مدخل إلى الخطاب الجديد حول الإسلام في ألمانيا

مدخل إلى الخطاب الجديد حول الإسلام في ألمانيا

إبراهيم أبو هشهش*

مقدمة:

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 تدفق الجمهور الألماني بشكل لم يسبق له مثيل على دور بيع الكتب في المدن الألمانية المختلفة لشراء كتب حول الإسلام والأديان والثقافات الأخرى (غير الأوروبية).

وكان الطلب الأكبـر يتركز علـى كتاب «صراع الحضارات» «لصموئيل هاتنغتون» (Samuel Hutington)، وعلى نسخ من القرآن الكريم بالترجمة الألمانية. وعلى كتاب تنبؤات نوستراداموس (Nostradamus).

وكما يشير أحد التقارير(1) عن حالة السوق في ألمانيا، كان واحد من كل ثلاثة زبائن في دور بيع الكتب في مدينة ديوسبورغ (Duisburg) يسأل عـن كتب حول الإسلام. واضطرت إحدى دور بيع الكتب في مدينة هانوفر (Hannover) لتخصيص زاوية خاصة بالكتب المتعلقة بالإسلام، وحالما فرغ من ترتيب الكتب المعنية اختفت مباشرة في أيدي الزبائن. أما كتاب «صراع الحضارات» لهاتنغتون فقد كان الإقبال عليه مثلما على النقانق الساخنة، حسب تعبير إحدى البائعات.

وفي دار تاليا لبيع الكتب في مدينة هامبورغ (Hamburg) كان الإقبال على النسخ المترجمة للقرآن كبيرًا لدرجة أن جميعها قد نفد، بـل إن النسخ ثنائية اللغة (عربي - ألماني) قد نفدت أيضًا.

وفي دار نشر هاينه (Heyne Verlag) في ميونيخ جرت التحضيرات فورًا بناء على الطلب المتزايد؛ لإصدار ترجمة القرآن الكريم على شكل طبعة جيب، وهذا الأمر يجري فقط على الكتب التي توزع عشرات الآلاف من النسخ، في حين كانت جميع طبعات ترجمات القرآن إلى الألمانية طبعات مجلدّة محدودة الأعداد نسبيًا.

وازداد الطلب من دار نشر كتاب الجيب الألماني (d tv - Verlag) علـى كتاب «نَفَس الله» (Der Atem Allahs) لبرنارد لويس (Bernard Lewis).

وفي المدن الألمانية الشرقية تزايد الطلب على الكتب المتخصصة بالإسلام، وعلل المتخصصون بسوق الكتب في ألمانيا ذلك، بأن الجمهور يريد أن يستكمل معلوماته حول الإسلام والثقافات الأخرى، ويعمقها، كون البرامج التلفزيونية لا تقدم سوى معلومات سريعة مبتورة لا تشفي غليلاً حول ذلك.

وفي جنوب ألمانيا كان الطلب أكثر تخصصًا، ففي الدار الجامعية لبيع الكتب في مدينة كارلسروه (Karlsruhe) تركز الطلب على كتب بسام الطيبي أستاذ الدراسات السياسية والإسلامية المعاصرة في جامعة غوتنغن. وفي مدينة توبنغن الجامعية كان الطلب يتمحور على كتاب هارالد موللر (H. Mueller) «تعايش الحضارات» (Das Zusammenleban der Kulturen) المضاد لكتاب صموئيل هاتنغتون سالف الذكر.

وبشكل عام فـإن الطلب حـول كتب «خبيري شؤون الإسلام والشرق الأوسط» بيتر شول - لاتور (Peter Scholl - Lator)، وجيرهارد كونسلمان (Gerhard Konzelmann) قد ضرب أرقامًا قياسية في جميع أرجاء ألمانيا في هذه الفترة. مثلما تزايد الطلب بشكل عام على كتب متخصصة بشؤون الإرهاب(2).

إن هذه الأجواء التي تبعت هجمات 11/ أيلول في نيويورك شبيهة إلى حد كبير بتلك التي رافقت احتلال العراق للكويت عام 1990، وما تبعها من حشود عسكرية وتعبئة سياسية وإعلامية، من حيث تزايد الاهتمام بالإسلام في ألمانيا على مستويات مختلفة.

وبين هذين التاريخين ظهرت عشرات -إن لم نقل مئات- الكتب والدراسات حول الإسلام، باللغة الألمانية أو مترجمة إليها؛ إضافة إلى انعقاد مؤتمرات ومناقشات عديدة، وصدور أعداد خاصة عن الإسلام من المجلات، أو من مراكز الأبحاث والدراسات السياسية.

وبطبيعة الحال، فإن هذه الورقة لا تهدف، بل لا يمكنها أيضًا أن تتبعّ كل ما كتب عن الإسلام في ألمانيا في العقد الأخير؛ بل تهدف أساسًا إلى الوقوف على الاتجاهات البارزة في هذا الخطاب الجديد عن الإسلام في ألمانيا، ومن أجل ذلك ابتدأت بتمهيد سريع يقف عند أبرز نقاط التماس في العلاقة بين ألمانيا والإسلام منذ بدايات الإسلام حتى وقتنا الراهن، مع التركيز - بشكل أساسي - على المواقف التي برزت فيها صورة الإسلام عدّوا، و محاولة النشاط الإعلامي المعاصر إحياءها - كما سنرى.

ألمانيا والإسلام:

قد لا تختلف صورة الإسلام في ألمانيا عنها في بقية الأقطار الغربية عامة، والأوروبية منها على وجه الخصوص، ولكنها مع ذلك، تمتلك بعض الخصوصيـة التـي قد تميزها عن بقيـة تلك البلدان، نظرًا للعلاقة الخاصة التي ربطت ألمانيـا بالعالم الإسلامي (الدولة العثمانية) في نهايات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين من جهة، ولطبيعة الاستشراق الألمانـي الـذي نشأ في أروقة الجامعـات وفـي خضم حركـة التنوير (Aufklaehrung) والحركة الرومانتيكية من جهة ثانية، ولوجود جالية إسلامية كبيرة على الأرض الألمانية يبلغ تعدادها من ثلاثة إلى أربعة ملايين نسمة يعود تاريخ وجودها على الأرض الألمانية إلى ما يزيد على مئة وسبعين عامًا؛ ولكن الأعداد الكبرى منها جاءت إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة في الستينات(3).

وقد يكون للمواجهة التي اتخذت أشكالاً مختلفة بين أوروبا «المسيحية» من جهة والعالم الإسلامي من جهة أخرى أثر في تشكيل الهوية الأوروبية ذاتها (4)، وصورة الإسلام مقابل هذه الهوية؛ لأن صورة الذات تحتاج دائمًا إلى آخر حتى تتبلّر، أو يتم الإحساس بها أصلاً.

لاحظ غيرنوت روتر (G. Rotter)(5) أن الصورة التي تقدمها كتب التاريخ المدرسية في ألمانيا للإسلام تتقلص إلى حدود ثلاثة حوادث حربية رئيسة، جرى عندها التماس بين العالم الغربي المسيحي، والعالم الإسلامي:

- معركـة بلاط الشهـداء أو مـا يسمى (Toars und Poitiers) 732 م التي «أنقذ» فيها كارل مارتل (Karl Matell) الغرب مـن التحول إلى الإسلام.

- الحملات الصليبية التي لم تعد الآن تمجد في ألمانيا باعتبارها بطولات مسيحية، ولكن على الرغم من ذلك، فإن خسارة القدس وطرد الفرسان الصليبيين من الشرق الأوسط لا يقع في النفوس موقعًا حسنًا.

- وصول الأتراك المسلمين إلى البلقان ووقوفهم على حدود فيينا، ومن أجل ذلك، فإن الأمير أويغن (Prinz Eugen) المشهور بلقب «الفارس النبيل» (Der edle Ritter) يبرز باعتباره منقذًا جديدًا للعالم الغربي وللمسيحية، ويجري تمجيده؛ لأنه لقن الأتراك درسًا وجعلهم يعرفون حدودهم في البلقان.

وعبر علاقة الصدام «العسكرية» هذه تكرست في الذهن الغربي صورة أسطورية للإسلام بوصفه «دين السيف والنار»، وامتدت هذه الصورة الأسطورية عبر أوروبا حاملة في ثناياها تكوينات خيالية عن محمد -صلى الله عليه وسلم- بوصفه غولاً يمثل القسوة الشيطانية، ومدعمّة بقصص أسطورية تروى عن بطش المسلمين بالحجّاج المسيحيين وتقطيع أوصالهم وانتزاع أحشائهم وهـم أحيـاء. وأصبح كـل ذلك جـزءًا مـن مكونـات صورة الإسلام عدوًّا (Feindbild) منذ العصور الوسطى(6).

وهذه الصورة النمطية للإسلام يجري إحياؤها في بعض الدوائر السياسية والإعلامية الغربية -كما سنرى-، وما يزال بعض الكتاب يستمدون منها بشكل أو بآخر ما يثير الفزع من الإسلام في أوساط الجمهور الغربي.

وبعد سقوط عكا الحصن الصليبي الأخير في الشرق عام 1291 م، وعلى خلفية التصادم داخل أوروبا المسيحية اللاتينية نفسها اختفى العرب والمسلمون من دائرة الاهتمام الغربي. وقد ارتكزت النهضة الأوروبية بتيارها الإنساني على الإرث الكلاسيكي، متجاهلة باحتقار ما جاء من حقب وأحداث بين تلك العصور الكلاسيكية وعصر النهضة(7)، على الرغم من أن النهضة لم تستند فقط على الإرث الكلاسيكي بشقيه اليوناني واللاتيني بل كذلك على إنجازات العرب والمسلمين العلمية في العصور الوسطى التي تسربت إلى أوروبا عبر إسبانيا وصقلية وغيرهما(8).

ثم جاء عصر التنوير (Aufklaehrung) بروحه المتسامحة من جهة، وبحماسة الحركة الرومانتيكية من جهة أخرى، ونهوض الاستشراق بشكل بطيء من جهة ثالثة (9)، حيث جرى تجاوز الصورة النمطية للإسلام عدوًّا، وأسهم مفكرون عظام في تجاوز تلك الصورة وتقديم بديل ينظر إلى الإسلام والعرب بطريقة إيجابية متسامحـة، وعلى رأس هؤلاء: غوته(10) (Goethe) (1832-1849) بإعجابه الظاهر بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأشعاره الكثيرة التي ضمها ديوانه «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي» (West - Oestlischer Divan). و إفرايم ليسنغ (Lessing) (1729 - 1781) الذي دعا إلى التسامح والتعايش بين الأديان، وخاصة في عمله الشهير «ناتان الحكيم». والمستشرق والشاعر الرومانتيكي فريدريش روكيرت (F. Rueckert) (1788 - 1866) الذي ترجم جزءًا هامًّا من التراث العربي والإسلامي إلى الألمانية، مثل ترجمة حماسة أبي تمام شعرًا بالألمانية، وترجمة أجزاء كبيرة من القرآن الكريم، إضافـة إلى مقامات الحريري، وشاهنامة الفردوسي وغيرها(11).

ولكن صورة الإسلام فـي ذلك الوقت - فيما يسمى اليوم بالرأي العام (Oeffentliche Meinung) - ظلّت إلى حد كبير غير متأثرة بروح التنويرين، بل كان ذلك الرأي العام يستمد نظرته إلى الإسلام مِـمَّا كان يقدمه الكاتب الألماني الشعبي كارل ماي (Karl May) الذي صنع صورة متخيلة للشرق لدى أجيال متتالية من الألمان، ما تزال فاعلة -إلى حدّ ما وخاصة بين الأطفال - إلى يومنا هذا، من خلال كتبه الكثيرة التي تواصل دار نشر خاصة باسمه في مدينة بامبرغ (Bamberg) نشرها، ثم ما أخذ عنها من أفلام.

وعلى الرغم من أن كارل ماي لم يزر الشرق ولا يعرف العربية، فَإِنَّهُ كان يقدم في أعماله قصصًا مثيرة فيها شخصيات بارعة وذكية ومتفوقة، سرعان ما تتغلب على منافساتها الغبية عديمة الحيلة في الجانب الشرقي.

وحسب روتر (Rotter) فإن أعمال كارل ماي هذه كانت إعلانًا عن التفوق الغربي الذي توّج بغزو نابليون لمصر (1797) الذي كان في عيون الغرب نصرًا للتفوق الغربي المسيحي على التخلف الشرقي(12).

وفي عهود الكولونيالية والانتداب انخفضت صورة الإسلام عدوًّا على أساس من التفوق العسكري والتكنولوجي الغربي وعدم شعور الغرب بأنه مهدد من قبل الإسلام.

ولكن صورة العدو المرتبطة بالإسلام عادت في العقود الأخيرة نتيجة عدد من العوامل، وأبرزها:

- استقلال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحصولها على تسليح قوي نسبيًا من الدول الغربية، ومن دول المعسكر الشرقي سابقا؛ أشعر الغرب بوجود تهديد على تخومه، والكلمة العنوان التي تلخص هذا التهديد هي «قنبلة ذرية إسلامية».

- تدفق عدد كبير من العمال الوافدين من تركيا ومن دول شمال إفريقيا، وازدياد عدد طالبي اللجوء السياسي من البلاد العربية والإسلامية؛ أثار فـي ألمانيا المشاعر المعادية للغرباء (Fremdenfeindlichkeit) الذي يتطور إلى كراهية الغرباء (Fremdenhass)، و يكاد أن يكون ذلك عداء للمسلمين بشكل عام لما يمثلونه من ثقافة غريبة، وتقاليد مغايرة للتقاليد الغربية الأوروبية. والعنـوان الـذي يمثل ذلـك هـو غطاء رأس المرأة المسلمة (Kopftuch).

- التوتـرات الاجتماعيـة والاقتصاديـة، وإخفاق الأيديولوجيـا المستمـدة مـن الغرب كالقومية والاشتراكية، قادت في بعض مجتمعات الشرق الأوسط إلـى مثال أو رمز إسلامي علـى مبـدأ رد الفعـل، وقـد ظهـر ذلـك في نظـر الغـرب باعتبـاره تهديـدًا إسلاميـًّا.

والعنـوان الـذي يمثـل ذلـك هـو مصطلح الأصوليـة (Fundamentalismus) أو الإسلاميـون الأصوليـون (Fundamentalistische islamisten).

- انهيار المعسكر الاشتراكي وانحلال أداته العسكرية (حلف وارسو) الذي كان حتى سنة 1989 يشكل الشيطان الأكبر، والخطر الأحمر؛ ولكن سرعان ما قّدم الغرب ممثلاً في بعض من دوائره الإعلامية والسياسية والعسكرية الإسلام باعتباره صورة العدو البديلة الجاهزة منذ ألف عام، ومن السهل إعادة إحيائها لتحل محل العدو الشيوعي. وقد تحمّس لذلك عدد من الكتاب والإعلاميين والسياسيين وخاصة في دوائر حلف الناتو الذين خشوا أن يفقد حلفهم مشروعية وجوده ومبرراتها بغياب السبب الذي دعا إلى إنشائه أصلاً، فكان فرحهم بغزو العراق للكويت (آب /1990) غامرًا جدًا على اعتبار أَنَّهُ قدم لهم بما يشبه المعجزة حلاً سريعًا غير متوقع متمثلاً في عدو قديم/جديد، في وقت أمست فيه الحاجة إلى عدو بديل في أقصى درجاتها، حسب المبدأ القائل: «لي عدو، إذن أنا موجود» (Ich habe einen Feind، also bin ich).

هذا على الرغم من أن هذه الدوائر نفسها التي باتت ترى في الإسلام تهديدًا جديدًا يحلّ محل التهديد الشيوعي؛ كانت حتى وقت قريب ترى في تحالفها مع القوى الإسلامية المحافظة، وعلى رأسها حركة المجاهدين فـي أفغانستان، وسواها من الحركات الإسلامية حليفًا لها ضـد العدو الشيوعي «المشترك»(13).

وباختصار فـ «إن التصور المتعلق بالإسلام عدوًّا على وجه العموم متأصل بشكـل عميق في ذهن المواطنين في الاتحاد الألماني، وفي رأيهم العام. فهناك خوف، جارف، لا عقلاني من الإسلام، ومن العرب؛ في الوقت الذي لا يفرق فيه المواطن الألماني العادي بين العرب والأتراك والفرس وسواهم من المجموعات الإثنية الكثيرة، فهم في نظره عرب باختصار. إِنَّهُ الخوف من الثقافة المغايرة ومن فقر العالم الثالث، وهذا كله مرتبط بمشاعر من العنصرية وكراهية الأغراب يكـوّن مزيجًا ثقيلاً. و هذه المخاوف حاضرة في السياسة الداخلية حتى عندما لا تعبّر عن نفسها علانية فـي أغلب الأحوال، وحتى أيضًا في وجود تيارات معاكسة هامة. وفي السياسة الخارجيـة فإن صورة العـدوّ المرتبطة بالإسلام تظلّ خفيّة، ولكنهـا حاضرة تحت السطح، ويجري تفعيلها فقط في أوقات استثنائية، من أجل أهداف سياسية خارجية»(14).

ويمكن القول على وجه الإجمال السريع: إن مكونات صورة الإسلام عدوًّا تتعلق بأمور كبيرة أبرزها: وضع المرأة في الإسلام وفي الثقافة العربية، وما يشف عـن ذلك خارجيًا مثل غطاء الرأس(15) وتعدد الزوجات، وقمع الرجل المسلم للمرأة، والمرأة المسلمة التي يضربها زوجها.. إلخ.

ويقول الصحفي الألماني غوستاف سايبت (Gustaf Seibt) من جريدة «زود دوتيشه تسايتونغ»:

«إن الفرق الأكثر وضوحًا وجلاء بين المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الغربية هو وضع المرأة؛ لأن اضطهادها هو أكثر ما يجعل أشكال الحياة الإسلامية غير مقبولة بالنسبة إلى الغرب. والجماهير التي ترفع قبضاتها وتصرخ وتحرق الدمى تتألف من الرجال. من تربية الحقد الدينية إلى العجز عن تحمل التباين، ومن وعي الذات الجماعي ككثير من الرجال المسلمين إلى الاستعداد للانتحار الديني؛ فإن كل السمات التي تدع الإسلام يبدو اليوم هدّاما، وغير منتج تشير إلى الفصل القسري بين الرجال والنساء»(16).

ومن مكونات هذه الصورة أيضًا ما يمثله الإسلام في ذهن المواطن الألماني من ثقافة غريبة مغايرة للثقافة الأوروبية، إضافة إلى وجود عدد كبير من المسلمين في ألمانيا، وهم في مجملهم عمال وافدون، وطالبو لجوء، ومواظبون على مراجعة مكاتب المساعدات الاجتماعية لا يثيرون بصورة عامة انطباعًا إيجابيًّا، بل يلقون في روع المواطن الألماني أَنَّهُم يمثلون ثقافة متخلفة، ودولاً فقيرة تعاني من أزمات اقتصادية، ومجاعات، وحروب أهلية، وفقر، وتخلف، وجفاف.. إلخ.

ولعل من الأمور التي أسهمت في تصوير الإسلام عدوًّا في المدة الأخيرة أيضًا: قضية سلمان رشدي والفتوى الصادرة ضده بسبب كتابه «آيات شيطانية»، وما رافق ذلك من حملات إعلامية في الغرب بشكل عام. وكذلك الفيلم الأمريكي الدعائي: «ليس بدون ابنتي» المأخوذ عن رواية الأمريكية (بيتي محمودي) التي هربت بابنتها من زوجها الطبيب الإيراني عبر الجبال حتى وصلت إلى تركيا، والنجاح الكبير جدًا الذي حققه هذا الفيلم في دور العرض الألمانية، مِـمَّا أدى إلى إعادة طبع الكتاب مرات كثيرة، هذا على الرغم من المستوى المتدني فنيًا للفيلم والرواية؛ ولكن عرضه في عقب أجواء حرب الخليج صادف مناخًا خصبًا في الوعي الألماني لدى الإنسان العادي.

2- على الرغم من أن بواكير الكتابات المعاصرة المحذرة من الخطر الإسلامي في ألمانيا قد بدأت بعد عام (1979)؛ إذ عاد الإسلام ليصبح حقل نقاش مكثف باعتباره خطرًا على الغرب، فإن صورة الإسلام عدوًّا لم ترتفع بشكل حاد جدًا إلاّ بعد عام 1990. وقد برز في هذا النقاش اتجاهان:

2، 1: الاتجاه الأول اتجاه جامعي أكاديمي ظلّ مخلصًا إلى حدّ كبير لتقاليد الاستشراق الألماني الرصينة، الموضوعية إلى درجة كبيرة في معظم الأحيان، المستندة إلى معرفة علمية منهجية محكمة عمومًا. وإن كان هذه الاتجاه الجامعي الجديد لا يمتاز بالقدرات الموسوعية المدهشة التي امتاز بها المستشرقون الألمان المشهورون، الذيـن يمثلهم فـي الوقت الحاضر خير تمثيل المستشرقة العظيمـة أنـي - ماري شيمل (Annemarie Schimmel) المولودة عام 1922. وقد بدأ هذا الاتجاه يتخفف إلى حد ما من الأساليب الاستشراقية التقليدية التي كانت المناهج اللغوية الفيلولوجية والتاريخية تشكل جوهرها، وبات أكثر انفتاحًا على المنهجيات الحديثة وخاصة الأنثربولوجية والسيوسيولوجية، ومناهج علم السياسة والأدب وبخاصة منهجيات ما بعـد البنيوية. إضافة إلى استناده إلى معرفة ميدانية إقليمية مباشرة في غالب الأحيان. إِنَّهُ من ناحية يشبه «المعرفة الخابرة» بالشرق في أمريكا التي تحدث عنها إدوارد سعيد(17)؛ ولكنه يفترق عنها بشكل جوهري من ناحية أخرى تتمثل في الإخلاص للتقاليد الأكاديمية، وفي الحضانة الجامعية المباشرة لنشاط أصحاب هذا الاتجاه؛ بينما ترتبط تلك «المعرفة الخابرة» بمعاهد ومراكز دراسات تخطط بشكل مباشر، أو تقدم المشورة للسياسة الخارجية الأمريكية، ولذلك ظلّ هذا الاتجاه الألماني أكثر موضوعية، وأبعد عن الهوى، وأرصن معرفة، وأكثر شعورًا بقوة العلاقة التي تجمع أوروبا بالعالم الإسلامي. إضافة إلى أنّه أكثر استنادًا إلى فيلولوجيا اللغات الشرقية من نظيره الأمريكي(18).

وهذا الاتجاه يمثله أساتذة وتلامذتهم في أقسام الدراسات الإسلامية (Islam wiscenschaft) أو (Islamkunde) في عدد من الجامعات الألمانية، وبخاصة في جامعة هامبورغ بمعهد الدراسات الشرقية (Orient- Institut) التابع لها، حيث الأستاذ أودو شتاينباخ (U. Steinbach) مدير المعهد، والأستاذ غيرنوت روتر (G. Rotter) المدير السابق للمعهد الألماني الشرقي فـي بيروت، وعـدد مـن الباحثيـن والتلاميـذ الذيـن يمثلون جيـلاً جديدًا مـن المستشرقيـن، أمثال فيرينا كليـم (V. Klemm) وكارين هورنر (K. Hoerner) وغيرهمـا. وكذلك أساتذة في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة برلين الحرة (FU)، ومنهم الأستاذة كريمر (Kraemer)، والأستاذة أورسولا شبولر - شتيغمان (Spuler - Stegmann) فـي جامعة ماربورغ على نهر اللاين، والأستاذ شيفاور (W. Schiffauer) في جامعة فرنكفورت على نهر الأودر، والأستاذ بيتر هاينه (P. Heine) فـي قسم الدراسات الإسلامية التابع لجامعة همبولت فـي برليـن. والأستـاذان هاينـز هالـم (H. Halm) وهارالد مولر (H. Mueller) فـي جامعة توبنغن، وغيرهم(19).

وللأسف الشديد فإن تأثير هؤلاء الأساتذة والباحثين يظلّ محصورًا في أروقة الجامعات، وفي الكتب المتخصصة، والمجلات العلمية بين الأساتذة والطلبة والمتخصصين؛ ولا يكاد يمتد إلى الجمهور الألماني العادي الذي يستقي معرفته عن الإسلام من التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى، ومن كتب ذات طابع تبسيطي، وعنوانات ساطعة -كما سنرى -. على الرغم من أن ممثلي هذا الاتجاه الجامعي الجديد لا يفتأون يحاولون موازنة الصورة عن الإسلام التي تقدمها وسائل الإعلام الجماهيرية الحديثة «وخبراؤها».

ولن تتوقف هذه الورقة بصورة مباشرة عند جهود أصحاب هذا الاتجاه، وإن كان كثير من الآراء والمعلومات المبثوثة في ثناياها يستند إلى حد كبير على آراء عدد من ممثلي هذا الاتجاه، مثلما يتضح من المراجع والهوامش.

2، 2: أما الاتجاه الثاني فهو الاتجاه الأكثر خطرًا والأوسع انتشارًا والأشد تأثيرًا على الجمهور الألماني العريض، وهو نوع من الاستشراق الجديد غير الجامعي؛ بـل هـو فـي جوهره استشراق صحفي إعلامي يمثله صحفيون وتلفزيونيون ومؤلفو كتب موضوعات (Sach literatur). ويقدم ممثلو هذا النوع من الاستشراق غير الأكاديمي عادة على أنهم خبراء في شؤون الشرق الأوسط، وعارفون بالعالم الإسلامي والثقافة الإسلامية. وكلمة «خبير» (Experte) لها وقع قوي؛ إذ توحي أن هذا «الخبير» -حسب إدوارد سعيد - يتعامل بمهارة مطلقة مع مادة معمّاة شديدة الغموض والسحر(20)، بل وشديدة الخطورة أيضًا؛ لأنها تلقي في الروع بأنه يمارس عمله في حقل خطر مثل خبراء إزالة الألغام، أو خبراء الذرة.. إلخ

وفي كتابات هؤلاء الخبراء مثلما في مقالاتهم الصحفية، أو في مقابلاتهم وأحاديثهم التلفزيونية الكثيرة جدًا، وبخاصة في أوقات الأحداث الكبرى مثل حرب الخليج، أو أحداث نيويورك (11/أيلول /2001)؛ يبدو الإسلام لجمهور المتلقين قوّة موحّدة صلدة، مثل مسلّة مقدودة من صخرة واحدة (Monolotisch)، ذا طابع سكوني، لا يتطور، شديد الخطـورة، غيـر قابل للتعددية والديموقراطية(21). وتتكرر في كتاباتهم مثلما في أحاديثهم كلمات غريبة غامضة بالنسبة للألماني العادي، ويقدمون هذه الكلمات عادة بترجمات مغلوطة أحيانًا سواء بقصد أو بدون قصد أو يبقونها كما هي بلفظها العربي دون ترجمة أحيانًا أخرى، بما من شأنه إثارة مزيد من الخوف والعداء للإسلام من خلال حصره في مصطلحات وتجريدات غريبة عن الوعي الغربي. ومن هذه الكلمات على سبيل المثال لفظ الجلالة (الله) الذي يتكرر كثيرًا في أعمال المستشرقين الجدد غير الجامعيين، وفي عنوانات كتبهم بشكل يوحي أن (الله) هـو ربّ «قومي» خاص بالمسلمين يمثلـه خير تمثيل أولئك الأصوليون المتعصبون المسلحـون، بلحاهم الكثة، وجلابيبهم القصيرة، ونسائهم المحجبات المقموعات.

ومنها -أيضًا-: مصطلح «الجهاد» الذي يستخدمونه بلفظة العربي (Dschihad) أو يترجمونه بمصطلح «الحرب المقدسة» (Heilige Krieg)، وهو في نظرهم وسيلة الإسلام العسكريـة لنشر معتقداتـه. ومنهـا كذلك كلمة «أصولية» (Fundamentalismus)، وما يشتق منها من مسلمين أصوليين.. إلخ.

هذا في حين أن هذه الألفاظ والمصطلحات في كتابات المستشرقين الجامعيين الجدد تقدم بحقيقتها الموضوعية؛ فلفظ الجلالة (الله) مثلا يشرح بمـا يقابلـه مـن لفظ ألماني (Gott)(22)، ويقدم على أَنَّهُ يعني في العربية الرب بالنسبة للمسلمين والمسيحيين واليهود. وكذلك لفظ الجهاد الذي يقدم على أَنَّهُ بذل الوسع، وتشرح درجاته التي إحداها العمـل العسكري الدفاعي ضد أرض الكفر غالبا(23).

ومن أبرز من يمثل هذا الاتجاه، وأكثرهم شهرة وحضورًا في الأوساط الإعلامية والتلفزيونية، وأوسعهم تأثيرًا على الجمهور الألماني بشكل خاص، شخص يدعي بيتر رومان شول - لاتور (Peter Scholl-Lator)، وهو صحافي، ومراسل تلفزيوني، مؤلف كتب يقدم عادة بلقب «الخبير فـي شؤون الشرق الأوسـط» (Nahostexperte) أو «خبيـر بشؤون الإسـلام» (Islamexperte). وشول - لاتور المولود في مدينة بوخوم في غرب ألمانيا عام (1924) ينحدر من عائلة أطباء ذات أصول إلزاسية، وقد درس في السوربون، وفـي ماينز، وفي بيروت، والتحق في بداية حياته بالجيش الألماني، ثم بالجيش الفرنسي مظلّيا. ومراسلاً عسكريا في الجزائر والهند الصينية. ومن تجربته العسكرية في فيتنام حيث وقع في الأسر مدة ألّف كتابه الأول: «الموت في حقول الأرز، ثلاثون عامًا من الحرب في الهند الصينية»، ونشره في شتوتغارت عام (1979). وهذا الكتاب يعد نجاح شول - لاتور الأكبر إذ باع حتى الآن (1. 3) مليون نسخة، ووضع صاحبه على قائمة كتـّاب الروائع أو الكتب الأكثر مبيعًا. ثُمَّ اشتغل صحافيًا ومراسلاً تلفزيونيا للبرنامج التلفزيوني الألماني - القناة الأولى (ARD)، ومديرًا للبرامج في تلفزيون وإذاعة غرب ألمانيـا. ومديرًا لتحرير المجلـة المصورة واسعة الانتشـار (Stern) منـذ عام (1983). وقد نال عددًا من الأوسمة والجوائز من الحكومة الألمانية، آخرها جائزة التلفزيون الألماني(24).

ظهر كتابه الأول عن الإسلام عام (1983) بعنوان: «إنّ الله مع الصابرين: مواجهات مع الثورة الإسلامية» (Allah ist mit den Standhaften: Begegnugen mit der islamischen Revolution. Stuttgart 1983). ومنذ كتابه هذا، شرع شول - لاتور يكوّن فرضياته عن الحملات الإسلامية ضد الغرب، وعن إسلام أصولي مسلح خطر يتربص بالغرب المسيحي. وجميع فرضياته تقوم على اتجاه ثقافي محافظ بشكل صلب يستخدمه شول - لاتور أساسًا لآرائه وحججـه؛ ففي كتابـه «ميدان معركة المستقبل: بين القوقاز وهضبة آسيا الداخلية» الصـادر فـي برلين (1996) (Das Schlachtfeld der Zukunft: Zwischen Kaukasus und pamir) أخذ شول - لاتور يقدم أطروحته الأساسية التي تتمثل في أن الحروب التقليدية قد انتهت إلى الأبد، وبدأت حروب من نوع جديد لا تعرف الجنود وإنما يخوضها محاربون عقائديون، فهي حرب عقائدية في جوهرها، وسيكون ميدانها الذي سوف تحسم عليه بين القوقاز وهضبة آسيا الداخلية، وبين روسيا الأرثذوكسية والشرق الأوسط وصولاً الى الصين الكونفوشية على طول طريق الحرير.

وشول - لاتور وإن كان من جهة يضع نهاية خاصة به للتاريخ مثلما فعل فوكاياما، مثله في ذلك مثل صموئيل هاتنغتون أيضًا في (صراع الحضارات) الذي يصف جميع الثقافات خارج الثقافات الغربية بأنها أحادية، عاجزة عن التعددية والديمقراطية؛ فشول - لاتور لا ينفك مـن جهتـه يصف الثقافة الإسلامية بأنها «واحدة من الثقافات التي لا تتأثر إطلاقًا بالعلاقات الاجتماعية»(25)؛ أي أن الإسلام بكلمات أخرى -حسب شول - لاتور- هو سكوني، وغير قابل للتطور.

ولم ينجح شول - لاتور في الثمانينات والتسعينات في أن يتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا طوال أسابيع كاملة فحسب، بل تجاوز ذلك الى حقل إعلامي واسع التأثير هو التلفزيون عندما قدم فيلمه ذا الأجزاء الأربعة «سيف الإسلام» (Das Schwert des Islam)، وقد أوحى فيه أن هجرة العمال والباحثيين عن العمل في أوروبا، وخاصة في فرنسا أشبه بكماشة تطبق على أوروربا من الشرق كـ «عاصفة تتارية جديدة»، وهذا هو عنوان الجزء الرابع من الفيلم، ولا يجدي أمام هذا الخطر سوى حلف من البشرية البيضاء(26).

وبينما لا ينفك شول - لاتور عن التأكيد في كل مناسبة -حتى لا يتهم بالتحريض العنصري- أن مسلمي ألمانيا هم أناس رفيعو التهذيب، وأن غالبية المسلمين هم بشر مسالمون على وجه العموم؛ فإنه في الوقت نفسه يرجع دائمًا إلى فرضياته الأساسية محذرًا من أن الإسلام يشكـل قـوّة ممعنـة في عداوتها للحضارة الغربية. ففي البرنامج التلفزيوني الشهير (Talk show) الذي يقدمـه المذيـع الشهيـر فريدمان (Friedman) في القناة الأولى (ARD) قال شول - لاتور بعد أن استشهد بآيات من القرآن: «الإسلام دين قتالي، والذي يقول غير ذلك لا يعرف الإسلام»(27).

إن شول - لاتور قادر على التأثير في الرأي العام، وهو مثله مثل الصحفيين الذين يفتقـرون إلـى المعرفة الكافية فيلجأون إلى المفردات والاصطلاحات ذات الإيقاع اللاسع القوي، والتجريدات التعميمية، لا يفتأ يقدّم خبرته «اليقينية» عن الإسلام، يساعده في هذا التأثير مظهره الهادئ الواثق، وقدرته على التعبير بأسلوب تصويري مميّز، ولغة خاصة مليئة بالتجارب الذاتية فـي البلدان الإسلامية، وغيرها من البلدان ذات الثقافات الأخرى (غير الأوروبية)؛ كل ذلك يجعله يبدو عارفًا وخبيرًا في حقله، ويجعل تلك العوالم الغريبة تبدو لغير المتخصصين مطالعات مثيرة، مقدمًا الإسلام بشكل دائم تقريبًا باعتباره قوة مضادة للمسيحية.

فـردًا علـى سؤال حـول مـاذا يجـب أن يكـون عليـه الرد بعد أحداث 11/أيلول، قال: «يجب على المرء أن يفكر جديًا بقنبلة نووية أوروبية، ينبغي أن نرد على الإرهاب بإرهاب مضاد، ولكن من أجل ذلك فإن مجتمع المتعة اللعين هذا (أوروبا) يفتقر الى قوّة التدّين؛ إذ بينما تعاني أوروربا مـن الإلحاد يمكن على الأقل أن تتقدّم أمريكا المتدينة لتواجه الإسلام»(28).

هذا على الرغم من أن شول - لاتور يؤمن بأوروبا القوية الموحّدة من منطلق ديغولي مخلص، ولكن يبدو أَنَّهُ يؤمن بأوروبا قوية وموحّدة ومسيحية في الوقت نفسه، وهو لا يتردد عن انتقاد أمريكا ونهجها في السلوك السياسي في بعض الأحيان(29).

إن شول - لاتور لم يحدد أبدًا في كتبه الكثيرة حول الإسلام(30)، أو في مقالاته ومقابلاته ما الذي يعنيـه بمصطلحات يكثـر مـن تكرارهـا، وبخاصـة مصطلح «الأصولية» أو «الإسلاميين الأصوليين»؛ مثلما لا يقدم أي تحليل لأيديولوجية أصولية، ولكنه لا يفتأ يقدم هؤلاء الأصوليين على أنهم كائنات متعصبة، غير عقلانية، تتصرف بناء على نماذج تاريخية(31).

إِنَّهُ باختصار يروج لشكل من اتجاه ثقافي أسطوري (Mytische Kulturalismus) موجّه ضـد الإسلام بشكل عـام لدرجـة أن جريـدة (Die Zeit) واسعة الانتشار قـد وصفتـه مرة بأنـه «آية الله معاداة الإسلامية «(Ajatollah des Antiislamismus)(32).

أما الكاتب الآخر الذي لا يقـل شهرة، ولا يكتب بطريقة أقل تعميمًا عن الإسلام، فهو جيرهارد كونسلمان (Gerhard Konzelmann)، صاحب الكتب الكثيرة حول الإسلام والشرق الأوسط(33)، الوجه الدائم الحضور على شاشات التلفزيون الألماني، بوصفه خبيرًا في شؤون الشرق الأوسط، وهو مولود في شتوتغارت عام (1932) لأب كان يعمل في مصلحـة الخطوط الحديدية، درس فقه اللغة في جامعة توبنغن، وبدأ العمل في التلفزيون عام (1957). ومنذ عام (1968) بدأ يعمل مراسلاً للقناة الأولى (ARD) من بيروت والقاهرة، وقد لمع نجمه بشكل خاص في أثناء حرب الخليج بوصفه معلِّقًا على الأحداث وخبيرًا بما يجري. نال جوائز عديدة من أهمها جائزة التلفزيون الألماني، ووسام الاستحقاق الاتحادي من الدرجة الأولى. ومنذ عام (1994) أصبح - إضافة إلى عملـه مديرًا لدار أوبرا في شتوتغارت مستشارًا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وإذا كانت شهرة كونسلمان لا تقل عن شهرة زميله شول-لاتور، فإن أثره في تقديم صورة «شائهة» عن الإسلام لا يقل عن أثر زميلـه أيضًا؛ بل ربمّا يفتقر إلى شيء من الرصانة النسبية التي تتحلى بها كتابات شول - لاتور قياسًا إلى كونسلمان الذي يستند بشكل أساسي في تقديمه للإسلام على تعميمات كبرى، وانطباعات عامة، وتأويلات ذاتية. وكتبه بشكل عام تفتقر إلى الرصانة، وتخلو من التوثيق، وهي تتوجه إلى القارئ العادي غير المثقف، وغير المتخصص، وهذا مكمن خطرها.

وأبرز نقد يوجه إلى كونسلمان أَنَّهُ لا يعرف اللغة العربية ولم يدرسها رغم إقامته الطويلة في بعض العواصم العربية مراسلاً للتلفزيون الألماني. وكل كتبه وآرائه تستند إلى مراجع ثانوية أوروبية وهو مثل زميله شول - لاتور يكثر من استخدام المفردات الأساسية المثيرة بلفظها العربي، أو بترجمتها الألمانية المصوغة بشكل مقصود لوضعها في معنى سلبي حصريًا؛ مثل لفظة الجهاد أو «الحرب المقدسة».

ومن آخر ما صدر له من كتب كتاب بعنوان: «الجهاد وجذور صراع دولي» (Dschihad und Wurzeln eines Weltkonflikts)(34).

وهناك شخص ثالث يمكن إلحاقه بالمعرفة الخبيرة الإقليمية التي يمثلها شول - لاتور وكونسلمان، من حيث تقديمه صورة أقرب إلى التحريض ضد الإسلام، على الرغم من أَنَّهُ عربي مسلم، وينتمي إلى الوسط الأكاديمي، وهو البروفيسور بسّام طيبي المولود في دمشق عام 1944، ومدرس علم السياسية وشؤون العالم العربي والإسلامي المعاصرة في جامعة غوتنغن، ويلحقه الأكاديميون عادة بزميليه السابقين في طريقة تقديمه للإسلام(35)، وفي استخدامه مصطلحات «لاسعـة» مثـل: الجهـاد، والأصولية، والإسلام السياسي، والإرهاب.. إلخ.

ففي مقابلة له بعد أحداث 11/أيلول نشرتها مجلة (فكر وفن)(36): يرفض بسام الطيبي -على سبيل المثال- الفرضية القائلة: إن معاداة المسلمين للغرب في الوقت الحاضر تعود إلى مواقف أوروبا من الدول العربية في عهود الاستعمار، أو إلى إنشاء دولة إسرائيل ومناصرتها ضد المصالح العربية والإسلامية؛ بل إن هذا العداء الإسلامي الموجّه للغرب أمر جوهري متأصل في التاريخ الإسلامي، فالمسلمون -حسب الطيبي- لن يغفروا للغرب المسيحي أَنَّهُ وقف في العصور الوسطى أمام التوسع الإسلامي وأحبطه، وهذا العداء لن يتغير حتى لو توقفت أمريكا والغرب عن مناصرة إسرائيل وأصبحوا أكثر عدلاً تجاه القضايا العربية والإسلامية، وعلى المثقفين الغربيين الذين يشعرون بالذنب تجاه الشعوب الإسلامية ويتفهمون دوافع عدائها للغرب أن يتوقفوا عن ذلك، فالمسلمون ليسوا أبرياء في علاقاتهم بالغرب(37).

3- لقد أثار تقديم شول - لاتور وكونسلمان، وحتى بسّام الطيبي بشكل مكثف في وسائل الإعلام الألمانية -على أنهم خبراء في شؤون الإسلام والشرق الأوسط- حفيظة الأكاديميين الألمان المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية(38).

ولعل أول من نبّه على مخاطر شول - لاتور وكونسلمان على الرأي العالم الألماني، وعلى علاقة الغرب بالعالم الإسلامي هو: البروفيسور بيتر هالم (Peter Halm) الأستاذ في جامعة توبنغن في مقالة نشرها في جريدة (Sueddeutschzeitung) بعد حرب الخليج(39) بعنوان: «صانعو الفزع»؛ فنّد فيها أطروحات هذين الصحفيين التعميمية والتبسيطية عن الإسلام والمسلمين، وخاصة تقديمها الإسلام على أَنَّهُ كتلة موحدّة، وقال: إن الإسلام متعدد، فهناك إسلامات وليس إسلامًا واحدًا، يمثل الاتجاه الأصولي الحديث واحدًا منها، وبيّن نشأة مصطلح الأصولية في الفكر البروتستانتي المعاصر ردًّا على أطروحات داروين العلمية على نشوء الحياة، وفند كثيرًا من الأطروحات في كتبهما وفي مقابلاتهما التلفزيونية.

ولعل أحد الردود أيضًا جاء من خلال انعقاد مؤتمر «وجوه الإسلام» (Gesichter des Islam) الذي انعقد في «بيت ثقافات العالم» في برلين في عام 1992، وشارك فيه عدد من المفكرين الغربيين والمسلمين، ويتضح من عنوانه إعلان فكرة تعدد الإسلام.

وفي عام (1992) تعرضت سمعة كونسلمان إلى ضربة قاصمة عندما أقام عليه البروفيسور غيرنوت روتر دعوى أمام القضاء الألماني بتهمة السطو الأدبي والانتحال، وأثبت أن ثلث كتاب كونسلمان الذي بعنوان «محمد رسول الله»(40) مسروق حرفيًا من ترجمة روتر نفسه لسيرة ابن اسحق، وبقية الكتاب إما منقولة بدون توثيق من مراجع أخرى، أو عبارة عن تأويلات وانطباعات وتحليلات ذاتية تفتقر إلى أي توثيق أو أساس منهجي، يبدو فيها التاريخ العربي الإسلامي مكونًا من العنف والجنس. وقد قضت المحكمة بأن يدفع كونسلمان مبلغ (53) ألف مارك ألماني تعويضًا لروتر، وأمرت بوقف إعادة طبع الكتاب.

و منذ ذلك الوقت اختفى وجه كونسلمان عن شاشات التلفزيون، ولكن هذه السمعة السيئة لم تمنع الحكومة الألمانية من منحه صليب الاستحقاق الاتحادي من الدرجة الأولى.

ثُمَّ أصدر روتر كتابًا حول انتحالات كونسلمان عنوانه: «منتحل الله - سرقات خبير الشرق الأوسط «جيرهارد كونسلمان» (Allas Plagiator-Die puplizistischen Raubzuege des «Nahostexperten» Gerhard Konzelmann)؛ أثبت فيـه أن كونسلمان ليس خبيرًا، بل منتحل وجاهل، وأن كتبه التي تزيد على العشرين هي في أجزاء كبيرة منها سطو على جهود الآخرين، ومن ضمنهم روتر نفسه، وقد كشف روتر كل ذلك بأسلوب هجائي ساخر لاقى تقريظًا في أوساط الأكاديميين الألمان(41).

أما شول - لاتور فقد تعرضت سمعته أيضًا إلى ضربة قوية عندما أصدرت فيرينا كليم، وكارين هورنر، وآخرون كتابًا عن أطروحاته المشوهة عن الإسلام عنوانه: «سيف الخبير - صورة شول - لاتور الشوهاء عن العرب والإسلام» (Das Schwert des «Experten» Peter scholl - Latours verzerrtes Araber - und Islambil. Heidelberg -1990 بمقدمة من البروفيسور هاينز هالم، وقد لاقى هذا الكتاب أيضًا استحسانًا بين الأكاديميين المتخصصين فـي الدراسات العربية والإسلامية على اعتبار أَنَّهُ يوازن الصورة التي يقدمها شول - لاتور عن الإسلام، ويضع حدًّا للآثار الخطيـرة التـي تمارسهـا «خبرته» في الرأي العام الألماني(42).

ولكن مثل هذه الجهود الأكاديمية المتوازنة تبقى للأسف - مثلما سبق القول - محصورة في صفوف الأكاديمين والمثقفين المهتمين؛ إذ سرعان ما جرى نسيان مثل هذه الجهود إثر وقوع هجمات 11/ أيلول، وعاد شول - لاتور مرة أخرى ليحتل شاشات التلفزيون وصفحـات الجرائد، وقوائم الكتب الأكثر مبيعًا، وليواصل تقديم أطروحاته حول خطر الإسلام على الحضارة الغربية بيقين وثقة.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن شول - لاتور وأمثاله -وإن كانوا شديدي الخطر على الرأي العام الألماني في تصوير الإسلام عدوًّا، وفي إثارة الفزع بين الجمهور من إسلام خطر يتربص بأوروبا المسيحية، فإن هؤلاء على تأثيرهم الواسع- لا ينفردون بالساحة الألمانية؛ لأن هناك من حسن الحظّ مثقفين كبارًا، مثل غونترغراس، وأني ماري شيمل، وسواهما لهم تأثيرهم أيضًا، وخاصة بين صفوف المثقفين.

وربما كان من المستحسن هنا أن نختم بردّ شيمل على الصحفي هارالد بيسكوب إثر هجمات الحادي عشر مـن أيلول عندما سألها: «ماذا تقولين عن النظرية التي تقول: إنه لا يمكن هزم الإرهاب إلاّ إذا أخذ العالم الإسلامي بالمبادئ العلمانية والإنسانية للعالم العصري؟».

فأجابت: «كثيرًا ما نسمع في الغرب هذه النظرية التي لم تثبت صحتها. وأنا لا أوافق عليها كما هي هكذا. لماذا نحاول تنظيم كل شيء طبقًا لحضارتنا الغربية؟ لكل حضارة قيمها، لكن أحيانًا يجري انحراف هذه القيم وتشويهها على نحو منظم. أليس هذا هو الحال مع قيمنا المسيحية؟ فعلينا ألاّ نقصر نظرنا على الانحرافات، ونحن لا نحكم على المسيحية بحسب الحملات الصليبية ومحاكم التفتيش».

وعندما سألها: «ابن لادن ورفاقه الأشرار لا يستطيعون إذًا أن يدفعوا أنا ماري شيمل إلى أن تفقد ثقتها بالإسلام؟».

أجابت: «كلاّ؛ فإنني أعرف الحضارة الإسلامية خير معرفة، وبعض الأفراد في إيرلندا الشمالية لن يدفعوني إلى أن أفقد ثقتي بالمسيحية»(43).

***************
الهوامش والملاحظات
*) أكاديمي وباحث من الأردن، أستاذ مساعد بجامعة فيلادلفيا.

1. Ansturm auf Koran und Nastrdamus

http://www. tiscali. de/ente/ente-center-anstur279000. html

2. جميع المعلومات السابقة مستقاة من التقرير المذكور أعلاه.

3. حول الجالية الإسلامية في ألمانيا، وتاريخها، وتكوينها، وجمعياتها السياسيـة والاجتماعية، انظر:

Spuler - Stegemann, Ursula: "Muslime in Deutschland - Organisation und Gruppierungen. "

In: Islam in Deutschland (Der Buerger im Staat- Heft 4 / 2001, Hrsg: LPB) ss,1 - 13.

(http://www. lpb. bwue. de/aktuell/bis 4-01/islam. htm)

4. قارن مع:

Schmidinger, Thomas: "Europaeische Identitael und Islam."

(http://contextxxi. mediaweb. at/texte/archiv/c21010618. html)6/2001, page 1of 6.

5. انظر:

Rotter,Gernot: "Islam und der Westen- Die Verlorene Naehe" in

(http://stud-www. uni-marburg. de/-Alm/islam. htm) p1of 12. hier. s,4 f.

6. المرجع السابق نفسه، ص8.

7. المرجع السابق نفسه، ص10.

8. انظر:
- Endress, Gerhard: Der Islam Eine Einfuehrung in seine Geschuchte. Muenchen 1991,
الفصل الخاص ببدء الدراسات الاستشراقية فـي أوروبا عامة وفـي ألمانيـا خاصة، ص20 - 22.
9. انظر: Rotter: Islam und der Westen، s. 10

10. انظر على سبيل المثال: مومزن، كاترينا: «جوته والعالم العربي». ترجمة عدنان عباس علي، مراجعة عبد الغفار مكاوي، الكويت، عالم المعرفة (1994) شبـاط 1995، وخاصـة الفصـل الثاني: «غوته والإسلام» ص177 وما بعدها.
11. حول جهود روكيرت انظر: Endress: Der Islam، S. 22.

12.

Rotter: Islam und der Westen، s. 10-11.

13. المكان السابق نفسه.

14.

Hippler, Jochin:Islam، Aussenpolitik، Gewalt"

(http://www. naher-osten. de/aufdatze/islam-Aussenpo.. /islam-aussenpolitik-gewalt. htm 11/05/23) page 1 of 25، hier. S,13.

15. لقد دار نقاش موسع حول غطاء الرأس للمرأة المسلمة في ألمانيا أيضًا بعد قضية غطاء الرأس التي اندلعت في فرنسا. انظر حول هذا الأمر في المانيا:

Zaidan,Amir: "Das Kopftuch und der neue Rassismus"
(http://www. enfal. de/neuradd. htm 08/05/23) page 1 of 5.

16. سايبت، غوستاف: «حول ماذا يجري صراع الحضارات» في: فكر وفـن (عدد خاص) كانون الثاني / يناير 2002، صص 12 - 13) هنا، ص13.

17. سعيد، إدوارد: الاستشراق - المعرفة - السلطة - الإنشاء. ترجمة كمال أبو ديب. بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، ط2، انظر ص285 وما بعدها.

18. قارن مع المرجع السابق نفسه، ص291 وما بعدها بشكل خاص.

19. انظر قائمة تضم بعض مؤلفات هؤلاء إلى جانب عدد من الكتب التي ظهرت في العقد الأخير حول الإسلام بالألمانية أو مترجمة إليها في:

Islam im Unterricht (Sachbucher):

(htt://homepages. compuserve. de/Hut Narang/manfred/fbr/Lit/islam. html)

وكذلك في:

Politische literature. (htt://www. nzz. ch/2002/10/09/pl/page-article 70120. html)

20. الاستشراق، مرجع سابق، ص291.

21. انظر:

Wachtler, Florian: "Krieg gegen den Terror".

(http://www-e-politik. de/beitrag. cfmssBeitrag- ID=1376) Sonntag,21. 07. 2002 page 1 of 3، heir, S. 2.

ويلاحظ أن هذه الصفات المستخلصة من نظرة خبراء مثل شول-لاتور عن الإسلام هي نفسها التي يستخلصها إدوارد سعيد من كتابة غوستاف فون غروبنام عن الإسلام أيضًا. انظر: الاستشراق، ص295-298 بشكل خاص.

22. انظر مثلا مادة (Allah) في:

Walter, Wiebke: "Islam – GrundInformationen" in:

مرجع ذكر سابقًا (Islam in Deutschland) وقارن مع المادة نفسها في:

Lexikon der Islamischen Welt. (Hrsg) von، K. Kreised und R. Wielandt. Verlag W. Kohlhammer: Stuttgart Berlin Koeln 1992, SS,24-25.

23. (انظر مثلاً شرح روتر لمعنى الجهاد) في مقالته المذكورة أيضًا:

Islam und der Westen - Die Verlorene Naehe, S. 6.

ويذكر أن كرايسر وفيلاندت في (معجم العالم الإسلامي) المذكور في الهامش السابق قد عالجا مادة (جهاد) تحت عنوان (الحرب المقدسة / Heilige Krieg) رغم أن شرحهما لهذا المصطلح كان شاملاً لمعنى بذل الوسع ومعنى الجهاد الأكبر، والدفاع.. إلخ، إلاّ أن وضع المادة تحت هذا العنوان بالذات فيه بعض الخروج عن المعنى الموضوعي للمصطلح. انظر:

Lexikon der Islamischen Welt، SS. 122 - 123.

24. انظر تقريظ هانز يانكه (Hans Janke) مدير التحرير الريئسي ونائب مدير البرامج في التلفزيون الألماني لبيتر شول-لاتور في خطبته بمناسبة منحه جائزة التلفزيون الألمانـي لعام 2001.

(http://pribage. de/print/dwr2001/01/inhalt. html)

25.

Wachtler، F: Krieg gegen den Terror. S. 2

26.

Halm، Peter، Vorwort, in:

Klemn، Verena / Hoerner، Karin: Das Schwert des «Experten»، Peter Scholl - Latours Verzerrtes Araber - und Islambild. Heidelberg, 1993, S. 11. Zitat, nach:

Schmidinger: Eropaeische Identititaet und islam، S. 4.

27.

Wachtler، F: Krieg gegen den Terror، S. 2.

28. المرجع السابق نفسه. المكان نفسه.

29. انظر حول ذلك مثلاً مقابلته مع الصحيفة البرلينية الأسبوعية (Unge Freiheit) في 17/4/2002.

(junge Freiheit Verlag Gmbh und com. www. jungefreiheit. de).

30. نشر شول لاتور حوالي ثلاثة وثلاثين كتابًا في مختلف القضايا الدولية الراهنة، نكتفي هنا بذكر بعض عنوانات كتبه حول الإسلام والقضايا العربية والإسلامية، مترجمة الـى اللغة العربية:

1. إن الله مع الصابرين، مواجهات مع الثورة الإسلامية. شتوتغارت، 1983.

2. ميدان معركة المستقبل: بين القوقاز وهضبة آسيا الداخلية، برلين، 1996.

3. أكاذيب في الأرض المقدسة. روز القوى بين النيل والفرات. برلين 1998.

4. ظلال الله فوق أتاتورك: أزمة تركيا بين البلقان وكردستان. برلين 1999.

5. الجحيم مصير الكفرة: الإسلام في الاتحاد السوفيتي المنهار. ميونيخ، 1994.

6. مكافحة الشر أم حرب ضد الإسلام؟ أمريكا في نشوة تفرّد القوة. برلين 2002.

7. الجزائر برميل البارود. من حرب الفرنسيين الى الثورة الإسلامية. ميونيخ 1994.

8. سيف الإسلام: ثورة باسم الله. ميونيخ، 1997.

وغيرها كثيـر.

31. انظر:

Schmidinger: Eropedische identitaet und Islam، S. 4.

32. نقلاً عن:

Wachter, F: Krieg gegen den Terror، S. 2.

33. نشر جيرهارد كونسلمان حوالي خمسة وعشرين كتابًا أغلبها عن الإسلام والشرق الأوسط نكتفي هنا أيضًا بذكر بعض عناوين هذه الكتب مترجمة الى العربية:

1. لا أحد يتحدث عن السلام - بين الجبهات في الشرق الأوسط. (1971).

2. المعركة حول إسرائيل (1974).

3. الخلفاء العظام.

4. الشيعة والجمهورية الإسلامية (1979).

5. محمد نبي الله وقائده الميداني. (1980).

6. التحدي الإسلامي (1980).

7. النيل (1982).

8. القدس - 4000 سنة من الصراع حول مدينة مقدسة (1984).

9. مملكة الله العالمية الجديدة - الكفاح من أجل الوحدة العربية (1986).

10. سيف الله - انطلاق الشيعة (1989).

11. قبة الصخرة وحائط المبكى - كفاح عرفات من أجل دولته (1998).

12. الجهاد وجذور صراع دولي (2002).

34. جميع الأطروحات السابقة حول الجهاد مستمدة من محاضرة ألقاها كونسلمان في صالة الموسيقـى بمدينة شتوتغارت بتاريخ 19/4/2002 عرض فيه كتاب السالف الذكر عـن الجهاد. انظر:

Konzelmann, Gerhard:Dschihard und die Wurzeln eines Weltkonflikts.

(htt://www. politik-buch. de/rezens/rez-Konzelmann. htm).

35. انظر على سبيل المثال:

Abdallah, Laila: Islamischer Fundamentalismus - eine fundamentale Fehlwarnehmung. Berlin، 1998, S. 82.

نقلاً عن:

Schmildinger ; Eropaeische Identetaet.، S4.

36. الطيبي بسام: «أسامة بن لادن ليس وحيدًا» في: (فكر وفن) عدد خاص، يناير 2002، ص16-17.

37. المرجع السابق نفسه.

38. انظر العدد الخاص الذي أصدرته وكالة الأنباء الكاثوليكية (KNA) عن الإسلام في ألمانيا. وخاصة القسم المعنون بـ:

"Islamwissenschaftler kritisieren Medienberrichtstattung ueber Anschlaege"

(المتخصصـون بالدراسـات الإسلاميـة ينتقـدون التقاريـر الإعلامية حول ضربات (نيويورك). في:

(htt://www. kna. de/produkte/sonderhefte/islam. html.)

وكذلك صفحة الانترنت (Ketzerbriefe) عدد (37)، وخاصة القسم المعنون بـ:

"Orientalistik modern - zur kampagne gegen Konzelmann und Scholl-Lator"

(الدراسات العربية الحديثة - نحو حملة ضد كونسلمان وشول - لاتور) في

(http://www. ahriman. com/ketzenbriefe/kb37. htm).

39.

Peter Halm: "Panikmacher". In: (Sueddeutsc zeitung) 17. 05. 1991.

40. نشر كونسلمان هذا الكتاب أولاً بعنوان: محمد نبي الله وقائده الميداني (1980) ثم أعاد طبعه مرات متتالية بعنوان (محمد رسول الله).

41. انظر على سبيل المثال اقتباسات مـن الصحف الألمانية الكبـرى مثـل (Die Zeit) و (Der Spiegel) وسواهما في:

Palmyra Verlag: "Pressespigel".

(http://www. palmyra-verlag. de/ps-R. html)

42. انظر كذلك حول صدى هذا الكتاب العنوان الإلكتروني أعلاه.

43. أني ماري شيمل: «الإسلام ينظم الحياة» فـي: فكـر وفـن. يناير / 2002، ص21-22، هنا ص22.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=28

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك