقة النظرية مقرونة بالواقعية العملية، كأهم شيء، يمكن أن يتأتى عنه جو عدم تسامح. فالإشكالية تكمن في أنه إذا ما تمسكنا بالحرية والتسامح بشكل مبدئي نضطر باسم الديمقراطية إلى قبول تصرفات غير مفيدة، وحتى أحيانا مضرة بالمجتمع (فاشية، نازية، صهيونية بشكل خاص وغيرها) وإلا نصبح غير ديمقراطيين، وبالتالي ننقلب ضد الحرية والتسامح. لذلك ففي هذا الميدان - التسامح، كما في غيره، يعود إلى الظهور التناقض الكبير بين توق البشرية المزدوج إلى الأمان وإلى الحرية.

وهذا ما أشار إليه كل من كارل بوبر Karl Popper وفلادمير جانكليفيتش -Vladimir JanKélévitch حيث قال هذا الأخير إن التسامح إذا ما دفع به إلى آخر الحدود (ينتهي بنفي ذاته)(29)، على اعتبار أنه يترك الأيدي طليقة لمن يريد أن يقضي عليه. وبذلك لا يعود من قيمة للتسامح إلا ضمن الحدود (وفي ذلك تأييد لما أسلفنا من نسبية كل المفاهيم والقيم سواء أكان الأمر يتعلق بالطبيعة أو بالمجتمع، أم بالتركيب التحتي أو الفوقي للمجتمع-ع.ع.) التي هي حدود بقائه والحفاظ على شروط إمكانيته. وهذا ما يسميه كارل بوبر إشكالية التسامح، حيث يقول بالحرف الواحد: (إذا ما أخذنا بالتسامح المطلق حتى تجاه غير المتسامحين، ولم ندافع عن المجتمع المتسامح ضد هجماتهم، يفنى المتسامحون ومعهم التسامح أيضا)(30).

وهذا فعلى عكس المحبة والكرم اللذان ليس لهما من حدود ضمنية أو نهاية سوى ذواتنا، فإن التسامح هو محكوم في جوهره بالحدود: فالتسامح اللانهائي يصبح نهاية التسامح! ومع ذلك ليس من حرية لأعداء الحرية! ليس الأمر بهذه السهولة(31).

أخيرا هل نتسامح مع من لا يتسامح؟ وكما أسلفنا. ألا يشكل هذا الأمر إشكالية الإشكالات؟ مع أنه يشكل مرتكز التسامح. كذلك لا نتسامح مع القاتل والسارق والغشاش.... فكيف نتسامح، باسم حرية القول وإبداء الرأي، مع من يحمل كلامه وقوله السم في الدسم. ألا يمكن لهذا الإنسان، عبر ما يكتب ويقول، غسل الأدمغة، وهو أخطر ما يمكن أن يكون، إذ يسلب الإنسان الحرية في التقرير ويجعله تابعا فاقد الفكر والرؤيا، منساقا بشكل بهيمي، عبر تأجيج عواطفه وغرائزه.

الواقع أن موضوع ضرورة وضع الحدود للحرية والتسامح لم يتم تناوله بالبحث الكافي من قبل في الماضي، ولو انه أخذ به بشكل عملي من قبل كل من لوك وفولتير وغيرهما حفاظا على النظام السياسي القائم. ويبدو لنا أن ذلك يعود آنذاك لطغيان الأخذ بمبدأ ضرورة التسامح كونه التطبيق العملي لمبدأ الحرية إبان الإصلاح الديني وانتشار التسامح في عصر التنوير.

كما لابد من الإشارة إلى أن وضع الحدود للحرية والتسامح يعود إلى كون الأخذ بالتسامح وعالميته يؤدي أحيانا إلى مواقف لا أخلاقية، تتمثل بشكل خاص بالعنصرية والفاشية والنازية.

كما أن التسامح ليس له من قيمة ألا عندما يكون علينا وليس على الآخرين، بمعنى أننا عندما نتسامح نتنازل عن جزء من مقدرتنا، قوتنا، غضبنا....نتسامح مع دلع الأطفال أو مقترحات العدو. هذا وليس هناك من تسامح عندما لا يكون لدينا شيئا نخسره، فكيف بالأحرى عندما يكون الأمر ربحا لنا؟ بمعنى لا نكون قد عملنا شيئا بتسامحنا. وبهذه المناسبة يقول المفكر الفرنسي الكبير لاروشفقو - La Rochefoucauld: (لدينا كلنا الكفاية من القوة لتحمل سؤ الآخرين) (Maximes et Réflexions). هذا أمر محتمل لكن ليس فيه شيء من التسامح. لنتذكر بهذه المناسبة مدينة سيراجيفو - Serajevo التي كانت مدينة متسامحة، إنما تركها في عام (1993م) إلى الحصار والجوع والقتل لم يكن سوى جبن من أوروبا. فالتسامح يفترض الأخذ على الذات وليس على الغير، حيث لا يعد هناك من تسامح، وكما أسلفنا. ولذلك فتحمل عذاب الآخرين (كما في عذاب أطفال الحجارة في فلسطين اليوم...) والظلم الذي يحيق بهم والتسامح مع الفظائع التي ترتكب بحقهم ليس فيه شيء من التسامح بل هو منتهى الجبن واللإنسانية واللامبالاة وأكثر. فالتسامح مع هتلر وكذلك الفاشيست والصهاينة هو تعاون معهم. وهنا لا يجوز الاستسلام للفظائع والأهوال. ولذلك فالتسامح العالمي بهذا المفهوم هو تسامح مع الوحشية أو التسامح الوحشي(32).

إنما مع كل التحفظات المتأتية عن هذه الإشكالية لا بد من التمسك بالحرية والتسامح: جوهر النظام الديمقراطي، إنما في الحدود التي لا تؤدي إلى الأنظمة التوتوليتارية، حيث تبقى الإشكالية في صعوبة تقدير الحدود. وذلك في عالم يمشي نحو العولمة بخطى سريعة في شقه المتقدم وأقل سرعة في شقه المتخلف.

هذا بالإضافة إلى ضرورة التمسك كل التمسك بالعقل، على اعتبار أن الأخذ بالعقل في الدين يعصمه من الوقوع في العصبيبة فالعنصرية، فيغدو في إطار التسامح وقبول الآخر، ويرقى به إلى المستوى الحضاري المقتحم للمستقبل، وكذلك الأمر في الفلسفة التي يعصمها عن الوقوع في الوثوقية والدوغماتية.

الواقع أنه بالرغم من محاولة عابد الجابري المتأثرة بالفلسفة الإسلامية, وبفكرة كل مجتهد مصيب (كون من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد) لاعتبار التسامح يدور في إطار الفلسفة أو يدور في فلكها أو هي ميدانه بامتياز، فإن الكثير من الفلاسفة، ومنهم لالند سابقا وإدوردز لاحقا، الكثير من الفلاسفة يفضل الأخذ بعبارة (الاحترام) - Respect بدلا من تسامح - Tolérance، لكنها عادة الاستعمال، وكما سوف نرى، وذلك في اللغة العادية وحتى الفلسفية للإشارة إلى الفضيلة التي تناقض التعصب وضيق التفكير والاستبداد... باختصار اللاتسامح.

لذلك نتساءل في النهاية عما إذا كانت كلمة تسامح مناسبة لما عالجنا لاسيما وأن فيها شيئا من التسامح بتعجرف وحتى من الكره الذي يزعج. ونذكر هنا مزحة بول كلوديل -Paul Claudel الذي يقول: (ما هو التسامح؟ هناك منازل له!) (يا لهذا الاستخفاف المعروف به كلوديل- ع.ع.). فالتسامح مع آراء الآخرين أليس هو اعتبارها دونية أو مخطئة؟ فالإنسان لا يتسامح إلا مع ما بمقدوره أن يمنعه: فإذا ما كانت الآراء حرٌة، كما هو المفترض أن تكون، فهي لا تعود عندها للتسامح!. وفي ذلك تناقض كل التناقض. فإذا ما كانت حرية المعتقد والرأي وممارسة العبادة من الحقوق المكتسبة، فلا مجال عندها لكي يتسامح معها، بل مجرد احترامها والحفاظ عليها والقيام بها(33). ولذلك ففقط (وقاحة عبادة مسيطرة) كما لاحظ كوندورسيه - Condorcet يمكن أن تقول بـ(التسامح)، أي السماح المعطى من قبل أناس لأناس آخرين)(34).

وهذا أمر من المفترض أن يعتبر بالأحرى (احترام) للحرية المشتركة. بعد مائة عام من ذلك فإن قاموس لالند، الذي استشهدنا به بالنسبة لهذه الفكرة - الاحترام، يؤكد أيضا، في أوائل القرن العشرين، على العديد من التردد والتحفظ في الموضوع(35).

لذلك فالكلمة - تسامح لا تزال موضع التباس وأخذ ورد وحتى اليوم، وعلى المستوى الفلسفي وأيضا التطبيقي السياسي بشكل خاص.

ومن ثم، وكما أسلفنا، فإن التسامح هو عبارة، على العكس، أخذ بها وفرضت نفسها في اللغة العادية كما الفلسفية، لتشير إلى الفضيلة التي تقف في وجه التعصب وضيق الأفق والاستبداد.... بكلمة ضد اللاتسامح.
فهذه الكلمة -التسامح لا تزعجنا إلا لأنها- لمرة واحدة! - ليست متقدمة، وبما فيه الكفاية على ما نحن عليه. فهي (فضيلة صغرى، كما يقول جانكليفيتش، فهي تشبهنا)(36). (فالتسامح ليس بالطبع المثال، كما يلاحظ آبوزيت - Abouzit، ليس الحد الأقصى بل الأدنى)(37). هذا هو واقع الحال من دون شك (لكنه أفضل من لاشيء أو عكسه)38. كما نحن متفقون أن الاحترام والمحبة هما الأفضل. ولكن إذا ما تمكنت كلمة تسامح من أن تفرض نفسها، فذلك لأن كل منا يشعر بقلة مقدرته على الاحترام والمحبة، من دون شك، بالنسبة لخصومه، على اعتبار أن تجاههم يستعمل التسامح)(39).

لذلك (وبانتظار اليوم السعيد الذي يصبح فيه التسامح محبة) يستنتج جنكليفيتش فيقول: (إن التسامح، مجرد النثري العادي المبتذل هو أفضل ما لدينا). بناءً عليه فالتسامح - هذه الكلمة الممتدحة، هي الحل الوسط، باعتبارها الأفضل، أي بانتظار أن يتمكن الناس من المحبة، بانتظار أن يحبوا بعضهم بعضا، أو مجرد أن يتعاونوا ويتفاهموا. ولذلك فلنعتبر أنفسنا سعداء بأنهم بدؤوا أن يتحملوا بعضهم بعضا(40).

و (دون الأخذ بعين الاعتبار أنه علينا أحيانا أن نتسامح مع من لا نريد ولا نحترم ولا نحب؛ فعدم الاحترام ليس دائما غلط، وبعض الكره هو أقرب إلى الفضيلة. وقد رأينا أن هناك لا تسامح يتوجب علينا مكافحته. لكن هناك أيضا ما هو متسامح معه ومع ذلك فهو مكروه وممقوت. فالتسامح يقول بكل ذلك، أو على الأقل يسمح به. فهذه الفضيلة الصغيرة توافقنا. فهي بمتناول اليد، وهذا أمر غير متوفر دوما، وبعض أعدائنا، يبدو لنا، أنهم لا يستحقون أكثر من ذلك....)(41).

ونضيف إلى ذلك ما ورد بخصوصها (هذه الفضيلة الصغيرة) في كتاب زغلول مرسي (التسامح)، حيث يقول: (مابين العنف غير الفاعل واستحالة اللامبالاة ليس هناك سوى الحوار الحر والمسالم، والذي نسميه، لعدم وجود تسمية أفضل، التسامح(42).

هذا وفي البدء، إذا ما صدقنا السلطة العصرية (فإن المطبعة هي ترسانة لا يجوز أن تكون في متناول كل الناس. فنحن تجاه حالة تهم السياسة)(43). ولذلك لجأت السلطة إلى المراقبة الرسمية.

إن حجج المراقبة العصرية هي حجج محاكم التفتيش في القرون الوسطى. تلك كانت باسم الإله الأوحد المطلق، وهذه هي باسم السلطة المطلقة الكلية العلم (إحدى صفات الله-ع.ع.). وفي ما بين المراقبتين لم يختلف القمع، سواء أكان في طبيعته أو وسائله. لقد أصبح القمع بثابة ظل الحرية الجديدة. في السابق كانت محرمة حرية الضمير، اليوم المحرمة هي حرية المحاكمة والتفكير والتعبير التي يعمل على مراقبتها......)(44).

فيما يتعلق بردة الفعل هنا فإن طبيعة المواجهة لاتتغير: فإذا ما كان اضطهاد الضمير من دون جدوى ومنتهى الغباء، فاضطهاد التعبير، الذي هو من نفس الطبيعة، لا يقل عنه عدم جدوى وغباء. و تعود دورات الصراع ضد النعاس والإمساك بالعقل وتعبئة العقل، مع كل ما يرافق ذلك من عنف وتطرف ونفي وإهانة الإنسان للإنسان.

فالواقع أن فكرة الحرية الثقافية هي موضع انقضاض عليها من موقعين متناقضين. فمن جهة هناك أعداؤها النظريون ممتدحو التوتوليتارية ومن جهة أخرى أعداؤها المباشرون العمليون: الاحتكارات مع البيروقراطية، وذلك في الأنظمة التي تسمى ديمقراطية.

وبالجملة فإن التسامح قد تحجر لدرجة أن أصبح مفهوما ليبراليا، وحتى في خدمة الأقليات الاقتصادية، متنكرا لمبدأ المساواة الحقيقية والثورية، فغدا في عنبر التاريخ(45).

أخيرا فإذا ما قال بول كلوديل ساخرا: ما هو التسامح؟ يوجد منازل له! بالإمكان أن نضيف، ومن دون مجازفة: بعض التسامح يوجد له مقابر: القواميس أو الأفضل المختارات(46).

فالتسامح، كما مر معنا، هو، ككل شيء آخر حامل للتناقض، كونه يفتقر ويتحول، إنما في النهاية هو منفتح كونه يتحرك ويتحرر، حسب الصراع الخلاق بين (البنى الاقتصادية والسياسة من جهة والنظرية والتطبيق من جهة أخرى)(47).

وهنا فالتغيير، مهما كان قليلا (هو أمر حتمي لابد منه للتناقض) سيكون مناطًا بالتسامح الجديد، الذي عليه أن يبحث دوما على أكثر من العدالة والحق، في إطار جهد لا نظير له من الاعتراف المتبادل والتماسك الحقيقي، وحيث الإله (الذهب) يجب أن يدمًر، مثلما دمرت الأصنام القديمة. عندها فقط يبقى على البشرية ألاًّ تضع على وجهها قناع التسامح.

****************

الهوامش:

*) باحث من لبنان.

-1Denis Diderot, France, Tolérance dans l’encyclopédie,1965 ,La Tolérance, essai d anthologie, textes réunis et présentés par Zagloul Morsy, agrégé de l’université, professeur à la faculté des lettres de Rabat, Editions Arabes 1975, Unesco 1974, Imprimerie Catholique, Beyrouth, Liban 1975, p.64-65.

-2La Tolérance civile, Actes du colloque de Mons publies par Roland Grahay, Etudes sur le 18 siècle, Editions de l’Université de Bruxelles, Editions de l’Université de Mons, 1982, Avant-propos par Robert Joly, p.15

-3La Tolérance civile, Robert Joly, Avant-propos, p.16.

4-هذا القول لفولتير وهو منقول عن:مجموعة من الؤلفين، من أديب إسحاق والأفغاني...إلى ناصيف نصار، أضواء على التعصب، حسن حنفي، تعصب/تسامح (1986)، دار أمواج، ط1، بيروت 1993، ص176.

5-المرجع السابق نفسه: أضواء على التعصب، حسن حنفي، تعصب/ تسامح، ص177.

6-المرجع السابق نفسه، ص177.

7-المرجع السابق نفسه، ص178.

8-المرجع السابق نفسه، ص178.

9-أديب إسحاق، نقلا عن ناصيف نصار، نقد التعصب، ص203.

- 10Grand dictionnaire encyclopedique Larousse (G.D.E.L.) V.10 , Librairie Larousse, 1985, p.10 275

-11 J. Leclerc, Histoire de la tolérance au siècle de la reforme, deux volumes, Aulumir, Théologie n 3,1955: Roland Grahay, la toléra Robert Joly, avant-propos, p.18.

-12Lalande André, Vocabulaire et critique de la philosophie, Librairie Felix Alcan, Paris 1926, p. 1133.

13- أضواء على التسامح، حسن حنفي، تعصب/ تسامح ص179.

14- تمستيوس (بافلوفونيا317 – القسطنطينية 388). Themstios، وهو فيلسوف يوناني ومدير جامعة القسطنطينية وصديق جوليان المرتد ومربي اركاديوس. لقد لعب دورا سياسيا كبيرا؛ فكان على التوالي شيخا ثم حاكم. وهو مؤلف كتاب عن أرسطو.

)Le Petit Robert des noms propres, nouvelle édition, refondue et augmentée, rédaction dirigée par Alain Rey, Paris 1999.

15- أضوء على التسامح، حسن حنفي، تعصب/ تسامح، ص179.

16- كونستنتان (274 – 337): Constantinوهو قسطنتين الأول الملقب بالكبير. ولد في نينسوس عام 274، أصبح إمبراطورا في العام 306 وتوفي وفي العام 313. (نقلا عن ألبير باية، تاريخ الفكر الحر، ترجمة وتعليق د. عاطف علبي، معهد الإنماء العربي، بيروت 1996، الحواشي، ص62).

17- La Lande, p. 1133

18- Ibiden, p. 1133

19- Ibiden, p. 1133

20- بوسيه جاك بنين (ديجون- 1627- باريس 1704): Bossuet Jacques Bénigne. وهو رجل دين وكاتب فرنسي. سيم كاهنا في عام 1652 وأصبح مفوضا كنسيا لمدينة "متز" Metz حتى العام 1658. توجه نحو التبشير باهتمامات القديس سان فنسان دي بول الذي آذر بعثاته الشعبية. كان يرسل غالبا إلى باريس حيث اشتهر بمواعظه ومراثيه عندما أصبح مطرانا لمدينة.

21- La Lande P. 1135

22- Zaghloul Morsy, la Tolérance, Avant propos

23) Mirabeau (Honoré Gabriel Riqueti, Comtede - "ميرابو" (1749- 1791) و هو سياسي فرنسي وخطيب مفوه. لقد كان بشعا ولكن ذكيا للغاية و ذو طبع عنيف.

24- دنيس ديدرو (لانفر 1713- باريس 1784). وهو كاتب وفيلسوف فرنسي ينتمي إلى البورجوازية المنعمة. بعد حياة بوهيمية كرس نفسه وحياته للإنسيكلوبيديا، التي أشرف عليها وأدارها منذ العام 1747 حتى العام 1766.

-25 The Encyclopedia of Philosophy, V. 7 Paul EDWARDS, P.143.

-26 André Comte-Sponville, la tolérance, p.220-222, Petit traité des

grandes vertus, Delta Beyrouth, P.U.F., N.ed., Paris 1995.

-27 Spinoza, traité théologico-politique, chp. 20 de l’éd. Apphus, réed.

G.F. 1953, p.350.

-28 Andre Comte-Sponville, la tolérance, p. 229.

-29 V Jankelevitch, traite des vertus, 2 p.92, de l’éd. Champ-Flamarion, 1966.

-30 Karl Popper, la société ouverte et ses ennemis, trad. Franc., Seuil, 1929, t.1,n 4 du chp.7, p.222.

-31 André Comte-Sponville, la tolérance p.212.

-32 Ibiden p.212-213.

-33 Ibiden p.225-226.

-34 Condorcet, Esquisse d’un tableau historique du progrès de l’esprit humain, 8, p.129 de l’éd. Prior, Vrim 1970.

-35 André Comte-Sponville, la tolérance, p.226.

-36 Op. cit. p.86 et 94 de Jankelevitch.

-37 F. Abouzit, dans la discussion de la société française de philosophie, Vocabulaire Lalande p. 1134, Même idée chez Jankelevitch, op. cit. p.87.

-38 André Comte-Sponville, la tolérance p. 227.

-39 Ibiden, p.227.

-40 Op. cit. p.101-102 de Jankelevitch.

-41 André Comte-Sponville, la tolérance p.228.

-42 Zaghloul Morsy, la tolérance p.228

-43 Ibiden, p.235.

-44 Johan Nestroy, Autriche, نقلا عن Zaghloul Morsy, la tolérance p183.

-45 Zghloul Morsy, la tolérance p. 234.

-46 Ibiden, p.234.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=414

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك