الإسلام والمسيحية في فضاء القيم المشتركة
الإسلام والمسيحية في فضاء القيم المشتركة
بقلم: د.أسعد الحمراني
الحوار كلام بين طرفين، افرادا او مجموعات، يتم من خلاله تبادل الرؤى والافكار، واي حوار قام بروح ايجابية وغائية هي علاقات سليمة على اسس عادلة، يكون مثمرا. والحوار يعتمد لغة التخاطب من منطلقات يلتزمها طرفا الحوار، ومن خصوصيات تكون لكل منهما.
لذلك لا يستقيم الحوار الا اذا راعى هذه المسائل وفي مقدم ذلك ان يقر كل انسان بالآخر حسب ما يريد هذا الآخر ان يكون. فالحوار لا يكون باكراه الآخر على التزام ما يكون عليه المحاور او طرف الحوار الآخر.
فالقاعدة هي ان يحترم كل محاور محاوره وان يقبله بما هو عليه. واذا اراد ان يبلّغه او ان يعدّل له بعض افكاره فذلك يكون بالحسنى وبالاقناع لا بالقهر والتسلط. وهنا لا بد ان يكون في الخطاب المتبادل جوامع مشتركة ومنطلقات تشكل مرتكزات هذا الحوار.
ان تقدم وسائل الاعلام والاتصال لم يلغ اهمية المحادثة والحوار بين شخصين، ولا يزال هذا الشكل من الخطاب المباشر افعل وسائل الاعلام في الابلاغ والاقناع. امام التحديات المتنوعة التي يواجهها انسان اليوم في مطلع هذا القرن الحادي والعشرين نحتاج للرد من موقع الموقف الايجابي القائم على الحوار والتعارف كي نردع ونجابه منطق الصدام الذي تحمله مشروعاً العولمة الاميركية لتتسلط على الامم وتبسط سلطان رأسماليتها المتوحشة بمضمونها المادي الذي لا يقيم وزنا لكرامة الانسان ولا يقر بالخصائص الثقافية والحضارية للآخرين.
ان مهمة الدعوة الى الهدى ودين الحق والى عقيدة الايمان بالاله الواحد وبيوم الجزاء الاخروي، يضاف اليها مهمة العمل كي تسود قيم الحق والخير والعدل من اجل سعادة الانسان المكّرم عند الله، كل ذلك يستلزم حوارا بروح بناءة وبجدية مع احساس بالمسؤولية.
وهذا لا يكون بغير اللقاء على الجوامع المشتركة وعلى اساس ما يجمع لا ما يفرق مع تجاوز بعض السلبيات التي خلفتها بعض المحطات التاريخية.
ولذلك يكون الحوار ضرورة تنبع من جوهر رسالات السماء ومن واقع نعيشه هذه الايام ولقد كان موفقا الطرح الذي جاء به الدكتور طارق متري مسؤول العلاقات الاسلامية المسيحية في مجلس الكنائس العالمي الذي تحدث عن توجهات الحوار اليوم، فقال:
"ان ما يشهده العالمان الاسلامي والمسيحي على هذا الصعيد فرصة لتخطي استقطاب الماضي ووضعه جانبا من اجل حث المؤمنين متعاونين ومتضامنين، على مواجهة الالحاد النظري منه والعملي والعلمنة بوصفها ايديولوجية شاملة. لذلك فهو يسعى لاستنهاض قيم دينية مشتركة بديلة عن التي تروّجها ثقافة الفردانية والاستهلاك العالمية، في مجالي الحياة العائلية والاجتماعية بوجه خاص".
وهذا الحوار يستدعي الاعتدال والبعد عن اشكال التطرف والعصبيات الطائفية كافة. اما الاساس في الحوار الاسلامي المسيحي فهو عقيدة التوحيد.
والى هذا وجهت النصوص لأن الايمان بالله الواحد يشكل جامعا لكل المؤمنين. وفي النص القرآني قول الله تعالى: "قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" (سورة آل عمران، الآية 64).
والى الامر نفسه جاء النص في الانجيل "الوصية الاولى هي: ان الرب الهنا هو الرب الاحد، فاحبب الرب الهك بكل قلبك ، وكل نفسك، وكل ذهنك، وكل قوتك". (مرقس، الاصحاح 12).
في هذا الواقع الذي نعيشه حيث المحاولات لنشر رذائل الاخلاق والمفاسد، نحتاج ان تلتقي الجهود وان تتشابك الايدي تحقيقا لما ارادته رسالات السماء في امر المحافظـة على حقوق الانسان، والتي كانت هي مقاصد الشريعة. ومقاصد الشريعة كما حددها الامام الشاطبي في "الموافقات" هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ النسل، حفظ المال، وحفظ العقل.
وعلى هذا الاساس نقول بأن رسالات السماء في المسيحية والاسلام ارادت ان ترفع من شأن الانسان وما حصل في بعض المحطات ما كان ليكون لولا الاستغلال الذي مارسه بعضهم لاسم الدين والدين منه براء.
ان المسيحية والاسلام تستهدفان توفير مناخات يعيش فيها الانسان بكرامة ويكون ذلك عندما يسود منطق الحق والقوانين العادلة. واذا كان بعضهم احيانا يتحدث عن الجانب الاخروي في الجزاء او ما يسمى الخلاص في المسيحية فان الامر كله بيد الخالق الذي يغفر لمن يشاء من عباده والذي كتب على نفسه الرحمة بعباده وشأنهم بيده.
واذا كان ثمة اشكال في السابق حول مفهوم الخلاص من جهة تحديد من سيكون لهم ذلك في الآخرة، فان الموضوع تم حسمه مسيحيا وهو في الاصل محسوم اسلاميا.
وقد جاء في مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني سنة :1965 "بيد ان الخلاص يشمل ايضا اولئك الذين يؤمنون بالخالق واولهم المسلمون الذين يعلنون انهم على ايمان ابراهيم، ويعبدون معنا الله الواحد، الرحمن الرحيم، الذي يدين الناس في اليوم الآخر".
الحوار عربيا ولبنانيا:
ان امتنا العربية ولبنان فيها مهد النبوات وحاملة الرسالات السماوية والدعوة من الله الى امم الارض كلها. فمن بيت لحم والناصرة والقدس وسواها انطلقت المسيحية مع المسيح، ومن حملوها من بعده، ومن مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة وسواهما انطلق الاسلام مع محمد (ص) وأنبيائه ورسله ومن كانوا معه وبعده الى العالم كله.
واذا كان رفع شأن الانسان في قائمة أية حركة حضارية فاننا - نحن العرب - تركنا تأثيراً من خلال المسيحية والاسلام في ارجاء الدنيا كلها.
فما من بلد في العالم كله يخلو من المساجد والكنائس ومن اتباع الاسلام والمسيحية وبذلك يكون تفعيل الحوار على اساس القيم المشتركة ضرورة لمواصلة هذا الدور الحضاري وتأصيله وتعميقه لتكون قيم الدين وهي الفضائل ومحاسن الخلق والحق والخير، هي القيم الناظمة لمسار الحضارات كلها. وبذلك تضمن بعداً انسانياً ايمانياً بعيداً من التعصب او الالحاد او سيادة المادية من خلال الارقام والكميات، ومثل هذا التلاقي وهذا الحوار لتثبيت فاعلية القيم الدينية مسؤولية عربية ولبنانية.
الحوار مسؤولية عربية لأن الخصائص الحضارية لأمتنا التي تقودها ثقافة عمادها الايمان الديني هي المؤهلة بفعل تلاقي ساحات انطلاق الرسالات فيها لقيادة هذا الحوار عالمياً. يضاف الى ذلك ان الامة العربية شهدت ولا تزال بعد الاسلام التلاقي والعيش الكريم بين الاسلام والمسيحية ما خلا مساحات قليلة من الزمن كانت فيها سلبيات بسبب الجهل او الاهواء وتحكم المصالح او التدخل الخارجي. وفي كل ذلك كانت التجارة بالدين هي السبب.
اما لبنان فانه ساحة تتحلى بقدرة متميزة في قيادة هذا الحوار، لأن العيش الكريم بين المسلمين والمسيحيين ممارسة يومية ولأن الحوار باتجاه بناء العلاقات السليمة فعل عمره من عمر وجود الاسلام والمسيحية في لبنان، وبذلك تكون ساحتنا الاكثر تأهيلاً في صناعة الوحدة الوطنية الراسخة وفي اعتماد ذلك نموذجاً يحتذى في العالم كله.
والحوار بروح ايجابية في لبنان ضرورة لبنانية وعربية لا بل ضرورة عالمية من اجل التأسيس لحوار ينطلق على اساس التطبيق والممارسة ولا يعتمد النصوص والمواقف فقط.
واذا كانت العرب قد قالت قديماً: "لا يعرف الشيء الا من يعانيه"، فاننا في لبنان مسلمين ومسيحيين نعرف وبعمق اهمية العلاقات الاسلامية - المسيحية التي تقوم على اسس سليمة كما اننا نعرف اهمية نشر قيم الدين في صلاح الافراد والمجتمعات.
المسيحية في الموقع الاسلامي جاء النص القرآني مبيناً طبيعة العلاقات الاسلامية المسيحية التي هي علاقات راقية ومتينة لأنها موصوفة بالود، والود في لغة العرب اكثر انواع العلاقات متانة وربطاً ومحبة واحتراماً. في النص القرآني قوله تعالى: "ولتجدنّ اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون". (سورة المائدة الآية 82).
وفي كتب المفسرين ان هذه الآية عامة، في المسيحيين خاصة، في الاشارة الى نجاشي الحبشة المسيحي الذي استقبل المهاجرين المسلمين الفارين من اذى مشركي قريش بقيادة جعفر بن ابي طالب حيث كان النبي (ص) قد امر بهذه الهجرة مبلغاً الصحابة بأن ارض الحبشة ارض صدق وفيها ملك لا يظلم عنده احد.
اما في السيرة النبوية والسنّة فالنصوص والوقائع كثيرة منها العهد الذي اعطاه رسول الله (ص) لأهل نجران بعد الصلح معهم وفي هذا العهد كما هو بيّن من نصوصه حفظ للدين لجهة حرية المعتقد وحفظ للحقوق المعنوية والمادية.
ويصح هذا الميثاق في يومنا هذا كأرقى الوثائق التي تؤسّس لعلاقات سليمة تحفظ حقوق الناس جميعاً. في هذا العهد، كما ورد عند البلاذري في "فتوح البلدان": "ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم، وملتهم، وأرضهم، وأموالهم، وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم، وأمثلتهم. لا يُغيِّر ما كانوا عليه ولا يُغيَّر حق من حقوقهم وأمثلتهم. لا يفتن أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته... وليس عليهم رهق ولا دم جاهلية، ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ ارضهم جيش. من سأل منهم حقاً فبينهم النَصف (العدل)، غير ظالمين ولا مظلومين بنجران... ولا يؤخذ منهم رجل بظلم آخر. ولهم على ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي ابداً حتى يأتي أمر الله ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مكلفين شيئاً بظلم".
من جملة التكريم لنصارى نجران وكما ورد في السيرة النبوية لابن هشام أن رسول الله (ص) عندما وفد اليه وفد نجران ودخلوا عليه مسجده في المدينة المنورة وعندما حانت صلاتهم "قاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فقال رسول الله: دعوهم فصلوا الى بيت المشرق". اما في الحقوق الاجتماعية فللمسيحي ما للمسلم. وعند البلاذري في "فتوح البلدان": "حدثني هشام بن عمار أنه سمع من المشايخ يذكرون أن عمر بن الخطاب عند مقدمه الجابية من ارض دمشق مر بقوم مجذمين من النصارى فأمر ان يعطوا من الصدقات وان يجري عليهم القوت".
ومثل هذه الحوادث كثيرة، وقد جاءت حوادث كثيرة تؤكد الصورة النقية للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين. وفي العصر العباسي بالاضافة الى اشتراك المسيحيين في الوظائف والمناصب وفي النهضة العلمية ترجمة وتأليفاً، كانت لهم الحرية الدينية التي وصلت الى حد المناقشات التي كانت تجري في بلاط الخلفاء أنفسهم فلقد ذكر الدكتور فيليب حتي وآخرون في كتابهم "تاريخ العرب": "إن المسيحيين تمتعوا في ظل الخلافة بقسط وافر من الحرية ونالوا كثيراً من التساهل والعطف كما تشهد بذلك عدة حوادث.
فقد جرت مناقشات دينية في بلاط العباسيين كتلك التي جرت في بلاط معاوية وعبد الملك، وقد ألقى ثيموطاوس بطريرك النساطرة في عام 781 ميلادية دفاعاً عن النصرانية امام المهدي.
ان الحاجة الى الحوار التي أعلنها اكثر من طرف غيور على لبنان وحدة وموقعاً ودوراً من خلال انتمائه الى أمته العربية وامام المخاطر والاطماع الصهيونية في لبنان وسائر الأمة بعد اغتصاب فلسطين جعلت مهماً ان ينعقد السينودس من اجل لبنان في الفاتيكان والذي أعلن البابا يوحنا بولس الثاني نتائجه في لبنان يوم زيارته في أيار 1997 تحت عنوان: "رجاء جديد للبنان".
وفي هذا الاعلان نصوص كثيرة تدعو الى الحوار والعيش الكريم وتأكيد الانتماء العربي للبنان مع المطالبة بأن يستمر المسيحيون في مواصلة دورهم في المسيرة الحضارية لأمتهم العربية، ولأن ما جاء يشكل بياناً واضحاً فإنني سأورد بعض الفقرات منه كما هي ودون تعليق: "إن حواراً حقيقياً بين مؤمني الاديان التوحيدية الكبرى يرتكز على الاحترام المتبادل، والعمل معاً، على حفظ العدالة الاجتماعية والقيم الاخلاقية والسلام والحرية وتنميتها لجميع الناس. وهذه المهمة المشتركة ملحة بشكل خاص، للبنانيين المدعوين بشجاعة الى مسامحة بعضهم البعض وإخماد خلافاتهم وعداواتهم، وتبديل ذهنياتهم، حتى ينمو التآخي، والتضامن في اعادة بناء مجتمع مؤهل باضطراد للعيش المشترك".
وفي موضع آخر، جاء الكلام حاسماً في تأكيد هوية لبنان العربية وواجب المسيحيين أن يلتزموا هذا الانتماء: "إن الكنيسة الكاثوليكية منفتحة على الحوار والتعاون مع المسلمين في لبنان. وتريد أن تكون منفتحة على الحوار والتعاون مع مسلمي سائر البلدان العربية، ولبنان جزء لا يتجزأ منها.
وفي الواقع ان مصيراً واحداً يربط المسيحيين والمسلمين في لبنان وسائر بلدان المنطقة. وكل ثقافة خاصة لا تزال تحمل طابع ما رفدتها به على الصعيد الديني وغير الديني الحضارات المختلفة التي تعاقبت على ارضهم. ومسيحيو لبنان وكامل العالم العربي، وهم فخورون بتراثهم، يسهمون اسهاماً ناشطاً في التطور الثقافي. "بودي ان أشدد، بالنسبة الى مسيحيي لبنان، على ضرورة المحافظة على علاقاتهم التضامنية مع العالم العربي وتوطيدها. وأدعوهم الى اعتبار انضوائهم الى الثقافة العربية، التي ساهموا فيها إسهاماً كبيراً، موقعاً مميزاً، لكي يقيموا، هم وسائر مسيحيي البلدان العربية، حواراً صادقاً وعميقاً مع المسلمين.
ان مسيحيي الشرق الاوسط ومسلميه، وهم يعيشون في المنطقة ذاتها، وقد عرفوا في تاريخهم ايام عز وايام بؤس مدعوون الى أن يبنوا معاً مستقبل عيش مشترك وتعاون، يهدف الى تطوير شعوبهم تطويراً انسانياً واخلاقياً، وعلاوة على ذلك قد يساعد الحوار والتعاون بين مسيحيي لبنان ومسلميه على تحقيق الخطوة ذاتها في بلدان اخرى".
والحوار المطلوب هو ذلك الحوار الذي يكون على قاعدة: أن على كل طرف ان يحترم ما عند الآخر من معتقد وشعائر وطقوس وممارسات دينية وليس المطلوب ان يعتقد ما يعتقد الآخر. وان يتجنب الحوار موضوع العقيدة لأن هذا الامر محط اختلاف بين المسيحيين انفسهم وبين المسلمين انفسهم وفتح باب المناظرات في هذه الامور، كما حصل عند علماء العقائد في الماضي لا جدوى منه، وليس هو الحوار المطلوب. والحوار المطلوب هو في فضاء القيم المشتركة التي تنظم العلاقات بين ابناء المجتمع لتتوافر اجواء المواطنية على اساس الحرية والعدالة والحق.
الحوار هو حول الجوامع القيمية والقواعد المعيارية الخلقية الناظمة لمسار المجتمع ولمسيرة الحضارة. الحوار المطلوب هو ما دون موضوع العقيدة لأن ما يعني الجميع هو قاعدة: "الدين المعاملة". وبذلك يكون الحوار المطلوب ليس في الاطار النظري فحـسب، ولا في دائرة المجـاملات والمجالس التي يحضر فيهـــا قــادة وفاعلـيات يحسبهم الناظر واحداً، وفي الحقيقة تكون قلوبهم شتى.
الحوار يحتاج الى التجسيد في نتائج عملية على ارض الواقع يتحقق من خلالها العيش المشترك والعيش الواحد; اي أن تقوم دولة عادلة لمواطنين احرار.
والحوار ليس مناظرة او مبارزة يتباهى فيها كل واحد بما في جعبته من افكار او معلومات، ومعارف تاريخية او غير ذلك. وانما الحوار المجدي هو ما كان في اتجاه التفاعل وصولاً الى التكامل، فالتعاون على كل المستويات، لأن العيش معاً من خلال الانتماء والوحدة والروح الوطنية اللاطائفية، والاشتراك الوطني الفعلي، كل هذا هو الحوار الحقيقي، وليس الحوار ما يكون استعراضياً في المناسبات والملتقيات وعلى المنابر.
ان الحوار يحتاج الى مؤسسات اهلية ورسمية والى اطر تواصله، وترعاه وتعد العدة له، ولا يجوز ان يكون موسميا او على شكل ردات فعل على افعال معينة. ان لبنان والامة العربية يشكلان ساحة غنية ورئيسية لهذا الحوار. لم يحصل تفاعل بين الاسلام والمسحية على هذا المستوى في اية امة كما حصل في الامة العربية، لذلك نجد العدو الصهيوني والاميركي العولمي الاتجاه والممارسة يعملان لتفجير الوحدة الوطنية عربيا ولبنانيا طائفيا ومذهبيا. ولمواجهة ذلك لا سلاح الا الوحدة الوطنية، ومحاربة الفرقة والا كان ما يتم مخالفا للدين.
وفي الآية القرآنية تحذير من الفرقة والانقسام باسم الدين حيث قال الله: "ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء". (سورة الانعام الآية 159).
ان اسس الحوار الناجح هي: المحبة، والاحترام المتبادل، والاعتراف بخصوصية الآخر، وبالتالي قبوله وفق ما يريد ان يقدم نفسه.
جريدة النهار- عدد الأحد، 1 كانون أول 2002 http://www.annahar.com.lb