مستقبل الاستشراق

يستفيضُ الدكتور عصام عيدو (Issam Eido)، الأستاذ الزائر بكليّة اللاهوت في جامعة شيكاغو، في هذا الحوار المطوّل حول قضايا ترتبطُ بشكلٍ أساسيّ بالاستشراق عمومًا، والاستشراق القرآنيّ خصوصًا، خاصّةً بعد اكتشاف مخطوطات برمنغهام للقرآن الكريم، وهو الحدث الذي أثارَ جدلًا على الصعيدين العربيّ والغربيّ، وموقف مناهج الاستشراق القرآنيّ عمومًا من التعاطي مع القرآن وتطوّرها.

ولذلك قمنا بإجراء هذا الحوار العلميّ مع عيدو في ضوء الدعوات المترامية حول “أفول” الاستشراق، وصحّة هذه الدعوات من بطلانها، وهل من مستقبلٍ للاستشراق بشكله الكلاسيكيّ؟ أم أنّ الاستشراق يُعيد بناء ذاته في صيغٍ جديدة؟ وما علاقة ذلك كلّه بمصطلح “الإسلام” و”المسلمين” في أوروبّا وأمريكا اليوم؟ ووضع المسلمين بالتحديد داخل الغرب بما أنّ الغرب، كما صِيغَ استشراقيًّا، راح يُعرَّف بما أنّه مسيحيّ – يهوديّ.

يأتي هذا الحوار في وقتٍ فارقٍ، وفي لحظاتٍ تمسُّ الشّرط الإنسانيّ برمّته في ظلّ هذه الظروف كلّها التي نحياها اليوم. لذا، فإنّ أجوبة عيدو تكون أهمّيتها مضاعفة؛ من ناحيةٍ فهي أجوبة علميّة خالصة ومقتدِرة نظريًّا، ومن ناحية ثانية فهي تمسّ كلّ مَن يهتمّ بحقل “الدراسات الإسلاميّة” غربًا وشرقًا. 

كريم محمد: حينما نتكلّم عن الاستشراق، فنحن بالطبع نتكلّم عن أشياء كثيرة في وقت واحد. وقد كُتب الكثير عن الاستشراق من زوايا عدّة (محبّذة له، وناقدة جذريًّا أيضًا)، وتم تناوله واستقباله في العالم العربيّ والإسلاميّ. لكن ما يثير الانتباه هو أنّ المؤسّسة الاستشراقيّة تطوّر نفسها، بل ربّما تظهر في أسماء أخرى كـ”دراسات الشرق الأوسط”، “دراسات المناطق” .. إلخ، وهو أمر قد لاحظه إدوارد سعيد مثلًا في كتابه “الاستشراق” (١٩٧٨). برأيك، كأستاذ بكليّة اللاهوت بجامعة شيكاغو، وعملتَ مع أهمّ باحثةٍ في الدراسات القرآنيّة، أعني “أنجليكا نويفرت”، كيف ترى محصّلة قرنين من الدراسات الاستشراقيّة عن الإسلام؟ وهل ترى أنّه لا يزال هناك إغراء باقٍ لاستعمال مصطلح “الاستشراق” على ما يُنتج عن الإسلام وعلومه اليوم؟

عصام عيدو: في مقاله “كرون ونهاية الاستشراق”، يشير روبنسون (Chase Robinson) إلى جدلٍ يدور بشكل ملحوظ حول ما يسمّى “نهاية الاستشراق” وعلاقته بأعمال شخصيات محددة أمثال باتريشا كرون. هذه الظاهرة المسمّاة “نهاية الاستشراق” أو الظواهر الأخرى الفرعية المرتبطة بها كتحديدِ “مَن هو المستشرق؟”، برزت إلى العلن في أعقاب تأثيرات كتاب إدوارد سعيد “الاستشراق” وغيره من الكتابات التي انتقدت الاستشراق ومقولاته المتعلّقة بمركزيّة الغرب عمومًا وأوروبا خصوصًا في فهم تاريخ العالم وتأطير التاريخ الأوروبيّ والغربيّ على أنه تاريخ مرتبط بالعقلانيّة والتطور مقابل تاريخ الإسلام وشعوبه المرتبط بفكرة الخلود والجمود.

تحديد “مَن هو المستشرق؟” في الوقت الراهن علامةٌ أساسيّة في ذلك الجدل الدائر بين باحثي الدراسات الإسلامية المسلمين وغير المسلمين. وفي رأيي، يحيل تحديد هويّة المستشرق إلى قضيتين جوهريتين؛ القضية الأولى تشيرُ إلى أيّ فرع في الاستشراق نقصد عندما نقوم بتحديد هويّة المستشرق، وبشكل أدقّ يحيل تحديد هويّة المستشرق إلى ماهيّة المنهج أو المقاربة التي يقوم بها. وبالتالي، فإن تحديد هذه الهوية يتسم أحيانًا بشيء من الضبابيّة؛ نظرًا لأنّ مقاربات الاستشراق المنهجيّة حيال تاريخ الإسلام ودراساته متعدّدة. قرآنيًّا، هل نقصد بالإحالة إلى الاستشراق المقاربة الفيلولوجية التي اشتهر بها المستشرقون الألمان في بداية نقدهم للنص القرآني في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين؟ أم نقصد بذلك المقاربة التي قام بها مستشرقو العقود الأربعة (19301970) في درسهم للنصّ القرآنيّ والسيرة النبويّة التي تمحورت حول فهم شخصّية النبيّ وسلوكياته النفسيّة والسياسيّة والعسكريّة؟ أم نقصد بذلك تلك المقاربة التشكيكيّة أو التنقيحيّة أو المراجعة التي قدمها منهج جون وانسبرو ومتبعي خطاه أمثال باتريشا كرون ومايكل كوك ومَن سار على دربهم فيما بعد كـلوكسمبرغ في دراسته المثيرة للجدل حول الأصول السريانية للنص القرآنيّ؟

يلعبُ تحديد الإحالات دورًا مهمًّا في تحديد مَن هو “المستشرق”؟، لكن في العموم فإنّ جوهر الاستشراق ينطوي على ركيزة أساسيّة، وهي دراسة الإسلام وتاريخه ونصوصه بوصفه موضوعًا، وبالتالي فإنّ هوية المستشرق عمومًا غير إسلاميّة. المثير في الأمر هو أنّ هذه الهويّة بدأت بالانزياح خلال العقدين الفائتين لنشاهد خليطًا من الهويّات -منها إسلاميّة- دخلت في هذا المسعى الاستشراقيّ، وهنا تأتي القضية الثانية التي يمكن التعبير عنها بـ”ضبابيّة الإحالة” والتي تنطوي على هلاميّة الموقف عندما نصف أعمال باحث ما بأنه “استشراق”. فبينما يتمّ الإشادة بهذا الوصف عندما يأتي في سياق مدح مستشرقٍ ما غير مسلم لباحث آخر مسلم أو غير مسلم؛ فإنّه يقابل بنوعٍ من الشك وربما الاستهجان -في أوساط المسلمين خاصةً- عندما يُوصف باحث ما مسلم بأنّه “مستشرق” أو أنّ أعماله ومقاربته “استشراقيّة”. ربما تُفهم هذه الضبابيّة، بشكل أدقّ، عندما نفهم المعالجة المنهجيّة التي تتمّ بها دراسة تاريخ الإسلام ونصوصه على أنه “موضوع”، وبالتالي فإنّ الوصف بالاستشراق هنا يحيل إلى الابتعاد عن الموقف الإيمانيّ للباحث الذي يؤدي إلى التدخّل في نتائجه ومقارباته ودقّته ونقده.

نعم، هناك تحوّلٌ بارز في مكوّنات الدراسة الاستشراقيّة، فبينما نجد أنّ الجهود كانت منصبّة في العقود الفائتة على النصّ القرآنيّ والحديثيّ وعلم الكلام وما يتعلق بذلك من الرجوع إلى تاريخ الإسلام المبكر والتأكيد على الوثائق الماديّة لتاريخ الإسلام والدراسة الدقيقة لتطوّر النصّ وعدم الاعتراف بالتاريخ الذي يكتبه المسلمون عمومًا، وبالتالي عدم الاعتراف بما أنتجه التاريخ الرسميّ (canonical) المتّفق عليه بين المسلمين، نجد في العقد الفائت الذي ابتدأ بأحداث الحادي عشر من سبتمبر انفجارًا هائلًا في فروع الدراسات الإسلاميّة في الغرب تنطوي على طرائف مثيرة للغاية في هذا الحقل يمكن تلخيصها جميعًا بأنّ أغلب ما يُكتب عن الإسلام اليوم ينطلق من دراسات المرأة أو الحقل الأنثربولوجيّ أو العدالة الاجتماعيّة أو الجندر أو المثليّة الجنسيّة التي تنطوي على فروعٍ شتّى ربما يمكن اختصار مقارباتها بالصراطيّة الاجتماعيّة وعدمها أو المعيارية ومقابلها.

أمام هذه التغيُّرات الملحوظة، نجد أنّ إغراء هذا الحقل أصبح كبيرًا بين المسلمين وغيرهم في

الغرب خصوصًا. فبينما يستمرُّ “مؤتمر المؤسّسة الاستشراقيّة الأمريكيّة” -الذي يهتمُّ بالدراسات التقليديّة في حقل الاستشراق، وتاريخه يعود إلى قرنين تقريبًا- بالانعقاد السنويّ مع حضور ضئيل مقابل مؤتمر دراسات الشرق الأوسط ومؤتمر “الأكاديميّة الأمريكيّة للدين” الذي يشهد حضور الآلاف ويُعنى بذلك الطيف الواسع من الدراسات غير التقليديّة. على الجانب الآخر، وبشكل شخصيّ، يمكن القول إنّ الإغراء ما زال موجودًا فيما يتعلّق بما ينتج عن الاستشراق اليوم، خاصّة الاستشراق التقليديّ الذي يحتوي على دراسات جادّة وهزليّة في الوقت نفسه. هذا الإغراء ينبع من الحنين إلى المنهج الفيلولوجيّ المُشاهد حاليًا بين الفئة الشابّة
من باحثي الدراسات الإسلاميّة الذين يمكن وصفهم بأنهم “الفيلولوجيّون الجُدد”، والذين ينشدون الصرامة والدّقّة ونقد الدراسات الهزليّة والسطحيّة التي يقوم بها أقرانُهم عبر دراسة دقيقة للنصّ الإسلاميّ وتأكيد على أهميّة التراث الكلاسيكيّ للمسلمين. في هذا المسعى الفيلولوجي بالذات، نجد أصواتًا إسلاميّة وغير إسلاميّة تريد إعادة المسار إلى الجادّة الصحيحة، والتأكيد على غنى التراث والاشتغال من داخله.

كريم محمد: لعلّ “الاكتشاف” الأخير لمخطوطات برمنغهام حول القرآن الكريم والتي يعود زمن

كتابتها إلى عصر النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- ينقلنا إلى سؤال “الفوضى” الذي تكلّمتَ عنه في مقالٍ لك (تموز، ٢٠١٥) في حقل الدراسات القرآنيّة. فقد وصّفتَ في مقال آخر لك  (الشهر نفسه) التطوّر التاريخيّ للدراسات القرآنيّة -من منهجٍ فيلولوجيّ إلى منهجٍ تأويليّ وحتى المنهج التنقيحيّ، وأشرت إلى أنّ “التنقيحيّة”، كما تجلّت أيّما تجلٍّ في كتاب “الهاجريّة” للباحثة الراحلة مؤخرًا باترشيا كرون وللباحث المشهور مايكل كوك، كمنهج قد “أفلَ”، خاصّةً في ضوء تعرّضه للنقد من قبل الباحثين المستشرقين الآخرين. فهل تكون مخطوطات برمنغهام معولًا أخيرًا في أفول المنهج التنقيحيّ -بما أنّه منهج راح يشكّك في “إسلاميّة” القرآن، وأنّه يعود لما قبل النبيّ محمد نفسه؟ وما هي “الفوضى” التي قد سبّبتها التنقيحيّةُ كمنهجٍ، من وجهة نظرك؟

عصام عيدو: لهذه الاكتشافات لذّة حقيقيّة في مشاهدة تاريخ الاستشراق وتطوّره، فهي على الرغم من أنّها تشير إلى طرائف المسعى الاستشراقيّ وصعوده وهبوطه، إلّا أنّها، في الوقت نفسه، تصلح أن تكون انعطافات مهمّة تساعدنا في فهم حقل الاستشراق وتطوّره. فعلى سبيل المثال -وكما أشرتَ- فقد قصدتُ في مقالة لي ذلك العنوان الذي يعبر عن طرافة المشهد وهو “سباق المخطوطات القرآنيّة“، في هذا السباق يمكن تحليل كثير من الأمور أهمّها ذلك الاهتمام الكبير من المستشرقين -خاصة المؤرّخين- بالتراث الماديّ أو بالوثائق الماديّة للنصّ الإسلاميّ، والذي يعتبر البرهان والركيزة الأساسيّة لقبول أيّ مقولة تاريخيّة.

وبالتالي، فإن دراسات هؤلاء المؤرخين ونتائجهم ارتكزت بشكل كبير على حصيلة الاكتشافات الأركيولوجيّة أو اكتشافات المكتبات التي تصدر بين آنٍ وآخر. هنا نجدُ بشكل واضح أنّ البرهان الأبرز لنقد منهج “التنقيحيّة” كان ذلك التراث الماديّ المكتشف تباعًا. فعلى الرغم من سيل الانتقادات المنهجيّة التي وجهت لكتاب “الهاجريّة”، فإن الكتاب احتفظ بألقهِ فترة لا بأس بها. النقد الأبرز كان تلك الاكتشافات لهذه المخطوطات التي أثبتت ضعف منهج التنقيحيّة الذي يقوم على التشكيك بالتراث الإسلاميّ وبالرواية الإسلاميّة لتاريخ الإسلام ونصوصه.

لكنّ الطريف في المقابل، أن اكتشاف مخطوطة “برمنغهام” دفعت أحد الباحثين الغربيين إلى القول بأنّ القرآن نصٌّ وجد قبل النبيّ، وأن النبيّ وأصحابه أعادوا اكتشافه وقولبته بالطريقة التي تتوافق وأجندتهم السياسيّة والعقديّة. في هذا التحليل الطريف الذي يمكن تسميته بـ”ما بعد التنقيحيّة”، نجد خليطًا عبثيًّا جمع بين أكثر من اتجاه استشراقيّ، لكن عموده يقوم على فكرة التشكيك والعودة إلى الحديث عن أصول القرآن، وهو الجانب الآخر -الذي يُضاف إلى برهان التراث الماديّ- الذي يعتمده كثير من المستشرقين في نقدهم للنصّ القرآنيّ. في هاتين الرّكيزتين المنهجيتين -التراث الماديّ وأصول القرآن السريانيّة والآراميّة والحبشيّة- اللتين ينطلق منهما المنهج الاستشراقيّ عمومًا والتنقيحيّ خصوصًا، يمكن موضعة اكتشاف مخطوطة برمنغهام على أنّها تحدٍ بارزٍ للركيزة الأولى، أما تفكيك الركيزة الثانية فيمكن الحديث عنها

لاحقًا.

وعند حديثنا عن منهج “التنقيحيّة”، لا بدّ أن نلاحظ تلك الفوضى التي سبّبها ذلك المنهج في دراسات الباحثين الغربيين. تكمن هذه الفوضى في فكرة التشكيك بالرواية الإسلاميّة لتاريخ الإسلام ونصوصه. وبالتالي، فإنّ هذا المنهج خلق تشتتًا وعبثيّة في المرتكز التاريخيّ والمصدر الذي يتوجّب على المستشرق الانطلاق منه. هنا نجد انتقائيّة عجيبة من المستشرقين في علاقتهم مع هذه الرواية الإسلاميّة، فيتمّ استحضارها أو تجنّبها وفق الحاجة لتأكيد مقولةٍ ما. على سبيل المثال، رواية الصحابيّ ابن مسعود فيما يخصُّ سورة الفاتحة والمعوذتين وإنكاره مصحفيّتهما يتم استحضارها لإثبات مقولة تتعلّق بأن الفاتحة نصٌّ شعائريٌّ لا ينتمي إلى القرآن الأوّل غير الرسميّ. عمومًا، نتجَ عن هذه الفوضى دراسات طريفة وأحيانًا جادة تتمحور حول أصول الإسلام والحفر في اللغات الأخرى وأدبياتها وآدابها لتعرية النصّ القرآنيّ وإحالته إلى جذوره اليهوديّة أو المسيحيّة.

كريم محمد: إنّ هذا التطوّر في فرعٍ من الاستشراق، أي استشراق الدراسات القرآنيّة، يدلّ على “اجتزاء” (كما قلت أنت سابقًا) يحدث داخل العالم الإسلاميّ في تلقّي تاريخ الدراسات الاستشراقيّة المتعلّقة بالقرآن. وهذا الكلام سيجرّنا، بالطّبع، للحديث حول “النخبة” العربيّة بما أنّها مَن تنقل عن الغرب إلى الدّاخل الإسلاميّ. فهل ترى أنّ هذا الاجتزاء أثّر في تشكيل صورة لا أقول صحيحة، بل على الأقلّ مدركة لأبعاد تطوّر هذه الدراسات القرآنيّة؟ ومن ثمّ، كيف يمكن الخروج من حالة الاجتزاء لحالة أكثر تكامليّةً برأيك كأستاذ عربيّ مسلم ويدرّس في الغرب ويكتبُ باللغتين؟

عصام عيدو: كباحثٍ خاضَ التجربتين الشرقيّة والغربيّة، وسلكَ المنهجين التقليديّ الإسلامي والغربيّ عبر الدراسة والتدريس في كليّات الشريعة والمؤسّسات الدينيّة الشرقيّة، والتدريس والبحث في المؤسّسات الأكاديميّة الغربية، أجد أنّ النقطة الأبرز تكمن في التلقّيات. فهناك اهتمام كبير لدى المنهج التقليديّ الإسلامي بالمعلومة على حساب تحليلها وتفكيكها ومساءلتها عبر أسئلةٍ لا متناهية، وفي المقابل هناك اهتمام واضح لدى المستشرقين بالمقاربات المنهجيّة وأسئلتها اللامتناهية. فبينما يولِّد نصٌّ من سطر واحد في التراث الإسلامي عددًا هائلًا من الأسئلة يمكن أن تنتج نظريّة، نجد هذا النصّ لدى عدد من الباحثين المسلمين المعاصرين نصُّا صامتًا جامدًا يُتلقى في أحسن أحواله على أنه معلومة من التراث الإسلامي تستخدم كبرهان في قضيّة جدليّة. في هذه التلقّيات المتفاوتة، نجد أنّ عددًا كبيرًا -إن لم نقل الجميع- من المستشرقين يتجاهل كتابات المسلمين المعاصرين وتحليلاتهم، وإن أراد استخدامها فهو يستخدمها في معرض إظهار الكفاءة في تعدُّد مصادره ومعرفته الواسعة وقدرته اللغويّة على قراءة النّصوص الكلاسيكيّة والمعاصرة للنّصوص الشرقيّة الإسلاميّة.

في المقابل نجد أنّ كتابات نقد الاستشراق التي تصدر من الباحثين المسلمين في الشرق عمومًا تركّز على الأخطاء في المعلومات في كتابات المستشرقين، ولا تتناول المنهج أو المقاربة التي انطلقَ منها المستشرق. هنا تظهر أهمية كتابات إدوارد سعيد في نقده الاستشراق.

إنّ المشكلة الكبرى في هذه التلقّيات هي أنّها تعكس التحيّزات السياسيّة والدينيّة والثقافيّة الواقعة في الجهتين الشرقيّة والغربيّة، والتي تزايدت بشكل واضح ومطّرد إبّان الثورات العربيّة التي كان من المفترض أن تفتح قنواتٍ هائلةً من تبادُل المعارف والرؤى بين الشرق والغرب، فبات الشرق أكثر انطواءً على شرقيّته والغرب كذلك. كان متوقعًا من الغرب أن يكون وفيًّا لقيم الحريّة والديمقراطيّة التي تأسّست عليها مجتمعاته، لكنّ الغرب بمجمله خذلَ قيمه الأخلاقيّة والفلسفيّة، وأظهرَ أنّ قيمه ليست كونيّة، وبالتالي فهي خارج مدارها الغربيّ، تحكمها المصالحُ ولا تحكمها الفلسفاتُ التي تأسّست عليها.

في هذه المشكلة الكبرى، يبدو أنّ الاجتزاء مُراد، بل وفوق ذلك تحكمه استراتيجيّات تعكس الحالة النفسيّة والثقافيّة في كلٍّ من الجهتين، فلا يتوقع منك وأنت الباحث العربيّ الذي يدرّس في الجامعات الغربيّة أن تكون باحثًا محايدًا؛ فالحياد المعرفيّ هنا سيفهم لدى العموم في ظلّ انقلاب الغرب على قيمه أنّه إعجاب بالغرب ونتاجه المعرفيّ وأنه استلاب ثقافيّ. في ظل هذا التحدي، نجد الكثير من الباحثين الجادّين اختاروا لأنفسهم مسارًا اعتزاليًّا بعيدًا عن الجمهور وبعيدًا عن الاستعراض الخطابيّ والمكتسبات البطوليّة الفارغة، حيث يكتبون وينقدون، ويتابعهم المئات، أو العشرات إن أردنا الدقّة. لكنهم يشتغلون بصمتٍ على أمل مستقبليّ بزوال هذه العوائق الهائلة والتحيُّزات العميقة. 

كريم محمد: في إشارةٍ هامّة، أشارت الباحثة أنجليكا نويفرت في مقالٍ لها تحت عنوان: “هل القرآن جزءٌ من أوروبّا؟” (٢٠١٢) إلى “المجازفة” التي قد تنال أيّ دعوة بجعْل القرآن جزءًا من تاريخ الغرب، حيث تقول نويفرت في كلامٍ مهمّ: ([…] قد يبدو للوهلة الأولى أنّ هذا الجدل خاضع لحسابات سياسيّة مما يجعل التوصّل إلى خلاصة مقنعة أمرًا متعسّرًا. ولكن لا بدّ من الإقرار بادئ ذي بدء بأن هناك نواة تاريخيّة لهذا النقاش من الممكن توصيفها واتخاذ قرار بشأنها: فالأمر يتعلّق بالقرآن الكريم وعلاقته بالكتب المقدّسة للمسيحيّة واليهوديّة. ويفصح كافّة الكتّاب تقريبًا ممنْ قدّموا مراجعة عامة للقرآن الكريم عن نظرة استعلائيّة بصدد شكل القرآن، وعن تهميش لمدلول تطوّره إلى درجة التلميح لاحتمال الاقتباس والتزوير؛ الأمر الذي يؤكد استمرار تأثير التصوّر القديم بأنّ القرآن “نسخة هزيلة للتوراة” لا يقدّم جوهريًّا أيّ شيء جديد). إلى أيّ مدى، بنظرك، يمكن الحديثُ عن أنّ استشراقًا من هذا النوع الذي تتحدّث عنه نويفرت هو بمثابة إزاحة لقلق الغرب الخاصّ تجاه ما هو “إسلاميّ”، ولتصوّر أوروبا مسيحيّة – يهوديّة، ومن ثمّ، فإنّ القرآن

إمّا أنّه “تحريف” للمسيحيّة واليهوديّة، أو هو “لا غربيّ” بكلّ معنى الكلمة؟

عصام عيدو: على الرغم من أنّ مشروع نويفرت هو مشروع علميّ بحت، إلّا أنّه يأتي في إطار ثقافيّ وسياسيّ يتعلّق بإزاحة الجبل الجليديّ الذي يكمن في تصور الغرب اليهوديّ-المسيحيّ عن القرآن. نويفرت كانت محقة عندما أشارت إلى تلك النّواة الأساسيّة التي تلخّص الموقف الراهن والتاريخيّ الغربيّ تجاه القرآن والذي يقوم على تصوّر العلاقة بين القرآن وأصوله المسيحيّة – اليهوديّة. اتخذت نويفرت هذا الموقف السائد لتقديم مشروعها المعرفيّ والذي يقوم على أنّ القرآن نصّ متْلُو ظهرَ في أواخر العصور الكلاسيكيّة. في هذا العنوان، هناك محدّدان أساسيّان، الأول: أنّه نصّ متلو، والتلاوة جزء أساسيّ في فهمه ومعرفته، ولهذا فإنّ الصوت المتجسّد بالتلاوة وليس فقط الكتابة يلعب دورًا أساسيًّا في فهم هذا النص وتاريخه وتكوينه. الثاني: أنّ القرآن نصٌّ يعود إلى أواخر العصور القديمة (late antiquity). في هذه الإحالة التاريخية تكمن قضيّة أساسيّة مهمّة للغاية، تريد نويفرت من خلالها تقديم القرآن على أنّه نصّ أوروبيّ، وليس إسلاميًّا

أو عربيًّا فقط. فمرحلة أواخر العصور القديمة التي تغطّي أربعة قرون ميلاديّة (من القرن الثالث إلى القرن السادس) والتي تندرج في تاريخ أوسع هو تاريخ الألفيّة الميلاديّة الأولى تعد مرحلةً تاريخيّة أساسيّة في فهم الغرب لتاريخهم. اعتمد عددٌ من المؤرخين والمتخصّصين في الدراسات القرآنيّة مقاربةَ النصّ القرآنيّ من
خلال التركيز على حقبة أواخر العصور القديمة كونها حقبةً تعكس مرحلة تاريخيّة مهمّة كتبت عنها كتب السيرة النبويّة وكتب التاريخ الإسلاميّ، وكذلك كتب التاريخ الغربيّ.

من هنا، ترى نويفرت أن التركيز على هذه المرحلة كأساسٍ لدراسة القرآن تاريخيًّا يبيّن، بشكل مهمّ، العلاقات الدينيّة وتطوّر الجدل اللاهوتيّ الحاصل في ذلك الزمان سواء في النصوص الإنجيليّة أو في نصوص القرآن الكريم. وبالتالي، فإنّ القرآن بما هو نصّ إلهيّ ظهرَ في بدايات القرن السادس وخوطب من خلاله مؤمنو ذلك الزمان من يهودِ ونصارى وغيرهم؛ فهو نصٌّ تاريخيٌّ كونيٌّ لا يمكن احتكاره فقط من قبل المسلمين، وإنما يجب أن يكون مصدرًا ثقافيًّا من مصادر الغرب عمومًا وأوروبا خصوصًا، كونه يعكس تطور الجدل اللاهوتيّ في سوره المكيّة والمدنيّة.

وبمنظور غربيّ معرفيّ، فإن فكرة أواخر العصور القديمة تساعد على فهم: كيف أصبحَ الغربُ على ما هو عليه الآن؟ ولماذا تطوّرت العلاقات الكونيّة بالشكل الذي نراه اليوم؟. فمع صدارة الإسلام مؤخرًا في المشهد الأوروبيّ المعاصر، صار هناك حاجة لتوضيح ماهيّة علاقته بتميّز النشأة الأوروبيّة، وفوق ذلك مصادر هويّة أوروبا التقليديّة. إن التركيز على فكرة أواخر العصور القديمة على الرغم من أنها تبرز تطوّر الدين المسيحيّ بشكل خاص؛ إلّا أنّها تعطي سياقًا واضحًا كونيًّا عن نشأة الإسلام من خلال مصادر تاريخيّة متعدّدة لا تقتصر على الإسلاميًّة فحسب، بل تتناول المصادر الأخرى، خاصّة المسيحيّة.

يمكن القول، وبلغة غير تفاؤليّة، إنّ هذا المشروع المعرفيّ لا ينتشر إلا على نطاقٍ ضيّق وبين الباحثين المتخصّصين على رغم السعي الحثيث الملحوظ لجعل هذا المشروع مادةً إعلاميّةً متداولة في الأخبار.

فالتصور السائد بين الغربيين عمومًا ما يزال يدور في فلك مقولاته التاريخيّة التي ترى أنّ الإسلام دينٌ أجنبيّ، وأنّ هويّة الغرب تقوم على ثنائية (يهود – مسيحيّة)، وأنّ القرآن نصٌّ مزوّر، أو اخترعه النبيُّ محمد عبر صِلاته بأهل الكتاب في زمانه. 

كريم محمد: ينقلنا السؤال السابق لسؤال يتعلّق بوضع المسلمين في أوروبا وأمريكا. فالاستشراق الذي يُنتج معارفَ حول الإسلام له بالطبع قول في المسلمين، بما أنّه ينطلقُ من مرجعيّة غربيّة غالبًا. أي إنّ الاستشراق نفسه كما يمثّل الشرق، الإسلام، المسلمين .. إلخ؛ فهو أيضًا أعاد تمثيل الغرب، فيكون الغرب مقولة استشراقيّة أيضًا. وبهذا الصّدد، دعني أستشهدُ بقولةٍ مثيرةٍ لطلال أسد، المنظّر ما بعد الكولونياليّ الشهير، حين يقول في كتابه “تشكّلات العلمانيّ”: (إنّ مشكلة فهم الإسلام في أوروبا هي أساسًا، […]، مسألة كيف يتمّ تصور أوروبا من قبل الأوروبيين) (٢٠٠٣). لذلك، هل ترى أنّ الاستشراق قد ساعد على تصوير المسلمين في الغرب، وإنتاج صورةٍ ما عنهم، مما جعلهم “آخر” الغرب؟ بمعنى آخر، ما العلاقةُ بين الاستشراق و”أخْرنة” المسلمين في الغرب؟

عصام عيدو: نعم، طلال أسد محقٌّ في فهم بنية هذه الدراسات الاستشراقيّة، فهي في ظاهرها تبدو أنّها تدرس المسلمين أو النصّ الإسلاميّ وتاريخه؛ إلا أنّها، وبشكل عميق، وعلى الضفة الأخرى، تصوغ الهويّة الغربيّة عمومًا. ومن هنا، فإن أغلب الدراسات التي كُتبت في الفترة المعاصرة خاصّة في حقل الدراسات الأنثربولوجيّة والجندر والمرأة والعلوم السياسيّة والاستعمار تظهر هذا الشرخ العميق بين الثقافتين. وبالتالي، يتمّ تصوير الإسلام على أنه آخرٌ أو غيرٌ.

بمسحٍ سريعٍ على المكتبات الغربيّة التي تبيع الكتب المتعلّقة بالإسلام، نجد أن هناك حضورًا كبيرًا لثنائيّة الجنس والجهاد. الأمر نفسه ينطبق على ورشات العمل والمنتديات والمؤتمرات والمحاضرات التي تلقى في المؤسّسات الأكاديميّة الغربيّة. في مقابل هذه الثنائية، نجد اهتمامًا واضحًا في الدراسات الغربيّة بالرؤية السلفيّة والصوفيّة للعالَم. هنا يمكن القول إنّ التصوّف الإسلاميّ، خاصة في شقّه المعرفي، وبشكل أعمّ في شقه الطُّرقيّ، أصبح إلى حدٍ ما جزءًا من جسد الثقافة الغربيّة لكن بمنظور يختلف عن التصوّر الموجود في الشرق. في هذا الصدد، نجد اقتباساتٍ هائلةً لكتابات مولانا جلال الدين الرومي في الثقافة الغربيّة، سواء في الأغاني أو في الثقافة العامة. وأصبحت كلمة “صوفي” (Sufi) المستخدَمة كصفةٍ للشخص أو الاتجاه أو الكتابة تفهم في سياق غربيّ ولا تحتاج إلى ترجمة. هل يمكن القول إن التصوف بهذا الثوب الواسع غربيٌّ

وليس آخرَ؟ يمكن الجواب بنعم.

على الجانب الآخر، ينبغي ألّا نتغافلَ عن إسلامٍ محلّيّ أفريقيّ أمريكيّ يقوم على مقولة إنّ الإسلام دينٌ أمريكيّ، وليس دينًا غريبًا عن الأرض الأمريكيّة. وههنا يمكن تعقُّب الكثير من العلامات والرموز والنّصوص والأدبيّات التي تؤكّد على هذا المسار، سواء في الأغاني والموسيقا الأفريقيّة الأمريكيّة كموسيقا البلوز (Blues) أو في كتابات الأفارقة الأمريكيين المسلمين ككتابات أمة الإسلام وتفسيرها للقرآن أو في خطابات مالكوم إكس ولويس فرقان التي تؤكّد على قيم الحريّة والعدالة والمساواة والحقّ في الإسلام.

أياً يكن، فإن هناك شعورًا عامًّا لدى المسلم الغربيّ غير المسيحيّ الأبيض الأنجلو-سكسونيّ المعروف باختصار (WASP) أنه آخر في المجتمع الغربيّ أو في الأكاديميّة الغربيّة.

كريم محمد: مستقبل الاستشراق؟ ربّما هو عنوانٌ ضخمٌ، خاصّة في ظلّ أصوات كثيرة تتكلّم عن أفول الاستشراق واختفائه. لكن ما أبانت عنه مخطوطات برمنغهام هو أنّ الاستشراق لا يزال نشطًا، بل وله مستقبل. كيف ترى هذا المستقبل؟ خاصّة في نطاق اشتغالك القرآنيّ والحديثيّ؟

عصام عيدو: يرتبط هذا السؤال بما نوّهتُ عليه سابقًا عند حديثي في الجواب عن السؤال الثاني عن الركيزتين اللتين يقوم عليهما منهج التنقيحيّة خصوصًا، والاستشراق عمومًا فيما يخصُّ النصّ الإسلاميّ.

يمكن هنا الحديث عن مستقبل الاستشراق فيما يتعلّق بالقرآن والحديث من خلال تفكيك الركيزة الثانية والتي تقوم على أصْلنة النصّ القرآنيّ من خلال ربطه بأصوله السريانيّة والمسيحيّة، وهي ركيزة أساسيّة ترتبط بتاريخ الاستشراق وتطوّراته بدءًا من الترجمات اللاتينيّة للقرآن منذ قرون عديدة إلى يومنا الحالي الذي ما زال يشهد تأكيداً من قبل الباحثين في الدراسات القرآنيّة على هذه الأصول الأجنبيّة للنصّ القرآنيّ وتجنّب الرواية الإسلاميّة والتراث التفسيريّ الكلاسيكيّ الإسلاميّ.

في محاضرته التي أُلقيت في مؤتمر “الأكاديميّة الأمريكيّة للدين” نوفمبر 2015، وبحضور عددٍ كبيٍر من الباحثين في حقل الدراسات القرآنيّة، ألقى سيد حسين نصر كلمةً افتتاحيّةً بمناسبة نشر كتاب “دراسة

القرآن: ترجمة وتفسير جديد” – وهو كتاب من ألفيْ صفحة قام بكتابتها مجموعة من الباحثين الغربيين المتخصّصين في الدراسات القرآنيّة وبإشراف من سيد حسين نصر-، حيث قال سيد حسين نصر، وبلغةٍ واضحة، إنّ عهد الاستشراق الذي يقوم على مركزيّة الغرب عمومًا وأوروبا خصوصًا في فهم للقرآن وتجنُّب التراث التفسيريّ للمسلمين قد انتهى. هذه المقولة التي يتوقع أن تولّد الكثير من الجدل، أُلقيت في مؤتمر يقوم على هامشه أعمال مؤتمر آخر متخصّص في الدراسات القرآنيّة وتتمحور مجمل رؤيته حول أصول القرآن السريانيّة والآراميّة. لكنّ المثير في الأمر هو أنّ المؤتمر الآخر عقد جلسة جمعت بعض المستشرقين للجواب عن عدّة أسئلة تتعلق بتحديد ماهية الدراسات القرآنيّة الغربية وتطوّرها خلال العقدين الأخيرين ومستقبلها. وقد جاء التأكيد من غير واحد ممّن تحدثوا في هذه الجلسة عن نقص الكفاءة لدى الباحث الغربيّ في معرفة اللغة العربية وتراثها وبلاغتها، وأنّ أغلب المترجمين للقرآن لم يتقنوا العربية. وفوق ذلك، أشار عددٌ من الباحثين إلى أهميّة التراث التفسيريّ الكلاسيكيّ الإسلاميّ في معرفة النصّ القرآنيّ؛ الأمر الذي ولّد جدلًا لدى الفئة الثانية ذات الاتجاه التقليديّ الاستشراقيّ التي تصرُّ على تجنُّب هذا التراث، والتي تعيد القرآن إلى أصوله غير العربية.

في ظلّ هذا التطور حديث العهد، فإنّ مستقبل الاستشراق فيما يخصُّ النّصّ القرآنيّ وتاريخ الإسلام سيشهد جدلًا حقيقيًّا بين الاتجاهين: الاتجاه التقليديّ الاستشراقيّ الذي يتجنّب التراث التفسيريّ الكلاسيكيّ،والاتجاه الجديد الذي يرى أنه لا يمكن تفسير النّصّ إلّا من خلال الرواية التقليديّة الرسميّة الداخليّة للمسلمين، وأنّ الأوان قد حان لتقديم رواية رسميّة داخليّة حقيقيّة للقرآن للمجتمع الغربيّ والابتعاد عن التصوّرات التجميليّة أو المشوّهة لهذا النصّ وتفسيره التي يقوم بها الاتجاهُ التقليديّ الاستشراقيّ.

مستقبلًا، ربما ستشهدُ الدراسات القرآنيّة في الغرب جدلًا حول ماهيّة “الرسميّ” أو “التقليديّ” وحدوده، خاصةً أن سيد حسين نصر اعتبرَ أن الرسميّ يعود إلى ما قبل قرنين من الزمان، وبالتالي تجنب الأعمال التفسيريّة التي كُتبت خلال هذين القرنين كأعمال ابن عاشور وسيد قطب والمودوديّ وغيرهم الكثير، لكنّه في الوقت نفسه اعتبر أستاذَه الطبطبائيّ جزءًا من هذا التراث الكلاسيكيّ!.

المصدر: https://iqsaweb.wordpress.com/2017/01/09/futureorientalism/

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك