لا أستطيع التعايش مع المجتمع

♦ ملخص السؤال:
شابٌّ يكره المجتمع وعاداته وتقاليده، بسبب تحكيم العادات والتقاليد بدل الدين، فقرر أن يعتكف في بيته، ولا يخرج، ولا يختلط بأحد.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أكره المجتمع وعاداته وتقاليده التي في أغلبها تتعدَّى شرْعَ الله، بالإضافة إلى التخلُّف والجهل والأنانية، وانتشار الأمراض النفسية التي لا تعدُّ ولا تُحصى!
أكره الاختلاطَ بالناس والمجتمع، إلا قليلًا جدًّا مِن الذين يتفقون معي في بعض الأفكار، أما باقي الناس فهم مُعارضون لفِكْري، رغم أنني لستُ مِن المتشدِّدين، ولكن عندما أحاول أن أُعالجَ موضوعًا ما بشرع الله أجِد الناس يُطالبون بتحكيم العادات والتقاليد السائرة بينهم، وهذا ما يُثير ضيقي وبُعدي عن هذا المجتمع!
حاولتُ أن أبتعدَ عنه، وأعتكفَ في بيتي، ولا أخرج، ولا أحاول الاختلاطَ، فهل بذلك أنا مريضٌ نفسي؟ أو هذا زمنٌ يستحقُّ ذلك الابتعاد؟ أجد صعوبةً كبيرةً في التعايُش مع أفكار المجتمع من حولي.
فما الحل؟
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نرحِّبَ بانضمامك إلى شبكة الألوكة، ونسأل المولى القدير أن يُسَدِّدنا ويستخدمنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.
كما أودُّ أن أشيدَ بما لمسته فيك مِن رغبة في تطبيق خُلُق الدِّين وشرعه في المعاملات الحياتية، وتفعيلها بدل ما يسودها مِن تقاليدَ وأعرافٍ لا تمتُّ للدين بصلةٍ، بل هي أحيانًا - وكما أشرتَ - تتعارض معه!
وتعزيزًا لتلك الرغبة لديك، أتمنى منك أن تتدبرَ في خُلُق النبي - عليه الصلاة والسلام - وصحابته الكرام في التعامُل مع الكافرين والمنافقين والعُصاة وغيرهم، باللين ولُطْف المعاملة، وهم أحرص وأغير منَّا على دين الله تعالى، فلو تأمَّلْنا - يا أخي الكريم - في سيرتهم، فلا نكاد نجد فيها (جدالًا) مع مخالفيهم وأعدائهم بالأسلوب الذي نعهده اليوم في حياتنا، بل نجدهم قد مثلوا نموذجًا يستقطب إعجاب حتى أعدائهم، مِن خلال تحلِّيهم بسمات شخصيةٍ يحبها البشرُ على اختلاف طِباعِهم ومُعتقداتهم.
ولذلك - يا أخي - فإنَّ اعتزال الناس تمامًا بسبب مخالفتهم طباعك وأفكارك ليس حلًّا، لا سيما وأنَّ قرارًا مِثْل هذا سيُؤَثِّر حتى على مَعاشك اليومي، كما فهمت مِن سِياق رسالتك، بل إنَّ الحل يكْمُن في التأسِّي بخُلُق النبي - عليه الصلاة والسلام - في تعاملاته مع المخالفين، ذلك الخُلُق الذي جَعَلَه يُؤَثِّر لاحقًا في أنفسِهم؛ فقَلَب مُعتقداتهم وسلوكياتهم إلى وجهة أخرى تمامًا.
وهنا أقترح لك كتابًا للكاتبة حنان اللحَّام، بعنوان: (هدي السيرة النبوية في التغير الاجتماعي)، والذي يُصَوِّر تعامُل النبي - عليه الصلاة والسلام - وأساليبه في كثيرٍ من المواقف التي شهدتها سيرتُه العَطِرَة.
وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يصلحَ كل شأنك، ويفتح لك أبواب الخير وينفع بك، وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة مجدَّدًا.
المصدر: https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/73482/#ixzz5qO4Kc9KR