تجاذبات اللغة والثقافة والانتماء

تجاذبات اللغة والثقافة والانتماء

نادر سراج*

الإشكالية:

من المتعارف عليه أن اللسان دعامة أساسية للثقافة. فلا تقوم الثقافة أياًّ كانت أشكالها وتعبيراتها، دون وعاء لغوي يحتضنها ويتبناها، ويتيح السبل أمام أبنائها للتعبير والإبداع في مختلف مجالاتها. واللسان أيضاً مَعْلَمٌ أساسي من معالم انتمائنا إلى متحد لغوي اجتماعي. وَتَسَاوُقُ هذه الأقانيم يسهم بلا شك في تعيين أفق الهوية الواحدة، وفي إنضاج ملامح الهوية القطرية أو الوطنية ومثيلتها القومية. والهوية تُسْتَنْهَضُ عادةً لدى شعور الجماعات والأفراد بتنافس حاد أو بخطر محدق أو داهم من لدن الهويات الأخرى، شقيقةً كانت أم صديقةً أم معادية. الأمر الذي يُلْزِمُهَا بضرورة التقارب والتضامن للتأكيد على الثوابت المشتركة والدفاع عنها.

تتشكل الهوية إذاً من جملة ثوابت مشتركة تعارف القوم عليها، ومنها التاريخ والمصير الواحد والموروث الثقافي والدين والتقاليد والعادات وصولاً إلى اللغة التي نسميها اللغة الأم وتتقاربُ الأرحامُ على أساسٍ منها. هذه اللغة تلاحِمُ سدى ثوبنا الإنساني فتربطنا بذواتنا وتصلنا بالآخرين؛ ولكنها لا تحجب أبداً عن أعيننا وعقولنا وجوب وعي الحقائق ورصد المتغيرات ونقل التجارب الإنسانية كما هي عليه، ومن ثمّ لزوم الاعتراف بوجود الآخر المختلف عنا لغةً وفكراً وثقافةً. الاعتراف بالآخر لا يعني بالضرورة التماهي بقيمه ولغته وأفكاره ظنّاً منا أنها الأفضل والأسلم والأحدث.

في ظلّ هذه المفاهيم نعالج وجهاً من الوجوه المتعددة للثقافة ألا وهو ثقافة الإعلام التي ترتكز في منطلقاتها على اللسان وتتماسّ مع مختلف نتاجاته، في الفضاء الثقافي الانفتاحي والمعولم الذي نعيشه اليوم. ثمّة جوانب عديدة لرصد هذا التفاعل اللغوي الثقافي الذي ينمّ عن تداعيات مسألة الانتماء وتشكّل الهوية الواحدة. ولكننا سنحصر بحثنا في إشكالية الثقافة الإعلامية التي نتلقاها يوميّاً عبر وسائلنا الإعلامية، والمرئية منها على وجه الخصوص، والتي تظهر نتائجها على ناشئتنا عموماً، وتنعكس في منطوقهم اليومي بما فيه المقترضات التي تحفل بها لغتهم.

اللغة والتواصل:

تكتسب الاتصالات في عالم اليوم أهمية متزايدة، فعصرنا موسوم بأنه عصر الاتصالات. ومجتمعنا المعاصر الذي بات أشبه ما يكون بقرية كونية في مطالع الألفية الثالثـة -يشهد ثورة مستمرة، وتطوراً متعاظماً في ميدان تقنيات التواصل وتخصصاته وتشعباته وتأثيراته. والتواصل أساساً ثنائي، إذ هو يقوم بين طرفين؛ متحدث أو مرسِل (émetteur) ومستمع أو مستقبِل (récepteur)، يعتمدان نسقاً من الرموز أو لغة مشتركة. أما المرسَلة (message) فهي ما يريد المرسِل أن ينقله إلى المستقبِل عبر قناةٍ ما تستخدم بمثابة الركيزة المادية المعتمدة للنقل. هذا التواصل الثنائي الذي يتم عن طريق التبادل (اللغوي) المباشر ما بين الأفراد، والذي تحققه على سبيل المثال، اللغة المنطوقة، يختلف عن التواصل الإعلامي الذي يتحقق في عالم اليوم بواسطة وسائل الإعلام كافة، التي تخاطبنا بواسطة مرسَلات معينة ليس باستطاعتنا كمستمعين أو مشاهدين أن نردّ عليها(1). وحتى الفلاسفة-في الوعي المعاصر- أخذوا يعمِّقون علم التواصل من خلال كلامهم في العقل التواصلي في المجتمعات المتقدمة.

مدخلنا للحديث عن اللغة الإنسانية عموماً واللسان العربي تحديداً هو التواصل. ولكن مفردة التواصل (communication) في استخداماتها الرائجة اليوم تطابق ذوق العصر وتُجَارِيه، وتتفوق على مصطلح "اللسانيات" رواجاً واستهلاكاً ومردوداً، لذا سنحاول في معالجتنا اللسانية لمسألة اللغة الإنسانية، وسيلة التواصل الأكثر انتشاراً والأكثر عمومية ألاّ ننتقص من قدرة وسائل التواصل الأخرى.

ماهية اللغة:

تعد اللغة نوعاً من أنواع التعبير الكلامي الذي يؤديه الإنسان، ساعياً بواسطته إلى الفهم والإفهام وإلى التوصيل والأداء. وتتخذ اللغة الإنسانية حيزاً مهمّاً في منظومة التواصل المتعدد الأقنية التي تربط المجتمعات البشرية في عصرنا الحالي. واللغة بأشكالها الإشارية والمنطوقة والمكتوبة تمثل الوسيلة الأقدم للتواصل البشري.

وأول ما يتبادر إلى أذهاننا أن اللغة "حدّها أصواتٌ". ومع ذلك فإن العلماء المختصين يحاذرون القول بمحصورية القناة السمعية في مجال التواصل. ذلك أن مختلف المعطيات تفيدنا أن السمة السمعية أساسية في مجال تعريف اللغة الإنسانية؛ ولكنها ليست أبداً المعيار الوحيد. فالتواصل اللغوي يعتمد بلا شك النسق الكلامي ولكنه يُرْدِفُهُ أحياناً كثيرة، وفي غير سياق أو موقف، بوسيلة تعبيرية مصاحبة للغة المنطوقة هي الإشارة؛ بوصفها أداةً تعبيرية تنطوي كعلم مستقل تحت لافتة السيمياء. ولا يغرب عن البال هنا أن دراسة كل وسائل التواصل الملحوظة في علم السيمياء، تنشأ في الحقيقة عن دراسة اللسانيات. وما يهمنا نحن في مجال البحث الحالي هو التطرق إلى مسألة اللغة كنسقٍ من العلامات الاصطلاحية التي يستطيع الأفراد المنتمون إلى جماعة لغوية واحدة أن يتواصلوا فيما بينهم بواسطتها، والجماعة المقصودة هنا هي الجماعة اللغوية العربية.

الوظيفة الأساسية للتواصل في البنية اللغوية:

استأثر موضوع اللغة بقدر واسع من اهتمامات قدامى اللغويين العرب، ويعدّ ابن جني من أبرز هؤلاء الذين شُغِلُوا بأمور اللغة وتقصَّوْا دقائقها وأبرزوا خصائصها. وفي مجال تعريفه للغة كأداة تعبيرية تواصلية يورد في باب "القول على اللغة وما هي": "أما حدّها (فإنها أصوات) يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم"(2). وبدوره فاللسان حَظِيَ بأكثر من تعريف، فقد جاء في لسان العرب(3) تحت مادة "لَسَنَ": اللسانُ جارحةُ الكلام (...)، وعن ابن سيده: واللسانُ المَقْولُ، يذكّر ويؤنّث، والجمع ألسنة وألسُن، (...) والإلسان: إبلاغ الرسالة. وألسَنَ عنه: بلّغ. ويقال: ألْسِنّي فلاناً وألسِن لي فلاناً كذا وكذا أي أبلغ إليّ (...). ولَسَنَهُ: كلّمه، (...) واللَّسْنُ: الفصاحة (...). وفي قوله -عزّ وجلّ-: ﴿وهذا كتاب مصدّق لساناً عربياً﴾.

أما علماء اللغة أو اللسانيات المحدثون فقد عرضوا بدورهم، لموضوع وظيفة اللغة، فاتفق أغلبهم على أن وظيفتها هي التعبير والتواصل والتفاهم. ويتطرق بعضهم من خلال كلامه عن اللغة الإنسانية (language humain) كمؤسسة من المؤسسات الإنسانية، أن هذه الأخيرة "إنما تنتج عن الحياة في المجتمع، وهذا هو تماماً حال اللغة الإنسانية التي تدرك بشكل أساسي كأداة للتواصل"(4). منتهياً إلى القول: "وفي آخر المطاف فالتواصل أي التفاهم المتبادل هو ما يجب أخذه بعين الاعتبار كوظيفة أساسية لهذه الأداة التي هي اللغة الإنسانية"(5). ونتوقف هنا عند تمييز الوظيفيين بين اللسان (langue)، وهو مصطلح خاص ويريدون به اللغة المتحققة والمتعينة مثل اللسان العربي واللسان الفرنسي... واللغة الإنسانية المأخوذة كمصطلح عام، ويقصد به اللغة بشموليتها وعالمية سماتها وخصائصها المشتركة.

وقد تطور اهتمام المجتمع العلمي بموضوع التواصل عموماً، واللغة الإنسانية تحديداً. وتأتي اللسانيات، هذا العلم المستجد، في طليعة العلوم التي نزعت إلى تحديد معاصر وعلمي للغة "بذاتها ولذاتها" وبغضّ النظر عن أية علوم أخرى؛ وسعت لاستجلاء مختلف وظائفها في تشجيع الفهم المتبادل ونقل التجارب الإنسانية والتعبير عن الفكر.

اللسان بين الحِراك والاشتغالية:
تتناول اللسانيات بالدرس اللغة الإنسانية منطلقةً من معاينة الألسن المستخدمة، أو تلك التي كانت مستخدَمة. بيد أن اللسان -مأخوذاً في مصاف التعبيرات الأخرى للسلوكيات الإنسانية- ليس مادة سكونية ذات أبعاد محددة على أكمل وجه، ولا هي راسخة وتُعرف بسهولة إدراكها. وعلى العكس من ذلك، فاللسان يتميز بحالة من الحِراك بفعل ديناميةٍ تسهم في تغيّره على مرّ الزمان. إنه حقيقة مستقلة تدرس في اشتغاليتها وفي صيرورتها. وكل لسان يمثل عالماً على حدة، وتركيباً خاصّاً من الوقائع المتلاحمة والمترابطة الأجزاء.

ونستدركُ بالقول: إن ما يستعصي على الإدراك والفهم والتصور هو أن لساناً مـا -ينطق به أبناؤه في تواصلهم اليومي- هو في حالة تطور دائم، في أية فترة من تاريخه. وتثبت المعاينةُ الفائقةُ الدقة للنتاجات اللغوية اليومية لأعضاء جماعة لغوية ما أنّ هـؤلاء -وبالرغم من أنهم يستخدمون لساناً مشتركاً يسمح لهم بالتفاهم بين بعضهم بعضا- فهم جميعاً لا يتكلمون بالضبط بالطريقة عينها. نستخلص إذاً أن كل لسان يتغير لأنه يشتغل(6)، مما يعني أن بإمكاننا أن نحدد- في إطار تجليات هذه الاشتغالية- الاتجاهات التي تشمله، وهذا ما تقترحه دراسات التزامنية الدينامية. وتدرج هذه الأخيرة ضمن اهتماماتها التغيراتِ اللسانيةَ الجارية في الفترة عينها التي تحدث فيها؛ أي أنها تسعى لأن توضح في اللسان -كما يبدو في فترة زمنية محددة- العناصر غير الثابتة في بنيته؛ أي تلك التي يمكن أن تتعرض للتغيير.

تعريف اللغة الإنسانية وفق المنظور اللساني:

تدرس اللسانيات اللغةَ بصفتها بنيةً اجتماعيةً قائمةً على الرموز(7)، وقابلة للتطور المستمر، شأنها شأن البنى الاجتماعية الأخرى التي تتشارك جميعها بكونها صنيعة المجتمع الإنساني. والواقع أن الاهتمام بطبيعة اللغة الإنسانية يعود إلى العام 1916 الذي شهد صدور كتاب "فصول في اللسانيات العامة" لـِ دي سوسير. ويُعْزَى إلى دي سوسير أنه أول من حدّد اللغة على أنها "نسق منظم من العلامات أو الرموز المغايرة أو المفارقة". وشدد على أن "موضوع علم اللغة الوحيد والصحيح هو اللغة معتمدةً لذاتها ومن أجل ذاتها"(8)؛ كما أكّد على اعتباطية الرمز اللغوي(9) (le signe)، وحدد مفهوم العلاقة بأنها عبارة عن اتحاد لصورة صوتية هي الدّال ((le significant، وتصوّر ذهني هو المدلول (le signifié). كما رأى أن اللغة تنتمي إلى مجموعة كبرى من الأنظمة العلاماتية التي تتألف منها الثقافة، أما العلم الذي يدرس حياة العلامات في إطار ثقافة المجتمع فهو علم السيميولوجيا (السيميائية) (sémiologie). وتعدّ تفرقـة سوسـير بين اللـغة والكلام (Langue & parole) من أهم الأفكار التي أدت دوراً مهما في التطور اللساني، بناءً على فهمه للغة نظاماً اجتماعيّاً مستقلاًّ في حين أن الكلام يعني التحقيق العيني والفردي للغة. الثنائية الثانية هي تفرقته الهامة بين التزامن(synchronie) والتعاقب (diachronie). وجهة النظر الأولى هي وجهة نظر وصفية (descriptive) تقتصر على النظر إلى حالات اللغة، في حين أن وجهة النظر الثانية هي وجهة نظر تاريخية (historique) تحرص على وصف اللغة وتطورها(10).

وتبسيطاً للقارئ العربي لهذه المفاهيم نشير إلى أن ثمة فرقاً دقيقاً بين التعاقبية، أو دراسة الظاهرة اللسانية عبر الزمن، والتزامنية، أو دراسة الوقائع اللسانية في فترة زمنية محددة. وهذا التفرع الثنائي يفصل بشكل جلي، مماثلة الظواهر الجارية وتحقيقاتها في اللسان الحالي، والتي هي نتيجة التطورات اللسانية الماضية.

دينامية اللغة:

وتبرز اللسانيات الوظيفية لسانيات العرف والواقع ضمن منظومة التيارات اللسانية الحديثة التي تبلورت مبادئها خلال القرن المنصرم. فقد عرضت من خلال "مبادئ اللسانيات العامة" – الذي وضعه مارتينيه في العام 1960م - بواقعية متناهية لجملة وقائع اللغة الإنسانية، وبسطت مبادئها ومناهجها بعيداً عن أيّة شكلية أو نظرية أوّلية. وقد شدّدت على وظيفة الوحدات اللغوية بمقدار ما شدّدت كذلك على البنى التي تؤلفها. ومن النقاط الجديدة التي لفتت إليها الإلحاح على النظرة الدينامية للوقائع. ذلك أننا لدى تفحّصنا مؤسسة كاللسان، إِنْ لجهة وظيفتها أم لجهة حركيتها، فلا يمكننا أن نغفلَ سعيها المتواصل كي تسدّ احتياجات مستخدميها. وإذا تغيّرت هذه الاحتياجات بمرور الزمن؛ فلن تألوَ هذه المؤسسة جهداً كي تتلاءمَ بهدف الاستمرار في توفيرها. وبما أن حاجات المتّحد الاجتماعي اللغوي تتجدّد في الواقع على الدوام؛ وبالرغم من أن إيقاع هذا التجدّد يمكن أن يتبدّل حسب العصور، فإن رؤيتنا للوقائع لن تكونَ صحيحةً إذا لم نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.

تطور مفهوم اللغة:

وفيما لو رغبنا في تقصي مسار اللسانيات ورؤيتها العلمية والمطردة لمفهوم اللغة، واعتمادها الطريقة العلمية لمقاربة تطور الألسن، لوجدنا أن ما لفت انتباه اللسانيين بادئ ذي بدء هو التغير الذي أصاب الألسن في أزمنة سابقة؛ كما يذكر جورج مونان في كتابه تاريخ اللسانيات منذ المصادر إلى القرن العشرين(11). وبعد أن يذكّر بأن المرحلة المسيحية، وصولاً إلى القرن التاسع عشر تميزت باهتمامات لسانية تمحورت حول مقولة لاهوتية ضاغطة مفادها أن العبرية هي أُمُّ الألسن، يلاحظ أن المسألة الوحيدة المتعلقة باللغة- والتي جعلها الجميع نصب أعينهم، كانت التاريخ. فالقرن التاسع عشر بأكمله؛ بما في ذلك مرحلة ميّيه Meillet، قد اتصف بهيمنة وجهة نظر تاريخية متحيزة تمثلت في كون المسألة العلمية الرفيعة التي تعلقت بالألسن، كانت بالأحرى تتصل بتاريخها وبتطورها وبنسبها.

وبعد أن سيطرت الاهتمامات والفوائد المتصلة بتطور الألسن وتغيّرها وتحولها على مسار اللسانيات، مرت هذه الأخيرة في القرن العشرين في مرحلة الأبحاث الموجهة تحديداً نحو وصف الألسن. فبعد الدراسات التعاقبية، التي تمحورت حول مقارنة الألسن وترسيسها، جاءت الدراسات التزامنية ذات المنحى الوصفي المحض في النصف الأول من القرن العشرين.وفي هذا الإطار المنهجي تندرج معظم الدراسات العلمية التي تناولت بالدرس محكياتنا العربية المعاصرة وفق المنظور اللساني الحديث الذي يعالج تنوع الاستخدامات اللغوية وكيفيات اشتغالية الألسن وديناميتها في البيئة الثقافية العربية.

ومن هذا المنطلق اللساني الحديث تندرج هذه المقالة التي نتوخى منها عرضاً للإشكالية العامة لموضوع اللغة وارتباطاتها بقيم المجتمع وثقافته، ودورها في ترسيخ معالم الانتماء إلى هوية جامعة وموحِّدة. وسنعالج عبرها العلاقات البنيوية والعضوية والتأثيرات المتبادلة بين أقانيم ثلاثة هي: اللغة والانتماء والثقافة.

اللسان وعوالم الثقافة والإعلام:
مسألة العلاقة الوطيدة والعضوية بين اللسان العربي، بمختلف مستوياته، وعوالم الثقافة والإعلام تستقطب اهتمام اللساني لأكثر من سبب. فهي في تقاطعاتها وتجاذباتها تلتبسُ أحياناً كثيرة على المراقب؛ إذ هو لا يعقل ما إذا كانت مستويات اللغة أو ضروبها متاحةً، في مختلف وظائفها، كي تستخدم كناقلٍ متفاعلٍ مع مجالات الثقافة والمعرفة وأغراض الإعلام، أم أن ثقافة الإعلام العربي عموماً، المهيمنة اليوم بفعل القدرات الاستقطابية الفائقة للفضائيات العربية، أمست وسيلة ومنبراً لترويج وتعميم قيمٍ وافدة وخصوصيات لغوية وأنماط عيش وسلوكات اجتماعية مستجدة. وبغية معالجة هذه المسألة، يحسنُ بنا التوقف ملياًّ عند هذا الدفق الإعلامي/الإعلاني ذي الطابع الاستهلاكي والترويجي والترفيهي المتغرب إلى حد كبير عن أعراف مجتمعاتنا العربية وتقاليدها، والمتجلبب بأغلبه بأردية اللغات الأجنبية الحية. فهو وإن كان يشكل نافذة معرفية وترفيهية للمشاهد العربي- فإنه قد لا يسهم بالضرورة في ترسيخ الوعي لدى ناشئتنا بأولوية لغتهم الأم وبدورها التأسيسي والفاعل في بلورة شخصيتهم وصقل وتطوير مناحي ثقافتهم وتعميق مفاهيم الانتماء الواحد لديهم.

إن توافق هذه الثقافة الإعلامية "الشعبوانية"، المتنامية والمتفلتة من أية ضوابط، اللهم إلا التسويقية منها، أو تناقضها مع مصالح أفراد بيئاتها الأصلية ليس مؤشراً على صحة التحاقنا بركاب العولمة. إنه بالأحرى سببٌ ونتيجة لتخلخل نظامنا القيمي ولِوَهَنِ انتمائاتنا المجتمعية وتطلعنا صوب الآخر الذي ننظر إليه بوصفه المتقدم علينا بلغته وثقافته.

وبهدف معالجة المسألة اللغوية وتداعياتها في مجالي الثقافة والانتماء سنقارب فيما يلي مسألة العلاقة القائمة بين التطور اللغوي والحِراك الاجتماعي، وتحديداً عند المجموعات الشبابية. ونعني بذلك التعديلات التي تطرأ على منطوق الأجيال الشابة والتي تنشأ بتأثير إقبالهم المطرد على الانتماء والتماهي بالعوالم العصرية المستقطبة لجملة اهتماماتهم وارتقاباتهم. فنتائجها أساسية في لحظ التبدلات التي تصيب بنى اللغة فتعدّل في طرائق نطقها وتلطف مفرداتها وتحدّثها، وترفدها بالعديد من المقترضات الأجنبية الشبابية المنحى والتي من شأنها أن تيسر اتصالهم بالمستجدات الغربية الوافدة وتشبعَ نزوعَهم لتفاضلية ثقافية لغوية منشودة تأتي في الأعمّ الأغلب على حساب لسانهم الأم.

يتأثر شبابنا بمفاعيل الألسن الأجنبية ويخضعون من ثمّ لتأثيراتها وتجاذباتها في فضاءاتهم اللغوية الاجتماعية، وهم في المحصِّلة طليعِيُّو المروجين لهذه الألسن. وللوسائل الإعلامية دور في هذا المجال فهي تعدُّ الرحمَ الأساسي الحاضن لهذه الألسن الأجنبية لجهة ترويجها وتزيينها في عقول وأسماع وعيون المشاهدين، وربطها بكل جديد ومستحدث في عوالم الفن والثقافة والرياضة والمعلوماتية والوسائطية. إتقان هذه الألسن يشكل إحدى وسائل التعلّم والارتقاء الاجتماعي والاتصال التي توفرها الشرائحُ الاجتماعية النخبوية والمتوسطة لأبنائها كي يصيبوا قسطَهم من العلوم الحديثة والمتقدمة، ويتأهلوا مستقبلاً لمراكزَ ومناصبَ ووظائفَ "محترمة". والتجاذبات الحادثة والمتداخلة بين هذه العوامل مجتمعةً تطرُح إشكاليات وتساؤلات عديدة.

ثمّة من يعتقد أن الناشئةَ ووسائل الإعلام يُسَخَّرون لترويج هذه الألسن بوصفها لسانَ العصر وصوتَ الحداثة، وثمّة من يعتبر أن لساننا العربي لا يجاري التطور في المجالات الحيوية المستقطبة للشباب (الفن والموسيقى والسينما والمسرح والرياضة والسيارات والأزياء والمعلوماتية..). لذا يُعْرِضُ الشباب عن استعماله. نتساءل هنا ترى هل ثمَّة أيديولوجية معمّمة –أو مبطّنة- تروّجُ بأن العربيةَ ليست حيوية؛ بل هي لُغَةُ كهولٍ لا لغةُ شباب، وهي من ثمَّ غيرُ مؤهلةٍ لمجاراة الألف الثالثة؟ وهل تعاظم استخدام الألسن الأجنبية دليلٌ على أنها ألسن طاغية وعظمى ومؤثِّرة، ألسن الغالبين (الإنكليزية أولاً تليها الفرنسية وسائر الألسن)؟ وهل علاقةُ الناشئة بالألسن الأجنبية هي علاقةُ تبعيةٍ، أم أنها علاقة تواصل إيجابي؟

العوالم الشبابية:
من نافلةِ القول أن نشير إلى جملة التجاذبات التي تتعرض لها ناشئتنا، بفعل التأثيرات المتعاظمة التي تعود إلى العوالم المستجدّة والمستقطبة لاهتماماتها. فالملاحظةُ الأولى التي تتبادر إلى أذهاننا هي في هذا البونِ الشاسع الذي يقوم بين المرجعيات اللغوية والقيمية التي تتخذها ناشئتنا اليومَ وتشبّ في أجوائها، وتلك التي تَرَبَّيْناَ عليها ونَهَلْناَ منها وداخلت سلوكياتنا. وسنكتفي بتعداد بعض هذه العوالم، ونتوقف عند اثنين منها هما: التليفزيون والبيئات الجامعية. وسنعرض من ثَمّ للتداعيات اللغوية الحادِثة بفعل هذا الاستقطاب الأحادي الجانب وتأثيره على لساننا الأم. هذه العوالم هي:

الملبوسات ومتمماتها، المأكل والمشرب، الألعاب ووسائل التسلية والمجلات، الأدوات وأجهزة التقنية والمعلوماتية الحديثة، Logos and Mélodies (الهاتف الخلوي أو النقال أو المحمول)، الرياضة وعالم المركبات.

السينما والتليفزيون:

ونتوقف عند محطات التلفزة التي باتت وظيفتها تتمثل برفد المشاهدين بسيل التعابير والمصطلحات والتعليقات والأغاني والإعلانات والترويجات الأجنبية التي تمطرنا بها يوميّاً، إنْ في محطاتها الأرضية أو في تلك الفضائية. هذا السيلُ اللغوي المنهمر ينزل برداً وسلاماً على ألسنة أبنائنا. فتراهم- أو بالأحرى تسمعهم- يَرْطُنُون ويردِّدون ما تتلقفه آذانهم يومياًّ، ويدخلُ من ثمَّ في حصيلتهم اللغوية الانفتاحيةِ الطابعِ التي يباهون بها أترابهم.

البيئات الجامعية:

هي البيئات الشديدة التنوع والخصوبة التي تزود ناشئتنا بهذه الألسن وتتيح لهم فرص ممارستها. ونشير هنا إلى أن الجامعات هي بحدّ ذاتها الحاضن الأهم والمنبر التعليمي الأساسي للألسن الأجنبية. فهي تدرّسها كألسن حية، وتعتمدها لتدريس أغلب موادها النظرية والتطبيقية أو الإنسانية... إلى جانب ذلك فهي لغة الإدارة والتسجيل والامتحانات والأبحاث وسائر أشكال التعامل الإداري والطلابي والاحتفالي... إنَّ ولوج عالم الجامعات يعني خوضَ غمار هذه اللغات واكتسابها وممارستها دراسة وكتابة وقراءة ًوتحادثاً.

التأثيرات المباشرة لهذه العوالم على لغة الشباب والتغيرات الحادثة في ثقافتهم:

هذه العوالم يدور شبابنا في أفلاكها، وتستحوذ على اهتماماتهم، ويعبّون من "ثقافاتها" و"لغاتها"، ويعتمدونها بمثابة أقنية لتواصلهم مع العصر؛ كي يظلوا محيطين أو ملمين أو على اتصال بكل جديد. ولا بأسَ من القول بأن ثقافتنا -عموماً واللغة اليومية تحديداً- لا يمكن أن تكونا بمنأى عن تأثيرات هذه العوالم التي تطاول تداعياتها النخب والعوام والبالغين والناشئة على حدٍّ سواء. إذ ثمّة تداخلٌ –نوعي وكمي- لسيل المفردات والمصطلحات والتعابير الأجنبية العائدة لهذه العوالم مع لغة التخاطب اليومي. وهذه التجليات اللغوية تعبر في الحقيقة عن جانب من جوانب الثقافة الغربية. التداخل يحدث إذاً على مستوى لغوي ظاهر وعلى مستوى ثقافي عميق.

يتضح مما سبق أن التغيرات المتسارعة التي تميّزُ حالياً ثقافة الشباب تؤثر دون أدنى ريب في أنماط عيشهم وتنعكس في سلوكياتهم اليومية، وفي وعيهم لذواتهم وللآخرين. ودور الإعلام أساسي في هذا المجال. فالحديث عن وسائل الإعلام بوصفها عاملاً منتجاً ومستقطِباً ومؤثِّراً في لغة الناشئة، لا يتخذُ منحىً أحاديّاً، بل هو يُبحثُ طرداً وعكساً. فالوسائل الإعلامية (وبصورة محِّدَدةٍ العاملين فيها من صحافيين ومذيعين ومنتجين، ومخرجين وممثلين،...) لا يغذّون ناشئتنا بالغريب والجديد والجريء من الكلام؛ بل هم يصيخون السمعَ للشباب، ويتلقون منهم المستجدات التعبيرية الأحدث التي تنطلق مبدئيّاً من البيئات الشبابية (ثانويات، جامعات، أندية، أحياء..) ويولّفونها ويعاودون تعميمها وبثّها من خلال برامج الألعاب والمنوعات والتسالي والسينما والمسابقات والرياضة، إلخ...

خلاصة القول:

انطلاقاً من وعينا لأهمية اللغة ثانياً من ثوابت الهوية القومية والوطنية -علينا ألاّ نتوقف لدى معالجتنا لهذه المسألة اللغوية الاجتماعية، في ضوء الأفاهيم اللسانية، عند الأمور العلمية أو المحض تقنية. فالمسألة المطروحة جوهرية وتراثية ومصيرية؛ ولا يمكن التهاون أو التـراخـي في معـالجـتها تحت ذرائع التسهيل والتـخفيف والعصرنة. فالمسألة برأينا أعمق من ذلك. فأُلفة العين العربية وتآلف الأنامل العربية مع الحروف العربية، وتمرّس أبناء العربية برؤية هذه الأحرف وكتابتها والقراءة باستمرار بواسطتها- يعطيان للغتهم الأم مكانةً أساسيةً وأولويةً منشودةً في سلّمهم اللغوي والقيمي وفي شعورهم العميق بانتمائهم إلى ثقافة واحدة.

فناشئتنا بذائقتهم اللغوية الاستهلاكية ووعيهم التقني المتقدم وإحاطتهم بمستجدات العالم الرقمي وثقافتهم الشمولية المنحى يشكلون الشريحة الطليعية الأقدر على تذوّق وانتقاء التعبير السهل والمفيد وعلى تثبيته أو إسقاط نقيضه وإهماله في نطاق عوالمهم التعبيرية وبيئاتهم الثقافية الأشد استقطاباً وتأثيراً وتنوّعاً.

يتبيّن مما سبق أن الاختراق الثقافي الذي يجري باسم الحداثة ومواكبة العصر يمر عبر الأقنية اللغوية. وهو يعكس قابلية بعضنا لاستيعاب و"هضم" كافة الأنماط المستوردة التي تعود لمختلف مجالات العيش مثل الأكل و"الموضة" والرياضة والتسلية والفنون والتعليم والوسائطية. وهي تؤخذ عموماً بمعانيها وتسمياتها وبلغاتها الأصلية. والإعلام مرتكز أساسي في هذا المجال لجهة الترويج والإلحاح والتبرير ودغدغة المشاعر.

هذه الظاهرة لا ننظر إليها من جانب سلبي محض. فأبناؤنا الذين يجري الحديث والتعبير عنهم في هذا البحث لا يزالون يتكلمون العربية، ويعتبرونها لغتهم الأم بلا منازع؛ ويصّرون على التحادث والتعبير بواسطتها. لكنهم بالأحرى "أبناء الحياة" أو "الأجيال الجديدة التي ولدت في "الفضاء الرقمي". وهم برغم وعيهم ارتباط الإنكليزية أو الفرنسية بمجالات التعليم والعمل والسفر وما إليها... فهم يحاولون أن يوازنوا ما بين هذين العالمين/الحدين اللغويين المتقابلين والمنتميين إلى ثقافتين متمايزتين. وهم في سعيهم للإقبال على تبنِّي نماذج الغرب ثقافة عصرية وألسناً حية وعملية، لا يقطعون معها الأواصر كليّاً مع ثقافتهم العربية ولسانهم الأم. ونماذج الشباب الذي يتقن ألسناً أجنبية تحدثاً وقراءة وكتابة، ويجيد في آنٍ معاً لسانه العربي وافرة، وتظهر الجانب الآخر لهذه المسألة المطروحة.

ونخلص إلى القول بأن ثمّة إشكاليةً حقيقية ينبغي أن نعترف بوجودها، وأن تدخل في وعي الجمهور ناشئةً وآباءً ومربين وأساتذة ولغويين... ناشئتنا ينزعون بشكل مطّرد إلى أن يشاكلوا الغرب بثقافته، ويتشبهوا به في السلوك والمظاهر والممارسات، ويعبروا عن أنفسهم ويكتبوا بالإنكليزية، وبحدود أقل بالفرنسية أو بلغة حية أخرى (الألمانية، الإيطالية، الإسبانية...) ولا يكتبوا العربية إلا بصعوبة. والملاحظ هنا أن الإنكليزية تَعْبرُ من العام إلى الخاص في سيرورة حياتهم. فهي ليست لغة الدراسة والاطلاع والثقافة العالمية والترقي الاجتماعي فحسب؛ بل هي اللغة المنشودة التي يمتطونها لكتابة رسائلهم ويومياتهم والتعبير عن مشاعرهم الخاصة. أي أنها أمست لدى بعضهم الأداة اللغوية الأقرب إليهم والأصدق في التعبير عن حيواتهم.

إن تفوق الثقافة العربية قد شَكَّلَ الوعاء الحاضن للعربية وأَسْهَمَ في انتشارها وارتقائها. وكانت لغة الضاد قادرة على التعبير عن العواطف والمشاعر والأفكار والحقائق العلمية، بفضل غنى مفرداتها وتراكيبها، ناهيك بتعاظم النفوذ السياسي الحضاري لأبنائها.

وما نعيشه اليوم هو أشبه ما يكون بانقلاب في المشهد اللغوي لصالح الألسن الأجنبية. والتغريب الثقافي الذي نعايشه على مختلف الصعد يقومُ بحكم الصلات اليومية لشرقنا العربي بحضارة الغرب الغالبة والطاغية وفق المفاهيم الثقافية والاستهلاكية والسياسية. وكما رأينا فهو يَلْبَسُ لَبوُساً متعدداً إِنْ في المجال التعبيري أو لجهة اتخاذ الأزياء والأسماء والسلوكيات الغربية. وهذا كله من شأنه التأثير لدى بعضهم في الحياة اليومية المحضة، لا بل يؤثر أيضاً في نظم القيم والمعايير والأعراف التي تميز اجتماعنا الثقافي وتشكل أحد مكونات وعينا لذاتنا وللآخر وللعالم من حولنا.

فاللغةُ في نهاية المطاف تشكّلُ صورةَ المجتمع عن نفسه، وتعكسُ أولياته وكيفيات تعبيره عن ذاته وطرائق فهمه لعلاقته بأفراده وبالآخرين وبالعالم. بيدَ أن اللغة لا يتصلُ معناها الشمولي بالمجتمع وبصورته عن نفسه فحسب، بل يتصلُ أيضاً بالتطور الثقافي الاجتماعي ووعي هذا المجتمع بذاته ومهماته وأولوياته وتَوْقِهِ إلى الاتصال بالحضارات الإنسانية الأخرى والتفاعل معها دون التخلي عن الخصوصيات الثقافية لأبنائه.

إن توصيف الواقع اللغوي الثقافي بصدقيته، بإيجابياته وسلبياته- هو مسؤولية اللسانِيِّ الذي يرصد المعطيات ويحلل ويستنتج. والصورة التي سَعَينْاَ لتظهير جزئياتها ليست سوداوية في المطلق. ولكن مكامن الخلل تبدو في وعينا المجتزأ للمسألتين اللغوية والثقافية وفي الأهمية المعطاة لهما في مؤسسات العائلة والمدرسة والجامعة والعمل... لسنا بمنأى عن مفاعيل ثورة المعلوماتية وتداعياتها على غير صعيد. ولكننا أبناء ثقافة تضرب جذورها في التاريخ، وتمتلك مقوِّمات البقاء والتطور؛ لذا فإننا لسنا في معرض البكاء على الأطلال؛ بل بالأحرى نعاين ما شهدناه ونحاول إشراك القوى الفاعلة والحية في المجتمع للوصول إلى حلول معقولة ومقبولة تحفظ لساننا العربي، ومن ثم هويتنا القومية. وخلاصة القول: إن بمقدور العربية –والإعلامية خاصة- أن ترقّي مفرداتِها وتحدّثَ تعابيرها وأساليبها كي تبقى على اتصال بجمهورها الشاب الذي لا يرضى أن يغادرَها ولكن عينَه الأخرى هي على الألسن الأجنبية التي تحقق ذاته وتبلور إمكانياته، وتصله بالغرب ومفاهيمه وآفاقه وعولمته.

*********
الحواشي
*) أستاذ اللسانيات بالجامعة اللبنانية، بيروت.

1- سراج (نادر): "لقاء مع عالم اللسانية أندريه مارتينيه"، مجلة الفكر العربي، بيروت، عدد 46، حزيران 87، ص. 384.

2- ابن جنّي: الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، ط "2"، ج "1"، باب القول على اللغة وما هي، ص33.

3- لسان العرب، دار صادر، بيروت، ج "13"، ص.ص. 385-386.

4- Martinet (André), Eléments de linguistique générale, Armand Colin, Paris, 1970, p.9.

5- Ibid p.10.

6- Saussure, (F. de), Cours de linguistique générale, Payot, Paris 1978, p.33.

7- Saussure, Cours , Op. Cit p. 317.

8- , Op. Cit p. 100 Saussure, Cours

9- المعلومات المثبتة عن دي سوسير مأخوذة بتصرف من معجم اللسانيات الحديثة، مكتبة لبنان- ناشرون، 1997، ص. 121-122.

10- الفكرة المثبتة هنا وردت في بحث أعدته هنرييت فالتير ونشر في كتاب "حوار اللغات". انظر Srage (Nader), Dialogue des langues, Paris, L’Harmattan, 2003, p. 54.

11- أنطوان مييّه، لساني فرنسي (1866-1936)، أخصائي في الألسن السلافية. انصرف إلى دراسة لسانية اجتماعية للألسن الهندو أوروبية وأعد حولها منظومة قواعد مقارنة.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=90

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك