الخطاب التاريخي العربي المعاصر: المؤرخون العرب والأحداث الكبرى
الخطاب التاريخي العربي المعاصر: المؤرخون العرب والأحداث الكبرى
مهند مبيضين*
التاريخ وخطابه
يرى طريف الخالدي أنّ المؤرخين يُفيدوننا علماً بواحدة من طريقتين متباينتين كل التباين، إمّا بما قد يخبروننا به عن الماضي، وإما بما يخبروننا به عن التفكير في الماضي(1).والتاريخ بلغة ابن خلدون يكره الفراغ(2)، وإدراك الماضي يؤدي ﺇﻟﻰ الحكم فيه برأي قسطنطين زريق، وهو حسب الشاعر الألماني شيلر"تاريخ العالم محكمة العالم"(3).
وعند دراسة خطاب التاريخ، فإن السؤال هو هل يمكن إرجاع خطاب التاريخ ﺇﻟﻰ وقائع التاريخ؟ حسبما يرى علي أومليل(4)، أم أن ثمة انفصالاً تكشفه قوانين الأحداث وأسبابها. ﺛﻢ ما مدى علاقة ذلك ﻓﻲ حاضرنا؟.
لقد حاول أصحاب النظريات ودارسو التاريخ دائماً تكريم علم التاريخ، بتقديم أدلة ترتقي بطموحهم ﺇﻟﻰ ضرورة الاعتراف بالتاريخ كعلم منضبط بأشياء من العقل(5)، وكان أستاذ التاريخ الفرنسي ماروا قد تساءل عن السلوك الصائب للعقل ﻓﻲ مزاولته التاريخية(6)، وظهر أنّ الأزمة التي كان يعانيها التاريخ ليست ﻓﻲ أدلة الحقائق المقدمة، بل ﻓﻲ انتكاس الثقة ﻓﻲ التاريخ، وهو ما جاء تعبيراً عن الأزمة الحقيقية ﻓﻲ الممارسة التاريخية(7).
إن ممارسة التاريخ كفعلِ تدوين تعيد ﺇﻟﻰ الأذهان السؤال ليس عن مدى اتصال أو التصاق التاريخ بخطابه، بل بمدى انفصال التاريخ عن المؤرخ؟
هذا المقام ليس لدراسة الصناعة التاريخية أو العلاقة مع التاريخ، التي أفاض بها قسطنطين زريق بحثاً، حين وضع مؤلفه "نحن والتاريخ"، بل إن التوقف عند التاريخ وخطابه وأحداثه الكبرى، هو محاولة من أجل إحداث ما يمكن تسميته "بالمثاقفة التاريخية" في سبيل الوقوف عند مقولات منها "أن التاريخ هو تدخل من حاضر المؤرخ لا يمكن تجنبه"(8).
وهذا الحاضر مقصودٌ فيه من الأحداث التي قد تقع تحت فعل التدوين، وهي أحداث تتفاوت ﻓﻲ حجم تقديرها من مؤرخ ﺇﻟﻰ آخر، وتدل كيفية التفاعل معها وتفسير حدوثها على نموذج ذلك العقل التاريخي المتعامل معها، وهذا بالطبع لا يعني ضرورة الكشفِ عن "اللِماذا" المفسرة لحدوث تلك الأحداث، فهذه فكرةٌ استبعدها فلاسفةُ التاريخ، الذي رأوا ﻓيما يكتبه أي مؤرخ، ما هو إلا توطئات خلاصية، فالتاريخ لا يعطينا بحسب تلك الرؤى ﺇلا "الكيف" مانعاً عنا "اللماذا"(9).
الأحداثُ الكبرى تاريخيا ﻓﻲ غالبها ذات طبيعة سياسية، مرتبطة بقوة سياسية تقف وراءها، أو ﻓﻲ ظاهرةٍ طبيعيةٍ تنتج عنها. والمؤرخون حسب رأي "ماركس" يسجلون فقط الوقائع الكبرى، (هناك استثناءات ﻓﻲ التاريخ العربي منها الاهتمام بالتراجم واليوميات) من أحداث سياسية وحروب دينية ونزاعات وكوارث(10). وهم يشاطرون رغماً عنهم أوهام الحقبة التي يؤرخون ﻟﻬﺎ، وﻟﻬﺬﺍ فإننا نجد أن ثمة انتقاداً موجهاً للتأليف التاريخي السياسي، وهذا النقد يدعو ﺇﻟﻰ تأسيس تاريخ أعمق، يدرس الأسباب الحقيقة للأحداث ويعللها، ومن ثم يتقرب من روح الوقائع أو "روح التاريخ" حسب رأي "هيجل"(11).
أما خطابُ التاريخِ فهو البديل عن التوجيه والإرشاد المباشَرين، إلى الاتّعاظ بحوادث التاريخ ومساره واستعادة نماذج بطولاته ومفاخره، فالحاضر حَله في الماضي، والمدينة الفاضلة كانت في عصر النبوة والخلافة، الحاضر حسبما يرى المشتغلون بتاريخ الأفكار دعاء وابتهال لانفراج الأزمة وتخفيف الكرب، وقد يكون الخطاب التاريخي وضعيا مهمته الإخبارُ، فالخبرُ أحد مصادر المعرفة التاريخية التي تولد منها(12).
مشاهدُ أوليةٌ كبرى
شهد التاريخُ العربي الإسلامي أحداثاً كبرى كثيرة وَقَفَ أمامها المؤرخون العرب(13)، ﻟﻢ يكن أولها انقسام المسلمين بعد وفاة الرسول الكريم، واختلافهم فيما بعد ﻓﻲ أكثر من حادثة، وليس آخرها سقوط أو احتلال مدينة بغداد وزوال نظام الحكم فيها على أيدي قوات غازية أجنبية.
والذات العربية حين تعاود النظر تجد أن القرن العشرين حتى أيامنا هذه، شهد أكبر التحولات وأعمقها، والذي لا ريب فيه أن مثل هذه التحولات الواقعة أمام أبصارنا بل الفاعلة فينا، لا بد أن تفرض على الذات العربية أخطر التحديات وﻓﻲ جميع المجالات.
وإزاء هذه الأحداث التي كان منها احتلال القدس عام 492ﻫ / 1098م، ﺛﻢ سقوط بغداد سنة 656ﻫ / 1258م ﺛﻢ أفول الحكم العربي ﻓﻲ الأندلس سنة 898ﻫ / 1492م وبعد ذلك تعرض العالم الإسلامي للغزو الغربي المباشر، ثم كانت حملة نابليون أول علائم المرحلة الجديدة في تاريخ المنطقة سنة 1798م / 1213ﻫ ﺛﻢ تمزيق العالم العربي حديثاً والقضاء على وحدته وزرع كيان غريب ﻓﻲ محيطه سنة 1368 ﻫ / 1948م وما ترتب على ذلك من نتائج، فإن العقل التاريخي العربي كان حاضراً بتفاوت ملحوظ.
ولعل هذا ما يُعيد البحث عن جدوى التاريخ وسؤال المعنى والخطاب الذي يصدر عنه، بعد أن أُطلقت الدعوات لاحترام ذلك العلم، وكان منها رسالة السخاوي المدونة "الإعلان بالتوبيخ عن ذم التاريخ"(14).
وليس آخرها تلك الشكوى التي كان يبثها مؤرخ معاصر لحملة نابليون بونابرت على مصر والشام، وهو عبد الرحمن الجبرتي حين قال: "ﻟﻢ تزل الأمم الماضية من حين أوجد الله هذا النوع تعتني بتدوينه سلفاً عن سلف وخلفاً بعد خلف، ﺇﻟﻰ أن نبذه أهل عصرنا وأغفلوه وتركوه وأهملوه وعدّوه من شغل البطالين وأساطير الأولين"(15).
تلك الشكوى تجد من يؤيدها اليوم وسط المؤرخين العرب، فـ "بيار الجميِّل" يحمل على المؤرخين العرب ممارستهم لفعل التأريخ، حيث يجد أنهم ﻓﻲ غالبيتهم العظمى ﻟﻢ يخرجوا عن الوصف والسرد من مراجع عادية، ونقل الأحداث من كتب ومصادر دون أي معالجات، ويرى الجميل أن ثمةَ مناهج متطورةً ﻓﻲ العلوم التاريخية تجهلها أقسام التاريخ ويعلن أنه لا يوجد اليوم لا محقبون للتاريخ ولا فلاسفة تاريخ.
ويرى أن ثمةَ فرقاً بين من يكتب التاريخ ومن يؤرخ الماضي، وثمة فرق بين مّنْ يُدَوَّنُ الأحداث ويركَّب الوقائع وبين مَنْ يُحَلَّل التاريخ. وهناك فرق بين من يتشرنق ﻓﻲ إطار الماضي ويعيش ﻓﻲ طياته ويأمل بأن يجد العدد الغفير من المؤرخين العرب المعاصرين وسيلة أخرى للعيش والتكسب غير التي يكتبون بها التاريخ"(16).
لقد تعامل العقل العربي مع ما أشير إليه نماذج معاصرة، وتباين هذا التعامل بشكل واضح من حدثٍ لآخر فجاء خطاب التاريخ ملتبساً ومأزوماً من حيث غاياته ومقاصده، بعيداً عن الحياد والتعليل مما ساعد على إيجادِ وعيٍ تاريخيٍ، ومعرفةٍ تاريخية أقلَّ ما توصفُ به أنها جاءت أحياناً في الماضي البعيد غير مستوعبة.
أولى تلكَ الأحداث هو احتلالُ القدس عام 492ﻫ / 1098م، والشاهد على ذلك الحدث مؤرخ عربي هو أبو الحسن علي الشيباني المعروف بابن الأثير(ت 630ﻫ / 1232م) فقد جاء على ذكر أحداث احتلال الفرنج للقدس كحدث عارض ﻓﻲ أحداث تلك السنة، ذاكراً حصار المدينة الذي استمر نيفاً وأربعين يوماً وذاكراً سلوك الغزاة بما فيه من تقتيل ودمار فذكر أنهم "قتلوا ما يزيد على سبعين ألفاً من المسلمين".
أغرقَ ابنُ الأثير ﻓﻲ وصف مشاهد النهب للخيرات والثروات ﻓﻲ نصه، وذهب للقول:"وأخذ الفرنج من عند الفجر، نيفاً وأربعين منديلاً من الفضة وزن كل منديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم وأخذوا تنوراً من فضة وزنه أربعون رطلاً بالشامي، وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين نقرة ومن الذهب نيفاً وعشرين قنديلاً وغنموا منه ما لا يقع بإحصاء...وورد المستنفرون من الشام ﺇﻟﻰ بغداد فأوردوا ﻓﻲ الديوان كلاماً أبكى العيون وأوجع العيون واستغاثوا وبكوا وأبكوا وذكروا ما دهم المسلمين فتمكن الإفرنج من البلاد.."(17).
أما المؤرخ ابن الجوزي ﻓﻲ كتابه المنتظم فيقول: "وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام ﺇﻟﻰ العراق مستغيثين إلى الخليفة والسلطان فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم وتباكوا وقد نظم أبو سعد الهروي كلاماً قرئ ﻓﻲ الديوان وعلى المنابر فارتفع بكاء الناس وندب الخليفة الفقهاء ﺇﻟﻰ الخروج ﺇﻟﻰ البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد فما خرج إلا ابن عقيل وواحد من أعيان الفقهاء فساروا ﻓﻲ الناس فلم يفد ذلك شيئاً فإنا لله وإليه راجعون"(18). ولا يضيف ابن خلدون الذي قدم نفسه على أنه صاحب نهج جديد في الكتابة التاريخية عن هذا الحد، فلم يزد شيئاً على تلك الأوصاف التي قدمها سابقوه. ولم يخرج التعامل مع هذا الحدث تاريخيّاً عن هذه الصورة الوصفية(19).
ﻓﻲ سنة 656ﻫ / 1258م، وقف المشهد التاريخي العربي أمام واقعة تاريخية كبرى، مثلها اجتياح المغول لمدينة بغداد، ويعبر المؤرخ ابن كثير عن ذلك بالقول: إنه أحجم عن كتابة الحدث مدة تزيد على ستة أشهر ويقول: "واستهلت هذه السنة وجنود التتار قد نازلت بغداد صحبة الأميرين اللذين على مقدمة عساكر سلطان التتار، هولاكو خان، وجاءت إليهم إمدادات صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة وبميرته وهداياه وتحفه وكل ذلك خوفاً على نفسه -صاحب الموصل– من التتار ومصانعة لهم قبحهم الله... وأحاط التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال حتى أصيبت جارية الخليفة التي كانت ترقص بين يديه فانزعج الخليفة من ذلك..."(20).
لم يعالج المؤرخون العرب والمسلمون التاريخ العربي الإسلامي وتلك الحادثة بتعليل الأسباب، بقدر ما كانوا يمارسون فعل الإدانة وتوجيه اللوم لارتكاب نوع من الخيانة التي أسفرت عن مآلات خطيرة. يقول ابن كثير مديناً سلوك الوزير العباسي ابن العلقمي: "وذلك كله من آراء الوزير الرافضي وذلك أنه كان في السنة الماضية 655هـ/ 1257م بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت نهباً الكرخ ومحلة الرافضة.. فاشتد حنقه على ذلك فكان هذا مما أهاجه.. على أن ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد إلى هذه الأزمان.."(21).
حين اتجهت قوات التحالف الغربي من جنوب العراق سيراً نحو بغداد أعيد استدعاء هذه الواقعة التاريخية فظهر في الخطاب التاريخي المعاصر أنه ثمة أحفاد لابن العلقمي حتى اليوم وهذا إسقاط تاريخي واضح.
يقدم المؤرخ محمد بن علي بن طباطبا الشهير بابن الطقطقا الذي عاصر أحداث الغزو المغولي، صورة مخالفة لطبيعة الدور الذي لعبه ابن العلقمي ويظهر المسؤولية في النتيجة التي آلت إليها الأمور بقوله: والمستعصم هو آخر خلفاء الدولة العباسية، ولم يجد في أيامه شيء يؤثر سوى نهب الكرخ وبئس الأثر ذلك... وفي أواخر أيامه قويت الأراجيف بوصول عسكر المغول صحبة السلطان هولاكو، فلم يحرك ذلك منه عزماً ولا أحدث عنده همّاً وكان كلما سمع عن السلطان هولاكو من الاحتياط والاستعداد شيء ظهر من الخليفة نقيضه التفريط والإهمال.. وكان وزيره ابن العلقمي يكاتبه بالتحذير والتنبيه ويشير عليه بالتيقظ والاستعداد وهو لا يـزداد إلا نفولاً، وكان خواصه يوهمونه أنه ليس في هذا كبير خطر ولا هناك محذور وأن الـوزير إنما يعظـم هذا لينفق سوقه ولتبرز إليه الأموال لينجد العساكر فيقتطع منها لنفسه … وما زالت غفلة الخليفة تنتمي ويقظة الجانب الآخر تتضاعف.."(22).
في أثناء الزحف التحالفي على بغداد ثارت عاصفة من الرمال، وحينها جرى تذكر رواية ابن الطقطقا: "وفي يوم الخميس رابع محرم سنة 656هـ ثارت غبرة عظيمة شرقي بغداد على درب بعقوبا بحيث عمت البلد فانزعج الناس من ذلك فانكشفت الغبرة عن عساكر السلطان وخيوله وقد أحاط ببغداد من جميع جهاتها(23).
وإعادة رواية ابن الطقطقا حول الموقف من الغازي السؤال عن مدى شرعية الموقف الذي اُّتِخذَ حيال المقاومة أو عدمها لاحتلال بغداد إذ روى ما يلي: "ولما فتح السلطان هولاكو بغداد سنة ست وخمسين وستمائة أمر أن يُستفتى العلماء أيما أفضل: السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟ ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك فلما وقفوا على الفُتيا أحجموا عن الجواب وكان رضي الدين علي بن طاؤوس حاضراً هذا المجلس وكان مقدماً محترماً فلما رأى إحجامهم تناول الفُتيا ووضع خطة بتفضيلِ العادلِ الكافر على المسلمِ الجائرِ فوضع الناس خطوطهم بعده"(24).
لحظة الانبهار
في عام 1213هـ/ 1798م كان المشهد التاريخي العربي يواجه حدثاً مشابهاً لما كان حدث عام 656هـ/ 1258م وما دار بعد ذلك بنحو مرتين عام 2003م. كانت الجيوش قد اندفعت عبر البحر ودخلت الإسكندرية ثم أقامت حكومة أجنبية في القاهرة وامتدت نحو بلاد الشام بحجة تحريرها من استبداد سلاطين الأتراك وإعادة الهيبة للإسلام.
يعتبر الخطاب التاريخي عن الحادثة بأكثر من وجه، فسنة قدوم نابليون عند المؤرخ المعاصر عبد الرحمن الجبرتي هي "أول سنين الملاحم العظيمة، والحوادث الجسيمة والوقائع النازلة والنوازل الهائلة"(25). وقد جرى تدوين أحداثها لدى المؤرخين العرب بصور مختلفة(26) أظهرت أن الخطاب التاريخي عشية الانبهار بقدوم نابليون كان ملتبساً في مدى استيعابه للواقعة وفي تعليلها ووصفها(27).
لقد وضع قدوم نابليون بونابرت المؤرخ العربي في العصر الحديث في حّدٍ فاصل بين موروث الدولة السلطانية والتاريخ العالمي، وإذا كان الجبرتي قد سجل بذاكرته المختزنة الشديدة الملاحظة وذات الوعي السياسي موقف العصبيات المحلية تجاه السياسات الحاكمة والقوى المحلية في المجتمع القاهري- فإن النص المقارن لدى مؤرخي إقليم "عربستان بلاد الشام" حسب مصطلحات ذلك العصر يُساعد أيضاً في فهم طبيعة المنافسات بين القوى المحلية المتحكمة في إقليم الشام ومنها: (الشهابيون في جبل لبنان، أبناء ظاهر العمر في فلسطين، وأحمد باشا الجزار في دمشق وعكا)(28).
لقد أدى الغزو الخارجي أو الاحتلال فعلاً مؤخراً لسؤال وخز في التدوين التاريخ العربي على مدار عصوره، وجاءت أحداث السنوات التي سبقت منتصف القرن العشرين وما تلاها من أحداث مهمة كان على رأسها سنة "النكبة 1948م" لتكون مجالاً للفحص والسؤال حول شكل الخطاب التاريخي ومضمون الأزمنة الحديثة. قيل: إن سنة النكبة هي السؤال الماثل في الخطاب العربي بعامة والتاريخي بخاصة. ولكن ذلك السؤال لم يواجه بإجابات واضحة.
طوال القرن العشرين، وقبل ذلك بكثير، كانت كل واقعة هزيمة صغرت أم كبرت تُعْزَى إلى الخيانة، وكان العقل الثقافي والفعل التاريخي هما الأكثر ترويجاً لهذه المقولة المريحة، وظل العقل السياسي العربي والأدبي والقومي والتاريخي مطمئناً إلى هذا المخرج مخرج الخيانة لتبرير الواقع(29).
وظل تفسير نتائج النوازل بالخيانة هو التعبير الأوحد، وذلك مع استثناءات قليلة جدّاً لم يكن هدفها التحليل والكشف عن أسئلة المسؤولية(30).
في القريب من التاريخ العربي المعاصر النكبة وسلب فلسطين، وكذا الحال بالنسبة لبغداد في التاسع من نيسان 2003م، فيما العقل العربي كان آنذاك بين مصدق ومكذب، كانت السقوط بسهولة وبكلفة لا تستحق الذكر، وكان الثمن البشري الذي دفعه الغزاة وما بذله المجاهدون ضد ذلك سواء قبل نصف قرن أو قبل عامين لا يتناسب إطلاقاً مع جسامة اللحظة التاريخية أو النازلة الكبرى. لم يجرِ تعليل أو تحليل لنتائج ما جرى ولم تُثر أسئلة بارزة حول العوامل المؤدية للهزيمة وأسبابها من قبل العقل التاريخي -وربما كان الأدب أفضل– (راجع مثلاً، الجري إلى الهزيمة لفيصل حوراني) كانت هناك حملة على الخيانة لكن لم يكن هناك أضواء كاشفة.
تجربة النكبة
عُرف قسطنطين زريق باحثاً في التاريخ العربي ومفكراً قومياً، تجلت في نتاجه الفكري الروح العلمية الرصينة والحرص على تحري جوهر القضايا لا ظواهرها. وهو أحد أبرز رواد التفكير النقدي البَنَّاء، ونهجه في النقد يتجه أولاً نحو نقد الذات باعتبار أن ذلك شرطٌ لازم للإصلاح والتقدم، وقد جعل للماضي العربي النصيب الأكبر في اهتمامه إلى جانب اشتغاله بالمستقبل.
يُجَسَّدُ زريق حالة تستحق التوقف عند تفحص الخطاب التاريخي العربي المعاصر، فحب الرجل للماضي العربي واعتكافه على دراسته دراسة عميقة وتحقيق نصوصه، لم يَحُلْ دون دعوته إلى ضرورة تخطي ذاك الماضي، دون أن يؤدي هذا التجاوز إلى نسيانه، فعاش بين دراسة الماضي وهاجس المستقبل شاهداً ومحللاً وناقداً متفاعلاً. وبين الماضي والمستقبل عاصر زريق تجربة الحاضر.
التاريخ عند زريق هو مجال ضرورة ملحة، يراه بقوله: وفي هذا الواقع يُطلّ علينا التاريخ من نوافذ متعددة... ومادمنا نعود إليه مختارين أو غير مختارين واعين أو غير واعين، وما دمنا نستلهمه ونستوصيه، فمن الخير لنا أن تكون عودتنا أصيلة متبصرة(31).
يرى زريق أن النكبات والنوازل الكبرى وعهودها في التاريخ الإنساني كانت دائماً حافزة إلى التفكر في الماضي، ومثيرة إلى الاهتمام في تفسير الماضي وتعليله. ولعل سنة النكبة 1948م التي مثلت أقسى هزيمة مُنيت بها الأمة العربية في تاريخها الحديث، مثلت سبباً مهماً لديه لضرورة أن يأتي على التحليل وبيان الأسباب التي أدت إليها بروح المؤرخ المعلل لا السياسي.
كانت الهزيمة العربية سنة 1948م سبباً لأن تجعل زريق أول المستجيبين لتأريخها فوضع كتابه الشهير "معنى النكبة"(32)، الذي انطلق فيه من موقعه الذي اختاره، وهو موقع المؤرخ المختص في التاريخ وحسب، ومن ثم يوسع دائرة البحث ويتعمق في التحليل. فكانت نقطة البداية لديه التمعن في التاريخ من حيث هو المحتوى، وفي عملية الاستعادة التي تسعى إلى عرض التاريخ من أجل إحيائه، والحصيلة النهائية هي الثقافة التاريخية(33).
في مجمل كتبه ومقالاته التي تناولها حول النكبة، في كتابه الأول "معنى النكبة" الصادر عام 1948م ثم في المقال الذي سبق النكسة بعام والصادر بعنوان "عِلم النكبة"(34) والذي تطور عقب النكبة لكتاب ثانٍ فحمل عنوانا في "معنى النكبة مجدداً"(35)، عالج الرجل القضية من مختلف زواياها، فكتب عن هول المصائب ومعنى الضياع وأسبابه، وسبل الحد من نتائجه، وطرق الخروج من نَفّقِهِ المظلم.
كان هاجس زريق الذي عاصر النكبة منذ قرار التقسيم عام 1947م حين كان سفيراً لبلاده في واشنطن، وحتى بعد قيام النكبة هو تأكيد أهمية ضرورة منع قيام الدولة اليهودية(36)، وعندما أصبح للمحتل دولة وأمراً واقعاً حذر من نتائج ذلك، وبَيَّنَ ما سيترتب على قيام دولته من أخطار وتوقع بعضها(37)، وحاول أن يحدد الإجراءات العاجلة لمعالجة تلك النكبة والحد منها.
وبعد نحو عقدين من النكبة الأولى، طالب -أي بعد النكسة- بضرورة المشاركة الشعبية والتعبئة، وحاول معالجة ضعف الحافز النضالي نتيجة اهتزاز فكرة الوطن والارتباط بالأرض(38).
لقد وضعت أفكار قسطنطين زريق ومعالجاته المؤرخ العربي في حالة جديدة غير تلك التي اعتادها الخطاب التاريخي إبان النكبات والهزائم، وهو ما جعله يُمثل حالة جديدة في الخطاب التاريخ العربي المعاصر.
النموذج القريب
في التاسع من نيسان 2003م دخلت قوات أجنبية مدينة بغداد التي ظلت توصف أنها عاصمة الدولة العربية الثالثة في تاريخ المسلمين بعد وفاة الرسول، وقد ترك ذلك الحدث آثاراً واضحة على المؤرخين العرب الذين تتباين مواقفهم حول هذا الحدث من حيث التدوين والتعليل.
يعتقد المؤرخ عبد الكريم غرايبه أن ثمة هزيمة حلت، وأن المشكلة في هذه الأزمة التي حدثت ناتجة لأسباب، أولها: إقصاء الزعماء العرب لدور المثقف، وهو يرى أن هذه مشكلة عامة لدى كل الزعماء الذين قادوا حركة التحرر وعَادُوا المثقفين.
واحتلال بغداد في نظر غرايبه كارثة كبرى، لكن الكارثة الأكبر في رأيه هي وجود أشخاص غير أسوياء على رأس السلطة. وهو يرى أن ثمة مشكلة أخرى تضاف إلى تلك تتمثل في دور القوى المعارضة، ويتساءل: هل المعارضة يجب أن تكون عميلة، وهل العمالة هي الوسيلة الوحيدة لمقاومة حكم الفرد؟ وهو يستشهد بأمثلة على ذلك(لوثر، كالفن، لينين) ولكن غرايبة يدعو إلى تمثل الهزيمة ويرى أن من أسباب الفشل العربي عدم قراءتنا لحجم النوازل الكبرى ونسيانها ويتخذ من المثال العربي نموذجاً في ذلك، ففي سنة 1359م هزم الجيش العثماني القوات الصربية في معركة "قوصوه"، ولا يزال الصرب يحتفلون بهذه الهزيمة بعد 500 عام، ذلك لأن وقع الهزيمة على الذات أكبر من وقع النصر(39).
أما المؤرخ نقولا زيادة فيقول: أنا أتعامل مع حدث التاسع من نيسان المتمثل في سقوط بغداد من موقع المراقبة المتألم كعربي بما آل إليه الأمر، لكنني وأنا أقبل تهمتك إياي كمؤرخ لا أستطيع أن أرى الأمر من الناحية التاريخية فقط. لأنني لا أملك المعطيات الكافية.
ويرى زيادة أن ثمة دوراً للعوامل الخارجية في ذلك السقوط المدوي، ويقول: "كنت أذكر أمام أصدقائي من المعنيين بالقضية العراقية أن إيران تتدخل في شؤون العراق فلا تسمح له أن يتطور وينحو ولا هي قادرة على امتلاكه، كان كثيرون لا يقبلون رأيي واتهمني أحدهم بأن شعوري القومي العربي يحملني على تصور خطر من جَارِ تُتْبَعُ الدولة فيه مذهب التشيُّع والنطق بالفارسية. كنت أعرف من تاريخ البلدين منذ أيام آشور وما بعدها أن المنطقة الجبلية لا يمكنها أن تترك أرض الرافدين الفتية وشأنها.."(40).
أما المؤرخ العربي عبد العزيز الدوري فيرى الحدث بأسبابه البعيدة عن ذلك، هو تحليل لواقع العراق من الأحداث الكبرى. ودفعه نحو الأزمات دوماً، فقبل الحرب العالمية الأولى حسب قول الدوري كانت صفقة خط حديد برلين – بغداد سبباً في جلب الاحتلال الأجنبي، والآن يعرف الجميع أطماع القوى الغربية في المنطقة الشرقية من العراق ومشاريعها الاقتصادية عبر بحر قزوين.
فالعراق ظل على طريق الهند يمثل المحطة الأهم بالنسبة للعرب وحتى اليوم. إلى جانب هذه الأسباب ثمة عوامل داخلية أثيرت منها الأثنية. ويؤكد الدوري أن الاتجاه إلى تمزيق وحدة العراق لا يمكن له أن ينجح، وأنه ما جرى يمكن أن يشكل حافزا للنهوض في المستقبل.
الحدث التاريخي الذي مر به العراق ويمر اليوم ليس عادياً في نظر الدوري فهو تحدٍّ بأقوى درجاته وما رافق الاحتلال من تدمير ونهب هي دلالة على هوية الغازي المحتل، وفيما يخص أثر ذلك على الخطاب التاريخي يرى الدوري أن مثل هذا الحدث وإن لم يكتب بعد إلا أنه واضح كل الوضوح في أسبابه ومبرراته ومستوى النتائج التي يقود إليها(41).
أما المؤرخ محمد عيسى صالحية، فيرى أن للعامل الاقتصادي دوراً كبيراً في أسباب ما حدث للعراق منذ أيام التتار وحتى اليوم وسقوط بغداد برأيه يجب ألاًّ يخرج عن هذا السبب. فالتقارير تشير إلى حاجة الولايات المتحدة خلال العقدين المقبلين جعلتها تتدخل في المنطقة بأبشع الصور وهذا العامل هو من أهم دوافع الاحتلال. وأما العوامل الأخرى فهي عوامل مساعدة وهي تثار باسم مكافحة الإرهاب والحريات.
يقرأ "صالحية" الحدث في سياقه العالمي ويربطه بما جرى في أفغانستان، ويتوقف عند الموقف الإيراني من ذلك، ويستعرض حيطة الأدوار الإقليمية.
يقول صالحية: المؤرخ اليوم قادر على أن يحلل ويعطي رؤيا للأحداث، ويفسر مآل الواقع في الوقت نفسه يحاول أن يبتعد عن التأويل والزعم.
فهو يرى أن هناك مؤشرات على حدث منذ تاريخ 11/7/ 1990م عندما قدم ريتشارد ميرني في جامعة اكسترا تقريره الذي ضمنه أربعة سيناريوهات للتدخل الأمريكي في المنطقة، ثلاثة سقطت، ونجح الآخر "أن يقوم العراق باجتياح الكويت"، وقد أدى ذلك المخطط نتائجه التي أوصلت الواقع العربي الراهن الصعب(42).
أما المؤرخ "علي محافظة" فيرى أن احتلال العراق اليوم هو حلقة من سلسلة طويلة لمحاولات الغرب للسيطرة على المنطقة وذلك لأهميتها الإستراتيجية ولاستقلال خيراتها، وقد بدأ الغرب هذه السلسلة من المحاولات والأحداث منذ مطلع العصور الحديثة فالغزو الأسباني والبرتغالي للمغرب الغربي ثم غزو شواطئ الجزيرة العربية الجنوبية الشرقية- لم يتم إلا بضمان الهيمنة على الطريق المؤدية إلى الهند، ثم جاء الإنجليز والفرنسيون، ومنذ الحرب العالمية الثانية أصبحت أمريكا القائد الأول لتلك المطامع.
وما قيام دولة محتلة في فلسطين وبدعم من الغرب إلا حلقة من حلقات ذلك الصراع. وقد وفرت أحداث "سبتمبر" ذريعة جيدة إلى التدخل في المنطقة.
صحيح أن ثمة أسباباً داخلية على رأسها فشل قيام الدولة العربية النموذج، وبناء مؤسسات حُكْم رشيدة، وغياب المشاركة الشعبية والعجز التضامني، إلا أن كل هذه عوامل لا تعد مباشرة بقدر ما تعد مساندة إذا ما توفر عامل خارجي كما حدث بالنسبة للحالة العراقية.
ويضيف محافظة: "لقد عملت في الفترة الأخيرة على القضية العربية في الوثائق الفرنسية من عام 1944-1965م وهذه الوثائق تتضمن محاضر اجتماعات ومخاطبات مع الرؤساء ووزراء الخارجية، وكلها تدور حول كيفية إضعاف العرب والحيلولة دون الوحدة وحماية إسرائيل"(43)، وفي رأيه فإن هذا كافٍ لاستنتاج ما يحدث اليوم.
أما المؤرخ السعودي عبد الله العثيميين، فيرى في انهيار الحكم السابق في العراق وسقوط بغداد الكبير أنه احتجاج بالتحرير من أجل احتلال أكبر وأفضل الثروات. ويقول العثيميين: "لقد عبرت عن ألَمَي للحدث الذي عايشناه –السقوط- وقد دخل البريطانيون عام 1890م جنوب العراق بحجة تحريره، وبعد زهاء ثمانين عاماً دخلها الأمريكان مع الإنجليز بالحجة نفسها...ليس من شك أن كارثة حلّتْ وأن الاحتلال الذي حدث لا يقره أي تشريع أو قانون عادل"(44).
أما أستاذ التاريخ الحديث في جامعة القاهرة محمد عفيفي، فهو يرى أن كتابة ما حدث من زاوية تاريخية ليس له إلا أن يربط الأمر بمشروع هيمنة حقيقي لا يزال مستمرّاً...وأن ممارسة فعل التدوين اليوم لهذا الحدث هي نوع من الواجب التاريخي، لكن لا يمكن مقارنة الحاضر بما كان يمارسه الجبرتي إبان حملة نابليون على مصر فالظروف مختلفة. لقد عاش الجبرتي القصة بأكملها وسَبَرَهَا، أما نحن فلا يكفينا أن نمارس الندب والتحسر على ما جرى لأم المدن بل يجب أن نتحدث عن المسؤوليات التي أدت إلى ذلك، وأفضت إليه.
ويحدد عفيفي عدة أسس لصياغة خطاب التاريخ تجاهَ حَدَثِ التاسعِ من نيسان 2003م ومن هذه الأسس:
1- ضرورة ربط الحدث بالممهدات والمسوغات التي قادت إليه
2- دراسة النتائج ببعدها الثقافي والاجتماعي
3- بحث الحدث وتاريخه يجب ألا يكون بمعزل عن النظام الدولي وحركيته.
4- كتابة وتدوين ما هو ماثل وراء فعل الاحتلال أو السقوط(45).
ولم يذهب أستاذ التاريخ العربي الحديث في جامعة عين شمس عبد العظيم رمضان، دون الإدانة لحكم العراق ونظامه السابق ويرى فيه "مَجلبة للضرر أكثر من أي غزو أجنبي، وهو يرى أن الخطاب التاريخي العربي مهتز ومملوء بالتناقضات ومعدوم الحرية من الداخل والخارج، وفي مثل هذا المشهد، فإن الحاجة في رأيه تبدو ماسة للمؤرخ الذي يستطيع أن يحدد ما ينتمي للزيف وما ينتمي للحقيقة"(46).
ويرى أستاذ التاريخ الحديث في جامعة النجاح الوطنية في نابلس نظام عباسي، أن سقوط بغداد يمثل سقوطا للفكر القومي العربي وفكرته بشكل مُدَوًّ في تاريخنا المعاصر، كما أنه يعبر عن سقوط للخط القيادي الفردي في ذلك الفكر، كما يرى فيه سقوطاً نفسياً لأحلام الأمة التي كان من الممكن لها أن تتبلور إلى حقائق، ويعتبر أن ما جرى هو نتيجة للحكم الفردي، الذي لا يمكن له أن يصمد في الزمن الإمبراطوري الأمريكي الذي يمارس الفردية على طريقته ومن أجل مصالحه، ويعد عباسي ما حدث انتكاسةً كبرى، يجب تدوين أسبابها والاتعاظ منها بشكل يماثل حجمه المهول(47).
خلاصة، شكلانية الخطاب
الخطاب إنجاز في الزمان والمكان، وقد جاء الخطاب التاريخي العربي تجاه ما حدث ابعد ما يكون عن المبالغة في الوصف، والابتهال أو مجرد الندب، واقترب قليلا نحو التعليل والتفسير، لكنه لم يحدد المسؤوليات بدقة، كما أنه اتجه نحو العلمية وممارسة النقد وابتعد عن الخطابية، واستطاع أن يمارس النقد، وبدا قريبا من الواقعية أكثر من الخيال، كما أنه مدرك لأهميته كمطلب من أجل أن نَعِيَ الحاضر والمستقبل، عبر الماضي وصوره.
***************
الهوامش:
*) باحث وأكاديمي من الأردن.
[1]. طريف الخالدي، فكرة التاريخ عند العرب، من الكتاب ﺇﻟﻰ المقدمة، دار النهار، ترجمة حسن زينة، بيروت، 1997م، ص15.
2. ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، المقدمة، دار الكتب العلمية، بيروت، ص12.
3. قسطنطين زريق، نحن والتاريخ، دار العلم للملايين، بيروت، ط6، 1985م، ص232.
4. راجع تحليل الخطاب التاريخي، دراسة لمنهجية ابن خلدون، دار الفارابي، ط3، 1985م، ص66.
5. ﻫ. أ. مارّو، من المعرفة التاريخية، ترجمة جمال بدران، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1971م، ص43.
6. المصدر نفسه، ص7.
7. المصدر نفسه، ص42.
8. جوزف هورس، قيمة التاريخ، ترجمة نسيم نصير، منشورات عويدات، بيروت، ط3، 1989م، ص116-117.
9. كارل ماركس، الإيدلوجيا الألمانية، دار الفارابي، ط1، ص39.
10. انظر: عبد الله العروي، مفهوم الإيدلوجيا، ط3، دار التنوير، ص60.
11. انظر: محمد قادري، العرب وسؤال التاريخ، مجلة الفيصل، الرياض، العدد 306، ص14-18.
12.راجع: حسن حنفي، تحليل الخطاب، بحث منشور في كتاب: تحليل الخطاب العربي المعاصر، منشورات جامعة فيلادلفيا، المؤتمر العلمي الثالث، تحرير غسان عبدالخالق، مراجعة صالح أبو إصبع، ط1، 1998م، ص25.
13. انظر على سبيل المثال دراسة جمال جودة المعنونة بالمؤرخين العرب وأحداث الفتنة، رسالة دكتوراه، الجامعة الأردنية، بإشراف عبدالعزيز الدوري، ...
14. السخاوي، شمس الدين بن محمد(ت:902هـ)الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، تحقيق فرانز روزنثال، ترجمة صالح العلي، دار الكتب المصرية نسخة مصورة، بيروت.
15. راجع عبد الرحمن الجبرني، تاريخ عجائب الأخبار ﻓﻲ التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت، ج1، ص9-10.
16. يناقض الجميل نفسه في هذا الرأي كثيراً، انظر: نص حوار منشور معه في موقع: www.alitijahalkhar.com
17. ابن الأثير، أبو الحسن علي بن ﺃﺑﻲ بكر (ت: 630 ﻫ / 1232 م)، الكامل ﻓﻲ التاريخ، دار الكتب العلمية، بيروت، مجلد 9، ص18.
18. ابن الجوزي، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي(ت:597هـ) المنتظم ﻓﻲ أخبار البشر، دار صادر، بيروت.
19 ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد(ت:808هـ/1405م)، تاريخ ابن خلدون، بيت الأفكار الدولية، باعتناء أبو صهيب الكرمي، عمان ص1241.
20. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، 1977م، ج3، ص200.
21. المصدر نفسه، ج12، ص201.
22 ابن الطقطقا، محمد بن علي بن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، دار صادر، بيروت، ص334.
23 المصدر نفسه، ص336.
24 المصدر نفسه، ص17.
25 الجبرتي، عبد الرحمن بن حسن، تاريخ، ج2، ص179.
26 وضاح شرارة، المسألة التاريخية في الفكر العربي، معهد الإنماء العربي، لبنان، 1977م.
27 حول النصوص المرتبطة بحملة نابليون على مصر والشام انظر: محمد عدنان البخيت ومهند مبيضين وحسين القهوتي، قبسات من نصوص الأدبيات المعاصرة للحملة الفرنسية على بلاد الشام، مجلة الندوة، المجلد 10، العدد 3، شعبان 1420هـ/ تشرين ثاني 1999م، ص66.
28 المصدر نفسه، ص67-68.
29 راجع حسام الخطيب، فلسطين في السؤال التضامني العربي، مجلة بيادر، العدد 2، ربيع 1990، ص16.
30 المصدر نفسه، ص17.
31 زريق، نحن والتاريخ، ص47.
32 قسطنطين زريق، معنى النكبة، بيروت، ط1، 1948م، دار العلم للملايين.
33 برهان الدجاني، حول آراء قسطنطين زريق في القضية الفلسطينية، بحث منشور في دراسات فلسطينية، مجموعة أبحاث، تحرير هشام نشابه، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط1، 1988م، ص2
34 قسطنطين زريق، علم النكبة، مجلة المعرفة، العدد 49، آذار 1966، ص68.
35 قسطنطين زريق، معنى النكبة مجدداً، بيروت، دار العلم للملايين، 1967م.
36 زريق، معنى النكبة، ص11.
37 المصدر نفسه، ص19-20.
38 زريق، معنى النكبة مجدداً، ص41-49.
39. مقابلة بتاريخ، 18/5/2005.
40. قدم زيادة آراءه هذه في رسالة مؤرخة بتاريخ 11/5/2005م.
41.مقابلة بتاريخ، 28/6/2005م.
42. مقابلة بتاريخ، 22/5/2005م.
43.مقابلة بتاريخ، 18/6/2005م.
44. مقابلة بتاريخ، 20/6/2005م.
45. مقابلة بتاريخ، 5/6/2005م.
46. مقابلة بتاريخ، 6/6/2005م.
47. مقابلة بتاريخ، 14/6/2005م.