المواطنة: المفهوم والمسارالتاريخي
المواطنة: المفهوم والمسارالتاريخي
وجيه كوثراني*
1- المواطنة كمفهوم تاريخي (Concept)
إذا ما افترضنا أن "المواطنة" هي "مفهوم" فإنّ الافتراض بهذا المعنى يستدعي الى الذهن أسئلة تردنا إلى بنياتٍ وتاريخ تحولات في فقه اللغة والمصطلحات، وإلى مآلات جديدة في الاستخدام خلال التجربة التاريخية، حتى أضحى تعبير المواطنة جزءاً من ثقافة اجتماعية وسياسية جديدة يعبر عنها بالحداثة، وجزءاً من نظام سياسي يقوم على الدستور، ودولة وطنية تقوم على السيادة الوطنية، سيادة شعب على أرض محددة، وجزءاً من حقوق وواجبات ينتظم فيها الفرد بموجب عقد اجتماعي يضحى الفرد فيه مواطناً في دولة.
تحقق ذلك في التاريخ الغربي الحديث، وكان أبرز تجلياته إعلان الاستقلال الأميركي 1776م وأفكار الثورة الفرنسية وقبلها أدبيات التنوير، وبصورة خاصة إعلان حقوق الإنسان والمواطن في عام 1789م.
هذه الإحالات لاستحقاقات حصلت نسبيّاً وبشكل متفاوت في غضون القرن التاسع عشر في أوروبا والولايات المتحدة يجعلها الدارسون أسساً مكوّنة للمفهوم، مفهوم المواطنة. بل إِنَّ الانتكاسة التي منيت بها أوروبا في غضون حربين عالميتين خلال القرن العشرين وظهور الدول التوتاليتارية والفاشية والنازية - جعلا من المسألة الديمقراطية المتمحورة حول حقوق المواطن مسألة محوريةً بذلت جهود فكرية ودستورية لحمايتها كمكسب تاريخي ولتطويرها في اتجاه توسيع أطر الحريات والحقوق للمواطن - الإنسان. فكان توسيع شرعة حقوق الإنسان في اتجاه حقوق المرأة والطفل والعمل والمَعُوقِين والمهمَّشين ومؤسسات المجتمع المدني والاعتراف بنسبية الثقافات وتعددها، واحترام حقوق الأقليات. يكتب آلان تورين (Alain Touraine) في ما هي الديمقراطية؟ وتأسيساً على هذا الهاجس الذي يهدف إلى إعادة إِحياء المجال السياسي للديمقراطية وتطويره في النصف الثاني من القرن العشرين بل في أواخره: "ينبغي تحديد الديمقراطية لا بوصفها تغلب الجامع والشامل على الخصوصيات، بل بوصفها تمثل الضمانات المؤسسية التي تتيح الجمع بين وحدة العقل الوسائلي وبين تنوع الذاكرات، الجمع بين التبادل والحرية، فالديمقراطية هي سياسة الاعتراف بالآخركما قال شارل تيلور". وهي كما يشير عنوان كتابه بصيغة السؤال: هي "حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية؟"
الخلاصة: أن مفهوم المواطنة يحيل إلى شرطين أساسيين:
- الدولة الوطنية، وما يستتبع ذلك من إقامة مجتمع قومي، (وطني) يقوم على اختيار إرادة العيش المشترك بين أبنائه.
- والنظام الديمقراطي واستدعاءاته الكثيرة على مستوى التوازن بين الحقوق والواجبات، بين الخاص والعام، وبين الخصوصيات والشمول.
تلك هي باختصار مرجعية مفهوم المواطنة كما استقرت عالمياًّ تأسيساًّ على تجربة تاريخية أضحت عالمية، مهما اجتهدت أطراف بحصرها في الغرب، تارةً بحجة المغايرة والخصوصية القومية أوالدينية وكما يفعل بعض الإسلاميين والقوميين، وأخرى بحجة اختلاف طبائع الثقافات وصراعاتها الأبدية (هانتنغتون) أو تارةً ثالثة بحجة التفاوت في درجة التطور والتقدم بين "عالمٍ تاريخي" محكوم عليه بالصراعات العضوية والدموية والأهلية(ومنه العالم الإسلامي) وبين عالم أنهى فصل التاريخ فدخل مرحلة ما بعد التاريخ، وهو العالم الديموقراطي الغربي، (فوكوياما).
لا يتسع مجال الورقة لمناقشة مثل هذه الأطروحات، ذلك أن الإشارة لها تستهدف تقديم تصور (conception) لمفهوم المواطنة عبر إحالتها إلى مرجعيتها التاريخية أي إلى التجربة التاريخية - الغربية التي أضحت على الرغم من المقاومات الأيديولوجية لها في الأطراف أو في المركز وعلى الرغم من التنظير الإثنولوجي أو التاريخاني الأحادي الجانب والحصري عند بعض الدارسين الغربيين، تجربةً تنحو لأن تصبح نموذجاً عالمياًّ، ومن هنا نعتها(المواطنة) بصفة المفهوم بالمعنى الفلسفي، أي "الفكرة بوصفها مجردة وعامة أو على الأقل قابلة للتعميم"(1)
لكن هذا التجريد أو التعميم، لفكرة المواطنة لا يستبعد ضرورة المقارنة بين المرجعيات المختلفة وكذلك بين التواريخ المختلفة. وذلك أن الوعي التاريخي، وبما هو وعي لحالة انعطاف أو تحوّل أو تغير سريع أو بطيء في مسار الذهنيات والعقليات والأفكار وكذلك في المفردات والمصطلحات وفي المؤسسات والهياكل وطبيعة السلطات والدول وعلاقات الإنتاج والتبادل، يفترض(أي الوعي) وضع المسارات التي تختزنها وتحفظها الذاكرات الفردية والجماعية عبر الرواية الشفهية أو النصوص المكتوبة أو السلوك المعيش، أو الرموز اللغوية الواعية أو غير الواعية في مجال البحث التاريخي والإثنولوجي لإدراك أوجه الاختلاف والتمايز بين التصورات المختلفة للمفهوم الواحد الذي أضحى عامّاً ومن ثم عالمياًّ وهو مفهوم المواطنة، من هنا قد يكون مفيداً أن نجري مقارنةً بين مصطلح مواطن في المرجعية العربية، ومفردة Citoyen في المرجعية الغربية.
2- (عضو المدينة) (citizenship, citoyen)في المرجعية الغربية:
تعطي القواميس الأجنبية لمعنى citizenship أو citoyen أي "عضو المدينة"، معنى الانتماء إلى المدينة.La citéوتعبير المدينة يفيد في الإصطلاح اليوناني واللاتيني القديم معنى التنظيم السياسي في منطقة، فالمدينة(cité) قبل أن تكون أرضاً(أي مدينة وريفاً مجاوراً) هي هيئة جماعية(un organisme collectif): يجمع بين أعضائها وحدة تاريخية ونمط من العبادات والشعائر(culte). والمنتمي إلى هذه الهيئة هو ما يسمى عضو المدينة أي citoyen.
فثمة علاقة حميمة بين الهيئة والعضو فيها: المدينة الحقة تنجب العضو الحق، كان هذا ما عبّر عنه أفلاطون في الجمهورية عندما شدد على العلاقة الحميمة بين السياسة والأخلاقيات (Ethique et politique). كذلك فإن أرسطو كان يميز الإنسان عن الحيوان بانتماء الأول إلى مدينة. وهذا المفهوم للمدينة اليونانية (المدينة - الدولة) كان يحيل إلى مبدأ سيادة القانون الذي عُرِف في اليونانية بتعبير (Nomos) الناموس.(2)
ومهما يكن من أمر نظام المدينة اليونانية حيث وزّعه هيرودوت على أنماط ثلاثة: النظام الديمقراطي والأوليغارشي والملكي(monarchie) - فإن مدينة أثينا الديمقراطية هي التي استحوذت على جُلّ الاهتمام في دراستها كنموذج للديمقراطية اليونانية القديمة وكمرجعية لتوصيف "العضو فيها" أي المواطن سواء لناحية الانتماء أو لناحية حق المشاركة في الحياة السياسية فيها. "حيث تمارس حرية الفرد بحماية المدينة"(3). على أن المرجعية اليونانية التي شدد في عصر النهضة الأوروبية(بدءاً من القرنين الخامس عشر والسادس عشر)، على العودة اليها في الآداب والفنون والأفكار السياسية،لم تكن إلاّ ذريعة لمواجهة الكنيسة القروسطية التي كرّست مبدأ الحق الإلهي في الحكم، ولمقارعة وظيفة الاستقواء السياسي بالدين ورفض خلط الأدوار في السلطات، وهي الحالة التي مثّلتها قروناً في أوروبا الإمبراطوريات الشاملة والملكيات المطلقة، وفيها زال المفهوم الأثيني "للمواطن" والذي يرتكز انتماؤه على مبدأين: الحرية والمساواة أمام القانون، ليسود في المجتمعات القروسطية الأوروبية مبدأ الانتماء إلى الكنيسة والطاعة المكرّسة لِلْمَلِكِ، وذلك وفقاً لخطوط طبقية حادّة كان يمليها نظام الإقطاع السائد. والمقصود بالذريعة أو الوسيلة هنا أن العودة إلى التاريخ اليوناني والروماني أيضاً كانت بمثابة الاستجابة لظروفٍ تاريخية جديدة أطلقتها عملية نشوء المدن التجارية وحركة الاكتشاف والتوسع والأنسنة ونتائج الحروب الدينية المدمرّة التي جيّشت الحشود البشرية على قاعدة الانتماء المتعصب للفرقة الدينية، فكانت أفكار ميكيافلي للفصل بين السياسة والدين، ودعوة لوك إلى التسامح من خلال الفصل بين السلطتين الدينية والمدنية، ودعوة هوبس إلى الدولة - الحكم(الأقوى من المجتمع) وصولاً إلى مبدأ الفصل بين السلطات عند مونتسكيو.. كانت كل هذه التحوّلات في الأفكار بمثابة المواكبة لتاريخ جديد يصنع في أوروبا وفي العالم الجديد(الولايات المتحدة). وجِدَّتُهُ تكمن في "حداثته"، أي في قطيعته عن الماضي. صحيح أنه كان يجري الحديث عن مرجعية يونانية ورومانية للقوانين والتشريعات ونظام المدينة من قبيل التواصل مع هذا التاريخ القديم، بوصفه "تاريخاً تَوَسُّلِيّاً" لكن التاريخ "الحديث" كان يبنى من جديد ولا يزال حتى اليوم قيد البناء، وكما نلاحظ من خلال ما يكتب اليوم حول الدولة والديمقراطية والمواطنة والمجتمع المدني وحقوق الإنسان.
لقد تماثل مفهوم الدولة الوطنية والقومية(المتعارف عليه بمفهوم الدولة/الأمة) مع مفهوم الدولة/المدينة وحل بذلك وبصورة تدريجية محل الدولة الأمبراطورية كما حلّ وبشكل تدريجي مفهوم المواطن - الفرد محل مفهوم الحشد والكتل الجماهيرية والرعية.
ومع الثورات الديمقراطية في غضون القرنين: الثامن عشر والتاسع عشر، وقيام دساتير الدول الديمقراطية تأسيساً على شرعة "حقوق الإنسان والمواطن" بدأ يتكرّس حق الاقتراع العام القائم على الصوت الواحد، أي على قيمة المواطن، كفاعلية في المشاركة السياسية وآليات اتخاذ القرار.
لم يكن ذلك طفرةً أو نهاية للنهضة الأوروبية، أو صيغة شكلية أضحت كما يرى بعضهم بلا مضمون، بل كان ذلك مساراً مؤسِّساً لمفهوم "المواطن" الحديث، ببعده الإنساني العالمي المنفتح والقابل للتطور الدائم بفعل التطورات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومواكبة الفكر لهذه التحولات.
صدر في باريس خلال العام الحالي كتاب بعنوان: تكريس المواطن، تاريخ الانتخاب العام في فرنسا(4).
يدحض صاحب الكتاب الحُجج التي يثيرها بعض القائلين بتحول الديمقراطية التمثيلية إلى آلية شكلية، فيرى "أن مبدأ الانتخاب العام ليس محض حرية شكلية، فهو يؤسس نوعاً من المساواة بين البشر، بل هو يؤسس المجتمع نفسه".
صحيح أن مبدأ الانتخاب العام لم يكن موضع إجماع حتى منتصف القرن التاسع عشر، ولم يطبق تطبيقاً شاملاً واجتماعياًّ حتى منتصف القرن العشرين (..) إلاّ أن منطلق فلسفته التي تقوم على حقوق المواطن - الإنسان الفرد(الطبيعية)، يظل منفتحاً على التطوير والتوسيع، وكما حصل في التاريخ فعلاً، بدءاً من تجاوز قانون الانتخاب الفرنسي مثلاً شرط الفروقات الطبقية والمهنية(الخدامة والرهبنة) وتجاوز شرط النصاب المالي الضريبي، وشرط السن(من 25 إلى 18)، إلى تجاوز شرط الجنس في قانون 1944م الذي أعطى المرأة حق الاقتراع، إلى المطالبة الدائمة في توسيعه اعتماداً على فلسفة الحق الطبيعي للإنسان - المواطن(5).
على أن إشكالية اليوم تظل بالنسبة للمواطن الفرد الذي يعيش في دولة ديمقراطية(عريقة) هي في مدى القدرة على التوافق من خلال المعادلة الصعبة، ولكن الغنية، بين تطلب مزيدٍ من حماية الحرية والتي قد تتعارض مع العدالة في بعض وجوهها، وبين ضرورات تطلب العدالة التي قد تتعارض مع بعض أنواع من الحرية. إنها إشكالية غنية لأن المواطن يستطيع من خلالها أن يطوّر أشكال علاقته بالمجتمع والدولة، كما تستطيع الدولة والمجتمع أن يتوازنا عبر ما تتيحه الديمقراطية التمثيلية، من مشاركة في القرار، ومن تعددية حزبية، ومن حريات وتفكير ونشر وإبداء رأي، ونشاطات مجتمع مدني.
تلك صورة موجزة عن وضعية المواطن في تجربة غربية، حملت في الخطاب الفكري الذي عبّر عنها شيئاً من رمزية التاريخ اليوناني في حمولته للديمقراطية الأثينية وفلسفتها السياسية كمرجعية متوسّلة، ولكنها حملت الشيء الأكثر والأكبر والأغنى من تجارب التاريخ الحديث وتحولاته وانعطافاته وإنتاجاته الفكرية والفلسفية التي أُسِّس لها منذ أفكار عصر النهضة والتنوير إلى إعادة تأسيس الوعي الديمقراطي في النصف الثاني من القرن العشرين، وبعد الانتكاسة التي منيت بها الديمقراطية الغربية في تجارب الدول التوتاليتارية التي حوّلت المواطن إلى كمّ من الحشود.
ماذا عن صورة المواطن والمدينة والدولة في التاريخ العربي؟
3 - الوطن والمواطن في المرجعية العربية: جاء في المعاجم "أن المواطن هو الذي نشأ معك في وطن واحد أو الذي يقيم معك فيه"، فهو اشتقاق من الوطن والمواطن، وجاء في لسان العرب في تعريف الوطن: " الوطن هو المنزل الذي تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله (...) ووطن بالمكان وأوطن أقام، وأوطنه اتخذه وطناً، والموطن، تفعيل فيه، ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب وجمعه مواطن، وفي التنزيل العزيز: "لقد نصركم الله في مواطن كثيرة وأوطنت الأرض ووطنتها توطيناً واستوطنتها أي اتخذتها وطناً، وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد.."(6).
أما أدبيات التراث العربي فإنها تعج بالكلام عن حب الوطن والموطن والاشتياق له والحنين لأهله وإلى مكان إقامة الإنسان في صباه وشبابه.
ومن ذلك قول لابن الرومي في قصيدة وجهها لسليمان بن عبدالله يستعديه على رجل من التجار أجبره على بيع داره:
ولي وطـن آليت ألاّ أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا..
إذن المشاعر الوجدانية والرومانسية طالما كانت رابطاً بين الإنسان والمكان ولكن دون اكتسابها معنىً حقوقياًّ محدّداً، السؤال متى اكتسبت مفردة "مواطن" المعنى الحقوقي أي المعنى الذي يجعلها مرادفة لمعنى citoyen أو citizenship؟
أرجح أن أول استخدامات عربية تفيد معنى citoyen وcitoyenneté في الأدبيات العربية جاءت في كتابات رفاعة رافع الطهطاوي(1801 - 1873م) وكتابات بطرس البستاني(1819 - 1883م) وقد جاءت بصيغة ابن الوطن، والوطني والوطنية.
يقول الطهطاوي في الباب الرابع "في الوطن والتمدن والتربية" من كتاب "المرشد الأمين للبنات والبنين".
"ثم إن ابن الوطن المتأصل به، أو المنتجع إليه، الذي توطّن به واتخذه وطناً، ينسب إليه تارةً إلى اسمه فيقال: وطني، ومعنى ذلك أنه يتمتع بحقوق بلده وأعظم هذه الحقوق التامة في الجمعية التأنسية، ولا يتصف الوطني بوصف الحرية إلا إذا كان منقاداً لقانون الوطن ومعنياًّ على إجرائه، فانقياده لأصول بلده يستلزم ضمناً ضمان وطنه له التمتع بالحقوق المدنية والتمزي بالمزايا البلدية. بهذا المعنى هو وطني وبلدي، يعني أنه معدود عضواً من أعضاء المدينة، فهو لها بمنزلة أحد أعضاء البدن، وهذه أعظم المزايا عند الأمم المتمدنة."
إلى أن يقول: "فصفة الوطنية لا تستدعي فقط أن يطلب الإنسان حقوقه الواجبة له على الوطن، بل يجب عليه أيضاً أن يؤدي الحقوق التي للوطن عليه، فإذا لم يوف أحد من أبناء الوطن بحقوق وطنه ضاعت حقوقه المدنية التي يستحقها على وطنه"(7).
وللمعلم بطرس البستاني(1819 - 1883م)، المعاصر للطهطاوي، مقالات نشرها في نشرته "نفير سورية" في عام 1860م بعنوان "وطنيات"، وعلى الرغم من تأرجحه آنذاك بين التابعية العثمانية والوطنية السورية يقول في الوطنية الرابعة(8).
"فسورية المشهورة ببلاد الشام وعربستان هي وطننا على اختلاف سهولها ووعورها وسواحلها وجبالها، وسكان سورية على اختلاف مذاهبهم وهيئاتهم وأجناسهم وتشعباتهم هم أبناء وطننا" ويعطي لهذه العلاقة بين الفرد والوطن معنىً حقوقياًّ، يقول: " يا أبناء الوطن، لأهل الوطن حقوق على وطنهم، كما أن للوطن واجبات على أهله... ومن الحقوق التي على الوطن لبنيه الأمنية على أفضل حقوقهم وهي دمهم وعرضهم ومالهم، ومنها الحرية في حقوقهم المدنية والأدبية والدينية، ولا سيما حرية الضمير في أمر المذهب.."(9).
ما معنى العودة إلى التاريخ عبر هذين النصين؟
الذهاب إلى التاريخ هو من قبيل التقاط لحظة التحول في استخدام المفردة العربية وإكسابها معنى ودلالات مستعارة من حقل دلالي لمصطلحات التجربة الديمقراطية الوطنية الغربية والتي أفادت، بفعل تعبيرها عن حقوق إنسانية طبيعية، معنى الفكرة القابلة للتجريد والتعميم والعالمية أي أن تحمل المفردة العربية دلالات مفهوم الـ citoyen، كما سبقت الإشارة في التمهيد.
فالطهطاوي والبستاني في استخداماتهما الأولية لمصطلح الوطن والوطني والوطنية كانا يحمّلان المفردات العربية ذات المعاني التراثية القديمة دلالات جديدة معاصرة اكتشفها الوعي التاريخي المقارن، للتواريخ المختلفة والثقافات المتنوعة، ويعيدان إنتاجها في حالة إستجابة لعملية التثاقف الجارية آنذاك، فاقتربا من المفهوم الحقوقي الذي يحدّد وضعية الفرد المقيم على أرضٍ يسودها مجتمع ودولة لناحية الحقوق والواجبات في صيغة "الوطني" "وابن الوطن". ثم مالبث هذا المعنى الاصطلاحي أن استخدم بصيغة مواطن ومواطنية بعد إعلان الدستور العثماني في العام 1908م، وبصورة خاصة مع إعلان دساتير العشرينات في المشرق العربي في كل من مصر والعراق وسورية ولبنان حيث اكتسبت المواطنة المحلية للمقيمين على أرض كانت عثمانية تأسيساً على مبدأ الجنسية(Principe de nationalité) المستمد من بنود معاهدة لوزان التي نظمت أوضاع البلدان العربية التي خضعت سابقاً للحكم العثماني، وحمل سكانها سابقاً "صفة التابعية العثمانية"، وكانت هذه الكلمة تعني ضمناً وفقاً لمنطوق دستور 1908م، "المواطنة العثمانية".
تنص المادة 17، "أن العثمانيين جميعهم متساوون أمام القانون، كما أنهم متساوون كذلك في حقوق ووظائف المملكة.."
أما المواد التي تعين هذه الحقوق والوظائف، فتشير بوضوح إلى حقوق المواطن في التعبير والنشر والاجتماع وتأليف الشركات، وحق الاعتراض والتشكي وهي في معظمها مستمدة من دساتير فرنسا وبلجيكا وبريطانيا".
ثم إن دساتير العشرينات في المشرق العربي وفي العديد من أقطاره، أعادت صياغة هذه المنطلقات، انطلاقاً من الواقع التاريخي المستجد الذي يمكن وصفه بأنه كان حالة(تحوّل من مفهوم الرعية الذي يعبّر عن العلاقة بين الدولة السلطانية وجماعات مجتمعاتها، إلى مفهوم "الجنسية" (الناسيوناليته) أو الهوية(Nationalité) الذي أسست له "الدولة الوطنية" الحديثة. وهذه الأخيرة هي الكيان السياسي المستجد الذي عبّرت عنه الأدبيات القومية العربية بصيغة "الدولة القطرية"، تأسيساً على أيديولوجيا العروبة التي كانت تنـزع إلى القول "بأمة عربية" وتطالب بدولة عربية تتطابق مع مفهوم الدولة/الأمة.
ومهما يكن من أمر هذا الإشكال الأيديولوجي(بين الدولة القومية العربية المتوخاة والدولة القطرية المنبثقة عن تداعيات الواقع الدولي والإقليمي والاجتماعي المحلي) - فإن الإشكالات الجديدة التي أثارها هذا التحوّل في الاجتماع السياسي العربي. (أي التحوّل من حالة الرعية إلى حالة اكتساب الجنسية التي تتضمن بدورها حق المواطنة في دولة)، أثارت مسائل معقدة في وعي النخب العربية وفي ذهنيات وعقول الناس ومسلكياتهم وردود فعلهم تجاه المستجدات المتمثلة بشكل أساسي بالتحوّل إلى مواطنين.
4- أسئلة وإشكالات جديدة:
يمكن أن نشير باختصار إلى عدد من الأسئلة التي قد تطرحها الإشكالات الجديدة:
الدولة الوطنية الجديدة عينت لمواطنيها، انتماءً محدداً، يحمل اسم المنطقة(الوطن) الذي تحوّل إلى دولة أو أقيمت عليه دولة بفعل عوامل دولية وإقليمية وداخلية وجيوسياسية معقدة ومركبة لا مجال لدراستها في هذا البحث. هذا الإنتماء يوصف بالوطنية على مستوى الحمولة الثقافية والسياسية والاجتماعية والوجدانية التي يقدمها أهل الدولة ونخُبَهُا، وبالمواطنة على المستوى الحقوقي، لكن مع هذا الانتماء ثمة تداخلات لانتماءات أخرى قد تضعف وقد تقوى، ولكنها تبقى ماثلة وحاضرة ومؤثرة. هذه الانتماءات قد تكون شمولية فتتجاوز حدود الانتماء إلى الجنسية (nationalité) التي تعطيها الدولة للفرد فيكتسب حق المواطنة، كالانتماء القومي العربي لأمة عربية متخيلة بدولة/ أمة أو الانتماء الإسلامي السياسي لأمة إسلامية متخيلة في خلافة أو مشروع سياسي متجاوز للدولة القطرية، وقد تكون الانتماءات فرعية ووسطية فتخترق الانتماء المواطني للدولة شأن الانتماءات الطائفية والمذهبية والقبلية داخل الدولة. ويحضرني كمثل على هذا الاختراق مثل الانتماء الطائفي في لبنان ومثل الانتماء القبلي في اليمن.
وسواء كانت الانتماءات أوسع من الانتماء إلى الجنسية(الهوية التي تعطيها الدولة إلى مواطنيها) أو كانت أصغر منها - فإن مثل هذه الانتماءات تطرح سؤالاً حول أحقية التعدد الثقافي والمشروعية التاريخية لهذه الإنتماءات وفقاً للسؤال كيف يمكن التوفيق بين معطيات هذه الإنتماءات، التي يفسرها التاريخ وتصف خصائصها الإتنولوجيا مع الانتماء إلى هوية الدولة (nationalité) مع التشديد على أولوية انتماء المواطن إلى الدولة؟
ويندرج تحت هذا السؤال سؤال آخر ومكمل: كيف يمكن تحويل الانتماءات المختلفة سواء كانت كبيرة أو صغيرة إلى تراكم غني في شخصية المواطن بحيث تصبح شخصية المواطن العربي وفي آية: دولة عربية وإلى أي هوية انتمى فرعية أو شاملة، شخصية تغتني من خلال ممارستها لمواطنيتها المحلية بالذات؟ مع العلم أن شرط هذه الأخيرة ممارسة الديمقراطية في إطارٍ من التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات، بين الحرية والعدل. ذلك أن حدّاً فاصلاً دقيقاً قد يؤدي الشطط عنه إما إلى انفلات الانتماءات الفرعية الوسيطة وتحولها إلى سلطات أهلية مشتتة ومتنازعة(وهذا خطر الحرب الأهلية) وإما إلى اشتداد قبضة الدولة وتحولها إلى نظام عسكري وأمني أو إلى دولة استبدادية.فهل نحن إذن أمام مأزق تاريخي؟ مرّة أخرى عودةً إلى تجربة تاريخية محلية.
5- "عبرة وذكرى" عودة إلى التاريخ من أجل نظرة مستقبلية
عندما بدأت الدولة العثمانية بالتحوّل إلى دولة تنظيمات، ولاحقاً إلى مملكة دستورية(عندما أعلن الدستور العثماني مرتين: مرّة في العام 1876م، ثم علّق بعد عام، ومرّة في عام 1908م ثم باغتته الحرب وعسكرة الحكم) كان التحوّل ينبئ بآمال كبار لدى النخب العربية التحديثية ولكنه كان ينبئ أيضاً بصعوبات وعوائق من طرف أهلية المجتمعات. يسجل الأديب سليمان البستاني الذي كان نائباً عن ولاية بيروت في البرلمان العثماني ملاحظاته حول بدايات العمل البرلماني في العالم الإسلامي، فيرى أن ثمة خللاً في مفهوم التمثيل يكمن في عقلية المواطن الناخب الذي يرى في النائب مجرد سلطة وسيطة للخدمات والمنافع الشخصية والفئوية، لا سلطة رقابة وتشريع. يقول البستاني في كتابه "عبرة وذكرى": الدستور العثماني" "لقد أيّد لنا الاختبار باجتماع المجلس الأول سنة 1876م أن أبناء كل ولاية كانوا يظنون مبعوثهم منتدباً عن منتخبيه لا غير، ومأموراً بإنفاذ جميع رغائبهم وإبلاغ تشكيات أفرادهم مهما كانت، حتى لقد كانت الرسائل في بعض الولايات تنهمر كالمطر على رؤوس مبعوثيها حاملة من المطالب ما لو طرحه المبعوث للبحث لما ناله إلاّ هزء رفاقه أجمعين، فمن طالبٍ عزل خصم له وإحالة مأموريته إليه. ومن ملتمسٍ رتبةً ونيشاناً. ومن راغبٍ في إصدار أمرٍ لوالٍ بإلقاء نظرةٍ عليه أو إلى مشيرٍ يجعله ملتزماً للأرزاق العسكرية. حتى كان من جملة تلك المطالب أن مكارياًّ سرقت دابته فكتب إلى منتدب ولايته أن يأمر بإعادتها إليه".
على أن هذه البداية لا تفسر الاستمرار التاريخي لمفهوم التمثيل البرلماني كما كانت بدايته فلا شك أن الماضي وحده لا يفسر الحاضر كما أن الحاضر وحده لا يفسر الماضي. لكن حركة الذهاب والإياب الدائمة بين الزمنين تساعد على بلورة الأفكار في اتجاه المقاربة العلمية والتي قد ينتج عنها بعض الأفكار المفيدة.
إن مقاربة موضوع التمثيل(تمثيل المواطن في دولة وطنية) من زاوية تاريخية لا تتوقف عند مسألة تطور النصوص وحدها ولا عند ثبات البنى التقليدية القائمة والمتعلقة بالذهنية وحدها. فالنصوص تغيرت وخاصة في اتجاه توسيع قاعدة التمثل شعبياًّ في العديد من الأقطار العربية، ولا شك أن الذهنيات تغيّرت أيضاً وكذلك الثقافة السياسية المحصّلة والمكتسبة في مجال الثقافة الديمقراطية لدى شرائح واسعة من النخب والمتعلمين والمثقفين والمواطنين. لكن الملاحظ أنه في داخل هذا التطور بقي واستمر نوع من الدينامية الداخلية المهيمنة، أي نوعُ، من عناصر البنية الثقافية المتداخلة يفعل فعله في عملية الاقتراع، ومن ثم في عملية التمثيل وطبيعته ودوره. فالملاحظ في سلوك المقترع وسلوك المقترَع له أي المنتخِب والمنتخَب أن العلاقة بين الطرفين هي علاقة عقد خدمات، لا عقَد اجتماعي وطني يقوم في ظل مفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها التمثيلية. إنه عقد راعٍ ورعية. وفي داخل هذه العملية تنبني علاقة ولاء. والولاء قوامه الولاية والتولية أي السلطة، ومعطيات التجربة اللبنانية في حقل العلاقة بين المواطن وممثله(النائب) تقدّم كثيراً من الأمثلة على استمرار هذا النمط من العقد الرعوي أو الأبوي.
تكمن أهمية نص البستاني في أنه يسجل لحظة التقاطع التاريخي بين مفهومين للسلطة والتمثيل: مفهوم حديث جاء به الدستور الجديد الذي نص على المساواة بين المواطنين وحرياتهم وحقوقهم، ومفهوم للسلطة راسخ في الذهنية والعقلية والسلوك اليومي آتٍ من التاريخ ومعيشٍ في الحاضر كنمط حياة ثابت أو شبه ثابت، وهو مفهوم يمكن تلخيصه بجملة من المفردات والمصطلحات والتي يمكن أن نستمد عناصرها ودلالاتها من التراث، ولا سيما من نص ابن خلدون، أهمها: الوازع العصباني، والسلطاني، الرعية والطاعة والغلبة والولاء واللجوء والتبعية والاستتباع والممانعة، وكلها مفردات تشير إلى نمط من علاقات السلطة القائمة على الحماية والخدمة وكسر الشوكة والولاء طوعاً وعنوة، وإلا فالخروج. إنه نوع من عقد اجتماعي بين مراتب سلطوية وسيطة بين المجتمع الذي هو مجموعة رعايا تابعين ومنتظمين في جماعات ذات عصبية من جهة، وبين العصبية الغالبة أو العامة المدعوّة "بأهل الدولة" من جهة أخرى، وهذا العقد ينحصر في تقديم خدمة أو منفعة مقابل "ولاء".
ما يصفه البستاني في عام 1908م هو تأريخ فعلي للحظة التقاطع بين المفهومين ومن ثم بين زمنين تاريخيين على أن البستاني يراهن على تغير الأوضاع نحو الأحسن بعد ربع قرن، ومن خلال تعميم التعليم والتربية والترقي والنهوض الاقتصادي. وإذ مضى على هذا الرهان أكثر من ثلاثة أرباع القرن يترك البستاني الباب واسعاً للتساؤل حول شروط التحول الديمقراطي من خلال بناء المواطنة في العالمين العربي والإسلامي. وحقل هذا التساؤل بقي ويبقى حتى اليوم مجال بحث عن أسباب هذا التعثر، (تعثر الانتقال من الاجتماع السلطاني العصباني إلى الاجتماع الدستوري الوطني)(10)، وعن شروط التجاوز لهذا التعثر؟
لا نظن أن ثقافة من الثقافات أو ديناً من الأديان، ملك(أو ملكت) قابلية للديمقراطية أو عدم قابلية لها. إذ يشيع اليوم افتراض خاطئ أن الثقافة المسيحية ملكت قابلية تحويل مجتمعاتها إلى دول ديمقراطية. وأن الثقافة الإسلامية هي بطبيعتها ممانعة بل معادية لهذا التحوّل. لا شك أن هذه الفرضية تخدم أغراضاً متباينة، فهي تخدم من جهة النظرة المركزية الغربية محتكرة الحداثة ومروجتها على طريقتها الاستهلاكية، وهي تخدم من جهة أخرى النظرات الأصولية الطرفية التي تحاول إحياء الماضي في الحاضر، بأسلوبٍ دفاعي سلبي للمركز الغربي غير فاعل، فتخلط المراحل التاريخية وأزمنتها، وتقيم سدوداً متوهمة بين الحضارات، فتبطل تفاعلها في تصور وهمي جامد للماضي، ولكن النتيجة العملية لهذا المنطق أن تعود الدولة السلطانية القديمة بثوب جديد في الحاضر، فيتم تحديث الاستبداد السلطاني بالحكم البيروقراطي والعسكري أو حكم الحزب الواحد، أو تقديس القائد الزعيم من خلال اعتبار أي نقد له يعد خطاًّ أحمر.
والواقع أن كل الثقافات، بل الأديان أنتجت تأويلاتٍ وقراءاتٍ مختلفةً لنصوصها في مراحل التاريخ. هذه القراءات ما لبثت أن أضحت أيديولوحيات لأنظمة وعهود وعلاقات وجماعات وفرق، أي لقوى اجتماعية، ومن الطبيعي أن تقاوم هذه القوى التحولات الجديدة في منظومة السلطة وهياكلها. على أن هذه الأيديولوجيات التي غالباً ما تتحول الى خطاب تعبوي وسجالي تحت عباءة فكر سياسي معين - ليست هي جوهر الثقافة الذي لا يتغير ولا يتحول. فكما أن قراءة للثقافة المسيحية في القرون الوسطى تحوّلت الى أيديولوجة اجتماعية وسياسية مناهضة للعقلانية ومعادية لتحوّل الفرد الى مواطن حر في دولة حيادية. فثمة قراءة أخرى كانت آخذة بالتشكل مع حركة الإصلاح الديني وحركة الإحياء والأنسنة والثورة الصناعية وحركة التنوير وصولاً إلى بذل الجهد في بناء "لاهوت علماني" في غضون القرن العشرين. لقد تعلّمت المسيحية كما يقول بعضهم الديمقراطية واستوعبت فكرة "المواطنة" أو حق الفرد على الجماعة وحق الجماعة على الفرد عبر حركة التاريخ وتحولاته الاجتماعية والاقتصادية وحاجات الواقع ووطأته وفاعلية العمل السياسي وتعددية القوى الإجتماعية، لا بفعل القابلية أو عدمها.
وعليه، فإن الثقافة الإسلامية ليست بعيدة عن هذا المنطق، في التحول والتكيف والمواكبة. لقد بدأ الاجتهاد في هذا الاتجاه، في غضون القرن التاسع عشر، مع أعلام النهضة الأوائل وكما نلاحظ لدى الطهطاوي والجيل الإصلاحي اللاحق والانقطاع الذي حصل ليس مؤشراً لفشل أو استحالة أو ممانعة ثقافية، بل لأن ثمة عوامل يمكن دراستها ووعيها أدّت إلى هذا الانقطاع.
***********************
الهوامش:
*) باحث وأكاديمي من لبنان.
1- حول معاني المفهوم، انظر: موسوعة لالاند الفلسفية، 1/194.
(vocabulaire technique et critique de la philosophie (A. La lande) , presses universitaries de France.
2- لمزيدٍ من التوسع في هذه النقطة راجع مقالة: “Coceptions de la cite Antique Encyclpedia Universalis »
3- (Gustave Glotz, la cité grecque Paris 1968, p. 129)
4- Pierre Rosanvallon , Le sacre du citoyen: Histoire du suffrage universel en France , folio , Paris 2001.
5- (قارن مراجعة للكتاب بالعربية، جورج طرابيشي، الحياة 26 آب 2001م).
6- لسان العرب، مجلد 13، ص451.
7- (الأعمال الكاملة، الجزء الثاني، ص433 - 434).
8- نفير سورية، عدد 4، بيروت 25ت1 1860م.
9- (في جان داية، المعلم بطرس البستاني، دراسة ووثائق، منشورات مجلة فكر 1981م، ص120-121
10- حاولت بحث هذا الموضوع في كتاب: مشروع النهوض العربي: أزمة الانتقال من الاجتماع السلطاني إلى الاجتماع الوطني، بيروت، دار الطليعة 1995م.