الخطاب الإصلاحي الجديد: الخلفيات الاستراتيجية والإشكالات النظرية

الخطاب الإصلاحي الجديد: الخلفيات الاستراتيجية والإشكالات النظرية

عبدالله السيد ولد أباه*

يذهب ريتشارد بيرل (أبرز وأشهر رموز تيار المحافظين الجدد الأمريكيين) في كتابه الأخير "نهاية الشرّ" إلى القول أن حلم العالم الآمن الذي تسوده الديمقراطية والقانون في طريقه للتحقق، عن طريق القوة الأمريكية المحررة التي بدأت من البوابة العراقية وستشمل المنطقة التي تشكل استثناء وحيداً في مرحلة اكتمال مسار الحرية(أي المنطقة العربية الإسلامية)(1).

ويعبر بيرل عن توجه استراتيجي هيمن على مراكز صنع الرأي والقرار في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، يتلخص في فكرتين أساسيتين:

أولاهما: أن مصدر العنف والإرهاب ليس اقتصاديا أو سياسيا بل هو في أعماقه ثقافي وفكري، ولذا فإن الحرب على الإرهاب يجب أن تكون حرب أفكار لتمرير القيم الليبرالية التحديثية إلى النسق الإسلامي من خلال تشجيع عملية إصلاح عميقة لهذا الدين على غرار التجربة المسيحية.

ثانيهما: أن مصدر العداء للولايات المتحدة راجع لأسباب داخلية ذات صلة بتركيبة الحقل السياسي في الدول العربية-الإسلامية التي تهيمن عليها حكومات استبدادية، تتهم أمريكا بدعمها ضد شعوبها.

ولذا فإن ضمان مصالح الولايات المتحدة في المنطقة مرهون بتشجيع إصلاحات ديمقراطية حقيقية في العالم العربي-الإسلامي، وهكذا أصبح مطلب الإصلاح الثقافي والسياسي حجر الزاوية في العلاقات الأمريكية مع بلدان "الشرق أوسط الكبير" (حسب التسمية الجديدة)، وانعكس حوار الإصلاح بقوة في الأدبيات السياسات والفكرية العربية-الإسلامية، وفق اتجاهات متباينة، سنشير إلى بعضها.

ولاستكناه مقاربات الإصلاح المطروحة والوقوف على أجندته ورهاناته، يتعين في البدء التنبيه إلى أن هذه المقولة تختلف عن مفهومين آخرين سادا خلال القرن الماضي:

أولهما: مفهوم "التمدن" الذي هيمن على الخطاب النهضوي في حقبته الأولى، ويعني كما في كتابات الطهطاوي وخير الدين التونسي والأفغاني ومحمد عبده منظومة التنوير بما تقوم عليه من قيم التقدم والعقلنة والحرية والتحديث الثقافي والمؤسسي(2)، وثانيهما مفهوم "الثورة" الذي ساد في الأدبيات الأيديولوجية العربية بعد الحرب العالمية الثانية، خصوصاً لدى التيارين القومي واليساري، ويعني القطيعة الراديكالية الشاملة والقلب الجذري لإعادة بناء فكر الأمة وتعديل أوضاعها.

فلئن كانت مقولة الإصلاح تتغذى نظريّاً ومعياريّاً من مرجعية التنوير والتحديث، إلا أنها تبدو أكثر التصاقاً بالظروف العملية والأوضاع المعيشة، والأساس فيها هو معالجة الاختلالات القائمة التي تعوق النهوض، كما أنها تنأى عن الشحنة الراديكالية لمقولة الثورة التي أثبتت التجربة العينية عقمها وطوبائيتها.

ونلمس اليوم انبثاق عدة مقاربات إصلاحية، تتمايز بحسب مرجعياتها ومصادرها، أبرزها ثلاث:

1. المقاربة الأميركية التي طرحت على مراحل، وقدمها الرئيس بوش في مناسبات متتالية قبل أن تتحول إلى مبادرة دولية بعد اعتمادها من مجموعة الدول الثمان الصناعية، وتتأسس هذه المقاربة على خلفية فكرية واستراتيجية مزدوجة سنتعرض لها ببعض التفاصيل.

2. المقاربة العربية التي تتوزع إلى اتجاهين بارزين:

* اتجاه رسمي عبرت عنه وثيقة الإصلاح الصادرة عن قمة تونس (مايو 2004)، وقد تبنت أهدافاً ومبادئ مرجعية تؤطر لمشروع الإصلاح من دون تحديد لآليات وسبل تنفيذه مع ترك هامش واسع للدول في ضبط سقف ووتيرة الإصلاح في ساحاتها الداخلية، مع تأجيل حسم ملف إصلاح النظام الإقليمي العربي إلى القمم القادمة.

* اتجاه شعبي عبرت عنه عدة مبادرات رعتها منظمات المجتمع المدني العربية، وعكسته الوثائق الصادرة عن ندوات متميزة انعقدت في صنعاء والإسكندرية والدوحة وبيروت. ولا تخرج في الإجمال عن مطالب التنظيمات السياسية العربية وشبكات المجتمع الأهلي في الإصلاح السياسي والمؤسسي الشامل.

3. المقاربة الفكرية الساعية لتأطير مشروع الإصلاح بالتركيز على الإصلاح الديني والثقافي. ويتعلق الأمر هنا بديناميكية فكرية واسعة، وغير منسقة، عبّرت عنها كتابات عديدة صدرت في السنة المنصرمة لأقلام عربية وغير عربية، تتمحور في عمومها حول المعوقات الفكرية والثقافية للإصلاح، وسبل تجديد وإصلاح الدين، سواء من داخل أرضيته ومرجعيته الواسعة أو من خارجها(3).

ونكتفي بالإشارة هنا إلى أن هذا الخطاب، وإن كان يترجم ما لمسه الجميع من قطيعة خطيرة بين المسلمين وباقي العالم، تقتضي مراجعة بعض مصادرات وأحكام المنظومة التراثية والثقافية الإسلامية المشتركة، إلا أنه لا يزال يتأرجح بين السقف التأويلي المنخفض والقطيعة الراديكالية التي تخرج عن منظومة الإصلاح.

وسنتناول في هذا الحيز خطاب الإصلاح واستراتيجياته، بالوقوف عند المقاربة الأمريكية والإشكالات التي تطرحها على مستوى الفكر العربي، مركزين على البعد المتصل بالإصلاح السياسي الذي يبدو أنه يستأثر هذه الأيام باهتمام الدوائر الفكرية والاستراتيجية وتنظيمات المجتمع الأهلي.

وقد برزت المقاربة الأمريكية منذ الأيام الأولى التي تلت تفجيرات 11 سبتمبر 2001، إثر انبثاق شعور قوي بضرورة "تطبيع" وضع الإسلام والمسلمين في العالم، بالانطلاق من إشكال حاد يحتاج للجواب هو: لماذا يكاد ينفرد العالم الإسلامي بالاستبداد السياسي ولماذا يحمل الإرهاب الدموي العنيف مسحة إسلامية؟

وإذ استثنينا الكتابات الصدامية العدوانية التي ذهبت إلى رمي جوهر الدين الإسلامي بالعنف والتعصب(4)، لاحظنا بوضوح تشكل مدرستين غدا لكل منهما نفوذ في دوائر صنع القرار:

· مدرسة ترى أن المدخل الديني والفكري هو المدخل الضروري لإصلاح أوضاع المنطقة وتهيئة الأرضية الملائمة للتعددية الديمقراطية وقيم التسامح والسلم.

· مدرسة ترى أن المدخل السياسي هو الأنجع والأكثر مردودية، بما يخلقه من مناخ ليبرالي حر هو الشرط الأساس للإصلاح الفكري والديني.

ولعل أهم من يمثل المدرسة الأولى هو مايكل نوفاك، المفكر والسياسي الأمريكي في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان "الجوع الكوني للحرية" الذي يرى فيه أن التحدي المطروح على الإسلام هو استيعاب قيمة الحرية التي تشكل حسب رأيه جوهر التقليد اليهودي المسيحي.

فالإسلام بتركيزه على سمو الإله وانفصاله عن العالم ينفي حرية الإنسان، ويكرس التصورات القدرية والجبرية، ولا يقيم شأنا للقدرات العقلية التجريبية حسب عبارات نوفاك، الذي يرى أن مسؤولية الولايات المتحدة تتمثل في مساعدة المسلمين على حل هذه الإشكالات المعرفية الابستمولوجية المعقدة المتعلقة بسموّ الإله وحرية الإنسان والحقيقة التي هي خلفية انتهاكات حقوق الإنسان واضطهاد المرأة وشيوع الفقر والتعصب في البلدان الإسلامية(5).

وفي الاتجاه نفسه، يذهب المستشرق البريطاني-الأمريكي برنارد لويس في دراسته الأخيرة التي حملت عنوان "الحرية والعدالة في الشرق الأوسط الحديث"، ويرى لويس في الدراسة المذكورة، أنه إذا كان مفهوم "المساواة" مركزياً في النص والتجربة الإسلاميين، فإن مفهوم الحرية بالمعنى الليبرالي الحديث غائب فيهما. فالإسلام من منظور لويس عمل أكثر من غيره من الديانات على تأكيد مساواة البشر دون تمييز عصبي أو عرقي، على الرغم من الاستثناءات الخاصة بالنساء والعبيد وغير المسلمين(وهي استثناءات مألوفة في السياق التاريخي الوسيط امتدت في الغرب الحديث كما تبين التجربة الأمريكية). في حين أن مفهوم الحرية ظل محصوراً في الدلالة الفقهية القانونية(أي الأحكام المتعلقة بالفرد غير المسترق)، ولذا طرح مشكلاً نظريّاً ومعرفيّاً مع حملة نابليون(1798م).

ولم يتم استيعاب مفهوم الحرية في النسق الثقافي الإسلامي إلا مع كتاب رفاعة الطهطاوي "تخليص الأبريز" الصادر عام 1834م، الذي فسر الحرية بأنها مبدأ العدالة. فالحكم الصالح هو السلطة العادلة التي تساوي بين مواطنيها وتمنحهم حق الاختيار حسب مبدأ الشورى. وبذا وحّد الطهطاوي بين معيار الحرية في دلالته الليبرالية الحديثة ومقولة العدالة في مرجعيتها الإسلامية.

بيد أن لويس يرفض مصادرة الجذور الثقافية للاستبداد الشرق أوسطي في نسخته الراهنة، معتبراً أنه ليس امتداداً لتجربة تاريخية إسلامية، بل هو ظاهرة حديثة مرتبطة باللحظة المعاصرة وبالتأثير الأوروبي.

فالنموذج الكلياني الشرق أوسطي المعاصر تشكل على مرحلتين: مرحلة أولى بدأت بحملة نابليون وامتدت طيلة القرن العشرين، واتسمت بالمحاولات الإصلاحية التي قام بها حكام الدول الكبرى في المنطقة (سلاطين تركيا وباشوات وخديوات مصر وشاهات إيران)، من أجل تدارك الأمم الغربية المتطورة، وقد انتهت تلك الإصلاحات إلى تحديث البنيات البيروقراطية والعسكرية دون تحديث سياسي، فأفضت إلى مد السلطات الحاكمة بأدوات هيمنة وقمع ورقابة لم تكن موجودة، كما قضت على هوامش الحرية المتاحة سابقا للمجتمع الأهلي الذي انهار أثر الخطوات التحديثية.

مرحلة ثانية بدأت في الأربعينات، وتمثلت في اعتماد الأيديولوجيا القومية الصاعدة للنماذج السائدة في أوروبا، و وصلت أحزاب وتشكيلات سياسية في العديد من البلدان العربية، ممارسة أنواع القمع والإقصاء.

من هذا المنظور، يركز لويس في تتبعه لعوائق الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط على ثلاث عوائق هي النموذج الاستبدادي المستند للشرعية القومية، وغياب مفهوم المواطنة في النسق التراثي الإسلامي، وسيطرة المجموعات الأصولية على الشارع الإسلامي(6).

ولقد انتقلت هذه الأفكار من الحيز الفلسفي النظري إلى الحقل السياسي والاستراتيجي، بتبني العديد من مراكز الرأي هذا التوجه لتشجيع الإصلاح الديني والثقافي في العالم الإسلامي.

ومن أبرز المشاريع المقدمة في هذا السياق، تقرير "إعادة تفسير مبادئ الإسلام للقرن الحادي والعشرين"، الصادر عن معهد السلام الأمريكي عام 2004. والمعروف أن هذا المعهد مؤسسة فيدرالية تابعة للكونغرس أنيطت به مهمة تشجيع منع الصراعات الدولية وإدارتها وإيجاد الحلول السلمية لها.

ويخلص التقرير الذي حظي باهتمام الإدارة الأمريكية إلى بضع نتائج أساسية هي:

· لا مجال للاختيار بين الإسلام والحداثة، أو الإسلام والديمقراطية، فلإعادة تفسير الإسلام للقرن الحادي والعشرين لا بد من إحياء ممارسة الاجتهاد.

· لقد توقفت ممارسة الاجتهاد منذ خمسمائة عام، والحاجة ماسة اليوم إلى تفسير معاصر.

· يجب أن تركز الاجتهادات المعاصرة على وضع المرأة والعلاقات بين الطوائف الإسلامية والعلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، ودور المسلمين في المجتمعات غير الإسلامية والنظريات الاقتصادية الإسلامية.

· ليس الاجتهاد محصوراً في التخصصات الدينية، بل يجب أن يشمل المعارف الحديثة، كما ينبغي فتحه أمام ذوي الخيال الإبداعي.

· تعاني ممارسة الاجتهاد من قيود المؤسسات الدينية وقمع الحكومات، مما يعوق نجاح المصالحة بين الإسلام والحداثة.

· لعلماء الإسلام فرصة استثنائية لقيادة عملية الاجتهاد لما يتمتعون به من حرية الفكر الإبداعي(7).

وإذا كانت أطروحة نوفاك – لويس المتمحورة حول غياب مفهوم "الحرية" في الإسلام هشة نظريّاً وتنم عن تحامل جلي، إلا أن فكرة إحياء الاجتهاد ودفع الإصلاح الديني في الإسلام تتجاوب مع طموح متنام وضروري لدى علماء الإسلام ومفكريه.

فلا مندوحة من الإقرار أن ثقافة التطرف والكراهية قد نفذت إلى قلب نسقنا العقدي والفكري، وغدت تشكل عقدة عصية تحتاج للمعالجة الجريئة العاجلة.

فلماذا يقدم بعض شبابنا، وأغلبهم من المتعلمين، وذوي التكوين التربوي الحديث، والملمين بالتقنيات الجديدة الراهنة على استخدام أجسادهم وتقديم أرواحهم في معارك خاسرة، لا تتوفر لها المشروعية الأخلاقية ولا الدينية، فيما تجر على أمتهم الخسران والهوان؟

قد تكون الإجابة السهلة هي تفسير الظواهر بعوامل اجتماعية سياسية، كثيراً ما نسمعها من قبيل الإحباط المولّد للتطرف، والشعور بالظلم المفضي للعداونية، والتهميش المؤدي للثورة العمياء(8).

بيد أن هذه العوامل لا تفسر خصوصية الظاهرة من حيث مرجعيتها الدينية الزائفة ولا مناص من الإقرار بحقيقة وجود ثقافة للكراهية والعنف، لها غطاؤها المعرفي وهياكلها المؤسسية وأطرها التعبوية، نحسّها بجلاء من حولنا، في بعض المنابر، ومن داخل بعض قاعات الدرس وعبر بعض الشاشات والإذاعات.

ولا نتحدث ضرورة عن أممية للتطرف والإرهاب(حسب التصور الأمريكي السائد)، وإنما نعني في حقيقة الأمر مناخاً لثقافات معينة، متنوع المكونات، مشتت المصادر، لا ينتمي في ذاته من حيث منتجيه إلى الظاهرة الإرهابية، وإن كان يوفر له أدواتها النظرية والتعبوية.

ومن أبرز تجليات هذه الثقافة الخطاب التكفيري التبديعي، الذي يضيق ذرعاً بالتنوع الثقافي والعقدي، بل والمذهبي والطائفي في الغالب، ولا يرى في المخالفة سوى خروجاً عن الملّة، وليس بمقدوره التعامل مع الديانات وأنماط الاعتقاد المغايرة، خارج بعض المقاييس الفقهية الموروثة، التي تعكس فهماً وتأويلاً محدوداً للنص، يحمل بصمات تجربة تاريخية معينة، بدل الاستناد للمقاصد الثابتة في الدين، وفي مقدمتها نبذ الإكراه وتأكيد كرامة الإنسان، وإقامة قيم التسامح والتعارف والتضامن بين بني البشر.

فالآراء والتأويلات التي كانت مألوفة في عصور الإسلام الوسيطة، غدت من المحرمات التي يكفر بها المسلم، وكتب الفلاسفة التي كانت تدافع عن كونية المعقول اليوناني، غابت عن المناهج التربوية في المدارس الشرعية، على الرغم أنها كانت تشكل جزءاً أساسيّاً منها. والحوار العقدي والفكري الخصب والجريء الذي طبع عصور ازدهار الدولة الإسلامية، أصبح مشبوهاً مرفوضاً. ومن هذه التجليات أيضاً الاحتفاء بثقافة الموت، ونبذ قيم الحياة، واعتبار أنعمها ومتعها مذمومة منفصلة عن الصراط المستقيم.

فلا مجال إذن لإنكار وجود خلفية ثقافية لحركية الإرهاب الراهنة التي تغطت بالشعار الإسلامي، كما لا مجال لإنكار تعاطف اتجاه واسع في الشارع العربي – الإسلامي معها، لأسباب لها صلة بنمط الثقافة الدينية السائدة(التي لا تتماهى بداهة مع النص الديني ذاته).

ولذا فإن الإصلاح الديني والثقافي حاجة موضوعية لا غبار عليها، حتى ولو كان لا بد من التأكيد على أنه مسؤولية حضارية وفكرية داخلية، تنحصر مشروعيته ونجاعته في المجال التداولي الإسلامي بحسب آليات اشتغاله ومقاصده وثوابته، ولا يمكن أن يكون مجال تدخل خارجي. وفي هذا السياق، يتعين وضع مطلب إصلاح الدين وتجديده ضمن منظور ثلاثي، معمق وثري حول منطلقات الإصلاح وأجندته:

· العلاقة بالمدونة الأصولية الموروثة من حيث هي الشبكة التأويلية لاستكناه النص وقراءته: ما هو الثابت فيها والمتغير؟ وهل لا تزال كلها صالحة وملزمة بالنسبة للمسلم المعاصر؟

· العلاقة بعلوم التأويل الراهنة التي فسحت المجال أمام أنماط جديدة من المناهج وأدوات التحليل والنظر من شأنها توسيع آفاقنا الدلالية.

· مقتضيات الكونية الجديدة المتولدة عن حركية الحداثة ذاتها، التي وصلت مستوى تحققها الأعلى في دينامية العولمة الراهنة، باعتبار واجب الأمة في تأدية دورها كاملاً في صياغة هذه الكونية، بدل الانكفاء، الذي يترجم عقدة التميز والإقصاء، لا المشاركة الفاعلة المسؤولة.

أما المدرسة الثانية التي تعطي الأولوية للإصلاح السياسي، فقد ارتبطت بتيار المحافظين الجدد المقربين من الإدارة الأمريكية الحالية(9).

ولا بد من الإشارة هنا إلى ضرورة التمييز بين هذه المدرسة والاتجاه المحافظ التقليدي الذي يشكل اتجاهاً مألوفاً وقديماً في الساحة السياسية، ويميل في الغالب إلى المسلك الانعزالي من حيث الرؤية الاستراتيجية، ويتبنى المنظومة القيمية المتشبعة بالروحانية البروتستانية.

كما يتعين التمييز بين المحافظين الجدد والنزعة الإنجيلية الأصولية، التي لها أتباع كثر في الولايات المتحدة كما لها حضور فاعل في دائرة القرار.

فما يميز المحافظين الجدد عن المحافظين التقليديين والإنجيليين الأصوليين، هو الانفتاح في الشأن الاجتماعي، وانحدارهم من الأقليات الدينية والقومية، ورفضهم المسلك الانعزالي في العلاقات الدولية.

وهم في الغالب من خريجي جامعات الغرب الأمريكي المعروفة بميولها اليسارية، كما أنهم من التروتسكيين السابقين، الذي تحولوا من الراديكالية الشيوعية إلى الراديكالية اليمينية، من دون أن يتخلوا عن جوهر النزوع الثوري.

ولذا يصدق عليهم قول أحد رموزهم المعروفين، ايرفنج كريتول: "إن المحافظ الجديد هو شخص يساري اعتدى عليه الواقع". وليس من همنا عرض مضامين فكر المحافظين الجدد، وإنما نكتفي إلى الإشارة إلى أن هذا الاتجاه أدى دوراً أساسيّاً في المقاربة الإصلاحية الأمريكية، في ما يخص جانبها السياسي والاستراتيجي.

فالمعروف أن هذا التيار قد روّج، منذ منتصف التسعينيات، لخيار "الدمار الخلاق في الشرق الأوسط" أي مشروع القلب الجذري لأوضاع المنطقة، لتصحيح اختلالاتها الحادة والمتفاقمة، وتأهيلها للديمقراطية والحرية، في مقابل خط المهادنة الذي طبع مسلك الإدارات الأمريكية المتتالية مع الأنظمة القائمة.

ولهذا الغرض، كان مشروع "تحرير العراق" الذي أريد مدخلا لإعادة صياغة الفضاء الشرق أوسطي، من منظور أن قلب النظام الحاكم في بغداد سيؤدي تلقائيا إلى إحداث زلزال نوعي في باقي دول المنطقة، يكون له تأثير مشابه لانهيار جدار برلين في أوروبا الشرقية(10).

ولم يكن الرئيس بوش ليقدم على هذه الخطوة لولا أحداث 11 سبتمبر المأساوية التي قربته عمليا من المحافظين الجدد، وعززت لديه القناعة بأطروحتهم الأيديولوجية المتمثلة في أن حماية مصالح الولايات المتحدة الحيوية في العالم مرهونة بتعميم النموذج الأمريكي الذي يتميز بسموه الروحي وتفوقه القيمي والفكـري(11).

ومن المعروف أن هذا الإيمان بسمو الحضارة الأمريكية وصلاحيتها الكونية الشاملة، يمثل أحد ثوابت الخطاب السياسي الأمريكي، وقد تنبه الكسيس دي توكفيل، في كتابه حول الديمقراطية الأمريكية الصادر عام 1830م إلى هذه الحقيقة، ملاحظاً أن الأمريكيين يشعرون في قرارة أنفسهم بأنهم "الشعب الوحيد المتدين والمتنوّر والحر"، وهو المعنى نفسه الذي عبر عنه مفكر أمريكي معاصر، هو بنجامين بربر بقوله "في كامل تاريخنا احتفظنا بفكرة أمريكا بريئة في مواجهة عالم صعب وفاسد".

ومن منطلق هذا السموّ، وباعتبار هذا الاستثناء الفريد، يتعين على أمريكا حمل رسالة الحرية والفضيلة إلى العالم. وتتضح خطابات الرئيس بوش بهذه المعاني، التي تشكل الخلفية الأيديولوجية لمشروعه الإصلاحي للمنطقة الشرق أوسطية، المتمحور حول كسر طوق الاستبداد وتشجيع الإصلاحات الديمقراطية.

ولضبط سمات هذه المقاربة الثورية، تصريح الرئيس بوش لصحيفة "واشنطن بوست" (12 يناير 2005) "إذا أردتم أن تعرفوا ما أفكر فيه بخصوص السياسة الخارجية، ما عليكم إلا ان تقرأوا كتاب حالة الديمقراطية، إنه كتاب رائع". وقد أعلن الرئيس بوش أنه وزّع العديد من نسخ الكتاب على مستشاريه وبعض أصدقائه من رؤساء الدول. وقد كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شارانسكي(مؤلف الكتاب) استقبل في البيت الأبيض في نوفمبر 2004، وشكل خطابه جوهر البرنامج الانتخابي للرئيس بوش في دورته الرئاسية الجديدة، كما أحالت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إلى الكتاب ذاته في مقابلتها مع الكونغرس عند تعيينها، واعتبرته فتحا في العلاقات الدولية.

والفكرة الأساسية التي يتأسس عليها الكتاب هي اعتبار الإرهاب نتاجاً طبيعياً ومباشراً للاستبداد، وللقضاء المبرم عليه، لا بد من بلورة مشروع عالمي واسع وصارم للقضاء على الديكتاتورية، من خلال إسقاط الأنظمة الأكثر شمولية، والضغط بمختلف الوسائل على بعض الأنظمة الأخرى، واحتضان المعارضات المناوئة للأحكام المستبدة.

ولا يتعلق الأمر بالنسبة لشارانسكي بمجرد اختيار أخلاقي أو أيديولوجي، بل بشرط لا غنى عنه للسلم الدولي.

ويستند شارانسكي في كتابه إلى الدبلوماسي الأمريكي مارك بالمر، الذي أصدر عام 2003 كتابا مثيراً بعنوان "تحطيم الشر الحقيقي"، وضع فيه خطة متكاملة للتخلص من الاستبداد قبل عام 2025، معتبراً أن هذا المشروع ليس مطلوباً فحسب، بل قابل للتحقيق، وبوسائل شتى ليست عنيفة في الغالب.

وبالرجوع إلى تصنيف منظمة بيت الحرية(التي يشرف عليها بالمر نفسه)، يخلص إلى أن 23 من بين دكتاتوريي العالم يوجدون في منطقة الشرق الأوسط، مما يؤهلها لتكون ساحة هذه المعركة "المقدسة" لفرض الحرية وإنهاء الاستبداد.

أما الوسائل التي ينصح باستخدامها فتتراوح بين إنشاء قطاع وزاري لإسقاط المستبدين، وإصدار قانون دولي يعتبر الديكتاتورية جريمة ضد الإنسانية، وإنشاء تحالف دولي واسع لمقاطعة الأنظمة الدكتاتورية والعمل على إسقاطها، ودعم المعارضات الداخلية وحمايتها(12).

والمعروف أن بالمر، الذي كان مقرباً من الرئيس بوش الأب، واضطلع بدور أساسي في الدبلوماسية الأمريكية خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، يمارس تأثيرا واسعا حاليا في دائرة القرار، وينظر إلى كتابه المذكور بصفته دليلاً عملياً للسياسة الخارجية الأمريكية.

ومع أن الإدارة الأمريكية قد قدمت عدة مبادرات لإصلاح المنطقة الشرق أوسطية تمحورت حول الإصلاح السياسي، إلا أن الدوائر الفكرية والاستراتيجية لم تحسم خيارها الإجرائي، ولا يزال الإشكال العصي الذي تطرحه هو: ماهي الصيغة المثلى لدفع التحول الديمقراطي المنشود؟ هل يكون بتشجيع قلب أنظمة الحكم القائمة، وإن كانت حليفة مادامت فاسدة وعاجزة، حتى ولو كان الثمن هو الفوضى الشاملة(التي دعتها وزيرة الخارجية رايس بالفوضى الخلاقة)، أو تشجيع التحول المتدرج الواقعي عن طريق الضغط السياسي والاقتصادي لبناء واجهات سياسية مقبولة داخليا ودوليا تكون خطة نوعية في اتجاه مسلك الديمقراطية الحقيقية؟

ومن الجلي أن مصاعب المخاض العراقي قد حالت دون حسم أي من الخيارين، وهكذا تتأرجح الإدارة الأمريكية بين الخطاب الثوري الحماسي المنادي بنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان ولو بالقوة وبين خطاب واقعي خافت يكتفي بالمطالبة بالإصلاح السياسي دون تعيين مضامينه ولا تحديد سقفه. فلئن كانت إذن المقاربة الأمريكية قد أعدت في مراكز الرأي القريبة من تيار المحافظين الجدد، واتخذت أحيانا في أدبيات هذا التيار سمة عدائية للإسلام والثقافة العربية، فإنها في نسختها الرسمية التي قدمت لمجموعة الثمان لا تتجاوز بنودا خمسة أساسية هي:

· الإصلاح المؤسسي باعتماد الحكم الرشيد.

· توطيد الانفتاح السياسي بإطلاق الحريات الديمقراطية.

· دعم الإصلاحات الليبرالية التي تؤهل الاقتصاد الشرق أوسطي للاندماج في منظومة العولمة.

· تمكين المرأة وإشراكها في مراكز القرار والسلطة.

· بناء وتوطيد مجتمع المعرفة والمعلومات بالاستثمار في التعليم والتقنيات الجديدة.

فالأمر إذن يتعلق بمطالب ومقتضيات صادرة عن المؤسسات والمنظمات الاقتصادية والمالية الدولية، وتعبر دون شك عن حاجيات موضوعية، والاعتراض عليها لا يتجاوز في الغالب التعلل بالانزياح القائم بين الوتيرة الاجتماعية ومطلب الإصلاح الفوري الشامل، أو الانزياح القائم بين المشروعية القيمية للأطروحة الأمريكية وحيز انطباقها العملي في الساحة الدولية(أي ما يعبر عنه باللغة الشائعة بثغرة ازدواجية المعايير).

ومن الواضح أن مشروع الإصلاح الأمريكي وإن حافظ على شحنته الأيديولوجية الثورية، قد تراجع إلى حدود المقاربة الواقعية التي تراعي التوازنات والمصالح الاستراتيجية الحيوية. مما حدا بدانيلا بلتكا نائبة مركز السياسات الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان آنتربرايز(أهم مركز رأي للمحافظين الجدد) في مقالة لها حول آفاق التحول الديمقراطي في العالم العربي إلى القول أن هذه الآفاق الواعدة، لم تكن لتتحقق إلا بفضل الضغط الأمريكي، بيد أنها تلاحظ نمطا من الانفصام بين هذا الالتزام السياسي والأخلاقي الذي تعهد به رأس الإدارة، وبين مسلك الجهاز الدبلوماسي الأمريكي، الذي لا تزال تهيمن عليه مقولات الواقعية البرغماتية، التي تعطي الأولوية لاستقرار الأنظمة الحليفة على مقتضيات الإصلاح السياسي.

وترى الباحثة الأمريكية أن هذا الانفصام تتولد عنه نتيجتان سلبيتان، هما من جهة إضعاف ديناميكية التحول الداخلي، بالتخلي عن الإصلاحيين ومناضلي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن جهة أخرى تقويض الصدقية الأخلاقية للمشروع الأمريكي، بنعته بممارسة إزدواجية المعايير، واستخدام المبادئ المثالية لخدمة المواقف السياسية الآنية(13).

بيد أنه مما لا شك فيه أن المشروع الأمريكي قد ولد ديناميكية فكرية وسياسية واسعة في العالم العربي، على أصعدة عديدة.

إلا أن ما نلاحظه بوضوح هو غياب حوار فكري وسياسي معمق حول مقومات الإصلاح وآلياته، بعد أن أصبح الشعار نفسه مدار إجماع شامل. فالخطاب الإصلاحي السائد يتأرجح بين ثلاثة مواقف، هي: إما اختزال معوقات التحول في الأنظمة السياسية واعتبار الضغط الداخلي والخارجي عليها مدخلا لفرض التغيير المطلوب الذي يشكل حاجة حيوية داخلية ومطلباً شعبيّاً موضوعيّاً، أو اعتبار الإصلاح الديني والثقافي المدخل الأسلم والشرط الأساس للتغيير الجوهري المنشود، أو احتواء مطلب الإصلاح السياسي ضمن المنظور القومي والحضاري الشامل للأمة باعتباره أحد مرتكزات مشروع نهضوي ومجتمعي متكامل لا يتحقق دون وحدة الأمة واستعادة حقوقها المسلوبة.

وما تعكسه هذه المواقف الثلاثة التي لا غبار عليها من حيث المقصد والمسلك، هو غياب حوار فكري معمق وشامل حول مفهوم الإصلاح ذاته وآلياته الإجرائية، باعتبار كونها تقدم إجابات متسرعة وجاهزة على إشكالات عصيّة ومعقدة، تستدعي جهداً تحليليّاً واستشرافيّاً واسعاً(وإن كان عاجلا وملحا).

وسنشير في هذا الحيز إلى بعض الإشكاليـات المحورية التي نراها أساسية في استكـنـاه مقومات الإصلاح وأجندته في الساحة العربية.

أولى الإشكاليات تتعلق بسقف الإصلاح وإطاره: فهل المطلوب هو إحداث تغيير مجتمعي شامل وكامل، يتجاوز مطلب إصلاح نظام الحكم وإطلاق الحريات العامة ليشمل هياكل الدولة وبنياتها المركزية وتركيبة المجتمع المدني وأرضية الاقتصاد والتنمية، أم أن المقصود فقط هو تسيير الانتقال من حالة الانغلاق والاستبداد إلى حالة الديمقراطية والتعددية؟

إن طبيعة الإجابة على هذا السؤال تبنى عليها استراتيجيات التغيير، بحيث تكون أما إستراتيجية نهوض وتحديث وتنوير بإيقاع بطيء ومنظور شمولي واسع وإما استراتيجية تغيير سريعة تنحصر في كتابة دساتير وقوانين وتشكيل أحزاب وتنظيم انتخابات مع المراهنة على قدرة التغيير السياسي على تهيئة الأرضية الملائمة للإصلاح المجتمعي الجذري.

أما ثانية تلك الإشكاليات فتتعلق بعلاقة الإصلاح الوطني الداخلي بالمنظور الإقليمي والقومي، لا من حيث الأبعاد والخيارات الأيدلوجية المحضة، بل من حيث الاعتبارات الموضوعية الحاسمة.

فهل ستشكل الدولة الوطنية التي هي الحقيقة العينية الشرعية الوحيدة الموجودة إطار الإصلاح المنشود بكل هناتها وهشاشتها ومحدوديتها أم أن المقصود هنا هو الدولة القومية التي إن كانت حلماً ومشروعاً عربيّاً ينعقد عليه اجتماع واسع، إلا أن النموذج الذي تقوم عليه(الدولة الأمة ذات السيادة المطلقة) يتعرض لأزمة وجود عميقة من جراء حقائق العولمة التي أفقدت أكبر الكيانات القومية في الغرب جانبا كبيرا من مقومات سيادتها ضمن الفضاء الإمبراطوري الجديد(الذي تحدث عنه الفيلسوفين الإيطالي والأمريكي توي نغري ومايكل هارت في كتابهما المشهور الإمبراطورية).

إن هذا الإشكال يتمفصل مع الأسئلة النظرية والعملية المعقدة التي تطرح اليوم على الديمقراطيات الصناعية المتقدمة التي تبحث عن صيغة جديدة لممارسة الديمقراطية في عصر ما بعد الدولة بعد أن أصبحت القرارات الجوهرية التي تتعلق بمصالح المواطنين تتخذ الدوائر التمثيلية المحلية.

فالديمقراطية العربية الناشئة لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار هذه التحولات الكونية الموضوعية.

أما ثالثة هذه الإشكاليات فتتعلق بعلاقة الدولة بتركيبة المجتمع الأهلي الذي يتعين التمييز داخله بين البنيات والهياكل التقليدية العصبية والطائفية التي لا يزال لها تأثيرها القوي حتى ولو كانت ذاتها متعارضة مع منطق المواطنة بمفهومه الحديث، والأشكال الجنينية للمجتمع المدني المعاصر المتولدة عن الاقتصاد الجديد ونظام قسمة العمل الراهن التي تعاني من أزمة حقيقية من جراء تعثر المشروع التحديثي لدولة الاستقلال من جهة والتداعيات السلبية للعولمة الاقتصادية المالية من جهة أخرى.

فإذا كان من المعروف أن دور الدولة في الأنظمة الديمقراطية هو ضبط صراعات المجتمع المدني ضمن مفهوم المواطنة المشتركة والولاء للأمة، فإن التحدي المطروح على الديمقراطيات العربية الناشئة يتعلق بالقدرة على بناء هذا المفهوم الجديد للدولة في مجتمعات تتأرجح فيها الهياكل المركزية بين الاحتماء بالبنيات الأهلية التقليدية واستخدام الأجهزة البيروقراطية الجديدة لتشديد القبضة على المجتمع وتقويض وحدات المجتمع المدني النشائة.

أما رابعة الإشكاليات فتتعلق بمنزلة الدين داخل أجندة التحول السياسي حيث الصدام قائم بين اتجاه يرى المماهاة بديهية بين الديمقراطية والعلمانية كما تفيد التجارب الغربية، أو اتجاه آخر يرى الإشكال غير مطروح في الساحة الإسلامية التي لم تعرف تحكم المؤسسة الدينية وصراعها مع السلطة السياسية.

بيد أن الإشكاليات تتعقد عندما ندخل في التفصيل: فإذا كانت الدولة الدينية غير موجودة في الإسلام فما هي علاقة الدولة بالدين من حيث المشروعية؟ هل تقتضي هذه المشروعية تحكيم تشريعات وحدود وأحكام فقهية تتعلق بالأمامة أو أن الشرعية فيها منوطة بالأمة من حيث مصالحها وخياراتها؟

من البديهي أن التجارب العلمانية في الغرب تتباين تباينـاً واسعاً بين علمانية أقرب لمناهضة الدين (كما في فرنسا) وعلمانية تحتضن الدين وترى فيه أساس الالتحام الداخلي ومقوماً أساسياً من مقومات المجتمع المدني (الولايات المتحدة، اليونان…)، فمـا هو الخيار المطروح عربيا؟

تلك إشكاليات أربع محورية، نطرحها لأجل حوار فكري عربي حر حول رهانات وأجندة الإصلاح السياسي الشامل الذي يبدو أننا دخلنا متأخرين إلى عصره.

**************

*) كاتب وأكاديمي من موريتانيـا.

(1 Richard Perle, David Froom: An End to Evil, How to win the war of Terror, Randon House 2004 p.279.

2) راجع حول هذا المفهوم أعمال علي أومليل ورضوان السيد وفهمي جدعان ووجيه كوثراني.

3) وقفنا عند أبرز هذه الكتابات في كتابنا عالم بعد 11 سبتمبر 2001 (الدار العربية للعلوم- بيروت 2004/ ص99-134).

4) من أمثال كتابات أوريانا فالاشي وألكسندر دافال:

Oriana Fallaci: La Rage et l' Orgueil Plan 2002.

Alexandre De Valle: Le Totalitarisme Islamiste Face à la Démocratie

5 (Michael Novak: Universal Hunger of Liberty Why the clash of civilizations is not inevitable, Basis Books 2004, pp191-218.

6) Bernard Lewis: Freedom and Justice in the Modern Middle East,Foreign Affairs: May/June 2005.

7) يمكن مراجعة التقرير في موقع المنظمة على شبكة الإنترنت:

Spécial report 125 Ijtihad www. VSIP.org.

8 ) قارن مثلا:

- Gilles Kepel: Jihad Expansion et Declin de l' Islamisme Gallimard 2003 -2eme édition, pp495-526.

- Farhad Khosrokhavar Les nouveaux martyrs d Allah (Flammarion 2003 - 2eme édition/ pp233-327)

9 ) راجع حول هذا التيار:

- Alain Frachon, Daniel Vernet, L Amérique Messianique, Seuil 2004.

10) راجع حول رؤية هذا التيار لقضايا الإسلام والعالم الإسلامي:

- Gilles Kepel: La Révolution Neoconservatrice

Fitna au Cœur de l' Islam, Gallimard 2004/ pp61-98.

11) راجع:

- L. Kaplan, W. Kristol: The War over Iraq Saddam’ s Tyranny and America Mission, Encounter Books 2003, pp79-125.

12) Mark Palmer: Breaking the real Axis of Evil How to oust the World's Last Dictators by 2025.

13) Danielle Pletka: America's Mixed Message on Arab Democracy, Financial Times, June 29,2005.

راجع في نقد هذه الأطروحة: Ed. de Syrtes. 2002. Vincent Geisser: La Nouvelle Islamophobie la Decouverte 2003, pp23-56.a

5 (Michael Novak: Universal Hunger of Liberty Why the clash of civilizations is not inevitable, Basis Books 2004, pp191-218.

6) Bernard Lewis: Freedom and Justice in the Modern Middle East,Foreign Affairs: May/June 2005.

7) يمكن مراجعة التقرير في موقع المنظمة على شبكة الإنترنت:

Spécial report 125 Ijtihad www. VSIP.org.

8 ) قارن مثلا:

- Gilles Kepel: Jihad Expansion et Declin de l' Islamisme Gallimard 2003 -2eme édition, pp495-526.

- Farhad Khosrokhavar Les nouveaux martyrs d Allah (Flammarion 2003 - 2eme édition/ pp233-327)

9 ) راجع حول هذا التيار:

- Alain Frachon, Daniel Vernet, L Amérique Messianique, Seuil 2004.

10) راجع حول رؤية هذا التيار لقضايا الإسلام والعالم الإسلامي:

- Gilles Kepel: La Révolution Neoconservatrice

Fitna au Cœur de l' Islam, Gallimard 2004/ pp61-98.

11) راجع:

- L. Kaplan, W. Kristol: The War over Iraq Saddam’ s Tyranny and America Mission, Encounter Books 2003, pp79-125.

12) Mark Palmer: Breaking the real Axis of Evil How to oust the World's Last Dictators by 2025.

13) Danielle Pletka: America's Mixed Message on Arab Democracy, Financial Times, June 29,2005

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=211

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك