ظاهرة الصراع في الفكر الغربي بين الفردية والجماعية

أبو زيد بن محمد مكي
 

الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فإن من حكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه للإنسان أن جعل فيه صفات تبدو في الظاهر متضادة متناقضة , مثل صفة الحب مع البغض , والخوف مع الرجاء , والاتجاه إلى الواقع مع الاتجاه إلى الخيال , والسلبية مع الإيجابية .. وهذه الصفات إذا أعملها الإنسان في مجالها الصحيح , فإنه لا يحدث بينها أي تضاد أو صراع , بل يكون بينها من التوافق ما يؤدي إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة . 

وإن من أخطر الصفات التي تبدو في الظاهر متضادة متناقضة : إحساس الإنسان بفرديته , وإحساسه بالميل إلى الاجتماع بالآخرين , وقد انقسم الناس تجاهها إلى ثلاثة أقسام : 

القسم الأول : من اهتم بالجانب الفردي على حساب الجانب الجماعي . 

والقسم الثاني : من اهتم بالجانب الجماعي على حساب الجانب الفردي . 

والقسم الثالث : من اعتقد الانفصام بينهما , فحاول التوفيق بمحاولة خاطئة .
 

وإن السبب الحقيقي لهذا الاختلاف يعود إلى عدم فهم حقيقة النفس البشرية , وأنها لن تسعد وتستقيم إلا بالاهتمام بالجانبين المتضادين معاً , وإعطاء كل واحد منهما غذاءه المناسب له , وهذا ما يقدمه الإسلام للإنسان , فإنه كما يغذي الجانب الروحي , يغذي الجانب المادي , وكما يغذي الحب في مجاله , هو يغذي الكره في مجاله , وكما يغذي الخوف فهو يغذي الرجاء , وهنا : كما يغذي الفردية , فهو يغذي الجماعية , ويوفق بينهما توفيقاً يؤدي لصلاح الفرد والمجتمع , بإذن الله تعالى . 

وقد أحببت الكتابة في موضوع الفردية والجماعية عبر المباحث التالية : 

المبحث الأول : المذهب الفردي . 

المبحث الثاني : المذهب الجماعي . 

المبحث الثالث : المذهب التلفيقي . 

المبحث الرابع : المذهب الإسلامي .
 

وقد قسمت كل مبحث إلى مطالب تفصيلية , ثم ختمت المباحث بخاتمة ذكرت فيها أبرز النتائج , سائلاً الله تعالى الإعانة والإخلاص والتوفيق .
 

المبحث الأول : المذهب الفردي 

المطلب الأول : حقيقة المذهب الفردي 

يقصد بالفردية : اهتمام المرء بنفسه , ومحافظته على ذاتيته , واستقلاله وكيانه
(1)

يرى أصحاب المذهب الفردي أن الإنسان فردي النزعة,وأن المجتمع مفروض عليه من خارج نفسه,متحكم فيه بغير إرادته ,ومن ثمَّ فهو مكروه ,وتفتيته وتفكيكه حلال
(2)

يقوم المذهب الفردي على إبراز كيان الفرد حتى يجعله مقدساً , يحرم على المجتمع المساس بحريته , وليس له أن يحرِّج عليه , وليس له أن يقول له : هذا خطأ وهذا صواب 
(3). 

وقد نتج المذهب الفردي في الغرب لعدة أسباب أبرزها:
(4) 

1-ردة فعل للطغيان الكنسي , وفرضه سلطاناً مذلاً على كاهل الناس . 

2-ردة فعل لاستبداد الإقطاعيين بالأفراد , وسلبهم حقوقهم وحرياتهم . 

3-الانقلاب الصناعي الذي حدث في عصر النهضة الأوروبية , والذي أحدث تغيراً كاملاً في صورة المجتمع , وقدم العمال فرادى من الريف , كل منهم يسعى لتحقيق ذاته , ونفع نفسه . 

4-تشجيع الرأس مالية للمذهب الفردي , لقيامه على أساسه , ومدافعته عنه دفاعاً عنيفاً , وكان شعارهم الذي رفعوه : " دعه يعمل . دعه يمر " , أي : دع الفرد يعمل ما يشاء بلا حواجز , دعه يمر بلا عوائق . فكانت دعوة للانطلاق من القيود
(5)

المطلب الثاني : أبرز روَّاد المذهب الفردي : 

يعتبر , كارل روجرز , عالم النفس الأمريكي , رائد هذا المذهب , والذي وجهه إلى ميدان علم النفس والتربية . وهو ينادي بوجوب إتاحة الفرصة للأفراد للعيش في عالم متحرر من ضغوط المجتمع , وليختاروا القيم التي تنبع من داخلهم . فهو يود تحرير الأفراد من القيود المدمِّرة – كما يسميها – التي يفرضها المجتمع عليهم
(6)

1-ويعتبر المذهب الفردي امتداداً لآراء فرويد وآراء مدرسة التحليل النفسي , والذين يزعمون بأن الفرد هو الضحية الدائمة للمجتمع , وأن المجتمع شيء مفروض على الإنسان من خارج كيانه , وضاغط عليه , وكابت لرغباته , ومعوِّق لنموه الأصيل
(7)

2-وتعتبر الرأسمالية في الغرب قائمة على أساس فردية الإنسان , فتوسع له في حدود فرديته , وتترك له حرية التصرف في كثير من الأمر حتى يصل إلى حد إيذاء نفسه وإيذاء الآخرين , تحت ستار الحرية الشخصية
(8)

3-وكذلك يتبنى هذا المذهب علماء النفس الفرديون , والذين ينظرون إلى المجتمع من وجهة نظر الفرد , فيبالغون في تقديره كشخصية مستقلة , لها كيانها المنفصل عن الآخرين , كما يبالغون في الحجر على حق المجتمع في تأديب الفرد الخارج على طاعته
(9)

4-وكذلك ينادي بهذا المذهب:الوجوديون وغيرهم من المنحلين,الذين يقولون بأن المجتمع لا يضره شيء في أن يستمتع الفرد بحريته في شئونه الشخصية,لأنه الفرد هو الأصل,وهو الذي ينبغي أن يتحقق له وجوده الكامل,رضي الآخرون أو غضبوا
(10)

المطلب الثالث : فلسفة التربية الحديثة في المذهب الفردي . 

يرى أصحاب المذهب الفردي أن التربية يجب أن تنطلق من الفرد وتنتهي بالمجتمع , وعليها أن تساعد الأفراد للتحرر من القيود التي فرضها عليهم المجتمع . 

إنهم يرون أن الأفراد يتسترون خلف قناعات زائفة تخفي حقيقتهم الأساسية , هذه القناعات الزائفة هي القيم التي يفرضها المجتمع عليهم , وهم في الواقع يؤمنون بأشياء أخرى غيرها , فلابد إذن أن تساعدهم التربية على إخراج القيم النابعة من داخلهم , وتحطيم القيود المفروضة عليهم من خارجهم , وبذلك يتعامل الأفراد مع بعضهم طبقاً لرغباتهم الفطرية المتحررة من القيود التي نسجتها اتجاهات المجتمع وقيوده
(11)

المطلب الرابع : نقد المذهب الفردي . 

1-أول نقد يوجه للمذهب الفردي أنه اهتم بجانب من الإنسان – بغض النظر عن كيفية الاهتمام – وأهمل جانباً آخر , وبالتالي فلن يتوازن الإنسان , ويكتمل نموه , فهو قد أهمل الجانب الجماعي في الإنسان , وهو حاجة ورغبة ملحة فيه.ففي الإنسان هذه الطبيعة المزدوجة : الميل إلى الفردية , والميل إلى الجماعية,وكلاهما أصيل فيه,فلابد من العناية بهما معاً,وإلا حصل الاضطراب في باطن النفس,وفي واقع الحياة
(12)

2-لقد وسعوا في دائرة الفردية حتى خرجوا بالإنسان إلى الأنانية المرذولة , وساهموا في تفكيك المجتمع , وتشتيت طاقات
(13)

3-اعتبارهم المجتمع مفروض على الفرد خطأ , لأن المجتمع ناشئ من داخل كيان الفرد , ناشئ من رغبته في الاجتماع بالآخرين , ونقصد بالمجتمع : المجتمع الطبيعي الذي ينشأ من تلاقي الأفراد , لا نقصد به المجتمع المنحرف , وهم كذلك لا يقصدونه , وإنما يقصدون أي مجتمع هو مفروض على الفرد , معوِّق لنموه , والصحيح بأنه ما هو إلا تكملة طبيعية للفرد , وامتداد طبيعي يجد فيه الفرد وجوده المتكامل السليم
(14)

4-إن خروج الأفراد على تقاليد المجتمع الصحيحة دون رادع,وتنازل المجتمع عن تقاليده تلك نتيجة الحتمية:انهيار المجتمع بكارثة تصيبه من الداخل أو الخارج,وتؤدي في النهاية إلى حرمان أولئك الأفراد أنفسهم مما كانوا غارقين فيه من المتاع المباح
(15)

5-إن المذهب الفردي ينفي عن الإنسان كل هدف أبعد من هدف المصلحة المباشرة القريبة , وينفي عن الإنسان عنصر التطلع إلى ما هو أبعد من الذات
(16)

المبحث الثاني : المذهب الجماعي . 

المطلب الأول : حقيقة المذهب الجماعي 

يقصد بالجماعية : ميل الإنسان إلى العيش في الجماعة , والتعايش معها
(17)

يرى أصحاب المذهب الجماعي أن الإنسان جماعي النزعة , وأن الواجب على الفرد أن يغمس نفسه في المجتمع , ويفنى فيه من أجل صالح المجموع . 

ويرون أن الوجود المستقل للأفراد عن الجماعة وهم من الأوهام
(18)

ويبالغ أصحاب المذهب الجماعي في إبراز كيان المجتمع حتى يجعلون منه كياناً مقدساً , والفرد لا قداسة له ولا كيان , ولا يحق له أن يملك , ولا يحق له أن يصوغ أفكاره وعقائده وأخلاقه وتقاليده . لا يحق له أن يعترض على عمل المجتمع , أو يصفه بأنه خطأ أو صواب . إنهم في الحقيقة يؤلهون المجتمع , ومن يصنع ما يحلو له , ويجعلون الفرد عبداً خاضعاً له
(19)

وقد قام المذهب الجماعي لعدة أسباب أهمها : 

-1- رد فعل للمذهب الفردي الرأسمالي . 

يقول سيد – رحمه الله - : "إنه جموح جديد ينشأ من رد فعل لجموح قديم , وداء جديد تعالج به البشرية من داء قديم . وتحطيم لخصائص الإنسانية في جانب لإنقاذه تحطم خصائصه الأساسية في جانب آخر"
(20)

-2- ولأنهم يرون أن الذات الإنسانية محدودة بالزمان والمكان , بخلاف الجماعة , وأن الفرد إنما وجد من أجل نفع الجماعة , ولذلك فالقوى الاجتماعية هي التي تشكل الفرد من أوله لآخره , وليس لكيان الفرد الداخلي أي دور
(21)

المطلب الثاني : أبرز روَّاد المذهب الجماعي . 

1-يعتبر هيجل من أول من دعا للمذهب الجماعي , ونادى بأن يكون الأفراد تروساً نافعة في أجهزة المجتمع المعقد , وأن يفنوا فيه من أجل صالح المجموع . 

2-وقد قام ماركس بهذا المذهب بكل قوة , ودعا المجتمع أن يكبت بوحشية الذاتية الفردية بمساعدة الذاتية الجماعية , حتى يثور الإنسان ضد ضميره الأخلاقي , وضد الحقيقة والعدل , وضد رب الوجود
(22)

3-وكذلك يرى هذا المذهب عالم الاجتماع "دوركايم" , ويقول بأن المجتمع قوة قائمة بذاتها, غير نابعة من كيان الأفراد, ومؤثرة في الأفراد بإرادة مستقلة عن إرادتهم 
(23)

4-وقد قامت الشيوعية في الشرق على هذا الأساس , فوسعت في دائرة الجماعة ( الدولة ) , وحجرت على نشاط الأفراد إلاَّ فيما يتعلق بالنشاطات الحسية الغليظة , ومنعت مشاركتهم الفعلية في سياسة الحكم وسياسة المجتمع , وفرضت عليهم النظم بدعوى أنها أعرف منهم بمصالحهم
(24)

المطلب الثالث : فلسفة التربية الحديثة في المذهب الجماعي . 

يرى أصحاب المذهب الجماعي – دوركايم وأمثاله – أن وظيفة التربية هي نقل الثقافة الاجتماعية إلى الفرد الناشئ . فالتربية تبدأ بالمجتمع وتنتهي بالفرد . 

إنهم يرون أن الحياة الحقيقية النافعة تكون بقيام المجتمع وتوثيق روابطه , وبالتالي فالمجتمع يحتل عندهم المكانة الأولى ثم يأتي بعده الفرد , فوظيفة التربية يجب أن تكون منصبة في تطوير الروح الجماعية عند الأفراد . فمحور أهداف التربية في المذهب الجماعي هو المجتمع وليس الفرد .كذلك يرى أصحاب المذهب الجماعي أن مسئولية التربية تقع على الدولة , والتي عليها أن تعد المعلمين والمدارس إعداداً مناسباً للقيام بالوظيفة بالشكل الذي ترغب به الدولة 
(25)

يهتم أصحاب المذهب الجماعي في تربيتهم للأفراد بتقديم معلومات محددة مناسبة للعمل والوظيفة التي يقوم بها أولئك الأفراد . ويهتمون بقضية التعويد على الإذعان والخضوع للسلطة , ويرن أنها من أهم مقومات نجاح الفرد , فالتربية للعمل في المصانع , لا تتطلب عمالاً يناقشون في الصواب والخطأ والحقوق والواجبات . ولذلك فإن علاقة المعلم بتلاميذه , والمدير بمعلميه علاقة تنفيذية , قائمة على السلطة والتعليمات , وإصدار الأوامر , وتنفيذ القرارات , مثل التربية العسكرية التي تجفف إرادة الفرد , وتجعله ينفذ الأوامر دون تساؤل أو تفكير
(26)

المطلب الرابع : نقد المذهب الجماعي 

1-يقوم المذهب الجماعي بالاهتمام بجانب من الإنسان – بغض النظر عن كيفية – وإهمال جانب آخر فيه , وهو الجانب الفردي , وبالتالي يختل كيان الإنسان , ويفقد سعادته
(27)

2-إن معاملة الفرد على أنه حركة لا إرادية في أيدي المجتمع الشديدة إنكار للعلاقة الفردية بين العبد وربه , وهي علاقة فطرية ضرورية للإنسان , لا صلاح للفرد بدونها , والعبد مسئول فرداً يوم القيامة عن أعماله , ولذلك فليس هو ملك للمجتمع يصرفه كيفما يشاء , بل له القدرة والاختيار في أعماله وأقواله
(28)

3-إن اعتبار الجماعة أسمى من الأفراد خطأ, وإنما خلقت الجماعة كقوة تكميلية للأفراد
(29) 

4-إن المذهب الجماعي يقضي على تميز الأفراد , ولا ينشئ إلا مجتمعاً مستضعفاً خانعاً , لأن أفراده أصفاراً لا وجود واقعي لهم , ليس لديهم القدرة على رفع ظلم عن مظلوم , لا بكلمة ولا بفعل , طالما أن المجتمع أراد ذلك.أي:الحاكم والسلطان على الحقيقة
(30)

5-إن الواقع المحسوس يرد على المذهب الجماعي كما يرد على المذهب الفردي وهو أن كل فرد هو في ذات الوقت كائن مستقل , وعضو في جماعة , ولا تكاد توجد لحظة واحدة ولا فكرة ولا عمل يمكن أن يزاوله الفرد بإحدى صفتيه دون الأخرى , وإن بدا في ظاهر الأمر أن هذا مستطاع
(31)

المبحث الثالث : المذهب التلفيقي 

المطلب الأول : حقيقة المذهب التلفيقي 

يراد بالمذهب التلفيقي : المذهب القائم على وجود انفصام بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية عند الإنسان , وعلى وجود صراع بين الفرد والمجتمع , فيلفِّق مذهباً فردياً ولا جماعياً , وإنما مذهباً نفعياً قائماً على استغلال تبادل العلاقة بينهما إلى أقصى حد . 

يرى أصحاب المذهب التلفيقي أن أساس الخطأ عند المذهب الفردي وعند المذهب الجماعي هو الفصل بين الفرد والمجتمع , ووضع مصلحة كل واحد منهما ضد مصلحة الآخر , وأن أياً منهما لا يحقق وجوده إلا بالتغلب على الآخر , فهم يوافقونهم على وجود الانفصام لكن يخالفونهم في طريقة العلاج , فالمعالجة عندهم تكون على وفق ما يحقق المصلحة والمنفعة للجميع
(32) 

المطلب الثاني : أبرز روَّاد المذهب التلفيقي : 

يعتبر جون ديوي من أبرز دعاة هذا المذهب 
(33),فديوي يعتقد بوجود تأثير كبير للبيئة والمجتمع في أفكار الناس ومعتقداتهم وميولهم(34), ويرى في الوقت ذاته أن للفرد قدرة كبيرة في تغيير نظم المجتمع بما يوافق مصلحته . فمذهب ديوي كما هو معروف قائم على النفعية , وقد يسمى بالذرائعية , وهو محارب لكل شئ من شأنه أن يقف أمام الحرية الشخصية , أو يضع العقبات في سبيل التطور الاجتماعي , فهو يشجع كل مسعى يراد به تنظيم الهيئة الاجتماعية من جديد(35)

المطلب الثالث : فلسفة التربية الحديثة في المذهب التلفيقي : 

يرى ديوي أن الفلسفة بإمكانها معالجة انفصام العلاقة بين الفرد والمجتمع . وأن وظيفة التربية تقوم على استغلال تبادل العلاقة بينهما إلى أقصى حد . 

ويرى أن الوسيلة لتحقيق هذا الهدف هو الذكاء الإنساني , المتضمن لقوة الملاحظة التي تمكن الفرد من تحديد المشكلات وتحليلها وتقييمها ثم حلها . 

فيرى أن بالذكاء يمكن للفرد إعادة تقييم المهارات والعادات والتقاليد الاجتماعية , وتقرير النافع منها. 

ويقرر بأن العقل لا ينمو من خلال فرد يطيع المجموع طاعة عمياء , ولا من خلال مجمع يصب الأفراد في قوالب محددة من السلوك ,وإنما ينمو من خلال الحوار وحرية الرأي التي تؤدي إلى إيجاد العقل الاجتماعي. 

ويريد ديوي بالعقل الاجتماعي : المؤسسات الاجتماعية التي تفكر بمصلحة الجميع , وتحسين نوعية الفرد . 

إذن فديوي يرى أن التربية واجب عليها أن لا تقيد الفرد أثناء تعليمه بقيود , بل توفر له الفرصة للتدرب على حل المشكلات , وتعطيه الفرصة ليتعلم بنفسه , ويتفهم آراء الآخرين , ومن هؤلاء الناضجين تتكون المؤسسات الاجتماعية والتي من شأنها أن تضع القرارات والقيود , وتشكل القيم التي توضع بعد ذلك ضوابط للأفراد
(36)

المطلب الرابع : نقد المذهب التلفيقي(37): 

1-يقوم المذهب التلفيقي على اعتقاد انفصام العلاقة بين النزعتين الفردية والجماعية عند الإنسان , وهذا خطأ أيضاً , فكما تقدم أن لكل نزعة دور مهم تقوم به في حياة الإنسان , وأن إعمال كل منهما في مجاله يؤدي لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة . 

2-يعتبر هذا المذهب متناقض مع نفسه , ففي الوقت الذي ينادي بوضع أهداف تربوية متمركزة حول إعداد الفرد , وجعل التلميذ سيِّد نفسه , يضع أهدافاً متمركزة حول المصالح الاقتصادية , ويطالب بتربية الطالب على الخضوع والانقياد لمتطلبات العمل في المؤسسات الصناعية . 

فهو في الوقت الذي يدعو فيه إلى توسيع المعلومات لإعداد الفرد , يطالب بإعطاء الطالب معلومات محددة تعده للوظيفة المناسبة , وفي الوقت الذي يدعو فيه تربية الطالب على التأمل والتفكر , يربيه على الخضوع والإذعان للسلطة ولأصحاب العمل . وفي الوقت الذي يدرب فيه الطالب بأن يخطط مستقبله باستقلال ووعي , يدربونه على كيفية تقبل أي وظيفة تسند إليه . 

ولذلك فقد احتار المربون الأمريكيون في هذه المشكلة , فمنهم من مال إلى أسلوب النعامة أي : دفن الرؤوس في الرمال , وتجاهل هذا التناقض , ومنهم من يرى بأن الحل لذلك أن بانفصال أهداف التربية , فأهداف تربية الفرد منفصلة عن أهداف المجتمع الصناعي . 

3- ينتهي مذهب جون ديوي إلى خدمة المذهب الاقتصادي الرأسمالي فهو في حقيقته تربية ترويضية للناشئة على تقبل النظام الاقتصادي القائم , وتنفيذ سياساته , والدفاع عنه , معدم الانتباه لنقائصه , لأنه صادر عن العقل الاجتماعي , فهو صادر عن حرية الفرد , ولذلك تؤخذ المناهج والنظريات التي تدرس للطلاب عن طريق أصحاب العمل . 

المبحث الرابع : المذهب الإسلامي في الفردية و الجماعية . 

المطلب الأول : حقيقة المذهب الإسلامي في الفردية والجماعية . 

إن سبب اختلاف المذاهب السابقة في الفردية والجماعية يعود إلى اختلاف تصوراتهم عن الطبيعة البشرية
(38)ولقد هدى الله أهل الإسلام إلى الحق في ذلك بما علَّمهم في القرآن , وفي السنة , من بيان لحقيقة النفس البشرية , والطبيعة الآدمية , وأنها مخلوقة من قبضة من الطين,سرت فيها نفخة من روح الله,ولذلك فطبيعتها فيها المتضادات:الطين والروح,والحب والكره , والخوف والرجاء,..,وكذلك الفردية والجماعية(39)

يرى أصحاب المذهب الإسلامي أن الفردية والجماعية من أخطر الخطوط في الطبيعة البشرية , وعليهما – في صورتهما الصحيحة أو المنحرفة – تقوم نظم الحياة كلِّها , صالحها أو فاسدها , وعلاقات الحياة كلها , سويها أو منحرفها , وسلوك الأفراد والجماعات
(40)

وتقوم نظريتهم على أساس الاهتمام بالنزعتين معاً , دون إغفال لإحداهما , أو المبالغة في تقدير واحدة منهما على حساب الأخرى
(41)

يقول محمد قطب : "ففي كل نفس سوية ميل للشعور بالفردية المتميزة , بالكيان الذاتي , وميل مقابل للاندماج في الجماعة والحياة معها وفي داخلها , ومن هذين الميلين معاً تتكون الحياة . ومن ثمَّ لا يكون الإنسان فرداً خالصاً , ولا يكون أيضاً جزءاً منبهماً في كيان المجموع"
(42)

ويقول : "لا تمر على الإنسان لحظة واحدة يكون فيها فرداً خالص الفردية قائماً بذاته . ولا تمر عليه لحظة واحدة يكون جزءاً من القطيع غير متميز الكيان , عملية مستحيلة, غير قابلة للتحقيق . 

في أشد اللحظات فردية يحمل الإنسان في قلبه مشاعر تربطه بالآخرين . 

وفي أشد اللحظات جماعية يحس – بأنه على الأقل – هو الذي ينفذ رغبة الجماعة بذاته , بكيانه الفردي"
(43)

المطلب الثاني : أبرز روَّاد المذهب الإسلامي . 

مما لا شك فيه أن المذهب الإسلامي في الفردية والجماعية قد جاء واضحاً جلياً في القرآن والسنة , وقد تربى عليه جيل الصحابة والتابعين , ومن بعدهم . فقد جاء في القرآن بأن كل إنسان يحاسب على عمله فرداً , وجاء فيه الأمر بالتعاون مع المجتمع على البر والتقوى , وجاء فيه حث الإنسان أن لا يكون إمَّعة , فيسير مع المجتمع كيف سار , بل عليه أن يحسن إذا أحسنوا , ولا يسيء إذا أساءوا , وجاء فيه الحث على السمع والطاعة لولاة الأمر ما لم يأمروا بمعصية , فالسمع والطاعة إنما تكون في حدود الشرع , وهكذا . 

وعندما ظهرت في العصور المتأخرة الرأسمالية متبنية للمذهب الفردي ,وظهرت الشيوعية متبنية المذهب الجماعي , قام مفكروا الإسلام يوضحون موقف الإسلام من الفردية والجماعية , فكان من أوائل من تصدى لهذا الموضوع : سيد قطب رحمه الله في كتابية : الإسلام ومشكلات الحضارة , والسلام العالمي والإسلام . 

ثم تناول محمد قطب–حفظه الله–هذه القضية بشيء من التفصيل في العديد من كتبه مثل:الإنسان بين المادية والإسلام,ودراسات في النفس الإنسانية,ومنهج التربية الإسلامية,وفي النفس والمجتمع,وغيرها من الكتب.ثم تتابع بعد ذلك علماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد ممن يتبنى الإسلام عقيدة ومنهجاً بإيضاح هذه القضية
(44)

المطلب الثالث : فلسفة التربية في المذهب الإسلامي 

يمكننا أن نقول بأن فلسفة التربية في المذهب الإسلامي تقوم على الأسس التالية: الأساس الأول : تغذية الفردية في الإنسان . 

الأساس الثاني : تغذية الجماعية في الإنسان . 

الأساس الثالث : التوفيق بين الفردية والجماعية في الإنسان .
 

الأساس الأول : تغذية الفردية في الإنسان : 

إنَّ الاهتمام بالجانب الفردي في الإنسان , والعناية به , يثمر ثمرات عديدة منها : 

1-عدم تعلق القلب بغير الله تعالى , وإخلاص العبادة له . 

فإن الفرد الذي لا يربي نفسه على الاستغناء عن المخلوقين , والزهد عما في أيديهم من أموال ومناصب ومتع الدنيا , فإن قلبه يتعلق بهم تعلقاً قد يصل به إلى الشرك بالله , وقد يصل به إلى الذلة والمهانة لهم , وقد يناله العذاب منهم من جرَّاء ذلك . 

2-الثبات على دين الله تعالى , والقدرة على مواجهة المصاعب والمشاق . 

إن الفرد الذي ربى جانب الفردية فيه , لديه من الاستعدادات والقدرات ما يجعله يثبت عند المحن والشدائد , بخلاف الذي أسلم قيادة نفسه للجماعة , تفكر له , وتعتني به, فإنه بمجرد انفراده عنها يضيع وينحرف . 

3-مضاعفة النشاط والجهد . 

لأنه يعلم أن المحاسبة على الأعمال يوم القيامة فردية , وأن جهده في الدنيا يحقق مصلحة نفسه , ويحقق ذاتيته . 

4-تحرير العقل والإرادة من اعتداء الآخرين عليهما . 

إن الذي ربى نفسه على أن يفكِّر لها , وينظر فيما يصلحها , ويسير وفق ذلك , بالضوابط الشرعية , فإنه يصعب على الآخرين السيطرة عليه بأهوائهم , ولذلك تجده سرعان ما ينجو من انحرافات الجماعات , ويتحرر من استبداد الطغاة , ويدافع عن نفسه, ويجهر بالحق , ويشارك بالرأي , ولا يسلم نفسه لتقاد بغير شرع الله . 

ولمَّا كان لتنمية الجانب الفردي هذه الفوائد العديدة وغيرها كثير , فقد حرص الإسلام على تغذية هذا الجانب من نواحي متعددة منها : 

1- ربط القلب البشري بالله تعالى
(45)

ويكون ذلك بتعريف الفرد بنعم الله تعالى عليه , وتعريفه بأسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها : سعة علم الله , وسعة قدرته , وعظيم إبداعه , وأن الخير بيده , والشر بيده , والحياة والموت بيده , وأن المخلوقين لا يملكون له نفعاً ولا ضراً , ولا موتاً ولا حياة , وأن المالك لذلك كله هو الله . 

هذا التعلق القلبي بالله , يجعل الشخص يشعر بوجوده المستقل , ويشعر بالقوة النفسية , والتحرر من عبادة العباد . 

2- إشعاره بالمسئولية عن أعماله
(46)

كما قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة ٌ) . وقال تعالى :( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً). (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) . 

فإذا تربى الإنسان على هذا الشعور , فإنه ولا شك سيدفعه للعمل من أجل مصلحة نفسه ونفعها في الدنيا والآخرة , وسيقوم بمحاسبتها ومراقبتها , حتى تحقق له ما يرجو من الأهداف . 

3-دعوته إلى الاعتزاز بنفسه , والبعد بها عن سفاسف الأمور
(47)

قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ). وقال صلى الله عليه وسلم : "لا يحقر أحدكم نفسه" . قالوا : يا رسول الله , وكيف يحقر أحدنا نفسه , قال : يرى أمراً لله عليه فيه مقال , ثم لا يقول فيه , فيقول الله عز وجل له يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشية الناس , فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى" . 

4-تحذيره من متابعة الجماعة دون فهم ووعي
(48)

قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) . 

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمَّعة , تقولون : إن أحسن الناس أحسنا , وإن ظلموا ظلمنا , ولكن وطِّنوا أنفسكم , إن أحسن الناس أن تحسنوا , وإن أساءوا فلا تظلموا " . 

5-حثه على أداء كثير من العبادات بمفرده , وحثه على الإسرار بها: 

مثل : قيام الليل , وصيام النوافل , والصدقات , والنصيحة الفردية لآحاد الناس , وغير ذلك . 

الأساس الثاني : تغذية الجماعية في الإنسان 


إن اهتمام الإنسان بجانب الجماعية له ثمرات عديدة منها(49): 

1-التعاون على البر والتقوى , ومقاومة الظلم والعدوان . 

2-تجديد النشاط والهمة . 

3-اكتشاف عيوب النفس , والقيام بإصلاحها , وخاصة العيوب التي لا تظهر إلا من خلال حياة الإنسان في الجماعة : كالأنانية والكبر , والعجلة والغضب , .. 

4-أداء العبادات التي تتطلب أداؤها وجود الجماعة , كالصلوات المفروضة , والجهاد وغيرهما . 

5-تكامل الطاقات والقدرات , وتحقيق الحاجات النفسية وللمجتمع . 

ولمَّا كان للتربية الجماعية هذه الثمرات , فضلاً عن كون الحاجة للجماعة نزعة فطرية في الإنسان , فقد 


اهتمت التربية الإسلامية بهذا الجانب اهتماماً عظيماً,ومن ذلك(50) : 

1-الربط بين صحة العقيدة وبين حسن الخلق مع المجتمع . 

فجعل الدليل على صحة عقيدة الإنسان حسن الخلق مع المجتمع , وجعل سوء الخلق مع الناس دليلاً على فساد العقيدة . 

قال تعالى :( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ،وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ). فجعل الله من أخص صفات المكذبين بيوم القيامة , ممَّن فسدت عقائدهم : سوء أخلاقهم مع المجتمع , وخاصة ممن لا يرجون من ورائه نفعاً دنيوياً عاجلاً كاليتامى والمساكين . ومعنى ذلك أن من صحت عقيدته في الله وفي اليوم الآخر , فإنه يحسن خلقه مع المجتمع , سواء رأى مردود ثمرته في الدنيا أم لا , لأنه سيجده عند الله تعالى . 

2-وضَّح الإسلام أن المقصود من تشريع العبادات إكساب الناس التقوى . ووضح أن التقوى هي حسن الخلق بقسميه : حسن الخلق مع الخالق , وحسن الخلق مع الناس . 

فمن أدى العبادات , وساء خلقه مع الناس , فإن ذلك يدل على نقص تقواه , وأن عبادته ما أنتجت الثمرة المطلوبة منها . 

ويدل على ذلك قصة المرأة صائمة النهار , قائمة الليل , ولكنها سليطة اللسان تؤذي جاراتها , أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها في النار . 

ويدل على ذلك حديث المفلس , الذي يأتي يوم القيامة بعبادات عظيمة ومتنوعة , ولكنه يأتي بسوء خلق مع المجتمع , فيتقاسم الغرماء حسناته , حتى إذا فنيت حسناته , أخذ من سيئاتهم فوضعت عليه , فطرح في النار . 

3-حث الإسلام على التآخي في الله , وجعل لذلك منزلة رفيعة , وحسنات عظيمة . 

4-حث الإسلام على أداء بعض الشعائر جماعة تأكيداً على الجماعة . 

5-أمر الإسلام بلزوم الجماعة . 

6-حض الإسلام على الشورى . 

7-شرع الإسلام الزواج , ورتب على ذلك الأجور الكثيرة . 

8-حث على السماحة في المعاملة من بيع وشراء ونحو ذلك . 

9-نهى عن كل ما يضر بالمسلم من أقوال أو أعمال كالسخرية والاستهزاء , والكبر والخيلاء , والتناجي . 

10- رتب على الأعمال الخيرية التي يقدمها الفرد للمسلمين أجوراً عظيماً , وفضلها على أداء النوافل من الصلوات . 

الأساس الثالث : التوفيق بين الفردية والجماعية 

هذا التوفيق بين الفردية والجماعية في الإنسان هو من أعظم مميزات التربية الإسلامية عن غيرها من مناهج التربية , ويقوم هذا التوفيق على المبادئ التالية
(51)

1-تأكيد الإسلام على أن العلاقة الفردية التي بين العبد وربه , لابد أن تبرز في الخارج في نظام اجتماعي عادل متحرر من كل أشكال التسلط والقهر . 

2-جعل الإسلام في شرائعه من الأوامر والنواهي ما يحقق التوازن بين الفردية والجماعية , فإذا انضبط المسلم بالشرع حقق فرديته , وخدم مجتمعه , دون تجاوز من أحدهما على الآخر . 

3-بدأ الإسلام في بناء المجتمع من خلال ضمائر الأفراد ووجدانهم , فغرس فيها بذر الحب والرحمة للمؤمنين , وجعل محبتهم من حقيقة الإيمان بالله , ومن الأمور الجالبة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة . 

4-جعل الإسلام العلاقة بين أفراد المجتمع علاقة تكافلية , وأقام السلام على أساس مصلحة الفرد والمجتمع , على خلاف المذاهب الأرضية , فقد جعلت العلاقة بين أفرادها علاقة صراع وتنافس , وأقامت سلامها إما على مصلحة الفرد دون المجتمع,أو العكس . 

5-جعل الإسلام قيماً منظمة لعلاقة الفرد بربه , وقيماً منظمة لعلاقة الفرد بنفسه, وقيماً منظمة لعلاقة الفرد بالآخرين , هذه القيم لو ربى المسلم نفسه عليها لأصبح نموذجاً فريداً , تشرأب الأنظار إليه , ولتكون من هؤلاء الأفراد مجتمعات سوية , ولعادت الأمة الإسلامية إلى مكانتها من القيادة والريادة , ولحلَّ السلام الحقيقي بالعالم أجمع . 

الخاتمـة 

وفيها أبرز النتائج : 

1- من أبرز الصفات في الإنسان التي تبدو في الظاهر متضادة متناقضة : إحساس الإنسان بفرديته , وإحساسه بالميل إلى الاجتماع بالآخرين . 

2- انقسمت المذاهب الفلسفية تجاه الفردية والجماعية إلى ثلاثة أقسام , وكلها ترى أن العلاقة بينهما علاقة صراع وتضاد . 

3- يقوم المذهب الفردي على تقديس الفرد , ويقوم المذهب الجماعي على تقديس المجتمع , ويحاول المذهب التلفيقي الجمع بينهما من ناحية المنفعة , فازداد التناقض والصراع عنده من ناحية التربية , فهو يربيه ليكون فرداً , وفي الوقت ذاته يفرض عليه آراء وقيود أرباب العمل دون قناعة منه بذلك , ويربيه على تقبلها دون تفكير. 

4- يتبنى المذهب الفردي : الرأسمالية , وعلماء النفس الفردي , والوجوديون , وأصحاب المدرسة التحليلية من أتباع فرويد . 

ويتبنى المذهب الجماعي : الشيوعية , ويعتبر هيجل وماركس ودوركايم من أبرز من دعا إليه . 

ويتبنى المذهب التلفيقي : جون ديوي , وينتشر فكره حالياً في أمريكا . 

-5- تنطلق الرؤية الإسلامية لحقيقة الفردية والجماعية من القرآن والسنة , ولذلك ترى أهمية الفردية وأهمية الجماعية , فتربيهما جميعاً في الإنسان بتوازن وشمول وتكامل , فينتج من ذلك الوفاق في داخل الإنسان , وبين الفرد ومجتمعه , ولا يطغى أحدهما على الآخر . 

وصلى الله على محمد وآله وسلَّم .

 


(1)- انظر : شخصية المسلم (12) . 

(2)-انظر : منهج التربية الإسلامية (163) .(3)- انظر : جاهلية القرن العشرين (130) . 

(4)-انظر : المصدر السابق (131 - 136) . (5)- انظر : المصدر السابق (141 - 142) . 

(6)- انظر : أهداف التربية الإسلامية (468) .(7)-انظر : دراسات في النفس الإنسانية(139) . والبحث السابق "مدارس علم النفس : عرض ونقد" . (8)-انظر : منهج التربية الإسلامي(162) (9)-انظر:الإسلام بين المادية والإسلام (111) . (10)- انظر:المصدر السابق (115). 

(11)-انظر:أهداف التربية الإسلامية (468 - 469) .(12)-انظر:منهج التربية الإسلامية 163) . 

(13)-انظر :دراسات في النفس الإنسانية (133) . 

(14)-انظر : دراسات في النفس الإنسانية (139) . والإنسان بين المادية والإسلام (112) . 

(15)-انظر:الإنسان بين المادية والإسلام (120) . (16)- انظر : السلام العالمي والإسلام (104) . 

(17)- انظر : شخصية المسلم (12) . وانظر:علم الأخلاق , ألكسندر تيتارينكو (150 - 152) . 

(18)- انظر : مفهوم إسلامي للتاريخ (68 - 69) . ضمن كتاب " العلوم الطبيعية والاجتماعية من وجهة النظر الإسلامية ". 

(19)-انظر:جاهلية القرن العشرين (131). 

(20)- انظر :الإسلام ومشكلات الحضارة (104) , وانظر : في فلسفة الحضارة (234) . 

(21)- انظر : مفهوم إسلامي للتاريخ (69) . (22)-انظر : مفهوم إسلامي للتاريخ (69) , وانظر : آفاق الفلسفة (387) . (23)- انظر : دراسات في النفس الإنسانية (139) .(24)- انظر :منهج التربية الإسلامية (162 - 163) . وانظر : تقاليد أول أيار , ألكسندر خرامتسوف .(25)- انظر :أهداف التربية الإسلامية (467 , 468) .(26)- انظر : المصدر السابق (471 , 472) . 

(27)-انظر : الإسلام بين المادية والإسلام (111) .(28)-انظر : مفهوم إسلامي للتاريخ (71) . 

(29)-انظر:مفهوم إسلامي جديد لعلم الاجتماع (50) .(30)-نظر:منهج التربية الإسلامية (164) . 

(31)-انظر:الإنسان بين المادية والإسلام (112) 

(32)-انظر : أهداف التربية الإسلامية (469) .(33)- انظر ترجمته في : دراسات في الفلسفة المعاصرة , د0 زكريا إبراهيم (58 - 65) .(34)- انظر : المصدر السابق (59) .(35)- انظر : فلسفة المحدثين والمعاصرين , أ0 وولف , ترجمة : أبو العلا العفيفي (110) .(36)-انظر : أهداف التربية الإسلامية (469 - 470) . 

(37)- انظر : أهداف التربية الإسلامية (469 - 480) . 

(38)- انظر : كلام رودمان ويب , في كتاب " أهداف التربية الإسلامية " لماجد الكيلاني (470) . 

(39)-انظر : منهج التربية الإسلامية (126) .(40)- انظر : دراسات في النفس الإنسانية (130) . 

(41)- انظر:الإنسان بين المادية والإسلام (128).(42)-انظر:دراسات في النفس الإنسانية (130 , 131) . 

(43)-انظر : المصدر السابق (132) . 

(44)- انظر : بحوث ندوة خبراء " أسس التربية الإسلامية " . مجموعة في مجلد بهذا العنوان . 

(45)-انظر : منهج التربية الإسلامية (165) , وشخصية المسلم بين الفردية والجماعية (52 - 55) . 

(46)-انظر : التربية الذاتية من الكتاب والسنة (56 - 60) . (47)- انظر : شخصية المسلم (60) , أسس التربية الاجتماعية في الإسلام (2 - 5) .(48)- انظر : شخصية المسلم (56) . 

(49)-انظر : شخصية المسلم (25 - 37) . (50)- انظر : السلوك الاجتماعي في الإسلام , حسن أيوب (11 - 20) , ومنهج التربية الإسلامية .(51)- انظر : مفهوم إسلامي للتاريخ (71) , وأسس التربية الإسلامية (2) , والإنسان في القرآن (8 , 17) والبناء القيمي للشخصية كما ورد في القرآن الكريم (3 , 4 , 13).والنظرية التربوية في الإسلام (16 ,17) .والتربية والتجديد,وتنمية الفاعلية عند المسلم المعاصر (43 59) .

المصدر: http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-2417.htm

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك