المنولوج الإصلاحي

المنولوج الإصلاحي

أ.د فوزي او صديق حوار الطرشان!!، أو المنولوج الإصلاحي..، يبدو أن هذا الشعار هو سمة التحاور الحالي، المبني على نغمة وحيدة، كما ينقص الكثير.. ثم الكثير من الشفافية في جولات الحوار الحالية، فلم تتبع بعمل جدي أو بيداغوجي أو تثقيفي حول معالم الإصلاح المنتظره...

والكل الذي سمعناه حول الحوار ومرماه كان عبر وسائل الإعلام على شاكله من مصادر مأذونة أو مقربة، فحتى قائمة الشخصيات الوطنية لم تعرف بعد بصفة نهائية، ويبدو أنها ـ هي الاخري ـ خضعت لمقص الرقابة، دون أن تشفع المناصب السامية لبعض الشخصيات الوطنية، وبالتالي حتى معايير الاختيار والانتقاء مبهمة، تخضع للمزاج الشخصي أكثر من خضوعها لمعيار ترقية الحوار وإخراج الجزائر إلى بر الأمان.
وإنني أتعجب ـ كذلك ـ من بعض التصريحات الإقصائية لبعض أطراف الحوار الرسميين، أو تجاهل بعض التيارات.. فَلْنَقُلْها صراحةً، فالجبهة الاسلامية للإنقاذ مازالت رقماً أساسيا في المعادلة السياسية بالجزائز، ومازالت متواجد كفكرة ومشروع مجتمع في عمق المجتمع الجزائري.
وإنني ـ كذلك أتأسف ـ أن الحوار أساسا اهتمّ بالتخريجات السياسية، دون مراعاة المواصفات القانونية، سواء بتغييب شريحة الجامعيين والأكاديميين، وكأن وجودهم وجود شكلي لا يعدو التيمم أو الديكور، يصلحون للتطبيل والتزكية فقط دون أدنى رأي، فحتى اختيار الجامعيين أو الأكاديميين مقتصر على فئة وشريحة معتمدة رسميا دون غيرها، فهذا المونولوج الحواري قد يعكس طبيعة اللاّحوار المكرّس أو اللاحوار غير الشفاف أو العميق المسوق رسمياً.
فالاصلاح الحقيقي هو الذي لا يقصي أحداً من مكونات المجتمع، ويكون متفتحا على جميع الاقتراحات، بدون عقلية "تخوين" المخالفين!!.
من جهة أخرى إنني أستعجب أن نهاية سلسلة الجلسات الحوارية قد تتمخض عن توصيات، بدورها تخضع هذه التوصيات لتحسينات من مؤسسات دستورية قبل الإخراج النهائي، واعتبر ذلك ـ شخصيا ـ مضيعة للجهد والوقت، وقد يكون حواراً حقيقياً دون اتباع هذه المنهجية الملتوية عن الإرادة الحقيقية لأفراد الشعب، كما أن هذه المنهجية هي منهجية امتصاص وتبريد!! أكثر من منهجية حوار جدي شفاف، عميق وحقيقي.
فالحوار الإصلاحي يجب أن تحدد معالمه من خلال طرح تساؤلات جوهرية، مفاتيح لإعادة هيكلة طبيعية النظام السياسي والدستوري الجزائري، من خلال تحديد معالم النظام السياسي الجزائري الذي كان دائماً نظاماً رئاسياً مغلقاً، دون توازن حقيقي وقانوني بين باقي المؤسسات الدستورية الأخرى. فالوزير الأول، أو رئيس الحكومة، كان دائماً وأبداً مستشاراً كبيراً لرئيس الجمهورية دون غيره، وبدون صلاحيات.
كما أن تحديد مجال اللائحة والقانون، وعدم الإفراط أو الإسهاب في استخدام المراسيم التشريعية بين دورات الهيئة التشريعية أفقد البرلمان صلاحياته الأصلية... هي سمات الفساد الدستوري التي من الواجب معالجاتها...
فالإصلاح الحقيقى قد يبدأ من هذا السقف، بطرح الأسئلة الحقيقية، فالهوية الدستورية للنظام الجزائري هو رئاسي مغلق مع تطعيمه ببعض مظاهر النظام البرلماني على شاكلة "ويل للمطففين"!!.. مما جعل النظام الجزائري ذا هوية برلماسية مجازاً، مشوهاً، مستنسخا من بعض التجارب المقارنة دون مراعاة خصوصيات المجتمع الجزائري، وأصبح من اللازم تحيين نفسية النظام السياسي الجزائري مع التطورات الحالية.
لذلك، يبدو أن الأشواط الأولى لجلسات حوار الإصلاح لم ترتق للطموحات المرجوة، ولم تستطع أن تخلق الصعقة الكهربائية المرجوة أو الديناميكية المنتطرة.
فعثور العديد من الأحزاب في الاستجابة لها، والمقاطعة، أو النظرة الدونية للبعض الآخر، والتشكيك في جدية اللجنة الثلاثية بحكم الصلاحيات الممنوحة لها، والانتماء الحزبي لاعضائها، مما يجعل عدم وقوفهم في مساحة متساوية مع كل المتحاورين ـ ولو نظريا ـ، كل هذا يؤكد عن المنولوج الاصلاحي.
وأخيراً، يجب على الكل أن ينظر للساحة السياسية أنها أصبحت غير تمثيلية، أو أن الأحزاب المعتمدة للتحاور تجاوزها الشارع والزمان، وبالتالي أصبح من الضروري توسيع قائمة المتحاورين لفضاءات أخرى، بتجاوز عقدة إمّا معي أو ضدي!! والذهاب فعلاً لإرساء "إصلاح متعدد الرؤى والأطراف".
هذه الملاحظات الأولية جوهرية لنجاح الحوار الحالي بالابتعاد عن حوار الذات "من خلال التضخيم في الواجهات السنفرية التي لا تمثل إلا نفسها.. فهي مجرد أرقام غير عاكسة للواقع الجزائري".
فزمن التحايل والتزوير والتشويه والقفز على الحقائق أصبحت هذه المفردات من مفردات عصور الديناصورات، ولذلك لجنة الاصلاح هذه مطالبة بتحقيق نتائج ترتقي لتطلعات الشعب، أكثر من تحقيقها لرعاية، أو لتوازنات أو لحسابات ظرفية، وكل ذلك ممكن أن يضيع ماهية الإصلاح وأهدافه السامية... وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا.
المصدر: http://www.echoroukonline.com/ara/aklam/aklam_elkhamis/fawzi_ossedik/759...

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك