سامح لكن لا تنسَ أبداً

 

يتجاوز الإنسان العاقل عن بعض أخطاء الآخرين بحقه، وربما سيقبل أعذارهم، وسيتغاضى عما تسببوا به في السابق من آلام نفسية مريرة نتيجة تعاملهم السيئ معه، لكن يجدر به ألا ينسى أبداً، فثمة فرق بين العفو والصفح ومسامحة من ارتكب أخطاء نرجسية بحقنا، وبين ما سيطبع حتماً في الذاكرة، خصوصاً تلك الاقوال والسلوكيات والتصرفات القبيحة التي ارتكبها البعض ضدنا، ولاسيما من كنا نتوقع منهم العكس.



بالطبع، سيصعب على الانسان الفطن وقوي الذاكرة عدم الاحتفاظ بتجاربه السابقة مع بعض من أساؤوا اليه، وسيصعب عليه كذلك عدم استعادتها بين الحين والآخر، فما ينقشه بعض الناس في ذاكرتنا الشخصية من انطباعات سلبية تكشف عن أنانيتهم المنفرة، أو خيانتهم المفاجئة، أو نكرانهم القبيح للجميل، سيصبح من شبه المستحيل إزالته من الذاكرة. وإذا كان الانسان مخيراً وليس مسيراً، فلقد توفرت أمام الشخص، أو الاشخاص المسيئين، فرص عديدة لإعادة التفكير والامتناع عن مضايقة أو التعدي على الآخرين، لكنهم اختاروا بإراداتهم الحرة المضي قدماً في سلوكياتهم وتصرفاتهم النرجسية، مع علمهم المسبق بآثارها المدمرة على ضحاياهم، سواء أكان هؤلاء الضحايا من الأهل أو الاقرباء أو الزملاء في العمل، أو من عامة الناس. بالنسبة لي على الاقل، أميل للصفح عن الآخر الذي تعمد الاساءة لي، لكن يستحيل علي نسيان ما قاله أو فعله ذلك الشخص من تعدٍ صارخ، وإهانات متعمدة تجاهي أو تجاه من يهمني أمرهم، حيث لا يجدر بالإنسان العاقل عدم تصديق الآخرين عندما يكشفون له عن شخصياتهم الحقيقية، وفي السياق نفسه، سيوجد نوع معين من الناس من سيصرون أحياناً على تذكير أقربائهم أو أصدقائهم أو معارفهم، أو حتى زملائهم في العمل، بما ارتكبوا في حقهم من فظائع وكوارث ومصائب سلوكية، وسترى هؤلاء النفر يعاودون الاساءة مرة أخرى، وكأنّ لسان حالهم يقول:”إذا كُنت ناسي، سَأُذَكّرك بمن أنا”! ورغم ما يمليه الخلق الحسن حول ضرورة العفو والتسامح مع الآخرين، لكن ربما يوجد بالفعل أناس لا يستحقون ذلك أبداً وتماماً وإطلاقاً!.

 

المصدر: http://al-seyassah.com/%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%AD-%D9%84%D9%83%D9%86-%D9%8...

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك