التمويل الإسلامي تسارع في النمو رغم التحديات

 
يشهد سوق التمويل الإسلامي العالمي نموا متسارعا رغم العقبات والتحديات التى تواجه النظام المالي الدولي، فخلال بداية العام 2019  ارتفعت نسبة الاستثمارات الإسلامية بشكل ملحوظ  في قطاعات البنية التحتية وسندات الصكوك، كما عرفت هذه الاستثمارات تطورا سريعا في مجال قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech)، وتم إدخال العديد من الأنظمة التكنولوجية الحديثة إلى مؤسسات التمويل الإسلامي لرفع فاعلية السياسة التسويقية وتسهيل الخدمات.

ترجع التقارير المالية الحديثة نمو سوق المالية الإسلامية إلى مجموعة من العوامل منها توجيه الاستثمار نحو القطاعات الواعدة كالبينة التحتية والتكنولوجيا و شركات تصنيغ الغذاء (الحلال)، وهي قطاعات واعدة، هذا التوجه انعكس بشكل كبير على القيمة الإجمالية لسوق التمويل الإسلامي، حيث تقدر الإحصائيات الحديثة حجم هذه السوق بقطاعاته الرئيسية الثلاثة (البنوك وأسواق رأس المال و التكافل)، بنحو 2.05 تريليون دولار أمريكي في عام 2018، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 8.3٪ من الأصول بالدولار الأمريكي وهذه الزيادة تأتي بعد ركود عرفته هذه السوق خلال السنتين السابقتين (2017: 1.89 تريليون دولار أمريكي مقابل 2016: 1.88 تريليون دولار أمريكي). تسلط هذه المقالة الضوء على نمو سوق التمويل الإسلامي فى ظل التحديات والعقبات التى يواجهها النظام المالي العالمي.

توسع في سوق الصكوك

عرف سوق الصكوك العالمية العام نموا متوسطا خلال العام 2018 بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية، خاصةً النفط واستمرار الزيادة في إصدارات الصكوك السيادية، وبالرغم من ذلك واصلت الصكوك جذب الإهتمام من جهات الإصدار الجديدة وكذلك زيادة قاعدة المستثمرين الراغبين في دخول هذه السوق وهو ما اعتبره الخبراء الماليون تطورا مشجعا.

وهكذ أصدر بنك الريان في المملكة المتحدة صكوكا بقيمة 250 مليون جنيه استرليني وذلك بالتعاون مع الشركة المالية المتخصصة Blossom Finance والتي تتخذ من أندنوسيا مقرا لها ، ومن ضمن ما شهدته سوق الصكوك العالمية أيضا إصدر ما يعرف ” الصكوك الذكية Smart Sukuk”، كما أصدرت مؤسسة التمويل الإفريقي لصكوك بقيمة 150 مليون دولار ، وفي جانب توسع السوق تم رصد دخول دول جديدة في سوق الصكوك العالمية منها المغرب ومالي حيث أصدرت هذه صكوكا بالعملة المحلية، توسع وتزايد الإهتمام بسوق الصكوك ليشمل حكومات العديد من الدول وكذلك من مؤسسات التمويل منها : إندونيسيا وتركيا وباكستان وقطر وعمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية مما أبقى سوق الصكوك نشطًا.

بلغ إجمالي الإصدار العالمي 123.15 مليار دولار أمريكي في عام 2018، حيث أظهرت إصدارات الصكوك العالمية زيادة بنسبة  5٪ من 116.7 مليار دولار أمريكي في عام 2017 إلى 123.15 دولار أمريكي مليار في عام 2018. ويرجع الخبراء حجم الإصدار الثابت خلال عام 2018  إلى إصدارات الصكوك السيادية من آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي وإفريقيا وبعض الدول الأخرى ، في هذا الإطار لا تزال ماليزيا المسيطرة على سوق الصكوك على الرغم من زيادة حصة دول مثل إندونيسيا وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإلى حد ما من تركيا.

المصارف الإسلامية تقارع التحديات

لا تزال خدمات الصيرفة الإسلامية تشكل القطاع الأكبر في سوق التمويل الإسلامي ، حيث تساهم بنسبة 71٪ أو1.72 تريليون دولار من مجموع السوق. ويرتكز هذا القطاع بشكل أساسي على مجموعة من البنوك التجارية ومجموعة أخرى من مؤسسات التمويل التى تقدم قروضا ميسرة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، رغم ذلك لا تزال الخدمات المصرفية التجارية هي المحرك و المساهم الرئيسي في نمو قطاع المالية الإسلامية.

تشير التقارير الحديثة إلى أن هناك 505 بنكًا إسلاميًا في عام 2017، بما في ذلك 207 نوافذ لخدمات الصيرفة الإسلامية. غير أن خبراء المالية يرون أن عدد المؤسسات المالية لا يشير بالضرورة إلى حجم صناعة التمويل وتطوره، من حيث الأصول. فالمملكة العربية السعودية، ثاني أكبر سوق للتمويل الإسلامي، لديها 16 بنكًا إسلاميًا، بما في ذلك النوافذ، إلا سوق التمويل الإسلامي فيها أقل حجما من سوق المالية الإسلامية في ماليزيا حيث تبلغ قيمة السوق المالية الإسلامية الماليزية 150 مليار دولار أي نسبة 24%  من أصول الجهاز المصرفي في الدولة.

سعت المصارف الإسلامية إلى مواجهة التحديات التى تفرضها السوق المالية العالمية خاصة منها المتعلق بتسارع نمو التكنولوجيا المالية (Fintech)، حيث أن العديد من المصارف الإسلامية بدأت في تبني الأنظمة الإلكترونية المتطورة وذلك لتسهيل الخدمات وزيادة كفاءة العمل المصرفي الإسلامي، كما طورت هذه المصارف من أساليب الابتكار في صناعة أدوات التمويل الإسلامي. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي قامت به مراكز البحوث والمعاهد المتخصصة في تقليص الفجوة التنافسية مع البنوك التقليدية إلا أنه مازالت هناك عقبات وتحديات متجددة تحتاج للمزيد من العمل الأكاديمي و العمل الميداني لخلق الحلول ووضع التصورات حول مستقبل تطور هذا القطاع.

يسعى القائمون على سوق التمويل الإسلامي إلى مواكبة التطورات التى تشهدها سوق المال الدولية ، وذلك من خلال دعم وتطوير أساليب التنافسية وتوفير مزيد من الخيارات للمستثمرين ، إن تطوير برامج التنافسية ودعم الابتكار في مجال تكنولوجيا المالية وخلق أدوات مالية تحقق رغبات المستثمرين يزيد من فاعلية هذه السوق ويجذب المزيد من المستثمرين لها ، خاصة بعد ما حققته المالية الإسلامية من نجاح في مواجهة المطبات والأزمات التى تعصف بسوق المال العالمي.

المصدر: https://islamonline.net/31051

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك