اللغة العربية ودراسات الاستشراق الإسلامية
اللغة العربية ودراسات الاستشراق الإسلامية
ياسرعبد الرحمن الليثي*
نتج الاهتمام بالبحث في هذه المسألة عن سؤال مؤداه: لو كانت اللغة العربية تحتل اليوم مكانة الإنجليزية على الصعيد العالمي فكيف يقدَّر لصورة الإسلام في الغرب أن تكون؟ ولما كان السؤال مبنياً على افتراض ليس بواقع وبحثاً عن إجابة واقعية ومقنعة قدر الإمكان، فقد طرحت السؤال على نحو مخالف: كيف يمكن أن يكون هناك حقل دراسات عريق ومتسع المجالات يدعى (دراسات الاستشراق أو الدراسات الشرقية) في الغرب ولا تزال هذه الحالة المزمنة من (النفور الحضاري) بين الشرق والغرب تسيطر على العالم المعاصر. وبكلمات أخرى: لو كان هدف الدراسات الإسلامية على نحو خاص هو فهم واستيعاب الإسلام وعالمه فلماذا يثار موضوع العلاقة بين الإسلام والغرب دوماً في اطار من السلبية والتضاد؟
سوف أحاول من خلال هذه المقالة -بكل إيجاز ممكن- أن أفتش عن جزء من الإجابة على هذه التساؤلات. ولما كانت اللغة هي أداة الديانة الأولى -كل ديانة- ذلك أنه في بؤرة العقيدة الخاصة بكل الديانات هناك (نص) مقدس، فإنني اعتبرُ أن القوالب الدينية عن الإسلام في الغرب ترجع بالأخص إلى جهل باللغة العربية ومدلولاتها أو -أحياناً- إلى حالة من اللبس اللغوي بين المسلمين أنفسهم فيما يخص تأويل بعض النصوص، وهذه الحالة تصدّر مفاهيم جاهزة للقبول إلى العالم الغربي. وفي هذا المبحث محاولة لصياغة علاقة اللغة العربية بالاستشراق، بالتركيز على علاقة العربية بالإسلام والدراسات الإسلامية في الماضي والحاضر.
والمسألة من الأهمية بمكان بحيث يمكنها أن تضع أيدينا على ما قد يخفي على الكثيرين منا، بينما نتابع في الآونة الأخيرة ما دأب ويدأب عليه الكثيرون من كُتاب الغرب من مهاجمة الإسلام، سواء المستشرقون منهم أو من أقحم نفسه على هذا المجال، بغية النيل من دين وحضارة دارت عليهما الدوائر فصار التباس الفهم بشأنهما (دراسة) وسمى التشويه بكليهما (بحثا). وإني إذ أقصر بحثي هذا على علاقة اللغة العربية بدراسات الاستشراق والإسلام فإن غاية ما أرنو إليه إلى أهمية هذه اللغة ودورها في رد ما اشتبه على المستشرقين -عمداً كان أم جهلاً بدلالاتها- بل وعلى أهلها أنفسهم، بعدما جعلوا من فصيح لسانهم درساً عقيماً لأبنائهم أو كماً مهملاً لا يصلح اللجوء إليه إلا لضرورة.
واللغة دوماً وأبداً -إلى جانب كونها وسيلة اتصال بين البشر- كانت ولا تزال جسر التواصل الأول بين الحضارات عبر العصور. والمُطلع على قصة الحضارة البشرية يمكنه أن يميز بكل وضوح كيف أن لغة بعينها كان من شأنها أن تسود بوصفها (lingua franca) (لغة رسمية عامة) لشعوب وأجناس شتى، وأن تملك على الإنسان كل مناحي حياته اليومية. فقد لعبت يونانية القرون الهلينيستية مثلاً هذا الدور، فكانت لغة الحياة الخاصة والثقافة العامة، ولم يكن لمدعي فكرٍ ومعرفةٍ بدٌ من أن يتقنها. ولغة العرب كان لها في هذا السياق الشأن العظيم، حيث شكلت الهوية الحضارية لمرحلةٍ هامة من تاريخ الإنسانية.
على مدى قرونٍ عدة درج الباحثون -تارة بغض الطرف وأخرى بتكرار قوالب بحثية- على إطلاق مصطلح (عصر الظلام) على فترة تربو على الألف عام هي تلك التي تفصل سقوط الإمبراطورية الرومانية عن فتح القسطنطينية عام 1453م، أو ما يعرف بالعصور الوسطى. بل صار الفرد في أيامنا هذا لا يحتاج في الغرب -أو حتى في بعض المجتمعات العربية- إلى قدر كبير من الثقافة كي يمنح توصيف (العصور الوسطى) لكل ما هو دال على التخلف والرجعية.
إن المصطلح وتبعاته التي صارت بديهية - بينما يمكن أن يسري على الجزء الأعظم من أوروبا، بما اعترى جلَّ شعوبها وحضارتها الغربية من انحطاط وخمول - فإنه قد ألغى وحيّد وأعاق لزمن طويل مجال بحث ذا شأن عظيم وختم على الدراسات العربية الإسلامية بخاتم النسيان وألقى بها إلى هامش الاهتمام. لعل بوسعنا أن ندَّعي أنه قد استقرت في الأوساط البحثية حالة عامة من الحكم المسبق فيما يخص الفترة برمتها. وعلى الرغم من كم البحوث التي عالجت هذه الفترة من الحضارة العربية الإسلامية حينما كان الإسلام ينبض في قلب أوروبا، فإن النتيجة كانت لتختلف على نحو كبير فيما يخص مسيرة الدراسات العربية الإسلامية، لو أن هذا الفرع من الدراسات حاز ما يليق به من الاهتمام(1).
وخلال الفترة ذاتها -بل ولقرون عدة قد تلت- ما كان للعرب المسلمين من شأو عظيم في كتابة صفحتهم بحروف من نور في تاريخ الحضارة، حين جعلوا من حقبة حكمهم بوتقة انصهار ذابت واختلطت فيها قوميات وملل ولغات شتى، حملوا فيها راية القيادة في مضمار الحضارة البشرية، دونما إدراكٍ منهم بأنهم قد أعدوا ترياق النجاة للأوروبيين فيما هو آت من عصر نهضتهم. فالعرب في ظل الإسلام هم الذين حفظوا وترجموا وشرحوا وأضافوا الكثير إلى علوم تراث الإغريق القديم، ثم قدموه بكل ثراء الشرق وتجربته الحضارية إلى أوروبا الناهضة من سبات التخلف(2). لقد كان من شأن جيران المشرق أن فتحوا أعين أوروبا على نور الحضارتين الإغريقية والشرقية، بعد قرون كانت ترى فيه هذا النور ظلاماً أولى بها أن تغض الطرف عنه بل وأن تقضي على كل من سلك إلى نافع العلوم طريقا. وعجب العجاب أن العرب وهم يفعلون ما فعلوا ما فرقوا بين الشرق والغرب، ذلك أنه منذ القرن السابع وحتى الثاني عشر للميلاد تقريباً ما كان هناك شرق ولا غرب(3)، بل ذاب المشرق والمغرب ذوبان الغيث في اليم، يمِّ التسامح والإيثار والانشغال بتهذيب النفس الإنسانية دينها ودنياها.
بدأ الدور الفاعل للغة العربية في الدراسات الإنسانية خلال هذه الحقبة الزمنية، وهو ذاك الدور الذي سنحاول فيما يلي من بحثنا أن نوضح كيف أنه قد همش وقلص وجير عليه خارج العالم العربي وداخله. في (عصر الظلام) هذا يطالعنا ألباروس (Alvarus) أسقف قرطبة في القرن التاسع للميلاد بتذمره من أن نبهاء شباب عصره قد انصرفوا إلى تعلم اللغة العربية وآدابها، وبينما انصرفوا عن لغتهم اللاتينية الأم تجدهم يتحدثون العربية بفصاحة لسان بل ويقرضون شعرها بأفضل مما يقرضه العرب أنفسهم(4).
لقد بدأت الدراسات الشرقية الإسلامية بتعلم العربية ولغات شرقية أخرى لأغراض تبشيرية، بهدف تنصير المسلمين ذوي اللسان العربي، وتأليف أدبيات ناقدة للقرآن. وهذا التنافس مع الإسلام سيستمر -كما سنرى- متخذاً من معرفة العربية سلاحه الأول، حتى بعد سقوط غرناطة في يد الجيوش المسيحية عام 1492م.
في عام 1143م. أعد روبرت كينيت (Robert Kennet) بمساعدة آخرين ترجمة لاتينية للقرآن كيما يفندها نقدأ بيير دى كلوني (Peter di Cluny) Pierre di Cluni أوPetrus (Venerabilis. ورغم أن هذه الترجمة كان من شأنها أن تصحح العديد من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ونبيه، فإن رئيس دير كلوني الذي انبهر بمضمون القرآن شن في رسالته الصغيرة التي ألفها في هذا الشأن هجوماً شرساً على القرآن وبذلت كل المحاولات كي لا تصل هذه الترجمة إلى أيدي الناس. وتجدر الاشارة هنا إلى أنه حين اكتملت ترجمة لاتينية أخرى للقرآن في عام 1509م. لم يسمح بنشرها لأنه لم تكن مشفوعة بما كان يعرف وقتها بالـ Refutatio (دحض وتفنيد)(5).
في أسبانيا - تحديداً في طليطلة (Toledo) كان الإيطإلى جيراردو دى كريمونا (Gerardo di Cremona) (1114-1187م) بارعاً في دراسة العربية. ولما التفت إلى النقص الكبير في المؤلفات العلمية في أوروبا اضطلع بمهمة جمع وترجمة مخطوطات كثيرة من العربية واليونانية عن علوم العرب والإغريق إلى اللاتينية. وفي طليطلة كذلك أمرالدومينيكاني رايموند مارتين (Raymond Martin) عام 1250م. بتأسيس مدرسة الدراسات الشرقية هناك، وبدأ تعليم اللغة العربية في برشلونة عام 1281م.
وفي فرنسا اقترح بيير دوبوا (Pierre DuBois) (1250-1312م) تأسيس مستعمرات أوروبية في فلسطين لأغراض التبشير بين العرب. وساند لدى البابا في القرن الرابع عشر إنشاء نظام مدرسي في أوروبا لتوليف الشباب على نسك العيش في بلاد المشرق، وأكد على أهمية تعلم اللغات الشرقية إلى جانب اليونانية واللاتينية. وفي عام 1312م قرر مجمع فيينا إنشاء كراسى للغات اليونانية والعبرية والعربية والسريانية في البلاط البابوي وكذلك ضمن ما كان يسمى بـ(الدراسات العامة) أو“studia generalia” في باريس وأكسفورد وبولونيا وسالامانكا رغم أن تنفيذ القرار قد تأخر. أما في بريطانيا القرن الثالث عشر الميلادى فإن الفرنسيسكانى روجر بيكون (Roger Bacon) كان الأوحد الذي شجع تعلم اللغات الشرقية -واللغة العربية بالأخص- لأسباب غير تبشيرية. وأول مبرراته لتعلم اليونانية والعبرية والعربية يكمن في أنها (دراسات تبلغ الكمال في الحكمة) “stadium serpentinae absolutum”، إلى جانب أن معرفة هذه اللغات تعد ضرورية للحفاظ على العلاقات الدولية التجارية والقانونية، ثم يضيف هو الآخر في نهاية الأمر أهمية معرفة هذه اللغات لتنصير الكافرين على حد زعمه(6).
ولما كان الفشل مصير الحملات التبشيرية ومحاولات احتواء مسلمي أسبانيا سياسياً، فقد تلا ذلك مرحلة وسيطة من التنافس السياسي مع مسلمي أسبانيا خمدت فيها جذوة الاهتمام الرسمي باللغة العربية إلى حدٍ شهد فيه الكثيرون منهم موتاً لغوياً لعربيتهم الأم. وصار الاهتمام بالعربية أو الإسلام كفيلاً بوضع المرء موضع الشبهات أمام سلطة الكنيسة. وهو الأمر الذي أجبر عيسى دى جيبير (Isa de Gebir) مفتي سيجوبيا (Segovia) على إصدار ملخص صغير باللغة الإسبانية في الشريعة والسنة النبوية عام 1462م. بسبب جهل المسلمين بالعربية(7). وكم هو جلل مصاب التراث العربي ومخطوطاته في هذه الحقبة، ولكي نؤصل في مبحثنا هذا لعلاقة -هي في الأغلب آثمة- بين العلم والسياسة فلعله من الواجب أن نشير إلى شهادة دارس الإنسانيات الصقلي مارينيو سيكولو (Marineo Siculo) الذي كان يعيش في أسبانيا وكتب في عام 1497م كيف أنه في سالامانكا كان تعليم اللغات مقصوراً على اليونانية والعبرية، بينما أهملت العربية وغيرها من لغات الشرق، وصارت لا ترقى إلى حد الاهتمام حال كونها (لغات بربرية)(8). كذلك أمر الكاردينال ثيسنيروس (Cisneros) في عام 1492م بتنفيذ حكم الحرق في خمسة آلاف من الكتب العربية علناً في (ميدان باب الرملة) (Plaza de la Bab al Rambla) في غرناطة. لكن الاهتمام باللغة العربية ما لبث أن تقلد مكانته مرة أخرى في أسبانيا، ولذات الأسباب المتمثلة في استقطاب المسلمين للنصرانية.
أما في فرنسا القرن السادس عشر فقد ظهر مستعرب ومستشرق كبير هو غيولوم بوستل (Giullaume Postel) الذي كان قد درس في باريس وتعلم العربية والعثمانية في بلاد المشرق. وبعد عودته إلى باريس صار أستاذاً لليونانية والعبرية والعربية في حديث العهد بالنشأة آنذاك(College de France). كتب بوستل في انتشار الإسلام وأبدى إعجابه بالأدب العربى وفي عام 1539م خرج إلى النور مؤلفه الهام في (أجرومية اللغة العربية) “Grammatica Araba”. تمكن بوستل من خلال إجادة اللغة العربية أن يطلع على المصادر العربية وأن يعبر عن إعجابه بابن سينا ليصرح بأنه (يقول في صفحة أو اثنتين أكثر مما يقوله جالينوس في خمس أو ست مجلدات). وبينما يبدي تقديره للعربية على أنها لغة عالمية فإنه يؤكد هو الآخر على أهمية معرفتها كسبيل لإقناع وتنصير المسلمين(9).
وفي القرن السادس عشر كذلك كانت هولندا تستعد لتصبح أهم مراكز الدراسات العربية الإسلامية على يد نيكولاس كلينداروس (Nicolas Clendarusأو Cleynaerts) (1495-1542م). لقد حول اهتمامه من اللاهوت إلى تعلم اللغات، فاتجه نحو سالامنكا حيث حاول إرنان نونييث (Hernan Nuñez) العالم بالعربية أن يثنيه عن عزمه تعلم هذه اللغة (البربرية) وأن يكتفي باليونانية واللاتينية. لكنه صمم على طلبه فأرسل له نونييث ترجمة الأناجيل الأربعة بالعربية وموجزأ في أجروميتها، فبدأ دروسه الأولى التي أتمها في البرتغال. لكن حلمه الأسمى هو الآخر لم يتعد حدود الهوس الديني في عصره، ألا وهو إعداد ترجمة للقرآن باللاتينية لتيسير عمل اللاهوتيين في دحضه وتفنيده(10).
وبنهاية القرن الرابع عشر الميلادي ومطلع الخامس عشر انحسرت معرفة العربية -فيما عدا اللاهوتيين- على بعض الأطباء والفلاسفة الذين كانوا يتلمسون المصادر الأصيلة في علومهم، وكذلك على بعض التجار الإيطاليين بسبب رواج الحركة التجارية في شرق المتوسط. وفي مطلع عصر النهضة اكتسب الاهتمام بالعربية مسحةً أدبية من جانب دارسي الإنسانيات، بينما أتى الاهتمام بجمع وترجمة المخطوطات العربية في وقت لاحق.
ومن الأهمية بمكان في هذا المقام أن نشير إلى كلمات مؤسس الدراسات العربية الإسلامية في بريطانيا ويليام بدويل William Bedwell (1561-1632) عن أهمية اللغة العربية، ونصها: (ما من لغة أخرى إلى جانب اليونانية واللاتينية تحوي تعاليم أعمق وتراثاً موسوعياً)(11).
كما رأينا فإن معرفة اللغة العربية في أوروبا العصور الوسطى كانت تمثل نقطة انطلاق نحو التنافس العقائدى مع الإسلام. أي أن بداية الدراسات الشرقية كانت مبنية على صراع مع الإسلام(12)، وتنافس سياسي، ولا يزال كلاهما يلقى دعماً من بعض المستشرقين إلى يومنا هذا.
أما اللغة العربية بفصحاها وعاميتها فدورها اليوم -بوصفها أساساً للدراسات الشرقية والإسلامية- يجرى تقييمه على نحوٍ مختلف. في معظم الأحيان يتخذ الباحثون من ثقافة شعوب إسلامية وتقاليد عربية شرقية مرجعيتين أساسيتين للبحث في الإسلام ديناً ومنهاجاً، دونما التفات منهم إلى فرضية مؤداها الانحراف عن معنى ومدلول مصادر التشريع فيه أو الخوض في تفسيرها بين إفراط وتفريط. وهكذا يتخذ البعض من هذين المعيارين زاداًً للولوج إلى عالم الإسلام وأفكاره، متبنياً مفاهيم ثقافية “cultural concepts” كيما توصله إلى تأويل مفاهيم دينية.
والأمر هنا يحتاج إلى تمييز بين مصطلحي (الإسلام) و(الإسلاميزم) (Islamism)، حيث صار الأخير مرادفاً اليوم في أدبيات الغرب -إعلامياً وأحياناً على المستوى الأكاديمي- لما هو معروف بالفوندامنتاليزم (Fundamentalism). إضافة إلى ذلك فإن للإعلام دوراً بالغ الأهمية لا يمكن إغفاله في تكوين مرجعية جديدة عن الإسلام في الغرب، حيث أصبحت وسائله تتنافس مع الدراسة الأكاديمية. وإلى وسائل الإعلام هذه يعزي شق كبير من المفاهيم المغلوطة والأحكام الخاطئة على الإسلام.
وعلاقة الإسلام بالعربية لا تنحصر فقط في إطار نصوص ومصادر كلاسيكية لديانة ما، فعبر مسيرة الإسلام التاريخية ارتكز التباين بين سنته وشيعته بالأساس على محاولات تفسيرية واجتهادات فقهية في القرآن والسنة للَّغة فيها كلمة الفصل. ومن جهة أخرى فإن المذاهب السنية الأربعة الرئيسية تستند إلى تفاسير متباينة لنصوص الإسلام الرئيسة. ومن الأهمية بمكان هنا أن نقف عند اللفظة العربية (فقه) -التي تستعصي ترجمتها إلى اللغات الأجنبية على الكثيرين- وكيف أن دلالتها تشير إلى استيعابٍ وحفظٍ وفهمٍ وتفسيرٍ صحيح لمصادر التشريع الإسلامي، وهي كلها ملكات تقف اللغة منها موقف الروح من الجسد. فالفقيه إذاً هو العالم بفصيح اللسان العربى لينطلق منه إلى المعرفة بصحيح تفاسير أقوال الدين وله ما له من صواب وعليه ما عليه من خطأ. لكن هذه المحاولة الفردية -حين نعنى بها (الاجتهاد)- تصنف أخيرة بعد ثلاث مصادر ترتكن إلى النص بوحيه وموروثه، القرآن والسنة والإجماع، وهي أساس الاجتهاد، فلا اجتهاد في وجود نص صريح. والعربية الفصحى ودرجة معرفتها -بوصفها لغة القرآن الكريم وسنة النبي العظيم ومصادر التشريع والتاريخ الإسلاميين- تشغل الموقع الرئيس بوصفها أداة ومقياساً في ذات الوقت عبر هذه العملية المركبة. وسلاح الفقيه الأول في كل هذه المسألة هي فقهه باللغة العربية. ومن هنا كان الاجتهاد يمثل من ناحية عنصر التجديد والحيوية في مسألة صلاحية التشريع الإسلامي لكل زمان ومكان على يد العلماء، ومن ناحية أخرى قد يشتغل به من هم ليسوا بأهله من جماعات وفرق داخل العالم الإسلامي للتأصيل لمذهب في الدين أو حكم فيه ينطلقون منه لتبرير قول أو فعل بعينه.
إن تبنِّي القيمة الدلالية الدينية للفظ -والتي تنمو من خلال عميلة إحالة المعنى الديني على المعنى اللغوي- دونما الأخذ بعين الاعتبار القيمة الدلالية اللغوية لهو أمر يقود في غالب الأحوال كثرة من المستشرقين بل وبعض أصحاب اللسان العربي اليوم إلى أحكام دونها الصواب. أعني أن ما تفصح عنه أي لغة في مسيرة تتابعها التاريخي (diachrony) في مجال علم دلالة الألفاظ (semasiology) (من تحسين أو انكماش أو اتساع أو لبس للمعنى)(13) ينطبق كذلك على الألفاظ الدينية خلال عملية تطور الاستخدام الشعبي لها. وأشهر ما بين أيدينا من دليل هو لفظ (الجهاد) الذي وصل الأمر بالعديد من الغربيين اليوم أن يصبح مفهوم الجهاد لديهم - على أنه (حرب مقدسة) holy war- مطابقاً في أذهانهم لاختزال الإسلام على أنه (مشروع سياسي سلاحه الحرب). فحين تشرح لغربي - من عوام الناس كان أم من مثقفيهم والذي ما أن رنت اللفظة العربية (جهاد) في أذنيه إلا واستدعى ذهنه مرادفها الدلالي عنده وهو (الحرب المقدسة) - كيف أن هذا اسم علم لكثير من المسلمين، بل وهناك قلة من المسيحيين العرب تحمل الاسم ذاته، لبدا العجب على وجهه من أن أحداً قد يسمي ولده (حرباً مقدسة)، ثم رحت تبين له ما هي مادة (جهد) في لساننا العربي وما دلالته في اللغة وكيف وردت في كتاب الله -تعالى- وأحاديث رسوله -صلى الله عليه وسلم- لزاد عجبه. ثم لعلك لا تنتظر طويلاً حتى تسمع مقولته (نحن حقاً لا نعرف عن الإسلام إلا النزر اليسير). وفي هذا المقام فإن اللغة فقط هي صاحبة الكلمة الأولى، ثم تتلاشى السمة الحربية القتالية العدائية عن وجه الجهاد في الدين بعدها، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن اللغة كانت أولاً ثم كانت بعدها نصوص الرسالات، وما كان الناس ليفقهوا شرع الله بلا لغة يتلقونه فيها.
ودلالة القتال في لفظة الجهاد تشكل جزءاً من معناه اللغوي - الديني. فالجهاد الأكبر هو جهاد النفس، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) (سنن أبي داود - حديث 4344). والجهاد خلق أساسي في الإسلام، يسمو بالروح الإنسانية فوق ذاتها وينصرها على النفس البشرية فيطهرها مما يتنازعها من شهوات ومفاسد، فتخلص النفس إلى حالة من الايجابية الفعالة في كل أمور الدنيا والدين، ثم يأتي الجهاد الخارجي القتالي الذي يحث المسلم على الزود عن دينه وأرضه وعرضه وماله(14).
مثال آخر نجده في لفظة (كافر) والتي تدل في المعنى الديني عامه وخاصه على ما يعرفه كل مسلم. أما الدلالة اللغوية والتي حُمِّل عليها المعنى الديني فقد لا يلتفت الكثير من المسلمين -ناهيك عمن سواهم- إليها. فاللفظة اسم فاعل من (كفر)، والكافر في اللغة أيضاً هو (الفلاح الزارع)، بل إن كثيراً من قرانا ومحافظات بأكملها والتي يعتمد التركيب الاجتماعى والمهني فيها على الفلاحة - تسمى بالكَفر (كفر الشيخ في مصر). والقرآن الكريم يشير إلى المزارعين بلفظة (الكفار) (الأعراف - الآية 20). والخلاصة أن مادة (كفر) هي مرادف في اللغة لمادة (غطى) أي ستر وحجب الشيء فصار لا يراه (في الإنجليزية cover وفي اللاتينية ومعظم اللغات الرومانسية المشتقة منها الجذع copr-)، والفلاح كافر لأنه يدس البذور في الأرض و(يغطيها) بالتراب. فالكافر إذاً هو كل من حجب وستر وغطى معلوماً بالحس أو العقل ومن هنا جاءت الدلالة الدينية، وكل مسلمٍ يتوب إلى بارئه فيرفع يديه إلى السماء داعياً إياه -عز وجل- أن (يُكَفِّر) عنه سيئاته. والكفر من أخطر أمور العقيدة الإسلامية من حيث إمكانية إلقاء حكمه على مسلم. والقصد أنه لا إطلاق للدلالة في لفظٍ إلا بالعودة إلى أصله في اللغة، فما بالنا بمن ليس من أهل هذه اللغة! لقد صارت اللفظتان اللتان عرجنا على التمثيل بهما لدى المنشغلين بأمر الإسلام في الغرب من غير المتخصصين - وهم كثر وتعج بأقوالهم صفحات الجرائد والمجلات وشاشات التلفاز بل أرفف المكتبات الجامعية - توصيفاً لواقع علاقة الإسلام بغير أهله، لأنهم (كفار) وجب القضاء عليهم عبر (الجهاد) أو (الحرب المقدسة).
لقد أبان تاريخ تطور اللغة العربية الفصحى، شأنها في ذلك شان لغات أخرى عديدة - عن مستويات متباينة من الاستخدام، إلى الحد الذي يمكننا معه توصيف العربية الفصحى الحالية بأنها بمثابة continuum للفصحى الكلاسيكية. وهذا ما قد ينتهي إليه كل عربي ذو معرفة بلسانه حين يقرأ القرآن الكريم، أو يطالع نصاً مما أنتجت قريحة العرب المسلمين الأوائل في التاريخ أو الفلسفة أو الاجتماع أو الطب أو الفلك إلى غير ذلك من علوم برعوا فيه، حيث يستشعر على الفور بأنه أمام مستوى آخر من اللغة نفسها التي يعرفها، لكنه قد تستعصى عليه بعض مفرداتها وتراكيبها، ولعله يوقن هذا التباين إذا ما طالع بعد ذلك مباشرة نصاً مماثلاً من نصوص الفصحى المعاصرة. وهذا الأمر لا يُلتفت إليه في مناهجنا التعليمية في عديد من البلدان العربية، حيث تنتقى نصوص لا ربط بينها على أساس اللغة وتراكيبها ومفرداتها، ودونما وعي بأثر ذلك على نفس المتلقى من ترغيب في لغته الأم أو تنفير منها.
وعلى الجانب الآخر فإن للغة العربية اليوم همها الداخلي، فظاهرة الازدواج اللغوي (diglossia) فيها أدت إلى فجوات بين مستويات مختلفة من اللغة، فصحى القرآن الكريم وفصحانا الآنية -ببناها الدلالية المتباينة- والعامية بتركيباتها الشعبية التي لا قواعد ولا قوانين لها في عالمنا العربى. ناهينا عن أثر عهود الاستعمار في استبدال الألفاظ العربية بمثيلاتها في لغة المستعمر، والحالة اللغوية في مغربنا العربي مثال على ذلك، حيث تفصح ظاهرة الازدواج اللغوي عن نفسها بوضوح(15). ولما كانت الأمة الإسلامية اليوم تشكل فسيفساء لغوية وثقافية وحضارية عظيمة الأبعاد من شعوب مختلفة الأعراق، فلنا أن نُقيم أثر الجهل بالعربية على المسلم غير العربي -إن كان هذا حال الناطقين بها- حين يفقد ميزة الاتصال بالنص في لغته الأصلية. وهذا التعدد الثقافي الإسلامي هو ما يفرض على باحثي الغرب أن يتحروا الدقة حين يقاربون موضوعات تمس (الإسلام) من منطلق البحث في (مجتمع إسلامي) بعينه، دونما الالتفات إلى أن هذا يمثل خطأً بحثياً لا يغتفر يتمثل في إحالة الخاص على العام.
كل هذا ألقى بتبعاته المتفاوتة الخطورة على فهم نصوص المصادر بل والنص القرآني نفسه من قبل شريحة ليست بالقليلة في مجتمعات العرب المعاصرين، فصاروا ينسبون إلى الدين ما ليس فيه بل ويجرؤ بعضهم على تحريف تأويل آيات الله البينات بما يشبع هواه. زد على ذلك أن النتاج الفكرى العربى فيما يخص الإسلام -وهو غزير بقديمه وحديثه- بقي أغلبه لقرون عدة ولم يزل حبيس وطنه. فلو قارن المرء عدد المفكرين الإسلاميين الذين انشغلوا -على سبيل المثال- بقضية الإسلام والآخر وحجم نتاجهم في هذه المسألة بما وصل لأيدي القارئ أو الباحث أو المستشرق الغربي منها لفتح لنفسه باباً لفهم الكثير مما نتهم به الغرب من الخلط والظلم لدين الإسلام. فكتابات المستشرقين المعروفين بالغلو والتطرف ضد الإسلام وأهله قد تصير في العديد من دول الغرب المرجع بل والمصدر لمستشرقين آخرين. وعلى هذا تسير الدراسات الإسلامية في الكثير من الأحيان هناك بنظام بحثى يستقى مما تم نقله عن باحثين غربيين آخرين صاروا يتسلطون به على الأوساط الأكاديمية، فصارت دراساتهم مصادر لا مراجع وسادت آرائهم بوصفها قوالب بحثية راسخة، وهو أمر قد أجرؤ على تسميته بمصطلح (cling/recycling).
وكيف لا والمسلمون قد أهملوا دور الترجمة في تاريخ الحضارة ودورها الفاعل في التواصل بين الثقافات، بل وفي بعث الأمم من غياهب التخلف. يجهلون هذا الدور ولغتهم العربية ذاتها كانت معيناً لا ينضب في حركة الترجمة عنها إلى اللاتينية، وهي الحركة التي ربما لم يعرف لها التاريخ مثيلاً واستمرت على مدار قرنين من الزمان (743-974م) وبرعاية رسمية من خلفاء وأمراء بني العباس. وعن طريق هذه الترجمات عرفت أوروبا الناهضة تراث الاغريق وعمالقة فكرهم، فصار ابن رشد على سبيل المثال أفضل شارح ومفصل لفكر أرسطو، وفتحت لها أبواب العلوم التجريبية التي بنت عليها نهضتا الحديثة. هذه الحركة مثلت الإرهاصة الأولى للنهضة الأوروبية وما تلاها من نهضة ما نصطلح عليه اليوم بكلمة (الغرب). فهل آن للعرب أن يفطنوا إلى أمر الترجمة فيترجموا من بنات أفكارهم إلى لغات الغرب ما يدفع عن دينهم وحضارتهم أقلام الباطل في الغرب، وأن ينقلوا إلى لغتهم ما ينهض بهم ويعيدهم إلى ما صح لهم من مكانة؟
وأزمة اللغة العربية بعيداً عن أهلها -بين الباحثين والكثيرين من دارسي الدين الإسلامي من الغربيين- أشد وطأة لأسباب بدهية. فدرجة المعرفة بها هي معيار هام لموضوعية الباحث، ونحن هنا لا نقصر الموضوعية على نص القرآن الكريم وما صح من حديث النبي -صلاة الله وسلامه عليه-، بل إنها تشمل كماً هائلاً من النتاج الفكري العربي الإسلامي السلاح الأول للباحث فيه هو اللغة. وإذا كان العلامة إدوارد سعيد يشترط فيمن يهم بدراسة الإسلام وعالمه شرطين، أولهما ألا يكون مدخله لذلك أحكام مسبقة، وثانيهما أن يكون له علم بالمجتمعات الإسلامية(16)، فإننا نضيف أن كلا الشرطين يستوجب معرفة العربية لأنها أداة الباحث لتحقيق هذين الشرطين. فأي مستويات اللغة يتعلم الغربي قبل أن يهم بالانشغال بالدراسات الشرقية والإسلامية؟ والتفاوت في إجابة هذا السؤال يقابله تفاوت مماثل في مستوى موضوعية الباحث الغربى واعتماده على المصادر العربية ذاتها. والواقع أن حال اللغة العربية في العديد من دول الغرب هو حال بائس، فرغم عدد متحدثيها ودورها الحضاري والثقافي إلا أنها لا تزال مهمشة أو غير موجودة من الأساس في الساحة الأكاديمية في بعض هذه الدول. وهذا الأمر جد خطير وله أثره الهام في فهم توجهات العديدين من باحثى ودارسي الإسلام في الغرب. وعلى ذلك فإن معرفة اللغة العربية وتدريس نصوص المصادر الإسلامية بها لكل غربى يهم بالاشتغال بفرع الدراسات الإسلامية هو أمر حاسم فيما هو آت من معالجاته البحثية، لأن ذلك يعني اتصالاً مباشراً بالنص وجواز دخول إلى كم هائل من المصادر التي أهملها الكثيرون دون مبرر علمى أو عن عمد مسبق. وكما التفت عميد الأدب العربي طه حسين إلى أهمية تدريس اللغتين اليونانية واللاتينية في الجامعات المصرية بوصفه مدخلاً لفهم الحضارتين الأوروبية والغربية(17)، فمن الحري بنا أن ننتبه اليوم إلى أهمية دعم أقسام اللغة والدراسات العربية في دول الغرب لفهم ديننا وحضارتنا على أسس علمية صحيحة.
إن دراسات الاستشراق في عصرنا الحالي مدعوة -في إطار من الحيادية العلمية- إلى أن تنير الدرب الذي يقود إلى حالة من التعايش بين الشرق والغرب، أن تعيد النظر في مصطلح (الإسلاموفوبيا)، وقد صار يجذب إليه الكثيرين من الهواة غير المتخصصين الذين صارت مؤلفاتهم تزين أرفف المكتبات الجامعية في الغرب بكتب حشوها بمغالطات تلقى الرواج لدى جمهور من القراء اجتمعت على مداركه وسائل الإعلام وكتب هؤلاء. وهذا الأمر لابد وأن يتم بمعزل عن الصراعات السياسية والخلافات الدينية، فعلم يرتكن إلى مركزية قومية وبحث ترعاه سياسة وسلطان لا ينتج عنهما إلا (صراع حضارات)، و(خطر أخضر) كان في الأمس القريب (خطر أحمر)(18).
ولو أن ثمة نتيجة نخلص إليها بعد هذا العرض الموجز للعلاقة بين اللغة العربية ودراسات الاستشراق الإسلامية فلعلنا نقصرها على منهجية البحث. إن من شأن هذه العلاقة أن تجعلنا نتحلى بحذر أكثر حين نتعرض بالنقد لنظرية صراع الحضارات. فالمسألة تتعلق بالأحرى بأزمة في الاستشراق تتمثل في خلاف بين (مستشرقين) و(شرقيين) وبين (مستعربين) و(عرب). وهذا الخلاف ينجلي أمره في مقارنة بين أدوات تأويلية يعتريها الشك في جانب بعض المشتغلين بدراسات الإستشراق في الغرب وبين أهلية أصحاب اللسان العربى من فقهاء وعلماء وباحثين للتصدي لنصوص الدين بالشرح والتفسير. وهكذا ننقاد إلى ما ظاهره الصراع، بينما هو في باطنه خلاف في الأحقية، بين مفهومين أحدهما غربى والآخر شرقي، بين (قراءة) مسلمة وأخرى غير مسلمة، حتى نصل إلى فجوة فكرية يحلو للبعض أن يحيلها صراعا(19).
والصراع قد ينتهي إلى حالة من الاقتناع بالآخر لو أننا وعيناه في الواقع صراعاً منهجياً. فالاستشراق الغربي حين ينطلق إلى عمله من منطلق بحثي ومنهجي قويم ويبني مدرسة علمية رصينة على أنقاض عقود من المعرفة الاستعمارية مستفيداً من إنجازات العديدين من المنصفين من بنيه، وقتها سيقدم لعالم الإسلام أكثر مما قد يقدم لنفسه. وهكذا فقط ينزوي إلى هامش اللا علم -إن لم ينقشع تماماً- ذلك المفهوم السائد عن (صراع الحضارات) في الغرب، وقد تزول معه تلك الفكرة التي باتت تؤصل لنفسها في الشرق عن (حضارة الصراع).
*******************
الحواشي
*) باحث من مصر.
1- انظر: اليساندرو بوزاني (1985م)، (الصورة الأوروبية عن الحضارة العربية والاستجابة لهذه الصورة. عرض تاريخي وتفسير)، الحوار العربي الأوروبي، العلاقات بين الحضارتين العربية والأوروبية، وقائع ندوة همبورغ 11-16 أبريل/ نيسان 1983م ، الدار التونسية للنشر، ص64.
2- انظر:Gutas D., Greek Thought, Arabic Culture, Routledge, London, 1998. يقدم هذا العمل وصفاً مفصلاً لحركة الترجمة العربية الشهيرة للتراث الإغريقي القديم على مدار قرنين من الزمان إبان خلافة العباسيين ولأبعادها الاجتماعية.
3- انظر: Mavrogordato J., Digenes Akrites, Oxford, 1956, pp. Ixxv-Ixxvi
4-
Indiculus Luminosus, in Migne J.P., Patrologia Latina, cxxxi, 555-556..
وانظر كذلك:
Dannenfeldt, K.H., "The Renaissance Humanists and the Knowledge of Arabic", Studies in the Renaissance 2, (1955), 96-117.
5- انظر:
Schmidt N., (1923), “Early Oriental Studies in Europe and the Work of the American Oriental Society, 1842-1922”, Journal of the American Oriental Society, Vol 43, P. 3-4.
وكذلك: بوزانى، العمل السابق، ص74.
6Dannenfeldt, K.H. - المرجع السابق، ص96 وما بعدها.
7- نعني عمله:
“Suma de los principales mandamientos y devedamientos de la Ley y Cunna”. Dannenfeldt, العمل السابق, P. 104-105.
8 - يرد هذا في عمله De Hispaniae Laudibus (1497)المقتبس عند:
Bataillon M., "L' arabe á Salamanque au temps de la Renaissance", Hesperis, xxi (1935), 1-17.
9- Dannenfeldt، العمل السابق، ص111.
10- Dannenfeldt، العمل السابق، ص114.
11- نفسه، ص117.
12- انظر:
Southern R., (1962), Western Views of Islam in the Middle Ages, Cambridge, Mass., Harvard University Press. كذلك Hourani A., (1974), Western Attitudes Towards Islam, Southampton University Press.
حيث يقدم هذان العملان تحليلاً لصورة الإسلام في الغرب إبان العصور الوسطى. وقد ترجم العمل الأول إلى العربية وقدم له الدكتور رضوان السيد, بعنوان: صورة الإسلام في أوروبا في القرون الوسطى (بيروت 1983-2007م).
13- للمزيد عن تغير الدلالة عبر تاريخ تطور اللغة انظر:
- Antilla R., (1989), Historical and Comparative Linguistics, John Benjamin Publishing Company, Amsterdam/Philadelphia, (2nd rev. ed.); Hock H. – Joseph B., (1996), Language History, Language Change and Language Relationship, an Introduction to Historical and Comparative Linguistics, Mouton de Gruyter, Berlin – New York;
14- للمزيد انظر: Rahme، العمل السابق، ص483-485، حيث يمد القارئ بتحليلِ للفظة (جهاد):
“Jihad, has been reduced, in most instances that one encounters in the media and in world history textbooks, to a singular meaning: “Holy War.” For Muslims and for specialists in Islamic history, this is a highly stereotypical and misleading definition of a key concept in Islamic civilization and in the ideologies of contemporary Islamist movements […]. A more accurate and richer definition and translation of the concept of jihad is struggling, striving, or exerting oneself in the path of God. It encompasses military struggle along with other means and methods of struggle. It can be characterized by an internal as well as an external struggle. The external struggle is not reduced to military means, that is, to the sword. It also includes a struggle that consists of words, the “jihad of the pen”, or the “jihad of the tongue.”
15- انظر:
Micaud Ch., (1994), “Bilingualism in North Africa, Cultural and Sociopolitical Implications”, The Western Political Quarterly, 27 n. 1.P 92-103.
16- وتجدر الإشارة هنا إلى ملاحطته الهامة بأن الغرب قد استقى معرفته بالإسلام وعالمه في إطار عهود استعماره لهذا العالم.
17- انظر بالتفصيل كتابه: مستقبل الثقافة في مصر - سلسلة المواجهة - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 1993م.
18- انظر:
Pipes D., (1990), “The Muslims are Coming! The Muslims are Coming!”, National Review, Νοέμβριος 19, P. 28-31; Sciolino E., (1996), “Seeing Green: The Red Menance is Gone. But Here’s Islam,” The New York Times, Sunday, January 21, P. 1,6;
وقارن Rahme J.، العمل السابق، ص. 473-474:
19- قارن:
Savage-Smith E., (1988), “Gleanings from an Arabist’s Workshop: Current Trends in the Study of Medieval Islamic Science and Medicine”, Isis 79, n. 2, P 247.